• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / تربية الأولاد
علامة باركود

من حقوق البنات على آبائهن

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/12/2006 ميلادي - 5/12/1427 هجري

الزيارات: 209684

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من حقوق البنات على آبائهن


الحمد لله؛ أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، وألزم عباده بما أنزل من الهدى، أحمده على ما أرشد وهدى، وأشكره على ما أسدى وأعطى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ إليه ترفع النجوى، وهو منتهى كل شكوى، وإليه المآب والرجعى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، العبد المجتبى، والنبي المصطفى، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبع هديهم واقتفى.

 

أما بعد: فاتقوا الله- عباد الله- وأطيعوه، وأدوا ما عليكم من الأمانات، وتخلصوا من الحقوق؛ فإنكم عند ربكم موقوفون، وعلى أعمالكم محاسبون، وعن أماناتكم مسئولون ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 18].

 

أيها الناس: من حكمة الله تعالى في خلقه أن جعل تناسلهم وتكاثرهم بالمزاوجة بين ذكورهم وإناثهم، وتلك سنة عامة في الإنسان والحيوان والطير والحشرات وغيرها، ولو شاء سبحانه لكاثرهم بغير هذه الطريقة، ولكن إرادته سبحانه اقتضت المزاوجة بين النوعين، وفي ذلك من الحكم ما نعلمه وما لا نعلمه ﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الذاريات: 49] ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14] ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان: 2].

 

والنوع الأقوى دائما هو الذكر، والأنثى هي الأضعف في كل مخلوقات الله تعالى، وكل نوع منهما محتاج إلى الآخر، ولا تستقيم الحياة على الأرض إلا باتفاقهما وتزاوجهما.

 

ولما كانت المرأة أضعف من الرجل كانت مستضامة عند كل الأمم الضالة من فجر التاريخ إلى يومنا هذا، وكان العرب في جاهليتهم يئدون البنات؛ لأنهن لا يمتطين الجياد، ولا يقاتلن الأعداء، ولا يكتسبن المال، ولا يدفعن عن أنفسهن أي اعتداء؛ فرآهن أهل الجاهلية عبئا وعارا﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ [التكوير: 8، 9] وإزاء هذا الضعف في المرأة الذي اتسمت به خلقتها، واستبيح بسببه حماها، وسلب منها حقها؛ جاء الإسلام بما يعزز موقفها، ويعلي مكانتها، ويحفظ لها حقها.فعاب الله تعالى على أهل الجاهلية نظرتهم للبنات، وشؤمهم منهن ﴿ إِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النحل: 58، 59].

 

وأفضل الخلق، وأزكى البشر، وخاتم الرسل عليه الصلاة والسلام ما عاش له من الولد إلا البنات، وذلك من أعظم الفخر للبنات، وفيه تسلية لمن لم يرزق من الولد إلا هن.

 

ولما كان البنات هن الأضعف، وأكثر الناس يستبشرون بالأبناء أكثر من استبشارهم بالبنات؛ فإن الشريعة الغراء رتبت من الأجور العظيمة على رعاية البنات، ورحمتهن والإحسان إليهن أكثر مما جاء في حق الأبناء، واختصت البنات بنصوص كثيرة في ذلك؛ فمن رزق بنات وأحسن تربيتهن، والقيام عليهن، نجي من النار بسببهن بعد رحمة الله تعالى، وحشر مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأدخله بناته الجنة، وفي ذلك أحاديث كثيرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم (من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترا من النار) وفي حديث آخر (من كان له ثلاث بنات وصبر عليهن وكساهن من جدته كن له حجابا من النار) وفي حديث ثالث (ما من مسلم تدركه ابنتان فيحسن صحبتهما إلا أدخلتاه الجنة) وفي رابع (من كان له ثلاث بنات يؤويهن ويكفيهن ويرحمهن فقد وجبت له الجنة البتة، فقال رجل من بعض القوم: وثنتين يا رسول الله؟ قال:وثنتين) وفي خامس (من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه) وكلها أحاديث ثابتة وبعضها في الصحيحين.

 

وكثير من الناس يحصر الإعالة والإحسان للبنات في الجوانب الحسية من المأكل والمشرب والملبس ونحوه، ويغفل جوانب العطف والحنان، والحاجات القلبية والنفسية، من الجلوس معهن، والتبسم لهن، والحديث إليهن، والإنصات لحديثهن، وتلمس حاجاتهن، ومعالجة مشاكلهن، حتى تسربت إلى بعض الناس عادات أهل الجاهلية فلا يأكل مع نسائه وبناته، ويرى أن ذلك مناف لرجولته، قادح في شخصيته، ولا يحظى بمجالسته ومواكلته ومباسطته إلا الذكور من ولده دون الإناث، وهذا من التفرقة بين الأولاد، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) رواه البخاري.

 

والعدل في هذا واجب مثل العدل في النفقة إن لم يكن أهم وأولى من العدل في النفقة؛ لمسيس حاجات البنات لمثل هذا النوع من الإحسان والرعاية.

 

وما ضُحك على كثير من بنات المسلمين حتى وقعن في المعصية والعار إلا بعد خلو بيوتهن من تلك الرعاية، فبحثن عنها في غير بيوت آبائهن، فاصطادهن ذئاب لا يرقبون في حرمات المسلمين إلاًّ ولا ذمة، فكان من أمرهن ما كان.

 

ومن الخطل في الرأي، والخطأ في الفهم، أن يظن ظان أن هذا الأجر العظيم في رعاية البنات وإعالتهن الذي أخبرت به الأحاديث يناله من قصَّر في تربية بناته على أحكام الشريعة، أو فتح لهن أبواب المعصية، فلا علمهن أحكام الحيض والطهارة، ولا أمرهن بالصلاة والطاعة، ولا بين لهن أهمية العفاف والطهر والحصانة، ولم يراقب حجابهن، ولا يبالي أي لباس يلبسن، ولا يسأل: مع من كن وأين ذهبن؟ وقد ملأ بيته بأنواع من الموبقات التي توبق بناته وتهلكهن، من فضائيات ساقطة، وأشرطة ماجنة، ومجلات هابطة، تثير الشهوات ولا تشبع العواطف، وتحرك الغرائز ولا تنمي العقول، وتدعو إلى المعاصي، بل تؤصل للمعصية والكفر بشعارات براقة، وعناوين خادعة من الحرية الشخصية، والحب خارج إطار الزوجية، وغير ذلك مما غزا أكثر البيوت، وفتك بقلوب كثير من بنات المسلمين.

 

أَوَيظن مسلم أن يحظى بهذا الأجر في إعالة بناته وقد أشبع بطونهن وأهمل عقولهن، وألهب غرائزهن ولم يشبع عواطفهن، قد اهتم بأمور دنياهن ولم يبال بأعمال أخراهن!!

 

كيف يظن مسلم ذلك وهو يرى أن هذه الأحاديث ذكرت أوصافا لمن يستحق ذلك من أولياء البنات، ففي حديث قال عليه الصلاة والسلام (فيحسن صحبتهما) وفي الحديث الآخر (يؤويهن ويكفيهن ويرحمهن) فهل أحسن صحبتهن من ضيع عليهن الدين واكتفى لهن بالدنيا، وهل رحمهن من جلب لهن أسباب العذاب والنار في الآخرة؟! وتأملوا قوله عليه الصلاة والسلام (يؤويهن ويكفيهن) والإيواء والكفاية لها قدر محدد، لا ينزل عنه فيحتجن إلى غيره وهو أبوهن وراعيهن، ولا يتعداه فيفسدهن ويبطرهن، فإن قصر عن هذا الحد ما كان مؤويا لهن ولا كافيا، وإن تجاوزه إلى السرف والترف مما يحل وما يحرم فقد انتقل من الإيواء والكفاية إلى الطغيان والإفساد، وكلا الوجهين مذموم.

 

فإذا عمل فيهن بشرع الله تعالى، وقام عليهن خير قيام حتى يزوجهن بالأكفاء فقد أدى الأمانة، والتزم الديانة، واستحق بإذن الله تعالى ما رتب على رعاية البنات من أجور عظيمة.

 

ومن أعظم الظلم، وأكبر البغي، وأشد أنواع القسوة أن يحرم بناته من حق قد قضاه الله تعالى لهن كما يفعله من يفعله من جهلة الناس، وجفاة الرجال بحرمان بناتهم من الميراث، أو التحايل لإسقاطه قبل موته بأن يسجل أملاكه باسم أبنائه دون بناته، ومن فعل ذلك فقد ختم حياته بخاتمة السوء، ولقي الله تعالى بظلم عظيم لبناته، وقد خلقهن الله تعالى ضعافا، وأوصى بهن، فضيع بجهله وعصبيته وصية الله تعالى فيهن، وانحاز إلى الأقوياء من ولده وأعطاهم حق الضعفاء، ولعله لا يحسن إليه في كبره وضعفه، ولا يدعو له في قبره إلا بناته.

 

وأعظم ظلما من ذلك أن يعضل بناته، فلا يزوجهن الأكفاء من الرجال إما عصبية لعشيرته؛ فبناتهم لا تُزوج من غير أبناء العشيرة، وليس في عصبته كفؤ يرضاه عاقل لابنته، فإما زوجها بغير كفء لها فظلمها، أو تربص إلى أن تنتج عشيرته كفئا لها وقد يأتي وقد لا يأتي حتى يشيب رأسها.

 

أو كان أبوها مريضا بالعظمة فيرد عنها الخاطبين لأنهم لم يملئوا عينه، ولا أحد يملأ عينه؛ لأن العلة فيه لا فيهم، والرجل العاقل لا يطلب المعالي في تزويج بناته، بل ينشد سترهن وسعادتهن.

 

أو يمنعها الزواج لأنه أهداها في صغرها لأحد أبناء عمه وهي لا تريده، فيركب رأسه لئلا يقال: قد رضخ لرأي النساء، فيعذب نفسه وابنته لعزة يتوهمها وهي عين الذل والإهانة؛ إذ كيف يبتزه الآخرون في بناته، فلا رأي له فيهن بل الرأي رأيهم.

 

أو يمنعها الزواج يريد بيعها لذوي المال والجاه كما تباع السلع، حتى إذا قبض ثمنها، وقضى الغني حاجته منها؛ رمى بها مهانة ذليلة حزينة، فهل هذا أب يرحم؟! كيف ومهرها مهما بلغ حق لها لا لأبيها، ولها أن تتنازل عما شاءت منه لزوجها؟!

 

أو كانت تعمل ويأخذ أبوها أجرها فيحبسها، ويرد الأكفاء عنها لأجل ذلك.وربما كان صفيق الوجه، قليل الحياء، يعلل فعلته الشنيعة في بناته بما مضى من نفقتهن، ويمن عليهن بحق أوجبه الله تعالى لهن، فيحرم بناته أعظم لذة في الدنيا وهي الزواج وطلب الولد، وقد تمتع هو من قبل بهذه النعمة، فأي أنانية تلك، وأي قلوب قدت من حجر قلوب هؤلاء الآباء.

 

وإذا خطبها خاطب وجب على أبيها أن يتحرى عنه، ويسأل عن دينه وأخلاقه، ثم يعرض الأمر عليها إن كان الخاطب مما يرضى دينه وأخلاقه، ولا يكرهها عليه، فالحق لها، والقول قولها، وهي من تتحمل نتيجة اختيارها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت) متفق عليه.

 

 

وقد ذكر الفقهاء أن البنت إن رغبت في كفء بعينه، وأراد أبوها تزويجها بغيره من أكفائها‏،‏ وأبى تزويجها من الذي أرادته كان عاضلا لها، فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها في دين أو خلق فله منعها من ذلك‏،‏ ولا يكون عاضلا لها بهذا.

 

وإذا رأى الرجل عزوفا من بناته عن الزواج لأجل الدراسة أو الوظيفة ذكرهن بالله تعالى، ووعظهن بكتابه، وبين لهن خطورة رد الأكفاء من الرجال، وأخبرهن أن الواحدة منهن إن ردت كفئا يرضى دينه وخلقه فقد تعاقب بالحرمان من مثله؛ حتى لا يأتيها مستقبلا إلا غير كفء، وإذا عرف عند الناس أن آل فلان يردون الأكفاء عن بناتهم أحجموا عنهم، وهذا واقع مشاهد، وكم راح ضحيته كثير ممن يرغب الشباب في مثلهن من بنات الناس لولا هذا التصرف الخاطئ؟!

 

وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) فمن يرضى من الآباء، ومن يرضى من البنات أن تكون سببا من أسباب الفتنة في الأرض والفساد العريض.

 

والوظيفة والدراسة ليست تمنع من الزواج؛ إذ ستجد من يقبلها مع وظيفتها ودراستها، ولو قدر التعارض في ذلك قدمت مصلحة زواجها على وظيفتها ودراستها؛ لأنه بزواجها ينفق عليها زوجها فلا تحتاج إلى الوظيفة، لكن إن فاتها الزواج لكبرها، ورغبة الرجال عنها، لم تهب لها وظيفتها زوجا وولدا.

 

وإذا طلقت البنت وعادت إلى بيت أبيها فلا يحلُّ له أن يعيرها بطلاقها، ويجب عليه أن يحسن إليها؛ حتى يجعل الله تعالى لها سبيلا برجل آخر، فإن خرجت من عدتها، وعاد إليها مطلقها يريد نكاحها مرة أخرى فالقول قولها، فإن أرادته فليس لأبيها أن يمنعها منه بحجة أنه طلقها المرة الأولى، وفي مثل هذه الصورة نزلت آية العضل؛ كما روى البخاري عن الحسن البصري رحمه الله تعالى في قول الله تعالى ﴿ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ ﴾ [البقرة: 232] قال: حدثني معقل بن يسار أنها نزلت فيه قال: زوجت أختا لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها فقلت له زوجتك وأفْرَشْتُك وأكرمتك فطلقتها ثم جئت تخطبها، لا والله لا تعود إليك أبدا، وكان رجلا لا بأس به وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه فأنزل الله هذه الآية ﴿ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ ﴾ [البقرة: 232] فقلت:الآن أفعل يا رسول الله، قال: فزوجها إياه) وفي رواية قال معقل رضي الله عنه (سمعا لربي وطاعة، فدعا زوجها فزوجها إياه) وفي هذه الحادثة يقول الحسن رحمه الله تعالى (علم الله تعالى حاجة الرجل إلى امرأته، وحاجة المرأة إلى زوجها فأنزل الله هذه الآية).

 

نسأل الله تعالى أن يحفظنا والمسلمين بحفظه، وأن يسبغ على نساء المسلمين وبناتهم ستره، وأن يجنبهن طرق الهلاك والردى، إنه سميع قريب.

 

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم....


الخطبة الثانية

الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ويرضى،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فاتقوا الله- عباد الله- وأطيعوه ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

 

أيها المسلمون: ليس من العيب في شيء أن يعرض الرجل بناته على الأكفاء تصريحا أو تلميحا، أو يوصي بذلك من يثق به؛ فإن الأكفاء من الرجال إن رغبوا فيهن حصل له ما أراد، وكان ذلك من تمام إحسانه لبناته، وإن رغبوا عنهن منعهم دينهم وأخلاقهم من الكلام والثرثرة، وإفشاء سره.وقد فعل ذلك خيار هذه الأمة من الصحابة والتابعين؛ فعمر رضي الله عنه عرض ابنته حفصة على أبي بكر ثم على عثمان رضي الله عنهم، فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم.وعثمان عرض ابنته على ابن مسعود وهو كبير وهي صغيرة مع ما بينهما رضي الله عنهما من خلاف في بعض المسائل.وسعيد ابن المسيب رحمه الله تعالى رفض ابن الخليفة وقد خطب ابنته، وزوجها من رجل صالح فقير كان يطلب العلم على يديه.

 

وإن طلقت البنت أكثر من مرة، أو كان أزواجها يموتون عنها، فليس لأبيها أن يعاقبها بمنعها من الزواج؛ حرجا من كلام الناس، أو خوفا من شماتتهم، فحق ابنته عليه أولى من مراعاة الناس، ولو أرادت الزواج ولها أولاد فلها ذلك، وليس لأحد أن يمنعها حقها ولو كانت كبيرة السن، فهي أدرى بنفسها، وأعرف بحاجتها، وقد كان الصحابيات رضي الله عنهن لا تنقضي عدة الواحدة منهن إلا وتخطب على الفور، وقد تزوجت أسماء بنت عميس رضي الله عنها جعفرا ثم أبا بكر ثم عليا رضي الله عنهم. وكونها تكون زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة خيرا لها من بقائها بلا زوج. وما انتشر رفض هذه المبادئ الأصيلة التي جاءت بها الشريعة، وطبقتها الصحابة، إلا لما سادت ثقافة المسلسلات الهابطة، والمجلات الساقطة بين الناس، حتى حاربوا تعدد الزوجات وهو خير للنساء وللمجتمع، وألقوا في رُوْعِ المطلقة عدم الزواج مرة أخرى، وعليها أن تبحث عن ذاتها ولذتها في طريق آخر غير طريق الزواج، يعني في الحرام نسأل الله العافية، حتى وئدت الفضيلة، وانتشرت الرذيلة، وإن صبرت فهي على جمر يحرق قلبها.

 

ومن إحسان الرجل إلى بناته أن يحسن إلى أزواجهن؛ فيبتسم لهم، ويظهر حفاوته بهم، ويحضر ولائمهم، ويدعوهم هو إلى بيته؛ فإنه وإن كان ذا فضل عليهم بتزويجهم، فلهم فضل عليه بحفظ عورة له، وإحسانه إليهم ينتج عنه ولا بد إحسان الأزواج إلى بناته، وهذا ما يطلبه لهن.

 

وينبغي لمن رزقه الله تعالى أولادا وحفدة ألا يظهر احتفاءه بأولاد بنيه أكثر من احتفائه بأولاد بناته؛ لأن ذلك مما ينكأ في قلوب بناته، ويكون سببا للعداوة والبغضاء بين أولاده وأحفاده.

 

ألا فاتقوا الله ربكم أيها المسلمون، وأدوا أماناتكم، وأحسنوا إلى بناتكم كما تحسنون إلى أبنائكم، وخذوا في ذلك بآداب الإسلام؛ ففي ذلك خيري الدنيا والآخرة.

 

وصلوا وسلموا...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تربية الأولاد وتعليمهم
  • تربية الأولاد
  • فضل البنات
  • من حقوق الأخوات على إخوانهن
  • فضل البنات وتربيتهن
  • العضل أو ما يسمى بحكر البنات

مختارات من الشبكة

  • في حقوق الأخوة من النسب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بريطانيا: استبيان لمفوضية حقوق الإنسان عن حقوق المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: من أعظم حقوق الناس حق الجوار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام وحقوق المعاقين: دراسة فقهية في كيفية حماية حقوق المعاقين في المجتمعات الإسلامية وفق الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • تكفير الحج حقوق الله تعالى وحقوق عباده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدين روسيا بانتهاك حقوق الإنسان في الشيشان(مقالة - المترجمات)

 


تعليقات الزوار
5- رأيي
yasmeen nasser shawky - مصر 07-03-2016 01:25 PM

أنا بنت عمري 16سنة أبي يحكم علي بالزواج من شاب
لم أرى فيه أن يكون زوجي وغير ذلك أنا لا أريد الزواج مبكرا أبدا
فماذا أفعل مع أبي لا أحد بجانبي ولا أحد يأخذ برأيي حرمت من المدرسة ومن كل شيء يسعدني ..

4- يتيمة وأبي حي
منى - mouritania 25-06-2015 01:38 AM

سبحان الله يتيمة ووالدي حي وقادر على سعادتي ولكنه يعيشني معنى الحرمان أنا طالبة في المرحلة الجامعية لكن والله أبي ما ساعدني يوما على دراستي ولو بثمن قلم رغم احتياجي لمن يدعمني ويساعدني على هذه المرحلة الصعبة من حياتي أطلب من زملائي وأستلف حتى أنني أرتكب معصية أحيانا لأجل المال كي أعيش طعامي ولبسي وتعليمي وجميع مستلزمات حياتي أوفرها لنفسي أو أموت جوعا وأعرى فهو ما كفلني يوما عندما أطلب منه شيء يقول أنا لست أبوك ولا عندي حاجة فيكي وغنيا عنك ما دمت حيا وإذا كبرت سنا عندي أولاد سيتولوا أمري يقصد أولاده من زوجته الحالية حتى إني أمرض وعندما أعطيه الوصفة ليشتري لي الدواء يعتذر لي بأنه عنده عيال ويعول عليهم عجبا كأني لست ابنته وإذا قلت له اتق الله فيّ يقول أنت عاقة ويزداد حقدا وكرها فيّ إلا أنني مصرة على أن أزوره من كل فترة وإذا مرض أجلس عن رأسه مبايعة مع الله رضاء الله فوق كل الخلافات حرمني جميع حقوقي أحيانا أصاب بتعقد بسبب صديقاتي وكيف يعاملهن آبائهن أما أمي فإذا تقدم لي رجلا صالح أرضاه فترده بسبب المهر وكأنني تجارة أباع صراحة والداي لم يشعرونني لحظة بودهم في حياتي والسؤال هل لوالداي حق علي رغم معاناتي بسببهم أنا أكره المعاصي إلا أنني أرتكبها أحيانا بسبب الفقر والجوع أمي تتغدى بجانبي ولا تدعيني حتى للغداء هي وأولادها أما أنا والله أمري عجيب رغم أنني ابنة صالحة وعاقلة ومتحفظة ومعدني طيب ولله الحمد؟؟؟؟؟

3- خطبة قيمة
أبو عبد الرحمن - السعودية 28-12-2014 07:27 AM

١ - جزى الله الشيخ إبراهيم احسن الجزاء .. فقد أجاد وأفاد ، ودائماً أستفيد من خطبه لأني وجدت لها أثراً كبيراً في الناس..
٢- آلمني كثيراً تعليق الأخت ( حزينة القلب ) أسأل الله لوالديها الهداية. وأن يلهمها الصبر.

2- كم يحتاج الآباء والامهات لمثل هذه الخطبة
حزينة القلب - لا ديار لي في هذه الدنيا 31-05-2012 01:28 PM

حينما أقرأ مثل هذه الكلمات أتسائل هل هذا واقع أم خيال ؟؟
هل يوجد أحد يرحم بناته ويحبهن بصدق ؟
هل يوجد أحد يأخذ بكلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ويرحم فتياته ويشعر بهن؟
هل يوجد على الأرض والدان يحبان بناتهم ويترضيان عنهن ويدعوان لهن بالخير ؟؟
كم اكره أبواي لشدة ظلمهما وقسوة قلوبهما وكثرة ضربهما بالذات امي فليس بقلبها ذرة رحمة او شفقة
أكرههما بشدة وأكره كل الأمهات والآباء / ليس في قلوبهما أدنى رحمة !!
أحيانا حينما أرى أن أباً أو أماً حزنا لمرض ابنتهما أو اهتاما بمعالجتها أتعجب ولا أصدق كيف لرجل أو امرأة أن يشعرا ببنت ويشفقان عليها ؟؟
هل ما زالت هناك قلوب حية في صدور الآباء والأمهات ؟؟
هل ما زال هناك اناس يعتبرون أن البنت إنسانة يجب أن تكرم ولا تهان؟
البنت مهانة وحقها مهدور أينما ذهبت / نعم أعطاها الإسلام حقها وأكرمها أيما كرم
ولكن أين من يطبق ويرحمها وهي الضعيفة الكسيرة التي ليس بيدها أي شيء إلا البكاء واللجوء إلى الرحمن الرحيم
خطبة رائعة ليت آباءنا وأمهاتنا يعلمون هذا الكلام ويطبقونه
لا نريد منهم شيئا إلا رفع الضرب والشتم عنا والكف عن الدعاء علينا وسنعتبرهم رحماء بنا
جزاكم الله خيرا على هذا الكلام الرائع في الخطبة

1- خطبة رائعة
أبو صهيب - سوري مقيم في السعودية 08-01-2007 06:38 AM

خطبة رائعة جدا أثرت في كثيرا وذلك أن عندي بنات فعرفت بواسطتها فضل رعايتهن وحقوقهن علي0

جزاكم الله خيرا على هذا الجهد الكبير0

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب