• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    روايات عمرو بن شعيب عن جده: دراسة وتحقيق (PDF)
    د. غمدان بن أحمد شريح آل الشيخ
  •  
    الحمد لله (3) حمد الله تعالى نفسه
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    المؤمنون حقا (خطبة)
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    عام دراسي أطل (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    خطبة: مواسمنا الإيمانية منهج استقامة
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    تفسير سورة يونس (الحلقة الثانية عشرة - الأخيرة) ...
    الشيخ عبدالكريم مطيع الحمداوي
  •  
    الحديث الثاني: عفاف السمع والبصر والقلب والفرج
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    من قصص الأنبياء (1)
    قاسم عاشور
  •  
    خاطرة تربوية: فلنحذر الانسياق إلى ضفاف نهر الهوى!
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    صفة الغسل من الجنابة
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    من أقوال السلف في الإنصاف
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    حرمة الاستمناء وكيفية العلاج (WORD)
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الإمام مسلم بن الحجاج القشيري وكتابه الصحيح دراسة ...
    سارا بنت عبدالرحمن البشري
  •  
    حلق رأس المولود حماية ووقاية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    حقوق الميت (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    من أسباب النصر والتمكين (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

أعمال رمضان بين القبول والرد

أعمال رمضان بين القبول والرد
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/5/2021 ميلادي - 23/9/1442 هجري

الزيارات: 31547

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أعمال رمضان بين القبول والرد

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى ﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴾ [الْأَعْلَى: 2-5]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ بَلَّغَنَا رَمَضَانَ، وَوَفَّقَنَا لِلصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَجَعَلَنَا مِنْ خَيْرٍ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ حَرَصَ عَلَيْنَا، فَنَصَحَ لَنَا، وَعَزَّ عَلَيْهِ عَنَتُنَا، وَعَلَّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَحَذَّرَنَا مِمَّا يَضُرُّنَا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَسَلُوهُ قَبُولَ الْأَعْمَالِ؛ فَإِنَّ قَلِيلًا مُتَقَبَّلًا خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مَرْدُودٍ، قَالَ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَأَنْ أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ تَقَبَّلَ مِنِّي مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 27]». وَتَصَدَّقَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِدِينَارٍ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: «تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْكَ يَا أَبَتَاهُ، فَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْبَلُ مِنِّي سَجْدَةً وَاحِدَةً وَصَدَقَةَ دِرْهَمٍ؛ لَمْ يَكُنْ غَائِبٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الْمَوْتِ، أَتَدْرِي مِمَّنْ يَتَقَبَّلُ ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 27]».

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

خُتِمَ رَمَضَانُ، وَطُوِيَتْ صُحُفُهُ بِمَا أَوْدَعَ فِيهَا الْعِبَادُ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْدَعَهَا عَمَلًا صَالِحًا، وَمِنْهُمْ مَنْ أَدَعُهَا غَيْرَ ذَلِكَ، وَمِنْهُمُ الْمَقْبُولُ وَمِنْهُمُ الْمَرْدُودُ. وَالْمُؤْمِنُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ، يَرْجُو الْقَبُولَ وَيَعْمَلُ بِمُوجِبَاتِهِ، وَيَخْشَى الرَّدَّ وَيُجَانِبُ أَسْبَابَهُ.

 

وَمِنْ أَسْبَابِ قَبُولِ رَمَضَانَ:

إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ تَعَالَى، كَمَا أَنَّ الرِّيَاءَ مِنْ أَسْبَابِ الرَّدِّ وَحُبُوطِ الْعَمَلِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الْكَهْفِ: 110]. وَعَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا جَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ، نَادَى مُنَادٍ: مَنْ كَانَ أَشْرَكَ فِي عَمَلٍ عَمِلَهُ لِلَّهِ أَحَدًا فَلْيَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْ عِنْدَ غَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّ اللَّهَ أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُخْلِصُ فِي عَمَلِهِ، لَكِنْ يَتَحَدَّثُ بِهِ بَعْدَ رَمَضَانَ، وَهَذَا تَسْمِيعٌ، وَفِيهِ وَعِيدٌ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ البُخَارِيُ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: «وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ الْإِنْسَانُ فِعْلًا صَالِحًا فِي السِّرِّ، ثُمَّ يُظْهِرُهُ لِيَسْمَعَهُ النَّاسُ، وَيُحْمَدَ عَلَيْهِ، فَيُفْسِدُ صَالِحَ عَمَلِهِ بِالرِّيَاءِ الْوَاقِعِ بِإِظْهَارِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يُسَمِّعُ بِهِ، وَيُظْهِرُ إِلَى النَّاسِ غَرَضَهُ مِنْ طَلَبِ الرِّيَاءِ، وَأَنَّ عَمَلَهُ لَمْ يَكُنْ خَالِصًا». وَفِي صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِ شُرِطَتْ مَغْفِرَةُ الذُّنُوبِ؛ بِأَنْ يَكُونَ الدَّافِعُ لِلصِّيَامِ وَالْقِيَامِ الْإِيمَانَ وَالِاحْتِسَابَ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْإِخْلَاصِ.

 

وَمِنْ أَسْبَابِ قَبُولِ رَمَضَانَ:

كَثْرَةُ الدُّعَاءِ بِالْقَبُولِ؛ اقْتِدَاءً بِالْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ كَانَ يَبْنِي الْبَيْتَ الْحَرَامَ، وَيَدْعُو بِالْقَبُولِ فَيَقُولُ: ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 127]، وَفِي مَقَامٍ آخَرَ دَعَا فَقَالَ: ﴿ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 40]، وَنَقَلَ ابْنُ رَجَبٍ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَنْ يُبَلِّغَهُمْ شَهْرَ رَمَضَانَ، ثُمَّ يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَنْ يَتَقَبَّلَهُ مِنْهُمْ.

 

وَمِنْ أَسْبَابِ قَبُولِ رَمَضَانَ:

وَجَلُ الْقُلُوبِ بَعْدَ رَمَضَانَ، وَحَمْلُ هَمِّ قَبُولِ الْأَعْمَالِ؛ ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 60]، فَسَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ: «الرَّجُلُ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَتَصَدَّقُ، وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «الْخَوْفُ عَلَى الْعَمَلِ أَنْ لَا يُتَقَبَّلَ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ». وَقَالَ ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «أَدْرَكْتُهُمْ يَجْتَهِدُونَ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَإِذَا بَلَغُوهُ وَقَعَ عَلَيْهِمُ الْهَمُّ أَيُتَقَبَّلُ مِنْهُمْ أَمْ لَا».

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الرَّدِّ وَعَدَمِ الْقَبُولِ:

الْغُرُورُ بِالْعَمَلِ، وَالْإِعْجَابُ بِهِ، مَعَ أَنَّ عَمَلَ الْعَامِلِ مَهْمَا بَلَغَ لَا يَفِي حَقَّ نِعْمَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي يَتَقَلَّبُ فِيهَا الْعَبْدُ. بَلْ مَا كَانَ الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ وَقِيَامُهُ إِلَّا مَحْضَ تَوْفِيقٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ، وَلَوْلَا تَوْفِيقُهُ سُبْحَانَهُ لَمَا آمَنَ الْعَبْدُ وَلَا عَمِلَ صَالِحًا، وَلَا صَامَ وَلَا قَامَ. وَعَدَدُ الْكُفَّارِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالَّذِينَ أَفْطَرُوا فِي رَمَضَانَ أَكْثَرُ مِنَ الصَّائِمِينَ، فَمَنْ لَحِظَ هَذَا الْمَعْنَى صَغُرَ عَمَلُهُ فِي نَفْسِهِ، وَرَدَّ ذَلِكَ إِلَى تَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَهِجَ بِالشُّكْرِ لَهُ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى جَنْبٍ؛ ﴿ وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ﴾ [الْمُدَّثِّرِ: 6]، قَالَ مُجَاهِدٌ فِي تَفْسِيرِهَا: «لَا تُعَظِّمْ عَمَلَكَ فِي عَيْنِكَ أَنْ تَسْتَكْثِرَ مِنَ الْخَيْرِ»، وَقَالَ الْحَسَنُ: «لَا تَمْنُنْ عَمَلَكَ تَسْتَكْثِرْهُ عَلَى رَبِّكَ»، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: «لَا يَكْثُرْ عَمَلُكَ فِي عَيْنِكَ، فَإِنَّهُ فِيمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَأَعْطَاكَ قَلِيلٌ».

 

وَمِنْ دَلَائِلِ الْقَبُولِ فِي رَمَضَانَ:

الْبَقَاءُ عَلَى التَّوْبَةِ بَعْدَهُ، كَمَا أَنَّ مَنْ عَادَ إِلَى الْمَعَاصِي بَعْدَ رَمَضَانَ فَيُخْشَى أَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ مَرْدُودًا عَلَيْهِ، قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «مَنِ اسْتَغْفَرَ بِلِسَانِهِ وَقَلْبُهُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ مَعْقُودٌ، وَعَزْمُهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمَعَاصِي بَعْدَ الشَّهْرِ وَيَعُودَ؛ فَصَوْمُهُ عَلَيْهِ مَرْدُودٌ، وَبَابُ الْقَبُولِ عَنْهُ مَسْدُودٌ». وَيُحْمَدُ لِمَنْ أَقْلَعَ عَنِ الْمَعَاصِي فِي رَمَضَانَ تَعْظِيمُ حُرْمَةِ الشَّهْرِ، وَالْإِقْبَالُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الشَّهْرِ الْكَرِيمِ، وَهُوَ خَيْرٌ مِمَّنْ يَنْتَهِكُ حُرْمَةَ رَمَضَانَ، وَيَعْصِي اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ، وَخَيْرٌ مِنْهُمَا جَمِيعًا مَنْ تَابَ وَصَدَقَ فِي تَوْبَتِهِ، وَلَمْ يَعُدْ بَعْدَ رَمَضَانَ إِلَى ذَنْبِهِ، بَلِ اسْتَقَامَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ﴾ [هُودٍ: 112]؛ فَهَذَا الَّذِي هُوَ حَرِيٌّ أَنْ يَكُونَ فِي رَمَضَانَ مَقْبُولًا، وَعِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مَأْجُورًا، وَحَرِيٌّ أَنْ يُسْتَجَابَ دُعَاؤُهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الصَّادِقَ فِي تَوْبَتِهِ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 222].

 

وَمِنْ دَلَائِلِ الْقَبُولِ فِي رَمَضَانَ:

زِيَادَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ بَعْدَهُ عَمَّا قَبْلَهُ؛ فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَمَضَانَ قَدْ أَثَّرَ فِي قَلْبِ صَاحِبِهِ، وَزَادَهُ إِيمَانًا وَاسْتِقَامَةً، وَهَذَا الْمَعْنَى جَاءَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [مُحَمَّدٍ: 17]، ﴿ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ﴾ [مَرْيَمَ: 76]، فَهُمْ لَمَّا اهْتَدَوْا فِي رَمَضَانَ، زَادَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى هُدًى بَعْدَ رَمَضَانَ، فَكَانَ حَالُهُمْ بَعْدَ رَمَضَانَ أَفْضَلَ مِنْ حَالِهِمْ قَبْلَهُ. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾ [الْأَنْفَالِ: 2]، وَآيَاتُ اللَّهِ تَعَالَى كَانَتْ تُتْلَى عَلَى الْقَائِمِينَ فِي رَمَضَانَ، وَيَقْرَؤُونَهَا فِي النَّهَارِ، فَزَادَ إِيمَانُهُمْ بِهَا؛ فَإِذَا حَافَظُوا عَلَى ذَلِكَ كَانُوا فِي زِيَادَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَتُفْتَحُ لَهُمْ بِالْقُرْآنِ أَبْوَابٌ مِنَ الْخَيْرِ مَا كَانُوا يَحْلُمُونَ بِهَا.

 

وَهَذَا كَلَامٌ بَدِيعٌ لِابْنِ الْقَيِّمِ فِي هَذَا الْبَابِ «قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنَّ مِنْ عُقُوبَةِ السَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ بَعْدَهَا، وَإِنَّ مِنْ ثَوَابِ الْحَسَنَةِ الْحَسَنَةَ بَعْدَهَا، فَالْعَبْدُ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً قَالَتْ أُخْرَى إِلَى جَنْبِهَا: اعْمَلْنِي أَيْضًا، فَإِذَا عَمِلَهَا، قَالَتِ الثَّالِثَةُ كَذَلِكَ، وَهَلُمَّ جَرًّا، فَتَضَاعَفَ الرِّبْحُ، وَتَزَايَدَتِ الْحَسَنَاتُ. وَكَذَلِكَ كَانَتِ السَّيِّئَاتُ أَيْضًا، حَتَّى تَصِيرَ الطَّاعَاتُ وَالْمَعَاصِي هَيْئَاتٍ رَاسِخَةً، وَصِفَاتٍ لَازِمَةً، وَمَلَكَاتٍ ثَابِتَةً، فَلَوْ عَطَّلَ الْمُحْسِنُ الطَّاعَةَ لَضَاقَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ، وَضَاقَتْ عَلَيْهِ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، وَأَحَسَّ مِنْ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ كَالْحُوتِ إِذَا فَارَقَ الْمَاءَ حَتَّى يُعَاوِدَهَا، فَتَسْكُنَ نَفْسُهُ، وَتَقَرَّ عَيْنُهُ... وَلَا يَزَالُ الْعَبْدُ يُعَانِي الطَّاعَةَ وَيَأْلَفُهَا وَيُحِبُّهَا وَيُؤْثِرُهَا حَتَّى يُرْسِلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِرَحْمَتِهِ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ تَؤُزُّهُ إِلَيْهَا أَزًّا، وَتُحَرِّضُهُ عَلَيْهَا، وَتُزْعِجُهُ عَنْ فِرَاشِهِ وَمَجْلِسِهِ إِلَيْهَا. وَلَا يَزَالُ يَأْلَفُ الْمَعَاصِيَ وَيُحِبُّهَا وَيُؤْثِرُهَا، حَتَّى يُرْسِلَ اللَّهُ إِلَيْهِ الشَّيَاطِينَ، فَتَؤُزُّهُ إِلَيْهَا أَزًّا» انْتَهَى كَلَامُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَقْبَلَ مِنَّا الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ وَسَائِرَ الْأَعْمَالِ، وَأَنْ يَتَسَلَّمَ مِنَّا رَمَضَانَ مُتَقَبَّلًا، وَأَنْ يُعِيدَهُ عَلَيْنَا بِالْعَافِيَةِ وَالْأَمْنِ وَالرَّخَاءِ، وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْمَلُوا صَالِحًا؛ ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ﴾ [الْقَصَصِ: 80].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْإِيمَانِ بَعْدَ رَمَضَانَ مُتَابَعَةُ الطَّاعَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ مِنْ عَبْدِهِ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَكَانَ ذَلِكَ هَدْيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ، وَكَانَ إِذَا نَامَ مِنَ اللَّيْلِ أَوْ مَرِضَ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَعَنْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَمِنْ أَوَّلِيَّاتِ ذَلِكَ -بَعْدَ رَمَضَانَ- صِيَامُ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الْوِتْرِ، وَشَيْءٍ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَغَيْرِهَا مِنَ النَّوَافِلِ، وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، فَمَا لَزِمَ عَبْدٌ الْقُرْآنَ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَبْوَابًا مِنَ الْخَيْرِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة المسجد النبوي 26/9/1432 هـ - نعيم رمضان ولذة الأعمال الصالحة
  • مهمات من جلائل الأعمال في رمضان (خطبة)
  • من منا يحمل هم القبول؟

مختارات من الشبكة

  • أعمال يسيرة وراءها قلب سليم ونية صالحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القيم النبوية في إدارة المال والأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إطعام الطعام من أفضل الأعمال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نيات خالصات بلا أعمال خير من أعمال بلا نيات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القلب والجوارح .. علاقة متبادلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحديث المرسل بين القبول والرد (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التشبيه المقلوب في القرآن الكريم بين القبول والرد (دراسة بلاغية في تراث أهل العلم) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الأعمال الصالحة بين القبول والرد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 26/2/1447هـ - الساعة: 18:41
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب