• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

هل تفرح بالعيد وحدك؟

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

المصدر: ألقيت بتاريخ 24/9/1431هـ
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/9/2010 ميلادي - 29/9/1431 هجري

الزيارات: 13783

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هل تفرح بالعيد وحدك؟

 

أما بعد:

فأوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله - عز وجل - فإن التقوى خيرُ زاد المؤمن العاقل، وهي خيرُ اللباس لمن تذكَّر؛ ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197]، ﴿ وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 26].

 

أيُّها المسلمون، يُطل علينا العيد بعد أيام قلائل، بعد شهر حافلٍ بالخير والبرِّ والفضائل، فيا فوز مَن ختمَ الله شهره بعتْق رقبته، ويا سعادة مَن أصبَحَ يوم العيد وقد حُطَّتْ خطيئته، فخرج إلى المصلى نقيًّا طاهرًا، ليس عليه من السيِّئات مثقال ذرة، قد غفَرَ الله ذنوبَه وسَتَر عيوبَه، صام شهرَه إيمانًا واحتسابًا، وأحيا ليلَه سجودًا واقترابًا، تلا كتابَ ربِّه وحفظ وقتَه، وبذَلَ خيرَه وكفَّ شرَّه، لم يفرِّط في طاعة ولم يسوِّف بقُربة، ولم يُعْرِض عن عمل برٍّ، ولم يتقاعس عن بذْل معروف، فكأن قد نال الجائزة الكبرى وسَعِدَ بالعطيَّة العُظْمى، وفرح في يوم الفرح الأكبر بلقاء ربِّه، وللصائم فرحتان: إذا أفطر فَرِح بفطره، وإذا لَقِي ربَّه فَرِح بصومه؛ ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].

 

أيُّها المسلمون، يا مَن جعلتُم تستعدون للفرح في العيد، وشرعتُم تهيِّئون له اللباس الجديدَ، وبدأتْ قلوبُكم وقلوبُ أهليكم تخفق سرورًا واستبشارًا، ألا تعلمون أنَّ فيمن حولكم قومًا إذا اقتربَ العيد، علتْ وجوهَهم مسحةُ حزنٍ وكآبة، وغشيتهم سحابةُ ضِيق وكَرْب، وركبتهم جبالٌ من الهمِّ، واستولتْ عليهم جيوشُ الغَمِّ؟ ألا تدرون أن ثَمَّة آباءً فقراء، وأُمَّهات مملقات يفرح الناس بالعيد ولا يفرحون، ويهنأ غيرُهم بالجديد ولا يهنؤون، لهم أبناء وبنات لا يدرون ما الفقر ولا الغنى، ولا يدركون ما العجز ولا القدرة، ولا يشعرون ما الممكن ولا المستحيل، يرى أحدُهم أقرانه وأخدانه مبتهجين بما لبسوه واستجدوه، فيريد أن يعيشَ كما يعيش الآخرون، فيفزع لأُمِّه وأبيه راجيًا، وقد يصر عليهما باكيًا شاكيًا، فتنقلب المرأة على زوجها باللوم، وتلحُّ عليه أنْ يقومَ فيصلح شأْنَها وشأْنَ أبنائها وبناتها، فلم يبق وقتٌ للتردُّد والتلبُّث، فيتلفت الأبُ المكلوم يمينًا وشمالاً، فلا يجد في حسابٍ مالاً، ولا يذكر في مصرفٍ رصيدًا، ولا في صندوق كنزًا، فيضرب كفًّا بكفٍّ، وينطلق على وجْهه؛ ليصلَ ديون الأمس الفادحة بدينٍ آخرَ مثقلٍ أو قرض غير حسن، في حين تغصُّ حسابات كثيرين بالملايين، حتى لا يكاد أحدُهم يحصي ما في خزائنه، ولا يدرك له عدًّا!

 

ألا فيا مَن أنعمَ الله عليهم بوفرة المال وسَعة الغنى، أتحسبون ذلك لمزيد فضلٍ لكم، أو لوفرة حظٍّ أو عُلو درجة؟! ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [الزخرف: 32].

 

ألا فاعلموا أنَّ مِن حُسن الإسلام وتمام الإيمان وكمال الإحسان - أن تتقوا الله ربَّكم فيما آتاكم، وأن تتذكروا الرجوع إليه؛ إذ فتنكم بالخير وابتلاكم، وأنْ تبذلوا لأهل الحقوق في أموالكم ما لهم، ولا تبخسوهم شيئًا أحلَّه الله لهم؛ فـ(ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع)، و(المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشدُّ بعضه بعضًا)، و(المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلم كربة، فرَّج الله عنه كُرْبة من كربات يوم القيامة، ومَن سَتَر مسلمًا، ستَرَه الله يوم القيامة)، و(الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو كالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر)، و(مَن لا يرحم الناسَ، لا يرحمه الله).

 

وإذا كنتم تحبون أن تروا أبناءكم وبناتكم في العيد على أحسن حال من الجمال، وتبذلون الكثيرَ؛ لإدخال السرور عليهم والبهجة، فإن إخوانكم يحبون لأبنائهم وبناتهم ما تحبون، ولكنَّكم تَقْدِرون وهم عاجزون، وتجدون وهم فاقدون، وتتصرفون وهم مقيَّدون، أفلا تحبون أن يغفرَ الله لكم وينجيكم من النار، ويدخلكم الجنة؟! إنه لا يتم لكم ذلك، ولا يكمل إيمانكم؛ حتى تحبوا لإخوانكم ما تحبونه لأنفسكم؛ قال عليه الصلاة والسلام: ((لا يؤمن أحدُكم؛ حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))، وقال: ((مَن أحبَّ أن يُزَحْزحَ عن النار، ويدخل الجنة، فلتأْتِه مَنيَّتُه وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يُحب أن يُؤْتَى إليه)).

 

أيها المسلمون، إن في المجتمع حولكم أعدادًا غير قليلة من المحتاجين والعاجزين، ينتظرون الخير في شهر الخير، ويترقبون البرَّ بهم في موسم البِرِّ، وإنه وإن كانتْ زكاة الفطر قد شُرِعتْ في ختام الشهر؛ طُعْمة للمساكين، وسدًّا لجوعهم، وكفًّا لهم عن السؤال في يوم العيد، وصونًا لوجوههم أن تبتذلَ في يوم العزِّ والفرح، فمن ذا الذي يتم فرحتهم فيكسوهم ويلبسهم الزينة؟ مَن ذا الذي يعيش همَّهم فيذيقهم طعمَ العيد مع إخوانهم؟! إنَّ في الزكاة لتفريجًا لكُربات كثيرين، وقضاءً لحاجاتهم، وإدخالاً للسرور عليهم، وإسعادًا لقلوبهم، ودفعًا لهم ولأبنائهم لتذوُّق العيش الكريم ولو في أيام العيد، ذلكم أنها ليستْ موردًا يسيرًا، ولا قليلاً أو ضئيلاً، بل هي العُشر أو نصف العُشر أو رُبع العُشر، فضلاً عن زكاة الفطر التي تجب على كلِّ فردٍ من المسلمين، فلو أُضيفَ كلُّ ذلك إلى الصدقات بأنواعها والنذور والكفَّارات، والأوقاف والهبات والمواريث والنفقات، وغيرها من حقوق المال في الإسلام - لتحققَ التكافُل المادي بأجْلى صوَرِه وأجملها، ولما بقي فقيرٌ ولا مسكين ولا محتاج، وإن المتابع للحركة الاقتصاديَّة لَيَرَى أنَّ ثمة بحارًا زاخرة من الأغنياء الموسرين، وجبالاً شاهقة من الأثرياء المقتدرين، لو أدوا ما لله عليهم من حقٍّ في المال وهي الزكاة خاصة، لدفنوا فقرَ الفقراء وأزالوا بؤْسَهم، فأين أولئك الممتلئون؟! ألا يعجِّلون بالزكاة طاعة لله وتفريجًا عن عباد الله؟! ألا يغتنمون ما بقي من أيام هذا الشهر المبارك؛ ليجمعوا بين شرف الزمان وفضيلة تفريج الكرب؟!

 

إنَّ منع الزكاة والشحَّ بها، والتلكؤ في إخراجها والتحايل في ذلك، إنه لمصيبة وأيُّ مصيبة، يكتوي بنارها الفقراء في الدنيا، ثم يَصْلى حرَّها مانعوها في الآخرة.

 

ألا فاتقوا الله - أيها المسلمون - واغنموا هذه العشر المباركة، واحذروا الشُّحَّ، وأنفقوا من الطيبات، واتقوا النار ولو بشِقِّ تمرة، واعلموا أنَّ مَن أبطره الغنى أذلَّه الفقرُ يومًا ما، وأنه ليس لكم من أموالكم التي تجمعون إلا ما أكلْتم فأفنيْتُم، أو لبستُم فأبليتم، أو تصدقتم فأمضيتم وأبقيتم؛ قال ربُّكم - تبارك وتعالى -: ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [آل عمران: 180]، وقال - سبحانه -: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ [التوبة: 34 - 35]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما مِن صاحب كنزٍ لا يؤدي زكاته، إلا أُحمي عليه في نار جهنم، فيجعل صفائحَ، فيكوى بها جَنباه وجبينه؛ حتى يحكمَ الله بين عباده في يوم كان مقدارُه خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله؛ إمَّا إلى الجنة، وإمَّا إلى النار))، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((أيُّكم مالُ وارثِه أحبُّ إليه من ماله؟ قالوا: يا رسول الله، ما منَّا أحدٌ إلا ماله أحبُّ إليه، قال: فإنَّ مالَه ما قدَّم، ومالَ وارثِه ما أخَّر)).

 

لقد صمتُم وصلَّيْتم مصدقين بيوم الدين، مِن عذاب ربِّكم مشفقين، أفلا تعتقون أنفسكم من مَعَرَّة الجزع، وعار الهلع فتؤدُّوا حقَّ الله في المال وتتقوا الشُّحَّ؟! قال - سبحانه -: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ﴾ [المعارج: 19 - 27]، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((ولا يجتمع الشُّحُّ والإيمان في قلب عبدٍ أبدًا))، وقال : ((كلُّ امرئ في ظلِّ صدقته حتى يُقْضى بين الناس)).

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60].

 

الخطبه الثانيه

 

أما بعد:

فاتقوا الله ربَّكم، واختموا شهرَكم بخير أعمالكم، واعلموا أنَّ ما يُرَى في عالم التُّجَّار وحياة أرباب الأموال؛ مِن تحاسُد وتنافُس وشحناء وأثَرَة، بل إنَّ ما أصابَ الناس مِن غلاء في البضائع، وارتفاع في المعايش، وما بُلوا به من نزعٍ لبركة المال، وضَعفٍ في قيمة النقْد، إنَّ كثيرًا من ذلك إنما هو نتيجة طبيعيَّة لأخْذ المال من غير حِلِّه وحقِّه، ثم البخل به وإمساك المعروف عن مستحقه؛ قال - سبحانه -: ﴿ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ﴾ [الروم: 39]، وقال - سبحانه -: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾ [البقرة: 276]، وقال - جل وعلا -: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39].

 

وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: ((إنَّ هذا المال خضر حلو، فمَن أخذَه بسخاوة نفْسٍ، بورك له فيه، ومَن أخذَه بإشراف نفْسٍ، لم يُبَارَكْ له فيه، وكان كالذي يأكلُ ولا يشبع، واليد العُليا خيرٌ من اليد السفلى))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((يا ابن آدمَ، إنَّك أن تَبْذُلَ الفضلَ خيرٌ لك، وأنْ تمسكَه شرٌّ لك))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((واتقوا الشُّحَّ؛ فإنَّ الشحَّ أهلك مَن كان قبلَكم، وحملَهم على أنْ سفكوا دماءَهم، واستحلُّوا محارمَهم)).

 

وإن في الأزمات المالية والانهيارات الاقتصاديَّة التي ما زالتْ تحصل يومًا بعد يوم، ويفلس بسببها كثيرٌ من الأثرياء، إنَّ فيها لعبرة لنا بألاَّ نغترَّ بمالٍ ولا نثق بما في أيدينا؛ فكم من تاجرٍ باتَ رافعًا رأْسَه، شامخًا بأنْفه، مُعتزًّا بثروته، لا ينظر بعين التواضُع للكبراء، فضْلاً عن الفقراء، فأتى الله بنيان تجارته من القواعد، فخَرَّ سقفُها، وتهاوى عرشُها، فأصبح مَدينًا بعد أن كان دائنًا، وعاش الخوف بعد أن كان آمنًا، وسار في الحضيض خافضًا رأْسَه متطامنًا!

 

ألا فاتقوا الله واستدركوا ما فات، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، وأكْثروا من الصدقات والهبات، واحذروا أن تكونوا ممن يمنعون ما لله عليهم في المال من حقٍّ، ثم يطيعون الشيطان فيما يأمرهم به من تبديده فيما لا يرضيه - سبحانه - من إقامة حفلات التفاخُر وولائم التكاثُر، أو إحراقه في المفرقعات والألعاب الناريَّة، أو المبالغة في شراء الملابس والحُلي والحلويات، وتحروا أصحاب الحاجات ممن منعهم الحياء عن السؤال، ممن قال فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس المسكين الذي تردُّه اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غِنًى يُغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس)).


اطلبوا أولئك ودلوا عليهم، وأوصلوا الخير إليهم؛ فـ(الدال على الخير كفاعله)، وقد قال أجود الناس - عليه الصلاة والسلام -: ((ابْغُوني ضعفاءَكم؛ فإنَّما تُرزقون وتُنْصرون بضعفائكم)).

 

اللهم بارك لكلِّ مَن زكَّى مالَه، وأعطِ كلَّ منفقٍ خلفًا، اللهم أخلف لكلِّ مَن تصدَّق بخير مما بذلَ وأعْظِمْ له الأجر، وضَاعِفْ مثوبته.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العيدُ.. بين الابتسام والآلام
  • فرح العيد عبادة
  • رؤى العيد في قَوَافِي الشُّعراء
  • السلوكيات المرفوضة في العيدين
  • مظاهر العيد عندنا
  • سنن العيد
  • العيد: لُحمة ورحمة
  • العيد بين التدبير والتبذير
  • وقفات مع العيد
  • العيد اجتماع وفرحة
  • العيد رمز القوة والاستعلاء
  • العيد يوم الزينة والبسمة
  • العيد ماذا يعني؟
  • وأقبل يوم المسرات
  • من خصائص العيد
  • ليكن عيدنا أقرب إلى حسن التدبير منه إلى قبح التبذير!!
  • وقفات .. وتأملات
  • معنى العيد
  • الفائزون في العيد
  • التهنئة بالعيد وبمواسم الخيرات في الدين والدنيا
  • استحباب التهنئة بالعيد

مختارات من الشبكة

  • لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في رمضان تسعد النفوس وتفرح الأرواح (بطاقة)(كتاب - ملفات خاصة)
  • تلاوة خاشعة مجوّدة تشرح الصدر وتفرح القلب للشيخ عبدالباسط عبدالصمد لما تيسر من سورة القمر والرحمن(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • كل المشاعر الطيبة تفرحها ( بطاقة دعوية )(كتاب - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تعدد النيات الصالحة في العمل الواحد(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • لا تفرح كهؤلاء فتشقي.. إن الله لا يحب الفرحين!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أمي ورمضان وأنا(مقالة - ملفات خاصة)
  • يا ليتني بكيت(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التهنئة بالعيد يوم العيد (بعد الفجر وبعد صلاة العيد لا قبل يوم العيد)(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • من رأى وحده هلال رمضان ورد قوله أو رأى وحده هلال شوال وجب عليه الصيام(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- حرق المصحف
gamal - egypt 12-09-2010 06:37 PM

أعلم أن ما أقوله ليس له علاقة بالموضوع
قد أوردت إذاعة روسيا اليوم تم حرق المصحف فى امريكا يوم11/9 واود ذكر شئ عن ذلك وتعليقي على ذلك

كلامى بإختصار شديد:-(دور المسلمين فى تلك القضية)
1-قال تعالى : {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}

وذلك يعنى ا- عدم سباب غير المسلمين وبالتالى عدم قتالهم وذلك بتلك الشروط
ا-أن يكون فى مناقشه هادفة قال تعالى وجادلهم بالتى هى احسن
ب-أن يكون جاهلين بالدين الأسلامى قال تعالى بغير علم
ج--ألا يبدء المسلمين بالعدوان سواء بالقول أو الفعل الأ فى حاله التخوف من الغدر مع
توفر شروط الايقان بذلك الغدر قال تعالى (ولا تعتدوا) - وان خفت من قوم على خيانه فانبذ
اليهم على سواء
2- قال تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}
قال تعالى:{ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
وذلك يعنى ا-الذين يسخرون من الله وأياته ورسوله لا يقبل منهم الإعتذاء واذا كان هناك خطأ ولم
ولم يقبل فيه الإعتذار يعنى ذلك ان هناك عقاب وان لم يحدد وسيلته
ب-فى عصر الإسلام الأول كان هناك شاعر يذكر عيوب من يهاجم الرسول وكان الرسول يشجعه على
ذلك
ج- فى عصر الإسلام الأول كان كل من يهاجم الرسول بلسانه أو بيده كان هناك من المسلمين
من يقتله او يحاول قتله وكان الرسول يشجعه على ذلك
وان ما يحدث اليوم يعتبر اعتداء وعلى كل مسلم يقاومه الاعتداء
سواء بالقلم أو باللسان او باليد ويقتل كل من يهاجم الله وآياته ورسوله
قال الرسول كل منكم على ثغر من ثغور الإسلام فإياكم أن يؤتى الإسلام من قبله
سبحانك اللهم وبحمدك نستغفرك ونتوب إليك والله أعلى واعلم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب