• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

الفهم الصحيح للحياة (قواعد - ونتائج) (خطبة)

الفهم الصحيح للحياة (قواعد - ونتائج) (خطبة)
عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/8/2023 ميلادي - 12/2/1445 هجري

الزيارات: 16846

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الفَهم الصحيح للحياة [1]

(قواعد-ونتائج)

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:

فيا أيها المسلمون، إن صحة الأفهام من عطايا الله الجِسام، وآلائه العظيمة بين الأنام؛ لأن الفَهم الصحيح هو النور الذي يميِّز به بين الحق والباطل، والصحيح والفاسد، والنافع والضار، والصالح والطالح، فمن أُوتِيَهُ فقد أُوتِيَ خيرًا كثيرًا، ولا يُلقَّاه إلا الذين صبروا، ولا يُلقَّاه إلا ذو حظٍّ عظيم.

 

يقول ابن القيم رحمه الله: "صحة الفَهم وحسن القصد من أعظم نِعَمِ الله التي أنعم بها على عبده، بل ما أُعْطِيَ عبدٌ عطاءً بعد الإسلام أفضلَ ولا أجَلَّ منهما، بل هما ساقا الإسلام وقيامه عليهما، وبهما يأمن العبد طريقَ المغضوب عليهم الذين فسَد قصدُهم، وطريق الضالين الذين فسدت فُهُومهم، ويصير من الْمُنْعَم عليهم الذين حسُنت أفهامهم وقصودهم، وهم أهل الصراط المستقيم الذين أمرنا أن نسأل الله أن يهديَنا صراطهم في كل صلاة، وصحة الفَهم نورٌ يقذِفه الله في قلب العبد يميِّز به بين الصحيح والفاسد، والحق والباطل، والهدى والضلال، والغَيِّ والرشاد، ويمدُّه حسن القصد، وتحري الحق، وتقوى الرب في السر والعلانية، ويقطع مادَّتَه اتباعُ الهوى، وإيثار الدنيا وطلب مَحْمَدَةِ الخَلْقِ، وترك التقوى"[2].

 

ألَا وإن من المواطن التي يجب تصحيح الأفهام عنها، وفَهمها الفَهم الصائب في كل الجوانب: هذه الحياة الدنيا؛ لأنها مزرعة الآخرة، ودار العمل لها.

 

فما أعظم وأحسن أن نفهمها الفهم الصحيح الذي يريده منا من خلقها لنا! لأن الذين حادوا عن الفهم الصحيح لها تشعَّبت بهم أيادي الهَلَكَةِ في كل وادٍ، في عاجل أمرهم أو آجله؛ فنرى بعضهم ساقَتْه بلاياها وأكدارها إلى ذهاب العقول، أو عناء الأمراض النفسية، ونرى آخرين قادتهم شهواتها المحظورة إلى ضياع حظِّهم في الآخرة، ونرى بعضهم اغترَّ بسلامته وقدرته، فطغى وتجبَّر وظلم عبادَ الله، ونرى آخرين جرَّهم سوء فهم هذه الحياة إلى الضلال في متاهات الحَيرة والشك، حتى قال بعضهم معبرًا عن حيرته وضياعه:

جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت
ولقد أبصرتُ قُدَّامي طريقًا فمشيت
وسأبقى ماشيًا إن شئت هذا أم أبيت
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!
أجديد أم قديم أنا في هذا الوجود
هل أنا حر طليق أم أسير في قيود
هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مَقُود
أتمنَّى أنني أدري ولكن...
لست أدري[3]


لكن أنت – أيها المسلم - قد منَّ الله عليك بالإسلام، فينبغي لك أن تكمل هذه النعمة بأن تفهم الحياة فَهمًا صحيحًا تامًّا، ولا تكتفيَ بالفهم القاصر أو الجزئيِّ لها، ولا تنزل في بالك عناصر المفاهيم الخاطئة عنها؛ حتى لا تَزِلَّ ولا تضل، ولا تذهب عنك سعادة الآخرة في شقاء هذه الدنيا.

 

فجميل أن نعرف بعض القواعد المهمة لننطلق منها إلى حسن الفهم لهذه الحياة؛ حتى يخِفَّ علينا عناؤها، ويهون لدينا بلاؤها، وتكون نِعْمَ الدار المعمورة، بالأقوال والأفعال المشكورة، وحينئذٍ نودِّعها بسرورٍ، ونستقبل الآخرة بسعادة وحُبُورٍ.

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32].

 

أيها المؤمنون، من قواعد الفهم الصحيح لهذه الحياة: أننا خُلقنا إليها، وأوجدنا الله تعالى عليها لغاية واحدة؛ ألا وهي عبادته سبحانه وتعالى وحده.

 

فذو العقل الراجح هو الذي يستغل منحة العمر الدنيوي في العمل لهذه الغاية التي تضمن له سلامة العاقبة، وحسن المنقلب، وسعادة الحياة الأبدية.

 

قال تعالى: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [الملك: 2].

 

وقال: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]؛ قال النووي رحمه الله: "وهذا تصريح بأنهم خُلِقوا للعبادة، فحُقَّ عليهم الاعتناء بما خُلِقوا له، والإعراض عن حظوظ الدنيا بالزهادة؛ فإنها دارُ نفاد لا محل إخلاد، ومركَبُ عبور لا منزلُ حُبُور، ومَشْرَعُ انفصام لا موطن دوام؛ فلهذا كان الأيْقَاظُ من أهلها هم العُبَّاد، وأعقل الناس فيها هم الزُّهَّاد"[4].

 

وقال ابن القيم رحمه الله: "فأخبر سبحانه أنه إنما خلقهم للعبادة، وكذلك إنما أرسل إليهم رُسُلَه، وأنزل عليهم كُتُبه ليعبدوه؛ فالعبادة هي الغاية التي خُلِقوا لها، ولم يُخلَقوا لمجرد الترك"[5]، وقال أيضًا: "الجنة هي الغاية التي خُلِقوا لها في الآخرة، وأعمالها هي الغاية التي خُلِقوا لها في الدنيا"[6].

 

فمن رُزِق الفَهم الصحيح عمِل لهذه الغاية، وبذل عُمُرَه لهذا الهدف، واستغلَّ الزمان، ووظَّف الإمكانيات، ووجَّه بوصلة الأيام والليالي إلى هذه القِبلة، وصرف أفعاله وأقواله صالحةً خالصةً إلى هذه الوجهة.

 

فأي عاقل ينحرف عن هذه الغاية وقد عرَفها، ولا يبذل نفائس حياته في العمل لأجلها، وقد أدرك عاقبتها؟

 

أليس من الحُمْقِ الخطير أن يعمُر الإنسان أيامه ولياليَه في العمل الدؤوب لدنياه، ويغفُلَ عن العمل لأُخراه؛ فلا واجبات شرعية يؤديها، ولا محرمات يجتنبها، ولا مستحَبَّات يسارع إليها؟

 

فيا ضَيعةَ العقول التي حادت عن هذه السبيل، واشتغلت بما يُلهيها عما ينجيها بين يدي الملك الجليل!

 

ومن قواعد الفهم الصحيح لهذه الحياة: أنها حياة فانية، لا بقاء لها، ولا بقاء لأحدٍ عليها.

 

فلماذا نجِدُّ ونجتهد وننشغل كثيرًا بالحياة الفانية، ونكسَل ونلهو ونتناسى الحياة الباقية؟

 

ولو سألنا أنفسنا هذا السؤال الكبير: كم جعلنا في عمرنا للدنيا، وكم جعلنا منه للآخرة؟

 

إن من ينظر إلى جِدِّ الناس واجتهادهم في العمل للدنيا يظن أنهم يعملون لدار خالدة لا تفنى، أو أنهم سيخلُدون فيها ولا يموتون، أفبهذا أمَرَ الخالق، أم لهذا خُلِقَ المخلوق؟

 

اسمعوا ما قال ربنا عن فناء الدنيا: ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴾ [الكهف: 45].

 

وما قال عن حال أكثر الناس مع هذه الدار الفانية: ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [الأعلى: 16، 17].

 

عباد الله، ومن قواعد الفهم الصحيح لهذه الحياة: أن عمرك - أيها الإنسان - فيها قصير، ولو عُمِّرتَ فيها ما عُمِّرت.

 

كما أنك لا تدري متى ينتهي هذا العمر القليل، ويحل بساحتك داعي الموت والرحيل.

 

فيا أيها العاقل، إن هذا العمر المحدود هو الذي يحدد لك مستقبلك الأبديَّ، وتختار به مصيرك السرمديَّ.

 

فبِمَ ستقضيه، وبِمَ ستعمُر أوقاتَ أيامه ولياليه؟

 

ثم إن هذا العمر القصير يذهب كثيرٌ منه في حاجات البدن الدنيوية؛ من طعام وشراب، ونوم واكتساب، وأمراض وهموم، وغير ذلك، فماذا بَقِيَ منه لعمل الآخرة؟

وما خيرُ عيشٍ نصفه سِنَة الكَرَى
ونصفٌ به نَعْتَلُّ أو نتوجَّعُ
مع الوقت يمضي بؤسُهُ ونعيمُهُ
كأن لم يكن والوقتُ عُمرُك أجمعُ[7]

 

فعمرك - أيها المرتحل - في هذه الدنيا كظلٍّ بقِيَ قليلًا ثم ذهب؛ فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير، فقام وقد أثَّر في جنبه، فقلنا: يا رسول الله، لو اتخذنا لك فراشًا أوثرَ من هذا، فقال: ما لي وما للدنيا؟ ما أنا في الدنيا إلا كراكبٍ سار في يوم صائف، فاستظلَّ تحت شجرة ساعةً من نهار ثم راح وتركها))[8].

 

كان سفيان الثوري رحمه الله يتمثل بقول الشاعر:

أرى أشقياءَ الناس لا يسأمونها
على أنهم فيها عُراةٌ وجُوَّعُ
أراها وإن كانت تحب فإنها
سحابةُ صيفٍ عن قليل تقشَّعُ
كَرَكْبٍ قضَوا حاجاتهم وترحلوا
طريقهم بادي العلامة مَهْيَعُ[9]


وقال آخر:

ألَا إنما الدنيا كظلِّ سحابة
أظلَّتْك يومًا ثم عنك اضمحلَّتِ
فلا تكُ فرحانًا بها حين أقبلت
ولا تكُ محزونًا بها حين ولَّتِ[10]

 

وإذا دقَّقت النظر، وصحَّت منك الفِكَرُ، فستعلم موقنًا أن عمرك في الدنيا متى انقضى، فكأنه أحلامُ نائمٍ.

وما المرء في دنياه إلا كهاجعٍ
رأى في غِرارِ النومِ أضغاثَ أحلامِ[11]

أيها الإخوة الكرام، ومن قواعد الفهم الصحيح لهذه الحياة: أنها حياة مَشُوبة بالأكدار، مَحْفُوفة بالأخطار، بلاياها كثيرة، ومنغِّصاتها كبيرة، لا يسلم الإنسان فيها من مؤلم، ولا يأمَن من مُخوِّف، مهما كان سلطانه أو قوته أو غِناه، أو توافرت وسائل الراحة بين يديه.

 

فبينا يكون في أحسن أحواله، وأجمل ما يكون من نعيم باله، إذ بالمكاره تُقْبِل بحشودها، فتَعِيث في أرض راحته فسادًا، وتملأ صفاءَ نفسه كَمَدًا وكَدَرًا.

 

فيا أيها العاقل، لا تظنَّ أن أحدًا يَسْلَم من غَصَصِ الدنيا، وأنها ستمُرُّ عليه بلا عناء؛ فالدنيا "موضوعة على الكَدَر، فالبناء إلى النقض، والجمع إلى التفرُّق، ومن رام بقاءَ ما لا ينبغي، كان كمن رام وجودَ ما لا يوجد، فلا ينبغي أن يُطلَب من الدنيا ما لم تُوضَع عليه"[12].

 

قال ابن الجوزي رحمه الله: "ومن الذي حصل له غرض ثم لم يكدر؟! هذا آدم، طاب عيشه في الجنة، وأُخرِج منها، ونوح سأل في ابنه فلم يُعْطَ مراده، والخليل ابتُلي بالنار، ويعقوب بفقد الولد، ويوسُف بمجاهدة الهوى، وأيوب بالبلاء، وداود وسليمان بالفتنة، وجميع الأنبياء على هذا، وأما ما لقِيَ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الجوع والأذى وكدر العيش، فمعلوم، فالدنيا وُضِعت للبلاء، فينبغي للعاقل أن يوطِّن نفسه على الصبر، وأن يعلم أن ما حصل من المراد فلُطْفٌ، وما لم يحصل فعلى أصل الخَلْقِ والجِبْلَة للدنيا"[13].

 

لهذا سلِّم - أيها الإنسان - لهذا القدر المحتوم على الدنيا، فوطِّن نفسك على هذا الطبع لهذه الحياة، و"لا تستغرب وقوع الأكدار ما دمت في هذه الدار؛ فإنها ما أبرزت إلا ما هو مستحق وصفها، وواجب نعتها"[14].

ومن رام في الدنيا حياة سليمة
من الهمِّ والأكدار رام محالا[15]

قال بعض البلغاء: "الدنيا لا تصفو لشاربٍ، ولا تبقى لصاحب، ولا تخلو من فتنة، ولا تخلو من محنة، فأعرِض عنها قبل أن تُعْرِض عنك، واستبدل بها قبل أن تستبدل بك، فإن نعيمها يتنقل، وأحوالها تتبدل، ولذَّاتها تفنى، وتَبِعاتها تبقى"[16].

طُبِعت على كدر وأنت تريدها
صَفْوًا من الأقذار والأكدارِ
ومُكلِّف الأيام ضد طِباعِها
مُتَطَلِّبٌ في الماء جذوةَ نارِ
فالعيش نومٌ والمنِيَّة يقظة
والمرءُ بينهما خيالٌ سارِ
والنفس إن رضِيَت بذلك أو أبَتْ
منقادة بأزِمَّةِ المقدارِ
فاقضُوا مآرِبَكم عجالًا إنما
أعماركم سَفَرٌ من الأسفار[17]


أيها الإخوة الفضلاء، ولما كانت الدنيا بهذا الطبع الدائم، فلْنُصحِّحِ الأفهام عنها بأن لذَّاتها لا تدوم، والتمام في مُتَعِها لا يكون، فأي لذة فيها - مهما كانت - فهي ناقصة، ومكدِّرة، وسريعة الذَّهاب، وتعقُب بعض المكاره.

 

قال بعضهم:

حياتك بالهمِّ مقرونةٌ
فما تقطع العيشَ إلا بهمْ
لذَاذَاتُ دنياك مسمومة
فما تأكل الشَّهْدَ إلا بسُمْ
إذا تمَّ أمرٌ بدا نقصًه
توقع زوالًا إذا قيل تمْ[18]


قال بعض العلماء: "ينبغي للعبد ألَّا ينكر في هذه الدنيا وقوعَ هذه المصائب على اختلاف أنواعها، ومن استخبر العقل والنقل، أخبراه بأن الدنيا مارستان[19] المصائب، وليس فيها لذة على الحقيقة إلا وهي مشوبة بالكدر، فكل ما يظن في الدنيا أنه شراب فهو سراب، وعمارتها وإن أحسنت صورتها خراب، وجمعها فهو للذهاب، ومن خاض الماء الغَمْرَ لم يخلُ من بَلَلٍ، ومن دخل بين الصفين، لم يخْلُ من وَجَلٍ، فالعجب كل العجب ممن يده في سلة الأفاعي، كيف ينكر اللسع؟! وأعجب منه من يطلب من المطبوع على الضَرِّ النفعَ"[20].

 

إذا علمت هذا، فإن اللذات الصافية من المنغِّصات، والسالمة من المكدِّرات، والبعيدة عن سوء التَّبِعات - إنما هي لذَّات الآخرة فحسب، فاعمل لها، وجهز نفسك لاستحقاقها، واصبر على ما فاتك من لذات الدنيا، وما نغص عليك منها، فإنه ما فعل ذلك إلا لإصلاح حالك، وسلامة مآلك، فارضَ بما قضى تَنَلْ منازل الرضا؛ "قال بعض العارفين: ارضَ عن الله في جميع ما يفعله بك؛ فإنه ما منعك إلا ليعطيَك، ولا ابتلاك إلا ليعافيك، ولا أمرضك إلا ليشفيك، ولا أماتك إلا ليحييك، فإياك أن تفارق الرضا عنه طرفةَ عين فتسقط من عينه"[21].

 

نسأل الله أن يضيء أفهامنا، ويصلح أعمالنا.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

فيا أيها المسلمون، ومن قواعد الفهم الصحيح للحياة الدنيا: أنها تتقلب وتتبدل، ولا تبقى على حال، ولا تستقر على قرار.

 

فلا أمانَ لعزِّها من الذل، ولا لقوتها من الضعف، ولا لقدرتها من العجز، ولا لغِناها من الفقر، ولا لصحتها من المرض، ولا لأمنِها من الخوف، ولا ليُسْرِها من العسر، ولا لفرحِها من العناء، ولا لسعادتها من الشقاء.

 

فمن الذي فرِح بمولود ولم يبكِ على مفقود؟

ومن الذي سلِم وما سقِمَ؟

ومن فرِح وما حزِن؟

 

إن الإنسان "لو فتَّش العالم لم يرَ فيهم إلا مبتلًى، إما بفوات محبوب، أو حصول مكروه، وأن شرور الدنيا أحلام نوم، أو كظل زائل، إن أضحكت قليلًا أبكت كثيرًا، وإن سرَّت يومًا ساءت دهرًا، وإن متعت قليلًا منعت طويلًا، وما ملأت دارًا حَبْرَةً إلا ملأتها عَبرةً، ولا سرَّته بيومِ سرور إلا خبَّأت له يوم شرور؛ قال ابن مسعود رضي الله عنه: لكل فرحة تَرحة، وما مُلِئَ بيتٌ فرحًا إلا ملئ تَرَحًا، وقال ابن سيرين: ما كان ضحِكٌ قط إلا كان من بعده بكاء، وقالت هند بنت النعمان: لقد رأيتُنا ونحن من أعز الناس وأشدهم ملكًا، ثم لم تَغِبِ الشمس حتى رأيتنا، ونحن أقل الناس، وأنه حق على الله ألَّا يملأ دارًا حَبْرةً إلا ملأها عَبرةً، وسألها رجل أن تحدِّثه عن أمرها فقالت: أصبحنا ذا صباح وما في العرب أحد إلا يرجونا، ثم أمسينا وما في العرب أحد إلا يرحمنا"[22].

 

قال الله تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26].

 

وهذه الحال من التقلُّب والتداول للدنيا تدعو الإنسان إلى توطين نفسه على مجيء المكارِهِ بعد المحابِّ؛ حتى تهون عليه، ولا يشتد عليه الضر إذا جاءه مفاجئًا.

ثمانية لا بد منها على الفتى
ولا بد أن تجريَ عليه الثمانيهْ
سرورٌ وهمٌّ واجتماع وفُرْقة
ويسر وعسر ثم سُقْم وعافيهْ

 

ويدعوه هذا التبدل كذلك إلى ألَّا يَبْطَرَ في مسرَّاته، وتوافر قدراته، ولا يتعدى على أحد ظلمًا؛ فالأيام دول، والدهر قلب.

لكل شيء إذا ما تمَّ نقصان
فلا يُغَرَّ بطِيب العيش إنسانُ
هي الأمور كما شاهدتها دول
من سرَّه زمن ساءته أزمانُ
وهذه الدار لا تبقى على أحد
ولا يدوم على حال لها شانُ

 

عباد الله، ومن قواعد الفهم الصحيح لهذه الحياة أيضًا: أنها دار غربة، لا دار وطن، فأهلها منتقلون عنها ولا بد.

 

قال ابن القيم: "الناس منذ خُلِقوا لم يزالوا مسافرين وليس لهم حطٌّ عن رحالهم إلا في الجنة أو النار، والعاقل يعلم أن السفر مبني على المشقة وركوب الأخطار، ومن المحال عادة أن يُطلَب فيه نعيم ولذة وراحة، إنما ذلك بعد انتهاء السفر"[23].

 

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: ((أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِمَنْكِبي، فقال: كُنْ في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل، وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيتَ فلا تنتظرِ الصباح، وإذا أصبحتَ فلا تنتظرِ المساء، وخُذْ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك))[24].

 

فإذا أيقن الإنسان في هذه الدنيا أنه في سفر، فإن السفر يحتاج إلى زاد.

 

فما زاد المسافر في هذه الدنيا؟

قال تعالى: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].

 

وحين يعلم المؤمن أنه في دار غربة وسفر، فإن وطنه الحقيقي هو الجنة، وبلوغ ذلك الوطن الكريم لا يكون إلا باستعداد تام من العمل الصالح الخالص.

 

فالعجب ممن يعلم بهذه الحقيقة ثم يغفُل عن الاستعداد لها!

 

فـ"الناس كلهم في هذه الدار غرباء؛ فإنها ليست لهم بدار مقام، ولا هي الدار التي خلقوا لها...

وحيَّ على جنات عدن فإنها
منازلك الأولى وفيها الْمُخَيَّمُ
ولكننا سَبْيُ العدوِّ فهل ترى
نعود إلى أوطاننا ونسلَمُ
وأي اغتراب فوق غربتنا التي
لها أضحت الأعداء فينا تحكمُ

 

وكيف لا يكون العبد في هذه الدار غريبًا، وهو على جناح سفر، لا يحل عن راحلته إلا بين أهل القبور؟ فهو مسافر في صورة قاعد، وقد قيل:

وما هذه الأيام إلا مراحل
يحثُّ بها داعٍ إلى الموت قاصدُ
وأعجب شيء لو تأملت أنها
منازلُ تُطوَى والمسافر قاعدُ[25]


فيا أيها المسلمون، لنصحح أفهامنا عن هذه الدنيا؛ حتى نفوز في الآخرة، وذلك بأن نعلم أننا خُلِقْنا لعبادة الله وحده، فلننشغل بالعمل لهذه الغاية حياتنا كلها.

 

وإذا علمنا أن هذه الدنيا فانية، والآخرة باقية، فلن ننشغل بالفاني وننسى الباقي.

 

ومتى علمنا أن عمرنا قصير، وأجلنا فيه مجهول، فلنعمر هذا العمر القصير بما يُسْعِدنا في العمر الأخروي الطويل الذي لا نهاية له.

 

وحين أدركنا أن هذه الحياة مشوبة بالغُصَصِ والمكاره، فلنصبر على ذلك ونطلب تمام لذاتنا وراحاتنا في الجنة، ويكون ذلك بالاستعداد الصادق لها.

 

وعندما نرى أن الدنيا تتقلب أحوالها، وتتبدل أطوار أهلها، فلا نحيد عن الحق في محابِّها، ولا نيأس من تبدُّل مكارهها إلى ما نحب.

 

وها نحن أدركنا بيقين أن هذه الحياة دار سفر، وممرٌّ ومَعْبَرٌ؛ لذلك لا ننشغل بها عن دار الوطن الخالد، فإن الأيقاظ من الأنام من طلَّقوا الدنيا، وتمسَّكوا بحب الآخرة:

إن لله عبادًا فُطَنا
طلَّقوا الدنيا وخافوا الفِتنا
نظروا فيها فلما علِموا
أنها ليست لحيٍّ وطنا
جعلوها لُجَّةً واتخذوا
صالح الأعمال فيها سفنا[26]


نسأل الله أن يرزقنا حسن الأفهام، وسلامة الأحلام، وصلاح الجوارح، والتنافس على العمل الصالح.

 

هذا وصلوا وسلموا على خير الورى...

 


[1] ألقيت في جامع الشوكاني في: 2/ 2/ 1445هـ، 18/ 8/ 2023م.

[2] إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/ 95).

[3] ديوان إيليا أبو ماضي.

[4] رياض الصالحين (ص: 5).

[5] الفوائد لابن القيم (ص: 122).

[6] شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل (ص: 262).

[7] الذخائر والعبقريات (1/ 254).

[8] رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وهو صحيح.

[9] تاريخ الإسلام (2/ 982).

[10] روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار (ص: 139).

[11] ثمار القلوب في المضاف والمنسوب (ص: 671).

[12] آراء ابن الجوزي التربوية (ص: 164).

[13] صيد الخاطر (ص: 399).

[14] شرح الحكم العطائية (ص: 36).

[15] شرح الحكم العطائية (ص: 37).

[16] أدب الدنيا والدين (ص: 109).

[17] الزهد لابن أبي الدنيا (ص: 92).

[18] الزهد لابن أبي الدنيا (ص: 92).

[19] المارستان: المصحة والمشفى.

[20] تسلية أهل المصائب (ص: 22).

[21] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (2/ 208).

[22] زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 174).

[23] الفوائد لابن القيم (ص: 190).

[24] رواه البخاري.

[25] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (3/ 190).

[26] رياض الصالحين (ص: 6).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حاجتنا إلى الإسلام كمنهج للحياة
  • الأدب للجميع... وللحياة
  • إعداد الطفل للحياة الاقتصادية
  • انظر للحياة بشفاه باسمة
  • لا يشكر الله من لا يشكر الناس (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • قواعد الفهم الصحيح للوحي(مادة مرئية - موقع أ.د. عبدالله بن عمر بن سليمان الدميجي)
  • الفهم السليم والفهم العقيم منطلقات وغايات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 18/10/1432 هـ - الفهم الصحيح للواقع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب (الاستشراق- الفهم الصحيح)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الفهم الصحيح لحديث (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفهم الصحيح للدين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفهم الشمولي الصحيح للإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قاعدة ذهبية في الفهم والمواجهة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 14 / 11 / 1434 هـ - الفهم والإدراك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اختلاف درجات العلماء في الفهم والفقه(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب