• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    قصص يكثر تداولها عند الدعاة عن الانتكاسة
    د. نايف ناصر المنصور
  •  
    الذكر الدائم يجعلك تسبق غيرك إلى الله
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    لا تطلب الأبدية من دنيا فانية
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    سفينة النجاة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من دروس البر من قصة جريج (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    تفسير: (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ...)
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الإسلام دعا لحماية دماء وأموال وأعراض أهل الذمة
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    كلب لا يجوز إيذاؤه، فكيف بأذية المسلم؟ (خطبة)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: الموضة وهوسها عند الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: موقف المسلم من فتن أعداء الأمة
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة (المولود وسننه)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    عقيدة الحافظ ابن عبد البر في صفات الله تعالى
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    غياب الشورى.. وأثره في تفكك البيوت وضعف المجتمعات ...
    د. مراد باخريصة
  •  
    مشاركة الصحابيات في أعمال دولة النبي صلى الله ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    الطريق إلى معرفة ما دعا إليه رسول الله صلى الله ...
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    التوحيد: روح العبادة وأساس قبولها (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

خطبة عن النهي عن المنكر

خطبة عن النهي عن المنكر
د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/1/2019 ميلادي - 28/4/1440 هجري

الزيارات: 131692

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن النهي عن المنكر


إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إلى يومِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:


فاتَّقُوا اللهَ - عباد الله - ورَاقِبُوهُ في السِّرِّ والنَّجَوى، فإنَّكُم إليهِ رَاجِعونَ وبَينَ يَديهِ مَوقُوفونَ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


أيُّها المسلِمونَ.. إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فَضَّلَ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَجَعَلَهَا خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَجَعَلَ الْخَيْرَ بَاقياً فِيهَا إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، وَهِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ فِي أَوَّلِهَا وآخِرِهَا، مَرَّتْ عَلَيْهَا أَزَمَاتٌ طَاحِنَةٌ وَابْتِلاَءَاتٌ عَاتِيَةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ تَرْكَعْ وَلَمْ تَسْتَسْلِمْ، وَكَانَ أَمْرُ اللهِ بَاقياً فِيهَا.


وَإِنَّ أَهَمَّ أَسْبَابِ خَيْرِيَّتِهَا وَقُوَّتِهَا -كَمَا تَعْلَمُونَ- هُوَ أَمْرُهَا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُهَا عَنِ الْمُنْكَرِ؛ إِذْ هُوَ الْحِصْنُ الْحَصِينُ الَّذِي يَضْمَنُ أَنَّ الْأُمَّةَ سَتَأْخُذُ عَلَى يَدِ سُفَهَائِهَا وَمُفْسِدِيهَا؛ قَالَ رَبُّكُم جَلَّ وعَلا: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110].


عِبادَ اللهِ.. إِنَّ النَّاظِرَ إِلَى الْعَالَمِ الْمُتَحَضِّرِ -فِي نَظَرِ كَثِيرِينَ- لَيَرَى كَيْفَ هُمْ يَتَنَاصَحُونَ عَلَى مَا يَنفَعُهُمْ -مَعَ كُفْرِهِمْ وَضَلالِهِمْ-؛ فَهُمْ يَمْنَعُونَ التَّدْخِينَ فِي الْمَطَارَاتِ وَالأَمَاكنِ الْعَامَّةِ، وَكَذَلِكَ شُرْبَ الْخُمُورِ فِي أَمَاكِنَ وأَوقَاتٍ مُعَيَّنَةً، وَقَدْ وَقَعَ هَذَا مِنْهُمْ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْعَامَّةَ أنَّهُ لَيسَ هُناكَ أُمَّةٌ مِنَ الأُممِ إلاَّ وتَجِدُ فيهَا بَعضَ العُصَاةِ والمذنِبِينَ، الَّذِينَ يَحْفُرُونَ في قَعْرِ سَفينَةِ النَّجاةِ، وهؤلاءِ لابُدَّ مِنَ الأَخذِ علَى أَيدِيهِمْ؛ فإنَّهُم إنْ تُرِكُوا ومَا أَرَادُوا هَلَكُوا وأَهْلَكُوا.. وهَذَا أَمرُ اللهِ ورَسُولِه صلى الله عليه وسلم لنَا، قالَ رَبُّنَا جَلَّ وعَلا ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]، وقالَ في وَصْفِ المؤمِنينَ الصَّالِحينَ: ﴿ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 114]، وقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [التوبة: 71]، وقَدْ حَذَّرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَركِ الأَمرِ بالمعرُوفِ؛ فقدْ رَوَى الإمامُ التِّرمِذِيُّ مِن حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رِضي اللهُ عنهُما أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ».


عِبَادَ اللهِ.. كَمْ مِنَ الْأُمَمِ لُعِنَتْ وأُهْلِكَتْ بِسَبَبِ تَرْكِها لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79] لَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْ بَنِيِ إسرَائِيلَ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ: يا هَذَا اتَّقِ اللهَ وَدَعْ مَا تَصْنَعُ، فَإِنَّه لَا يَحِلُ لَكَ، ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الْغَدِ وَهُوَ عَلَى حالِهِ، فَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَقَعِيدَهُ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ.


وذَكَرَ الإمامُ ابنُ أبي الدُّنيَا عَن إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَمْرٍو الصَّنْعَانِيِّ، قَالَ: "أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ أَنِّي مُهْلِكٌ مِنْ قَوْمِكَ أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِنْ خِيَارِهِمْ، وَسِتِّينَ أَلْفًا مِنْ شِرَارِهِمْ، قَالَ: يَا رَبِّ، هَؤُلَاءِ الْأَشْرَارُ، مَا بَالُ الْأَخْيَارُ؟ قَالَ: إِنَّهُمْ لَمْ يَغْضَبُوا لِغَضَبِي، وَكَانُوا يُؤَاكِلُونَهُمْ وَيُشَارِبُونَهُمْ"، وَذَكَرَ أَيضًا عَنْ مِسْعَرٍ، قَالَ: "بَلَغَنِي، أَنَّ مَلَكًا، أُمِرَ أَنْ يَخْسِفَ بِقَرْيَةٍ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، فِيهَا فُلَانٌ الْعَابِدُ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ بِهِ فَابْدَأْ، فَإِنَّهُ لَمْ يَتَمَعَّرْ وَجْهُهُ فِيَّ سَاعَةً قَطُّ".


ولَقَد أَنكَرَ اللهُ سُبحانَهُ على أَهْلِ العِلمِ والفَضلِ عَدَمِ إِنكَارِهِمْ علَى أَهلِ المنكَرِ فقَالَ: ﴿ لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [المائدة: 63] قالَ القُرطُبِيُّ رحمهُ اللهُ: وَبَّخَ سُبحانَهُ وتعالى عُلَمَاءَهُمْ فِي تَرْكِهِمْ نَهْيَهُمْ فقالَ: ﴿ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾، كَمَا وَبَّخَ مَنْ يُسَارِعُ فِي الْإِثْمِ بِقَوْلِهِ: ﴿ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾، وقال: "وَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ تَارِكَ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ كَمُرْتَكِبِ الْمُنْكَرِ، فَالْآيَةُ تَوْبِيخٌ لِلْعُلَمَاءِ فِي تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ".. ولاَ حَولَ ولاَ قُوةَ إلاَّ باللهِ.


أيهَا المُسلِمونَ.. إِنَّ الدَّافِعَ لِلإِنْكارِ هُوَ الْغَضَبُ للهِ عَلَى انْتِهاكِ مَحَارِمِهِ، وَالنَّصِيحَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالرَّحْمَةُ لَهُمْ، وَرَجاءُ إِنْقَاذِهِمْ مِمَّا أَوْقَعُوا أَنَفُسَهُمْ فِيهِ مِنَ التَّعَرُّضِ لِغَضَبِ اللهِ وَعُقُوبَتِهِ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ.


وَالدَّافِعُ أَيضًا يَنبغِي أَن يَكُونَ: إجْلال اللَّهِ وإِعظَامهُ وَمَحَبَّتهُ، وَأَنَّهُ أَهْلٌ أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى، وَيُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى، وَيُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرَ، وَمَنْ تَفَكَّرَ فِي هَذَا هَانَ عَلَيه مَا يَلْقَى مِنَ الآلاَمِ؛ لِكَوْنِ ذَلِكَ فِي اللهِ، وَلَنَا فِي رَسُولِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ؛ إِذْ لَمَّا ضَرَبَهُ قَوْمُهُ جَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: "اللهُمَّ اغْفِرْ لِقوْمِي فإِنَّهُم لا يَعلَمُونَ".


نَعَمْ -يَا عِبادَ اللهِ- إنَّ أَهلَ الحَقِّ لَو سَكَتوُا ونَطقَ المُبطِلُونَ لنَشَأَ جِيلٌ لا يَعرِفُونَ إلاَّ بَاطِلاً شَاهَدُوهُ، ولأَنكَرُوا حَقَّا ومَعرُوفًا لأَنَّهُم لَم يُعايِنُوهُ، فمتَى رَامَ الآمرُ بالمعروفِ إِحياءَ سُنَّةٍ أَنكرهَا النَّاسُ وَظنُّوهَا بِدعةً، فالبِدعَةُ صَارتْ مَألُوفةً، والسُّننُ مُنكرةً غيرَ مَعروفَةٍ، فيحتاجُ الآمِرُ النَّاهِي إلى مَزِيدِ صَبرٍ وتَسلِيمٍ، واستعانةٍ بالعزيزِ الحليمِ.


وصَدقَ الشَّيخُ عَبدُاللهِ بنُ حُميدٍ رَحمهُ اللهُ حِينَ نَصحَ فَقالَ: "وَلَقَدْ وَصَلْنَا إِلَى حَدٍّ مَاتَتْ فِيهِ الْغَيْرَةُ الدِّينِيَّةُ عِنْدَ كُلِّ أحَدٍ، حَتَّى مَنْ يُرْجَى وَيُظَنُّ أَنَّهُمْ حُمَاةُ الْإِسْلامِ، وَأبطالُ الدِّينِ، مِمَّا جَعَلَ الْعُصَاةَ يَمْرَحُونَ فِي مَيَادِينِ شَهَوَاتِهِمْ، وَيَفْتَخِرُونَ بِعِصْيَانِهِمْ، بِدونِ حَسِيبٍ وَلاَ رَقيبٍ؛ وَلَوْ شِئْتَ لَقُلْتَ نَحْنُ فِي زَمَنٍ عَلا فِيهِ وَاعْتَزَّ أرْبَابُ الرَّذَائِلِ. وَأَهْلُ الْفَضِيلَةِ الْمُتَمَسِّكُونَ بِأهْدَابِ دِينِهِمْ، عِنْدَمَا يُنْكِرُونَ عَلَى الْمُجْرِمِينَ إِجْرَامَهُمْ، يَكُونُونَ كَالْمُضْغَةِ فِي الأَفْواهِ الْبَذِيئةِ، تَرْمِيهِم بِكُلِّ نَقِيصَةٍ، وَأَقَلُّ مَا يَقُولُونَ: إِنَّهُمْ مُتَأَخِّرُونَ، جَامِدُونَ فِي بَقايا قُرُونِ الْهَمَجِيَّةِ، يَبْتَسِمُونَ وَيُقَهْقِهُونَ، وَيَغْمِزُونَ بِالْحَواجِبِ وَالْعُيُونِ، وَيُخْرِجُونَ أَلْسِنَتَهُمْ سُخْرِيةً وَاسْتِهْزاءً بِهِمْ، وَيَضْحَكُونَ مِنْ عُقُولِهِمْ، لَمَّا رَاجَتِ الرَّذِيلَةُ فِي هَذَا الْعَصْرِ هَذَا الرَّوَاجَ.


وَمَا دَرَى هَؤُلَاءِ الْمَرْذُولُونَ أَنَّهُمْ فِي غَايَةٍ مِنَ السُّقُوطِ وَالْهَمَجِيَّةِ الَّتِي لَيْسَتْ دونُهَا هَمَجِيَّةٌ؛ لِفَسَادِ عُقُولِهِمْ، وَبُعْدِهِمْ عَنْ مَعْرِفَةِ أَوَامِرِ دِينِهِمْ، وَلَوْ قَامَ كُلٌّ مِنَّا بِمَا عَلَيهِ مِنَ الدَّعْوَةِ إِلَى الْإِسْلامِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَإِرْشَادِ النَّاسِ وَعِظَتِهِمْ، وَتَذْكيرِهِمْ بِمَا فِيهِ صَلاَحُهُمْ وَاسْتِقامَتُهُمْ، لاَسْتَقَرَّ الْخَيْرُ وَالْمَعْرُوفُ فِينَا، وَامْتَنَعَ فُشُوُّ الشَّرِّ وَالْمُنْكَرِ بَيْنَنَا، ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ﴾ [الأنفال: 25]" انتهى كلامُهُ، وصَدقَ رَحمهُ اللهُ وأَعلَى مَنزِلَتَهُ.


أيهَا الموحِّدونَ.. لقد كانَ نَبيُّكُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيدَ الغَضَب ِحينَ تُنتَهَكُ حُرمةُ اللهِ، تَقولُ عَائِشةُ رضي اللهُ عنهَا: "وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا" متفقٌ عليهِ.


لما رَأَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّوَرَ وَالتَّماثيلَ فِي قِرامِ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها غَضِبَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، وَرَأَى نُخَامَةً فِي الْمَسْجِدِ فَتَغَيَّظَ وَحَكَّهَا بِيدِهِ، وَرَخَّصَ لِلنَّاسِ فِي أَمْرٍ فَتَنَزَّهُوا عَنْه فَغَضِبَ حَتَّى بَانَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْغَبُونَ عَمَّا رُخِّصَ لِي فِيهِ"، وَلَمَّا تَأَخَّرَ قَوْمٌ عَنِ الصَّلاَةِ هَمَّ أَنْ يُحَرِّقَ عَلَيهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ لَوْلَا الشُّيُوخُ وَالنِّسَّاءُ وَالْبَهائِمُ.. فَكَيْفَ لَوْ رَأَى حَيَاةَ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ وَمَا شَاعَ هُنَا وَهُنَاكَ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ؟!.


عِبَادَ اللهِ.. لقَدْ كَانَ هذَا الأَمرُ والنَّهْيُ في زَمَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذِي لَم تَكُنْ فِيهِ مُنكَراتٌ تُذكَرُ؛ فأَينَ نَحنُ مِن المنكَرَاتِ التي انَتشَرَتْ بينَنَا في هذا الزَّمانِ، ومَا مَوقِفُنَا مِنهَا، ومَا عُذرُنَا أَمَامَ اللهِ عَنهَا؟! هَل نَحْنُ مِنَ الَّذِينَ بَذَلُوا النُّصْحَ لِلْمُسْلِمِينَ؟ هَل نَحْنُ مِنَ الَّذِينَ تَمَعَّرَتْ وُجُوهُهُمْ غَضَبًا للهِ؟ هل نَحْنُ مِنَ الَّذِينَ تَحتَرِقُ قُلوبُهُم غَيرةً لهذَا الدِّينِ، وخوفاً من عاَقبةِ الفَسادِ والإِفسادِ؟ نسألُ اللهَ أَن نَكونُ كَذلكَ.


فالحِرصَ الحِرصَ -يَا رَعاكُمُ اللهُ- علَى تَقوى اللهِ والأَمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عَن المنكَرِ، بلُطْفٍ ورَحمةٍ عَلَّ اللهَ أَنْ يَرحمَنَا ويَكفِيَنَا شَرَّ الأَشرارِ وكَيدَ الفُجَّارِ.


أقولُ مَا تَسمعُونَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.


الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ... أَمَّا بَعْدُ:

أيها المؤمنونَ.. لا يَغرَّنَّكُم بَعضُ المُنكَراتِ التِي تَطفُو أَحيانًا على السَّطحِ، فَلا تَزالُ الخَيريَّةُ في أُمَّتِنَا مَا دَام فيهَا قَومٌ يَأمرونَ بالمعروفِ ويَنهونَ عَن المنكَرِ، ويَأخُذُونَ عَلى يَدِي السَّفَلَةِ والعُصاةِ، فإِنِ انْتَهَوْا عَن بَغْيهِمْ فللهِ الحَمدُ، وإلاَّ يَنتَهُوا فمَا عَليكَ إلاَّ البَلاغُ، مَن لَم يَستَطِعْ أَن يُغَيِّرَ المُنكَرَ بلِسَانِهِ فَلا أَقَلَّ مِن أَنْ يُنْكِرَ بقَلْبِهِ، فإِنَّ اللهَ مُطَّلِعٌ علَى القُلُوبِ ويَعلَمُ أَسرَارَهَا وخَفَايَاهَا ﴿ أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [البقرة: 77].


واحْذَرُوا اليَأْسَ -يَا عِبادَ اللهِ- وعَليكُمْ بالصَّبرِ، قالَ شَيخُ الإِسلامِ: "وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ إذَا رَأَى الْمُنْكَرَ أَوْ تَغَيَّرَ كَثِيرٌ مِنْ أَحْوَالِ الْإِسْلَامِ جَزِعَ وَكَلَّ وَنَاحَ كَمَا يَنُوحُ أَهْلُ الْمَصَائِبِ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ هَذَا؛ بَلْ هُوَ مَأْمُورٌ بِالصَّبْرِ وَالتَّوَكُّلِ وَالثَّبَاتِ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ وَأَنْ يُؤْمِنَ بِاَللَّهِ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَاَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ وَأَنَّ الْعَاقِبَةَ لِلتَّقْوَى".


ولْتَعْلَمُوا -يَا رَعَاكُمُ اللهُ- أنَّ حَيَاةَ النَّاسِ جَمِيعًا لا تَصلُحُ إلاَّ بالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَنَجَاتَهُمْ إنمَّا هِيَ فِي التَّناصُحِ بِالْحِكْمَةِ وَالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125].


نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا هُدَاةَ مَهْدِيِّينَ، وَأَنْ يُحْيِيَ قُلُوبَنَا بِذِكْرِهِ وَطَاعَتِهِ، وَأَنْ يَغْفِرَ لَنَا مَا قَدَّمْنَا وَمَا أَخَّرْنَا، إِنَّه وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيهِ.


ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى خَيْرِ عِبَادِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.


اللهمَّ وَفِّقِ العُلماءَ العَاملينَ والدُّعاةَ النَّاصحينَ والْآمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِيِنَ عَنِ الْمُنْكَرِ إلى مَا تُحِبُّ وتَرضَى وخُذْ بنَواصِيهِمْ للبِرِّ والتَّقوَى، اللهمَّ اكْفِهْمْ شَرَّ الأَشرَارِ وكَيدَ الفُجَّارِ، اللهمَّ مَن أرَادَ بهِمْ سُوءًا فأَشْغِلْهُ بنَفسِهِ واجْعلْ كَيدَهُ في نَحرِهِ يَا ربَّ العالمينَ.


اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَجْزِيَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ.. اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنَّا رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ.. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ وَعَافِهِمْ واعْفُ عَنْهُمْ.


اللهمَّ انْصُرْ اخواننا المُجَاهِدِينَ الَّذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِكَ فِي كُلِّ مَكَانٍ من بلادنا وبلاد المسلمين، ووَفِّقْ ولي أمرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرْضَى.


﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].. وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: بناء الدولة والنصر
  • كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مفهوم أممي
  • وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (1)
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قصة ذي القرنين
  • آيات عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
  • خطبة في النهي عن الإسراف في النفقات
  • إزالة المنكر فريضة إسلامية

مختارات من الشبكة

  • من دروس البر من قصة جريج (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلب لا يجوز إيذاؤه، فكيف بأذية المسلم؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الموضة وهوسها عند الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: موقف المسلم من فتن أعداء الأمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة (المولود وسننه)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • التوحيد: روح العبادة وأساس قبولها (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • الإيمان بالكتب وثمراته (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكسب الحلال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: اسم الله الحليم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضل العناية باليتيم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/3/1447هـ - الساعة: 12:1
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب