• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    عمى البصيرة يورد المهالك
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    شرح أحاديث الطهارة
    لطيفة بنت عبداللطيف
  •  
    خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    حقوق اليتيم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الإسلام كفل لأهل الكتاب حرية الاعتقاد
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أثر الأدلة الشرعية في تحقيق مقصد حفظ الدين (دليل ...
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    خطبة: العدل ضمان والخير أمان
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    الورد والآس من مناقب ابن عباس (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    الصلاة دواء الروح
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    فضل ذكر الله تعالى
    أحمد عز الدين سلقيني
  •  
    قواعد قرآنية في تربية الأبناء
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    مائدة التفسير: سورة الماعون
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    وقفات ودروس من سورة آل عمران (3)
    ميسون عبدالرحمن النحلاوي
  •  
    ما انتقد على «الصحيحين» ورجالهما، لا يقدح فيهما، ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

غربة الإسلام وسنة المدافعة

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/3/2018 ميلادي - 16/6/1439 هجري

الزيارات: 22858

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

غربة الإسلام وسنة المدافعة

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، بَدَأَ الإسلامُ غَرِيبًا في قَومٍ لم يَعرِفُوهُ، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ في قَومٍ يُنكِرُونَهُ بَعدَمَا عَرَفُوهُ، وَقَد نَالَ الغُرَبَاءَ الأَوَّلِينَ مِنَ الشِّدَّةِ وَالبَلاءِ مَا نَالَهُم؛ لِقِلَّتِهِم حِينَئِذٍ وَضَعفِهِم، مَعَ كَثرَةِ خُصُومِهِم وَقُوَّتِهِم، فَصَبَرَ أُولَئِكَ المُستَضعَفُونَ عَلَى مَا أَصَابَهُم، حَتى مَاتَ مِنهُم مَن مَاتَ شَهِيدًا حَمِيدًا، مُبَشَّرًا بِالجِنَانِ وَعَظِيمِ الرِّضوَانِ، وَعَاشَ مَن عَاشَ أَبِيًّا كَرِيمًا، حَتَّى رَأَى عِزَّ الإِسلامِ وَأَدرَكَ نَصرَهُ وَانتِشَارَهُ. وَإِنَّ لِلإِسلامِ بَعدَ غُربَتِهِ الأُولَى غُربَةً أُخرَى، يَعُودُ فيها كَمَا بَدَأَ، وَيَنَالُ القَابِضِينَ عَلَيهِ فِيهَا مِنَ الشِّدَّةِ وَالبَلاءِ، كَمَا نَالَ الأَوَّلِينَ مِنَ المُؤمِنِينَ الغُرَبَاءِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " بَدَأَ الإِسلامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلغُرَبَاءِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَلَئِن كَانَت غُربَةُ الإِسلامِ الأُولى قَد حَصَلَت لِقِلَّةِ المُسلِمِينَ وَضَعفِهِم، فَإِنَّ غُربَتَهُمُ اليَومَ لَيسَت عَن قِلَّةٍ، وَلَكِنَّهَا لِضَعفِ تَمَسُّكٍ بِدِينِهِم، وَنُكُوصٍ مِنهُم عَلَى أَعقَابِهِم، وَاشتِغَالٍ بِالدُّنيَا وَإِقبَالٍ عَلَى شَهَوَاتِهَا، وَتَنَافُسٍ فِيهَا وَإِغرَاقٍ في مَلَذَّاتِهَا، وَتَنَاحُرٍ عَلَى مَنَاصِبِهَا وَتَشَبُّثٍ بِإِمَارَاتِهَا، مَعَ قِلَّةِ النَّاصِرِ وَغَيبَةِ المُعِينِ، وَمِن هُنَا وَجَدَ الأَعدَاءُ مَدَاخِلَ كَثِيرَةً وَلَجُوا مِنهَا، فَتَمَكَّنُوا مِنَ الدِّيَارِ فَاستَعمَرُوهَا، وَمِنَ الرِّقَابِ فَأَذَلُّوهَا، وَمِنَ العُقُولِ فَغَيَّرُوهَا، وَمِنَ العَقَائِدِ وَالأَخلاقِ فَبَدَّلُوهَا، عَن ثَوبَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " يُوشِكُ الأُمَمُ أَن تَدَاعَى عَلَيكُم كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلى قَصعَتِهَا " فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِن قِلَّةٍ نَحنُ يَومَئِذٍ؟! قَالَ: " بَل أَنتُم يَومَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُم غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيلِ، وَلَيَنزِعَنَّ اللهُ مِن صُدُورِ عَدُوِّكُمُ المَهَابَةَ مِنكُم، وَلَيَقذِفَنَّ اللهُ في قُلُوبِكُمُ الوَهَنَ " فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الوَهَنُ؟ قَالَ: " حُبُّ الدُّنيَا وَكَرَاهِيَةُ المَوتِ " رَوَاهُ أَبُودَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

هَذِهِ حَالُ المُسلِمِينَ عِندَ غُربَتِهِمُ الثَّانِيَةِ الَّتي نَعِيشُ اليَومَ جُزءًا مِنهَا، حُبُّ لِلدُّنيَا وَرُكُونٌ إِلَيهَا، وَكَرَاهِيَةٌ لِلمَوتِ وَتَعَلُّقٌ في الحَيَاةِ، وَرِضًا بِالذُّلِّ وَتَركٌ لِلجِهَادِ، وَلَكِنَّ اللهَ – تَعَالى - كَمَا أَعَزَّ جُندَهُ في أَوَّلِ الإِسلامِ وَنَصَرَ عَبدَهُ، فَقَامَت دُولَةُ الإِسلامِ وَانتَشَرَ في أَرجَاءِ الأَرضِ، وَصَارَت كَلِمَةُ الكُفرِ هِيَ السُّفلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُليَا، فَإِنَّهُ – تَعَالى - سَيُعِيدُ لِلإِسلامِ بَعدَ غُربَتِهِ الثَّانِيَةِ عِزَّهُ وَقُوَّتَهُ، وَسَيُصبِحُ الدِّينُ إِلى انتِصَارٍ وَانتِشَارٍ، يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا ثَبَتَ في أَحَادِيثِ المَهدِيِّ وَنُزُولِ عِيسَى - عَلَيهِ السَّلامُ - في آخِرِ الزَّمَانِ، وَالَّتي تَدُلُّ عَلَى انتِشَارِ الإِسلامِ وَعِزَّةٍ المُسلِمِينَ وَقُوَّتِهِم، وَدَحضِ الكُفرِ وَالكَافِرِينَ وَذِلَّتِهِم، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى المُسلِمِينَ أَلاَّ يَيأَسُوا وَلا يَقنَطُوا، وَلا يَستَسلِمُوا لِلكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ وَإِنْ حَصَلَ مِنهُم مَا حَصَلَ، فَسَعيُ أُولَئِكَ الأَعدَاءِ في القَدحِ في الثَّوَابِتِ، وَجُهُودُهُم في زَعزَعَةِ المُسَلَّمَاتِ وَالمَبَادِئِ، وَتَكرَارُهُمُ المُحَاوَلاتِ لاجتِثَاثِ الأُصُولِ وَاجتِهَادُهُم في تَغيِيبِهَا، وَتَقَصُّدُهُمُ الإِسلامَ وَحَربُهُمُ الشَّعوَاءُ عَلَيهِ، كُلُّ ذَلِكَ لا يَخرُجُ عَن سُنَّةِ اللهِ الَّتي قَضَى أَن تَستَمِرَّ حَتى تَقوُمَ السَّاعَةُ، أَلا وَهِيَ المُدَافَعَةُ بَينَ الإِسلامِ وَالكُفرِ، وَالصِّرَاعُ بَينَ الخَيرِ وَالشَّرِّ، وَالنِّزَاعُ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -:  ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 251] وَقَالَ – تَعَالى -: ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 40] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُم ﴾ [البقرة: 217] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَلَن تَرضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم قُل إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعتَ أَهوَاءَهُم بَعدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ العِلمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِن وَليٍّ وَلا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة: 120].

إِنَّهَا طَبِيعَةُ الدُّنيَا الَّتي قَضَى اللهُ أَن تَكُونَ عَلَيهَا، وَكَمَا أَنَّ فِيهَا حَرًّا وَقَرًّا، وَدَاءً وَمَرَضًا، وَهَمًّا وَغَمًّا، فَإِنَّ فِيهَا أَنوَاعًا أُخرَى مِنَ الأَذَى، مِن أَشَدِّهَا تَسَلُّطُ الأَعدَاءِ مِنَ الكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ، وَإِدَالَتُهُم عَلَى المُؤمِنِينَ حَينًا بَعدَ حِينٍ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 140]  وَمَن ظَنَّ أَن هَزَائِمَ المُسلِمِينَ في عَصرِهِمُ الحَاضِرِ كَانَت بِدْعًا في تَأرِيخِهِمُ الطَّوِيلِ، وَأَنَّهَا سَتَكُونَ هِيَ القَاضِيَةَ عَلَى الإِسلامِ وَالمَاحِيَةَ لِنُورِ اللهِ، فَهُوَ لم يَقرَأِ التَّأرِيخَ وَلم يَعِيَ العِبَرَ، فَأَمرُ المُسلِمِينَ لم يَزَلْ كَذَلِكَ مُنذُ شَعَّ نُورُ الإِسلامِ، يَعلُو شَأنُهُم تَارَةً وَيَهبِطُ أُخرَى، وَيَنتَصِرُونَ حِينًا وَيُهزَمُونَ حِينًا، وَيَصحُونَ في زَمَنٍ وَيَغفُونَ في آخَرَ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِمِقدَارِ قُربِهِم مِن رَبِّهِم وَاتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّهِم، وَانتِشَارِ العِلمِ فِيهِم وَاجتِمَاعِ كَلِمَتِهِم، وَإِحيَائِهِمُ الجِهَادَ في سَبِيلِ اللهِ وَتَوَحُّدِ صُفُوفِهِم، وَقَد أَرَى اللهُ - سُبحَانَهُ - المُسلِمِينَ بَعدَ استِضعَافِهِم في مَكَّةَ نَصرًا عَظِيمًا في بَدرٍ، وَأَعقَبَ هَزِيمَةَ أُحُدٍ نَصرًا عَظِيمًا في الخَندَقِ، ثم لم يَزَلْ أَمرُ الإِسلامِ في عُلُوٍّ حَتى فُتِحَت مَكَّةُ وَدَخَلَ النَّاسُ في دِينِ اللهِ أَفوَاجًا، ثم كَانَتِ الرِّدَّةُ وَحَدَثَ مَا حَدَثَ، ثم قَامَت لِلمُسلِمِينَ دُوَلٌ مُتَعَاقِبَةٌ عَلَى مَدَى قُرُونٍ طَوِيلَةٍ، لم تَزَل حَتَّى ضَعُفُوا وَتَفَرَّقُوا، فَاستَولَى النَّصَارَى عَلَى كَثِيرٍ مِن أَجزَاءِ الدَّولَةِ الإِسلامِيَّةِ، وَضَيَّقُوا حُدُودَهَا وَمَزَّقُوا أَوصَالَهَا، وَلَكِنَّ دِينَ اللهِ مَعَ ذَلِكَ لم يَزَلْ مَحفُوظًا، وَبَقِيَ عَلَمُهُ مَرفُوعًا مُرَفرِفًا، وَسَيَظَلُّ أَمرُ اللهِ قَائِمًا بِطَائِفَةٍ مِنَ المُتَمَسِّكِينَ بِالحَقِّ في كُلِّ زَمَانٍ، وَمَن تَوَلَّى أَو تَرَاجَعَ، أَو نَكَصَ عَلَى عَقِبَيهِ أَوِ ارتَدَّ عَن دِينِهِ، أَبدَلَ بِهِ اللهُ خَيرًا مِنهُ وَأَزكَى، وَجَعَلَ مَكَانَهُ مَن لا يَكُونُ مِثلَهُ في ضَعفِهِ وَخَوَرِهِ وَجُبنِهِ وَتَنَازُلِهِ،،،

لَئِن عَرَفَ التَّأرِيخُ أَوسًا وَخَزرَجًا
فَللهِ أَوسٌ قَادِمُونَ وَخزَرَجُ
وَإِنَّ سُجُوفَ الغَيبِ تُخفِي طَلائِعًا
مُجَاهِدَةً رَغمَ الزَّعَازِعِ تَخرُجُ


قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 54] وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " تَكُونُ النَّبُوَّةُ فِيكُم مَا شَاءَ اللهُ أَن تَكُونَ، ثم يَرفَعُهَا اللهُ إِذَا شَاءَ أَن يَرفَعَهَا، ثم تَكُونُ خِلافَةً عَلَى مِنهَاجِ النُّبُوَّةٍ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَن تَكُونَ، ثم يَرفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَن يَرفَعَهَا، ثم تَكُونُ مُلكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَن تَكُونَ، ثم يَرفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَن يَرفَعَهَا، ثم تَكُونُ مُلكًا جَبرِيًّا فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَن تَكُونَ، ثم يَرفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَن يَرفَعَهَا، ثم تَكُونُ خِلافَةً عَلَى مِنهَاجِ النُّبُوَّةِ، ثم سَكَتَ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ المُدَافَعَةَ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، وَالصِّرَاعَ بَينَ أَهلِ الإِيمَانِ وَالكُفرِ وَأَنصَارِ الحَقِّ وَأَعوَانِ البَاطِلِ، إِنَّهَا لَسُنَّةٌ مِن سُنَنِ اللهِ في هَذَا الكَونِ، غَيرَ أَنَّ هَذَا التَّدَافُعَ وَذَاكَ الصِّرَاعَ لا يَقتَصِرُ كَمَا قَد يُظَنُّ عَلَى جَانِبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الاقتِتَالُ بِالسَّيفِ أَوِ الاحتِرَابُ بِالسِّلاحِ، وَلَكِنَّهُ حَاصِلٌ في أُمُورٍ كَثِيرَةٍ، فَقَد تَكُونُ المُوَاجَهَةُ اقتِصَادِيَّةً وَقَد تَكُونُ إِعلامِيَّةً، وَقَد تَكُونُ بِاللِّسَانِ وَقَد تَكُونُ بِالقَلَمِ، وَهُنَاكَ مُدَافَعَاتٌ جَمَاعِيَّةٌ وَأُخرَى فَردِيَّةٌ، وَثَمَّةَ مُدَافَعَاتٌ عَلَى مُستَوًى دَوليٍّ وَأُخرَى بَينَ أَهلِ البَلَدِ الوَاحِدِ، وَقَد يُحَارَبُ الدِّينُ بِنِظَامٍ صَارِمٍ وَجِدٍّ بَالِغٍ، وَقَد يُطعَنُ بِهَزْلٍ وَلَعِبٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا أَو ذَاكَ، وَدُفِعَ هَؤُلاءِ بِالسِّلاحِ وَدُفِعَ أُولَئِكَ بِالقَلَمِ، وَوُوجِهَتْ فِئَةٌ عَلَى مِنبَرِ خُطبَةٍ وَأُخرَى في مُنَاظَرَةٍ، أَو عَن طَرِيقِ اقتِصَادٍ أَو بِقُوَّةِ إِعلامٍ، فَإِنَّهَا مُدَافَعَاتٌ كُلُّهَا، وَكُلُّهَا جِهَادٌ وَمُجَاهَدَةٌ، وَوَاجِبٌ عَلَى المُسلِمِينَ بَيَانُ الحَقِّ وَإِزَالَةُ الشُّبُهَاتِ، وَالرَّدُّ عَلَى البَاطِلِ وَفَضحُ المُجرِمِينَ، وَالأَمرُ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيُ عَنِ المُنكَرِ، وَنَصرُ الحَقِّ وَإِظهَارُ السُّنَّةِ، وَقَمعُ البَاطِلِ وَوَأدُ البِدعَةِ، وَدِينُ اللهِ بَاقٍ لا مَحَالَةَ، وَأَنصَارُهُ مَوجُودُونَ وَلا شَكَّ " وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفسِهِ " أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ وَلْنَكُنْ مِن أَنصَارِ دِينِهِ  ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ﴾ [الصف: 14].

♦♦ ♦ ♦♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَكُونُوا مَعَهُ يَكُنْ مَعَكُم ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِذَا كَانَ المُسلِمُونَ قَد حِيلَ بَينَهُم وَبَينَ أَنوَاعٍ مِن دَفعِ شَرِّ الكَافِرِينَ، فَإِنَّ مِنَ الوَاجِبِ عَلَيهِم اليَومَ أَن يَتَّقُوا اللهَ مَا استَطَاعُوا، وَأَن يَقِفُوا بِانتِبَاهٍ في وَجهِ الدَّعَوَاتِ البَاطِلَةِ وَيَدفَعُوا أَهلَهَا وَيَصُدُّوهُم، وَأَن يُعَرُّوهُم وَيَفضَحُوهُم، وَأَن يَتَعَاوَنُوا فِيمَا بَينَهُم عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى، فَيَحفَظُوا دِينَ اللهِ بِحِفظِ اللهِ، فَهُو دِينُ الجَمِيعِ، وَالذَّبُّ عَنهُ وَاجِبٌ عَلَى الجَمِيعِ، وَالدِّفَاعُ عَنهُ مُتَعَيِّنٌ عَلَى كُلِّ مَسلِمٍ بِحَسَبِ مَا يَستَطِيعُ، فَلَيسَ العُلَمَاءُ وَلا الدُّعَاةُ هُمُ المَسؤُولِينَ عَنِ الدِّينِ فَحَسبُ، وَلا هُوَ مَنهَجَهُم وَحدَهُم، وَلَكِنَّهُ مَسؤُولِيَّةُ المُسلِمِينَ فَردًا فَردًا، وَالتَّمَسُّكُ بِهِ مُتَعَيِّنٌ عَلَيهِم وَاحِدًا وَاحِدًا، وَكُلٌّ سَيَمُوتُ وَحدَهُ وَيُبعَثُ وَحدَهُ، وَسَيُحَاسَبُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ وَمَا عَمِلَهُ، وَالتَّخَاذُلُ وَتَركُ نُصرَةِ الدِّينِ عَيبٌ شَنِيعٌ بَل ذَنبٌ كَبِيرٌ، وَمَهمَا ضَعُفَ مَن ضَعُفَ أَو تَرَاخَى مَن تَرَاخَى، فَإِنَّ ثَمَّةَ ثُغُورًا يَجِبُ عَلَى المُسلِمِينَ مُلازَمَتُهَا وَعَدَمُ تَركِهَا، إِخلاصُ العَمَلِ للهِ وَحدَهُ دُونَ سِوَاهُ، وَلُزُومُ جَمَاعَةِ المُسلِمِينَ، وَمُنَاصَحَةُ وُلاةِ الأَمرِ وَالنُّصحُ لَهُم، وَإِقَامَةُ الصَّلوَاتِ الخَمسِ في جَمَاعَةٍ، وَشُهُودُهَا مَعَ المُسلِمِينَ في بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ، وَخَاصَّةً صَلاةَ الفَجرِ، وَتَربِيَةُ الأَبنَاءِ وَالبَنَاتِ وَالزَّوجَاتِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ وَإِلزَامُهُم السِّترَ وَالحَيَاءَ، وَحِفظُهُم وَرِعَايَتُهُم، وَالحَيلُولَةُ بَينَهُم وَبَينَ مَوَاقِعِ الفِتَنِ، وَالاهتِمَامُ بِالعِلمِ الشَّرعِيِّ تَعَلُّمًا وَتَعلِيمًا، وَالدَّعوَةُ إِلى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَالأَمرُ بِالمَعرُوفِ بِالمَعرُوفِ، وَالنَّهيُ عَنِ المُنكَرِ بِلا مُنكَرٍ... جَعَلَنَا اللهُ جَمِيعًا مِن أَنصَارِ دِينِهِ، وَأَقَرَّ أَعيُنَنَا بِنَصرِ الإِسلامِ وَعِزِّ المُسلِمِينَ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • غربة الإسلام
  • غربة الإسلام بين المسلمين ( قصيدة )

مختارات من الشبكة

  • شرح كتاب السنة لأبي بكر اشرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس (70)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • كلمات حول الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام كفل لأهل الكتاب حرية الاعتقاد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام دين جميع الأنبياء، ومن ابتغى غير الإسلام فهو كافر من أهل النار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة المرأة في الإسلام: ستون صورة لإكرام المرأة في الإسلام (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • الحرب في الإسلام لحماية النفوس وفي غير الإسلام لقطع الرؤوس: غزوة تبوك نموذجا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا اختيار الإسلام دينا؟ الاختيار بين الإسلام والمعتقدات الأخرى (كالنصرانية واليهودية والهندوسية والبوذية..) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لو فهموا الإسلام لما قالوا نسوية (منهج الإسلام في التعامل مع مظالم المرأة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • اليابان وتعاليم الإسلام وكيفية حل الإسلام للمشاكل القديمة والمعاصرة (باللغة اليابانية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مقاييس جمال النص في صدر الإسلام وموقف الإسلام من الشعر(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/1/1447هـ - الساعة: 9:57
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب