• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / المعاملات
علامة باركود

معاملة غير المسلم (خطبة)

معاملة غير المسلم (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/8/2022 ميلادي - 28/1/1444 هجري

الزيارات: 24517

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

معاملة غير المسلم

 

الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ الكبير المتعال، مُقدِّرِ الآجالِ، مُصرِّفِ الأحوالِ، تفرَّد بالعزَّةِ والعظمةِ والجلالِ، لهُ الغنى كلُّهُ، ولهُ مُطلقُ الكمالِ، تُسبحُ لهُ السماواتُ السبعُ والأرضُ، والشمسُ والقمرُ، والنجومُ والشجرُ والجبالُ، ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾ [الرعد: 15]، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وحدهُ لا شريكَ لهُ، ﴿ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ * وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴾ [الرعد: 12، 13]، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ، ومصطفاه وخليلهُ، المنعوت بأعظم الأخلاقِ وأشرفِ الخِصالِ، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وصحبهِ، خير صَحْبٍ وخير آلٍ، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم المآل، أَمَّا بعْدُ:

 

فاتَّقُوا اللهَ تعالَى وأَطيعُوه، وجِدُّوا واجتهِدُوا في الطاعات، سابقوا الأجلَ، وأحسِنوا العـمـلَ، ولا يغرنكـم طـولُ الأمـلِ، واعلموا ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ [الرعد: 11].

 

معاشر المؤمنين الكرام؛ جاء في صحيح الإمام البخاري، أن غُلَامًا يَهُودِيًّا كان يَخْدِمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَضَعُ له وضوءَهُ وَيُنَاوِلُهُ نَعْلَيْهِ، فَمَرِضَ هذا الغلامُ فَأتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ: ((أَسْلِمْ))، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ أباه: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ، فَأَسْلَمَ الغلام، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِن النَّارِ))، إنها يا عباد الله ترجمةٌ فعليَّةٌ لقولِ اللهِ تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].

 

ولقد تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين تعاملاتٍ كثيرةً جدًّا، تعامل مع المُشركينَ وكُفَّار قريش، في مكةَ ثلاثَ عشرةَ سنة، ثم معَ اليهودِ والمنافقينَ في المدينةِ عشرَ سنينَ، وكانت كلها معاملةً حسنةً.

 

فحَقٌّ على كلِّ مُسلمٍ أن يتعلمَ من قُدوتِه صلى الله عليه وسلم كيفية التَّعامُل مع غير المسلمينَ، حتى لا يقعَ في الأخطاءِ القادحةِ، والآثامِ الفادحةِ، وحتى لا يخلطَ الإنسانُ بينَ عقيدةِ الولاءِ والبراء، وبينَ الاعتداء على الأبرياءِ.

 

نعم، هناك آياتٌ وأحاديثُ تفيدُ الشدَّة في التعامل مع الكفار: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة: 51]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾ [التوبة: 73]، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ﴾ [التوبة: 123]، ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ﴾ [المجادلة: 22]، ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾ [الممتحنة: 4].

 

فكيف ترجمَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ هذه الآياتِ في تعاملِه معهم؟ وكيفَ نجمعُ بينَ هذه الآياتِ وبينَ سيرتِه المُباركةِ، وحُسْنِ تعامُلِه معهم؟

 

والجوابُ أيها الكرام: أن هناك فرقًا بين الكافر المحارب، المستعلن بعدائه، وبين الكافر المسالم، الذي له عهد وذِمَّة، والإسلام عمومًا دينُ الرحمةِ والإحسان؛ قال تعالى: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [الإسراء: 53]، وقال تعالى: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [الإسراء: 53]، ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، ومن أقوال المصطفى صلى الله عليه وسلم الصحيحة: ((أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ))، ((إنَّ اللهَ كتَب الإحسانَ على كلِّ شيء))، ((الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا مَنْ في الأرض يرحمْكم مَنْ في السماء))، ((لا يَرحم اللهُ مَن لا يَرحَم الناسَ))، ((إن الله يُعذِّب الذين يُعذِّبون الناسَ في الدنيا))، ((عُذِّبت امرأة في هِرَّة سَجَنَتْها حتى ماتَتْ، فدخلَتْ فيها النار، لا هي أطعَمَتْها ولا سَقَتْها، إذ حبستها، ولا هي تَركتْها تأكُلُ مِن خَشَاشِ الأرض)) بينما: ((غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسٍ مَرَّتْ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ، كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فسَقَتْه؛ فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ))، كما نجد في سيرته صلى الله عليه وسلم أنه دعا للمشركينَ: ((اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا، وَائْتِ بِهِمْ))، وأنه أجابَ دعوةَ اليهودِ للطعام، وقَبِلَ هديةَ الكُفَّارِ، وأهدى إليهم، وتصدَّقَ عليهم، وماتَ ودِرْعُه مرهونةٌ عندَ يهوديٍّ، وغير ذلك من دلائل حُسْنِ التعامل مع غير المسلمين.

 

وما ذاك إلا لأنَّ الهدفَ الأعظمَ للرسول صلى الله عليه وسلم هو هدايةُ النَّاسِ إلى الحقِّ؛ ولِذلكَ لمَّا عاد صلى الله عليه وسلم منكسرًا من رحلة الطائف الأليمة، قَالَ لَهُ مَلَكُ الجِبالِ: ((إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ- وَهُمَا جَبَلَانِ عَظِيمَانِ يحيطان بِمَكَّةَ والطائف- فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أتأنَّى بهم، إني لأَرْجُو اللَّهَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ أَصْلابهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بهِ شَيْئًا))، لقد كانت فرصةً سانحةً أن يتخلَّص صلى الله عليه وسلم من ألدِّ أعدائه؛ لكنَّ مَقصدَه كان هِدايةَ الكُفَّارِ، ولَيسَ التَّعجيلَ بِهم إلى النَّارِ.

 

نعم جَاءَ في الحديثِ الصحيح: ((إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ: أَنْ تُحِبَّ فِي اللهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ))، وهَذهِ عَقيدةُ الولاءِ والبراءِ، التي يَنبغي أن تَكونَ في قَلبِ كل مسلم، كما يقولُ الشَّيخُ ابنُ بازٍ رحمَه اللهُ: الوَلاءُ والبَراءُ معناهُ محبَةُ المؤمنينَ وموالاتُهم، وبغضُ الكافرينَ ومعاداتُهم، والبَراءةُ منهم ومن دينِهم.. وليسَ معنى بُغضِهم وعداوتِهم أن تظلمَهم أو تتعدَّى عليهم إن لم يكونوا محاربينَ؛ وإنما معناهُ أن تُبغضَهُم وتُعاديهم بقلبِكَ، وألَّا يكونوا أصحابًا لك، ودون أن تؤذيهم أو تضرَّهم أو تظلمهم.

 

إذن فهناك فرقٌ بينَ عقيدةِ البَراءِ وبين المعاملةِ الحسنةِ لغرضِ الدَّعوةِ إلى اللهِ وترغيبهم في الإسلام.

 

أما وقد جاءَكم السِّيَّاحُ مِن كُلِّ مَكانٍ، فينبغي أن نُريهم حُسْنَ أَخلاقِ أهلِ الإيمانِ، فَكَم مِن مُعاملةٍ حَسنةٍ أَدخَلَتْ في دِينِ اللهِ أفواجًا من الناس، وهَا هو رَسولُ الرَّحمةِ صلى الله عليه وسلم يَبعثَ عَليًّا رَضيَ اللهُ عَنهُ إلى سَاحاتِ القِتالِ مجاهدًا، ثم يَقولُ لَهُ: ((انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ وَأَخْبِرْهُمْ بمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ)).

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 133، 134].

 

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفى، أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، وكونوا مع الصادقين، وكونوا ممن يستمع القول فيتَّبِع أحسنه.

 

معاشر المؤمنين الكرام؛ أمَا وقد فرضَ الواقع علينا معاملة غير المسلمين، وهم ما بين ذِمِّيٍّ وَمُسْتَأْمَنٍ وَمُعَاهَد، وَكُلُّهُمْ يَحْرُمُ إيذاؤهم والتَّعَدِّي عليه، ففي صحيح الإمام الْبُخَارِيِّ قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لِيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا))، ومُعَامَلَةُ غَيْرِ الْمُسْلِمِ عُمُومًا لها أحوالٌ كثيرة، أخطرها الموالاة، والموالاةُ معناها التقريب والمحاباة، والمعاونة والمناصرة، وتصل إلى الكُفْر الأَكْبَرِ إن آلت لمناصرَةِ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بلا إكراه، وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة: 51].

 

والحال الثانية مِنْ أَنْوَاعِ التعامل مع غَيرِ المسْلِمِينَ: مَحَبَّتُهُمُ الْمَحَبَّةَ الطَّبِيعِيَّةَ، فَهَذِهِ جَائِزَةٌ إن كان لها حاجة؛ كَمَحَبَّةِ الرَّجُلِ لابْنِهِ الْكَافِرِ، أَوْ مَحَبَّةِ الابْنِ لِأَبِيهِ الْكَافِرِ، أَوْ مَحَبَّةِ الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ الْكَافِرَةِ نَصْرَانِيَّةً كَانَتْ أَوْ يَهُودِيَّةً، وَالدَّلِيلُ أَنَّ اللهَ أَبَاحَ الَزَّواجَ مِنَ الْكِتَابِيَّةِ، مَعَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ وُجُودِ الْمَحَبَّةِ بَيْنَ الزَّوْجِينِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْمَحَبَّةِ جَائِزَةٌ؛ لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُبْغِضَ ما هم عليه من الكُفْر.

 

الحال الثَّالِثة من التعامل مع غير المسلمين: الاسْتِعَانَةُ بِهِمْ في غير الحرب، فهذا جائز شرط أن يكون هناك ضرُورَةٌ، وأَنْ يَكُونُوا مَأْمُونِينَ، ففي صحيح البخاري، أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأَبُو بَكْرٍ اسْتَأْجَرَا رَجُلًا هَادِيًا خِرِّيْتًا وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ.

 

ويدخل في المعاملات الجائزة مع الكُفَّار: مُعَامَلَات الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، فقد مَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ اشْتَرَى مِنْهُ طَعَامًا، والحديث في البُخَارِيِّ.

 

ومن المعاملات الجائزة استخدامُ غير المسلمين خَدَمًا وعُمَّالًا، ولَا شَكَّ أَنَّ اسْتِقَدَامَ المسْلِمِينَ أَوْلَى وَأَحْوَطُ، كما أن فيه عونًا ودعمًا لإِخْوَانِه المسْلِمِينَ.

 

ومن أحوال التعاملات مع غير المسلمين: بِرُّهم والْإِحْسَانُ إليهم، وهَذَا فِيهِ تَفْصِيلٌ: فإِنْ كَانُوا مُعَادِينَ لِلْإِسْلَامِ فَلا يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ جَازَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].

 

ومن المعاملات الجائزة مع غير المسلمين: الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ لاسِيَّمَا مَعَ الْحَاجَةِ أَو لْمَصْلَحَةٍ، وإن كان الْأَوْلَى تَرْكُهُ وَالْبُعْدُ عَنْهُ، لِئَلَّا يَتَأَثَّرَ الْإِنْسَانُ بِهِمْ، وَدَلِيلُ الْجَوَازِ حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، والحديث في الْبُخَارِيِّ، وفي حديثٍ صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ: أن خَيَّاطًا يهوديًّا بِالْمَدِينَةِ دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وإهالَةٍ سَنِخَةٍ فأجابه.

 

ومن المعاملات الجائزة مع غير المسلمين: الدِّرَاسَةُ عَلَى أَيْدِيهِمْ، بشرط أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ عِلْمٌ يَدْفَعُ بِهِ الشُّبُهَاتِ عن دينه؛ وأَنْ يَكُونَ عِنْدَه دِينٌ يَدْفَعُ بِهِ الشَّهَوَاتِ، وأَنْ يَكُونَ التَّخَصُّصُ الذي سيتعلمه لا يُوجَدُ فِي بِلادِ المسلمين.

 

أما المعاملات التي لا تجوز مع غير المسلمين: فلا يجوز الاستعانة بهم في الحرب لحَدِيث عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ تَبِعَهُ يَوْمَ بَدْرٍ ثلاثًا: ((ارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ))؛ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وكذلك لا يجوز للمسلم مشاركة أهل الكتاب في أعيادهم، أو مناسباتهم الدينية أو تهنئتهم بها، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق.

 

كما لا يجوزُ للمسلم أن يتعامل مع الكُفَّار أيَّ معاملةٍ تضرُّ بالمسلمين، وإذا علمنا عظمةَ الإسلامِ بسياسته الحكيمةِ، وتشريعاته الشاملة الرحيمة، كان لزامًا علينا أن نأخذهُ بثقةٍ وقوة، وأن ندعو ونُبلِّغَ رسالة الإسلام الصحيحِ إلى كل من يعيشُ بيننا من غير المسلمين، وأن نحسن التعامل معهم؛ حرصًا على هدايتهم، ورحمةً بهم وشفقةً عليهم من عذاب الآخرة، وحُبًّا في عمل الخير عمومًا، فمَن دعا إلى هُدًى كان له مِن الأجرِ مِثْلُ أجورِ مَن تبِعهُ لا ينقُصُ ذلك مِن أجورِهم شيئًا، ولَأَنْ يُهْدَى بكَ رَجُلٌ واحِدٌ خَيْرٌ لكَ مِن حُمْرِ النَّعَمِ.

 

ويابن آدم، عِشْ ما شئت فإنك ميِّتٌ، وأحْبِبْ من شئتَ فإنك مُفارقُه، واعمل ما شئتَ فإنك مجزيٌّ به، البِرُّ لا يَبْلى والذنبُ لا يُنْسى، والدَّيَّانُ لا يموت، وكما تدين تُدان.

 

اللهم صلِّ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دعوة غير المسلمين بين عجز الطالب وعجز المعرض
  • حاجتنا إلى اليقين في دعوة غير المسلمين
  • مخالفة غير المسلمين
  • غير المسلمين في رمضان
  • حرية العقيدة والعلاقة مع غير المسلمين
  • صور من التسامح في الإسلام مع غير المسلمين

مختارات من الشبكة

  • معاملة الله تعالى لعباده بحسب معاملتهم لخلقه (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • التعريف بمصطلح المعاملات المصرفية، وبيان أهميتها(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • من أحكام المعاملات المالية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أصول في المعاملات المالية المعاصرة لخالد بن عبدالله المصلح(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خطبة معاملة غير المسلم(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أسلوب التذبذب في المعاملة الوالدية في عملية التنشئة الاجتماعية للأطفال(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الهند: زعيم مسلم يستنكر سوء معاملة الحزب الحاكم للمسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ربط أحكام المعاملات المالية بمنظومة الأخلاق الإسلامية(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • التوحيد في سورة الطلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المعاملة في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب