• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحريم صرف شيء من مخلوقات الله لغيره سبحانه وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الله يخلف على المنفق في سبيله ويعوضه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الحذر من عداوة الشيطان
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    حث النساء على تغطية الصدور ولو في البيوت
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    حكم صيام عشر ذي الحجة
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    إمام دار الهجرة (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    يوم عرفة وطريق الفلاح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    العشر مش مجرد أيام... هي فرص عمر
    محمد أبو عطية
  •  
    الدرس الثاني والعشرون: تعدد طرق الخير
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الموازنة بين الميثاق المأخوذ من الأنبياء عليهم ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    أفضل أيام الدنيا: العشر المباركات (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    دلالة القرآن الكريم على أن الأنبياء عليهم السلام ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    عظيم الأجر في الأيام العشر
    خميس النقيب
  •  
    فضل التبكير إلى الصلوات (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أحب الأعمال في أحب الأيام (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    مدى مشروعية طاعة المعقود عليها للعاقد في طلب ...
    محمد عبدالرحمن صادق
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع
علامة باركود

تحذير من شر المخدرات المستطير (خطبة)

تحذير من شر المخدرات المستطير (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/6/2019 ميلادي - 25/10/1440 هجري

الزيارات: 13665

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحذير من شر المخدرات المستطير

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لا يَخفَى أَنَّ أَعظَمَ نِعمَةٍ مَيَّزَ اللهُ بها الإِنسَانَ عَن غَيرِهِ هِيَ نِعمَةُ العَقلِ، وَإِلاَّ فَلَيسَ الإِنسَانُ في شَيءٍ مِن سَائِرِ القُوَى خَيرَ حَيٍّ وَلا أَفضَلَهُ وَلا أَقوَاهُ، فَثَمَّةَ مَخلُوقَاتٌ أَقوَى مِنهُ وَأَشَدُّ، وَأُخرَى أَجرَأُ مِنهُ وَأَشجَعُ، وَمِنهَا مَا هُوَ أَصبَرُ مِنهُ وَأَكثَرُ تَحَمُّلاً، وَمِنهَا مَا هُوَ أَبصَرُ وَأَسمَعُ، وَمَا هُوَ أَسبَقُ وَأَسرَعُ، بَل وَمَا هُوَ أَبقَى وَأَطوَلُ عُمُرًا، لَكِنَّ ذَلِكُمُ المَخلُوقَ المُكرَمَ بِعَقلِهِ دُونَ سَائِرِ المَخلُوقَاتِ، يَفُوقُهَا جَمِيعًا وَيَغلِبُهَا بِتِلكُمُ الهِبَةِ، وَيَفضُلُهَا بِعِبَادَةِ رَبِّهِ وَمَعرِفَتِهِ مَا أَحَلَّهُ لَهُ وَمَا حَرَّمَهُ عَلَيهِ، وَالوُقُوفِ عِندَ شَرَائِعِهِ وَعَدَمِ تَعَدِّي حُدُودِهِ، ثم دُخُولِ الجَنَّةِ إِنْ هُوَ أَطَاعَ وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسنَى، بَينَمَا تَكُونُ هِيَ تُرَابًا بَعدَ أَن يُقتَصَّ مِن بَعضِهَا لِبَعضٍ في مَوقِفِ الحِسَابِ.

 

أَجَل أَيُّهَا الإِخوَةُ، إِنَّ العَقلَ هُوَ المِيزَةُ العُظمَى لِلإِنسَانِ، وَمِن ثَمَّ كَانَ مِن ضِمنِ ضَرُورَاتٍ خَمسٍ، اتَّفَقَتِ الشَّرَائِعُ عَلَى حِفظِهَا، وَجَعَلَت عَلَى التَّعَدِّي عَلَيهَا عُقُوبَاتٍ شَرعِيَّةً وَحُدُودًا وَتَعزِيرَاتٍ، تِلكُمُ هِيَ: الدِّينُ وَالنَّفسُ وَالعَقلُ وَالعِرضُ وَالمَالُ.

 

وَيَا لَهَا مِن خَسَارَةٍ مَا أَعظَمَهَا، حِينَ يَعمَدُ بَعضُ مَن خَطِئَهُمُ التَّوفِيقُ مِنَ البَشَرِ إِلى مَأكُولاتٍ أَو مَشرُوبَاتٍ أَو مَشمُومَاتٍ طَبِيعِيَّةٍ أَو مَصنُوعَةٍ، فَيَتَنَاوَلُونَهَا يَومًا بَعدَ يَومٍ وَشَهرًا بَعدَ شَهرٍ وَسَنَةً بَعدَ سَنَةٍ، حَتَّى تَأتِيَ عَلَى عُقُولِهِم فَتُعَطِّلَهَا، وَعَلَى أَجسَادِهِم فَتُنهِكَهَا، وَعَلَى عِظَامِهِم فَتَنخَرَهَا، وَعَلَى قُلُوبِهِم فَتُضعِفَ نَبضَهَا، وَعَلَى مَسَالِكِ الدَّمِ في عُرُوقِهِم فَتَسُدَّهَا، وَعَلَى مَجَارِي التَّنَفُّسِ فَتُضَيِّقَهَا، فَتُبَدَّدَ بِذَلِكَ طَاقَاتُهُم، وَتَتَوَقَّفَ حَيَاتُهُم، وَتَضِيعَ أَحلامُهُم، وَتُقطَعَ آمَالُهُم، وَشَرٌّ مِن ذَلِكَ أَنَّهَا تَأتي عَلَى مَبَادِئِهِم وَقِيَمِهِم وَأَخلاقِهِم، فَتَنحَرُ مَا بَقِيَ مِنهَا وَتَقضِي عَلَيهِ، ثم لا تَسَلْ بَعدَهَا عَن إِنسَانٍ بِلا دِينٍ وَمَخلُوقٍ بِلا عَقلٍ، وَكَائِنٍ لا تَميِيزَ لَهُ وَحَيٍّ بِلا إِرَادَةٍ، وَمُسلِمٍ لا نَخوَةَ لَدَيهِ وَلا غَيرَةَ وَلا عِزَّةَ.

 

إِنَّهَا المُخَدِّرَاتُ وَالمُسكِرَاتُ وَالمُفَتِّرَاتُ، أَصلُ كُلِّ بَلِيَّةٍ، وَأَسَاسُ كُلِّ رَزِيَّةٍ، وَمَدفَنُ كُلِّ فَضِيلَةٍ، وَمَنبَتُ كُلِّ رَذِيلَةٍ، هِيَ أُمُّ الخَبَائِثِ، وَأَسَاسُ كَثِيرٍ مِنَ المَصَائِبِ، وَسَبَبُ الانحِرَافِ وَبِدَايَةُ الضَّيَاعِ، وَمِفتَاحُ الشُّرُورِ وَالمُوبِقَاتِ وَالجَرَائِمِ، وَمُنطَلَقُ الوُقُوعِ في الكَبَائِرِ وَاقتِرَافِ العَظَائِمِ، رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطَانِ، تُوقِعُ العَدَاوَةَ وَالبَغضَاءَ حَتَّى بَينَ الأَقَارِبِ، وَتُفسِدُ شُؤُونَ الأُسَرِ وَتُشَتِّتُ أَفرَادَهَا، وَتَهدِمُ البُيُوتَ وَتُزَعزِعُ حَيَاتَهَا، وَتُذهِبُ طُمَأنِينَتَهَا وَاستِقرَارَهَا، تَذهَلُ بِالأَبِ عَن أَبنَائِهِ، وَتَصرِفُ الابنَ عَن وَالِدَيهِ، وَتَقطَعُ العَلائِقَ وَتُفسِدُ الخَلائِقَ، وَتَصُدُّ عَن ذِكرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ، وَتَهتِكُ الأَستَارَ وَتُظهِرُ الأَسرَارَ، وَتُدخِلُ صَاحِبَهَا في دَائِرَةِ المُجرِمِينَ وَالفُجَّارِ، وَهِيَ سَبِيلٌ لِهَتكِ حِجَابِ الحَيَاءِ، وَسَبَبٌ لإِطفَاءِ نُورِ الغَيرَةِ مِنَ الصُّدُورِ، بَل هِيَ انتِحَارٌ بَطِيءٌ، وَإِزهَاقٌ لِلرٌّوحِ بَارِدٌ.

 

فَيَا للهِ! كَم أُزهِقَت بِسَبَبِهَا مِن نُفُوسٍ بَرِيئَةٍ، وَشُتِّتَت مِن أُسَرٍ كَرِيمَةٍ، وَدُنِّسَت مِن أَعرَاضٍ طَاهِرَةٍ، وَضُيِّعَت مِن أَموَالٍ كَانَت مَحفُوظَةً! كَم أَبكَت مِن وَالِدٍ وَوَالِدَةٍ عَلَى وَلَدِهِمَا، وَكَم أَرمَلَت من زَوجَةٍ وَيَتَّمَت مِن طِفلٍ! وَكَم أَفقَرَت وَأَمرَضَت وَأَذَلَّت، وَجَلَبَت مِن نِقمَةٍ وَسَلَبَت مِن نِعمَةٍ، وَارتُكِبَت بِسَبَبِهَا مِن جَرِيمَةٍ ضَجَّت لَهَا الأَرجَاءُ، وَاستَنكَرَهَا الأَسوِيَاءُ وَالأَصِحَّاءُ، وَذَهَبَ ضَحِيَّتَهَا خَلِيُّونَ أَبرِيَاءُ، وَصَدَقَ المَصدُوقُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – حِينَ قَالَ لأَبي ذَرٍّ: " لا تَشرَبِ الخَمرَ؛ فَإِنَّهَا مِفتَاحُ كُلِّ شَرٍّ " رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد فَشَتِ المُخَدِّرَاتُ في مُجتَمَعَاتِ المُسلِمِينَ وَبَينَ أَبنَائِهِم، وَفَاقَ خَطَرُهَا خَطَرَ الحُرُوبِ، يُدرِكُ ذَلِكَ مَن عَايَشَ المَأسَاةَ، مِن أَهلِ مُتَنَاوِلِهَا وَأَبنَائِهِ وَإِخوَانِهِ، أَو زُمَلائِهِ وَجِيرَانِهِ، أَو رِجَالِ الأَمنِ أَوِ القُضَاةِ، أَوِ الأَطِبَّاءِ وَالمُعَالِجِينَ، وَيَكفِي لِتَصَوُّرِ خَطَرِ المُخَدِّرَاتِ وَالمُسكِرَاتِ، أَن نَتَصَوَّرَ مَن وَقَعَ في شِبَاكِهَا، وَقَد تَحَوَّلَ مِن إِنسَانٍ سَوَيٍّ عَاقِلٍ إِلى سَبُعٍ ضَارٍ مَسعُورٍ، فَصَارَ يَسرِقُ وَيَقتُلُ، وَيَضرِبُ وَيُؤذِي، ثم لم يَزَلْ حَتَّى بَاعَ عِرضَهُ وَبَدَّدَ شَملَ أُسرَتِهِ، في سَبِيلِ تَحصِيلِ مَا لا صَبرَ لَهُ عَنهُ، وَآخَرِينَ مِنَ المُدمِنِينَ قَتَلُوا زَوجَاتِهِم، وَآبَاءً نَحَرُوا أَولادَهُم، وَشَبَابًا وَقَعُوا عَلَى مَحَارِمِهِم، ثم تَنتَهِي رِحلَةُ الضَّيَاعِ بِكَثيِرٍ مِنهُم بِالمَوتِ في الحَمَّامَاتِ، أَو تَحتَ حَاوِيَاتِ القُمَامَةِ، أَو في الأَمَاكِنِ القَذِرَةِ أَو عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ. وَمَعَ مَا سَنَّتهُ بِلادُنَا مِن عُقُوبَاتٍ صَارِمَةٍ، إِلاَّ أَنَّ طُوفَانَ المُخَدِّرَاتِ مَا زَالَ طَاغِيًا، تَئِنُّ مِنهُ أَروِقَةُ المَحَاكِمِ وَجُدرَانُ السُّجُونِ، وَعِيَادَاتُ المُستَشفَيَاتِ وَزَوَايَا البُيُوتِ، بَل وَالشَّوَارِعُ وَطُرُقُ النَّاسِ وَحَدَائِقُهُم وَمَسَاجِدُهُم، مِمَّا يُوجِبُ عَلَينَا آبَاءً وَمَسؤُولِينَ وَمُرَبِّينَ، التَّعَاوَنَ عَلَى مُنَابَذَةِ هَذَا الدَّاءِ وَمُحَارَبَتِهِ، بَيَانًا لِحُكمِهِ وَأَضرَارِهِ، وَتَحذِيرًا مِن آثَارِهِ السَّيِّئَةِ وَأَخطَارِهِ، وَقَضَاءً عَلَى الأَسبَابِ الَّتي تَجُرُّ إِلى المُخَدِّرَاتِ وَتُوقِعُ في عَفَنِهَا، وَالَّتي مِن أَهَمِّهَا قِلَّةُ العِلمِ وَضَعفُ الإِيمَانِ، وَصُحبَةُ رُفَقَاءِ السُّوءِ، الَّذِينَ يَجمَعُ المَرءَ بِهِم سُوءُ تَربِيَتِهِ وَإِهمَالُ أُسرَتِهِ لَهُ، مَعَ مَا بُلِيَ النَّاسُ بِهِ مِنَ الفَرَاغِ وَقِلَّةِ الشَّوَاغِلِ الجَادَّةِ، وَصَدَقَ مَن قَالَ:

إِنَّ الشَّبَابَ وَالفَرَاغَ وَالجِدَة  *** مَفسَدَةٌ لِلمَرءِ أَيُّ مَفسَدَة



أَجَل أَيُّهَا الإِخوَةُ، إِنَّ قِلَّةَ العِلمِ وَضَعفَ التَّربِيَةِ الإِيمَانِيَّةِ وَطُولَ الفَرَاغِ وَعَدَمَ اشتِغَالِ المَرءِ بِمَا يَنفَعُهُ، لَهِيَ مِن أَسبَابِ شُعُورِهِ بِالضِّيقِ وَالمَلَلِ، وَابتِلائِهِ بِالفَقرِ وَقِلَّةِ ذَاتِ اليَدِ، فَيَظُنُّ مَعَ مَا يُملِيهِ عَلَيهِ أَصدِقَاءُ السُّوءِ أَنَّ تَنَاوُلَهُ المُخَدِّرَاتِ سَيُخَفِّفُ عَنهُ مَا يُعَانِيهِ وَيُقَاسِيهِ، وَسَيُخرِجُهُ مِن وَاقِعِهِ الأَلِيمِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَمَا عَلِمَ المُغَرَّرُ بِهِ أَنَّهَا بِدَايَةُ المَسِيرِ في النَّفَقِ المُظلِمِ، وَبَابُ الدُّخُولِ إِلى النِّهَايَةِ المَأسَاوِيَّةِ، إِنْ لم يَتَدَارَكْهُ اللهُ بِرَحمَتِهِ وَيَلطُفْ بِهِ.

 

يُضَافُ إِلى ذَلِكَ مِنَ الأَسبَابِ المُؤَدِّيَةِ إِلى تَنَاوُلِ المُخَدِّرَاتِ حُبُّ الاستِطلاعِ وَالرَّغبَةُ في خَوضِ التَّجرِبَةِ، وَمَحَبَّةُ مُحَاكَاةِ الأَقرَانِ وَتَقلِيدِهِم أَو مُجَامَلَتِهِم، خَاصَّةً مِمَّن هُم في مَرحَلَةٍ الشَّبَابِ، وَلا نَنسَى تَفَكُّكَ الأُسَرِ وَغِيَابَ المَوَدَّةِ بَينَ الزَّوجَينِ، وَضَعفَ المَحَبَّةِ بَينَ الأَبوَينِ، وَالَّتي تَضعُفُ مَعَهَا التَّربِيَةُ، وَيَقِلُّ التَّوجِيهُ وَتَصعُبُ المُتَابَعَةُ، فَيُصبِحُ مَن هَذِهِ حَالُهُم لُقمَةً سَائِغَةً وَصَيدًا سَهلاً لِمُرَوِّجِي المُخَدِّرَاتِ.

 

وَمِن أَسبَابِ الوُقُوعِ في المُخَدِّرَاتِ السَّفَرُ لِلخَّارِجِ وَالتَّرَدُّدُ عَلَى البُلدَانِ المُنفَتِحَةِ، سَوَاءٌ في البِعثَاتِ الدِّرَاسِيَّةِ، أَوِ الرِّحلاتِ السِّيَاحِيَّةِ، وَقَرِيبٌ مِن هَذَا السَّبَبِ مُشَاهَدَةُ التَّمثِيلِيَّاتِ وَالمَسرَحِيَّاتِ الهَابِطَةِ، الَّتي تُعرَضُ فِيهَا صُوَرُ شَارِبي الخُمُورِ كَثِيرًا في مَنَاظِرَ تُوهِمُ السَّفِيهَ أَنَّ هَذَا هُوَ سَبِيلُ الرَّاحَةِ وَطَرِيقُ السَّعَادَةِ.

 

وَمِنَ الأَسبَابِ كُونُ الأَبِ مُدَخِّنًا، وَتَسَاهُلُهُ في مُمَارَسَةِ ذَلِكَ أَمَامَ أَبنَائِهِ، فَيَتَأَثَّرُونَ حِينَئِذٍ بِهِ تِلقَائِيًّا وَيَقعُونَ في التَّدخِينِ، وَتَكُونُ تِلكَ هِيَ البِدَايَةَ لِمَا بَعدَهَا، وَالعَتَبَةَ الأُولى لِلتَّجَاوُزِ إِلى عَالَمِ المُخَدِّرَاتِ المُدَمِّرِ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَلْنَحرِصْ عَلَى تَربِيَةِ أَبنَائِنَا تَّربِيَةً إِيمَانِيَّةً عَمِيقَةً؛ فَإِنَّهُ لا عِلاجَ لِلنُّفُوسِ وَلا بِنَاءَ لِلشَّخصِيَّاتِ البِنَاءَ الأَكمَلَ الأَمثَلَ إِلاَّ بِتَقوِيَةِ الإِيمَانِ في القُلُوبِ، وَلْنَحرِصْ - مَعشَرَ الآبَاءِ – مَعَ ذَلِكَ عَلَى التَّربِيَةِ بِالحُبِّ، نَعَم، لِنَحرِصْ عَلَى التَّربِيَةِ بِالحُبِّ، بِالمُعَامَلَةِ بِالرِّفقِ وَاللِّينِ، وَالحِوَارِ بِالكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ العَذبَةِ، وَاللَّهَجِ لِلأَبنَاءِ بِالدَّعَوَاتِ الصَّادِقَةِ، بَعِيدًا عَنِ التَّدلِيلِ الزَّائِدِ وَإِغدَاقِ المَالِ بِلا حِسَابٍ وَلا رَقَابَةٍ، وَالحَذَرَ الحَذَرَ مِنَ التَّربِيَةِ بِالعُنفِ وَالتَّسَلُّطِ وَالشِّدَّةِ. وَلا نَنسَى المُؤَسَّسَاتِ المُختَصَّةَ أَمنِيَّةً وَصَحِيَّةً وَاجتِمَاعِيَّةً وَدِينِيَّةً وَتَعلِيمِيَّةً، فَإِنَّ عَلَيهَا حِملاً كَبِيرًا، وَلَهَا دُورُ فَاعِلٌ في عِلاجِ هَذِهِ المُشكِلَةِ وَحَلِّ هَذِهِ المُعضِلَةِ، بِالتَّوجِيهِ وَالنَّصِيحَةِ، وَبَيَانِ الأَضرَارِ وَالتَّحذِيرِ مِنَ الأَخطَارِ، فَلْيَتَّقِ اللهَ كُلُّ مُؤتَمَنٍ في أَمَانَتِهِ، وَلْيَجتَهِدْ فِيمَا هُوَ مَسؤُولٌ عَنهُ وَلْيَرعَهُ حَقَّ رِعَايَتِهِ؛ فَإِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا استَرعَاهُ حَفِظَ أَم ضَيَّعَ؟! أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 90، 91].

♦    ♦    ♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ -تعالى- وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ النُّفُوسَ وَدَائِعُ وَالعُقُولَ نِعَمٌ، وَأَنَّ الاعتِدَاءَ عَلَى أَيٍّ مِنهَا خِيَانَةٌ وَكُفرَانٌ، قَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29] وَقَالَ – سُبحَانَهُ -: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، أَكبَرُ أَسبَابِ وُقُوعِ الشَّبَابِ في شَرَكِ المُخَدِّرَاتِ هُوَ ضَعفُ الوَازِعِ الدِّينيِّ وَالإِعرَاضُ عَن ذِكرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ، وَاللهُ – تَعَالى - يَقُولُ: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124] وَيَقُولُ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ﴾ [مريم: 59] وَيَقُولُ -صلى الله عليه وسلم-: " لا يَزني الزَّاني حِينَ يَزني وَهُوَ مُؤمِنٌ، وَلا يَشرَبُ الخَمرَ حِينَ يَشرَبُهَا وَهُوَ مُؤمِنٌ... " الحَدِيثَ رَوَاهُ البُخَارِيُّ. فَمَن تَرَبَّى عَلَى طَاعَةِ اللهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ تَربِيَةً إِيمَانِيَّةً عَمِيقَةً، وَعُوِّدَ عَلَى الصَّلاةِ وَكَانَ مِن مُعتَادِي المَسَاجِدِ وَمُرتَادِيهَا، فَإِنَّ الصَّلاةَ تَنهَاهُ عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ، وَسَيَجِدُ في بُيُوتِ اللهِ رِجَالاً يَأخُذُونَ بِيَدِهِ إِلى كُلِّ خَيرٍ وَيَحجُزُونَهُ عَن كُلِّ شَرٍّ، وَإِنَّهُ حِينَ غَفَلَ الآبَاءُ عَن وَاجِبَاتِهِم وَتَسَاهَلُوا في أَمَانَاتِهِم، وَتَخَلَّوا عَن تَربِيَةِ أَبنَائِهِم عَلَى الصَّلاةِ وَلم يَحرِصُوا عَلَى أَن يَعتَادُوا المَسَاجِدَ، وَسَلَّمُوهُم لِوَسَائِلِ الاتِّصَالِ وَأَجهِزَةِ التَّوَاصُلِ الحَدِيثَةِ لِتُرَبِّيَهُم، وَتَرَكُوهُم عِندَ وَسَائِلِ الإِعلامِ أَو مَعَ أَصحَابِ السُّوءِ لِيَصُوغُوا أَفكَارَهُم، ضَعُفَ عِندَ ذَلِكَ الوَازِعُ الدِّينيُّ في قُلُوبِ أُولَئِكَ الأَبنَاءِ، وَسَقَطُوا في أَوحَالٍ كَثِيرَةٍ مِن شَرِّهَا المُخَدِّرَاتُ وَالمُسكِرَاتُ، فَمَن أَرَادَ لأَبنَائِهِ الصَّلاحَ وَالسَّلامَةَ مِنَ الآفَاتِ فَلْيَضبِطْ أَمرَ صَلاتِهِم، وَلْيُلزِمْهُمُ المَسَاجِدَ وَلْيَربِطْهُم بِالصُّحبَةِ الصَّالِحَةِ مِن خِلالِهَا، وَلْيَأخُذْهُم إِلى مَجَالِسِ الصَّالِحِينَ، وَلْيَقِفْ بِحَزمٍ أَمَامَ المُخَدِّرَاتِ الفِكرِيَّةِ الَّتي تُفسِدُ أَفكَارَهُم وَتَسرِقُ صَلاحَهُم، مِن قَنَوَاتٍ فَاسِدَةٍ، وَمَوَاقِعَ في الشَّبَكَاتِ مُفسِدَةٍ، وَمُسَلسَلاتٍ مَاجِنَةٍ، وَأَلعَابٍ الكتُرُونِيَّةٍ مُوَجَّهَةٍ، تَهدِفُ إِلى زَعزَعَةِ الإِيمَانِ في القُلُوبِ، وَبَثِّ الشُّكُوكِ في النُّفُوسِ، وَزَرعِ الانحِلالِ في مُجتَمَعَاتِ المُسلِمِينَ وَإِضعَافِ صِلَتِهِم بِدِينِهِم، وَإِفسَادِ قِيَمِهِم وَأَخلاقِهِم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشباب وتعاطي المخدرات
  • قافلة مكافحة المخدرات
  • خطبة التحذير من المسكرات والمخدرات
  • خطبة عن المسكرات والمخدرات
  • رسالة إلى مدمن المخدرات (خطبة)
  • رسالة إلى متعاطي المخدرات وشارب الخمر
  • السموم البيضاء (خطبة)
  • في ظاهره شر مستطير وفي باطنه خير عظيم

مختارات من الشبكة

  • التحذير من كتابي: التحذير من فتنة التكفير، وصيحة نذير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 4/3/1433 هـ - التحذير من ضياع الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من المخدرات ( خطبة )(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تحذير الأنام من الهجر وقطيعة الأرحام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من الإسراف والتبذير (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • التحذير من أكل المواريث (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من جلساء السوء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من إلحاق الضرر بالمسلمين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: سماحة الشريعة والتحذير من الترخص بزلات العلماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: التحذير من الظلم في توزيع الميراث(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/12/1446هـ - الساعة: 18:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب