• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القريب، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    قبسات من علوم القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اتقوا الأرحام
    أ. د. زكريا محمد هيبة
  •  
    ورع وإخلاص طلاب علم الأمس... مشاعل تنير دروب ...
    نوال محمد سعيد حدور
  •  
    {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    إزالة الغفلة (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    اتقوا فتنة التبرج
    د. لحرش عبد السلام
  •  
    كثرة تلاوته صلى الله عليه وسلم القرآنَ على فراشه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عمى البصيرة يورد المهالك
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    شرح أحاديث الطهارة
    لطيفة بنت عبداللطيف
  •  
    خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    حقوق اليتيم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الإسلام كفل لأهل الكتاب حرية الاعتقاد
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أثر الأدلة الشرعية في تحقيق مقصد حفظ الدين (دليل ...
    عمرو عبدالله ناصر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

الجمعة عيد للمسلمين (خطبة)

الجمعة عيد للمسلمين (خطبة)
د. خالد بن حسن المالكي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/2/2022 ميلادي - 17/7/1443 هجري

الزيارات: 23721

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الجمعة عيد للمسلمين[1]

 

الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد:

فإن يوم الجمعة عيد جعله الله للمسلمين، وقد جاء ذكره في قوله تعالى:

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [الجمعة: 9 - 11].

 

وقد جاء ذكر يوم الجمعة في جملة من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم:

منها قول النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « أضلَّ اللهُ عنِ الجُمُعة مَن كان قَبْلَنا، فكانَ لليهودِ يومُ السَّبت، وكان للنَّصارى يومُ الأحد، فجاءَ اللهُ بنا فهَدَانا ليومِ الجُمُعة، فجَعَل الجُمُعة والسَّبتَ والأَحَد، وكذلك هم تبعٌ لنا يومَ القيامَةِ، نحنُ الآخِرونَ من أهلِ الدُّنيا، والأَوَّلونَ يومَ القِيامَةِ، المقضيُّ لهم قبلَ الخلائقِ ».

 

وقال النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « الجُمُعة حقٌّ واجبٌ على كلِّ مُسلمٍ، إلَّا أربعةً: عبْدٌ مملوكٌ، أو امرأةٌ، أو صَبيٌّ، أو مَرِيضٌ ».

 

وقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « لَيَنتهِينَّ أقوامٌ عن وَدْعِهم الجُمُعاتِ، أو لَيختمنَّ اللهُ على قلوبِهم، ثم لَيكونُنَّ مِنَ الغافلِينَ ».

 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ، وَإِنْ كَانَ طِيبٌ فَلْيَمَسَّ مِنْهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ ».

 

وقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « مَنِ اغْتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَدَنَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَقَرَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ كَبْشًا أقْرَنَ، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ دَجَاجَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإمَامُ حَضَرَتِ المَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ ».

 

وقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « إذا كان يومُ الجُمُعة وقَفَ على كلِّ بابٍ من أبوابِ المسجدِ مَلائكةٌ يَكتُبونَ الأوَّلَ فالأوَّلَ، فإذا خرَجَ الإمامُ طَوَوُا الصُّحفَ، وجاؤوا يَستمِعونَ ».

 

وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ؛ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ؛ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا ».

 

قال ابن حجر الهيتمي: (قِيلَ لَيْسَ فِي السُّنَّةِ فِي خَبَرٍ صَحِيحٍ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا الثَّوَابِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ).

 

وقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « مَن اغتَسَلَ يومَ الجُمُعة، واستنَّ، ومسَّ من طِيب إنْ كان عِندَه، ولبِسَ أحسنَ ثِيابِه، ثمَّ خرَج حتى يأتيَ المسجدَ، ولم يَتخطَّ رِقابَ الناسِ، ثم ركَعَ ما شاءَ اللهُ أن يَركَعَ، وأَنصَتَ إذا خرَج الإمامُ، كانتْ كفَّارةً لِمَا بينها وبينَ الجُمُعة التي قَبْلَها ».

 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ ».

 

وقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « مَن تَوضَّأَ، فأَحْسَنَ الوضوءَ، ثم أتى الجُمُعةَ فاستمَعَ، وأَنْصَتَ غُفِرَ له ما بَينَه وبينَ الجُمُعةِ وزيادةَ ثلاثةِ أيَّامٍ، ومَن مسَّ الحَصَى فقدْ لغَا ».

 

وقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « إذا قُلتَ لصاحبِكَ يومَ الجُمُعةِ: أنصِتْ والإمامُ يَخطُبُ، فقد لغوتَ ».

 

وقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « مَن قَرَأَ سورةَ الكَهفِ يومَ الجُمُعةِ أضاءَ له من النورِ ما بَينَ الجُمُعتينِ ».

 

وعن أمِّ هِشامِ بِنتِ حارثةَ بنِ النُّعمانِ، قالت: لقدْ كان تَنُّورُنا وتنُّورُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واحدًا سنتينِ أو سنةً وبعضَ سنةٍ، وما أخذتُ ﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾ إلَّا عن لسانِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقرؤُها كلَّ يوم جُمُعةٍ على المنبرِ إذا خطَبَ النَّاسَ.

 

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ، يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ، وَيَقُولُ: « بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ ». وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَيَقُولُ: « أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ». ثُمَّ يَقُولُ: « أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ ».

 

وفي رواية قال جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَتْ خُطْبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ عَلَا صَوْتُهُ، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ.

 

وعن الحَكمِ بنِ حَزْنٍ الكُلَفيِّ، قال: وفدتُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأقمنا أيَّامًا شهِدْنا فيها الجُمُعةَ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقام متوكئًا على عصًا أو قوسٍ، فحمِدَ اللهَ، وأثْنَى عليه كلماتٍ طيِّباتٍ، خفيفاتٍ مباركاتٍ.

 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « إنَّ طُولَ صَلاةِ الرَّجُلِ، وقِصرَ خُطبتِه مَئِنَّةٌ مِن فِقهِه؛ فأَطيلوا الصلاةَ، واقْصُرُوا الخُطبةَ ».

 

وعن عُمارَةَ بنِ رُؤيبةَ، أنَّه رأى بِشرَ بنَ مَرْوانَ على المنبرِ رافعًا يديه بالدعاء، فقال: قَبَّحَ اللهُ هاتينِ اليدينِ؛ لقدْ رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما يَزيدُ على أنْ يقولَ بيدِه هكذا، وأشارَ بإصبعِه المُسَبِّحَةِ.

 

إلا أنه جاء في حديث أنسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيْهِ [في الاستسقاء] حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ.

 

وفي رواية، قال أنس: أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا أَنْ يَسْقِيَنَا. قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ، وَمَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ، قَالَ: فَثَارَ سَحَابٌ أَمْثَالُ الْجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ، قَالَ: فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ وَفِي الْغَدِ، وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ، وَالَّذِي يَلِيهِ إِلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، فَقَامَ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ - أَوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ، وَغَرِقَ الْمَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا. فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَقَالَ: " اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا ". قَالَ: فَمَا جَعَلَ يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلَّا تَفَرَّجَتْ، حَتَّى صَارَتِ الْمَدِينَةُ فِي مِثْلِ الْجَوْبَةِ، حَتَّى سَالَ الْوَادِي - وَادِي قَنَاةَ - شَهْرًا، قَالَ: فَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

فعن ابن عباس أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقْرَأُ في صَلَاةِ الفَجْرِ، يَومَ الجُمُعَةِ: ﴿ الم تَنْزِيلُ ﴾ السَّجْدَةِ، ﴿ وَهلْ أَتَى علَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ﴾، وَأنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقْرَأُ في صَلَاةِ الجُمُعَةِ سُورَةَ الجُمُعَةِ، وَالْمُنَافِقِينَ.

 

وعن النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يقرأُ في العِيدينِ وفي الجُمُعة بـ ﴿ ـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ﴾، و﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ ﴾.

 

وَعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: جَاءَ سُلَيْكٌ الغَطَفَانِيُّ يَومَ الجُمُعَةِ، وَرَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَخْطُبُ، فَجَلَسَ، فَقالَ له: يا سُلَيْكُ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا، ثُمَّ قالَ: إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَومَ الجُمُعَةِ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا.

 

وعن أبي الزَّاهِرِيَّةِ، قال: كنتُ جالسًا مع عبدِ اللهِ بنِ بُسرٍ يومَ الجُمُعةِ، فما زال يُحدِّثُنا حتى خرَجَ الإمامُ، فجاءَ رجلٌ يَتخطَّى رِقابَ الناسِ، فقال لي: جاءَ رجلٌ يَتخطَّى رِقابَ النَّاسِ ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُب، فقال له: « اجلسْ؛ فقدْ آذيتَ وآنيتَ ».

 

وعن ابنِ عُمرَ أنَّ عُمرَ بينا هو يخطُبُ يومَ الجُمُعة، إذ دَخَل رجلٌ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فناداه عُمرُ: أيَّةُ ساعةٍ هذه؟ قال: إنِّي شُغِلتُ اليومَ، فلم أنقلبْ إلى أهلي حتى سَمِعتُ النِّداءَ، فلم أزدْ على أن توضَّأتُ. قال عمر: الوضوءُ أيضًا، وقد علمتَ أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَأمُرُ بالغُسلِ؟

 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا ».

 

أحبتي الكرام:

إن من أعظم آداب يوم الجمعة التبكير للصلاة، والاستماع للخطبة بنية التغيير والعمل، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 17، 18].

 

اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

 

وعَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ: « أَصُمْتِ أَمْسِ؟ ». قَالَتْ: لَا. قَالَ: « تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟ ». قَالَتْ: لَا. قَالَ: « فَأَفْطِرِي ».

 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بقِيَامٍ مِن بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بصِيَامٍ مِن بَيْنِ الأيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكونَ في صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ ».

 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « إنَّ من أفضلِ أيَّامِكُم يومَ الجمعةِ فيهِ خُلِقَ آدمُ وفيهِ قُبِضَ وفيهِ النَّفخةُ وفيهِ الصَّعقةُ فأكْثِروا عليَّ منَ الصَّلاةِ فيهِ فإنَّ صلاتَكُم معروضةٌ عليَّ ». قالوا: يا رسولَ اللَّهِ وَكَيفَ تُعرَضُ صلاتُنا عليكَ وقد أرِمتَ – يقولونَ: بليتَ -؟ فقالَ: « إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ حرَّمَ علَى الأرضِ أجسادَ الأنبياءِ ».

 

وقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « خيرُ يومٍ طلَعَتْ فيه الشمسُ يومُ الجُمُعة، فيه خُلِقَ آدمُ، وفيه أُهبِطَ، وفيه تِيبَ عليه، وفيه ماتَ، وفيه تقومُ السَّاعةُ، وما مِن دابَّة إلَّا وهي مُصِيخةٌ يومَ الجُمُعة، مِن حِين تُصبِحُ حتى تطلُعَ الشمس؛ شفقًا من الساعةِ، إلَّا الجِنَّ والإنسَ، وفيه ساعةٌ لا يُصادِفُها عبدٌ مسلمٌ وهو يُصلِّي يسأل اللهَ عزَّ وجلَّ حاجةً إلَّا أعطاه إياَّها ».

 

وعن عبدِ اللهِ بنِ سَلَامٍ، قال: قلتُ ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالسٌ: إنَّا لنَجِدُ في كتاب الله في يومِ الجُمُعة ساعةٌ لا يُوافِقُها عبدٌ مؤمنٌ يُصلِّي، يَسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ شيئًا إلَّا قَضَى اللهُ له حاجتَه؟ قال عبدُ اللهِ: فأشارَ إليَّ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « أو بعضَ ساعةٍ ». قلت: صدقتَ يا رسولَ الله، أو بعضَ ساعةٍ. قلتُ: أيُّ ساعةٍ هي؟ قال: « هي آخِرُ ساعةٍ من ساعاتِ النَّهارِ »، قلت: إنَّها ليستْ ساعةَ صلاةٍ، قال: « بلى، إنَّ العبدَ المؤمنَ إذا صلَّى، ثم جلَس لا يُجلِسُه إلَّا الصَّلاةُ، فهو في صلاةٍ ».

 

اللهم ربنا لك الحمد، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ملء السموات وملء الأرض، وما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد. اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.

 

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

 

اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا[2].

 

اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ، وَبَهَائِمَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، وَأَحْيِي بَلَدَكَ الْمَيِّتَ.

 

اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مَرِيعًا، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ.

 

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182]



[1] - أُلقيت هذه الخطبة يوم الجمعة 1443/05/13ه‍ في مسجد الإمام الذهبي بمدينة جدة، ويمكن مشاهدتها على الرابط التالي: https://youtu.be/-CTnpOO236A

[2] يُشرع للإمام والمصلين رفع اليدين عاليا عند الاستسقاء؛ لحديث أنسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيْهِ [في الاستسقاء] حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ. أخرجه البخاري (1030).

وفي رواية، قال أَنَس: أَتَى رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الْمَاشِيَةُ، هَلَكَ الْعِيَالُ، هَلَكَ النَّاسُ. فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ يَدْعُو، وَرَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ مَعَهُ يَدْعُونَ، قَالَ: فَمَا خَرَجْنَا مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى مُطِرْنَا، فَمَا زِلْنَا نُمْطَرُ حَتَّى كَانَتِ الْجُمُعَةُ الْأُخْرَى، فَأَتَى الرَّجُلُ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَشِقَ الْمُسَافِرُ وَمُنِعَ الطَّرِيقُ. أخرجه البخاري (1029).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضائل وخصائص الجمعة (خطبة)
  • التبكير إلى صلاة الجمعة
  • أصناف الناس يوم الجمعة
  • يوم الجمعة أحكام وآداب
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا)
  • يوم الجمعة خصائص وأحكام (خطبة)
  • ما الحكمة من استحباب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة
  • وجوب صلاة الجمعة والجماعة
  • فضل صلاة الجمعة والجماعة
  • تعظيم قدر الجمعة
  • خطبة: أحكام الجمعة وآدابها
  • صفات المصطفى صلى الله عليه وسلم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • السنن المتعلقة بالعيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التهنئة بالعيد يوم العيد (بعد الفجر وبعد صلاة العيد لا قبل يوم العيد)(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • الابتعاد عن البدع والمنكرات التي انتشرت في الأعياد(مقالة - ملفات خاصة)
  • العيد غدا(مقالة - ملفات خاصة)
  • عيد الفطر المبارك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يوم العيد .. يوم التهنئة بنعمة الصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • لماذا العيد؟ عيد الفطر وعيد الأضحى(مقالة - ملفات خاصة)
  • خلاصة سنن العيد(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • سنن العيد في حال الحجر(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • العيد بين الفرح والحزن: لا للعيد .. بلى للعيد ..(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/1/1447هـ - الساعة: 16:46
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب