• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

التداوي بالرقية الشرعية

التداوي بالرقية الشرعية
عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/1/2020 ميلادي - 16/5/1441 هجري

الزيارات: 28689

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التداوي بالرقية الشرعية

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:


فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها المسلمون، كُتب على هذه الحياة الفانية أن تكون مشوبة بالأكدار، معمورة بوجود أنواع من الأذى والأضرار، ومن حِكَمِ الله تعالى في هذا التقدير الحكيم إرجاعُ العباد إلى ربهم حينما يحسون بالضعف والعجز، وجعْلُ ما يؤلمهم ويحتسبونه عند الله سببًا لرفع درجاتهم وتكفير سيئاتهم، ومن الحكم أيضًا تشويق الناس إلى جنة الله تعالى دار السلام التي يسلَمُ فيها أهلها من كل كدر وأذًى وضرر.


ألا وإن من تلك الأكدار والأضرار التي تصيب الإنسان في هذه الدنيا: الأمراض التي تعتريهم، فتقعدهم عن النشاط والحركة والقوة، والقدرة على القيام بأمور دينهم ومصالح دنياهم.


وقد اقتضت رحمة الله تعالى بعباده أنْ حثَّهم على التداوي والاستشفاء؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداوَوا، ولا تداوَوا بحرام))[1]. وعن أسامة بن شريك قال: ((جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أنتداوى؟ قال: تداووا؛ فإن الله لم ينزل داء، إلا أنزل له شفاء، علِمَهُ من علمه، وجهِلَهُ من جهله))[2].


عباد الله، إننا إذا سقمنا، بحثنا عن العلاج الذي تُردُّ به عافيتنا إلينا، ألا فاعلموا أن من الأدوية التي تُشفى بها الأسقام، وتخف بها الآلام: الرقية الشرعية، وهي قراءة سور من القرآن وآيات منه، وأدعية مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك من الذكر والدعاء المشروعين.


والرقية الشرعية دواء نافع للأمراض المعنوية وللأمراض الحسية، غير أن بعض الناس قلَّ يقينهم بعلاج الرقية الشرعية، وقوي بالعلاج بالعقاقير الطبية التي يجدها في المستشفيات والصيدليات، حتى غدا بعضهم يكذِّب بأثر الرقية؛ لكونها أمرًا طبيًّا غير محسوس، وهذا غير صحيح؛ فالرقية المشروعة يشهد بأثرها الشرع والتاريخ والواقع، وهي نوع من الدواء الناجع والاستشفاء النافع لكثير من عباد الله، لكن قد لا يشفى بها بعض المرضى، كما لا يشفى بغيرها من الأدوية الحسية، لحكمة يريدها الله تعالى.


فكم من مريض استشفى في عيادات ومشافٍ متعددة، وتناول عقاقير طبية حديثة كثيرة؛ فلم يجد في ذلك العافية! والسبب أن الرقية وغيرها من الأدوية لا تشفي بذاتها، وإنما الشافي هو الله تعالى، فمتى ما أراد أنزل الشفاء، ومتى ما شاء أمهله أو منعه، وقد يشفى مريض بغير دواء، وقد يشفى بدواء معين يقدر له الله العافية به.


بل إن الواقع يشهد بأن هناك مرضى بذلوا ما استطاعوا من أموال، وزاروا الأطباء والمستشفيات، واستعملوا أنواعًا من الأدوية الحديثة - فلم يُشفَوا، فلما يئسوا من هذه السبيل، لجؤوا مضطرين إلى الرقية الشرعية، فشفاهم الله تعالى؛ رحمة بهم.


أيها الفضلاء، إن المقارن بين الرقية الشرعية والعلاج بالأدوية الطبية الحديثة يجد تميُّزَ الرقية بعدة ميزات؛ منها:

أن لكثير من العقاقير الطبية أضرارًا جانبية تصيب بعض أعضاء الجسم، وإن عالجت بعضها، وأما الرقية الشرعية فليس لها أعراض جانبية؛ فهي إذا لم تنجع في شفاء مريض فلن تضره.


ومن ميزات الرقية الشرعية: أنها سهلة التكلفة؛ إذ لا تكلف المريض وأهله مبالغ مالية كثيرة، بخلاف بعض الأدوية الطبية الحديثة.


ومن ميزات الرقية الشرعية: أنه يستطيعها كثيرٌ من المسلمين إذا توفرت فيهم شروط يسيرة سيأتي ذكرها، بخلاف الطب الحديث الذي لا يستطيع إتقانه إلا من درسه سنوات، ومارسه فمهر فيه.


وذِكْرُنا لهذه الميزات للرقية الشرعية لا يعني الاستغناء عن الطب الحديث، ولا تركَهُ والاكتفاء بالرقية الشرعية، فليس هذا ما نعنيه، وإنما نريد أن نقول: لا بد علينا - نحن المسلمين - أن نستشفيَ بالرقية إلى جانب الاستشفاء بالعقاقير الطبية، خصوصًا في الأمراض التي يعجز عنها الطب الحسي؛ كالإصابة بالسحر أو العين أو المس بالجن، نسأل الله تعالى العافية للجميع.


أيها المسلمون، إن الله تعالى قد وصف القرآن الكريم بأنه شفاء؛ فتأملوا ذلك في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57]، وقوله: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ [فصلت: 44]، وقوله: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82].


وقد ذكر بعض المفسرين عند تفسير هذه الآية الأخيرة أن شفاء القرآن عامٌّ من الأمراض الروحانية؛ كالاعتقادات الباطلة، والأخلاق المذمومة، ومن الأمراض الجسمانية كالآلام والأدواء التي تعرض للجسم؛ فقراءته وسماعه والاستشفاء به يدفع كثيرًا من الأمراض[3].


ومن السور التي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها رقية: فاتحة الكتاب؛ ولذلك كان من أسماء هذه السورة: الرقية والشفاء والشافية[4].


فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ((أن رهطًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلقوا في سَفْرة سافروها، حتى نزلوا بحيٍّ من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبَوا أن يضيفوهم، فلُدِغَ سيِّدُ ذلك الحي، فسعَوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهطَ الذين قد نزلوا بكم؛ لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لُدغ فسعينا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فهل عند أحد منكم شيء؟ فقال بعضهم: نعم، والله إني لراقٍ، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جُعْلًا، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق فجعل يتفُلُ ويقرأ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، فقام حتى لكأنما نُشِطَ من عِقال - يعني: كأنما حُلَّ من حبل؛ لزوال مرضه سريعًا - فانطلق يمشي ما به قَلَبَةٌ - أي: داء - قال: فأوفَوهم جُعْلَهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له، فقال: وما يدريك أنها رُقْيةٌ؟ أصبتم، اقسموا واضربوا لي معكم بسهم))[5].


قال ابن القيم رحمه الله: "ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة، فما الظن بكلام رب العالمين، الذي فضله على كل كلام... فما الظن بفاتحة الكتاب التي لم ينزل في القرآن، ولا في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور مثلها، المتضمنة لجميع معاني كتب الله المشتملة على ذكر أصول أسماء الرب تعالى ومجامعها؛ وهي: الله والرب والرحمن، وإثبات المعاد، وذكر التوحيدين: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، وذكر الافتقار إلى الرب سبحانه في طلب الإعانة، وطلب الهداية، وتخصيصه سبحانه بذلك، وذكر أفضل الدعاء على الإطلاق، وأنفعه وأفرضه، وما العباد أحوج شيء إليه، وهو الهداية إلى صراطه المستقيم، المتضمن كمال معرفته وتوحيده، وعبادته بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، والاستقامة عليه إلى الممات، ويتضمن ذكر أصناف الخلائق، وانقسامهم إلى منعَمٍ عليه بمعرفة الحق والعمل به ومحبته وإيثاره، ومغضوب عليه بعدوله عن الحق بعد معرفته له، وضالٍّ بعدم معرفته له، وهؤلاء أقسام الخليقة مع تضمنها لإثبات القدر، والشرع، والأسماء، والصفات، والمعاد، والنبوات، وتزكية النفوس، وإصلاح القلوب، وذكر عدل الله وإحسانه، والرد على جميع أهل البدع والباطل... وحقيق بسورة هذا بعض شأنها أن يُستشفى بها من الأدواء"[6].


ثم قال: "ولقد مرَّ بي وقتٌ بمكةَ سقمتُ فيه، وفقدت الطبيبَ والدواء، فكنت أتعالج بها؛ آخذُ شربة من ماء زمزم وأقرؤها عليها مرارًا ثم أشربه، فوجدت بذلك البرءَ التام، ثم صرتُ أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع، فأنتفع بها غاية الانتفاع"[7].


ومن السور الوارد عن رسول الله عليه الصلاة والسلام كونُها رقية: المعوِّذات، وهي سورة الفلق، وسورة الناس، ومعهما سورة الإخلاص.


فعن عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى، يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفُثُ، فلما اشتد وجعه، كنت أقرأ عليه، وأمسح بيده؛ رجاء بركتها))[8].


وعنها رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحدٌ من أهله نفثَ عليه بالمعوذات))[9].


وعن ابن عابس الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((يا ابن عابس، ألا أخبرك بأفضل ما يتعوذ به المتعوِّذون؟ قال: بلى، يا رسول الله، قال: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾، ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾))[10].


أيها الأحباب الكرام، ومن الرقية الشرعية: استعمال الأدعية التي رقى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه وغيره، أو أمر بها؛ فمن ذلك:

ما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَرقِي بهذه الرقية يقول: امسح الباس، ربَّ الناس، بيدك الشفاء، لا كاشف له إلا أنت))[11].


وعنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أتى مريضًا أو أُتي به يقول: ((أذهب الباس، رب الناس، اشفِهِ أنت الشافي، لا شفاءَ إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا))[12].


وفي رواية للبخاري: ((كان يعوِّذ بعضَ أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول:...)) ثم ذكر الدعاء الأول.


وعنها أيضًا: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كانت به قرحة أو جرح، قال النبي صلى الله عليه وسلم بإصبعه هكذا، وقال: باسم الله، تربةُ أرضِنا، برِيقةِ بعضنا، ليشفى به سقيمنا، بإذن ربنا))[13].


"ومعنى الحديث: أنه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة، ثم يضعها على التراب، فيَعلَق بها منه شيء، فيمسح به على الموضع الجريحِ أو العليل، ويقول هذا الكلام في حال المسح".


وعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه: ((أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعًا يجده في جسده منذ أسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضع يدك على الذي يألم من جسدك، وقل: بسم الله ثلاثًا، وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأُحاذِر))[14]، قال: ففعلت ذلك، فأذهب الله ما كان بي، فلم أزل آمر بها أهلي وغيرهم.


أيها المسلمون، إن الأمراض التي يُرقى منها من أجل ذهابها والشفاء منها كثيرة، وهي إما أن تكون أمراضًا عضوية حسية تصيب بعض أعضاء الجسد بالألم أو التغير الوظيفي، فهذه الأمراض تستعمل لها العقاقير والأدوية الطبية المعروفة التي يحددها الأطباء المختصون، ويضاف إلى ذلك استعمال الرقية الشرعية لها؛ إذ الرقية نوع من الدواء للسقم الحسي أيضًا.


فعن علي رضي الله عنه قال: ((لدغتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عقربٌ وهو يصلي، فلما فرغ قال: لعن الله العقرب؛ لا تَدَعُ مصليًا ولا غيره، ثم دعا بماء وملح، فجعل يمسح عليها ويقرأ: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾))[15].


وإما أن تكون تلك الأمراض معنوية كالسحر والمس والعين، فالسحر يعالج بالفاتحة والمعوذات، والآيات التي تتحدث عن السحر، وبالأدعية السابقة، وغير ذلك. "ورخص جماعة من السلف في كتابة بعض القرآن وشربه، وجعل ذلك من الشفاء الذي جعل الله فيه"[16]. وذكر بعضهم كذلك: "أن يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين، ثم يضربه بالماء ويقرأ فيه آية الكرسي والقواقل، ثم يحسو منه ثلاث حسوات، ثم يغتسل به؛ فإنه يذهب عنه كل ما به، وهو جيد للرجل إذا حُبس عن أهله"[17].


وإن عُرفَ مكانُ السحر فاستُخرج منه السحر ومُحي بالماء فذلك من أحسن الأدوية.


وأما إذا كان المرض مسًّا بالجن فيُرقى بما سبق، ويضاف إليه قراءة الآيات التي تتحدث عن عذاب الله تعالى لمن عصاه.


وأما إذا كان المرض هو الإصابة بالعين، فقد حث رسول الله عليه الصلاة والسلام على الاسترقاء منها؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُسترقَى من العين))[18]، وفي رواية: أنه أمرها بذلك.


وعن أم سلمة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سَفْعَة - أي: صفرة وشحوبًا - فقال: استرقوا لها؛ فإن بها النظرة))؛ أي: أصابتها العين[19].


ويُرقى من العين بقراءة الفاتحة والمعوذات وآية الكرسي، وغيرها من آيات القرآن، وبالأدعية السابقة، وتكون القراءة بصوت مسموع.


ويضاف إلى ذلك أنه إذا عُرف العائن، فإنه يُؤمَر بغسل وجهه ويديه ومرفقيه، وركبتيه وأطراف رجليه، وداخل إزاره في إناء، ثم يُصبُّ ذلك الماء على المعيون من خلفه، على رأسه وظهره؛ وقد جاء هذا في قصة إصابة سهل بن حنيف رضي الله عنه بالعين[20].


وفي الرقية على من سبق ذِكرُهم، يُستحَبُّ للراقي نفسِه أو غيره أنه إذا أكمل القراءة، نفث في يده اليمنى ثم مسح بها موضع الألم.


نسأل الله العافية والسلامة للجميع من كل سقم وشر.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.


الخطبة الثانية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ أما بعد:

أيها المسلمون، إن الرقية المشروعة لا بد أن تخلوَ من الشرك بالله تعالى، وألَّا تكون على يد ساحر أو كاهن أو عرَّاف، وأن تكون باللسان العربي، أو بلغة يعرفها المريض، وبعبارات مفهومة، وأن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته، وبالأدعية التي فيها سؤال الله وحده الشفاءَ للمريض، فهذه هي شروط الرقية الشرعية.


واعلموا معشر المؤمنين - حفظنا الله وإياكم - أن الرقية السابقة لا ينتفع بها إلا من كان بها مصدقًا، وموقنًا بأن الشفاء بيد الله تعالى وحده، فلن تفيد الرقية الشرعية من شكَّ بها أو سخر منها، أو استعملها للتجربة، أو كان بعيدًا عن الصلاح والتقوى والتصديق بكتاب الله تعالى في شفائه للأمراض، أو تعلق قلبه بشفاء من عند غير الله.


ويستحسن أن يكون الراقي والمرقي على طهارة، وأن يكون هناك تدبر وحضور قلب من قبل الراقي والمرقي.


عباد الله، على المريض أن يحسن الظن بالله تعالى، ويعظم توكله عليه، ويتحلى بالصبر الجميل، وانتظار الشفاء من الله وحده، كما عليه الاستمرار في استخدام الرقية الشرعية، وعدم الاستحسار والملل منها لتأخر العافية؛ فقد يكون تأخر المرض ابتلاء من الله تعالى؛ ليعظم أجر المريض، ويكثر تكفير خطاياه، وليظهر هل سيثبت على الإيمان، أو يجزع فيذهب إلى السحرة والكهنة والمشعوذين.


ويستطيع المسلم المريض إذا كان من أهل الاستقامة أن يَرقيَ نفسه بنفسه، فليس الشفاء متعلقًا براقٍ معين لا تكون العافية إلا على يديه.


وعلى من قدر على رقية أخيه المسلم أن يفعل ذلك؛ لقول رسول الله عليه الصلاة والسلام: ((من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل))[21].


ولكن ننبه الرُّقاةَ ببعض التنبيهات:

أولًا: على الراقي أن يحذر الخلوة بالمرأة ومسِّها، إلا إذا كانت زوجة أو محرمًا له.


ثانيًا: أن يحذر الأساليب الخاطئة والمضرة بالمريض؛ وهي: الخنق، والضرب المبرح، واستعمال الكهرباء، فإن هذه الأفعال أفعال غير صحيحة في الرقية.


ثالثًا: عدم تصديق الجنيِّ فيما يقول؛ لأنه مجهول العين والحال، فربما يزعم أنه مرسل من فلان، وغرضه بذلك بث الفتنة والصراع والشقاق بين الناس.


فيا عباد الله، داووا مرضاكم بالرقية الشرعية، ووثقوا الصلة بالله رب البرية، وسلوه العافية؛ فإن الشفاء بيده، وكل أمر مرجعه إليه، واستعملوا من الأدوية الحسية المباحة ما تداوى به الأسقام، وإياكم واللجوء إلى التداوي بالحرام، أو الذهاب إلى الدجالين من الأنام.


نسأل الله رب الناس، أن يُذهِب البأسَ عن كل مريض مسلم، وأن يشفيَه شفاءً لا يغادر سقمًا.

هذا وصلوا وسلموا على النبي المختار...



[1] رواه أحمد وأبو داود، وهو صحيح.

[2] رواه أحمد، وهو صحيح.

[3] ينظر: تفسير الرازي "مفاتيح الغيب" (21/ 29)، أضواء البيان (3/ 181)، التحرير والتنوير (14/ 150).

[4] الإتقان في علوم القرآن (1/ 191).

[5] متفق عليه.

[6] زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 162).

[7] زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 164).

[8] متفق عليه.

[9] رواه مسلم.

[10] رواه النسائي، وهو صحيح.

[11] متفق عليه.

[12] متفق عليه.

[13] متفق عليه.

[14] رواه مالك، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.

[15] رواه الطبراني في الصغير، وإسناده حسن.

[16] زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 328).

[17] فتح الباري لابن حجر (16/ 299).

[18] متفق عليه.

[19] متفق عليه.

[20] رواه الإمام أحمد، والنسائي، وصححه ابن حبان.

[21] رواه مسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إرشادات عامة يجب أن تراعى عند الرقية الشرعية
  • هل هناك تعارض بين الرقية الشرعية والطب الحديث؟
  • شروط الرقية الشرعية
  • خطبة عن الرقية الشرعية
  • الرقية الشرعية الموجزة
  • الرقية الشرعية المتوسطة
  • شروط الرقية الشرعية
  • أسباب النفع بالرقية الشرعية
  • الرقية الشرعية: حقيقتها، فضلها، ضوابطها، أحكامها (خطبة)
  • التداوي (خطبة)
  • الراقي الذي تنفع رقيته
  • ثلاث فوائد من حديث الرقية
  • فصل في الرقية
  • خطبة: الرقية أحكام وآداب
  • الرقية من لدغة العقرب بالمعوذتين وغيرهما
  • استخدام الرقية الشرعية لعلاج السحر وجميع الأمراض

مختارات من الشبكة

  • كتاب الأربعين النبوية في التداوي بالطب النبوي والرقية الشرعية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التداوي من السحر (2)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • التداوي من السحر (1)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • حكم التداوي وهل يقدح في الرضا؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل التداوي بالطب النبوي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أحكام التداوي (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • من الطب النبوي التداوي بالقسط الهندي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حكم التداوي بالتطعيم قبل وقوع الداء(مقالة - ملفات خاصة)
  • التداوي بدعاء الله عز شأنه(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الحلال والحرام في التداوي(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب