• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحريم صرف شيء من مخلوقات الله لغيره سبحانه وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الله يخلف على المنفق في سبيله ويعوضه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الحذر من عداوة الشيطان
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    حث النساء على تغطية الصدور ولو في البيوت
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    حكم صيام عشر ذي الحجة
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    إمام دار الهجرة (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    يوم عرفة وطريق الفلاح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    العشر مش مجرد أيام... هي فرص عمر
    محمد أبو عطية
  •  
    الدرس الثاني والعشرون: تعدد طرق الخير
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الموازنة بين الميثاق المأخوذ من الأنبياء عليهم ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    أفضل أيام الدنيا: العشر المباركات (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    دلالة القرآن الكريم على أن الأنبياء عليهم السلام ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    عظيم الأجر في الأيام العشر
    خميس النقيب
  •  
    فضل التبكير إلى الصلوات (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أحب الأعمال في أحب الأيام (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    مدى مشروعية طاعة المعقود عليها للعاقد في طلب ...
    محمد عبدالرحمن صادق
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع
علامة باركود

حذار من عقوق أهل الحقوق (خطبة)

حذار من عقوق أهل الحقوق (خطبة)
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/11/2020 ميلادي - 24/3/1442 هجري

الزيارات: 10679

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حذار من عقوق أهل الحقوق

 

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد؛ فإنّ أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

إخواني في دين الله؛ حذار من عقوق أهل الحقوق، أهل الحقوق كثيرون جدًّا، تبدأ من الوالدين ثم تنتهي بالضعفاء والمساكين، ومن هم تحت الولاية، فالتقصير في مثل هؤلاء الناس الضعفاء، أو الذين يستهين بهم العبد أمره خطير.

 

لذلك في حديث واحدٍ جمع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بزوائده في أكثر من كتاب صحيح ومن السنن والمسانيد، جمع هؤلاء أهل الحقوق الخمسة، الزوجة والولد، والجسد والضيف، والصديق، هؤلاء قد يتهاون الإنسان فيها ويقصر فيها.

 

يعني شابٌّ من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم، ينظر في نفسه، في وقت شبابه، فيرى القوّةَ والجلد، والصبر على لذة العبادة ولو كانت شاقة، فيقرأ من القرآن كثيرا، ويصلي من الليل طويلا، وقد ينشغل عن بعض أهل الحقوق.

 

هذه قصّة عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنه؛ شابٌّ من شباب قريش، يحبُّ الطاعةَ والعبادة، ويتفانى فيها، حتى رُفع أمره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقضية في كثرة قراءة القرآن وقيام الليل وصيام النهار، قضية ترفع إلى من؟

 

ترفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الحقوق الخمسة جمعها الحديث الذي رواه (خ م ت س د جة حم)، منهم من زاد، ومنهم من نقص، لكن هذه مع بعضها تكون هذا الحديث بزوائده، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله تعالى عنهما قَالَ: (كُنْتُ أَصُومُ الدَّهْرَ)، كم يوما يفطر؟ ولا يوم، (وَأَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ)، (فَزَوَّجَنِي أَبِي امْرَأَةً) بدأت حقوق الآخرين، زوجه أبوه امرأة (ذَاتَ حَسَبٍ، فَكَانَ يَتَعَاهَدُ كَنَّتَهُ) –الكنة، أي: زَوْجَة الْوَلَد- (فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا)، كيف عبد الله معكِ؟=(فَتَقُولُ: نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ)، (لَا يَنَامُ اللَّيْلَ، وَلَا يُفْطِرُ النَّهَارَ)، (لَمْ يَطَأ لَنَا فِرَاشًا، وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا مُنْذُ أَتَيْنَاهُ)؛ منشغل بماذا؟ منشغل بالعبادة، بالطاعة لله عز وجل، هذه الكلمات من هذه المرأة شكوى أم مدح؟ هي شكوى في صورة مدح، تمدحه، لأنه من يعيب إنسانا يقرأ القرآن ويصلي الليل ويصوم النهار؟ ما أحد يعيبه؛ إلا أهل العيب، فلم يطأ لنا كنفا؛ فلَمْ يُضَاجِعْنَا حَتَّى يَطَأَ فِرَاشنَا، لم يكن بينه وبين زوجته وعروسه ما يكون بين الأزواج، والكَنَف: السِّتْرُ وَالْجَانِب، وَأَرَادَتْ بِذَلِكَ الْكِنَايَةَ عَنْ عَدَمِ جِمَاعِهِ لَهَا؛ لِأَنَّ عَادَةَ الرَّجُلِ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي دَوَاخِلِ أَمْرِهَا.

 

قال: (فَوَقَعَ بِي) (أَبِي)؛ أبوه وقع به أَيْ: شَدَّدَ عَلَيَّ فِي الْقَوْلِ-، (وَقَالَ: زَوَّجْتُكَ امْرَأَةً) (مِنْ قُرَيْشٍ؛ أكبر قبيلة، وأعظم قبيلة، وأعلى نسب وأشرف نسب، (ذَاتَ حَسَبٍ، فَعَضَلْتَهَا، وَفَعَلْتَ، وَفَعَلْتَ؟) والمعنى؛ لم تُعَامِلْها مُعامَلَةَ الزوجِ لِلزوجة=، (قَالَ: فَجَعَلْتُ لَا أَلْتَفِتُ إِلَى قَوْلِهِ)، لا يلتفت؛ لأنه في طاعة، ويريد التقرب إلى الله، فهي أكبر من الشهوات والملذات وما شابه ذلك، (مِمَّا أَرَى عِنْدِي مِنْ الْقُوَّةِ وَالِاجْتِهَادِ)، (فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ)، طال على والده، ولم يتغير شيء في هذه الأسرة، (انْطَلَقَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَشَكَانِي)، (فَقَالَ) عليه الصلاة والسلام: ("ائْتِنِي بِهِ")، قال: (فَأَتَيْتُهُ مَعَهُ)، فَقَالَ بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم؛ من معلِّمٍ ومُرَبٍّ، عليه الصلاة والسلام، قال: ("كَيْفَ تَصُومُ؟"، فَقُلْتُ: كُلَّ يَوْمٍ)، (قَالَ: "لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَمَسُّ النِّسَاءَ")، كناية عن الجماع؛ أي: أنه يجامع أهله=، ("فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي")، ("فلَا تَفْعَلْ، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، وَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ")، هذه تعليمات النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الشابّ الممتلئ قوة واجتهادا للعبادة والطاعة، (قَالَ: فَشَدَّدْتُ) هو شدد على نفسه، (فَشُدِّدَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً)، (إِنِّي أَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: "فَصُمْ مِنْ الْجُمُعَةِ يَوْمَيْنِ: الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ")، (فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: "فَصُمْ يَوْمًا، وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ")، (فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: "صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْجُمُعَةِ"، فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: "فَصُمْ أَفْضَلَ الصَّوْمِ")؛ ("صِيَامَ نَبِي اللهِ دَاوُدَ، وَلَا تَزِدْ عَلَيْهِ")، ("فَإِنَّهُ كَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ"، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ! وَمَا صَوْمُ دَاوُدَ؟!) (قَالَ: "نِصْفُ الدَّهْرِ")؛ ("صِيَامُ يَوْمٍ، وَإِفْطَارُ يَوْمٍ")، ("وَهُوَ أَعْدَلُ الصِّيَامِ")، لكن عنده نشاط وقوة، (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه) وعلى آله وصحبه (وسلم: "لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ")؛ ("لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ")، ("لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ").

 

(ثُمَّ قَالَ: "وَفِي كَمْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟") (فَقُلْتُ: كُلَّ لَيْلَةٍ)، (قَالَ: "فلَا تَفْعَلْ")، ("فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ، ذَلِكَ، هَجَمَتْ عَيْنَاكَ، وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ")، العين يأتيها النعاس، تثقل عن الرؤية، والنفس تثقل عن الطاعة، ("فَاقْرَأ الْقُرْآنَ فِي أَرْبَعِينَ") ("يَوْمًا")، [فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ]، (فَقَالَ: "يَا عَبْدَ اللهِ، لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ")، ("فَاقْرَأ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ")، ("فَإِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً")، شرة أي إقبال واجتهاد على الطاعة، يجد الإنسان نفسه كما يقول مفتوحة لأن يطيع الله أكثر وأكثر، (وفي رواية: "فَإِنَّ لِكُلِّ عَابِدٍ شِرَّةً")، ("وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ")، أي ترك وإهمال وتكاسل، ("فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي، فَقَدْ أَفْلَحَ")، ("وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى مَعَاصِي اللهِ") ("فَقَدْ هَلَكَ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ)، في الشهر أكثر من مرة أستطيع أن أقرأ القرآن، (قَالَ: "فَاقْرَأهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: "فَاقْرَأهُ فِي كُلِّ عَشْرٍ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: "فَاقْرَأهُ فِي كُلِّ سَبْعٍ")، (فَقُلْتُ: إِنِّي أَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ)، (قَالَ: "اخْتِمْهُ فِي خَمْسٍ"، فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ)، (قَالَ: "فَاقْرَأهُ فِي ثَلَاثٍ")، ("وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ")، ("فَإنَّهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ لَمْ يَفْقَهْهُ")، يعني تكون قراءة هذر، وقراءة ليس من ورائها فائدة، ولا يوجد من ورائها تدبر ولا فقه، فإنه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقهه.

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله صحبه ومن والاه، واهتدى بهديه إلى يوم الدين، أمّا بعد:

تعليمات نبوية تربوية تعليمية لهذا الشاب، الذي عنده اندفاع للطاعة، فماذا نفعل مع شاب عنده اندفاع للمعصية؟ نسأل الله السلامة.

 

فلنبق مع عبد الله بن عمرو بن العاص الذي يريد ترخيصا من النبي صلى الله عليه وسلم في أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، وأن يصوم كلّ يوم! لكنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل له حدودا لا ينبغي أن يتعدَّاها؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذو خبرة في هذا الأمر، قال عليه الصلاة والسلام: ("يَا عَبْدَ اللهِ! لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ")، وهكذا كثير من الذين عندهم نشاط في النهاية يتركون العبادة، فاقرأه في ثلاث ولا تزد على ذلك، فإنه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقهه.

 

ثم هذه الأفعال التي تجلب التعب والمشقة؛ من قيام الليل كلِّه، وقراءةِ القرآن في ليلة، والصيام يوميا، هذا يؤثر على أصحاب الحقوق، فيصدر من هذا الإنسان العقوق لهؤلاء الناس، ماذا قال صلى الله عليه وسلم؟ قال: ("وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا")، انظر إلى الشكوى كيف جاءت؟ بمقدمةٍ كبيرة مفيدة، وإن لزوجك... الآن جاء إلى الجواب على الشكوى، ("وَإِنَّ لِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِصَدِيقِكَ عَلَيْكَ حَقًّا")، ("وَلِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا")، ("وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا")، هذه الحقوق؛ كثير من الناس من يعقُّها، فأين حقوق الزوجة؟ وحقوق الضيافة؟ وحقوق الصداقة؟ وحقوق الأولاد؟ وحقوق الجسد بالحفاظ عليه من الكورونا وغيرها؟ أين هذا؟

 

كثير من الناس مستهترون، لم يلتزموا بالكمامات، ويتركون الأمور هكذا، وإن لجسدك عليك حقًّا، أتعلم أن الإنسان إذا أصيب بشيء من هذا التقصير أن الله سيحاسبه، وإن كان المصابُ بدنَه وجسدَه.

 

وإن كانت زوجتَه قصَّر تجاهها فالله سيحاسبه، ما يقول: أنا حرٌّ هذه زوجتي هذا جسدي.

 

ويقول: الضيافة كانت قديما، اليوم ما في ضيافة، والصداقة صداقة مؤقتة للعبث واللعب، والتسامر وما شابه ذلك.

 

أما الحقوق الأخرى لا يوليها اهتماما، الأولاد وما أدراك ما الأولاد، عدم الاهتمام بحقوقهم فلا تعليم لصلاة ولا توجيه لآدابٍ طيبة؛ من الصدق وعدم الكذب وما شابه ذلك، ولا تحذير من سرقة، أين حقوق هؤلاء؟

 

وإن لزوجك عليك حقا، وإن لضيفك عليك حقا، وإن لصديقك عليك حقا، وإن لجسدك عليك حقا، وإن لولدك عليك حقا.

 

("وَإِنَّكَ لَا تَدْرِي")، يا عبد الله ابن عمرو! إذا طالت بك الحياة مع هذا التشدد، ("لَعَلَّكَ يَطُولُ بِكَ عُمُرٌ")، يعني تصير شيبةً كبيرًا في السن، تجاوزت الستين والسبعين، وفي رواية: ("إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَطُولَ عَلَيْكَ الزَّمَانُ، وَأَنْ تَمَلَّ")، هذا الذي أنت مقبل عليه الآن ومجتهد فيه تملُّ منه، تملُّ من قراءة القرآن؛ من كثرتها، من قيام الليل لطوله، من الصيام؛ لأن الجسد في ذلك الزمان، وعند كبر السن لا يحتمل ما يحتمله الشباب.

 

(قَالَ عَبْدُ اللهِ) بن عمر بن العاص رضي الله عنهما: (فَصِرْتُ إِلَى الَّذِي قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم)، طال به العمر رضي الله عنه (فَلَمَّا كَبِرْتُ)، (وَضَعُفْتُ)، (قُلْتُ: يَا لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)، (وَلَأَنْ أَكُونَ قَبِلْتُ الثَلَاثَةَ الْأَيَّامَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم)، أن يصومها، بدلا من يوم بعد يوم، ثلاثة أيام في الشهر، (أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي)، ليتني قبلت ذلك، (لَكِنِّي فَارَقْتُهُ عَلَى أَمْرٍ)، وهو أن يصوم يوما ويفطر يوما، (أَكْرَهُ أَنْ أُخَالِفَهُ إِلَى غَيْرِهِ). كيف في حياته أقول كلاما وألتزم به، وبعد مماته أخالف، مع أنه عنده الأعذار، لكنه يحسّ أنها نوع من الخيانة للنبي صلى الله عليه وسلم أو النفاق، الصحابة يخافون من صغار الذنوب التي نعتبرها نحن لا شيء.

 

(قَالَ مُجَاهِدٌ) وهو أحد التابعين رحمه الله: (فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو) رضي الله عنهما (حِينَ ضَعُفَ وَكَبِرَ، يَصُومُ الْأَيَّامَ، يَصِلُ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ لِيَتَقَوَّى بِذَلِكَ، ثُمَّ يُفْطِرُ بِعَدَدِ تِلْكَ الْأَيَّامِ)، يعني يصوم ثلاثة أو أربعة أيام متصلة، حتى لا يصوم الدهر، فهو قد تعود على صيام الدهر، ثم يفطر بعددها ثلاثة أو أربعة أيام، (وَكَانَ يَقْرَأُ حِزْبَهِ كَذَلِكَ)، الذي جعله لنفسه من قبْل أن لا يتركه في ثلاثة أيام، (يَزِيدُ أَحْيَانًا، وَيُنْقِصُ أَحْيَانًا، غَيْرَ أَنَّهُ يُوفِي الْعَدَدَ إِمَّا فِي سَبْعٍ، وَإِمَّا فِي ثَلَاثٍ)؛ (كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتْرُكَ شَيْئًا فَارَقَ عَلَيْهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم). رواه أحمد والبخاري ومسلم والأربعة. وشرح بعض الكلمات من فتح الباري (ج14/ ص276).

 

فعلينا أن نتقيَ الله سبحانه وتعالى في أنفسنا وأهلينا، وأزواجنا وأولادنا، وأجسادنا وأضيافنا وأصدقائنا، وأيضا في جيراننا ومن حولنا، فلنتقِ الله سبحانه وتعالى، فمن حقوقهم وحقوق كل مسلم علينا؛ لا نكون سبباً لهم بالأذى والضرر، كما يحدث في انتقال العدوى من هنا وهناك، ولا نستقبل منهم عدوى إذا كان فيهم؛ لأن العدوى في هذه الأيام لا تظهر إلا بعد وقوع الواقعة، فقد يحمل الإنسان المرض ولا يظهر عليه، وينقله إلى غيره انتقالا ذريعا سريعا، يظهر بعد مدة، وكم مضت علينا من أيام من شهر مارس الماضي عندما بدأت الكورونا ولم يظهر عندنا شيء والحمد لله، ثم بعد ذلك ظهر فجأة وبكثرة.

 

فلذلك يا عباد الله! فلنتمسك بتقوى الله أولا، وأن ما كان لن يكون إلا بإذن الله، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

 

فيا عبد الله! أنت عبدٌ فقير إلى الله، لا تعلم علمَ الله عز وجل، فلذلك عليك أن تأخذَ بالأسباب، وتتوكَّل على الواحد الوهاب، سبحانه وتعالى.

 

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

 

اللهم وحد صفوفنا، وألِّف بين قلوبنا، وأزل الغل والحقد والحسد والبغضاء من صدورنا، وانصرنا على عدوك وعدونا، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شافيته، ولا مبتلى إلا عافيته، ولا غائبا إلا رددته إلى أهله سالما غانما يا رب العالمين.

 

اللهم ارفع عنا الغلا والوبا، والربا والزنا والمحن، والبلايا والفتن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم آمين.

 

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المحامون والقضاة وضياع الحقوق
  • قالوا عن الحقوق الاجتماعية في الإسلام
  • إعطاء الحقوق التي حث عليها الشرع
  • عن التربية الاجتماعية والحقوق العامة
  • الحقوق المتبادلة بين العامل ورب العمل
  • الحقوق

مختارات من الشبكة

  • حذار حذار من الفتور(مقالة - ملفات خاصة)
  • تعريف الحقوق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين عقوق الأولاد وعقوق الآباء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرأة بين الحقوق والعقوق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأكيد حقوق ولاة الأمر وشرح الحديث النبوي: "ثلاث لا يغل عليهن صدر مسلم"(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • ضابط عقوق الوالدين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حذار من ضياع الأعمار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حذار من الشائعات (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/12/1446هـ - الساعة: 18:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب