• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: الرشد أعظم مطلب
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    السنة في حياة الأمة (1)
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    خطبة: عاشوراء
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    تفسير: (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الدرس التاسع والعشرون فضل ذكر الله
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها ووجوب قص الشارب
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    وبشر الصابرين..
    إلهام الحازمي
  •  
    أشنع جريمة في التاريخ كله
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تحريم الاستعاذة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    البخل سبب في قطع البركة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    قصة المنسلخ من آيات الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    نعمة الأولاد (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    خطبة (المسيخ الدجال)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    وقفات تربوية مع سورة العاديات
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    من أسباب الثراء الخفية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    قبسات من علوم القرآن (1)
    قاسم عاشور
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

وبدأ العام الدراسي (خطبة)

وبدأ العام الدراسي (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/8/2023 ميلادي - 4/2/1445 هجري

الزيارات: 5756

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وبدأ العام الدراسي

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَبعدَ عُطلَةٍ وَإِجَازَةٍ، يَستَقبِلُ الأَبنَاءُ عَامًا دِرَاسِيًّا جَدِيدًا، يَتَوَجَّهُونَ فِيهِ بَعدَ غَدٍ إِلى مَدَارِسِهِم، وَيَقصِدُونَ مَعَاهِدَهُم وَجَامِعَاتِهِم، وَيَنتَظِمُونَ في فُصُولِ الدِّرَاسَةِ وَقَاعَاتِ التَّعَلُّمِ، وَيَجتَمِعُونَ في مُؤَسَّسَاتٍ تَعلِيمِيَّةٍ تَربَوِيَّةٍ، وَيَتَلَقَّونَ مِن ثُلَّةٍ مِنَ التَّربَوِيِّينَ وَالمُعَلِّمِينَ، فَوَا حُسنَ حَظِّ مَن كَمُلَت لَهُ الوَسَائِلُ المُعِينَةُ وَمُهِّدَ لَهُ الطَّرِيقُ المُوصِلُ، فَرُزِقَ بِمُعَلِّمِينَ مُخلِصِينَ، وَصَاحَبَ زُمَلاءَ نَاجِحِينَ، وَآتَاهُ اللهُ عَقلًا يُمَيِّزُ بِهِ النَّافِعَ مِنَ الضَّارِّ، وَفِكرًا يُوَجِّهُهُ إِلى الأَصوَبِ وَالأَصلَحِ، وَاتَّجَهَ إِلى مَقصِدِهِ بِجِدٍّ وَاجتِهَادٍ، وَجَعَلَ غَايَتَهُ العُليَا وَهَدَفَهُ الأَسمَى نُصبَ عَينَيهِ، وَلم تَشغَلْهُ بُنَيَّاتُ الطَّرِيقِ عَمَّا هُوَ بِصَدَدِهِ، وَيَا لَسُوءِ مَا سَيُواجِهُهُ وَيَلقَاهُ مَن لم يَحظَ بِاكتِمَالِ رَكَائِزِ التَّعلِيمِ وَالتَّربِيَةِ في بِيئَتِهِ، فَكَانَت وِجهَتُهُ مَدرَسَةً أَو جَامِعَةً ضَعِيفَةَ النِّظَامِ، غَيرَ وَاضِحَةِ الأَهدَافِ وَلا دَقِيقَةَ الغَايَةِ، لا تَقَيُّدَ فِيهَا بِأَدَبِ تَعَلُّمٍ، وَلا حِفظَ لِوَقتِ مُتَعَلِّمٍ، وَلا نِيَّةَ صَالِحَةَ لاستِصلاحِ نَشءٍ وَلا تَربِيَةَ جَادَّةً!

 

إِنَّ العِلمَ نُورٌ لِلقُلُوبِ، وَضِيَاءٌ في الدُّرُوبِ، وَتَقوِيمٌ لِلأَخلاقِ، وَزَرعٌ لِلقِيَمِ وَالآدَابِ، وَضَبطٌ لِلسُّلُوكِ وَالمُمَارَسَاتِ، مَتى حَظِيَ بِهِ مُجتَمَعٌ وَنَالَ مِنهُ الحَظَّ الكَافيَ، فَقَد حَصَّل خَيرًا كَثِيرًا، وَرَبِحَ رِبحًا عَظِيمًا، وَانتَفَعَ وَارتَفَعَ، وَلَو لم يَكُنْ مُستَوَاهُ المَاليُّ وَالمَادِّيُّ عَالِيًا، وَمَتى فَقَدَهُ مُجتَمَعٌ وَلم يَنَلْ مِنهُ حَظَّهُ، فَتَرَاجَعَ المُعَلِّمُ وَانصَرَفَ الطَّالِبُ، وَضَعُفَتِ المُؤَسَّسَةُ التَّعلِيمِيَّةُ وَضَلَّت طَرِيقَهَا، فَقَد دَاخَلَتِ المُجتَمَعَ حِينَئِذٍ شُرُورٌ كَثِيرَةٌ، وَخَسِرَ وَانحَدَرَ، وَارتَكَسَ في الحَظِيظِ وَانتَكَسَ، وَلَو كَانَت مُقَوِّمَاتُ الحَيَاةِ الكَرِيمَةِ قَائِمَةً بَينَ يَدَيهِ وَالخَيرَاتُ مُنصَبَّةً عَلَيهِ.

 

طَلَبُ العِلمِ عِبَادَةٌ، وَتَعلِيمُهُ عِبَادَةٌ، وَحِفظُهُ وَمُرَاجَعَتُهُ عِبَادَةٌ، وَالتَّضَلُّعُ مِنهُ رِفعَةٌ في الدَّرَجَاتِ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "فَضلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضلِي عَلَى أَدنَاكُم"، وَقَالَ: "إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَهلَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ حَتَّى النَّملَةُ في جُحرِهَا وَحَتَّى الحُوتُ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيرَ"؛ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلتَمِسُ فِيهِ عِلمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلى الجَنَّةِ، وَمَا اجتَمَعَ قَومٌ في بَيتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ يَتلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَينَهُم، إِلاَّ نَزَلَت عَلَيهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتهُمُ الرَّحمَةُ، وَحَفَّتهُمُ المَلائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَن عِندَهُ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "الدُّنيَا مَلعُونَةٌ مَلعُونٌ مَا فِيهَا، إِلاَّ ذِكرَ اللهِ وَمَا وَالاهُ، وَعَالِمًا أَو مُتَعَلِّمًا"؛ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَيُّهَا الإِخوَةُ، إِنَّ مِنَ الحَقَائِقِ الَّتي يَجِبُ أَن نَعِيَهَا، أَنَّ المَدَارِسَ وَالجَامِعَاتِ في زَمَانِنَا هَذَا، لَيسَت هِيَ وَحدَهَا الَّتي تُرَبِّي وَتُعَلِّمُ وَتُوَجِّهُ، بَل لَقَد تَعَدَّدَتِ الأَبوَابُ الَّتي يَتَلَقَّى مِنهَا النَّاسُ، وَتَنَوَّعَتِ الطُّرُقُ الَّتي يُمكِنُ أَن يُؤَثَّرَ فِيهِم بِهَا، وَكَثُرَتِ الوَسَائِلُ الَّتي بِهَا تُغَيَّرُ أَفكَارُ النَّاسِ وَتُعَادُ صِيَاغَةُ عُقُولِهِم، وَقَد يَستَغرِبُ بَعضُنَا إِذَا قِيلَ لَهُ إِنَّ مِنهَا بَل مِن أَخطَرِهَا عَلَى ضَعفِهِ وَنُعُومَتِهِ، تِلكُمُ الأَجهِزَةَ الَّتي بَينَ أَيدِي النَّاسِ وَيَحمِلُونَهَا مَعَهُم لَيلًا وَنَهَارًا، وَيَتَعَامَلُونَ مَعَهَا سِرًّا وَجِهَارًا، وَيَسِيحُونَ مِن خِلالِهَا في عَالَمٍ مُختَلِفِ الدِّيَانَاتِ مُتَنَوِّعِ الثَّقَافَاتِ، مُضطَرِبِ الأَحوَالِ مُنحَدِرِ الأَخلاقِ، وَقَد يَرَونَ فِيهَا وَيُشَاهِدُونَ بَل وَيَتَفَاعَلُونَ، مَعَ مَا يَصطَدِمُ بِمَا تَعَلَّمُوهُ في مَسَاجِدِهِم وَسَمِعُوهُ مِن خُطَبَائِهِم وَعُلَمَائِهِم، وَيَنقُضُ مَا دَرَسُوهُ في مَدَارِسِهِم وَتَلَقَّوهُ مِن مُعَلِّمِيهِم، وَمِن ثَمَّ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الجَمِيعِ التَّعَاوُنُ في صِيَاغَةِ النَّشءِ صِيَاغَةً تَتَّفِقُ وَمَا جَاءَ في كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَيُحَافَظُ بِهَا عَلَى مَا تَلَقَّتهُ الأَجيَالُ عَلَى مَرِّ قُرُونِ الإِسلامِ مِن حَسَنِ الأَخلاقِ وَكَرِيمِ الفِعَالِ وَحَمِيدِ الخِصَالِ، وَهَذِهِ الصِّيَاغَةُ أَوِ التَّربِيَةُ، لَيسَت بِتَوفِيرِ المَلابِسِ وَالمَأكَلِ وَالمَشرَبِ وَبَعضِ الأَدوَاتِ، وَلا بَإِكمَالِ وَسَائِلِ الرَّاحَةِ وَتَوسِيعِ الإِنفَاقِ، وَلَكِنَّهَا مَنهَجُ حَيَاةٍ مُستَمِرَّةٍ، فِيهَا المَرئِيُّ وَالمَسمُوعُ، وَفِيهَا النَّظَرِيُّ وَالعَمَلِيُّ، وَفِيهَا القُدوَةُ الصَّالِحَةُ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ، وَفِيهَا التَّعَاوُنُ عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى وَالتَّنَاصُحُ، وَالتَّنَاهِي عَنِ الإِثمِ وَالعُدوَانِ وَالعِصيَانِ، يَمتَثِلُ فِيهَا كُلُّ مُسلِمٍ قَولَ اللهِ تَعَالى في سُورَةِ العَصرِ الَّتي أَظهَرَت لِمَن يُرِيدُ الفَلاحَ طَرِيقَهُ وَبَيَّنَت لَهُ مَنهَجَهُ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].

 

أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ هَذَا هُوَ مَنهَجُ الفَلاحِ وَالنَّجَاةِ لِمَن وَفَّقَهُ اللهُ وَأَرَادَ بِهِ خَيرًا، يَبدَأُ الإِنسَانِ بِنَفسِهِ، بِالإِيمَانِ بِرَبِّهِ، وَالتَّزَوُّدِ مِن العَمَلِ الصَّالِحِ، ثم يَقُومُ بِحَقِّ غَيرِهِ عَلَيهِ، بِالأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالاتِّصَافِ بِهِ، وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ وَتَجَنُّبِهِ، وَالصَّبرِ وَالثَّبَاتِ عَلَى طَرِيقِ الحَقِّ حَتى المَمَاتِ، وَإِلاَّ فَمَا قِيمَةُ العِلمِ إِنْ لم يُعمَلْ بِهِ وَيُجعَلْ وَاقِعَ حَيَاةٍ؟! ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3].

 

إِنَّهَا مُعَانَاةُ المُجَتَمَعَاتِ اليَومِ، وَالاختِبَارُ الصَّعبُ الَّذِي لم يَنجَحْ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَعَ انتِشَارِ العِلمِ وَاتِّسَاعِ الثَّقَافَةِ، وَسُهُولَةِ تَحصِيلِ المَعلُومَةِ وَتَيَسُّرِ سُبُلِ التَّعَلُّمِ وَالتَّدرِيبِ، إِلاَّ أَنَّ النَّاسَ مَا زَالُوا بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ إِلى أَن يُتبِعُوا العِلمَ بِالعَمَلِ الصَّالِحِ، وَأَن يُحَوِّلُوا الثَّقَافَةَ مِنِ اتِّسَاعِ المَعلُومَاتِ إِلى سَعَةٍ في الأُفُقِ وَبُعدِ نَظَرٍ في مَآلاتِ الأُمُورِ، فَاللهَ اللهَ بِالتَّعَاوُنِ أَيُّهَا المُوَفَّقُونَ، وَلْيَجعَلْ كُلُّ فَردٍ مِنَّا نَفسَهُ مَسؤُولًا وَمُعَلِّمًا لِلخَيرِ وَمُوَجِّهًا إِلى كُلِّ بِرٍّ، وَلْيُعلَمْ أَنَّ النَّافِعَ وَالمَحمُودَ وَالمَرغُوبَ فِيهِ مِنَ المَعَارِفِ وَالأَخلاقِ، كَمَا يَنتَشِرُ بِالتَّلقِينِ وَالتَّعلِيمِ عَلَى كَرَاسِيِّ المَدَارِسِ وَمَقَاعِدِ الجَامِعَاتِ، فَهُوَ لا يَتَرَسَّخُ وَلا يَمتَدُّ وَلا يُبَارَكُ فِيهِ، إِلاَّ بِالقُدوَةِ الحَسَنَةِ وَالفِعَالِ الصَّادِقَةِ، وَالسَّيرِ عَلَى مَبَادِئَ وَاضِحَةٍ في التَّعَبُّدِ وَالتَّعَامُلِ وَالأَخذِ وَالعَطَاءِ، وَالحَذَرِ مِنَ الانزِلاقِ في مُنحَدَرَاتِ هُوَى النُّفُوسِ، وَمُنزَلَقَاتِ هَذَا العَصرِ الَّتي أَجلَبَ بِهَا الشَّيطَانُ وَأَعوَانُهُ عَلَى النَّاسِ، فَشَغَلُوهُم بِالتَّافِهِ وَالسَّاقِطِ، وَأَبعَدُوهُم عَنِ المَعَالي وَمَا يَرفَعُهُم وَيَنفَعُهُم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 20 - 25].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَاشكُرُوهُ وَاذكُرُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ ﴾ [البقرة: 223].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مِنَ المُؤسِفِ المُوجِعِ أَن تَكُونَ إِجَازَةُ الأَبنَاءِ مِنَ الدِّرَاسَةِ فُرصَةً لِلخُمُولِ وَالكَسَلِ وَانقِلابِ مَوَازِينِ النَّومِ، وَمُصَادَمَةِ الفِطرَةِ بِجَعلِ اللَّيلِ نَهَارًا وَالنَّهَارِ لَيلًا، ثم لا تَتَغَيَّرَ الحَيَاةُ في أَكثَرِ البُيُوتِ إِلاَّ مَعَ بِدَايَةِ الدِّرَاسَةِ؛ إِذْ يُعلَنُ أَنَّ وَقتَ اللَّعِبِ وَالهَزلِ وَالخُمُولِ قَد وَلَّى، وَأَنَّ مَوسِمَ الجِدِّ وَالنَّشَاطِ قَد جَاءَ وَأَتى، وَيَظهَرُ الاهتِمَامُ وَتَشتَدُّ العِنَايَةُ، وَتَبذُلُ الأُسَرُ جُهُودًا لِتَنظِيمِ وَقتِ النَّومِ وَالاستِيقَاظِ، وَتَسعَى في ضَبطِ ذَلِكَ سَعيًا حَثِيثًا، لَو أُعطِيَتِ الصَّلَوَاتُ جُزءًا مِنهُ لأَصبَحَ الأَبنَاءُ مِن أَهلِ المَسَاجِدِ وَلأَفلَحُوا، وَهَذَا مِمَّا يُؤَكِّدُ لِلمُتَأَمِّلِ أَنَّ النَّاسَ يُحِبُّونَ العَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُم يَومًا ثَقِيلًا.

 

نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ الاهتِمَامَ بِضَبطِ الوَقتِ لِطَلَبِ الرِّزقِ أَو تَعَلُّمِ العِلمِ، أَو لِلتَّقَدُّمِ فِيمَا يُصلِحُ الشَّأنَ الدُّنيَوِيَّ الضَّرُورِيَّ أَوِ المُبَاحَ، إِنَّ ذَاكَ لأَمرٌ حَسَنٌ وَلا لَومَ عَلَى أَحَدٍ فِيهِ، وَلَكِنْ أَينَ الاهتِمَامُ بِمَا يُعِينُ النُّفُوسَ عَلَى القِيَامِ بِحُقُوقِ اللهِ؟! وَأَينَ تَربِيَةُ النَّشءِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ؟! أَينَ هَذِهِ الهِمَّةُ وَذَاكَ الحِرصُ مَعَ الأَبنَاءِ في أَمرِهِم بِالصَّلَوَاتِ وَحِفظِهِم مِنَ الشَّهَوَاتِ؟! أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَكَمَا نَحرِصُ عَلَى التِحَاقِ أَبنَائِنَا بِالمَدَارِسِ وَيُهِمُّنَا انتِظَامُهُم فِيهَا، فَعَلَينَا أَن نَحرِصَ عَلَى انتِظَامِهِم في الصَّلَوَاتِ وَحُضُورِ الجَمَاعَاتِ، وَفي نَومِهِم وَيَقَظَتِهِم وَطَاعَتِهِم لِرَبِّهِم، ثم عَلَينَا أَلاَّ نَنسَى مَا يَتَوَفَّرُ في عَدَدٍ مِنَ المَسَاجِدِ حَولَنَا وَغَيرَ بَعِيدٍ عَنَّا، مِن حَلَقَاتٍ لِتَحفِيظِ القُرآنِ وَتَحسِينِ تِلاوَتِهِ وَتَجوِيدِهِ، فَهِيَ حَلَقَاتٌ مُبَارَكَةٌ، يُدَرِّسُ فِيهَا مُعَلِّمُونَ مِن قِبَلِ جَمعِيَّاتٍ رَسمِيَّةٍ مَدعُومَةٍ مِن قِبَلِ وُلاةِ الأَمرِ وَأَهلِ الخَيرِ، وَمَجَالِسُ القُرآنِ وَحَلَقَاتُهُ كُلُّهَا خَيرٌ وَبَرَكَةٌ، وَفِيهَا تُحفَظُ أَوقَاتُ الأَبنَاءِ وَقُلُوبُهُم وَأَفكَارُهُم، وَنَحنُ مَسؤُولُونَ عَن رِعَايَةِ مَن تَحتَ أَيدِينَا، فَإِذَا رَبَطنَاهُم بِالقُرآنِ، عَلَّمَهُمُ القُرآنُ كُلَّ خَيرٍ وَنَهَاهُم عَن كُلِّ شَرٍّ، وَكَانَ ذَلِكَ بَابًا مِن أَعظَمِ أَبوَابِ حِفظِ أَمَانَاتِنَا وَعَدَمِ تَضيِيعِهَا، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا استَرعَاهُ حَفِظَ ذَلِكَ أَم ضَيَّعَهُ، حَتى يَسأَلَ الرَّجُلَ عَن أَهلِ بَيتِهِ"؛ رَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ وَغَيرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وبدأ العام الدراسي الجديد (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • بدأ الإبحار في عرض المحيط وبدأ الربان يشعر بالأمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وبدأ رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تفسير: ( الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • وبدأ دوري كرة القدم!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حول قوله تعالى: {وبدأ خلق الإنسان من طين}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من خواطر معلم لغة عربية في الفصل الدراسي الآخر من العام الدراسي 2017 / 2018م(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من خواطر معلم لغة عربية في الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي 2017 / 2018م(كتاب - حضارة الكلمة)
  • خطبة: العام الدراسي ليكون عام نجاح(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/1/1447هـ - الساعة: 11:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب