• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

الآيات الكبرى في الإسراء والمعراج (خطبة)

الآيات الكبرى في الإسراء والمعراج (خطبة)
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/3/2022 ميلادي - 1/8/1443 هجري

الزيارات: 76036

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الآيات الكبرى في الإسراء والمعراج

 

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى الأفق الأعلى إلى سدرة المنتهى، مخترقًا أجواء الفضاء العلى، حتى كان قاب قوسين أو أدنى من عرش الله الأسمى، ليرى من آيات الله الكبرى، ويطلع على ملكوته الأعظم، وأشهد أن لا إله إلا الله الذي يعلم السر وأخفى، وأحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا، وأنعم على عباده بآلاء لا تُحصى، فبأي آلاء ربك تتمارى؟ وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أفضل هذه الأمة جهادًا وفداءً، وأعظمها قدوةً واصطفاء، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين ضربوا أروع الأمثلة صفاءً ووفاءً، وطهرًا ونقاءً، والتابعين ومن تبعهم وسار على نهجهم اهتداءً واقتداءً واقتفاءً، صلاة لا تطاولها أرض أرضًا، ولا سماءٌ سماءً، وسلم تسليمًا يزيده بهجةً وبهاءً، ونورًا وضياءً، وبركةً وثناءً؛ أما بعد:

فأوصيكم - عباد الله - ونفسي بتقوى الله تبارك وتعالى، تدرَّعوا بها شدةً ورخاءً، سراء وضراء، واعمروا بها أوقاتكم صباحًا ومساء، فبها تُدْفَع المحن والبلايا، والفتن والرزايا، وبها تبوء الجنان عاقبةً وجزاءً.

 

معاشر الموحدين؛ نعيش اليوم مع بعض الآيات الكبرى التي شاهدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج؛ يقول الله سبحانه في ذلك: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1]، وقال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾ [النجم: 18].

 

قوله تعالى: ﴿ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ﴾ [الإسراء: 1]، وهذه سنة الله في الأنبياء؛ قال: ﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾ [الأنعام: 75]، وقال لموسى عليه السلام: ﴿ لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى ﴾ [طه: 23]، وقد بيَّن مقصود هذه الإراءة بقوله: ﴿ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾ [الأنعام: 75]، فبعد استناد علوم الأنبياء إلى رؤية الآيات يحصل لهم من عين اليقين ما لا يقدر قدره، وليس الخبر كالمعاينة، فيتحملون في سبيل الله ما لا يتحمل غيرهم، وتصير جميع قوات الدنيا عندهم كجناح بعوضة لا يعبؤون بها، إذا ما تدول عليهم بالمحن والعذاب[1].

 

أولًا: البُراق:

ومن الآيات الكبرى البراق؛ الذي هو من عجائب خلق الله تعالى، وقد ورد حديث البراق كاملًا في رواية أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((أُتيت بالبراق؛ وهو دابة أبيض، طويل فوق الحمار، ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، قال: فركِبتُه حتى أتيت بيت المقدس، قال: فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء، قال: ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت، فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر، وإناء من لبن، فاخترت اللبن...))[2].

 

"وكانت القدرة الربانية صالحةً لأن يصعد بنفسه من غير براق، ولكن ركوب البراق كان زيادة في تشريفه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لو صعد بنفسه لكان في صورة ماشٍ، والراكب أعز من الماشي وأكرم، والحكمة في الإسراء به راكبًا مع القدرة على طيِّ الأرض له، إشارة إلى أن ذلك وقع تأنيسًا له بالعادة في مقام خرق العادة؛ لأن العادة جرت بأن الملِكَ إذا استدعى من يختص به، يبعث إليه بما يركبه، وترك تسمية سير البراق طيرانًا؛ لأن الله أكرم عبده بتسهيل الطريق له، حتى قطع المسافة الطويلة في الزمن اليسير، دون أن يخرج بذلك عن اسم السفر، ولعل استصعاب البراق ركوب النبي محمد صلى الله عليه وسلم عليه شبيه رجفة الجبل يوم صعد النبي صلى الله عليه وسلم أُحُدًا، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف بهم؛ فقال: ((اثبت أُحُد، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان))، فإنها هزة الطرب لا هزة الغضب، ولا أدل على ذلك من حب أُحُدٍ نبينا صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك رجف به، فكم قال النبي صلى الله عليه وسلم عن أحد: ((هذا جبل يحبنا ونحبه!))، والله تعالى أعلم"[3].

 

وقيل: يُؤخذ من ترك تسمية سير البراق طيرانًا، أن الله إذا أكرم عبدًا بتسهيل الطريق له، حتى قطع المسافة الطويلة في الزمن اليسير، ألَّا يخرج ذلك عن اسم السفر وتجري عليه أحكامه، والبُرَاق - بضم الموحدة وتخفيف الراء - مشتق من البريق؛ فقد جاء في لونه أنه أبيض، أو من البرق؛ لأنه وصفه بسرعة السير، أو من قولهم: شاة برقاء، إذا كان خلال صوفها الأبيض طاقات سود، ولا ينافيه وصفه في الحديث، بأن البراق أبيض؛ لأن البرقاء من الغنم معدودة في البياض.

 

ثانيًا: رؤية جبريل عليه السلام على صورته:

ومن الآيات الكبرى التي شاهدها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى جبريل على صورته الملائكية؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ﴾ [النجم: 13 - 16]، فتلك إنما ذكرت في سورة "النجم"، وقد نزلت بعد سورة الإسراء[4].

 

عن عبدالله قال: ﴿ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾ [النجم: 18]؛ قال: "رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح"[5].

 

عن عبدالله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رأيت جبريل عند سدرة المنتهى، وعليه ستمائة ‌جناح، ‌ينثر ‌من ‌ريشه ‌تهاويل الدر والياقوت))[6].

 

والرؤية الثانية: كانت في السماء، ليلة الإسراء والمعراج عند سدرة المنتهى.

 

وقد نصت الآية في سورة النجم على الرؤية الثانية، وأشارت إلى الرؤية الأولى؛ وذلك في قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ﴾ [النجم: 13، 14].

 

قال ابن مسعود رضي الله عنه في تفسير هذه الآية: "رأى جبريل له ستمائة جناح".

 

قال النووي رحمه الله: "وهكذا قاله أيضًا أكثر العلماء، قال الواحدي: قال أكثر العلماء: المراد رأى جبريل في صورته التي خلقه الله تعالى عليها"؛ [انتهى].

 

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "هذه الرؤية - يعني: الأولى - لجبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض، فهبط عليه جبريل عليه السلام وتدلى إليه، فاقترب منه، وهو على الصورة التي خلقه الله عليها، له ستمائة جناح.

 

ثم رآه بعد ذلك نزلة أخرى عند سدرة المنتهى؛ يعني: ليلة الإسراء"؛ [انتهى][7].

 

ثالثًا: البيت المعمور:

ومن مشاهدات النبي صلى الله عليه وسلم رؤيته ودخوله البيت المعمور، وما أدراك - أخي المسلم - ما البيت المعمور؟!

 

والحق أننا لا نعلم، ولكن ندرك أنه بحد ذاته من الآيات الكبرى؛ لأن الله تعالى أقسم به، وهو سبحانه لا يقسم إلا بعظيم؛ قال سبحانه: ﴿ وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ ﴾ [الطور: 1 - 7].

 

كما أن البيت المعمور مكان مقدس كريم، يجب على كل الملائكة أن يعبدوا الله فيه، وهذا يظهر من كلمة جبريل عليه السلام وهو يصف دخول الملائكة للبيت؛ عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثم رُفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل، فقال: هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، ‌إذا ‌خرجوا ‌منه، ‌لم ‌يعودوا ‌فيه ‌آخر ‌ما ‌عليهم))[8][9].

 

وهذا يعني أن هذا آخر ما على الملائكة من دخول، فقد كتب الله بذلك عليهم الدخول إلى البيت المعمور مرة واحدة فقط، وهذا يذكرنا بفريضة الحج إلى بيت الله الحرام في الدنيا؛ حيث إنه كُتب على المستطيع مرة واحدة في العمر، غير أننا يمكن أن ندخل البيت الحرام مرارًا بعد حجِّنا الأول، بينما لا يدخل الملائكة البيت المعمور إلا مرة واحدة فقط؛ قال جبريل عليه السلام: ((إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه))، وأكد ذلك بتأبيد عدم العودة؛ كما جاء في رواية النسائي: ((إذا خرجوا منه لا يعودون إليه أبدًا))[10].

 

ولعل التفكير في عدد الملائكة التي خلقها الله تعالى يلقي الرهبة والخشوع والخضوع لله سبحانه، فمنذ خلق الله البيت المعمور والملائكة تدخله، ومع ذلك فهم لا ينتهون!

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطتِ السماء، وحق لها أن تَئِطَّ؛ ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدًا لله))[11].

 

رابعًا: سدرة المنتهى:

إخوة الإسلام، ومن الآيات التي شاهدها رسول الله صلى الله عليه وسلم دخوله إلى سدرة المنتهى، ورؤيته لها، وما فيها من عجائب، فما سدرة المنتهى؟

 

السدر: هو شجر النَّبِق، والنبق بكسر الباء: ثمر السدر، والواحد نبقة، وهو شجر معروف لأهل الجزيرة، ويقال: نَبْق بفتح النون، وسكون الباء، وهي لغة المصريين، والفصحى (نَبِق)، وهي التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال الماوردي في معاني القرآن له: "فإن قيل: لم اختيرت السدرة لهذا الأمر دون غيرها من الشجر؟

 

قيل: لأن السدرة تختص بثلاثة أوصاف: ظل مديد، وطعم لذيذ، ورائحة ذكية؛ فشابهت الإيمان الذي يجمع قولًا وعملًا ونية؛ فظلها من الإيمان بمنزلة العمل لتجاوزه، وطعمها بمنزلة النية لكمونه، ورائحتها بمنزلة القول لظهوره".

 

لماذا سميت بهذا الاسم؟ قال القرطبي رحمه الله في تفسيره: "واختُلف لم سميت سدرة المنتهى؟ على أقوال تسعة:

الأول: عن ابن مسعود أنه ينتهي إليها كل ما يهبط من فوقها ويصعد من تحتها.

 

الثاني: أنه ينتهي علم الأنبياء إليها، ويعزب علمهم عما وراءها؛ قاله ابن عباس.

 

الثالث: أن الأعمال تنتهي إليها وتقبض منها؛ قاله الضحاك.

 

الرابع: لانتهاء الملائكة والأنبياء إليها ووقوفهم عندها؛ قاله كعب.

 

الخامس: سميت سدرة المنتهى؛ لأنه ينتهي إليها أرواح الشهداء؛ قاله الربيع بن أنس.

 

السادس: لأنه تنتهي إليها أرواح المؤمنين؛ قاله قتادة.

 

السابع: لأنه ينتهي إليها كل من كان على سنة محمد صلى الله عليه وسلم ومنهاجه؛ قاله علي رضي الله عنه والربيع بن أنس أيضًا.

 

الثامن: هي شجرة على رؤوس حملة العرش إليها ينتهي علم الخلائق؛ قاله كعب أيضًا.

 

التاسع: سميت بذلك؛ لأن من رفع إليها فقد انتهى في الكرامة".

 

وصفُها كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم:

جاء ذكر سدرة المنتهى ووصفها في بضعة أحاديث، رواها البخاري ومسلم وغيرهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها يصف عليه الصلاة والسلام سدرة المنتهى، وسأذكر هنا بعضًا من هذه الأحاديث: الأول: عن أنس بن مالك رضي الله عنه في حديث الإسراء والمعراج الطويل، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((ثم عرج إلى السماء السابعة، فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: وقد بُعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام، مسندًا ظهره إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه، ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى، وإذا ورقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كالقلال، قال: فلما غشيها من أمر الله ما غشيَ، تغيرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها))[12].

 

الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثم انطلق بي جبريل حتى نأتي سدرة المنتهى، فغشيها ألوان لا أدري ما هي، قال: ثم أُدخلت الجنة، فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك))[13].

 

الرابع: عن مالك بن صعصعة الأنصاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ورُفعت لي سدرة المنتهى، فإذا نبقها كأنه قلال هجر، وورقها كأنه آذان الفيول، في أصلها أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، فسألت جبريل، فقال: أما الباطنان، ففي الجنة، وأما الظاهران: النيل والفرات))[14].

 

أستغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات، فاستغفروا ربكم وتوبوا إليه، إنه كان للأوابين غفورًا.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:

خامسًا: مخاطبة لرب العالمين:

ومن أعظم الآيات في رحلة المعراج ما منَّ الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم بالكلام دون حجاب؛ فقد رود ذلك في الأحاديث الصحاح؛ ففي الحديث: ((فرجعت فمررت على موسى فقال: بما أُمرت؟ قال: أمرت بخمسين صلاةً كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاةً كل يوم، وإني – والله - قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف لأمتك، فرجعت، فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى، فقال مثله... فارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف لأمتك، قال: سألت ربي، حتى استحييت، ولكني أرضى وأسلم))[15].

 

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "هذا من أقوى ما استدل به على أن الله سبحانه وتعالى كلم نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء بغير واسطة"[16].

 

وقال ابن كثير رحمه الله: "﴿ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 253]؛ يعني: موسى ومحمدًا صلى الله عليه وسلم، وكذلك آدم، كما ورد به الحديث المروي في صحيح ابن حبان، عن أبي ذر رضي الله عنه.

 

﴿ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ﴾ [البقرة: 253]، كما ثبت في حديث الإسراء، حين رأى النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء في السماوات، بحسب تفاوت منازلهم عند الله عز وجل"[17].

 

قال الشيخ عبدالرحمن المحمود حفظه الله:

"ولعل العلة - والعلم عند الله سبحانه وتعالى - في تسمية موسى (كليم الله)، مع أن الله كلم محمدًا، وكلم آدم - أن الله كلمه على الأرض وهو على طبيعته البشرية، بخلاف تكليم الله لآدم فإنه كلمه وهو في السماء، وتكليم الله لمحمد فإنه كلمه وقد عرج بروحه وجسده إلى السماء، أما تكليمه لموسى، فهو على الأرض، وهذا فيه خصوصية لموسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم"[18].

 

سادسًا: وصف النبي صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى لقريش:

ومن الآيات الربانية في قصة الإسراء والمعراج ما وفق الله تعالى نبيه إليه من وصف بيت المقدس، رغم أنه صلى الله عليه وسلم دخله ليلًا ولم يتفقده، وكان بعض أهل مكة قد زار بيت المقدس، ويعرف وصفه، فأرادوا أن يتأكدوا من ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هنالك، فسألوه عن وصفه؛ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: ((لقد رأيتني في الحجر، وقريش تسألني عن مسراي، فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربة ما كربت مثله قط، فرفعه الله لي أنظر إليه، ما يسألوني عن شيء إلا نبأتهم))[19].

 

إنه توفيق الله تعالى وتسديده لحبيبه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم.

 

قوله: ((فجلى الله لي بيت المقدس))، قيل: معناه: كشف الحجب بيني وبينه حتى رأيته، ووقع في رواية عبدالله بن الفضل عن أم سلمة عند مسلم المشار إليها: ((قال: فسألوني عن أشياء لم أثبتها، فكربت كربًا لم أكرب مثله قط، فرفع الله لي بيت المقدس أنظر إليه، ما يسألوني عن شيء إلا نبأتهم به))، ويحتمل أن يريد أنه حمل إلى أن وضع بحيث يراه ثم أعيد، وفي حديث ابن عباس المذكور: ((فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه، حتى وضع عند دار عقيل فنعته وأنا أنظر إليه))، وهذا أبلغ في المعجزة، ولا استحالة فيه، فقد أُحضر عرش بلقيس في طرفة عين لسليمان، وهو يقتضي أنه أزيل[20].



[1] الإسراء والمعراج (ص: 5).

[2] مسند أحمد (19/ 488، ط الرسالة)، وأخرجه مسلم (162) (259)، وأبو يعلى (3375) و(3450) و(3451) و(3499)، وأبو عوانة 1/ 126 – 128.

[3] أحاديث الإسراء والمعراج عرض وتحليل (ص: 26).

[4] رواه البخاري (3232) ومسلم (174).

[5] أخرجه مسلم 282، والطبراني 9055.

[6] صحيح ابن حبان (14/ 337)، وأخرجه أحمد 1/412 و460، والطبري في "جامع البيان" 27/ 49، وابن خزيمة ص: 203، قال الألباني: حسن، "صحيح الإسراء والمعراج"، (ص 100 - 101).

[7] تفسير القرآن العظيم (7/ 445).

[8] مسند أحمد (29/ 372 ط الرسالة)، وأخرجه مسلم (164) (265)، والطبراني في "الكبير" 19/ (599)، وابن منده في "الإيمان" (715).

[9] قال النووي: "قال صاحب مطالع الأنوار: رويناه: ((آخر ما عليهم)) برفع الراء ونصبها؛ فالنصب على الظرف، والرفع على تقدير: ذلك آخر ما عليهم من دخوله، قال: والرفع أوجه، وفي هذا أعظم دليل على كثرة الملائكة صلوات الله وسلامه عليهم، والله أعلم؛ [النووي: المنهاج 2/225].

[10] النسائي: كتاب التفسير، سورة الطور (11530) عن أنس رضي الله عنه، واللفظ له، وأحمد (12580)، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم، والحاكم (3742)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني؛ انظر: السلسلة الصحيحة (477).

[11] الترمذي: كتاب الزهد، باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا)) (2312)، واللفظ له، وقال: حديث حسن، وابن ماجه (4190)، وأحمد (21555)، وقال شعيب الأرنؤوط: حسن، والحاكم (3883)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصححه الألباني؛ انظر: السلسلة الصحيحة (1722).

[12] رواه مسلم - كتاب الإيمان - باب الإسراء برسول الله صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم ومعراجه، حديث رقم 284.

[13] رواه مسلم - كتاب الإيمان – باب الإسراء برسول الله صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم ومعراجه، حديث رقم 289.

[14] رواه البخاري - كتاب بدء الخلق - باب ذكر الملائكة - حديث رقم 2968.

[15] رواه البخاري (3674) ومسلم (162).

[16] فتح الباري (7/ 216).

[17] تفسير ابن كثير (1/ 670).

[18] تيسير لمعة الاعتقاد (ص 152).

[19] أخرجه مسلم (278).

[20] فتح الباري شرح صحيح البخاري (358/ 47).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإسراء والمعراج دروس وعبر (خطبة)
  • هدايا الإسراء والمعراج (خطبة)
  • السيرة النبوية: حادثة الإسراء والمعراج
  • الإسراء والمعراج (خطبة)
  • الرد على من ينكر الإسراء والمعراج
  • السراج الوهاج من مشاهد الإسراء والمعراج
  • معجزة الإسراء والمعراج.. شبهات وردود (خطبة)
  • ثلاثة مشاهد مخيفة في رحلة الإسراء والمعراج
  • صور مما شاهد النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة المعراج
  • المعراج بالنبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
  • الآيات الثمان المنسوخة في القرآن

مختارات من الشبكة

  • الآيات الكبرى التي رآها الرسول صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رحلة الإسراء في آية الإسراء(مقالة - ملفات خاصة)
  • مخطوطة الآيات البينات في قصة الإسراء والمعراج بسيد أهل الأرض والسموات(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تفسير سورة الإسراء للناشئين (الآيات 87 - 111)(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • تفسير سورة الإسراء للناشئين (الآيات 59: 86)(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • تفسير سورة الإسراء للناشئين (الآيات 28: 58)(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • تفسير سورة الإسراء للناشئين (الآيات 1: 27)(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: سورة البقرة الآيات (1-5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسراء والمعراج.. دروس وعبر(مقالة - ملفات خاصة)
  • الإسراء والمعراج: آيات باهرات وعبر وعظات(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب