• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

الرزق ومفاتحه (خطبة)

الرزق ومفاتحه (خطبة)
إبراهيم الدميجي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/8/2022 ميلادي - 19/1/1444 هجري

الزيارات: 185569

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الرزق ومفاتحه

(منقولة ومهذبة ومزيدة)

 

الحمد لله الغني الوهاب، الكريم التواب، لا تغيظه نفقة بإعطاء، ولا تلحقه فاقة بإسداء؛ فلله خزائن السماوات والأرض، ويد الله ملأى، لا تغيظها نفقة، سحَّاءُ الليلَ والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فإنه لم يَغِضْ ما في يده.

 

ولو أن العباد أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم قاموا في صعيد واحد فسألوه فأعطى كل واحد منهم مسألته، ما نقص ذلك من ملكه إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل في البحر، وأشهد أن لا إله إلا الله الغني عن عباده وجميعهم إليه مفتقرون: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15] وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا؛ أما بعد:

فأوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله؛ فإنها العروة الوثقى، والعون الأقوى؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ ﴾ [الزمر: 16].

 

عباد الله، إن الله خلق الخلق، وأسكنهم هذه الأرض وهم عاجزون عن كفاية أنفسهم، وإصلاح معايشهم، وبهم حاجة ملحَّة إلى بارئهم اختيارًا واضطرارًا، لا يسدها أحد سواه.

 

فالفقر والحاجة، والعوز والفاقة أوصافهم الذاتية السرمدية، والغِنى والوُسع، والملك والعز أوصاف خالقهم الذاتية الأبدية، فلما خلقهم تكفَّل برزقهم وحده قبل وجودهم على هذه الأرض، ودخولهم بالحياة إليها؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أحدكم يُجمَع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم تكون علقة مثل ذلك، ثم تكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله الملك فينفخ فيه الروح، ثم يُؤمر بأربع كلمات: كتب رزقه، وعمله، وأجله، وشقي هو أم سعيد))؛ [متفق عليه]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((الرِّزقُ أشدُّ طلبًا للعبدِ من أجَلِه))؛ [صححه الألباني].

 

ولن يخرجوا عن الحياة بالموت حتى يستكملوا ما كُتب لهم من ذلك الرزق؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن رُوح القدس نفث في رُوعي - أي: قلبي - أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب - أي: اطلبوا الرزق بطرق جميلة مشروعة - ولا يحملنَّ أحدَكم استبطاءُ الرزق أن يطلبه بمعصية الله؛ فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته))؛ [رواه الحاكم].

 

وحينما حث ديننا الحنيف على طلب الرزق، فإنه قد حرم كل طريق مشبوه لأخذ الرزق وتحصيله، مهما كان إغراؤه، فالنار قد حفت بالمكاره.

 

ومن استعجل الرزقَ بالحرام مُنِع الحلالَ؛ وبئس المطية إلى النار المالُ الحرام، وأي جسد نبت من السحت، فالنار أولى به.

 

إن من نعم الله الخفية على بعض الناس العيشَ في ظل الفقر؛ لأن الغِنى خطر عليه؛ إذ هو بوابة البغي والطغيان، والله يعلم وأنتم لا تعلمون، فمن الناس من لا يصلحه إلا الفقر ولو اغتنى لكفر؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ [الشورى: 27].

 

فعلى المسلم أن يرضى بقدر الله وقضائه، ويعلم أن اختيار الله له خير مما يتشوف إليه ويريده، وعليه أن يعلم كذلك أن قضية الرزق من قضايا الإيمان بالقدر، وأن الغِنى غير آتٍ بذكاء الأذكياء، أو سعة عقول العقلاء؛ فكم من صاحب ذكاء كبير يرافقه الفقر والحاجة! وكم من جاهل غير فطن يتقلب بين أحضان الغنى والترف!

 

عباد الله، إن الله هيأ لعباده في هذا الكون أسباب الرزق ووسائله، وأمر الإنسان أن يسعى في طلب الرزق، وتحصيل ما يصلح العيش؛ فالرزق لا ينزل على متكاسل أو متواكل؛ قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15]، قالت عائشة رضي الله عنها: ((كان أصحاب رسول الله عمالَ أنفسهم))؛ [رواه البخاري].

 

لقد أمر الله تعالى بالعمل وطلب الرزق وبذل الأسباب، مع كمال التوكل على الرزاق الكريم، ونهى عن تكفف الناس وسؤالهم والذل لهم؛ قال عليه الصلاة والسلام: ((لأن يحتطب أحدكم حُزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدًا، فيعطيه أو يمنعه))؛ [رواه البخاري].

 

عباد الله، إن الله تبارك وتعالى قد يبسط الرزق لبعض العصاة ابتلاء واستدراجًا، لا محبة ولا مكافأة، وإن كان لهم في الدنيا المال الكثير، فإنه مال لا خير فيه، ويغدو نقمة عليهم لا نعمة، وعذابًا لا نعيمًا، ولكن أكثر الناس لا يفقهون؛ قال تعالى عن قوم قارون: ﴿ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ [القصص: 82]، وقال النبي صلى الله عليه و سلم قال: ((إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج؛ ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44]))؛ [رواه أحمد].

 

وأما الطائع لربه، المتحري الحلالَ في كسبه، فإن لطاعاته أثرًا كبيرًا في جلب الرزق وبركته، ونعم المال الصالح في يد الرجل الصالح.

 

واعلموا - رحمكم الله - أن الإيمان والعمل الصالح سبب كبير من أسباب الرزق؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96]، وقال: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

فإقامة شرع الله والاستقامة على دينه سبب كبير لجلب الرزق؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 66].

 

أيها الفضلاء، من أسباب جلب الرزق: استغفار الله تعالى استغفارًا صادقًا كثيرًا؛ قال تعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 – 12].

 

عباد الرحمن: البر وصلة الأرحام من أسباب زيادة الرزق؛ ففي الصحيحين عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سَرَّهُ أن يُبسط له في رزقه، وأن يُنسأ له في أثره، فليَصِلْ رحمه)).

 

والتبكير في طلب الرزق يزيد الرزق؛ فعن صخر الغامدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم بارك لأمتي في بكورها، قال: وكان إذا بعث سرية أو جيشًا بعثهم في أول النهار، قال: وكان صخر رجلًا تاجرًا، فكان يبعث تجارته في أول النهار فأثرى وكثر ماله))؛ [رواه أبو داود].

 

هذا، والتوكل على الله - مع الأخذ بالأسباب الممكنة - يجلب الرزق بإذن الله؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أنكم توكلتم على الله حق توكله، لَرَزَقَكُمْ كما يرزق الطير؛ تغدو خماصًا، وتروح بطانًا))؛ [رواه أحمد].

 

أيها المسلمون، ومن أسباب جلب الرزق: الجهاد في سبيل الله تعالى؛ روى الإمام أحمد وغيره عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بُعثتُ بين يدي الساعة بالسيف حتى يُعبد الله تعالى وحده لا شريك له، وجُعل رزقي تحت ظل رمحي))، وقال تعالى: ﴿ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنفال: 69].

 

ومن مفاتيح الرزق: الصدقة والإنفاق في وجوه الخير؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39]، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله تبارك وتعالى: يا بن آدم، أنْفِقْ أُنْفِقْ عليك))، وقال صلى الله عليه وسلم لبلال: ((أنْفِقْ بلالًا، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالًا))؛ [رواه البيهقي]، ومن دعاء الملكين كلَّ يوم: ((اللهم أعطِ منفقًا خَلَفًا)).

 

وشكر النعم هو قيد النعم الموجودة وصيد النعم المفقودة؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].

 

ومن الأسباب الجالبة للرزق: الزواج من أجل العفاف؛ قال عمر رضي الله عنه: "عجبي ممن لا يطلب الغِنى في النكاح؛ وقد قال الله تعالى: ﴿ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النور: 32]!"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة حقٌّ على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف))؛ ]رواه الترمذي].

 

عباد الله، إذا أردتم الرزق الحسن المبارك، فاطرقوا باب السماء بالدعاء واللجوء الصادق إلى الرزاق الكريم، الذي لا يخيب من رفع يديه إليه، واثقًا به، متفائلًا بجوده وفضله.

 

فالدعاء من الأسباب العظيمة، فأينكم عن أدعية نبيكم في طلب الرزق وقضاء الدين، مما أُثِرَ عنه صلى الله عليه وسلم، واحفظوها، ورددوها، وألحوا على الله تعالى بها وأنتم موقنون بالإجابة، واضرعوا إلى الغني الكريم الوهاب بها:

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

 

اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمن سواك.

 

اللهم اقضِ عنا الدَّين، وأغننا من الفقر.

 

اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن، ومن العجز والكسل، ومن الجبن والبخل، ومن غلبة الدين وقهر الرجال.

 

اللهم إنا سألك الهدى، والتقى، والعفاف، والغِنى.

 

يا حي، يا قيوم، بك نستغيث، فأصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، لا إله إلا أنت.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله العلي الأعلى، الذي قدر فهدى، والذي أخرج المرعى فجعله غثاءً أحوى، الحمد لله الذي أضحك وأبكى، وأمات وأحيا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، والصلاة والسلام والبركة على خير خلق الله النبي الهادي البشير، صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:

فأوصيكم ونفسى بتقوى الله عز وجل، فإنه من يتقِ الله يجعل له مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب، وإنه من يتقِ الله، يجعل له من أمره يسرًا، وإنه من يتقِ الله، يكفر عنه سيئاته، ويُعْظِم له أجرًا.

 

عباد الله، ثمة أمور تذهب الرزق وتمحقه، وتحول بين العبد وبين التنعم برزقه، وهذه الأمور على كثرتها ترجع إلى أصل واحد؛ هو: معصية الله تعالى، وإن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يصيبُه، وتأملوا أحوال الناس الآن لما طغوا بالمعاصي، وكفران النعم، كيف ابتلاهم الله بالغلاء ونقص الأرزاق، فلا إله إلا الله؛ قال تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112].

 

ومن الأمور التي تمحق الرزق: أكل الربا؛ لأن الربا معصية كبيرة للخالق سبحانه، وظلم شنيع للمخلوق، وقطع للمعروف بين الناس، وإفساد للمجتمعات؛ قال تعالى: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾ [البقرة: 276]، وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 278، 279]؛ قال ابن عباس: "يُقال لآكل الربا يوم القيامة: خذ سلاحك فبارز رب العالمين، يقال له هذا تبكيتًا لأنه حاربه في الدنيا بالربا".

 

معشر التجار، إن كثرة الحلف في البيع تمحق الأرباح، وتُذْهِب بركة الرزق، حتى وإن كان صادقًا؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الحلف مَنفَقة للسلعة مَمَحقة للبركة))، وفي لفظ: (للربح)، وعند مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم وكثرة الحلف في البيع؛ فإنه يُنَفِّق ثم يمحق)).

 

ومما يغلق باب الرزق الطيب المبارك على صاحبه: الانشغال بطلب الرزق عن فرائض الله، وعن الصلاة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون: 9].

 

فيا من رزقك الله، ومد عليك بساط رزقه الواسع، أنفق فيما يرضي من رزقك وأعطاك فيما يجب عليك من زكوات، ونفقات على نفسك وأهلك وأولادك، ومن ولاك الله الإنفاق عليه، وتناول منه على وجه الاقتصاد بلا إسراف في وجوه الكرم والمباحات، ولا تبذر؛ فإن المبذرين كانوا إخوان الشياطين.

 

ولا تبخل وتشح عن إخراجه في أوجهه المشروعة من حقوق الله، وحقوق الخلق؛ فإن البخيل غني اليد فقير الحال، يكد ويتعب لغيره، عليه الغُرم ولسواه الغُنم.

 

ومن قُدِر عليه رزقُه، فليطمئن إلى قدر الله، ويرضَ بقسمة الله؛ فإنه تعالى أرحم به من نفسه، وليلزم القناعة شعارًا والصبر دثارًا، فما أحسنه من لباس على العبد! قال بكر المزني: "يكفيك من الدنيا ما قنعت به، ولو كفَّ تمرٍ، وشربة ماءٍ، وظلَّ خباءٍ، وكلما انفتح عليك من الدنيا شيءٌ ازدادت نفسك به تعبًا".

 

وليعلم أن الرزق ليس بابًا واحدًا هو المال؛ فالصحة والعافية رزق قد يُرزَقها الفقير ويُحرَمها الغني، وكذلك الستر رزق، ومحبة الناس رزق، والزوجة الصالحة رزق، والأبناء البررة رزق، والجار الصالح رزق، والتوفيق من الله رزق، والعلم والعقل رزق، وأعظم الأرزاق على الإطلاق هو رزقُ الإيمانِ والاستقامة والعلمِ النافع والعمل الصالح، وسَلِ الراحلين عن الدنيا: هل تساوي كنوز الأرض طاعة لله واحدة؟!

 

قيل لحاتم: على ما بنيت أمرك في التوكل على الله؟ قال: "على خصال أربعة: علمت أن رزقي لا يأكله غيري فاطمأنت نفسي، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت يأتي بغتة فأنا أبادره، وعلمت أني لا أخلو من عين الله فأنا مستحي منه"، ورحم الله الشافعي إذ قال:

توكلتُ فِي رزقي على الله خالقي
وأيقنتُ أن الله لا شك رازقي
وما يكُ من رزقي فليس يفوتني
ولو كان في قاع البحار العوامقِ
سيأتي به الله العظيم بفضله
ولو لم يكن مني اللسانُ بناطقِ
ففي أي شيء تذهب النفس حسرة
وقد قسَّم الرحمن رزق الخلائق؟

 

عباد الرحمن: توكلوا على الله، وثِقوا به وأحبوه من كل قلوبكم، واعبده حق عبادته، وكونوا لما في يده أوثق منكم لما في أيديكم؛ فعن ابن مسعود قال: "إن أرجى ما أكون للرزق إذا قالوا ليس في البيت دقيق".

 

ولطالما عرفت أن الآجال والأرزاق مكتوبة ومحسوبة، فادفع همهما عن نفسك.

سهرت أعين ونامت عيون
في شؤون تكون أو لا تكونُ
فدَعِ الهمَّ ما استطعت
فحملانك الهموم جنونُ
إن ربًّا كفاك ما كان بالأمس
سيكفيك في غدٍ ما يكونُ

 

اللهم صلِّ على محمد...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأجل والرزق
  • من أسباب الرزق
  • الرزق
  • الإنفاق والرزق
  • أقوال عن الرزق
  • شعر عن الرزق
  • طرق الرزق الحلال
  • ضمان الرزق والأجل
  • الرزق في ضوء الكتاب والسنة

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعلق بالمتفرد بالرزق وقوله تعالى (فابتغوا عند الله الرزق)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • العبادة وطلب الرزق (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • عشرون سببا لزيادة الرزق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأسباب الجالبة للبركة في الرزق في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • مفاتيح الرزق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الصلاة أعظم أسباب الرزق الحسن(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أسباب الرزق في القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نظرة شمولية لمعنى الرزق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مفاتيح الرزق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر
يوسف محمد إبراهيم المك - السودان 02-10-2023 09:31 AM

ما شاء الله تبارك الله خطبة قيمة تلامس مشاكلنا الحقيقية في قلة البركة في الرزق والطرق الإسلامية الصحيحة في زيارة الرزق.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب