• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

لا تخسر وأنت في رمضان

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/9/2008 ميلادي - 13/9/1429 هجري

الزيارات: 20521

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لا تخسر وأنت في رمضان

 

أمَّا بعدُ:

فأُوصيكُم أيُّها النَّاس ونفسي بتقوى الله عزَّ وجلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إلَيْه الْوَسيلَةَ وَجَاهدُوا في سَبيله لَعَلَّكُمْ تُفْلحُونَ ﴾ [المائدة: 35].

أيُّها المُسلمُون:

وما زالت نعمُ الله على عباده في الشَّهر الكريم تَتَوالَى، وما زالت فُرَص الخير مُتاحةً، وأبوابه مشرعةً، وما زال المُشمِّرُون يُنَوِّعُون أعمال البر ويُقدمُون، أقوامٌ صامُوا إيمانًا واحتسابًا، وحفظُوا صيامَهُم، وآخرُون داوَمُوا على صلاة التَّراويح وأتمُّوا قيامهم، وثمَّة مَن عكفُوا على كتاب ربّهم؛ يتلُون آياته، ويَتَدَبَّرُون عِظاته، وفي المُسلمين مَن أنفقَ ممَّا رَزَقَهُ اللهُ سرًّا وجهرًا، وما زال يُفطِّر الصّائمين، ويُطعمُ المساكين، ويُفرِّجُ الكُرُبات، ويَتَلَمَّسُ أهل الحاجات، وفيهم مَن يدعُو إلى الله، وينشُرُ العلم، ويدعمُ برامج العلم والدَّعوة، وفيهم من زار بيت الله مُعتَمرًا، فهنيئًا لكُلِّ مُوفَّقٍ ما سلكهُ من طُرُق الخير، وما أخذ به من سُبُله، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 29، 30].

أيُّها المُسلمُون:

ومع كثرة الطَّائعينَ في رمضان، ممَّن يَتَعَرَّضُون لنَفَحات الله، ويطلُبُون الأجر، فإنَّ ثمَّةَ بعضَ المُتكاسلين المُتقاعسين، قعدُوا وقد غدا أهلُ الطّاعة وراحُوا، ونامُوا وقد شمَّر المُوفقُون وقامُوا، وتَقَهْقرُوا وقد أقدم المُفلحُون وتقدَّمُوا، فمَن أُولئك الخاسرُون في شهر الرِّبح والفوز؟ مَن أُولئك الذين يرضون بأن تُرغم أُنُوفُهُم في شهر العتق منَ النَّار؟ إنَّهُم قومٌ منّا ومن بيننا، قد يكُونُون من أبنائنا، أو إخواننا، أو زُملائنا، وجيراننا، اكتفوا بالتَّمنيات والتَّشهيات، واجْتَذَبَتْهُمُ المُلهياتُ والمُشغلاتُ، فقصَّرُوا في طلب الصَّالحات، ولم يَتَزَوَّدُوا من الباقيات، ولعلَّ منهُم مَن لم يُبيِّت النِّيَّة الحسنة مُنذُ بداية الشَّهر، فخذلتهُ نيَّتُهُ السَّيِّئةُ وأقعدتهُ، وأعاقَتْهُ عنِ اللحاق بِرَكْب الصَّالحين وأثقلتهُ، ﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴾ [التوبة: 46]، وفي الحديث القُدسيِّ، قال اللهتعالى: "أنا عند ظنِّ عبدي بي، فليظُنَّ بِي ما شاء"، نقل ابنُ كثيرٍ عنِ الحسن البصريِّ رحمهُما اللهُ أنّهُ قال: "ألا إنّما عملُ النَّاس على قدر ظُنُونهم بربِّهم، فأمَّا المُؤمنُ فأحسن الظَّنَّ بربِّه فأحسن العمل، وأمَّا الكافرُ والمُنافقُ، فأساءَا الظَّنَّ بالله، فأساءَا العَمَل، ثم تلا قولهُتعالى: ﴿ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [فصلت: 22، 23].

نعم أيُّها المُسلمُون إنَّ المُؤمن لحُسن ظنِّه بربِّه وتصديقه بما جاء منَ الوعد الحسن للطَّائعينَ - إنَّهُ ليفعلُ الخير طُول دهره، وَيَتَعَرَّضُ لِنَفَحات ربِّه مُدَّة عُمُره؛ رجاء أن تُصِيبَهُ نفحةٌ ربَّانيَّةٌ مِن نفحات الرَّحمة، فلا يشقى بعدها أبدًا؛ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((افعلُوا الخير دهرَكُم، وتعرَّضُوا لنفحات رحمة الله، فإنّ لله نفحاتٍ من رحمته، يُصيبُ بها مَن يشاءُ مِن عباده)).

أيُّها المُسلمُون الرَّاجُون لرحمة الله في شهر الرَّحمة:

لقد علم المُؤمنُون أنَّهُ لا إيمان إلاَّ بعملٍ صالحٍ، وأيقنُوا أنَّ الجنَّة سلعةٌ غاليةٌ، لا ينالُها الكُسالى والبطَّالُون، فشمَّرُوا عن سَوَاعد الجِدِّ واجتهدُوا، وابتدرُوا شهرهُم من أوَّل أيَّامه وسابقُوا، وسارعُوا إلى الخير، ولم يتقاعسُوا، سارُوا في الرَّكب مُدْلجين، ومضوا راجين خائفين، حداؤُهُم قولُ الحبيب صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن خاف أدلج، ومَن أدلج بلغ المنزل، ألاَ إنَّ سلعة الله غاليةٌ، ألاَ إنَّ سلعة الله الجنَّةُ)).

فيا مَن تَكَاسَلْت في شهر الجدِّ، يا مَن تَرَكْتَ الصَّلاة في شهر القيام، يا مَن هَجَرْت القُرآن في شهر القُرآن، يا مَن بخلتَ في شهر الجُود والعطاء، يا مَن حَرَمْتَ نفسك في موسم الرَّحمة، أَلَمْ تسمع قول المولى جلَّ وعلا: ﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 123، 124]، واللهِ، لو تمنَّى أحدٌ الغنى وقعد في بيته، لعَدَّهُ النَّاسُ مجنُونًا، ولو أراد رجُلٌ أن يكُون لهُ أبناءٌ ولم يتزوَّج، لسخرُوا منهُ، ولو تمنَّى طالبٌ النّجاح ولم يستذكر دُرُوسَهُ، لاتُّهِمَ في عقله، وقد أمر اللهُ بالمشي في الأرض والسَّعي لِنَيْل الرِّزق في الدُّنيا؛ فقال سُبحانهُ: ﴿ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ﴾ [الملك: 15]، وقالتعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة: 10]، فكيف بِطالِب الآخرة؟ كيف بِمَن يتمنَّى أغلى سلعة؟ كيف بِمَن يُريدُ الجنَّة، هل تُراهُ يقعُدُ أو ينام، وقد عُرضت بضائعُها بأيسر الأثمان في سُوق رمضان؟ لا والله، إنَّهُ لن ينام، ولن يهنأ بغمضٍ، ولن يرتاح لهُ بالٌ، كيف وقد قال - سُبحانهُ -: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الإسراء: 19]، وقال جلَّ وعلا: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، وقالتعالى: ﴿ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 43]، وقال سُبحانه: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الطور: 17 -19]، وقال جلَّ وعلا: ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [العنكبوت: 58]؟ وكيف يَتَقاعسُ عاقلٌ وقد وصف - سُبحانهُ - أُولي الألباب بأنّهُم ﴿ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [آل عمران: 191]؟! ثم ذكر استجابته لهم فقال: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ﴾ [آل عمران: 195].

لقد كان العملُ الصَّالحُ بعد رحمة الله هُو السَّببَ في دُخُول أهل الجنَّةِ الجنَّة، وفوزهم بِنَعيمها، لم ينامُوا ويقعُدُوا؛ بل آمنُوا وعملُوا الصَّالحات، وذكرُوا الله على كُلِّ حالٍ وتفكَّرُوا، وهاجرُوا وأُخرجُوا، وقاتلُوا وقُتلُوا، وأُوذُوا في سبيل ربِّهم فصبرُوا، ومن هُنا فقد حثَّ النّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على صالح العمل، ولم يُقِرَّ من أرادُوا أن يتَّكلُوا على ما قُضي لهم في الأزل؛ قال عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((ما من نفسٍ منفُوسةٍ إلاَّ وقد كتب اللهُ مكانها منَ الجنَّة والنَّار، وإلاَّ وقد كُتبت شقيَّةً أو سعيدةً))، قيل: أفلا نتَّكلُ؟ قال: ((لا، اعملُوا ولا تتَّكلُوا، فكُلٌّ مُيسَّرٌ لِمَا خُلق لهُ، أمَّا أهلُ السَّعادة فيُيسرُون لعمل أهل السَّعادة، وأمَّا أهلُ الشَّقاوة فيُيسرُون لعمل أهل الشَّقاوة)).

ألا فاتَّقُوا الله عبادَ الله وتعرَّضُوا لنفحات الله، وقدِّمُوا لأنفُسكُم ما ترجُون ثوابهُ عند الله، واغتنمُوا شهركُم؛ فقد أوشك بدرُهُ على التَّمام، ويُوشكُ أن يخرُج وأصحابُ الغفلة نيامٌ، فجدُّوا واجتهدُوا، واغدُوا ورُوحُوا، فإنَّ الله غنيٌّ عنكُم، وإنَّما عملُكُم الصَّالحُ واهتداؤُكُم، وتزكيتُكُم لنُفُوسكُم ومُجاهدتُها على الطَّاعة، وصبرُكُم وشُكرُكُم، إنَّما كُلُّ ذلك لكُم لا لغيركُم؛ قال جلَّ وعلا: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46]، قال سُبحانه: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ﴾ [يونس: 108]، وقالتعالى: ﴿ مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 15]، وقال سُبحانه: ﴿ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [فاطر: 18]، وقال - جلَّ ذكرُهُ -: ﴿ وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [العنكبوت: 6]، وقال - تقدَّس اسمُهُ -: ﴿ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 40]، إنَّهُ لن يُقدم أحدٌ عن أحدٍ، أو يُغني عنهُ شيئًا، في الصَّحيحين، عن أبي هُريرة رضي اللهُ عنهُ قال: لمَّا أُنزلت هذه الآيةُ ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214]، دعا رسُولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلّم قُريشًا فاجتمعُوا، فعمَّ وخصَّ، فقال: ((يا بني كعب بن لُؤيّ، أنقذُوا أنفُسكُم من النَّار، يا بني مُرَّة بن كعبٍ، أنقذُوا أنفُسكُم من النَّار، يا بني عبدشمس، أنقذُوا أنفُسكُم من النَّار، يا بني عبد منافٍ، أنقذُوا أنفُسكُم من النَّار، يا بني هاشمٍ، أنقذُوا أنفُسكُم من النَّار، يا بني عبد المُطَّلب، أنقذُوا أنفُسكُم من النَّار، يا فاطمةُ، أنقذي نفسك من النَّار، فإني لا أملكُ لكُم منَ الله شيئًا)).

أعُوذُ بالله من الشّيطان الرّجيم، ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 133 - 136].

 

الخطبة الثانية

أمّا بعدُ، فاتَّقُوا اللهتعالى حقَّ التَّقوى، وتمسَّكُوا منَ الإسلام بالعُروة الوُثقى، واحذرُوا أسباب سخط ربِّكُم، فإنَّ أجسامكُم على النّار لا تقوى.

أيُّها المُسلمُون:

إنّ منَ الغفلة كُل الغفلة، أن يجعل الإنسانُ من أيَّام رمضان ولياليه كسائر أيام العام ولياليه، لا يُغيِّرُ من حياته شيئًا، ولا يتقرَّبُ إلى الله بقُربةٍ، ولا يعزمُ على قراءة قُرآنٍ، ولا يُرى في صلاة تراويح، ومن هُنا فلا بُدَّ من إخلاص النِّيَّة، وعقد العزم، وإقامة العمل، والصّبر والمُصابرة، والجد والمُثابرة؛ طلبًا للأجر، ودفعًا للوِزر، وإرضاءً للرَّب تبارك وتعالى فاجعلُوا من أيَّام هذا الشَّهر المُبارك فُرصةً للتَّزوُّد بالتّقوى، واكتساب الحسنات، ومحو السَّيِّئات، لقد مضى ثُلُثُ الشَّهر، والثُّلُثُ كثيرٌ، فحاسبُوا أنفُسكُم واصدُقُوا في المُحاسبة.

ليسأل كُلٌّ نفسهُ: هل صُمتُ صيامًا صحيحًا أخلصتُ فيه النِّيَّة لله؟ هل حرصتُ على قيام رمضان مع المُسلمين في التَّراويح؟ كم مرَّةً ختمتُ القُرآن؟ كم أنفقتُ في سبيل الله؟ كم صائمًا فطَّرتُ؟ هذه الرِّقابُ التي تُعتقُ من النَّار في هذا الشَّهر، هُل تُرى رقبتي واحدةٌ منها أو لا؟ هل ما زلتُ على همَّةٍ عاليةٍ، ونشاطٍ قويٍّ كما كُنتُ أوَّلَ الشَّهر، أو أنَّهُ قد دبَّ إليَّ المللُ والسَّأمُ، وأصابني الفُتُورُ والتَّراخي.

أيُّها المُسلمُون:

مَن وجد نفسهُ مُحافظًا على الواجبات، مُسابقًا في الخيرات، بعيدًا عن المُحرَّمات، فليحمدِ الله، وليبشر بالخير وليستكثر، وإن كانت الأُخرى وأحسَّ من نفسه التَّقصير والتَّفريط، فعليه أن يتداركَ بقيَّة رمضان، فإنّهُ ((مَن أحسن فيما بقي، غُفر لهُ ما مضى، ومَن أساء فيما بقي، أُخذ بما مضى وما بقي)).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ماذا تعلمنا من رمضان؟ (1)
  • دعوة للتغيير قبل رمضان
  • رمضان والأمة المترفة
  • ومضت عشر خطوات
  • رمضان بين عطاء المقبلين وحرمان المعرضين
  • مصارحات رمضانية
  • كانوا معنا!
  • رمضان.. مدرسة ولصوص
  • أزل الحواجز
  • رمضان أقبل فأقبلوا (خطبة)
  • من علامات قبول الطاعات في رمضان

مختارات من الشبكة

  • لا تخسروا رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة: احذروا أيها الآباء لا تخسروا أولادكم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • انتبهوا؛ حتى لا تخسروا(مقالة - ملفات خاصة)
  • اكسبوا الصحابة ولن تخسروا آل البيت(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • ماذا تخسر الزوجة الغيور؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • على الأقل لم تخسر تاجها!! (قصة قصيرة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أيها المقلد غيره لا أنت هو ولا أنت أنت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أنتم، من أنتم، من أنتم؟!(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • كيف تقوم رمضان وأنت فرح مسرور؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • علمني رمضان(مقالة - ملفات خاصة)

 


تعليقات الزوار
1- هاهو رمضان في المنتصف
المها تلميذة الح ــياة - بلاد الحرمين 14-09-2008 04:24 PM
بارك الله بكم على نقل الخطبة فبها من الفوائد ماحرك بقلوبنا فهي تذكر و تجدد للإنسان همته جعل الله ذلكم في ميزان حسناتكم
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب