• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

الشذوذ في الفتوى: أضراره وأسبابه وعلاجه

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/9/2010 ميلادي - 5/10/1431 هجري

الزيارات: 13812

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشذوذ في الفتوى: أضراره وأسبابه وعلاجه

 

الحمد لله العليم الحكيم؛ امتنَّ علينا فاختار لنا أحسنَ دينٍ وأحسن كتاب وأحسنَ شريعة، نحمده كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له؛ فرض الصيام؛ تزكية للنفوس، وتنقية للقلوب، وقهْرًا للشهوات، وإرغامًا للشيطان، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله؛ أخذَ دِينَ الله تعالى بحزْمٍ وعزْمٍ وقوة، وصدعَ به أمامَ الملأ من قومه، ولم يقبلْ فيه مداهنة قريش ولا مساومتهم؛ ﴿ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴾ [القلم: 9].

 

بل قال بكلِّ عِزٍّ وإباء: ((فماذا تظنُّ قريش؟ والله إني لا أزال أجاهدهم على الذي بعثني الله له حتى يُظْهِرَه الله أو تَنْفَرِدَ هذه السالِفَة))؛ يَعني: رقبته الشريفة - صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتْباعه إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعْمُروا هذه الأيام الشريفة بطاعة الله تعالى واحذروا ما يُذهب أجرَ الصوم من مجالس الباطل والزور، التي تحوي أنواعًا من الشهوات والشبهات، وأشدها خطرًا ما تنضح به بعضُ الفضائيَّات المفسدة من السخرية بدين الله تعالى والاستهزاء بأحْكَامه، وتبديل شريعته، وتزوير تاريخ المسلمين، والطعْن في الصحابة - رضي الله عنهم - وكيف يستجيز الصائمُ لنفسه هذه المشاهدَ الممرِضة للقلوب، المذْهِبة للدِّين، الغامسة في النفاق، لولا الجهْل والهوى، ورَبُّنا - جل جلاله - قد حذَّرنا بصريح الآيات من حضور هذه المجالس الآثمة؛ ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 140].

 

فيا لخسارة مَن أظمأ نهارَه بالصيام، وأتعبَ أركانه بالقيام، وأكثرَ من القرآن، ثم تفكَّه بمشاهد السخرية بدين الله تعالى ورَضِيَها لنفسه وأهل بيته، والراضي كالفاعل، وما أعظم جناية شياطين الإنس على الصائمين حين فَتنوا كثيرًا منهم في رمضان ببرامجهم ومسلسلاتهم، فأركسوهم في باطلهم، وزيَّنوا لهم نفاقَهم، مع عِلْمهم بقول الله تعالى فيهم: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [المنافقون: 4].

 

أيُّها الناس، حُرْمة الدين عظيمة، وتبديله إلى ما يريد الناس كبيرة، والخوض فيه بلا عِلْم جريرة، والنصوص في النهي عن ذلك كثيرة؛ ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]، ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ * وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [يونس: 59 - 60].

 

بل قَرَنَ الله تعالى تحريمَ ذلك بالشرْك والفواحش؛ ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 33].

 

وألزمَ - سبحانه - مَن جهلَ شيئًًا من دينه بالرجوع إلى أهل العِلْم به والأخْذ عنهم؛ ليعبدَ المؤمنُ ربَّه على بصيرة؛ ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]. وإلاَّ فإنَّ العبادة على جهْلٍ تؤدِّي إلى البدع، وتوصِّل إلى الشرْك، وينهك العابد فيها نفسَه ولا أجرَ له، فيكون ممن ﴿ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 104].

 

والجهْل قسيم الهوى في الضلال، وبه ضلَّ أكثرُ أهل الأرض؛ ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾[الأنبياء: 24].

ولأنَّ مقامَ العِلْم مرغوب، ودَرْكَ الجهْل مرفوض، فإن الإنسان يأبَى الوصفَ بالجهْل، وقد يَدِّعي العِلْم مَن لا عِلم له، وقد يظنُّ الناس توافُرَ الفقه فيمن ليس بفقيه، فيخوض في الشريعة بجهْل؛ فيوبِق نفسَه، ويُضلُّ غيرَه.

 

ومع كثرة أدوات الشهرة والظهور باتِّساع وسائل الإعلام والاتصال، وتعدُّد أساليب التلميع والتزييف، واستحْكام الجهْل بالشريعة في الناس - انبرى للفقه والفُتيا مَن ليس من أهلها؛ إمَّا قارئ مجوِّد، أو واعظ يجيد الوعْظَ، أو إخباري يحسنُ القَصَّ، أو مولَع بالغرائب، يدعو لنفسه بها، فأتى بعضُهم بشذوذٍ من الفقه استُبيحتْ بها مُحَرَّمات، أو أُسقطتْ بها واجبات.

 

بل تعدَّى الأمرُ ذلك إلى إقْحامِ مختصِّين في الإدارة أو التربية أو غيرها من العلوم الدنيويَّة للكلام في سيرة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وسيرة أصحابه رضي الله عنهم فأتوا بشنائع من الخطأ، وقد قيل: مَن تكلَّم في غير فنِّه، أتى بالعجائب.

 

وأعجبُ من ذلك - في زمن الغربة - أنَّ الحلال والحرام صارا كلأً مباحًا، وعِرْضًا مستباحًا لأهل النفاق والفِسْق والفجور، فلا يرعوي صحفي جاهلٌ أو إعلامي كاذب عن الكلام في دين الله تعالى بلا عِلْم، والخوض في الحلال والحرام بهوًى وجهْل، فيرفض من الشريعة ما تأْباه نفسُه المريضة بالهوى، ولا ينزجر مغنٍّ رقيع، أو ممثلٌ خليع، أو راقصة فاجرة عن إعلان رفْض أحْكَام الله تعالى في فرض الحجاب والستر والعفاف، ومنع السفور والتبرُّج والاختلاط، ولزوم قوامة الرجل على المرأة، ووجوب الْمَحْرَم لها في السفر.

 

كلُّ أولئك وأمثالهم حملتْهم الجُرأة على الله تعالى وعلى شريعته، مع جهْلهم بأقدار أنفسهم الوضيعة على استباحة حِمَى الشريعة، والقول فيها بلا عِلم.

 

والشهرة تجعل الشخصَ لا يعرف مِقْدار نفسه، فيظنُّ أنه يعلم وهو لا يعلم، والمعجبون به والمستغلون له يدفعونه بالمدح والثناء إلى تجاوز ما يحسنُ إلى ما لا يحسن، فيأتي بالأوابد والبواقع.

 

ولذا فإنَّ من أوجب الواجبات حماية جناب الشريعة من عبث العابثين، وسخرية الساخرين، وممن يخوضون فيها بجهْلٍ أو بهوًى، فيخالفون النصَّ أو الإجماع أو القياس الجلي؛ لإرضاء البشر بإباحة ما يهوون، وإسقاط ما لا يريدون من الشريعة.

 

قال ابن القَيِّم رحمه الله تعالى: "مَن أَفْتَى الناس وليس بأهلٍ للفتوى، فهو آثمٌ عاصٍ، ومَن أقرَّه مِن ولاة الأمور على ذلك، فهو آثمٌ أيضًا".

 

ثم نَقَلَ عن ابن الجوزي رحمه الله تعالى قوله: "ويلزم وليّ الأمرِ منْعهم؛ كما فعلَ بنو أُمَيَّة، وهؤلاء بمَنزلةِ من يدلُّ الرَّكْبَ وليس له عِلْمٌ بالطريق، وبمنزلة الأعمى الذي يرشدُ الناس إلى القبْلَةِ وبمنزلة مَن لا معرفة له بِالطِّبِّ وهو يَطِبُّ الناس، بلْ هو أسوأ حالاً من هؤلاء كلِّهم، ثم وصفَ حال شيخه ابن تيميَّة فقال: وكان شَيْخُنا رضي الله عنه شَديدَ الإنكار على هؤلاء فسمعتُه يقول: قال لي بعضُ هؤلاء: أَجُعِلْتَ مُحْتَسِبًا على الفتوى؟ فقلتُ له: يكون على الخَبَّازين والطبَّاخين مُحْتَسِبٌ، ولا يكون على الفتوى مُحْتَسِبٌ؟!".

 

ونقل أئمةُ الأحناف عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى قولَه: "لا يجوز الحجْرُ إلا على ثلاثة: على المفتي الماجِن، وعلى المتطبِّبِ الجاهل، وعلى المكاري المفلِس؛ لِمَا فيه من الضرر الفاحش إذا لم يُحْجَرْ عليهم، فالمفتي الماجن يُفْسِد على الناس دينَهم، والمتطبِّب الجاهل يُفْسد أبدانَهم، والمكاري المفلس يتلف أموالَهم، فيمنعون من ذلك دفعًا للضرر".

 

وقد فسَّروا المفتي الماجِن بأنه الذي يعلِّمُ الناس الحِيَل؛ ليحتالوا على الشريعة، وما أكثر مَن يفعل ذلك في زمننا باسم التيسير، وموافقة رُوح العصر، والخضوع لعموم البلْوَى، والاتِّكاء على المقاصد، ولو كان بانتهاك الشريعة، وإسقاط أحكامها.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾ [النحل: 116].

 

بارَكَ الله لي ولكم في القرآن.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمْدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومن اهْتَدى بهداهم إلى يوم الدِّين.


أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وقَدِّروا هذه الليالي قدْرها، واعْمُروها بأنواع الطاعات؛ فإن العملَ فيها ليس كالعمل في غيرها، واحفظوا صيامَكم مما يذهبه أو ينقصُه، ومَن لَمْ يدعْ قولَ الزُّورِ والعمل به والجهل، فليس لله حاجةٌ أنْ يدعَ طعامَه وشرَابَه.

 

أيُّها المسلمون:

إن القولَ على الله تعالى بلا عِلْم مَرَدُّه إلى سببين: جهل بالشريعة، أو هوى للنفْس أو لإرضاء الغير، وإذا كان يجبُ منْعُ الجاهل من الخوض في الشريعة، فواجبٌ على الناس عدمُ الأخْذ عنه، أو الاستماع إليه، ولا سؤاله عمَّا أشْكَلَ عليهم في دينهم، وإنما يرجعون إلى الثِّقات المشهود لهم بالعِلْم والفضْل.

 

وأمَّا صاحبُ الهوى، فقد يأتي بالقول الشاذ للتشديد على الناس، أو للترخيص لهم، فيخالفُ نصًّا مُحْكَمًا، أو إجماعًا منعقدًا، أو قياسًا معْتبرًا، والناس يظنون أنَّ القولَ الشاذَّ لا يركبه صاحبه إلا للترخص، ولكنَّه يأتي للتشدُّد أيضًا.

 

وأشهر فتوى شاذَّة نقلَها العلماء هي فتوى فقيه لملكٍ مِن الملوك لَمَّا جامَعَ في نهار رمضان، أفتاه بأنَّ عليه صوم شهرين متتابعين، فلمَّا أُنكِر عليه حيث لم يأمرْه بإعتاق رقبة مع اتِّساع ماله، قال: "لو أمرتُه بذلك، لسَهُلَ عليه، واستحقر إعتاقَ رقبة في جنبِ قضاء شهوته، فكانت المصلحة في إيجاب الصوم؛ لينزجرَ به".

 

فهذه فتوى باطلة؛ لمخالفتها النصَّ بما توهَّمه الفقيه مصلحة وليس كذلك؛ إذ المصلحة في اتِّباع النصِّ، وفتح باب مخالفة النصوص بدعوى المصالح يؤدِّي إلى تغيير جميع حدود الشرائع ونصوصها بسبب تغيُّر الأحوال، وهو ما ينادي به منافقو العصر، ومن ورائهم كفَّار أهل الكتاب.

 

وقد يفتري الشخص على الشريعة لإرضاء البشر، فيُدْخِل فيها ما ليس منها، وقد ذَكَر العلماء من أنواع الوضْع في الحديث: الوضع لإرضاء الملوك، ومثَّلوا له بفِعْل غياث بن إبراهيم، فإنه أُدْخِل على الخليفة المهدي وكان يعجبه الحمام الطيارة الواردة من الأماكن البعيدة، فروى غياث حديثًا عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: ((لا سبقَ إلا في خُفٍّ أو حافر، أو نصل أو جَناح))، فزادَ في الحديث "جناح"، فأمر له المهدي بعشرة آلاف درهم، فلمَّا قامَ وخرجَ، قال المهدي: أشهد أنَّ قفاك قفا كذَّابٍ على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (جناح)، ولكنَّ هذا أرادَ أن يتقرَّبَ إلينا، يا غلام، اذْبح الحمامَ، فذبح حمامًا بمالٍ كثير،

 

فقيل: يا أمير المؤمنين، وما ذنبُ الحمام؟ قال: من أجْلهنَّ كُذبَ على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم".

 

والملوك لا يحتاجون إلى من يكذبُ لهم أو عليهم، وإنما هم أحوج ما يكونون إلى مَن يَصْدُق معهم، وينصحُ لهم؛ كما روى تميم الدَّارِيُّ رضي الله عنه أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((الدِّينُ النصيحة، قلنا: لِمَنْ؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامَّتهم))؛ رواه مسلم.

 

وقد يكون شذوذُ الفتوى زَلَّة من عالم اجتهدَ فلم يوفَّقْ للصواب، فلا يتابعُ فيما شذَّ فيه، ولا يوافَق عليه؛ لأنه لا عصمة لأحدٍ بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال معاذ رضي الله عنه: "أُحذِّركم زَيغة الحكيم؛ فإن الشيطان قد يقولُ كلمةَ الضلالة على لسانِ الحكيم"؛ رواه أبو داود.

 

وصلوا وسلموا على نبيِّكم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تحرير المشتقات من مزاعم الشذوذ (1)
  • خطر الشذوذ (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الشذوذ الجنسي انحراف نفسي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علاج الشذوذ الجنسي(استشارة - الاستشارات)
  • حياتي تضيع بسبب الشذوذ الجنسي(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • أخي الأصغر يشاهد إباحية الشذوذ(استشارة - الاستشارات)
  • زوجتي ومقاطع الشذوذ(استشارة - الاستشارات)
  • كثرة الكلام عن انتشار الشذوذ في المجتمع اصابتني بالوساوس(استشارة - الاستشارات)
  • أخشى على أخي الشذوذ(استشارة - الاستشارات)
  • تبت من الشذوذ وبقيت آثاره(استشارة - الاستشارات)
  • التحذير من ظاهرة الشذوذ الجنسي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تبت من الشذوذ وبقيت آثاره(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب