• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

القول الميمون في شجرة الزيتون (خطبة)

القول الميمون في شجرة الزيتون (خطبة)
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/11/2022 ميلادي - 1/5/1444 هجري

الزيارات: 10017

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القول الميمون في شجرة الزيتون


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

فإنَّ أصدقَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار، أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يُقرِّب إلى النار، اللهم آمين آمين.

 

أكرمنا الله سبحانه في الأيام الماضية بماء من السماء؛ ليُحيي به بلدة ميتًا، وينظفَ الأجواءَ، ويسقي به البلاد والبهائم والعباد، فـالحمد لله القائل: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام: 99].

 

فيمتن الله سبحانه وتعالى علينا بنعمه فيقول في آية أخرى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأنعام: 141].

 

ومن بعض ما وهبنا الله سبحانه وتعالى أيضًا من السماء النازل: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ﴾ [النحل: 10]؛ أي: تَتْركون أنعامَكم ترعى فيه، ﴿ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 11].

 

وأمرنا سبحانه وتعالى بـالتدبُّرِ في آياته، والتفكُّرِ في مخلوقاته، والنظرِ فيما أطعمنا وسقانا، فقال جل جلاله: ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [عبس: 24 - 32]، والغُلْبُ: الـمُلْتَفَّةُ الأغصان، والأَبُّ: مَا يَأكُلُ الأَنْعَامُ.

 

ولقد أقسم الله سبحانه وتعالى بأشجارٍ خلقها؛ ليُبيِّنَ مكانتَها وأهميتَها، وعظمةَ المكانِ التي نَبَتَتْ فيه، فقال عزَّ من قائل: ﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 1 - 4]، فالشام أرض التين والزيتون أرضٌ مُقدَّسة، وطُورِ سيناء أيضًا أرض الزيتونِ أرضٌ مقدسة، والبلدُ الأمينُ- مكة المكرمة- أرضٌ مقدسة، فاللهم احفظ مَن حافظَ على المقدَّسات، وارضَ عنهم وأيِّدْهم.

 

وانتقم اللهمَّ ممَّن اغتصبَها ودنَّسَها، ومنعَ أهلها من الصلاة فيها، واقتلع أشجارها وزيتونها، وهدم بيوتها، اللهم آمين يا رب العالمين!

 

وإذا تمعَّنَّا في هذه الآياتِ؛ وجدنا أنَّ الزيتونَ ذُكِرَ مقرونًا بغيره من الأشجار والزروع، فذكر مع نباتات أخرى، كما استمعنا: ﴿ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ﴾ [الأنعام: 99]، ﴿ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ﴾ [الأنعام: 141]، ﴿ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ ﴾ [النحل: 11]، ﴿ وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا ﴾ [عبس: 29]، ﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ﴾ [التين: 1].

 

ولكن عندما أراد الله سبحانه وتعالى بيانَ ما لشجرةِ الزيتون من خصوصية، ذكرها الله سبحانه وتعالى في آيةٍ مستقلة؛ لرفعة شأنها وعُلوِّ شأْوِهَا، فقال جلَّ جلالُه: ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ * فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ [المؤمنون: 18، 19]، وجعل آيةً خاصَّةً لشجرة الزيتون، فقال: ﴿ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ ﴾ [المؤمنون: 20].

 

ولأهميةِ شجرة الزيتون من بين الأشجار، واختصاصِها بالبركة؛ ضربَ اللهُ سبحانه وتعالى لنوره مثلًا بزيتها المضيء دونَ احتراقٍ ولا اشتعالٍ ولا نار! فقال جلَّ جلاله: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 35].

فــ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ﴾ الحِسِّي والمعنوي، وذلك أنَّهُ تعالى بذاتِه نورٌ، وحجابُه - الذي بينه وبين خلقه لولا لطفُه؛ لأحرقت سُبُحاتِ وجهِه ما انتهى إليه بصره من خلقه- نورٌ، وبه استنار العرش، والكرسيُّ، والشمسُ، والقمرُ، والنورُ، وبه استنارت الجنة.

 

وكذلك النورُ المعنويُّ يرجع إلى الله، فكتابُه- القرآنُ الكريم- نورٌ، وشرعُه نورٌ، والإيمانُ والمعرفةُ في قلوبِ رسُلِه وعبادِه المؤمنين نورٌ.

 

فلولا نورُه سبحانه وتعالى، لتراكمت الظلمات؛ ولهذا كلُّ محلٍّ يفقدُ نورَه - نور الله- فثمَّ الظلمةُ والحصر.

 

﴿ مَثَلُ نُورِهِ ﴾ الذي يهدي إليه، وهو نورُ الإيمانِ والقرآنِ في قلوب المؤمنين، ﴿ كَمِشْكَاةٍ ﴾ -أي: كفتحة في حائط يُوضَع فيها المصباح- كُوَّةٌ ﴿ فِيهَا مِصْبَاحٌ ﴾؛ لأنَّ الكوَّةَ تجمعُ نور المصباحِ بحيثُ لا يتفرَّق ذلك، ﴿ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ ﴾ من صفائها وبهائها -ونقائها- ﴿ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ﴾؛ أي: مضيءٌ إضاءةَ الدُّرِّ.

 

﴿ يُوقَدُ ﴾ ذلك المصباح، الذي في تلك الزجاجةِ الدريَّةِ ﴿ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ ﴾؛ أي: يوقد من زيتِ الزيتون الذي نارُه من أنورِ ما يكون - شجرة الزيتون هذه- ﴿ لا شَرْقِيَّةٍ ﴾ فقط، فلا تصيبُها الشمسُ آخرَ النهار، ﴿ وَلا غَرْبِيَّةٍ ﴾ فقط، فلا تصيبها الشمس أوَّلَ النهار، وإذا انتفى عنها الأمرانِ، كانت متوسطةً من الأرض، كزيتون الشام، تصيبها الشمس أوَّلَ النهار وآخرَه، فتحسُنُ وتطيبُ، ويكونُ أصفى لزيتها؛ ولهذا قال: ﴿ يَكَادُ زَيْتُهَا ﴾ من صفائه ﴿ يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ﴾؛ فإذا مسته النار، أضاء إضاءةً بليغةً ﴿ نُورٌ عَلَى نُورٍ ﴾؛ أي: نور النار، ونور الزيت.

 

ووجهُ هذا المَثَلِ الذي ضربَه اللهُ سبحانه وتعالى، وتطبيقُه على حالةِ المؤمن، ونورُ اللهِ في قلبه؛ أنَّ فِطْرَتَه التي فُطِر عليها، بمنزلةِ الزيتِ الصافي، ففطْرتُه صافية، مُستعِدَّةٌ للتعاليمِ الإلهيَّة، والعملِ المشروع، فإذا وصل إليه العلمُ والإيمان، اشتعلَ ذلك النورُ في قلبه، بمنزلةِ اشتعالِ النارِ في فتيلةِ ذلك المصباح، وهو صافي القلبِ من سوءِ القصد، وسوءِ الفهم عن الله، إذا وصلَ إليه الإيمانُ؛ أضاءَ إضاءةً عظيمةً؛ لصفائِه من الكُدورات، وذلك بمنزلةِ صفاءِ الزجاجةِ الدُّرِّيَّة، فيجتمعُ له نورُ الفطرة، ونورُ الإيمان، ونورُ العلم، وصفاءُ المعرفة، نورٌ على نورِه.

 

ولـمـَّا كانَ هذا النورُ من نورِ اللهِ سبحانه وتعالى، وليسَ كلُّ أحدٍ يصلح له ذلك، قال سبحانه: ﴿ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ مِمَّنْ يعلمُ زكاءَه وطهارتَه، وأنَّه يزكو معه -يطهر- وينمو.

 

﴿ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ ﴾؛ ليعقلوا عنه ويفهموا؛ لطفًا منه سبحانه له وبهم، وإحسانًا إليهم، وليتَّضِحَ الحقُّ من الباطل، فإنَّ الأمثال تقرِّبُ المعانيَ المعقولةَ من المحسوسة، فيعلمُها العباد علمًا واضحًا، ﴿ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾، فعلمه محيطٌ بجميع الأشياء، فلتعلموا أنَّ ضربَه الأمثالَ، ضرْبُ مَن يعلمُ حقائقَ الأشياءِ سبحانه وتفاصيلَها، وأنَّها مصلحةٌ للعباد، فليكنْ اشتغالُكُم بتدبُّرِها وتَعَقُّلِها، لا بالاعتراضِ عليها، ولا بمعارضتها، فإنَّه يعلمُ وأنتم لا تعلمون؛ بتصرف من تفسير السعدي (ص: 568، 569).

 

فإن كنت أيها المؤمن، تريد تحقيق هذا النور؛ نورِ الإيمانِ والقرآنِ في قلبك، وزيادته وتقويته، وتبتغي شدة إضاءته في صدرك، فابحث عنه في أماكنه، فأكثرُ وقوعِ أسبابِه في المساجد، فذكرها الله سبحانه وتعالى بعد هذه الآية منوِّهًا بها -مباشرة- فقال: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [النور: 36- 38].

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، المبعوث رحمةً مهداة للعالمين كافَّة، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

ألا واعلموا أنه لا يوجد نصٌّ في زكاة الزيتون؛ لأنه لا يُزرع عندهم تلك الأيام؛ لكنْ من السلف مَن قال بوجوب إخراج عشرها أو نصفه، قال مَالِكٌ إمام دار الهجرة رحمه الله: (سَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ) الزهري (عَنْ الزَّيْتُونِ؟) فَقَالَ: (فِيهِ الْعُشْرُ)؛ الموطأ رواية يحيى (2/ 384، ت الأعظمي) ح (936)، (هق) (7246)، وله شاهد عند (ش) (10048)، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

 

سُئِل يَزِيدُ بْنُ جَابِرٍ ‌عَنْ ‌الزَّيْتُونِ؟ -أي: عن زكاته- فَقَالَ: (عَشَّرَهُ)؛ أي: أخرَجَ عشره؟ (عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالشَّامِ).

 

وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: (بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم إِلَى الْيَمَنِ، فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِمَّا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرَ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالدَّوَالِي) يعني بالنواضح وينقل الماء إليها نقلًا (نِصْفَ الْعُشْرِ)، (س) (2490)، (جه) (1818)، (حم) (22037)، (1458)، وصحَّحه الألباني في الإرواء: (1254).

 

ألا واعلموا أيضًا أن البركة في تناول زيت الزيتون طعامًا وادِّهانًا، فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (("كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ؛ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ"))، (ت) (1851)، (جه) (3319)، (حم) (16055)، صَحِيح الْجَامِع: (18)، الصَّحِيحَة: (379). وقال الألباني: وللزيت فوائد هامَّة، ذكر بعضها العلامة ابن القيم في (زاد المعاد)، فمن شاء رجع إليه؛ ا.هـ.

 

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((ائْتَدِمُوا مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ)) -يَعْنِي الزَّيْتَ-، (طس) (8340)، (ك) (7142)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (19).

 

ائتدموا من هذه الشجرة؛ أي: شجرة الزيتون.

 

وشجرة الزيتون لا ذكر لها في الآخرة، هذا والله تعالى أعلم، وصلوا على رسول الله الذي صلى الله عليه في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ وسلِّم وبارك وأنعم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

 

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

 

اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا دَينًا إلا قضيتَه، ولا مريضًا إلا شفيتَه، ولا مبتلًى إلا عافيته، ولا غائبًا أو أسيرًا إلَّا رددته إلى أهله سالمًا غانمًا يا أرحم العالمين.

 

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المحراث وشجرة الزيتون
  • الإعجاز الرباني في شجرة الزيتون
  • فيض الكريم في صفة إخفاء الميم لعمرو عبد الله الحلواني

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة القول الحسن في جواب القول لمن (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة القول الحسن في جواب القول لمن(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • نسبة القول أو الفعل إلى الله تعالى وهو قول أو فعل الملائكة بأمره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول الأكمل في معنى قول الناس غدا أجمل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول في صفات الله تعالى كالقول في ذاته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول في بعض صفات الله تعالى كالقول في البعض الآخر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول ببدعية صيام الست من شوال: قول باطل(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • النهي عن قول المملوك: ربي وربتي وقول السيد: عبدي وأمتي ونحوهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رقية المريض بقول: باسم الله أَرقيك، وقول: باسم الله يبريك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قرة العيون بإشراقات قوله تعالى {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون}(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 


تعليقات الزوار
1- خطبة رائعة
عبد الله - السعودية 20-02-2023 11:44 PM

أشكر الخطيب على جهوده

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب