• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

خطبة عيد الأضحى

أبو أنس عبدالوهاب عمارة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/11/2010 ميلادي - 9/12/1431 هجري

الزيارات: 47810

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

طاعة واستسلام، تضحية وفداء، توحد واجتماع، صلة وبر


الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي شرع لنا الشرائع لنكبره تكبيرا، فالله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر ما قصد الحجاج بيت الله الحرام إجلالًا وتعظيمًا الله أكبر ما فارقوا ديارهم وأموالهم قاصدين ربا كريمًا الله أكبر ما لبسوا ملابس الإحرام وجردوا لله تجريدا الله أكبر ما طاف الطائفون تسبيحا وتحميدا الله أكبر ما شربوا من زمزم وتضلعوا تضلعا وفيرا الله أكبر ما صفت عند الصفا تلك القلوب وطهرت تطهيرا الله أكبر ما جمعتهم عرفات كالروض زهورا الله أكبر ما خرج المسلمون إلي صلاة العيد مهللين مكبرين مسبحين بكرة وأصيلا الله أكبر الله أكبر ولله الحمد اللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آل سيدنا محمد وعلي أصحاب سيدنا محمد وعلي أنصار سيدنا محمد وعلي أزواج سيدنا محمد وعلي ذرية سيدنا محمد وسلم تسليمًا كثيًرا.

 

معاشر المسلمين:

يجتمع المسلون في أنحاء الأرض في مشارقها ومغاربها ليحتفلوا بتلك الفريضة الغالية والركن العظيم ركن الحج يشاركون حجاج بيت الله الحرام مشاعرهم وشعائرهم يحتفلون بإكمال الله لنا الدين وإتمام النعمة فيوم أن حج رسول الله صلي الله عليه وسلم حجة الوداع أنزل الله عز وجل هذه الآية ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

 

يقول ابن كثير: هذه أكبر نعم الله، عز وجل، على هذه الأمة حيث أكمل تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم، صلوات الله وسلامه عليه؛ ولهذا جعله الله خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق لا كذب فيه ولا خُلْف، فلما أكمل الدين لهم تمت النعمة عليهم أي: فارضوه أنتم لأنفسكم، فإنه الدين الذي رضيه الله وأحبه وبعث به أفضل رسله الكرام، وأنزل به أشرف كتبه. [تفسير ابن كثير].

 

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِى كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيداً. قَالَ أَىُّ آيَةٍ قَالَ ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]. قَالَ عُمَرُ قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِى نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ. البخاري ومسلم.


وهما بفضل الله عيدنا، الجمعة عيد، ويوم عرفة عيد.

 

فبالحج يكتمل الدين وتتم النعمة وينال الحاج رضا الله عز وجل فهنيئًا لكم حجاج بيت الله الحرام هنيئاً لكم ترجعون من ذنوبكم كيوم ولدتكم أمهاتكم.

 

هنيئًا لكم استجابتكم لربكم، تعلنونها كما أعلنها من قبل إبراهيم عليه السلام لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك يوم أن جاء ربه بقلب سليم خالص مخلص خاشع خاضع متذلل بين يدي ربه تبارك وتعالي وَ﴿ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الصافات: 83- 84]

 

ها هو إبراهيم انقطع عن أهله وقومه بعد أن دعاهم لعبادة الله الواحد فما كان منهم إلا أن أججوا له نارا ليحرقوه فيه ﴿ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ ﴾ [الصافات: 98].

﴿ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ﴾ [الأنبياء: 70].

ها هو ينقطع عن أهله مهاجرا لله رب العالمين ﴿ فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [العنكبوت: 26]


لوط، واحد فقط من آمن به يا لله يرفع إبراهيم يديه إلي السماء سائلا مولاه ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الصافات: 100]، أولادًا مطيعين عوَضًا من قومه وعشيرته الذين فارقهم.وما كان الله ليرد له دعاء أو يكسر له قلبا وانظر إلي دقة إبراهيم في لفظه وإلي اختلاط حب الله بعظمه ولحمه ﴿ من الصالحين ﴾ لابد أن يكون الأولاد من الصالحين وإلا لا يساووا شيئا، بل لو لم يكونوا من الصالحين لكانوا نقمة ووبالا، كما كان الحال مع ابن نوح عليه السلام ﴿ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [هود: 46] وعلم الله صدق إبراهيم في رغبته فقال ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ﴾ [الصافات: 101] يطمئن الله قلب إبراهيم أنه صالحا كما أردت فيسميه القرآن غلاما حليما، كم تطلع إليه إبراهيم الشيخ الكبير الذي بلغ من الكبر عتيا وكم اشتاق إليه كم اشتاق إلي وريث يرث عنه الدعوة والنبوة ويأنس به، وبه تقر عينه وبعد أن أصبح معه حقيقة وفي أحضانه يؤمر بتركه ومفارقته هو وأمه في صحراء حيث مكة مكان رفع القواعد من البيت استشعر نفسك مكان إبراهيم أتترك ولدك الوحيد الذي جاء بعد شوق واشتياق وجاء علي كبر أتترك الطفل الرضيع وأمه؟ أين يتركهم  في بيت بعيد أم في بلد بعيد عن عينيه أو أنه يتركهم عند قريب أو صديق له لا إنها صحراء حيث الهوام والسباع ووحوش الأرض بلا طعام أو شراب هل تستطيع فعل هذا؟ اختبار من الله ليرى من أحب إلي قلب إبراهيم الله العاطي الوهَّاب أم إسماعيل العطية والهبة وينجح إبراهيم في الاختبار،وما كان منه إلا أن قال لبيك اللهم لبيك، إخوتاه إننا نتعرض للاختبار في كل وقت فمنا من ينجح ومنا من يرسب في الامتحان ونحن في عملنا النداء للصلاة يؤذن فمن يلبي ويترك العمل ينجح في الاختبار ومن يرغب في العمل عن الله يرسب في الامتحان، يأمرك الله بأكل الحلال فمن يصبر علي حاجته وحاجة أولاده ولا يطعمهم إلا حلالا ينجح في الامتحان ومن يتحجج بالحاجة والأولاد ويطعمهم من الحرام والسحت فقد رغب في الحرام عن الله ورسب في الامتحان.

 

فطوبي لمن سمع نداء الصلاة فقال لبيك اللهم لبيك، طوبي من سمع نداء الحج فقال لبيك اللهم لبيك طوبي لمن سمع نداء الصدقة فقال لبيك اللهم لبيك طوبي لمن سمع نداء الصلاح و الإصلاح فقال لبيك اللهم لبيك طوبي لمن تبع راية الخير والإصلاح وطوبي لمن رفع راية الخير والإصلاح وكان من الصالحين المصلحين فما أحوجنا إلي المصلحين الذين يضحون بأرواحهم ويلقون بأنفسهم في النار ويتركون أوطانهم ويفارقون أهليهم وأحبابهم تضحية من أجل الدين من أجل الحق من أجل الوطن وإصلاح البلاد ونشر الخير للعباد.

 

إن الله اختبر إبراهيم في أحب الأشياء إلي قلبه فعند اختبار الله لك في حبيب أو عزيز فهو دليل محبة فأراد الله أن يجرد قلب إبراهيم لله وحده حتى من الولد ومن كل حبيب سوى الحبيب الأول والأعظم وهو الله عز وجل.

ولنتصور تلك الأم الصابرة المحتسبة وهي تمسك بثوبه لمن تتركنا يا إبراهيم فلا يجيب لمن تتركنا يا إبراهيم لو أنها زوجة في عصرنا هذا ماذا قالت؟ إنهن يتغضبن علي الطعام والشراب والملابس التي تستورد من الخارج وترى الواحدة منهن ملتوية الوجه لأنه لم يبدل لها السيارة من سنة أو سنتين وتلتفت هاجر إلي سؤال، لابد أن تسأله، آلله أمرك بهذا؟ لأن قضية المؤمن ما الذي يحبه الله وأين أمر الله ليسارع إليه قائلا لبيك اللهم لبيك ويجيب إبراهيم نعم  فقالت إذا لا يضيعنا الله.

 

" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقاً لَتُعَفِّىَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ، وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهْىَ تُرْضِعُهُ حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ، فَوْقَ زَمْزَمَ فِى أَعْلَى الْمَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَ وَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَاباً فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقاً فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِى الَّذِى لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَىْءٌ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَاراً، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ آللَّهُ الَّذِى أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ نَعَمْ. قَالَتْ إِذاً لاَ يُضَيِّعُنَا. ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لاَ يَرَوْنَهُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ ﴿  رَبَّنَا إِنِّى أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ ﴾ حَتَّى بَلَغَ  ﴿ يَشْكُرُونَ ﴾. وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ، وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِى السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى - أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ - فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِى الأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِىَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَداً فَلَمْ تَرَ أَحَداً، فَهَبَطَتْ مِنَ، الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِىَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْىَ الإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ، حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِىَ، ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ، فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَداً، فَلَمْ تَرَ أَحَداً، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « فَذَلِكَ سَعْىُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا ». - فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتاً، فَقَالَتْ صَهٍ. تُرِيدَ نَفْسَهَا، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ، فَسَمِعَتْ أَيْضاً، فَقَالَتْ قَدْ أَسْمَعْتَ، إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ. فَإِذَا هِىَ بِالْمَلَكِ، عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ - أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ - حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ فِى سِقَائِهَا، وَهْوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ - أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ - لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْناً مَعِيناً ». - قَالَ فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ، فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ، يَبْنِى هَذَا الْغُلاَمُ، وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَهْلَهُ. وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعاً مِنَ الأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ، حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ - أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ - مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ فَنَزَلُوا فِى أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِراً عَائِفاً. فَقَالُوا إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِى وَمَا فِيهِ مَاءٌ، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ، فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ، فَأَقْبَلُوا، قَالَ وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ فَقَالُوا أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ فَقَالَتْ نَعَمْ، وَلَكِنْ لاَ حَقَّ لَكُمْ فِى الْمَاءِ. قَالُوا نَعَمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، وَهْىَ تُحِبُّ الإِنْسَ » فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ، فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الْغُلاَمُ، وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ"... رواه البخاري.

 

إِذاً لاَ يُضَيِّعُنَا، لا ضياع مع أمر الله بل الضياع كل الضياع في تضييع أمر الله في ترك شرع الله في القوانين الوضعية في الرأسمالية والاشتراكية والماركسية والعلمانية وفي كل شرع سوي ما شرع الله عز وجل﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14]، كلمة قالتها أم إسماعيل الأم المحتسبة الصابرة الواثقة في أمر ربها أي إيمان هذا وأي ثقة هذي وقالها المَلَكُ وهو يفجر الماء من تحت قدمي الرضيع، فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ، فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ، يَبْنِى هَذَا الْغُلاَمُ، وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَهْلَهُ، وإن الله لا يضيع أهله إنها شريعة الله قضاء قضي به الله وحُكْمٌ حَكَمَ به الله أنه لا يضيع أهله فيا أيها الغافلون إن الله لا يضيع أهله يا مغتصبي حقوق أهل الله إن الله لا يضيع أهله أهل الإصلاح من ينشرون الخير في الناس من يريدونها عمارا سخاء رخاء وتريدونها أنتم خرابا شقاء بلاء اعلموا أن الله لا يضيع أهله واعلموا أن لعنة الله علي الظالمين لعنة الله علي كل باغ متكبر جبار لعنة الله علي كل من قسي قلبه فتجرأ علي ظلم عباد الله لعنة الله علي كل من تحكم في أرزاق البشر لعنة الله علي كل من حرم مسلما من حريته لعنة الله علي كل ظالم حرم زوجة من زوجها ظلما في يوم العيد لعنة الله علي كل ظالم دكتاتور آثم باغ يحرم أطفالا من عاطفة الأبوة وحب أبيهم يوم العيد لعنة الله علي من يخربون المساجد.


﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة: 114].

لعنة الله علي كل ظالم سعي في التضييق علي الناس ومصادرة حقوق الناس وسعي إلي محاربة الإسلام  وسعي إلي تنكيس رايات الإسلام وطارد المتمسكين بدينهم وطارد أهل الخير والإصلاح لعنة الله علي من ينهبون ثروات الشعوب وينهبون خيرات البلاد لعنة الله علي من يوالون أعداء الله اليهود والنصارى  ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة: 51] ومن يتولهم من المسلمين فهو منهم من جنسهم ومن جرمهم  حتى لو كانوا آباءهم أو إخوانهم  ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [التوبة: 23].


ويا أهل الله لا تخافوا ضياعا ولا تخشوا غير الله فإن الله لا يضيع أهله ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 14].

عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِى لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ». قَالَ ثُمَّ قَرَأَ ﴿  وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهْىَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102]. رواه البخاري ومسلم، الذين يحبسون المسلمين في يوم العيد ظلما سيحبسون في قبورهم في ظلمة وضمة لا طاقة لهم بها سيحبسون في نار جهنم تسعر بهم يعرضون عليها قبل دخولها غدوًا وعشيًا إن الله تبارك وتعالي حرَّم الظلم علي نفسه وجعله بين الناس محرما وهم يحلون الظلم لأنفسهم وإن من أبشع المعاصي عند الله الظلم ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18]، ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ ﴾ [السجدة: 22] يا أهل الله أبشروا ﴿ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴾ [السجدة: 22] سينتقم الله ممن ظلمكم وأجرم في حقكم وحق حريتكم وأموالكم وأعراضكم ولا تنسوا أن للكون إله هو المتصرف في أمور كونه {﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26].


ويا أهل الله إياكم أن تركنوا إلي الذين ظلموا فيلحقكم البوار والخسران المبين لأن الخسران مع تضييع أمر الله.

﴿ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 49].

﴿ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً * إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 73-75].


أيها المجاهدون بالسيف المناضلون في ميدان القتال في فلسطين وفي كل مكان اصبروا، فإن الله لا يضيع أهله أيها المجاهدون في ميدان الجهاد بالقلم واللسان والإصلاح ونشر الخير بين الناس اصبروا فإن الله لا يضيع أهله وإياكم أن يفلح المثبطون في إثنائكم عن أن تكونوا أهلا لله بالإصلاح والجهاد فتستحقوا غضب الله عز وجل إن الله أصدق من وعد وخير من حكم فقد أنبع الماء من تحت قدمي إسماعيل هذه الكلمة {وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَهْلَهُ} قالها إبراهيم عليه السلام من قبل وهو في طريقة إلي النارفكانت النار بردا وسلاما وقالها محمد صلي الله عليه وسلم وأصحابه حينما جمع الناس لهم ليهلكوهم ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ [آل عمران: 173-174].


وروى البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِىَ فِى النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالُوا ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173]. وقالها موسى عليه السلام رابطا علي قلوب أتباعه حينما أدركهم فرعون بجنوده فالبحر أمامهم والعدو وراءهم فظنوا الهلاك فقال موسي ثقة بربة وبوعده ونصره للمؤمنين ﴿ فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 61-62] فشق الله لهم طرقا في البحر يابسة.


كلمة لو عشناها بقلوبنا وتيقنا أن الله لا يضيع أهله لفجر الأرض ماء زلالا من تحتنا ولفجر الخير من فوقنا ومن تحت أقدامنا ولشق لنا البحار طرقا يابسة ولأبد خوفنا أمنا وفقرنا غنى وذلنا عزا وضعفنا قوة.

﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 65-66].

﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].

﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾ [الجن: 16]

﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 52].

﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ﴾  [نوح: 10-12].


ويؤمر إبراهيم ببناء البيت فيقول لبيك اللهم لبيك ويبني هو وإسماعيل علي أكمل صورة وعلي خير وجه وبعدها يرجوان من الله القبول {....ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ، - أي إبراهيم - وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِى نَبْلاً لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيباً مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ، ثُمَّ قَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى بِأَمْرٍ. قَالَ فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ. قَالَ وَتُعِينُنِى قَالَ وَأُعِينُكَ. قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى أَنْ أَبْنِىَ هَا هُنَا بَيْتاً. وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا. قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِى بِالْحِجَارَةِ، وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِى، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ، فَقَامَ عَلَيْهِ وَهْوَ يَبْنِى، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَهُمَا يَقُولاَنِ: ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]. قَالَ فَجَعَلاَ يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ، وَهُمَا يَقُولاَنِ ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]. رواه البخاري.


ويأتي البلاء المبين والاختبار الأعظم يري إبراهيم في منامه أنه يؤمر بذبح ابنه الوحيد بعدما كبر وترعرع وصار يذهب مع أبيه ويمشي معه وهي أكثر سن يكون فيه الأب متعلقاً بابنه، ويكون الابن متعلقاً بأبيه. ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ﴾ [الصافات: 102] رأي إبراهيم في الرؤيا الأمر بذبح ولده إسماعيل، ورؤيا الأنبياء وحي من الله تعالى، روى البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ:.......قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ إِنَّ رُؤْيَا الأَنْبِيَاءِ وَحْىٌ ثُمَّ قَرَأَ ﴿ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ﴾.


وكان ذلك في اليوم الثامن من ذي الحجة، فتروى إبراهيم ولذلك سميَّ هذا اليوم "يوم التروية" وفي اليوم التالي رأي إبراهيم نفس الرؤيا فتأكد وعرف أنه أمر من الله تعالى، وكان ذلك اليوم التاسع من ذي الحجة، فسميَّ ذلك اليوم "يوم عرفة"، وفي اليوم الثالث، وهو يوم العاشر من ذي الحجة، رأي نفس الرؤيا، فبادر في ذلك اليوم إلى تنفيذ أمر الله تعالى.


فلم يتردد، وما كان منه إلا التسليم والتفويض لأمر الله..نعم إنها رؤيا منام وليست وحيا صريحا ولا أمرا مباشرا ولكنها من الله فمجرد الإشارة من الله تكفي ليلبي النداء في غير انزعاج ويستجيب دون أن يعترض ويستسلم في غير جزع ويطيع في غير اضطراب من غير أي يسأل ربه لماذا الابن الوحيد فهذا أمر لا يوافق العقل فأي عقل في ذبح الابن الوحيد الذي سماه القرآن حليما فلو كان عاقا لكان الأمر أسهل وهو أمر ضد الفطرة فالابن أحب شيء إلي قلب الأبوين فلذة الكبد وقرة العين فلو أمر بالتضحية بنور عينه لكان الأمر غاية في السهولة مقارنة بهذا الأمر وأي أمر هذا الذي يؤمر به إبراهيم أن يتولي الذبح بنفسه ذبح من؟ ذبح ولده الوحيد الذي جاءه علي كبر إنه يؤمر بذبحه وهو الذي يباشر الذبح بنفسه!

في بيان الحكمة في ورود هذا التكليف في النوم لا في اليقظة أن هذا التكليف كان في نهاية المشقة على الذابح والمذبوح، فورد أولاً في النوم حتى يصير ذلك كالمنبه لورود هذا التكليف الشاق، ثم يتأكد حال النوم بأحوال اليقظة، فحينئذٍ لا يهجم هذا التكليف دفعة واحدة بل شيئاً فشيئاً فيا لرحمة الله بنا!

ويعرض إبراهيم علي ابنه الأمر ﴿ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىَ ﴾ [الصافات: 102] فالأمر شاق علي الذابح وعلي المذبوح فهو لا يطلب إليه أن يرسل ابنه الوحيد إلي معركة ولا يطلب إليه أن يكلفه أمرا تنتهي به حياته إنما يطلب إليه أن يتولي هو بيده ذبح ولده ولماذا يعرض عليه الأمر وهو في مقدوره أن يذبحه علي غفلة أو يذبحه وهو نائم ولكنه أراد أن يربي ابنه علي الولاء علي معني الاستسلام لله، والإسلام إذ يهيب بكل الآباء والأمهات أن يربوا أولادهم علي الطاعة والعبودية لله أن يربوهم في المساجد علي القرآن وسنة النبي العدنان صلي الله عليه وسلم أن يجعلوا من أولادهم إسماعيل بعد أن يكونا هم في أنفسهم إبراهيم وهاجر عليهما السلام.


عليهم أن يخرجوهم في مدرسة النبوة مدرسة محمد صلي الله عليه وسلم يقول الرازي: الحكمة في مشاورة الابن في هذا الباب أن يطلع ابنه على هذه الواقعة ليظهر له صبره في طاعة الله فتكون فيه قرة عين لإبراهيم حيث يراه قد بلغ في الحِلم إلى هذا الحد العظيم، وفي الصبر على أشد المكاره إلى هذه الدرجة العالية ويحصل للابن الثواب العظيم في الآخرة والثناء الحسن في الدنيا.


وما كان من الابن إلا أن قال لبيك اللهم لبيك ﴿ افعل مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء الله مِنَ الصابرين ﴾ [الصافات: 102] قال ابن كثير: وإنما علق ذلك بمشيئة الله تعالى على سبيل التبرك والتيمن، وأنه لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله ولا قوة على طاعة الله إلا بتوفيق الله.وهنا دقة رد إسماعيل، لم يقل له (يا أبَتِ افعل ما ترى) أو (أفعل ما تريد) لأنه لو قال ذلك فكـأنه يُحَمِّل أبيه مسئولية الذبح، ولكنه عندما يقول له (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ) يعني أنت تفعل ذلك تنفيذا وانقياداً لأوامر الله تعالى

والله تعالى وصف إسماعيل بالصبر: ﴿ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنبياء: 85] وهو صبره على الذبح، ووصفه أيضاً بصدق الوعد في قوله: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا ﴾ [مريم: 54] لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به.


ولنسترجع في أذهاننا صورة الأم هاجر حيث يعترضها إبليس اللعين يثنيها عن تنفيذ أمر الله ويوسوس إليها فترجمه.

﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ [الصافات: 103] وحقيقة معناها أخلص نفسه لله وجعلها سالمة له خالصة، وكذلك معنى استسلم استخلص نفسه لله وعن قتادة في أسلما أسلم هذا ابنه وهذا نفسه، الرازي.

﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ [الصافات: 103] أي جعل جبينه على الأرض.

حكي في قصة الذبيح أن إبراهيم عليه السلام لما أراد ذبحه قال: يا بني خذ الحبل والمدية وانطلق بنا إلى الشعب نحتطب، فلما توسطا شعب ثبير أخبره بما أمر به، فقال: يا أبت اشدد رباطي فيَّ كيلا أضطرب، واكفف عني ثيابك لا ينتضح عليها شيء من دمي فتراه أمي فتحزن، واستحد شفرتك وأسرع إمرارها على حلقي ليكون أهون فإن الموت شديد، واقرأ على أمي سلامي وإن رأيت أن ترد قميصي على أمي فافعل فإنه عسى أن يكون أسهل لها، فقال إبراهيم عليه السلام: نعم العون أنت يا بني على أمر الله، ثم أقبل عليه يقبله وقد ربطه وهما يبكيان ثم وضع السكين على حلقه فقال: كبني على وجهي فإنك إذا نظرت وجهي رحمتني وأدركتك رقة وقد تحول بينك وبين أمر الله سبحانه وتعالى ففعل ثم وضع السكين على قفاه فانقلبت السكين ونودي يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا. الرازي.


ثم إن إبراهيم يمرر السكين على حلقِ إسماعيل فلا يقطع شيئاً، لأن السكين لا تخلق القَطْعَ، كما أنَّ الأكل لا يخلقُ الشِبع، والشُربَ لا يخلقُ الرّي، والأسباب لا تخلق المسَبَّبات وكلٌ بخلق الله تعالى وعلمه ومشيئته.

لما كلفه الله تعالى بهذا التكليف الشاق الشديد وظهر منه كمال الطاعة وظهر من ولده كمال الطاعة والانقياد، لا جرم قال ﴿ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ﴾ [الصافات : 105] يعني حصل المقصود من تلك الرؤيا ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الصافات : 105]، إبراهيم وولده كانا محسنين في هذه الطاعة، فكما جزينا هذين المحسنين فكذلك نجزي كل المحسنين وكل من يسلك طريق الأنبياء وطريق الاستسلام والامتثال.

 

﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ﴾ [الصافات : 106] أي الاختبار البين الذي يتميز فيه المخلصون من غيرهم أو المحنة البينة الصعوبة التي لا محنة أصعب منها.

فاضت بالعبرة عيناه
أضناه الحلم وأشقاه
شيخ تتمزق مهجته
تتندى بالدمع لحاه
ينتزع الخطوة مهموما
والكون يناشد مسراه
وغلام جاء على كبر
يتعقب في السير أباه
والحيرة تثقل كاهله
وتبعثر في الدرب خطاه
ويهم الشيخ لغايته
ويشد الإبن بيمناه
بلغ في السعي نهايته
والشيخ يكابد بلواه
لكن الرؤيا لنبي
صدق وقرار يرضاه
والمشهد يبلغ ذروته
وأشد الأمر وأقساه
إذ تمرق كلمات عدلى
ويقص الوالد رؤياه
وأمرت بذبحك يا ولدي
فانظر في الأمر وعقباه
ويجيب العبد بلا فزع
افعل ما تؤمر أبتاه
لن أعصي لإلهي أمرا
من يعصي يوما مولاه
واستل الوالد سكينا
واستسلم أبن لرداه
ألقاه برفق لجبينٍٍ
كي لا تتلقى عيناه
أرأيتم قلبا أبويا
يتقبل أمرا يأباه
أرأيتم ابنا يتلقى
أمرا بالذبح و يرضاه
وتهز الكون ضراعات
ودعاء يقبله الله
تتوسل للملأ الأعلى
أرض وسماء ومياه
ويقول الحق ورحمته
سبقت في فضل عطاياه
صدقت الرؤيا لا تحزن
يا إبراهيم فديناه

 

أيها الحبيب إذا قدم إبراهيم أعز ما يملك لله فماذا قدمت أنت؟ وإذا كان إبراهيم ذبح إسماعيله لله فليذبح كل منا إسماعيله لله فليذبح كل منا شهواته ورغباته لله وليكن الله الأعز الأكرم الأحب في قلوبنا ومع كل أمر لله فلنقل لبيك اللهم لبيك فشعارنا سمعنا وأطعنا وإذا أردنا السعادة في الدنيا والآخرة فليكن حلم كل شاب وفتاة أسرة كأسرة إبراهيم زوجة كهاجر ابن كإسماعيل.

 

ولقد ضرب إخواننا في غزة الأبية المثل في التضحية والفداء، فالأم الفلسطينية في نفسها هاجر تقدم أبناءها لله وتجهزهم بنفسها للعمليات الاستشهادية فهل ممكن أن ننسي أهلنا فلسطين وأهلنا في العراق وأهلنا في السودان وفي كل مكان يذكر فيه اسم الله ما نسي الزمان وما نسينا فلم ولن ننسي إخوانا لنا في العقيدة ضحوا ولا زالوا يضحون بالغالي والرخيص والنفس والنفيس من أجل الإسلام من أجل كرامتنا كرامة الأمة بل سنقدم لهم كل عون بالمال والدعاء والمقاطعة وكل ما نستطيع فهل يمكن أن نشبع وإخواننا تهتف صرخات أطفالهم وأنين الجرحى وصراخ المصابين في غزة والسودان و.....و........و..........و.........لا يمكن لا أن ننسي  فإذا اجتمعت مع أولادك علي مائدة الإفطار يوم العيد فتذكر أطفال المسلمين والأيتام والمساكين والأرامل والمرضي فمن لهؤلاء غير الله من يدخل عليهم الفرحة في يوم العيد فالله أكبر ما توحد المسلمون في مشاعرهم كما يتجمعون في شعائرهم كما يقف الحجيج في صعيد واحد يعبدون ربا واحدا بملابس واحدة يتجهون إلي قبلة واحدة ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92]، ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾ [المؤمنون: 52] فيا ليت أمتي تتوحد اقتصاديًا وسياسيًا وفي كل المجالات كما تتوحد في الحجربما لم ينجح موقف أو مناسبة أو شعيرة في أن تجمع المسلمين مثلما نجح الحج في أن يجمع ملايين المسلمين من شتات الأرض شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا، ليوحِّد المسلمين على موعدٍ لا خلاف فيه، في مكانٍ واحدٍ، ولطوافٍ حول بيتٍ واحدٍ، ليرفع الجميع يديه بالتلبية لرب واحد لا شريك له. الحج مؤتمر إسلامي عالمي مهيب، يلتقي فيه المسلمون من كل أقطار الدنيا، فيُغرس في القلوب شعور الأمة الواحدة، إن الشعور بوحدة هذه الأمة يحتاجه المسلم ليقف إلى جوار أخيه في أي مكان يشعر بمعاناته، فلا يؤذيه، ويبذل المحاولات لمساعدته ونجدته وتخفيف ما به من ألم، دون حاجةٍ إلى أن يكون صديقًا له أو قريبًا منه أو على معرفة سابقة به؛ يكفي جدًّا أنهما مسلمان؛ لهما رب واحد ويتجهان إلى قبلة واحدة.


الحج مؤتمرٌ يدعو المسلمين كل عام إلى الوحدة فيما بينهم.. درس سنوي بضرورة التوحُّد لمواجهة الأخطار التي تحيق بهم؛ كي يحققوا ما يرغبونه من نهضة وعزة.

الحج رسالة كل عام إلى المسلمين بأن الوحدة هي السبيل الوحيد للخلاص من حالة الفُرقة والتشرذم التي يشهدها الجميع، وإنها الحل الوحيد لكسر حالة الذل والهوان التي تجلب عليهم الويلات كل يوم.

 

بر الوالدين:

ولتبدأ الوحدة من داخل بيوتنا في برنا لآبائنا وأمهاتنا حيث قضي الله عز وجل ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23] وحيث أمر رسولنا صلي الله عليه وسلم روي مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ ». قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ ».

 

صلة الرحم:

إذا كنت تبحث عن رضا الله عز وجل، فاسمع إلى كلام الله تعالى للرحم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتْ الرَّحِمُ فَقَالَ مَهْ قَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ.. فَقَالَ: أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟؟ قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَذَلِكِ لَكِ.. ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ"، فأنت بصلتك لرحمك تكون أهلًا لأن يصلك الله عز وجل، فأي منّة هذه، وأي فضل، وأي كرم، وأي جود أن تكون أهلًا أن يصلك الله عز وجل، ولو أنك تريد الرضا من الله تعالى وقاطعك أهلك جميعًا بكل الطرق، ستضحي بلا شك في سبيل إرضاء ربك وستبذل قصارى جهدك أن تصلهم، وتذكر دائمًا حديث النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - وَقَالَ سُفْيَانُ لَمْ يَرْفَعْهُ الأَعْمَشُ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَرَفَعَهُ حَسَنٌ وَفِطْرٌ - عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ « لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا ». رواه البخاري   هذا هو الواصل فعلًا الذي يصله الله تعالى.

روى مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَىَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَىَّ. فَقَالَ « لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلاَ يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ »


توثيق العلاقة بالأصحاب والجيران والمعارف

وهي فرصة طيبة في هذه الأيام المباركة، أن تزيد المحبة والألفة بين أفراد المجتمع المسلم، ولتوثيق العلاقات بين المسلمين من الأجر الكثير والكثير، ففي الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا"، فهذا بيت في الجنة يكتبه الله لك لزيارتك لأخيك أو جارك زيارةً خالصة لوجه الله من غير مصلحة دنيوية ومن غير أن تتعاطي أجرًا إلا من الله عزّ وجل.


ومما يقوّي أواصر الوحدة بين المسلمين أيضًا إصلاح ذات البين.

وهذا الأمر من الأهمية بمكان، لينظر الإنسان في علاقاته، وفي من حوله من معارفه وأقاربه، وجيرانه، ربما تكون هناك مشكلة ما بينك وبين غيرك من الناس، وهذه فرصة عظيمة، احرص على أن لا تمرّ هذه الفرصة إلا وأنت على علاقة طيبة بكل من حولك من الناس، اغفر لمن أساء إليك، وافتح صدرك للناس، وابتسم في وجوههم، إن استمرار الشقاق والخلاف بين المسلمين أمر بالغ الخطورة، ينبغي أن ينتهي سريعًا، وتذكر أن الله عز وجل يغفر الذنوب للمتصالحين ويؤجل المغفرة لمن بينهم شقاق، في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا".

وروى مسلم عَنْ أَبِى صَالِحٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مَرَّةً قَالَ « تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِى كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِى ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئاً إِلاَّ امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ».

عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ ». قَالُوا بَلَى. قَالَ « صَلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هي الْحَالِقَةُ ». قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَيُرْوَى عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ « هِىَ الْحَالِقَةُ لاَ أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ ».قال الألباني في غاية المرام: أخرجه الترمذي وأبو داود وابن حبان وأحمد من حديث أبي الدرداء وإسناده صحيح على شرط الشيخين لكن ليس في الحديث قوله لا أقول إنها تحلق الشعر وإنما هذا علقه الترمذي عقب الحديث وتصحيحه.


فينبغي علينا في هذه الأيام المباركة خاصة أن نعمق أواصر الوحدة والألفة والمحبة بين المسلمين وذلك ببرّ الوالدين، وصلة الأرحام، والتزاور في الله، وإصلاح ذات البين.


اللهم أعز الإسلام والمسلمين وارفع راية الحق والدين واجعل عيدنا الأكبر يوم نلقاك فيه ويوم عزة الإسلام ونصرة الدين يوم أن تكون دولة الأمم الإسلامية المتحدة اللهم آمين.

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180-182].


والصَّلاة والسَّلام على مَن:

بَلَغَ العُلاَ بِكمَالِهِ
كَشَفَ الدُّجَى بِجَمَالِهِ
عَظُمتْ جَمِيعُ خِصَالِهِ
صَلُّوا عَلَيْهِ وَآلِهِ

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة العيد
  • خطبة عيد النحر 1434هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1435 هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1435 هـ - ثبات المؤمن في أعاصير الفتن
  • خطبة عيد الأضحى 1435هـ ( أضحية وتضحية )
  • خطبة عيد الأضحى: من حقوق الإسلام
  • خطبتا عيد الأضحى المبارك لعام 1443هـ

مختارات من الشبكة

  • عيد الأضحى فداء وفرحة (خطبة عيد الأضحى المبارك)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الأضحى في زمن الابتلاء (خطبة عيد الأضحى 1441هـ)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • خطبة عيد الأضحى 1441هـ (الأضحى إرث إبراهيم)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • أيام الأضحى والنحر أيام تضحية وفداء وذكر (خطبة عيد الأضحى 1439هـ)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى: العيد وثمار الأمة الواحدة(مقالة - ملفات خاصة)
  • (هذا العيد يخاطبكم) خطبة عيد الأضحى 1444 هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى 1443 هـ (العيد وصلة الأرحام)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • (لمن فرحة العيد؟) خطبة عيد الأضحى 1442 هـ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة يوم عيد الأضحى 1441هـ (هذا عيدنا)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى 1441هـ (اليوم عيدنا)(مقالة - ملفات خاصة)

 


تعليقات الزوار
2- جزاكم اله خيرا
عبدالوهاب عمارة - مصر 28-10-2012 01:47 PM

جزاكم الله خيرا أخي الكريم ونسأل الله أن ينفع بنا وبكم الإسلام والمسلمين

1- لبيك اللهم لبيك
احمد قمح 23-10-2012 11:52 PM

الأستاذ الفاضل ... للنجاح أناس يقدرون معناه، وللإبداع أناس يحصدونه، لذا نقدّر جهودك المضنية، فأنت أهل للشكر والتقدير.. فوجب علينا تقديرك... فلك منا كل الثناء والتقدير.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب