• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

الفرح الحقيقي يوم العيد

د. محمد جمعة الحلبوسي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/11/2009 ميلادي - 13/11/1430 هجري

الزيارات: 78197

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الفرح الحقيقي يوم العيد

أمَّا بعد:
فها هو العيدُ يعود مرَّة أخرى، ها هو يطلُّ على الأمَّة من جديد، ها هو يكسو المسلِمَ اليوم فرحةً عظيمة، يجدها بين جوانحه، ويعبِّر عنها في هذا اليوم المجيد، فأهلاً بالعيد بكلِّ ما يحمل في طيَّاته من فرحة أهلاً بالعيد، وكل عام وأنتم بخير.
أيُّها المسلم:
نقف اليومَ مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو يُبشِّرنا بفرحِنا بهذا اليوم، وفرحِنا يوم نلقَى الله - سبحانه وتعالى - فيقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((للصائمِ فرحتان يفرحهما: إذا أفْطَر فَرِح بفطره، وإذا لَقِي ربَّه فَرِح بصومه))؛ متفق عليه، ((...للصائم فرحتان: فرحة عند فِطره، وفرحة عند لقاء ربِّه..)).
وأنا في صباح يوم العيد أؤكِّد على كلمة (فرحة)؛ لأنَّ العيد في الإسلام هو اليومُ الذي يعود، ويفرح به المسلمون، فها هو العيد قد عاد، فينبغي للمسلمين أن يفرحوا؛ لأنَّهم أدَّوْا ما عليهم من طاعة لله ربِّ العالمين.
والسؤال الذي نطرحه على مائدة اليوم: يا ترى، ما حقيقة هذا الفرح الذي يُعلِنه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم؟ ولأيِّ شيءٍ يكون؟ وبماذا يفرح المسلِم؟ وما هي العوامل التي تجعل المسلِمَ فرحًا مبتهجًا في حياته؟
والجواب على هذا السؤال هو: أنَّنا واثقون بأنَّنا نقتبس فرحَنا من فرح الله - تعالى - ومِن فرح نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومِن فرح الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين.
فتعالَ معنا لنعيشَ - ونحن في صباح يوم العيد - مع فَرَح الله - تعالى - وفرح نبيه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وفرَحِ الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين.
أولاً: فرحة الله - تعالى - بالتائبين:
ويُمثِّله مثال واقعي يعيشه كلُّ أحد، حتى يرتسمَ في أذهاننا، ويتمكَّن من قلوبنا، ويبقى ماثلاً في حياتنا.
فعن سيدنا أنس بن مالك - رضي الله عنه - خادم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: أنَّه قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لَلَّهُ أفرحُ بتوبة عبدِه من أحدِكم سَقَط على بعيره، وقد أضلَّه في أرْض فلاة))؛ متفق عليه، الفلاة: الصحراء الواسعة. وفي رواية لمسلِم: ((للهُ أشدُّ فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدِكم كان على راحلته بأرْض فلاة، فانفلتتْ منه وعليها طعامُه وشرابه، فأَيسَ منها، فأتى شجرةً فاضطجع في ظلِّها، وقد أَيِسَ من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخَذَ بخطامها - الخطام: الحبل الذي يُقاد به البعير - ثم قال مِن شدَّة الفرح: اللهمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك! أخطأ من شدَّة الفرح)).
فأين هم التائبون؟ أين هم تائبو هذا الزَّمان؟ أين هم العائدون إلى الله في رمضان؟ ألاَ يُحبُّون أن يفرح الله بهم؟! أنا أقول للتائبين: سِنون تمضي وأنتم تتوبون إلى الله في رمضان، ثم يمضي رمضان فتعودون، ثم يأتي فتتوبون، ثم يمضي رمضان فتعودون! هل أيقنتم أنه سيختم لكم بخير وتوبة، فلذلك تطمئنون وتفرحون؟! أنسيتم أنَّ الفرح لا يكون إلاَّ بالعمل الصالِح؟!
وأنا أدْعو التائبين في هذا العِيد، فأقول لهم: إيَّاكم أن تعودوا إلى معصية ربِّكم، فالدنيا كلُّها تمضي، ومباهجها تفنَى، ومناصبها تنتهي، وكلُّ ما فيها يزول، ويبقى الحي الذي لا يموت، فإذا أردتَ أن يفرح بك المولى، فكُنْ مِن أهل المساجد، مِن أهل القرآن، مِن أهل الطاعات، من المجالسين للصالحين، وإيَّاك إيَّاك أن يمضي رمضان فتمضي معه إلى العِصيان، وتنسى الملك الدَّيَّان.
وتذكَّرْ ما قاله الإمام عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - عندما دخل رجلٌ عليه في يوم عيد الفِطر، فوجده يأكل طعامًا خشنًا، فقال له: يا أمير المؤمنين، تأكل طعامًا خشنًا في يوم العيد!! فقال له الإمام عليٌّ - كرم الله وجهه -: اعلمْ يا أخي، أنَّ العيد لِمَن قَبِل الله صومَه، وغفر ذنبَه، ثم قال له: اليوم لنا عيد، وغدًا لنا عيد، وكل يوم لا نعصي الله فيه فهو عندنا عِيد، وقال الحسن: كل يوم لا يُعصَى الله فيه فهو عيد، وكلُّ يوم يقطعه المؤمن في طاعة   مولاه وذِكْره وشكره فهو له عِيد.
فهل وعيت أخي المسلم؟ مولاك ينتظرك لكي يفرحَ بك، فإيَّاك أن تبتعدَ عن طريق التائبين فتهلِك مع الهالكين.
ثانيًا: مع فرح النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
واسمعْ إلى الواقعة الأولى التي فَرِح بها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حينما نزلت آيةُ التخيير (وهي تخيير النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم - زوجاتِه؛ إمَّا أن يكنَّ مع الله ورسوله والدار الآخرة، وإمَّا أن يكنَّ مع الدنيا وزينتها).
تقول السيدة عائشة - رضي الله عنها -: لَمَّا نزلت آية التخيير: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 28 - 29]، جاءني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال لي: يا عائشة، قد نزلتْ هذه الآية، فلا تختاري قبلَ أن تذهبي إلى أبويك، فتقولي لهما: أيهما أختار: الله ورسوله والدار الآخرة، أَم الدنيا وزينتها؟
تقول السيدة عائشة - رضي الله عنها -: فقلت: يا رسولَ الله، لا أختار إلاَّ الله ورسوله.
تقول السيدة عائشة - رضي الله عنها -: ففرح النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بذلك.
دعوني أدخلْ إلى واقع المسلمين مِن خلال هذه القصَّة، لماذا فرح النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم – بذلك؟ هل لأنَّ عائشة اختارته؟ أم لأنَّه أراد أن يمكن في المسلمين واقعًا مهمًّا؟ هذا الواقع هو أنَّ الزوجة، وأنَّ النِّساءَ إذا لم يخترن الله ورسوله، فستتحوَّل حياةُ المسلمين إلى جحيمٍ لا يُطاق؛ لأنَّ أساس سعادة الإنسان زوجتُه وأولاده، فإذا انحرفت المرأة، وأصبحت لا تُبالي إلاَّ بزينتها وبدنياها وشهواتها، انقلبتِ الأمور رأسًا على عَقِب، وعاش المسلمون في هَمٍّ لا ينقطع.
فيوم أن تختارَ المرأة الدِّينَ على الدنيا، وتختار صاحب الدِّين والخُلق على غيره، وعندما تختار المحافظةَ على الصلاة على أوقات الأفلام والمسلسلات، عندما تختار الحِجاب والعفاف والستر على الزِّينة والتبرُّج والسفور، وعندما تختار التشبُّهَ بعائشة وفاطمة وحفصة على التشبه بالنِّساءِ الغربيَّات الفاجرات.
يومها سيفرحُ بها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهذا هو العيد الحقيقي، والفرح الحقيقي.
واسمع إلى الواقعة الثانية التي فَرِح بها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
عندما جاء وفدُ عبدالقيس إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: يا معشرَ الأنصار، هذا وفد عبدالقيس، أقربُ الناس إليكم أبشارًا وأشعارًا - يعني: يشبهونكم في مظهرِكم، وهم مثلكم أسلَموا طائعين غيرَ مكرهين - يا معشرَ الأنصار، أكرموا وِفادتَهم، ولَمَّا أصبح الصباح جاء النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى وفْد عبدالقيس فقال لهم: كيف رأيتم إخوانَكم الأنصار؟ قالوا: يا رسولَ الله، خير الناس ضيافةً، أطعمُونا وسقَوْنا، وألانوا فراشَنا، وعلَّمونا كتاب الله وسُنَّة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم.
وانظرْ إلى كلام الوفد، لم يقولوا فقط: (أطعمونا وسقونا وألانوا فراشنا)، وإنما: (وعلَّمونا القرآن) ؛حتى يرسخ في قلوب المسلمين أنَّ الطعام والشراب ليس هو الأساس، صحيح أنَّ هذه ضيافة، والضيافة تمثَّلتْ في تحسين الطعام، وتحسين الشراب والفراش، وفي تعليم القرآن.
يقول وفدُ عبدالقيس: فأُعجِب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وفَرِح بذلك، وأخذ يتقلَّب إلينا واحدًا واحدًا يسأله ويعلِّمه.
نَعمْ، فَرِح النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولماذا فرح؟ هل لأنَّهم نصبُوا مائدةً عريضة، وفيها ما لذَّ وما طاب من الطَّعام والشراب؟ لا، إنَّما فَرِح لأنَّ الأخوَّةَ الإسلاميَّة راسخة؛ لأنَّ الأخوة ثابتة وعميقة، ولأنَّ الضيفَ يفرح بقراءة القرآن، ولأنَّ المضيف مِن منهج ضيافته تعليم القرآن.
فأين المسلمون مِن هذا؟! أين المسلِم الذي يأمر ضيفَه الذي لا يُصلِّي بالصلاة؟! أين المسلِم إذا ما تكلَّم ضيفُه بالغِيبة والنميمة وسبِّ الأموات أن يقول له: اتق الله فإنَّ هذا حرام؟! أين المسلم الذي إذا جاءتْه بنت عمِّه، أو بنت خاله، ومدَّت يدَها لتصافحَه يومَ العيد، فيقول: إنَّ هذا حرام، ولا يجوز في الأعياد، ولا في غير الأعياد؟! أين المسلِم الذي إذا أراد ضيفُه أن ينظر إلى أفلام ومسرحيات العيد أن يقول: هذا حرام؟!
فإن فعلتَ هذا، فقد أفرحتَ نبيَّك - صلَّى الله عليه وسلَّم - كما فرِح بالأنصار، فهذه هي الأخوة الحقيقيَّة، وهذا هو عِيدك الحقيقيّ.
ثالثًا: فرح الصحابة - رضي الله عنهم -:
وكانتْ فرحة الصحابة في مجلس النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فما هو الشيءُ الذي أفرحهم؟ هذا سيِّدنا أنس - رضي الله عنه - يُحدِّثنا عن فرحتهم فيقول: "إنَّ رجلاً سأل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الساعةِ، فقال: متى الساعة؟ قال: ((وماذا أعددتَ لها؟)) قال: لا شيء، إلاَّ أنِّي أحب الله ورسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((أنت مع مَن أحببْت))، قال أنس: فما فرِحْنا بشيء فَرَحَنا بقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أنت مع مَن أحببْت))، قال أنس: فأنا أحبُّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكونَ معهم بحبِّي إيَّاهم، وإن لم أعملْ بمثل أعمالهم"؛ رواه البخاري.
ولا تتصوَّرْ أنَّ مسألة الحب هذه مسألة عاطفية، لا إنَّما هي مسألة عقدية، لذلك بعض الناس يتصوَّر أنَّه عندما يقول: أنا أحبُّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أصبح مع النبيِّ في الجنة، وتراه لا يُصلِّي الصلاة في وقتها، صيامه عن الأكْل والشُّرْب فقط، زكاته يتفنَّن في الهروب منها، بيته غير إسلامي، نساؤه إذا خرجنَ، خرجن متزينات متبرِّجات، ومع ذلك يريد أن يكونَ مع النبي، فهذا مفهوم خاطئ.
الذي يريد أن يُحشر مع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الجنة عليه أن ينظر كيف تطبيقه لتعاليم النبي في حياته؟ هل أولادُه من الملتزمين بالإسلام؟ هل نساؤه من المتحِّجبات؟ هو نفسه مَن أصدقاؤه وجلساؤه؟ هل الذين يجلس معهم، ويأكل معهم، ويضحك معهم من المحافظين على الصلاة؟ مِن أهل المساجد؟ مِن الذين لا يظلمون الناس؟ هل هم من أحباب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم؟
أنا أقول: إن كانتْ هذه حياتك، فأبشِّرك بأنَّك مع النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الجنة، أمَّا أن يمشي الإنسان مع كلِّ أحد، ويأكل ويشربُ، ويضحك مع كل أحدٍ، صالحًا كان أو غير صالح، ثم يريد أن يكونَ مع النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الجنَّة - فهذا غير صحيح.
ففرحُك الحقيقي هو يوم أن تكون مع أهل الطاعات، مع الصالحين، مع الملتزمِين الذين يشجعونك على طاعة الله، وإلاَّ ستندم يوم القيامة، ويومها لا ينفع النَّدَم.
رابعًا: فرح الصالحين من هذه الأمة:
هذا سلطان العارفين سيِّدنا إبراهيم بن أدهم - رحمه الله تعالى - لَمَّا ترَك القصورَ والمباهج والنعيم، وكان وليَّ عهد السلطان - وهو والده - تَرَك القصرَ والفِراش الوثير، وترك ما لذَّ وطاب من الطعام والشراب، والملابس الفاخرة، وذهب إلى بيت الله الحرام، وبقي سنواتٍ يأكل يومًا ويجوع يومًا، يَلبَس الخَشِن مِن الثياب، وينام على الحصير.
فاستيقظ في ذات يوم عندَ السَّحَر وهو يلبس الثيابَ البالية، ولا يجد طعامًا ولا شرابًا، وفي هذه اللحظة تذكَّر أيامَه الخوالي، أيامه التي كان يعيش بها في القصرِ ينام على الفراش الوثير، ويلبس أفخرَ الملابس، ويأكل ما لذَّ من الطعام والشراب، ويتعطَّر بأغلى العطور، ثم قارَنَ بين حياته هذه وتلك، فقال مقولته المشهورة، والتي عبَّر فيها عن فرحِه: "لو عَلمتِ الملوكُ ما نحن عليه من اللَّذَّة والسعادة والفرح، لقاتلونا عليها بالسيوف".
هذا هو الفرح الحقيقيُّ يا أبناءَ الفلوجة، هذه هي السعادة الحقيقيَّة، ليستِ السعادةُ والفرح كما يتصوَّره بعضُ الناس بامتلاك ملايين الدولارات والعقارات، والقصور والسيَّارات الفارهة، ومتاع الدنيا الفانية، والتي لا تُسمِن، ولا تُغني من جوع، وليستْ بالمناصب، بالوظائف، بالترقية والدرجات.
إنَّ السعادة الحقيقيَّة والفرح الحقيقي يوم أن تلتزمَ بطاعة الله، يوم أن تتمسَّك بسُنَّة رسول الله، يوم أن تحافظ على تلاوتك للقرآن، يوم أن تخالِفَ نفسك وشيطانَك، وتنتصر عليهما.
فرحك أخي المسلم، بإيمانك وتقواك، ورحم الله القائل:
وَلَسْتُ أَرَى السَّعَادَةَ جَمْعَ مَالٍ        وَلَكِنَّ    التَّقِيَّ    هُوَ    السَّعِيدُ
فَتَقْوَى  اللَّهِ  خَيْرُ  الزَّادِ  ذُخْرًا        وَعِنْدَ    اللَّهِ    لِلْأَتْقَى     مَزِيدُ

فيا أخي الحبيب، يا مَن تبحث عن الفرح الحقيقي في يوم العيد، فرحك الحقيقي يومَ أن يفرحَ بك الله - عزَّ وجلَّ - يوم يفرح بك النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يوم أن تترجِم ما قاله سيِّدُنا عليٌّ - رضي الله عنه - عندما دخل عليه رجلٌ في يوم عيد الفطر، فوجده يأكل طعامًا خشنًا، فقال له: يا أمير المؤمنين، تأكل طعامًا خشنًا في يوم العيد؟! فقال له الإمام عليٌّ - رضي الله عنه -: اعلمْ يا أخي، أنَّ العيد لِمَن قَبِل الله صومَه، وغفر ذنبَه، ثم قال له: اليوم لنا عِيد، وغدًا لنا عيد، وكل يوم لا نَعصي الله فيه فهو عندنا عِيد.

 

أسأل الله أن يتقبَّل منَّا ومنكم الصيامَ والقيام، وسائر الأعمال، وأن يجعل عيدَنا سعيدًا، وأن يُعيدَ علينا رمضان أعوامًا عديدة، ونحن في حال أحسن مِن حالنا، وقد صلحتْ   أحوالنا، وعزَّتْ أمَّتنا، وعادتْ إلى ربِّها عودةً صادقة، اللهمَّ آمين.

 

الخطبة الثانية

جاء العيدُ أيُّها المسلمون؛ ليرسمَ على الشفاه معانيَ الحبّ، ويشيع في حياة المسلمين جوًّا من الإخاء الصادق، وروح المودة والوئام، جاء اليوم ليذكِّرَ المسلمين بقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يَحِلُّ لمسلم أن يهجرَ أخاه فوقَ ثلاث، يلتقيان فيُعرِض هذا ويُعرِض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)).

 

والسؤالُ الذي يطرح نفسَه في ساحةِ العيد بالذات: القلوب المتنافرة أمَا آنَ لها أن تتصافَح؟! هل ما زالتْ مصرَّة على معاندتها للفِطَر السويَّة؟! هل ما زال الكِبر يُشعِل فتيلَ حِقْدها؟! ألاَ يمكن أن ينجحَ العيد في أن يُعيدَ الألفة لقلوب طال شقاقُها؟!

 

إنَّ هذه القلوب يُخشَى عليها إن لم تُفلحِ الأعيادُ في ليِّها للحق، فإنَّ لفْحَ جهنم قد يكون هو الحلَّ الأخير، القادر على كسْرِ مكابرتها، إلى متى هؤلاء يُصمُّون آذانهم عن قول رسول الهُدَى - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((هَجْرُ المسلِم سَنةً كسَفْك دمِه))، وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تُعرَض الأعمال في كلِّ اثنين وخميس، فيَغفر الله لكلِّ امرئ لا يُشرِك بالله شيئًا، إلاَّ امرأً كانتْ بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: اترُكوا هذَيْن حتى يصطلحَا))؛ رواه مسلم.

 

وإن لم يُفلِح العيد في تليين صلابةِ هذه القلوب، فوعيدُ الله - تعالى - غير بعيد حين قال في كتابه الكريم: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22 - 23]، وقوم أصابتهم لعنةُ الله - تعالى - في أنفسهم، وعاشتْ معهم في حياتهم أنَّى يجدون طعمَ الراحة والاستقرار؟!

 

فهذا العِيد، وهذه أيَّامُه، والفُرصة سانحة، فلا تُفوِّتْها، لا حرمك الله مِن الصفاء والوفاء





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المسلم وإشراقات العيد
  • على عتبة العيد
  • العيد رمز القوة والاستعلاء
  • العيد يوم الزينة والبسمة
  • وأقبل يوم المسرات
  • العيد.. شعيرة ومودة
  • حب الأفراح والأعياد
  • العيد بين الفرح والحزن: لا للعيد .. بلى للعيد ..
  • يوم فرح بفضل الله ورحمته (خطبة)
  • عيد للاجئين
  • انقضاء رمضان بين الأفراح والأحزان
  • أعمال يوم العيد
  • لا يجوز ذبح الهدي إلا يوم العيد وثلاثة أيام بعده
  • شوق وحنين إلى صغاري في يوم العيد
  • الفرح المحمود والمذموم (خطبة)
  • الطريق إلى الفرح
  • حديث: صلى يوم العيد ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما
  • احتفالات الفرح بين المشروع والممنوع (خطبة)
  • آداب ومستحبات يوم العيد

مختارات من الشبكة

  • خطبة عيد الفطر السعيد 1435هـ ( مظاهر الفرح والتجديد تعم يوم العيد )(مقالة - ملفات خاصة)
  • الفرح والاجتماع يوم العيد(مقالة - ملفات خاصة)
  • التهنئة بالعيد يوم العيد (بعد الفجر وبعد صلاة العيد لا قبل يوم العيد)(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • خطبة عيد الأضحى: أدام الله عليكم أيام الفرح(مقالة - ملفات خاصة)
  • الفرح المؤقت والفرح الدائم وأسبابه(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • العيد موسم الفرح والسرور(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • خطبة عيد الفطر السعيد (1445 هـ) معنى الفرح بالعيد، وإسداء النصح للعبيد(مقالة - ملفات خاصة)
  • يوم العيد .. يوم التهنئة بنعمة الصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • الفرح في الإسلام(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • فبذلك فليفرحوا (2/3)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب