• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

خطبة عيد الفطر

الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/7/2017 ميلادي - 7/10/1438 هجري

الزيارات: 11879

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الفطر

للعام 1438هـ، وفق: 25/ يونيو/ 2017م


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ الله أكبر (تسعاً)...

[الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيراً، والله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كلِّ شيء قدير، ولا إله إلا الله، صدق وعدَه، ونصرَ عبدَه، -وأعزَّ جنده-، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون]. [1]


الله أكبر كبيرا، فهو [الذي هدانا إليه سبحانه بواضح الدليل وسليم السِّرّ، وخصَّنا من بين الأمم بشهر الصيام والصبر، وغسَل به ذنوبَ الصائمين كغَسل الثوب بماء القِطْر، فله الحمد إذ رزقنا إتمامَه، وأرانا عيد الفطر.

الله أكبر كبيرا -، أحمده حمداً لا منتهى لعدده، وأشهد بتوحيده شهادةَ مخلصٍ في معتقدِه، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه، الذي نبع الماء من بين أصابع يده، صلى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكر الصديق، رفيقِه في شدائدِه، وعلى عمرَ كهفِ الإسلام وعضدِه، وعلى عثمانَ جامعِ القرآن -الذي قدَّم عزمَه على تردُّدِه-، وعلى عليٍّ كافي الحروب وشجعانِها بمفرده، والمضطجعِ ليلةَ خروجِه على مرقدِه، وعلى عمِّه العباسِ مقدَّمِ بيتِ هاشمٍ وسيِّدِه. - أكبر الله أكبر كبيرا-.

 

عبادَ الله! إنّ يومَكم هذا يومُ العيد؛ قد مُيِّزَ فيه الشقيُّ والسعيدُ، فكم فرِحَ بهذا اليوم مسرورٌ وهو مطرودٌ مهجور، ... وأوَّلُ وظيفةٍ تختصُّ بالعيد الغسلُ ثم البُكور، والخروجُ على أحسن هيئة؛ ... ويخُرِج معه زكاةَ فطره، فإن كان قد أخرجها قبل ذلك بيوم أو يومين جاز، وإن صلى العيد ولم يخرجها؛ أخرجها بعد ذلك على وجه القضاء.

 

فإذا مشى في الطريقِ غضَّ بصره، قال بعض أصحاب سفيان الثوري خرجت معه يوم عيد، فقال: (إن أوّلَ ما نبدأ به في يومنا هذا غضُّ البصر).

ورجع حسَّان بن أبي سنان من عيده، فقالت امرأته: (كم من امرأةٍ حسناءَ قد رأيت؟!!) فقال: (ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت إلى أن رجعت).

الله أكبر الله أكبر كبيرا -.

 

ويستحب أن يأكل قبل الصلاة بخلاف الأضحى، وفي حديث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُفْطِرُ عَلَى تَمَرَاتٍ يَوْمَ الفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى المُصَلَّى». [2]

الله أكبر الله أكبر كبيرا -.

 

وإذا صلّى العيدَ رجع في غير الطريق... فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ يَوْمَ الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ، ثُمَّ رَجَعَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ). [3]

ولا يسنُّ التطوع قبل صلاة العيد، ولا بعدها في موضع صلاة العيد، ... وينبغي لمن وُسِّع عليه أن يوسِّع على الفقراء في هذا اليوم، ويتطوَّع بإطعام من قدَر ... -الله أكبر الله أكبر كبيرا -.

 

ويستحب إتباعُ رمضانَ بستٍّ من شوال، فقد ثبت أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ". [4]، وقد ذكر العلماء أن السرَّ في هذا؛ أنَّ أيامَ السنةِ ثلاثُمائةٍ وستون يومًا، وهذه الستةُ مع رمضانَ ستةٌ وثلاثون، والحسنة بعشر أمثالها، فمن دام على هذا فكأنه كمن صام الدهر... عَنْ أَبِي عُثْمَانَ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ فِي سَفَرٍ، فَلَمَّا نَزَلُوا وَوُضِعَتِ السَّفَرَةُ بَعَثُوا إِلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَ: (إِنِّي صَائِمٌ)، فَلَمَّا كَادُوا أَنْ يَفْرُغُوا جَاءَ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ! فَنَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى رَسُولِهِمْ! فَقَالَ: (مَا تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟! قَدْ وَاللَّهِ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ صَائِمٌ!) فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: (صَدَقَ! سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "مَنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَقَدْ صَامَ الشَّهْرَ كُلَّهُ"، وَقَدْ صُمْتُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَإِنِّي الشَّهْرَ كُلَّهُ صَائِمٌ، وَوَجَدْتُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا: ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾ [الأنعام: 160] [5]، -الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر كبيرا -.

عيدي مقيمٌ وعيدُ الناسِ منصرِفٌ
والقلبُ مِنِّي عن اللذَّاتِ منحرِفُ
ولي قرينانِ مالي منهما خَلَفٌ
طولُ الحنينِ وعينٌ دمعُها يكِفُ

 

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر كبيرا -.

يا من يفرحُ في العيد بتحسين لِباسِه! ويوقنُ بالموتِ وما استعد لِبَاسِه! ويغترُّ بإخوانِه وأقرانِه وجُلاَّسه، وكأنَّه قد أمِنَ سرعةَ اختلاسه! - الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر كبيرا -.

 

كيفَ تقرُّ بالعيدِ عينُ مطرودٍ عن الصلاح؟! كيف يضحكُ سِنُّ مردودٍ عن الفلاح؟! كيف يُسَرُّ من يُصِرُّ على الأفعال القِباح؟! كيف لا يبكي من قَد فاتَه جزيلُ الأرباح؟! -الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر كبيرا -.

النَّوحُ أحقُّ بك من السرورِ يا مغرور، والحزنُ أجدرُ بك من جميع الأمور، والجِدُّ أولى بك من التواني والفُتور. -الله أكبر الله أكبر كبيرا -.

 

كيف يُسَرُّ بعيدِه من تاب ثم عاد؟! كيف يفرحُ بالسلامةِ مَنْ آثامُه في ازدياد؟! ... عن أبي ثابت الخطاب قال: سمعت إبراهيم بن موسى يقول: (رأيت فَتْحًا الموصلي يوم عيد، وقد رأى على الناس الطيالسَ والعمائم). فقال لي: (يا إبراهيم! أما ترى ثوبا يبلى، وجسدا يأكله الدود غداً! هؤلاء قوم قد أنفقوا خزائنهم على بطونهم وظهورهم، ويَقْدُمون على ربهم مفاليس!)...


وكان صالح بن عبد الجليل إذا انصرف يوم العيد؛ جمع عياله وجلس يبكي، فيقول له إخوانه: (هذا يوم سرور!) فيقول: (صدقتم! ولكني عبدٌ أمرني سيدي أن أعمل له عملا فعملتُه، فلا أدري أقبله مني أم لا؟! فالأولى بي طول الحزن)... - الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر كبيرا -.

 

والله ما عيدُ يعقوب إلا لقاءَ يوسف عليهما السلام، ولا أيامُ تشريقِ الصدِّيق إلاَّ الغار، يا مَن عزمَ على المعاصي في شوَّال؛ أللشهر احترمت أمْ لربِّ الشهر؟! ويحك ربُّ الشهرين واحد، تقول: أُصلِح رمضانَ وأُفسِد غيرَه؟ وعزمُك في رمضان على الزلل في شوال؟ أفسدْتَ رمضان! -الله أكبر الله أكبر كبيرا -

.

إذا طالبتك نفسُك في شوَّال بارتكاب الحرام؛ فذكرها سيلان العينِ على الخدِّ في اللحد، وعَمَلِ البلى في المفاصل، لعلَّ الكَفَّ يكُفُّ، هيهاتَ ليس المحبُّ من غَيَّرَه البعدُ والهَجْر، ولا المخلصُ من حَرَّكَه الثوابُ والأجر، لكنَّه من تساوَى عندَه الوصلُ والصدُّ، وإِلْفُه على كلِّ حال الجَدُّ والكَدُّ]. [6] -الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر كبيرا -.

 

انتهى شهر رمضان؛ وأطاع فيه من أطاع، وعصى من عصى، وتكاسل فيه من تكاسل، وصلى فيه من صلى، وصام فيه من صام، وزكى فيه من زكى، وقرأ القرآن فيه من قرأ، وسبّح من سبّح، وذكَر من ذكَر، وأقبل على الله من أقبل فقبله، وأعرض من أعرض فأبعده ورفضه. قال أحدهم:

ترحَّلَ الشَّهرُ وَا لهْفَاهُ وانصرمَا
واختصَّ بالفوزِ بالجنات مَنْ خَدَما
وأصبح الغافلُ المسكينُ منكسرا
مثلي، فيا ويْحَهُ، ياعُظْمَ ما حُرِما
من فاتَه الزرعُ في وقتِ البذارِ فما
تراهُ يحصد إلاّ الهمَّ والنَّدَمَا
طوبى لمن كانت التقوى بضاعتَه
في شهرِه وبحبلِ اللهِ معتصمَا

 

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر كبيرا.

إخواني! لئن انتهى شهر رمضان فلم تنته العبادات والطاعات، ولم تنته الأعمال الصالحات، ولم ينته تقديم الخيرات والحسنات، فلا نقول: انقطع الصيام، فهناك صيامُ ستٍّ من شوال، والاثنين والخميس، ويومِ عرفةَ وعاشوراء، وأيامِ الليالي البيض من كل شهر.. -الله أكبر الله أكبر كبيرا.

 

ولا نقول: انقطعت صلاة التطوّع؛ فهناك قيامُ الليل والتهجُّدُ، وصلاةُ الضحى، وسنةُ الوضوء طولَ العام. -الله أكبر الله أكبر كبيرا.

ولا نقول: انتهت الصدقاتُ والتطوعاتُ، فهناك زكواتُ الأموال والصدقاتُ العامة، وتقديمُ العون للمحتاجين؛ من المساكين والأرامل واليتامى. -الله أكبر الله أكبر كبيرا.

 

وصلةُ الأرحام لم تنقطعْ بانتهاء رمضان، فهي مشروعة على مرَّ الأوقات والأزمان. -الله أكبر الله أكبر كبيرا.

عباد الله! ها هو شهر شوال أوَّلُ أشهرِ الحج مع ذي القعدة وذي الحجة، اللذان هما من الأشهر الحرم. الله أكبر كبيرا...

 

ثم تدخل السنة الهجرية الجديدة، مذكِّرةً بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكَّةَ المكرمةِ إلى المدينةِ المنورة، وأوَّلها شهر الله المحرَّم، الذي فيه صيام عاشوراء. الله أكبر كبيرا.

ثم شهر صفر الذي يتشاءم العرب بحلوله، فنفى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا التشاؤم بقوله: "لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ، وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ، ...". [7]، الله أكبر كبيرا.

 

ثم يليه شهرا ربيعٍ الأولُ والآخِر، وهذا يذكِّر بميلاده صلى الله عليه وسلم، فيسن صيام يوم الاثنين الذي ولد فيه. الله أكبر كبيرا.

ثم شهرا جمادى الأوَّل ثم الآخر، وهذا يذكِّر بالفتوح والبعوث، والجهاد في سبيل الله، لقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثا إلى مؤتة في جمادى الأولى من سنة ثمان، واستعمل عليهم زيدَ بنَ حارثة، وجعفرَ ابنَ أبي طالب، وعبدَ الله بنَ رواحة. الله أكبر كبيرا.

 

ثم شهر رجبٍ الفردُ أحدُ الأشهر الحرم، التي قال فيها النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ؛ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ؛ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ". [8]، الله أكبر كبيرا.

 

أما شهر شعبان ففيه فُرِض صيام شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة، وفيه حوِّلت القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة. ثم فُرضت زكاة الأموال. الله أكبر كبيرا.

ثم شهر رمضان شهر الخير والإحسان. الله أكبر كبيرا.

 

إخواني! انتهى شهر رمضان؛ والعالم لم يتوقفْ غليانُه، ولم ينتهِ فَوَرانُه، والفتنُ تزداد نيرانُها، والعدو والصديق يساعدان في اشتعالها وثورانها، الله أكبر كبيرا...

فالحروبُ مركَّزة في أرض العروبة والإسلام، تدورُ رحاها ويشتدُّ أوارها، وسفكُ الدماء بين المسلمين لا تتوقف وتيرتُه، وإزهاقُ الأرواحِ البريئةِ لا تهدأ حِدَّتُه. وهناك عشراتُ بل مئاتُ الآلاف من القتلى، بل ربما بالملايين، وحدث ولا حرج عن المشردين والمهجَّرين، الله أكبر كبيرا.

 

انتهى رمضان؛ والأمّةُ مازالت في تشتُّتٍ وتفرُّقٍ وتشرذُم، فالتراحمُ بين المسلمين نادرٌ قليل، والتآخي بينهم مفقود أو ضئيل، والأحزابُ الإسلامية أكثرُ من العدِّ، والفِرَقُ الدينيَّةُ فوقَ الحصر، الله أكبر كبيرا.

وإن تعجب! فالعجب لا ينتهي ممّن يزعم أنَّ طريقَ التقرّبِ إلى اللهِ لا يكون إلا بقتل الأبرياء عموما والمسلمين! ويزعم أن السبيل لرضا الله سبحانه بقتل النساء والأطفال والشيوخ المساكين!! ويزعم أن الطريق إلى الحور العين بقتل العُبَّاد الذين هم للعبادة منقطعين! ويزعم أن الفوز بجنة عدن لا يكون إلا بتفجير المسجد النبوي وتدمير بيت الله حرام بما فيهما من المصلين!!! الله أكبر كبيرا.

 

هذا؛ والربُّ الذي يعبدونه ويدعون إليه واحد؛ هو الله جل جلاله، والكتاب الذي يستمدون منه دينَهم واحد؛ هو القرآن الكريم، وصاحب السُّنَّةِ الذي يتبعونه ويهتدون بهديه واحد؛ هو محمد نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم. الله أكبر كبيرا.

فمن أين انبثق الاختلاف؟ ومن أين جاء الافتراق؟ لقد نشأ الاختلاف في الدين؛ من الفهم المخالف لفهم السلف الصالح من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، والتابعين، وأتباعهم ممن عاشوا في القرون المفضلة، فإذا أُخِذت النصوص الشرعية دون النظر إلى أقوال السلف الصالح فيها، ودون التلقي عن العلماء الراسخين في العلم المعاصرين؛ صارَ التفرقُ والتمزُّق في الأمة، وأصبحوا كما قال الله جل جلاله: ﴿ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [المؤمنون: 53]، الله أكبر كبيرا.

 

فلا بد من العودة الصادقة إلى وحدة الصفَّ في الدين، والعقيدة والعبادة، ووحدةِ الصفِّ في الوطن والعروبة، ووحدة الصفِّ في العائلة والأسرة والقبيلة. عندها نستحق أن نكون ﴿ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [آل عمران: 110]. الله أكبر كبيرا.

عباد الله! هذا هو يوم العيد، هذا هو يوم الجائزة، هذا يوم الوفاء بالأجر، قال ابن حجر: [الصوم هو الصبر؛ لأن الصائم يصبر نفسه عن الشهوات، وقد قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]]. [9]، الله أكبر كبيرا.

 

إنّ هذا اليومَ شرعه الله سبحانه عيدا للأحياء؛ فرحًا بأداء العبادة في رمضان، وليس لخروج النساء أو الرجال للمقابر في العيدين، [كلُّ ذلك لا يجوز؛ لما فيه من البدعِ والفتنِ، ...

وقد شُرِعت زيارةُ القبورِ للاتعاظ، والعبرةِ والتذكرة، وكانت المقابرُ في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت زيارته لها في الأعياد، وخيرُ الهديِ هديُه]. صلى الله عليه وسلم. الله أكبر كبيرا.

 

أيها الإخوة! هذا يوم العيد يحرُم صيامُه، وهو يوم أكل وشرب، ونبدأ بالتمرات وترا قبل الصلاة، ولنحذر من خطرِ الإسراف، ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]. فالجهاز الهضمي، الذي كان بالأمس فارغًا نهارًا، فلا تفجأْه اليوم بالأطعمة الدسمة، والمشروباتِ المختلفة، والحلوى المتنوعة، مما يؤدِّي إلى الإسهالِ وانطلاقِ البطن، وآلامٍ في المعدة، ونَكَدٍ في يوم العيد، ولقد صدق رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القائل: "مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، حَسْبُ الآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ غَلَبَتْ الآدَمِيَّ نَفْسُهُ؛ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ، وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ، وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ". [10]، وهذا النظام في العيدِ وغيرِه؛ لأنّ الشِّبعَ له عواقبُ وخيمةٌ، الله أكبر كبيرا.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الله أكبر (سبعاً)... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، وبعد؛

لا ننسى في هذا اليوم المبارك أن ندعوَ للمسلمين جميعا...

 

فاللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وارفع درجاتهم، وآمن روعاتهم، وأسكنهم الدرجات العلا من الجنة.

اللهم إن كانوا محسنين فزد في إحسانهم، وإن كانوا مسيئين فتجاوز عن سيئاتهم يا رب العالمين.

اللهم اشف مرضانا وعاف مبتلانا، وعليك بمن ظلمنا وآذانا وعادانا.

اللهم منا الفقراء فأغنهم، ومنا من تراكمت عليهم الديون فاقض ديونهم، ومنا من ابتلي بالوسوسة والسحر والمس والصرع فعافهم، ومنا من امتحنته بالأمراض والآلام والأوجاع فامنحهم صحة وعافية، ومنا من اكتنفته الهموم والأحزان، ففرج عنهم ما هم فيه يا رب العالمين.

اللهم من احتاج إلى زواج فزوجه، ومن احتاج إلى ذرية فهب له من لدنك ذرية طيبة صالحة، اللَّهُمَّ إِنّا نَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، نَسْأَلُكَ أَلَّا تَدَعَ لنا ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ، وَلَا هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ، وَلَا حَاجَةً هِيَ لَكَ رِضًا إِلَّا قَضَيْتَهَا لنا.

اللهم نفس كرب المكروبين، وفرج هم المهمومين، وارفع الظلم عن المظلومين، وفك أسر المأسورين، وسجن المسجونين، وأطلق سرح المعتقلين، وأرجع جميع الغائبين إلى أهليهم ووالديهم سالمين غانمين.

اللهم اغفر وارحم وارفع درجات آبائنا وأمهاتنا، جميعا، وأجدادِنا وجداتنا، وأعمامِنا وعماتِنا، وأخوالنا وخالاتنا، وإخواننا وأخواتنا، وأبنائنا وبناتنا وذرياتنا، اللهم اجعل قبورهم رياضا من رياض الجنة، ولا تجعلها حفرا من حفر النيران، وأسكنهم فسيح جنانك، وقهم عذاب النار، وأدخلهم الجنة مع الأبرار، يا عزيز يا غفار. اللهم آمين آمين آمين!

اللهم اغفر وارحم وبارك وارفع درجات جميعَ من كانَ يرتادُ مسجدَ الزعفران...

اللهم اغفر وارحم وزد وبارك فيمن ساهم في هذا المسجد؛ مسجد الزعفران فتبرع بأرضه، أو ساهم بالبناء ولو بمسمار، أو طعام أو شراب، أو ساهم بالجهد، أو تبرع بالمال أو ساعد في جمعه، حتى ارتفع البنيان، وصدح فيه المؤذن بالأذان، وأقيمت فيه الصلوات والخطب ودروس العلم.

اللهم اغفر وارحم وارزق وزد وبارك في كلِّ من قصد هذا المسجدَ للصلاة أو الأذان، أو الإمامة أو الخطابة، أو الوعظ والتدريس، أو للتعلم والتعليم، أو التعبد والاعتكاف أو القيام على شئونه ونظافته.

اللهم اغفر وارحم وارزق وزد وبارك فيمن تعاهد أهلَ هذا المسجد في شهر رمضان بالطعام والشراب، بالتمر واللبن والثريد، فاللهم بارك فيهم، وفي أزواجهم وأولادهم، وذرياتهم وأموالهم وبقراتهم.

اللهم اغفر وارحم وتب وبارك وأنعم على جميع المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، اللهم قنا عذاب القبور والنار، وأسكنا جميعا الفردوس الأعلى من الجنة، بلا حساب ولا عذاب، يا عزيز ياغفار.

﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]، ﴿ وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 128].

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]، ﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 250].

﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286].

عباد الله! تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وتجاوز عن سيئها، وأعاده الله علينا وعلى أمة الإسلام لسنوات عديدة، وأزمنة مديدة، وأهلها يرفلون في ثياب العزِّ والرفاهية، والحياة السعيدة.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] (معرفة السنن والآثار للبيهقي) (7/ 248).

[2] قال الترمذي (543): (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ).

[3] (د) (1156).

[4] (م) 204 - (1164).

[5] (حب) 3659 وصححه الألباني في (الإرواء) (4/ 99) ح (946).

[6] بتصرف من (التبصرة) لابن الجوزى.

[7] متفق عليه.

[8] متفق عليه.

[9] فتح الباري (4/ 108).

[10] ابن ماجة ح (3349).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الفطر 1437هـ
  • هذا هو عيدنا أهل الإسلام (خطبة عيد الفطر)
  • خطبة عيد الفطر 1438 هـ
  • خطبة عيد الفطر المبارك 1438هـ (الحقوق في الإسلام)
  • خطبة عيد الفطر المبارك 1438 هـ
  • خطبة عيد الفطر 1439 هـ

مختارات من الشبكة

  • خطبة عيد الفطر: عيد فطر بعد عام صبر(مقالة - ملفات خاصة)
  • عيد الفطر: فرحة المسلمين بعد رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • حديث: الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • مختصر أحكام زكاة الفطر(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر المبارك 1446 هـ الأعياد بين الأفراح والأحزان(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة عيد الفطر: العيد وتجديد المفاهيم والقيم(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر: العيد ومظاهر وحدة الأمة(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر السعيد (1445 هـ) معنى الفرح بالعيد، وإسداء النصح للعبيد(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر: العيد والمسؤولية في الحياة...!!(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر: العيد سعادة وأمان(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب