• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

دعوة لاستقبال شهر رمضان بقلوب سليمة (خطبة)

دعوة لاستقبال شهر رمضان بقلوب سليمة (خطبة)
د. محمد جمعة الحلبوسي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/3/2022 ميلادي - 23/8/1443 هجري

الزيارات: 21975

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دعوةٌ لاستقبال شهر رمضان بقلوب سليمة


الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، أحمده سبحانه وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

في ذات يوم قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه الكرام: ((أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ كَأَبِي ضَمْضَمٍ))، فالصحابة (رضى الله عنهم) تعجبوا وتساءلوا من هو أبو ضمضم؟ وما قصته؟ ولماذا نبينا (صلى الله عليه وسلم) يحثنا على أن نكون كهذا الرجل؟ أتدرون ما قصته؟ أبو ضمضم كان فقيرًا، بعضهم قالوا أنه من الصحابة (رضى الله عنهم)، وبعضهم قالوا هو رجلٌ منَ السَّابقينَ في الأمَمِ السَّابِقةِ، فكَانَ أبو ضمضم إِذَا أَصْبَحَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا مَالَ لِي أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى النَّاسِ، اللهم إني أتصدق إليك بصدقة فاقبلها: اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ عَلَيْهِمْ بِعِرْضِي، اللهم كل من ظلمني، أو سبني أو شتمني، أو اغتابني من المسلمين فاجعلهم في عافية وفي حل وفي عفو، فكان َلَا يَشْتُمُ مَنْ شَتَمَهُ، وَلَا يَظْلِمُ مَنْ ظَلَمَهُ، وَلَا يَضْرِبُ مَنْ ضَرَبَهُ"[1].


يا لها من صدقة فريدة! صاحبها فقير، لكنه مخموم القلب[2]، لذلك قال ابن القيم (رحمه الله) عن موقف أبي ضمضم: "وَفِي هَذَا الْجُودِ مِنْ سَلَامَةِ الصَّدْرِ، وَرَاحَةِ الْقَلْبِ، وَالتَّخَلُّصِ مِنْ مُعَادَاةِ الْخَلْقِ مَا فِيهِ"[3].


هذا هو أَبُو ضَمْضَمٍ، وهذه هي أخلاقه، فنبينا أراد من خلال أخلاق أبي ضمضم أن يقول: اجعلوا صدوركم سليمة وقلوبكم نقية بيضاء كقلب أبي ضمضم لا يعـرف الحقد والكراهية والشحناء والانتقام، واجعلوا نصب أعينكم قوله تعالى: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 22].


فأين من يلبي دعوة النبي (صلى الله عليه وسلم) ويتخلق بأخلاق أبي ضمضم؟! أين من يقول: اللهم إني سامحت كل من ظلمني، أو سبني أو شتمني، أو اغتابني من المسلمين؟


هذا سيدنا إبراهيم بن أدهم (رحمه الله) رجل من كبار الصالحين، في ذات يوم مرَّ في طريق، وإذا برجل (يهودي) ومعه كلب، فأراد هذا اليهودي أن يستفزَّ سيدنا إبراهيم فقال له: يا إبراهيم، ألحيتك أطهر من ذنب الكلب، أم ذنب الكلب أطهر من لحيتك؟!


فماذا تتوقعون من سيدنا إبراهيم أن يفعل؟ يُهان وبهذه الطريقة، وأمام أصحابه، يقارن لحيته الطاهرة بذنب الكلب أجلكم الله، ماذا تتخيلون أن يفعل عالم كإبراهيم بن أدهم (رحمه الله) في مثل هذا اليهودي الذي يعتبر من الأقليات في تلك البلاد المسلمة؟


تعال إلى من تربى على أخلاق سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) لنرى ماذا كان رده؟ وكيف قابل هذه الإساءة؟


لم يشتمه أو يزجره أو حتى على الأقل أن يأخذ جزءًا من حقه، بل رد عليه بكل حِلْمٍ، وأَنَاةٍ، قال سيدنا إبراهيم (رحمه الله) بكل هدوء: إن نجت لحيتي من النار، فهي أكرم وأطهر من ذنب كلبك، وإن لم تنجُ لحيتي من النار فذنب كلبك أكرم وأطهر منها، يا ألله يا لها من إجابة، ويا لها من حكمة!


فلما سمع اليهودي هذا الجواب الحليم من المؤمن الكريم، قال: والله إن هذه الأخلاق لهي أخلاق النبوة، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 34، 35].


قال ابن عباس (رضي الله عنهما) عن تفسير هذه الآية: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾، قال: أَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّبْرِ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَالْحِلْمِ وَالْعَفْوِ عِنْدَ الْإِسَاءَةِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمَهُمُ اللَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَخَضَعَ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ، كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ[4]، وقال آخرون: معنى ذلك: ادفع بالسلام على من أساء إليك إساءته[5].


قال تعالى وهو يتحدث لنا عن صفات المتقين الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون، والذين أعد لهم سبحانه وتعالى جنته: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134].


ومعنى ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ﴾: كظم الغيظ: يعني حبسه وكتمه مع القدرة على إمضائه، فإذا اعتدى عليك إنسان فسبَّك وشتمك، فأنت عليك أن تقابله بالسكوت فلا ترد عليه، ﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾، يعني تقول له سامحك الله، عفا الله عنك، وتنسى هذا الاعتداء، وهذه الإساءة وتعتبرها كأن لم تكن، ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾: الإِحسان: أَن تحسن إلى من أساءَ إليك، يعني تأخذ له هدية وتذهب إليه وتقول له كما قالها الصالحون من قبل: يا أخي إن كنتُ قد أخطأت في حقك فأسال الله أن يغفر لي، وإن كنتَ أنت أخطأت معي فقد سامحتك، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَفِّذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الخَلاَئِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ الحُورِ شَاءَ ))[6].


حُكيَ أنَّ جارية كانت تصبُّ الماء لعلي بن الحسين (رضى الله عنه)، فسقط الإبريق من يدها على وجهه فشجَّه، أي: جرحه، فرفع رأسه إليها، فقالت له: إنَّ الله يقول: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ﴾، فقال لها: قد كظمت غيظي، قالت: ﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾، قال لها: قد عفوت عنك، قالت: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾، قال: اذهبي فأنت حرَّة لوجه الله[7].


هذا سيدنا الحسن البصري (رحمه الله) جاءه رجل، فقال له: "إن فلانًا قد اغتابك"، فبعث إليه سيدنا الحسن طبقًا من الرطب، وقال: "بلغني أنك أهديتَ إليَّ حسناتِك، فأردتُ أن أكافئك عليها، فاعذرني، فإني لا أقدر أن أكافئك بها على التمام"[8].


هكذا كان مجتمع سلفنا الصالح، مجتمع الصفاء والإخاء والطهارة والنقاء، مجتمع تسوده الرحمة والألفة والمحبة، مجتمع يحب بعضه بعضًا، ويفدي بعضه بعضًا، مجتمع ترك الدنيا وزينتها، وطلب ما عند الله تعالى، مجتمع يحب لله، ويبغض لله، قال الله عنهم: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 29].


هذا سفيان بن دينار الكوفي وهو من كبار التابعين (رضى الله عنه) في ذات يوم قال لأبي بشير وكان من أصحاب سيدنا علي (رضى الله عنه): (أَخْبِرْنِي عَنْ أَعْمَالِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا؟)، قال: (كَانُوا يَعْمَلُونَ يَسِيرًا وَيُؤْجَرُونَ كَثِيرًا)، فقال: ولِمَ ذاك؟ قال: ( لِسَلَامَةِ صُدُورِهِمْ)[9].


وهذا زيد بن أسلم (رضى الله عنه) دخل على أبي دُجَانَةَ (رضى الله عنه) وَهُوَ مَرِيْضٌ وَكَانَ وَجْهُهُ يَتَهَلَّلَ، فَقِيْلَ لَهُ: مَا لِوَجْهِكَ يَتَهَلَّلُ؟ فَقَالَ: مَا مِنْ عَمَلِ شَيْءٍ أَوْثَقُ عِنْدِي مِنِ اثْنَتَيْنِ: كُنْتُ لاَ أَتَكَلَّمُ فِيْمَا لاَ يَعْنِيْنِي وَالأُخْرَى فَكَانَ قلبي للمسلمين سليمًا[10].


الله أكبر يا لها من صدور طاهرة صافية نقية لا تحمل حقدًا، ولا تعرف حسدًا.

 

وكيف تعرف الحقد والبغضاء والحسد وهم تلاميذ سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي كان يتحمل إساءة المسيئين، ليس هذا فحسب بل كان يعفو ويصفح، وهذا ما وصفته به أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) حين سُئِلَتْ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَتْ: ((لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا وَلاَ صَخَّابًا فِي الأَسْوَاقِ، وَلاَ يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ))[11].

 

فاجعلوا أيها الناس وصية نبيكم (صلى الله عليه وسلم) نصب أعينكم وترجمـوها في واقع حياتكم حين قال لعُقْبَة بن عَامِرٍ (رضى الله عنه): (( يَا عُقْبَةُ بْنَ عَامِرٍ، صِلْ مَنْ قَطَعَكَ، وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ، وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ))[12].

 

اللهم نسألك أنْ تطهِّرَ قلوبنا مِن الغِلِّ والحقد والحسد، وأن تجعل قلوبنا تقية نقية سليمة، وممن يأتيك يوم القيامة بقلب سليم، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ.


الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:

قال الشَّعْبِي (رحمه الله): لَمَّا أنْزَلَ اللَّهُ ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]، قالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): ما هَذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: لا أدْرِي حَتّى أسْألَ العالِمَ، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقالَ: إنَّ اللَّهَ أمَرَكَ أنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ، وتُعْطِيَ مَن حَرَمَكَ، وتَصِلَ مَن قَطَعَكَ [13].


أنا من خلال هذه المواقف أدعوكم إلى العفو والتسامح فيما بينكم وخاصة ونحن على أبواب شهر رمضان المبارك، فشهر رمضان فرصة لكل عاص أو متخاصم أن يبادر بالعفو والصفح، فهو شهر التسامح والغفران والحب والرحمة، والجود والكرم والبذل فى سبيل مرضاة الخالق، فالله سبحانه وتعالى أمرنا بالصيام ليس فقط للامتناع عن الأكل والشرب، بل لغرس الفضائل وتعويد الناس عليها، فالمسلم فى رمضان يجب أن يتحلى بالأخلاق الكريمة ويعفو ويبدأ هو بالتسامح، حتى وإن أخطأ فى حقه أحد وسوف يجازيه الله حسنًا على ذلك.

 

فما أجملها حين نبدأ جميعًا شهر رمضان بصفحة جديدة بيضاء خالية من الحقد والبغضاء، والتجاوز عن أخطاء البعض وزلاتهم مع التماس الأعذار لهم، حتى يغسل رمضان ما فى قلوبنا من غضب وبغضاء للآخرين.

 

فهذه دعوةٌ لكي نستقبل رمضان والقلوب سليمة نقية، لا شِرْك فيها ولا حقد ولا حسد ولا عداوة ولا خصومة، ولا أية آفةٍ من آفات القلوب ومفسداتها، دعوة للتسامح والتصالح بين الأهل والأشقاء والأصدقاء والجيران، وبين الزوجين وإعلان التسامح بين الآباء والأمهات، وجميع أفراد الأسرة والمجتمع، فذلكم أفضل استقبال واحتفاء بهذا الشهر الكريم، وأنا أجزم أن من استقبل هذا الشهر الكريم بقلب سليم، فإنه سيجد شعورًا وأثرًا لم يجده في حياته قبل ذلك قط.

 

أسأل الله العلي العظيم أن يرزقنا سلامة القلوب، وأن يوفقنا إلى طاعة علام الغيوب، وأن يبلغنا رمضان ونحن بأحسن حال.



[1] ينظر: مكارم الأخلاق، للطبراني: (ص: 330)، وعمل اليوم والليلة لابن السني: (ص: 60)، وأسد الغابة في معرفة الصحابة، لابن الأثير: (6/ 174)، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر: (7/ 191)، ومدارج السالكين، لابن القيم: (2/ 281). وقال العراقي: رواه البزار وابن السني في اليوم والليلة والعقيلي في الضعفاء من حديث أنس بسند ضعيف.

[2] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ»، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ، نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: «هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ» ابن ماجه (4216). في الزوائد هذا إسناده صحيح. رجاله ثقات.

[3] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين لابن القيم: (2/ 281).

[4] الطبري ، جامع البيان: (21/ 471).

[5] الطبري ، جامع البيان: (21/ 471).

[6] سنن الترمذي، أَبْوَابُ البِرِّ وَالصِّلَةِ - بَابٌ فِي كَظْمِ الغَيْظِ (3/ 440)، برقم (2021)، قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

[7] تاريخ دمشق لابن عساكر: (41/ 387).

[8] إحياء علوم الدين للغزالي: (3/ 154).

[9] الزهد لهناد بن السري: (2/ 600).

[10] سير أعلام النبلاء للذهبي:(3/ 152).

[11] سنن الترمذي، أَبْوَابُ البِرِّ وَالصِّلَةِ - بَابُ مَا جَاءَ فِي خُلُقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (3/ 437)، برقم (2016)، وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

[12] أخرجه أحمد في مسنده: (28/ 654)، برقم (17452)، وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن.

[13] الدر المنثور في التفسير بالمأثور، للسيوطي: (3/ 628).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • استقبال شهر رمضان المبارك
  • كوسوفو: الاتحاد الإسلامي يبدأ استعداداته لاستقبال شهر رمضان المبارك
  • استقبال شهر رمضان
  • استقبال شهر رمضان (خطبة)
  • خطبة في استقبال شهر رمضان
  • قرغيزيا: استقبال شهر رمضان في "قرغيزيا"
  • استقبال شهر رمضان
  • كندا: استعداد مسلمي كالجاري لاستقبال شهر رمضان
  • أوكرانيا: استعدادات المسلمين لاستقبال شهر رمضان
  • دروس في استقبال شهر رمضان

مختارات من الشبكة

  • أوقات وأماكن وأزمنة استجابة الدعاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نيجيريا: دعوة المسلمين لاستقبال العيد بصدقة الفطر والدعوة للسلام(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الصيام سبب لإجابة الدعاء وللصائم عند فطرة دعوة لا ترد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن الدعوة وجماعة الدعوة 21-1- 1433هـ(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • استعراض الصحف الإيطالية لشهر رمضان 2014 في إيطاليا(مقالة - ملفات خاصة)
  • شهر رمضان شهر مبارك وشهر عظيم(مقالة - ملفات خاصة)
  • من مائدة الحديث: فضل الدعوة إلى الهدى، وخطر الدعوة إلى الضلال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تطبيق مقاصد الشريعة في الدعوة إلى الله (الداعية – موضوع الدعوة – الوسائل والأساليب) أنموذجا (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • سبل الارتقاء بالبيئة الدعوية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الدعوة الإسلامية دعوة أخلاقية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب