• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

خطبة عيد الأضحى المبارك 1430 هـ

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/11/2009 ميلادي - 8/12/1430 هجري

الزيارات: 78823

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الأضحى المبارك 1430 هـ

 

أما بعد:

فأوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله - عز وجل - وتعظيم شعائره؛ ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32]، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

أيها المسلمون:

إنكم في يومٍ كريمٍ، وعيدٍ عظيمٍ، يومكم هذا هو يوم الحج الأكبر، أعظم الأيام عند الله بشهادة رسول الله، إنه يوم النحر وعيد الأضحى، آخر الأيام العشر المعلومات، تتْلوه ثلاثةُ أيامٍ معدوداتٍ، هي أيامُ أكلٍ وشربٍ وذِكرٍ لله؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((أعظم الأيام عند الله يومُ النحر، ثم يوم القر))؛ رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((يومُ الفطر ويوم النحر وأيام التشريق، عيدُنا - أهلَ الإسلام - وهي أيام أكلٍ وشربٍ))؛ رواه أحمد وصححه الألباني.

 

ولقد اجتمع لنا بفضل الله في هذا اليوم المباركِ عيدانِ اثنان، وائتلف فيه يومانِ مباركان: عيد النحر الذي هو أفضل الأيام عند الله، ويوم الجمعة الذي هو خير يومٍ طلعتْ عليه الشمس، فلله الحمدُ على اجتماع نِعَمه، واتفاق آلائه، وله الشكر على ما منَّ به علينا، وخصَّنا به، وهدانا إليه، ونسأله المزيد من فضله وجوده وإحسانه.

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

في هذا اليوم العظيم - أيها المسلمون - وفي أيام التشريق بعده، يجمع المسلمون بين ذِكر الله بالصلاة والتكبير والتهليل والتحميد، وبين التقرُّب إليه بذبح الأضاحي وإراقة دمائها على اسمه - تبارك وتعالى - عن البراء - رضي الله عنه - قال: خطَبَنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر، فقال: ((إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك، فقد أصاب سنَّتَنا، ومن ذبح قبل أن نصلي، فإنما هو شاة لحمٍ عجَّله لأهله، ليس من النُّسك في شيءٍ))؛ متفقٌ عليه، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((أيامُ التشريق أيامُ أكلٍ، وشربٍ، وذِكرٍ لله))؛ رواه مسلمٌ.

 

ولقد أُمر - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة والنحر؛ شكرًا لربه على ما خصَّه به من أكرم العطايا، وأفضل المزايا، فقال له ربُّه - سبحانه -: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 1 - 3]، ومن ثَمَّ فإن أعظم شكر المسلم لمولاه على ما أعطاه من النِّعم، وما خصه به من الفضائل، أنْ يعمل بطاعته، ويتقرَّبَ إليه بما يحبه؛ قال - سبحانه -: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

أيها المسلمون:

يحرص المسلمون في كل موسمٍ من مواسم الخير على التزوُّد لأُخراهم بالعمل الصالح، ويسلكون طُرُقَه المتعددة، ويأخذون من كل نوعٍ منه بطرفٍ، ما بين صلاةٍ وصيام، وحج وعمرةٍ وقيام، وذبحٍ وصدقةٍ وقراءة قرآن، ودعاءٍ وذِكرٍ وشكر، وتسبيحٍ وتحميدٍ وتهليل، وترى منهم الحرص على الاستكثار من العمل وإتقانه في الظاهر؛ لعلمهم بفضائله، وإيمانهم بالأجور المرتبة عليه، وذلك فعلٌ محمود، وحرصٌ مطلوب، وعملٌ مبرور، وابتغاءٌ من فضل الله مشكور، وفيه خيرٌ كثيرٌ لمن آمن واتقى وصدَّق بالحسنى، إلا أن ثمة أمرًا ذا أهميةٍ بالغة، ومكانةٍ عالية، نغفل عنه كثيرًا - إلا من رحم الله - مع أنه عماد العمل وأساسه وأصله، ذلكم هو إصلاح القلوب وتنقيتُها، وتزكية النفوس وتطهيرُها، فإن من الناس من يجتهد ويبذل ما في وسعه، ويحرص على اغتنام الأوقات في الصالحات، ثم لا يؤتي جهده الثمرة المرجوة منه، ولا يصل به إلى هدفه الذي أراده، ولا يبلغه مبتغاه الذي سعى إليه، وحاشا لله أن يردَّ عبدًا أقبل عليه، أو يبعد متقربًا إليه، كيف وهو القائل - سبحانه - في كتابه العزيز: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ [البقرة: 152]، والقائل في الحديث القدسي المتفق عليه: ((أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذَكَرني؛ فإنْ ذكرني في نفسه، ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ، ذكرتُه في ملأٍ خيرٍ منهم، وإن تقرَّب إليَّ بشبرٍ، تقربتُ إليه ذراعًا، وإن تقرَّب إليَّ ذراعًا، تقربتُ إليه باعًا، وإن أتاني يمشي، أتيتُه هرولةً))؟!

 

لكن الواقع الحي والحال المشاهدة تدلُّ على نوعٍ من الخلل؛ إذ تجد ذلك العاملَ المتزود من الطاعات في فاضل الأوقات، يقع بعد ذلك في كثيرٍ من المعاصي والمخالفات، ولا يتورَّع عن الولوغ في عددٍ من الرزايا والموبقات، وتمضي عليه السنواتُ تلو السنوات، وهو مصرٌّ على كثيرٍ من الصغائر، متهاونٌ ببعض الكبائر، وكفى بكل هذا نقصًا وخذلانًا وعدم توفيقٍ.

 

ولو أخذنا الصلاة مثلاً، وتأملنا قول الله - تعالى - فيها: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45]، ثم نظرْنا إلى ذلك المصلِّي بعد خروجه من مسجده، لوجدْناه لا ينتهي عن منكرٍ، ولا يَسلَم من اقتراف فحشاء، ولألفيناه لا يردع نفسه عن بغيٍ ولا ظلمٍ ولا اعتداءٍ، نجد منه أكْلَ أموال الناس بالباطل، ونرى من أخلاقه هضمهم وبخس حقوقهم، ونلمس منه الكذب وكتمان العيب في بيعه وشرائه، وخيانة أمانته، والفجور في مخاصمته، والغش والتدليس والخداع في معاملاته، فضلاً عن أكل الربا، والتهاون بالمشتبهات، وتناول المحرَّمات، والنظر إلى ما لا يحلُّ، واستماع ما يحرم، إلى غير ذلك من أنواع المعاصي من غيبةٍ ونميمةٍ وسخريةٍ واستهزاءٍ، وقطيعة أرحامٍ، وهجر إخوانٍ، فأين أثرُ الصلاة؟! وما السر في هذا التناقض؟!

 

إنه القلب، نعم - أيها المسلمون - إنه القلب، المحرِّك الحقيقي للجوارح، والمولِّد الفعلي لكل التصرُّفات، الذي إذا صلَح صلَحَتِ الأعمال كلُّها واستقامت الجوارح، وإذا اختلَّ وفسد فما بعده تبعٌ له في فساده؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا وإن في الجسد مضغةً، إذا صلحتْ صلح الجسدُ كلُّه، وإذا فسدتْ فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))؛ متفقٌ عليه.

 

وإن صلاح القلوب وتزكية النفوس مطلبٌ جليل، وواجبٌ كبير، غفل عنه كثيرٌ من المسلمين، حتى بعض الصالحين، مع أنه المحك، وعليه مدار العمل صحةً وفسادًا، وإنه لجهلٌ ذريع، وخطأٌ شنيعٌ، وسوء فهمٍ، وقلة فقهٍ، أن يهمل العبدُ قلبَه وهو موضع نظر ربه، ثم يركِّز جهده على أعمال الجوارح الظاهرة، التي لا ينظر الرب - تعالى - إليها والقلب خاوٍ فاسدٌ خرب؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((إن الله لا ينظر إلى صُوَركم ولا أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم))؛ رواه مسلمٌ.

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

أيها المسلمون:

إن للقلوب آفاتٍ كثيرةً، وأمراضًا خطيرةً، كانت وما زالتْ سببَ كلِّ بلاءٍ، وأصلَ كل شقاءٍ، من اعتياد رياءٍ ونفاقٍ، وطلب سمعةٍ، وحب شهرةٍ، وابتغاء ذكرٍ، وإخلادٍ إلى مدحٍ، وانطواءٍ على كبرٍ، وامتلاءٍ بعجبٍ، وغلٍّ للذين آمنوا، وحسدٍ لعباد اللهٍ، وغضبٍ لغير الله، واتِّباعٍ لهوى النفس، وإعراضٍ عن الحق، وغمطٍ للناس، وغيرها كثيرٌ وكثيرٌ من أمراض القلوب، وآفات البواطن، والتي هي أشدُّ جرمًا من الزنا، وأعظمُ إثمًا من السرقة، وأفتكُ بالعقول من شرب الخمور، وإن من أشد أخطار هذه الكبائر الباطنية الخفية: أن العبد إذا لم يتب منها، ويتخلص من دواعيها ولوازمها، فقد يَحبط عملُه، ولا ينتفع بطاعاته؛ قال - سبحانه -: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر: 65]، وقال - تعالى -: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، وقال - تعالى - في الحديث القدسي: ((أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمِل عملاً أشرك فيه معي غيري، تركتُه وشركَه))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يدخل الجنةَ من كان في قلبه مثقالُ ذرةٍ من كِبرٍ))؛ رواهما مسلمٌ.

 

وإنه متى تنقَّى القلبُ من مثل هذه الخبائث والرذائل، سكنتْ فيه الرحمةُ في مكان البغض، والتواضعُ في مقابلة الكبر، والنصيحةُ في مقابلة الغش، والإخلاصُ في مقابلة الرياء، ورؤيةُ المنَّة في مقابلة العُجْب، فعند ذلك تزكو الأعمال وتصعد إلى الله - تعالى - ويطهر القلبُ ويسلم، ويبقى محلاًّ لنظر الحق بمشيئة الله ومعونته، والموفَّق من وفَّقه الله وأعانه.

 

ومن ثم - أيها المسلمون - فما أحرانا أن نبحث في قلوبنا، ونفتش في نفوسنا؛ لنخلصها من كل مرضٍ وآفة، ونعالجها من كل داءٍ وعلة، ونقوِّم كلَّ اعوجاجٍ فيها، ونصلح كل خللٍ، ونجرِّدها من كل شائبةٍ وغرضٍ؛ لنفوز ونسلم من الخزي؛ ﴿ يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 87 - 89]، وإنه لا صلاح للقلوب حتى تُؤثِرَ ما يحبُّه الله على ما تحبه نفوسُ أصحابها؛ في السنن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من أعطى لله، ومنع لله، وأحب لله، وأبغض لله - فقد استكمل الإيمان))؛ رواه أبو داود، وصححه الألباني.

 

ألا فلنتَّقِ الله - عباد الله:

ولنحذَرْ من أمراض القلوب القاطعة عن علام الغيوب، من الرياء والكبر، والعُجب وحب الرئاسة، والغل والحقد والحسد، وازدراء الناس واحتقارهم وهضم حقوقهم، فإن من القواعد المقررة أن التخلية مقدمةٌ على التحلية؛ ومن ثم فإن إصلاح القلب وعلاجه وتنظيفه مقدَّمٌ على التحلِّي بصالح العمل، وإنما مَثَلُ الذي يحرص على الأعمال وفي قلبه ما فيه من الأمراض والآفات، كمَثَلِ من أتى بيتًا مهجورًا متصدِّعًا، فصبغ جدرانه، وفرش أرضه قبل إصلاح تلك الصدوع، وإزالة الغبار عن جدرانه وأرضه، فلا شك أن هذه الصبغة ستطير عما قريبٍ، وأن ذلك الفراش سيفسد سريعًا، ولن يعود صاحبُ البيت إلا بالخسارة والنَّصَب، فاحرصوا على الإخلاص لربِّكم، واقتدوا في كل صغيرةٍ وكبيرةٍ بنبيِّكم؛ فقد قال - عليه الصلاة والسلام -: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرُنا، فهو ردٌّ))؛ أي: مردودٌ عليه، والقليل مع السنة خيرٌ من الكثير على بدعةٍ؛ ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

 

لينوا وتواضعوا وتطامنوا، واخضعوا للحق وانقادوا لمن طلبه، وانصحوا لإخوانكم وأحبُّوا لهم من الخير ما تحبونه لأنفسكم، وارحموا من في الأرض يرحمْكم من في السماء.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [الزمر: 7].

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

الخطبة الثانية

أما بعد:

فاتَّقوا الله - تعالى - حقَّ تقاته، وسارعوا إلى طاعته ومرضاته.

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

أيها المسلمون:

إن من أشدِّ الذنوب انتشارًا في مجتمعنا اليوم، مما يحُول بين العباد وبين رحمة ربهم وتوفيقه وقبولِ أعمالهم: قطيعةَ الأرحام، وصرم الأقارب، وهجْرَ الإخوان، تلك الآفة التي أصمَّت الآذان، وأعمَتِ الأبصار، وأقفلت القلوب، وأفسدتِ الأرضَ بعد إصلاحها، وخرَّبت الديار؛ قال - سبحانه -: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 22 - 24]، وفي المتفق عليه قال الله - تعالى - للرحم: ((أما ترضَيْنَ أن أصِلَ من وَصَلك، وأقطع من قطعك؟))، وقال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلمٌ وغيره: ((تُفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر فيها لكل عبدٍ لا يُشرِك بالله شيئًا، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناءُ، فيقال: أنظِروا هذين حتى يصطلحا))، وقال في المتفق عليه: ((لا يدخل الجنةَ قاطعٌ))؛ أي: قاطع رحمٍ.

 

فيا معشر المسلمين:

اتَّقوا الله في أنفسكم وإخوانكم، فإن من الخسارة والغبن أن يظلَّ المرء سنواتٍ يعمل ويجتهد، ثم لا يُرفَع له عملٌ، ولا تُقبَل له حسنةٌ، والسبب أنه عقَّ أمَّه أو أباه، أو قطع أخته أو أخاه، أو هجر قريبًا له أو جارًا، أو صرم زميلاً أو صديقًا؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان، فيُعرض هذا ويعرض هذا، وخيرُهما الذي يبدأ بالسلام))؛ متفقٌ عليه.

 

أصلحوا قلوبكم، وزكوا أنفسكم، وترفعوا عن الغضب لغير ربكم، فوالله لا تساوي الدنيا عند الله جناحَ بعوضةٍ، فكيف لمسلمٍ يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه، أن يجعلها رأس مالٍ فيتمسك بها، أو يتخذها غايةً فيحب لأجْلها ويبغض لأجلها، ويعطي لأجلها ويمنع لأجلها؟! إن قلبًا يرضى إن أعطي من متاع الدنيا، ويسخط إن مُنع حطامها، إنه لقلبٌ خربٌ مدخولٌ مخذولٌ، وإن هذه الأعياد تأتي ليستعيد كلُّ امرئٍ فكرته، ويفيق من سكرته، فيتزود من الإيمان والتقوى، ويطوي كل ما فات ومضى، ويفتح مع ربه ثم مع إخوانه صفحةً جديدةً، مدادُها نور الإيمان والرضا واليقين، واحتسابُ الأجر وإيثار ما عند رب العالمين، والزهد في الدنيا الفانية، والطمع في الآخرة الباقية؛ ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 40]، و"من ترك شيئًا لله، عوَّضه الله خيرًا منه"؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((من أعطي حظه من الرفق، فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة، وصلة الرحم وحسن الجوار - أو حسن الخلق - يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار))؛ رواه أحمد وصححه الألباني.

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

عباد الله:

احمدوا الله الذي هداكم، وضحُّوا تقبَّل الله ضحاياكم، وسمُّوا الله واذكروه على ما رزقكم، واشكروه على ما آتاكم، من كان محسنًا للذبح فليذبح بنفسه، ومن كان لا يحسن فليحضر ذبيحته، أخلصوا لله وابتغوا ما عنده واتقوه؛ فـ ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ [الحج: 37]، كُلُوا وتصدَّقوا، وأهْدوا وادَّخروا، واجتنبوا ما نهيتم عنه بقول إمامكم - عليه الصلاة والسلام -: ((أربعٌ لا يجزين في الأضاحي: العوراء البيِّن عورُها، والمريضة البين مرضُها، والعرجاء البين ظلعُها، والعجفاء التي لا تنقي))؛ رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني.

 

واعلموا أنه لا يجزئ من الإبل إلا ما تمَّ له خمسُ سنين، ولا من البقر إلا ما تمَّ له سنتان، ولا من المعز إلا ما تم له سنةٌ، ولا من الضأن إلا ما تم له ستةُ أشهرٍ، والشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وأهلِ بيته، ولا يباع منها شيءٌ، ولا يعطى الجزار أجرتَه منها، وما كان من الذبائح أسمن وأغلى فهو أفضل وأكمل، ووقت الذبح ممتدٌّ من بعد صلاة العيد إلى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق، ويحرُم صيام أيام التشريق، فكُلُوا فيها واشربوا وأكْثروا من ذِكر الله بالتكبير والتهليل والتحميد، في أدبار الصلوات وفي جميع الأوقات.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الأضحى
  • خطبة عيد الأضحى المبارك
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1429هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1429هـ
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1430 هـ
  • خطبة الجمعة ليوم النحر
  • عيد الأضحى فداء وفرحة (خطبة عيد الأضحى المبارك)
  • خطبة العيد
  • خطبة عيد الأضحى 1433 هـ
  • خطبة عيد الأضحى عام 1434هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1435 هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1435 هـ - ثبات المؤمن في أعاصير الفتن
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1435 هـ - 2014 م
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1442 هـ: الحق والباطل
  • خطبة عيد الأضحى: وبذي القربى
  • حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الأضحى والفطر بـ(ق)، واقتربت
  • خطبة عيد الأضحى المبارك
  • (لمن فرحة العيد؟) خطبة عيد الأضحى 1442 هـ
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1442 هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1442 هـ (إبراهيم عليه السلام أول من سن التضحية)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك أفعال الله تعالى
  • خطبة عيد الأضحى 1443هـ
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1443هـ
  • خطبة عيد الأضحى: الفرج بعد الشدة في حياة خليل الرحمن إبراهيم صلى الله عليه وسلم
  • خطبة عيد الأضحى المبارك ذو الحجة 1444هـ (الابتلاء في حياة إبراهيم عليه السلام)
  • خطبة عيد الأضحى 1445هـ
  • خطبة عيد الأضحى: العيد وثمار الأمة الواحدة

مختارات من الشبكة

  • خطبة عيد الفطر المبارك 1446 هـ الأعياد بين الأفراح والأحزان(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • بالطاعات تكتمل بهجة الأعياد (خطبة عيد الفطر المبارك 1442 هـ)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فرحة العيد - خطبة عيد الفطر المبارك 1439 هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر المبارك 1435 هــ ( عيد ميلاد وبناء )(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1444 هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1444 هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1444 هـ اتقاء الشبهات والشهوات(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1439 هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • عيد الأضحى المبارك 1434 هـ ( خطبة )(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1433 هـ(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)

 


تعليقات الزوار
1- التهنية
ياسر عبد القادر - كينيا - ممباسا 04-12-2009 11:23 AM
بسم الله الرّحمن الرّحيم

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا وأسكنك الله الجنّة مع النّبيّين والصّدّيقن والشّهداء والصّالحين

أخوكم العبد الفقير إلى الله

ياسر عبدالقادر - كيني

ولا تنسونا من دعائكم
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب