• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

خطبة: فضل أمة الإسلام على سائر الأمم عامة، وعلى بني إسرائيل خاصة

خطبة: فضل أمة الإسلام على سائر الأمم عامة، وعلى بني إسرائيل خاصة
أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/1/2025 ميلادي - 16/7/1446 هجري

الزيارات: 5173

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة: فضل أُمَّةِ الإسلام على سائر الأمم عامة، وعلى بني إسرائيل خاصة

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:

فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

‌اللهم ‌صلِّ ‌على ‌محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

 

يقول الله عز وجل في محكم التنزيل: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].

 

وأخرج أحمد في "مسنده" (21136، 21137)، وأبو داود في "سننه" (3980)، والحاكم في "مستدركه ط الرسالة" (2983)، وابن جرير في "تفسيره" (12/ 198)، من طريق يحيى بن سعيد، عن أجلح، عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن، فقلت: أسمَّاني لك؟ قال: نعم، قيل لأبي: أفرِحتَ بذلك؟ قال: وما يمنعني، والله يقول: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا تَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58]؟ هكذا قرأها بالتاء)).

 

وأخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره" (10432) عن محمد بن كعب: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ﴾ [يونس: 58] قال: "إذا عمِلتَ خيرًا، حمِدت الله عليه، فافرح؛ فهو خير مما تجمعون من الدنيا"، عن الحسن في قول الله: ﴿ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ﴾ [يونس: 58]: "بالإسلام والقرآن"، ورُوِيَ عن القسم بن أبي بزة قال: "بالقرآن".

 

وقال ابن أبي حاتم في "تفسيره" (10433) في ‌‌قوله تعالى: ﴿ هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58]، حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا أبو خالد، عن جويبر عن الضحاك قوله: ﴿ هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58] قال: "خيرٌ مما تجمَّع الكفار من الأموال"، ورُوِيَ عن الحسن مثله.

 

هذه وقفة سريعة واجبة نتعرف فيها في دقائقَ يسيرةٍ إن شاء الله على فضل أُمَّةِ الإسلام، أمة سيد الأنام، أمة خاتم الأنبياء والرسل، محمدٍ صلى الله عليه وسلم على سائر الأمم، نتذكر فيها فضل الله علينا بالإسلام، ورحمته بنا أنْ جَعَلَنا من أهله، فنحمَد الله عز وجل على هذه النعمة العظيمة، ونشكره على آلائه الجسيمة، وللعلم فإننا لا يمكن بحالٍ أن نُوفِّيَ الله حقَّ حمده وحق شكره، وكيف هذا وحمدُنا اللهَ يحتاج إلى حمدٍ؛ أن ألهمنا الله عز وجل أن نحمَده، وأعاننا على ذلك، وشكرنا لله عز وجل يحتاج إلى شكرٍ أن ألهمنا الله عز وجل أن نشكره وأعاننا على ذلك، مَن منا كان له واسطة أو قرابة أو شفاعة أن يخلقه الله مسلمًا، لأبوَينِ مُسلمَينِ؟ لا أحدَ، مَن منا عمِل عملًا كبيرًا يستحق عليه المكافأة أن يجعله الله مسلمًا؟ لا أحد، هو محضُ نعمةٍ وفضل ورحمة من الله، ومِنَّة أن جعلنا مسلمين، اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا، اللهم أحْيِنا على الإسلام، وتوفَّنا على الإسلام، وابعثنا على الإسلام، واحشرنا في زمرة سيد الأنام؛ نبيِّنا محمد عليه الصلاة والسلام.

 

إخوةَ الإسلام، في ظل الأزمات نحتاج أن نقف مع أنفسنا وقفةً صادقة، نتأمل الماضي فنستخلص منه العِبر، ونتأمل الحاضر فنستفيد منه الجِدَّ والعمل، ونتأمل المستقبل فنستفيد منه التخطيط والإعداد، لا بد لنا أن نعرِفَ ما فضَّلنا الله عز وجل به على سائر الأمم، فنعتز به، ونستمسك به، ونحيا عليه، ونموت عليه إن شاء الله، وتأمل حال بعض شبابنا وأبنائنا الذين – والله - نُحِبُّ ونرجو لهم الخير، ونرجو أن يستعملهم الله في طاعته، وفي نفع أمة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن غاب عن بعضهم مثل هذا الفضل الذي فضل الله عز وجل به أُمَّةَ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فتجدهم يقلِّدون الغرب الكافر في الظاهر، وقد يمتد هذا التقليد إلى الباطن بقصدٍ أو عن غير قصد، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا من خطورة التقليد الظاهر، أنه ينعكس غالبًا على الباطن؛ وذلك لأنهم غفلوا عن فضل الله علينا ورحمته بنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

الفضل الأول: أمة التوحيد النَّقِيِّ الخالص:

اعلم - رحمني الله وإياك - أن هذه الأُمَّةَ المباركة من أهم ما يميزها، ومن أخص خصائصها، أنها أُمَّةُ التوحيد الخالص النقي، لا تشرك مع الله عز وجل نبيًّا أو وليًّا، ولا تؤمن بعصمة الأئمة كما يقول أصحاب دين الشيعة الاثني عشرية، إنها أُمَّةٌ تؤمن بالله عز وجل ربًّا إلهًا واحدًا، خالقًا رازقًا عليمًا، قديرًا سميعًا بصيرًا، لا شريكَ له ولا ندَّ، ولا صاحبة ولا ولد، وليس له كفوًا أحدٌ، أُمَّةٌ تعلن هذا صباحًا ومساء، ليلًا ونهارًا، تجهر به، في وسط من يقول: عزيرٌ ابن الله، وفي وسط من يقول: عيسى ابن الله، بل إن منهم مَن يقول: إن عيسى هو الله، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا، وفي وسط من يقول: إن عليًّا هو الله، وفي وسط من يقول: إن البدويَّ والرفاعي وغيرهم من الأقطاب الذين يُديرون الكون، تجد المسلمَ التقيَّ النقيَّ يقول كل يوم، مع كل أذان، ومع كل إقامة:

 

أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله.

 

تجد المسلم التقي النقي يقول على الأقل سبع عشرة مرة في اليوم والليلة:

﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 1 - 7].

 

تجد المسلم يقول في أذكاره في الصباح والمساء، وعقب الصلوات، وفي غالب الأوقات:

﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1 - 4].

 

إعلان صريح، نسأل الله عز وجل أن يُثبِّتنا على التوحيد الخالص، وأن يتوفَّانا عليه، وأن يبعثنا عليه، فلا حول لنا ولا قوة إلا به، تأمل فضل الله عز وجل علينا، وتأمل وعد الله عز وجل لمن صدَّق بهذا الثواب الذي لا يعدله ثواب:

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 48].

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 116].

 

أخرج البخاري في "صحيحه" (22) قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك، عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يدخل أهلُ الجنَّةِ الجنَّةَ، وأهل النارِ النارَ، ثم يقول الله تعالى: أخرِجوا من كان في قلبه ‌مثقال ‌حبة ‌من ‌خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسودُّوا، فيُلقَون في نهر الحَيَا أو الحياة - شكَّ مالك - فينبُتون كما تنبُت الحبَّة في جانب السَّيل، ألم تَرَ أنها تخرج صفراءَ ملتويةً؟))، قال وهيب: حدثنا عمرو: الحياة، وقال: خردل من خير.

 

الفضل الثاني: أُمَّة القرآن الكريم:

كتابُ ربنا عز وجل، تكلَّم به الله رب العالمين، من فوق سبع سماوات، كلامًا بحرف وصوت، سمِعه منه جبريل الأمين، ونزل به على رسول رب العالمين؛ نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم.

 

كتابٌ ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42].

 

كتابٌ قال الله عز وجل عنه:

﴿ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ [آل عمران: 3].

 

كتابٌ حوى كلَّ خير كان في الكتب السماوية قبله، وزاد عليها:

﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ﴾ [المائدة: 48].

 

قال ابن أبي حاتم في "تفسيره" (6475): حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا بن علية عن أبي رجاء قال: سألت الحسن: ﴿ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 48] قال: مصدقًا بهذه الكتب وأمينًا عليها، وقال أيضًا (6476): حدثنا أبي، ثنا أبو صالح، حدثني معاوية عن علي عن عباس قوله: ﴿ وَمُهَيْمِنًا ﴾ [المائدة: 48] يقول: سيدًا، ورُوِيَ عن السدي نحو ذلك، وقال أيضًا (6477) عن عبدالله بن عباس، من طريق علي بن أبي طلحة: ﴿ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 48]، قال: شهيدًا على كل كتاب قبله.

 

﴿ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ * وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ * وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [يونس: 37 - 41].

 

﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [يوسف: 111].

 

﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ * وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ * وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [العنكبوت: 46 - 52].

 

الفضل الثالث: أُمَّةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم:

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه؛ أنْ أكرمَنا، وجعلنا من أمة رسول الله؛ محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، فإن شرف التابع من شرف المتبوع، وكلما ازداد التابع اتباعًا، كلما زاد شرفه بقربه من المتبوع، كيف بنا والمتبوع هو سيد ولد آدم؛ محمدٌ صلى الله عليه وسلم؟ قال الله عز وجل في محكم التنزيل عن الشرط الذي اشترطه على بني إسرائيل ليكونوا من المؤمنين:

﴿ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 156 - 158].

 

بل إن الله عز وجل أخَذَ الميثاقَ على كل الأنبياء والمرسلين، على الواجب عليهم تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم لو بعثه الله فيهم؛ يقول الله عز وجل:

﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ [آل عمران: 81 - 83]

 

أخرج مسلم في "صحيحه" (6004) قال: حدثني الحكم بن موسى أبو صالح، حدثنا هقل؛ يعني ابن زياد، عن الأوزاعي، حدثني أبو عمار، حدثني عبدالله بن فروخ، حدثني أبو هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشقُّ عنه القبر، وأول شافع، وأول مُشفَّعٍ)).

 

أخرج البخاري في "صحيحه" (4476) قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام، حدثنا قتادة، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لي خليفة: حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو الناس، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلَّمك أسماء كل شيء، فاشفع لنا عند ربك حتى يُريحنا من مكاننا هذا، فيقول: لستُ هُناكم، ويذكر ذنبه فيستحي، ائتوا نوحًا؛ فإنه أولُ رسولٍ بعثَهُ الله إلى أهل الأرض، فيأتُونه فيقول: لستُ هناكم، ويذكر سؤاله ربَّه ما ليس له به علم فيستحي، فيقول: ائتوا خليلَ الرحمن، فيأتُونه فيقول: لستُ هُناكم، ائتوا موسى، عبدًا كلَّمه الله وأعطاه التوراة، فيأتونه فيقول: لستُ هُناكم، ويذكر قَتْلَ النفس بغير نفسٍ، فيستحي من ربه فيقول: ائتوا عيسى عبدَالله ورسوله، وكلمةَ الله وروحه، فيقول: لستُ هُناكم، ائتوا محمدًا صلى الله عليه وسلم، عبدًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني، فأنطلق حتى أستأذن على ربي فيُؤذَن، فإذا رأيت ربي وقعت ساجدًا، فيَدَعَني ما شاء الله، ثم يُقال: ارفع رأسك، وسَلْ تُعْطَهْ، وقُلْ يُسمَع، واشفَعْ تُشفَّع، فأرفع رأسي، فأحمَده بتحميدٍ يُعلِّمنيه، ثم أشفع، فيَحُدُّ لي حدًّا فأُدخِلهم الجنة، ثم أعود إليه، فإذا رأيت ربي – مثله - ثم أشفع فَيَحُدُّ لي حدًّا فأُدخِلهم الجنة، ثم أعود الرابعة فأقول: ما بقِيَ في النار إلا من حبسه القرآن، ووجب عليه الخلود)).

 

قال أبو عبدالله: إلا من حبسه القرآن؛ يعني قول الله تعالى: ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ [البقرة: 162].

 

﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا ﴾ [الفتح: 1 - 3].

 

ولا يتسع المقام لتعداد فضائل وشمائل وخصائص رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

 

الفضل الرابع: فضل شريعة الإسلام:

يقول الله عز وجل في محكم التنزيل عن شريعة التيسير والتخفيف؛ شريعة الإسلام:

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 157].

 

شريعة تأمر بكل خير وبِرٍّ، وتنهى عن كل شرٍّ وإثمٍ.

 

أخرج البخاري في "صحيحه" (3534) قال: حدثنا محمد بن سنان، حدثنا سليم، حدثنا سعيد بن ميناء، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلي ومَثَلُ الأنبياء كرجلٍ بنى دارًا، فأكملها وأحسنها إلا موضعَ لَبِنةٍ، فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون ويقولون: لولا موضعُ اللبنة)).

 

أخرج أحمد في "مسنده" (8952) قال: حدثنا سعيد بن منصور، قال: حدثنا عبدالعزيز بن محمد، عن محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما بُعِثتُ لأُتمِّمَ صالح الأخلاق)).

 

أخرج البخاري في "صحيحه" (39) قال: حدثنا عبدالسلام بن مطهر، قال: حدثنا عمر بن علي، عن معن بن محمد الغفاري، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((‌إن ‌الدين ‌يُسْرٌ، ولن يُشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غَلَبَهُ، فسدِّدوا وقارِبوا، وأبْشِرُوا، واستعينوا بالغُدْوَةِ والرَّوحة، وشيءٍ من الدُّلْجَةِ)).

 

والسَّداد: هو التوسط في الأعمال، الغَدوة: أول النهار، الرَّوحة: بعد الزوال، الدَّلجة: آخر الليل.

 

أما من أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لولا أن أشُقَّ على أُمَّتي))، فحدِّث ولا حرجَ؛ منها:

أخرج البخاري في "صحيحه" (36) قال: حدثنا حرمي بن حفص، قال: حدثنا عبدالواحد، قال: حدثنا عمارة، قال: حدثنا أبو زرعة بن عمرو بن جرير، قال: سمعت أبا هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((انتدب الله لمن خرج في سبيله، لا يُخرِجه إلا إيمانٌ بي وتصديق برُسُلي، أن أُرجِعَه بما نال من أجر أو غنيمة، أو أُدخِله الجنة، ‌ولولا ‌أن ‌أشُقَّ على أُمَّتي، ما قعدتُ خلف سرِيَّة، ولَوددتُ أني أُقتَلُ في سبيل الله ثم أُحيا، ثم أُقتل ثم أُحيا، ثم أُقتل)).

 

وأخرج في "صحيحه" (571) قال: وقال: سمعت ابن عباس يقول: ((أعْتَمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً بالعِشاء، حتى رقد الناس واستيقظوا، ورقدوا واستيقظوا، فقام عمر بن الخطاب فقال: الصلاةَ، قال عطاء: قال ابن عباس: فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلم، كأني أنظر إليه الآن، يقطُر رأسه ماءً، واضعًا يده على رأسه، فقال: ‌لولا ‌أن ‌أشُقَّ على أُمَّتي لَأمرتُهم أن يصلوها هكذا، فاستثبت عطاءً: كيف وضع النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه يدَه، كما أنبأه ابن عباس؟ فبدَّد لي عطاءٌ بين أصابعه شيئًا من تبديد، ثم وضع أطراف أصابعه على قرن الرأس، ثم ضمَّها يُمِرُّها كذلك على الرأس، حتى مسَّت إبهامه طَرَفَ الأُذُن، مما يلي الوجه على الصُّدغ وناحية اللحية، لا يقصُر ولا يبطِش إلا كذلك، وقال: ‌لولا ‌أن ‌أشُقَّ على أمتي لأمرتهم أن يُصلُّوا هكذا)).

 

وأخرج في "صحيحه" (887) قال: حدثنا عبدالله بن يوسف قال: أخبرنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((‌لولا ‌أن ‌أشُقَّ على أُمَّتي - أو على الناس - لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)).

وغيره كثير.

 

أخرج البخاري في "صحيحه" (3057) قال: وقال سالم: قال ابن عمر: ((ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم في الناس، فأثنى على الله بما هو أهلُه، ثم ذكر الدَّجَّال، فقال: إني أُنْذِرْكُمُوه، وما من نبي إلا قد أنذره قومه، لقد أنذره ‌نوحٌ قومه، ولكن سأقول لكم فيه قولًا لم يَقُلْهُ نبيٌّ لقومه: تعلمون أنه أعورُ، وأن الله ليس بأعورَ)).

 

وفيه أن الله عز وجل زادنا واختصنا في هذه الشريعة ما لم يُؤتِهِ الأمم من قبلنا؛ يقول الله عز وجل:

﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

 

أما في فضل أمة الإسلام على اليهود والنصارى خصوصًا، فحدِّث ولا حرجَ.

 

الفضل الرابع: حفظ القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية:

يقول الله عز وجل في محكم التنزيل:

﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].

 

﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 49].

 

وقد خصَّ الله عز وجل هذه الأُمَّةَ المباركة بخصائصَ عديدة؛ منها خصيصة حفظ الإسناد، فلا تجد أبدًا أُمَّةً من الأمم لها إسناد متصل مثل أمة الإسلام، بل تصل الانقطاعات عندهم إلى مائتين وثلاثمائة سنة!

 

﴿ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 30].

 

﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الزخرف: 37].

 

﴿ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ [المجادلة: 18].

 

الفضل الخامس: مضاعفة الأجور:

أخرج البخاري في "صحيحه" (557) قال: حدثنا عبدالعزيز بن عبدالله قال: حدثني إبراهيم، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبدالله، عن أبيه، أنه أخبره: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنما ‌بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم، كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس؛ أُوتِيَ أهلُ التوراةِ التوراةَ، فعمِلوا حتى إذا انتصف النهار عجزوا، فأُعطُوا قيراطًا قيراطًا، ثم أُوتِيَ أهلُ الإنجيل الإنجيلَ، فعمِلوا إلى صلاة العصر، ثم عجزوا فأُعطوا قيراطًا قيراطًا، ثم أُوتينا القرآن، فعمِلنا إلى غروب الشمس، فأُعطينا قيراطين قيراطين، فقال أهل الكتابَينِ: أي ربَّنا، أعطيتَ هؤلاء قيراطين قيراطين، وأعطيتنا قيراطًا قيراطًا، ونحن كنا أكثرَ عملًا؟ قال: قال الله عز وجل: هل ظلمتُكم من أجركم من شيء؟ قالوا: لا، قال: فهو فضلي أُوتِيه مَن أشاءُ)).

 

الفضل السادس: خيرُ أُمَّةٍ:

يقول الله عز وجل في محكم التنزيل:

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ * لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ * ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 110 - 112].

 

﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143].

 

والأمة الوسط هي أُمَّةٌ عالية في الخير والفضل والخصائص بين طرفين، وسط لا إفراط ولا تفريط، هي أمة وسط؛ أي: هي خيار الأمم، في كل الأمور، في الأخلاق والأعمال، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في الجهاد في سبيل الله.

 

أخرج البخاري في "صحيحه" (3339) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبدالواحد بن زياد، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يجيء ‌نوحٌ وأُمَّتُه، فيقول الله تعالى: هل بلَّغتَ؟ فيقول: نعم أي رب، فيقول لأُمَّتِهِ: هل بلَّغكم؟ فيقولون: لا، ما جاءنا من نبيٍّ، فيقول لنوحٍ: من يشهد لك؟ فيقول: محمدٌ صلى الله عليه وسلم وأُمَّتُه، فنشهد أنه قد بلَّغ؛ وهو قوله جل ذكره: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة: 143]، والوَسَطُ العَدْلُ)).

 

الفضل السابع: تخصيص عبادات للمسلمين وحدهم:

ومنها: فضل الجمعة ويومها:

أخرج مسلم في "صحيحه" (855) قال: وحدثنا قتيبة بن سعيد، وزهير بن حرب، قالا: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((‌نحن ‌الآخِرون ‌الأوَّلون ‌يوم ‌القيامة، ونحن أول من يدخل الجنة، بَيدَ أنهم أُوتُوا الكتاب من قبلنا، وأُوتِيناه من بعدهم، فاختلفوا فهدانا الله لِما اختلفوا فيه من الحق، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه، هدانا الله له - قال: يوم الجمعة - فاليوم لنا، وغدًا لليهود، وبعد غدٍ للنصارى)).

 

ومنها: فضل العِشاء:

أخرج البخاري في "صحيحه" (566) قال: حدثنا يحيى بن بكير، قال: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة: أن عائشة أخبرته قالت: ((أعْتَمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً بالعِشاء، وذلك قبل أن يفشوَ الإسلام، فلم يخرج حتى قال عمر: نام النساء والصبيان، فخرج فقال لأهل المسجد: ما ينتظرها أحدٌ من أهل الأرض غيركم)).

 

وأخرج في "صحيحه" (567) قال: حدثنا محمد بن العلاء قال: أخبرنا أبو أسامة، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: ((كنت أنا وأصحابي الذين قدِموا معي في السفينة نزولًا في بقيع بُطْحَان، والنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فكان يتناوب النبيَّ صلى الله عليه وسلم عند صلاة العشاء كلَّ ليلة نفرٌ منهم، فوافقنا النبي عليه السلام أنا وأصحابي، وله بعض الشغل في بعض أمره، فأعتم بالصلاة حتى ابهارَّ الليلُ، ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم فصلَّى بهم، فلما قضى صلاته قال لمن حضره: على رِسْلِكم، أبْشِرُوا، إن من نعمة الله عليكم، أنه ليس أحدٌ من الناس يصلي هذه الساعة غيركم، أو قال: ما صلَّى هذه الساعة أحدٌ غيركم، لا يدري أي الكلمتين قال، قال أبو موسى: فرجعنا، ففرحنا بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم)).

 

ومنها: فضل (آمين):

أخرج ابن ماجه في "سننه" (856) قال: حدثنا إسحاق بن منصور، قال: أخبرنا عبدالصمد بن عبدالوارث، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((‌ما ‌حسدَتْكُمُ ‌اليهودُ ‌على ‌شيء، ‌ما ‌حسدتكم ‌على ‌السلام ‌والتأمين)).

 

أخرج أحمد في "مسنده" (25029) قال: حدثنا عليُّ بن عاصم، عن حُصَين بن عبدالرحمن، عن عمر بن قيس، عن محمد بن الأشعث، عن عائشة، قالت: ((بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ استأذن رجل من اليهود، فأذِن له، فقال: السام عليك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك، قالت: فَهَمَمْتُ أن أتكلم، قالت: ثم دخل الثانية، فقال مثل ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك، قالت: ثم دخل الثالثة، فقال: السام عليك، قالت: فقلت: بل السام عليكم وغضبُ الله، إخوان القِرَدة والخنازير، أتُحيُّون رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لم يُحيِّه به الله؟ قالت: فنظر إليَّ، فقال: مَهْ، إن الله لا يحب الفُحش ولا التفحُّش، قالوا قولًا، فرددناه عليهم، فلم يضرنا شيئًا، ولزِمهم إلى يوم القيامة، ‌إنهم ‌لا ‌يحسُدونا ‌على ‌شيء، ‌كما ‌يحسدونا ‌على ‌يوم ‌الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى القِبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين)).

 

وغيرها كثيرٌ، وقد سبق بعضه في تعظيم الأجور، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أقول ما تسمعون، وإني أستغفر الله العظيم وأتوب إليه، فاستغفروه، وتوبوا إليه؛ إنه غفور رحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله له الحمد الحسن، والثناء الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يقول الحق وهو يهدي السبيل، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ قال الله عز وجل عنه في محكم التنزيل:

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

‌اللهم ‌صلِّ ‌على ‌محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

 

إذًا، أُمَّةُ الإسلام لها فضل عظيم على سائر الأمم، وخصوصًا بني إسرائيل، وذلك من خلال:

 

فضل الإسلام والتوحيد الخالص: أمة الإسلام تميَّزت بالتوحيد النقي الخالص دون إشراك أحدٍ مع الله؛ فالمسلم يشهد يوميًّا بوحدانية الله في الأذان والصلاة، والله عز وجل يغفر الذنوب إلا الشرك، وهو وعد عظيم لأهل التوحيد.

 

فضل القرآن الكريم: القرآن هو كلام الله المحفوظ من التحريف، شهيد على الكتب السابقة، هو هُدًى ورحمة وتفصيل لكل شيء، متميز بدقته وإعجازه.

 

فضل النبي محمد صلى الله عليه وسلم: أُمَّةُ الإسلام نالت الشرف باتباع سيد المرسلين، والنبي صلى الله عليه وسلم شافع الأمة يوم القيامة، وله منزلة عظيمة عند الله.

 

فضل شريعة الإسلام: الإسلام دين التيسير والرحمة، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، أكمل الله هذه الشريعة وأتمَّ بها النعمة على الأُمَّةِ.

 

فضل حفظ القرآن والسنة: الأمة الإسلامية اختصت بحفظ النصوص من التحريف، بخلاف الأمم الأخرى.

 

فضل مضاعفة الأجور: أجور أمة الإسلام مضاعَفة مقارنةً بالأمم السابقة، على رغم قصر أعمالهم الزمنية.

 

فضل كونها الأمةَ الوسطَ وخيرَ أُمَّةٍ أُخرِجت للناس: أمة الإسلام وُصِفت بالخيرية، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله، هي أمة العدل والاعتدال في كل شؤونها.

 

فضل ما اختصَّها الله عز وجل به من عبادات فريدة، وأجور عظيمة: خصَّ الله المسلمين بعبادات كصلاة الجمعة، وصلاة العِشاء، وقول "آمين" خلف الإمام، ومضاعفة الأجور فيها، وتحسُدهم عليها الأمم الأخرى.

 

ومع كل هذا الفضل، فعندما تتأمل حال أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، تجد القلب يصرخ ويقول:

 

أمتي، يا ويح قلبي، ما دهاكِ؟!

أمتي يا ويح قلبي ما دهاكِ؟!

أيُّ جرح في فؤاد المجد غائر

أمتي ماذا دهاكِ؟

أي موج في بحار الذل هادر

أي حزن أمتي؟ بل أي دمع في المآقي

أي أشجان تشاطر

أمتي يا ويح قلبي ما دهاكِ

داركِ الميمون أضحى كالمقابر

كل جزء منكِ بحر من دماء

كل جزء منكِ مهدوم المنابر

تغرس الرمح الدنيئة في سطور

العز والأمجاد ترمقها البصائر

كم هَوَت منا حصون غير أنَّا

نفتح الأفواه في وجه التآمر

ذلك الوجه الذي يلقى قضايانا

كما يلقى الطرائف والنوادر

أيها التأريخ لا تعتب علينا

مجدنا الموؤد مبحوح الحناجر

كيف أشكو والمسامع مغلقات

والرجال اليوم همهم المتاجر

ثلة منهم تبيع الدين جهرًا

تلثم الحسناء والكأس تعاقر

ثلة أخرى تبيت على كنوز

لا تبالي كان بؤسٌ أم بشائر

لا تراعي فالحقائق مترعات

بالأسى يا أمتي والدمع سائر

إنها الدنيا تمضي لا تبالي

إنها تجني من اللهو الخسائر

إنما العيش الذي نحياه ذل

نرتضي حتى وإن دنت الكواسر

يرفع المحتال قومي يا إلهي!

والصديق الحق للعدوان آمر

أيها التأريخ حدِّث عن رجال

عن زمان لم تَمُتْ فيه الضمائر

هل تُرى يا أمتي ألقاكِ يوم

تكتبين لنا من النصر المفاخر

ذلك الحُلم الذي أرجوه دومًا

أن أراكِ عزيزة والله قادر

 

في ظل ما تعانيه أُمَّتُنا ذات المجد التليد، من تسلُّط أعداء الدين بالعدوان العسكري على حصون المسلمين، يكاد القلب يتفطَّر حزنًا على العدوان الفكري، والغزو الثقافي، وتضييع هُوِيَّةِ شباب المسلمين، ووالله الذي رفع السماء بلا عَمَدٍ، إن العدوان الفكريَّ على عقول شباب المسلمين وأبنائهم وعلى فكرهم وقلوبهم، أشدُّ خطرًا، وأعظم بأسًا، وأكبر فتكًا من العدوان العسكري.

 

بعد أيام قليلة، يحتفل الغرب الكافر بميلاد ربهم، أو ابن ربهم، أو شريك ربهم، ونجد من المسلمين من يشاركهم.

 

والله عز وجل يقول عن المؤمنين في محكم التنزيل: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الفرقان: 72].

 

بعد أيام قليلة، قد نجد من أبناء المسلمين من يقع فيما نهى الله عز وجل عنه من المراهنات المحرَّمة، وهذا والله من شؤم اتباع المغضوب عليهم والضالين؛ مع أن الله عز وجل قال في محكم التنزيل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [المائدة: 90 - 92].

 

يا شبابَ المسلمين وأبناءهم وبناتِهم، هل أنتم منتهون عما نهى الله عز وجل عنه؟ هل أنتم منتهون عما نهى عنه رسوله صلى الله عليه وسلم؟ يا كلَّ مسلم، هل أنت مُنْتَهٍ عما نهى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عنه؟ نسأل الله العظيم أن يردَّنا إليه ردًّا جميلًا، وأن يُثبِّتنا على الحق والهدى.

 

اللهم إنا عبيدك، بنو عبيدك، بنو إمائك، نواصينا بيدك، ماضٍ فينا حكمُك، عدلٌ فينا قضاؤك، نسألك اللهم بكل اسمٍ هو لك سمَّيتَ به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيعَ قلوبنا، ونورَ صدورنا، وجِلاءَ أحزاننا، وذَهاب همِّنا وغمِّنا.

 

اللهم انصر إخواننا في غزة وفي كل ديار المسلمين، واربُط على قلوبهم، وأنزِل عليهم من رَحَمَاتِك، اللهم داوِ جَرْحَاهم، واشفِ مرضاهم، وتقبَّل شهداءهم، اللهم إنهم إخواننا، قد ظُلِموا بغير حقٍّ، وأُخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ، اللهم انتصر لهم، واربِطْ على قلوبهم، ورُدَّهم إلى ديارهم ومساجدهم، سالمين آمنين، اللهم يا رب العالمين، يا أرحم الراحمين، يا رب السماوات والأرض، يا من بيده مقاليد الأمور، نسألك أن تنصر إخواننا على عدوِّك وعدوِّهم وعدوِّنا نصرًا عزيزًا مؤزرًا، اللهم انصر مَن نَصَرَهم، واخذُل من خَذَلَهم، واجعل الدائرةَ تدور على أعدائهم وأعوانهم، اللهم ارفع الحصار عن إخواننا، واجعل ديارهم وأوطانهم آمِنةً مطمئنة، اللهم انصر إخواننا، وارحم شهداءهم، واشفِ جَرْحَاهم، وفُكَّ أَسْرَاهم، واحفظهم من كل مكروه وسوء، اللهم إنا نسألك باسمك القهَّار أن تقهر مَن قَهَرَ إخواننا، ونسألك أن تنصرهم على القوم المجرمين، اللهم بارك جهاد المجاهدين في كل أرض المسلمين، وأيِّدهم بجنودك ونصرك يا قويُّ يا كريم، اللهم انصر إخواننا المجاهدين، اللهم كُنْ لهم ولا تَكُنْ عليهم.

 

اللهم من كان من والدينا حيًّا، فأطِلْ عُمُرَه في طاعتك، ومُنَّ عليه بالصحة والعافية وحسن الخاتمة، ومن سبقنا منهم إليك، فاغفر له ذنبه، ووسِّع له في قبره مدَّ بصره، وآنِسْ وَحْدَتَه ووَحْشَتَه.

 

اللهم ربِّ لنا أبناءنا، وأصلح نساءنا، واهدِ بناتِنا، وارزقهن العَفاف، ووفِّق المسلمين لكل خير وبِرٍّ.

 

وصلِّ اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة المسجد النبوي 27/3/1434 هـ - فضل أمة الإسلام
  • دقة الإمام البخاري في إيراد ألفاظ الحديث: دراسة تحليلية لحديث في النياحة

مختارات من الشبكة

  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم وزواجر من خطب البلغاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: عام مضى وعام أتى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف تكون خطبة الجمعة خطبة عظيمة ومؤثرة؟ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخطبة الأخيرة من رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (13)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (12)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (10)(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب