• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آفات اللسان (3) الكذب (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    خطبة: الإيجابية.. خصلة المؤمنين
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    حفظ الأسرار خلق الأبرار (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    المضاف إلى الله
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    خطبة عن الرياء
    د. رافع العنزي
  •  
    خطوة الكبر وجمال التواضع (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    أكبر مشايخ الإمام البخاري سنا
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    بطاعة الله ورسوله نفوز بمرافقة الحبيب (صلى الله ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: نعمة تترتب عليها قوامة الدين والدنيا
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة عن الصمت
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    يا محزون القلب، أبشر
    تهاني سليمان
  •  
    كسب القلوب مقدم على كسب المواقف (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    الإمداد بالنهي عن الفساد (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    سورة البقرة: مفتاح البركة ومنهاج السيادة
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    لطائف من القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    المشتاقون إلى لقاء الله (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الحج والأضحية
علامة باركود

حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)

حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/5/2025 ميلادي - 21/11/1446 هجري

الزيارات: 4537

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حجوا قبل ألا تحجوا

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [البقرة: 203].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لِلإِسلامِ أَركَانٌ عَظِيمَةٌ، وَفِيهِ وَاجِبَاتٌ وَفَرَائِضُ وسُنَنٌ وَمُستَحَبَّاتٌ، وفي مُقَابِلِ ذَلِكَ نَوَاقِضُ وَمُحَرَّمَاتٌ وَبِدَعٌ وَمَكرُوهَاتٌ، وَإِذَا عَرَفَ المُسلِمُ ذَلِكَ وَفَرَّقَ بَينَ هَذَا وَذَاكَ، عَرَفَ مَاذَا يَأتي وَمَاذَا يَجتَنِبُ؟! وَبِمَ يَبدَأُ وَعَلامَ يَحرِصُ؟! وَمَا الأَولى بِاهتِمَامِهِ وَمَا الوَاجِبُ عَلَيهِ عَلَى الفَورِ؟! وَمَا الَّذِي لا بُدَّ مِنَ التَّعَجُّلِ بِهِ؟! وَمَا الَّذِي قَد يَسُوغُ تَأخِيرُهُ بَعضَ الشَّيءِ؟!

 

يُقَالُ هَذَا أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ لأَنَّ ثَمَّ رُكنًا مِن أَركَانِ الإِسلامِ قَد يَتَهَاوَنُ بِهِ بَعضُ المُسلِمِينَ وَلا يُعطِيهِ حَقَّهُ مِنَ الاهتِمَامِ، وَمَعَ هَذَا يَقِلُّ الإِنكَارُ عَلَى مَن يَتَهَاوَنُ بِهِ، وَقَد يَرَى بَعضُنَا أَنَّ في أَمرِهِ سَعَةً وَلِلمُتَهَاوُنِ بِهِ مَنَاصًا، مُعتَذِرِينَ بِبَعضِ مَا لا يُعتَذَرُ بِهِ، مُسَوِّغِينَ لأَنفُسِهِم تَركَهُ بِبَعضِ مَا يَرَونَهُ مَانِعًا، وَهُوَ في الوَاقِعِ لَيسَ بِمَانِعٍ لِمَن أَخَذَ الأَمرَ بِجِدٍّ وَأَعطَاهُ مَا يَستَحِقُّ؛ قَالَ تَعَالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97]، وَفي الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "بُنِيَ الإِسلامُ عَلَى خَمسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ وَصَومِ رَمَضَانَ".

 

إِنَّ الحَجَّ أَيُّهَا المُسلِمُونَ هُوَ الرُّكنُ الخَامِسُ مِن أَركَانِ الإِسلامِ، وَلا يَتِمُّ إِسلامٌ إِلاَّ بِأَدَائِهِ، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ مِنَ المُسلِمِينَ مَن يَبلُغُ الحُلُمَ وَيَجِبُ عَلَيهِ الحَجُّ، ثم تَمضِي عَلَيهِ السَّنَوَاتُ تِلوَ السَّنَوَاتِ، وَهُوَ يُؤَجِّلُ وَيَتَبَاطَأُ لِسَبَبٍ أَو لآخَرَ، فَيَمضِي عُمُرُهُ وَتَتَقَدَّمُ بِهِ السِّنُّ، فَلا يَشعُرُ إِلاَّ وَقَد ضَاقَ الأَمرُ عَلَيهِ بَعدَ سَعَةٍ، فَعَاقَهُ مَرَضٌ أَو أَضعَفَهُ كِبَرٌ، أَو فَقَدَ الاستِطَاعَةَ المَالِيَّةَ أَو تَغَيَّرَت حَالُهُ وَجَدَّت لَهُ مَوَانِعُ وَقَوَاطِعُ.

 

لَقَد أَسكَنَ اللهُ تَعَالى إِبرَاهِيمَ عَلَيهِ السَّلامُ مَكَّةَ، وَأَمَرَهُ فَبَنى البَيتَ هُوَ وَابنُهُ إِسمَاعِيلُ، ثم أَمَرَهُ سُبحَانَهُ بِأَن يُنَادِيَ بِالنَّاسِ لِيَأتُوا إِلى البَيتِ وَيَحُجُّوهُ، وَيَطَوَّفُوا بِهِ وَيُطَهِّرُوهُ مِنَ الأَنجَاسِ وَالأَدنَاسِ، وَيُعَظِّمُوهُ وَيُعَظِّمُوا حُرُمَاتِ اللهِ وَشَعَائِرَهُ، وَأَن يُحَقِّقُوا تَوحِيدَهُ وَيَركَعُوا لَهُ وَيَسجُدُوا لَهُ دُونَ سِوَاهُ، وَأَن يَجتَنِبُوا الشِّركَ وَالمَعَاصِيَ وَقَولَ الزُّورَ وَإِرَادَةَ الإِلحَادِ وَالظُّلمَ وَالإِفسَادَ؛ قَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ * ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴾ [الحج: 26 - 30].

 

وَتَحقِيقًا لأَمرِ اللهِ، فَقَد حَجَّ هَذَا البَيتَ الأَنبِيَاءُ، وَقَصَدَهُ المُسلِمُونَ الحُنَفَاءُ، وَانقَطَعَت في المَفَاوِزِ أَعنَاقُ المَطِيِّ إِلَيهِ، وَتَحَمَّلَتِ الرَّكَائِبُ الرُّكبَانَ وَاهتَزَّت بِهِمُ الرِّكَابُ، وَحَفِيَتِ مِنهُمُ الأَقدَامُ سَعيًا إِلَيهِ، وَجَرَت بِالشَّوقِ إِلَيهِ النُّفُوسُ قَبلَ الأَقدَامِ، رَوَى الإِمَامُ مُسلِمٌ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: سِرنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَينَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، فَمَرَرنَا بِوَادٍ فَقَالَ: "أَيُّ وَادٍ هَذَا؟! "فَقَالُوا: وَادِي الأَزرَقِ، قَالَ: "كَأَنِّي أَنظُرُ إِلى مُوسَى"، فَذَكَرَ مِن لَونِهِ وَشَعرِهِ شَيئًا، وَاضِعًا أُصبُعَيهِ في أُذُنَيهِ لَهُ جُؤَارٌ إِلى اللهِ بِالتَّلبِيَةِ مَارًّا بِهَذَا الوَادِي، "قَالَ: ثُمَّ سِرنَا حَتَّى أَتَينَا عَلَى ثَنِيَّةٍ، فَقَالَ: "أَيُّ ثَنِيَّةٍ هَذِه؟!"، قَالُوا: هَرْشَى - أَو لِفتُ - فَقَالَ: "كَأَنِّي أَنظُرُ إِلى يُونُسَ عَلَى نَاقَةٍ حَمرَاءَ عَلَيهِ جُبَّةُ صُوفٍ، خِطَامُ نَاقَتِهِ خُلبَةٌ، مَارًّا بِهَذَا الوَادِي مُلَبِّيًا".

 

إِنَّهُ الحَجُّ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، أُمنِيَّةُ كُلِ مُسلِمٍ عَلَى وَجهِ الأَرضِ، أَتَى إِلَيهِ النَّاسُ مِن كُلِّ نَاحِيَةٍ مِن شَرقِ الأَرضِ وَغَربِهَا، وَقَطَعُوا إِلى البَيتِ الحَرَامَ الفِيَافِيَ وَالقِفَارَ، رُكبَانًا عَلَى الإِبِلِ وَالبِغَالِ، وَرِجَالًا يَمشُونَ عَلَى أَقدَامِهِم، فَمِنهُم مَن بَلَغَهُ وَقَضَى تَفثَهُ، وَمِنهُم مَن قُطِعَ دُونَهُ، وَحَالَ بَينَهُ وَبَينَهُ مُجرِمٌ سَارِقٌ أَو حَيَوَانٌ مُتَوَحِّشٌ، وَمَعَ هَذَا فَلَم تَزَلِ النُّفُوسُ تَحِنُّ إِلَيهِ وَلا تَكَادُ تَروِي عَطَشَهَا مِن تَكرَارِ زِيَارَتِهِ، وَكَم مِن مُسلِمٍ جَمَعَ مَالَهُ سِنِينَ عَدَدًا وَعَانى مَا عَانى مِن أَنظِمَةٍ وَعَوَائِقَ في بِلادِهِ، وَجَاهَدَ وَجَدَّ وَاجتَهَدَ، وَانتَظَرَ وَتَرَبَّصَ حَتَّى تَهَيَّأَت لَهُ الفُرصَةُ فَحَجَّ، وَمَعَ هَذَا فَمَا زَالَ قَلبُهُ يَتَقَطَّعُ شَوقًا إِلى الدِّيَارِ المُقَدَّسَةِ في كُلِّ عَامٍ، وَيَوَدُّ لَو أَنَّهُ تَمَكَّنَ مِنَ الوُصُولِ إِلَيهَا وَالتَّنَقُّلِ فِيهَا، وَحُضُورِ تِلكَ المَشَاهِدِ وَتَعظِيمِ تِلكَ الشَّعَائِرِ، وَلا وَاللهِ، لا تُلامُ النُّفوسُ وَهِيَ تَتَقَطَّعُ شَوقًا وَتَحِنُّ حُبًّا، فَهُوَ بَيتُ اللهِ وَحَرَمُهُ الآمِنُ، وَكَيفَ يُلامُ المُؤمِنُونَ وَقَد قَرَؤُوا قَولَ الحَبِيبِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "مَن حَجَّ فَلَم يَرفُثْ وَلم يَفسُقْ رَجَعَ كَيَومَ وَلَدَتهُ أُمُّهُ"؛ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "العُمرَةُ إِلى العُمرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَينَهُمَا، وَالحَجُّ المَبرُورُ لَيسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّةُ"؛ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

وَعَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ العَمَلِ أَفضَلُ؟ قَالَ: "إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ"، قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: "الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ"، قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: "حَجٌّ مبرورٌ"، وَعِندَ مُسلِمٍ عَن عَمرِو بنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: فَلَمَّا جَعَلَ اللهُ الإِسلامَ في قَلبي أَتَيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقُلتُ: اُبسُطْ يَمِينَكَ فَلِأُبَايِعْكَ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ، قَالَ: فَقَبَضتُ يَدِي، قَالَ: "مَا لَكَ يَا عَمرُو؟!"، قَالَ: قُلتُ: أَرَدتُ أَن أَشتَرِطَ، قَالَ: "تَشتَرِطُ مَاذَا؟!"، قُلتُ: أَن يُغفَرَ لي، قَالَ: "أَمَا عَلِمتَ أَنَّ الإِسلامَ يَهدِمُ مَا كَانَ قَبلَهُ؟! وَأَنَّ الهِجرَةَ تَهدِمُ مَا كَانَ قَبلَهَا؟! وَأَنَّ الحَجَّ يَهدِمُ مَا كَانَ قَبلَهُ؟!".

 

أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ الحَجَّ هُوَ أَعظَمُ سِيَاحَةٍ؛ لِمَاذَا؟! لأَنَّهَا سِيَاحَةٌ إِيمَانِيَّةٌ، يُسَافِرُ صَاحِبُهَا لِوَجهِ اللهِ وَللهِ، مُتَعَطِّشًا لِرُؤيَةِ بَيتِهِ مُتَشَوِّقًا لِلمَشَاعِرِ مُعَظِّمًا لِلشَّعَائِرِ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ، وَمَن كَانَ قَادِرًا عَلَى الحَجِّ وَلم يَحُجَّ فَلْيُبَادِرْ وَلا يَتَأَخَّرْ، وَلا يَتَلَمَّسَنَّ عُذرًا أَيًّا كَانَ، فَإِنَّ مَن صَدَقَ اللهَ صَدَقَهُ اللهُ، وَمَنِ استَعَانَ بِاللهِ أَعَانَهُ اللهُ، وَهَا نَحنُ نَرَى النَّاسَ يُسَافِرُونَ يَمِينًا وَشِمَالاً وَيَقطَعُونَ المَسَافَاتِ وَيَبذُلُونَ الأَموَالَ، وَيَستَدِينُونَ وَيَقتَرِضُونَ، وَيَعصِرُونَ أَنفُسَهُم وَيَتَحَمَّلُونَ مَا يَتَحَمَّلُونَ، لِيَذهَبَ أَحَدُهُم في رِحلَةِ تَنَزُّهٍ وَسِيَاحَةٍ، أَو لِيَتَحَمَّلَ حَمَالَةً مَعَ قَومِهِ فَيُمدَحَ وَيُذكَرَ اسمُهُ وَيَكُونَ فَخرًا لأُسرَتِهِ وَبَنِي عَمِّهِ، وَلِيَتَعَالى بِذَلِكَ عَلَى الآخَرِينَ وَيُرِيَهُم أَنَّهُ فَوقَهُم وَأَقدَرُ مِنهُم، ثم نَرَى أُولَئِكَ هُم أَنفُسُهُم مَن يُحِجمُونَ عَنِ الحَجِّ وَتَتَقَاصَرُ خُطَاهُم دُونَ بُلُوغِ البَيتِ العَتِيقِ، بِحُجَّةِ أَنَّهُم عَاجِزُونَ غَيرُ مُستَطِيعِينَ وَلا مُقتَدَرِينَ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ، وَلْنَحرِصْ عَلَى إِكمَالِ أَركَانِ دِينِنَا، وَلْنَعلَمْ أَنَّ كُلَّ نَفَقَةٍ في سَبِيلِ اللهِ فَهِيَ مَخلُوفَةٌ، ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ الحَجَّ للهِ، وَكَمَا أَنَّهُ وَاجِبٌ بِشَرطِ الاستِطَاعَةِ وَالقُدرَةِ، فَقَد نَهَى تَعَالى فِيهِ عَن كُلِّ مَا يَنقُضُهُ أَو يُنقِصُهُ، أَو يَخرُجُ بِهِ عَن غَايَتِهِ؛ قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [البقرة: 197].

 

وَمِن ثَمَّ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، فَإِنَّ مَن أَرَادَ أَن يَحُجَّ فَإِنَّ عَلَيهِ أَن يَتَعَلَّمَ أَحكَامَ الحَجِّ وَيَتَفَقَّهَ في مَنَاسِكِهِ، وَأَن يَحرِصَ عَلَى أَن يَحُجَّ كَمَا حَجَّ النَّبيُّ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، مُخلِصًا للهِ طَائِعًا مُخبِتًا مُنِيبًا، لا طَالِبًا رِيَاءً وَلا مُبتَغِيًا سُمعَةً، وَلا مُنتَظِرًا ثَنَاءً وَلا مَدحًا، وَلا مُخَالِفًا نِظَامًا وَلا مُتَعَدِّيًا حَدًّا، أَلا وَإِنَّ مِمَّا اقتَضَتهُ المَصلَحَةُ العَامَّةُ تَيسَيرًا عَلَى المُسلِمِينَ، أَن وُضِعَ لِلحَجِّ تَصريحٌ يَلزَمُ كُلَّ مَن أَرادَهُ أَن يُحَصِّلَهُ، وَقَد أَكَّدَت هَيئَةُ كِبَارِ العُلَمَاءِ عَلَى وُجُوبِ الالتِزَامِ بِاستِخرَاجِهِ، وَأَنَّهُ لا يَجُوزُ الذَّهَابُ دُونَ أَخذِهِ، وَأَنَّ مَن حَجَّ دُونَ تَصرِيحِ فَقَد يَأثَمُ؛ لأَنَّ مَا وُضِعَ مِن أَنظِمَةٍ فَإِنَّمَا وُضِعَ لِتَيسِيرِ الحَجِّ وَرَفعِ الحَرَجِ، وَاللهُ تَعَالى يَقُولُ: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185].

 

وَتَنظِيمُ عَدَدِ الحُجَّاجِ يُمَكِّنُهُم مِن أَدَاءِ شَعِيرَتِهِم بِسَكِينَةٍ وَسَلامَةٍ، وَيَضمَنُ لَهُم جَودَةً في الخِدمَاتِ وَأَمنًا وَرَاحَةً وَسَلامَةً، وَبِهِ يَتَوَفَّرُ لَهُمُ مَا يَنَاسِبُهُم مِن سَكَنٍ وَأَكلٍ وَشُربٍ، وَتُدَفَعُ عَنهُم مَفَاسِدُ افتِرَاشِ الطُّرُقَاتِ وَمَوَاقِفِ السَّيَّارَاتِ، الَّتي تُؤَدِّي إِلى التَّهلُكَةِ، فَلْيُنتَبَهْ إِلى ذَلِكَ، وَلْيُعلَمْ أَنَّهُ مِن طَاعَةِ وَليِّ الأَمرِ في المَعرُوفِ وَتَعظِيمِ شَعَائِرِ اللهِ؛ قَالَ تَعَالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 59]، وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حجوا قبل أن لا تحجوا
  • من عوفي فليحمد الله (خطبة)
  • السهر وإضعاف العبودية لله (خطبة)
  • وليس أخو علم كمن هو جاهل (خطبة)
  • كلنا رجال تربية وتعليم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • حجية خبر الآحاد (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • فضل الأذكار بعد الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حجوا وضحوا..(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • خطبة : بعدما حجوا وضحوا(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • ألا إن سلعة الله غالية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من آفات اللسان (3) الكذب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الإيجابية.. خصلة المؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حفظ الأسرار خلق الأبرار (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة عن الرياء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطوة الكبر وجمال التواضع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/6/1447هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب