• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    القران الكريم في أيدينا، فليكن في القلوب
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    مقام العبودية الحقة (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    الصدقات والطاعات سبب السعادة في الدنيا والآخرة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الخشوع المتخيل! الخشوع بين الأسطورة والواقع
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    الانقياد لأوامر الشرع (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    الوقت في الكتاب والسنة ومكانته وحفظه وإدارته ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    تفسير سورة العلق
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    النهي عن الوفاء بنذر المعصية
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الدرس السادس والعشرون: الزكاة
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الخلاصة في تفسير آية الجلابيب وآية الزينة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    خطبة: وقفة محاسبة في زمن الفتن
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    فضل التبكير إلى صلاة الجمعة والتحذير من التخلف ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    مختصر رسالة إلى القضاة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    كيف أكون سعيدة؟
    د. عالية حسن عمر العمودي
  •  
    أوقات إجابة الدعاء والذين يستجاب دعاؤهم
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

مقام العبودية الحقة (خطبة)

مقام العبودية الحقة (خطبة)
د. عبدالرزاق السيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/6/2025 ميلادي - 27/12/1446 هجري

الزيارات: 221

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مقام العبودية الحقة

 

الحمد الله الذي خلق الخلق للطاعة والعبادة، أحمده سبحانه وأشكره، يسر أسباب السعادة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وعد المؤمنين الحسنى وزيادة، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُه ورسولُه، حثَّ على كل خير وحذر من الضلال والغواية، صلى الله عليه صلاةً دائمةً إلى يوم القيامة.

 

أهمية الحديث عن العبودية الحقة:

أيها المسلمون؛ قضية هي أم قضايا بني الإنسان، وركيزة هي أساس ركائز المكلفين؛ بل هي المؤثر الأعظم بإذن الله في حياة البشرية وتصرفاتها ومشاعرها وعلاقاتها، بل هي ضرورة من ضرورات الإنسان أشد ضرورة من الطعام والشراب، قضيةٌ تحفظ لهذا الكون انتظامه، وتضبط فيه مساره، بالخلل فيها يختل نظام الحياة، وبالضلال فيها تتيه البشرية في دهاليز العمى وسراديب الانحطاط ومهاوي الفساد؛ تلكم هي قضية العبودية لله الواحد القهار، سبحانه وبحمده، تبارك اسمه، وتعالى جده، ولا إله غيره.

 

العبودية قضية حتمية لا فكاك للإنسان منها بحال من الأحوال، وهي حاصلة في واقع الناس حصولًا محققًا، في كل زمان وفي كل مكان، هي حتمية؛ لأن في الإنسان حاجةً وفقرًا وضعفًا، وهو بين حالين لا ثالث لهما؛ إما أن يتوجه بعبادته وخضوعه وانكساره لله الواحد القهار فيكون موحدًا مطيعًا، مطمئنًّا سعيدًا، وإما أن يكون خاضعًا أسيرًا ذليلًا لمعبودات باطلة من الآلهة الكثيرة من الأصنام والأوثان، والهوى والشهوة، والمال والملذَّات، والقوانين والرجال، والأعراف والأحزاب، وكل ما تعلق به فتجاوز به حده من محبوب أو متبوع أو مطاع.

 

القرآن والسنة يحدثاننا عن العبودية الحقة:

أيها المسلمون؛ لقد ذكر الله في كتابة العظيم والنبي صلى الله عليه وسلم في سنته أن العبودية أشرف المقامات، وأعلى المبتغيات، وعبادة الله شرفت بها ملائكة الله، قال الله تعالى: ﴿ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 26، 27]، وقال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُون ﴾ [الأنبياء: 19، 20]، والعبودية هي مقام التشريف في حق أنبياء الله، ورسله المرسلون هم أعلى المكلفين في مراتب العبودية، قال الله تعالى: ﴿ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ﴾ [النمل: 59]، وقال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ﴾ [الصافات: 171، 172]، وقال الله تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ﴾ [ص: 45]، واستمع إلى هذا الوصف الجميل لأيوب الصبور ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 44]، أما صاحب الملك العريض الذي لم ينبغي لأحد من بعده فقد وصفه ربه بقوله: ﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 30]، أما عيسى عليه السلام وقد رفعه من رفعه إلى مقام الألوهية فقد قال فيه ربه: ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ ﴾ [الزخرف: 59]، ثم ناهيكم بأفضل الرسل وأشرف الأنبياء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد شرَّفه ربُّه بوصف العبودية وهو في أعلى مقامات التكريم، وقد أسرى به إلى بيت المقدس، وعرج به إلى السماء فقال سبحانه: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ﴾ [الإسراء: 1]، وقال سبحانه: ﴿ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ﴾ [النجم: 10]. وجعل الله من أسباب خلق العباد تحقيق العبودية الحقة، قال الله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 56 - 58].

 

وفي السُّنَّة النبوية ما يدل على اختيار النبي صلى الله عليه وسلم مقام العبودية عَلَى مقام المُلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: ((جلس جبريلُ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فنظر إلى السماءِ، فإذا ملَكٌ ينزلُ فقال جبريلُ: هذا الملكُ ما نزل منذ خُلِق قبلَ الساعةِ، فلما نزل قال: يا محمدُ، أرسَلَني إليك ربُّك، أفملكًا نبيًّا أجعلَك أو عبدًا رسولًا؟ قال جبريلُ: تواضعْ لربِّك يا محمدُ، قال: بل عبدًا رسولًا))؛ (رواه أحمد).

 

مقام العبودية من أرفع المقامات:

أيها المسلمون، مقام العبودية أصل المقامات ومفتاحها، فكل مقامٍ يلزمه العبودية لتعرف النفس به سبيل نجاحها وفلاحها، ومن عجيب أمر هذا المقام أنَّك كلَّما كنت لله عبدًا؛ رفعك الله درجةً فوق جميع الأنام، فهو سُبحانه يُعزُّ من كان مقامه الذُّل بين يديه، ويُغني من كان مقامه الفقر إليه، ويرضى عمَّن عَلِم أنَّه ما خُلِق إلَّا عبدًا، والعبد يتحرَّى أن يرضي ربَّه بكل عبادة يحبها الله، قال الله تعالى:﴿ قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً ﴾ [إبراهيم: 31]، وقال الله تعالى: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [الإسراء: 53]، وقال الله تعالى: ﴿ قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ﴾ [الزمر: 53]، ومن جليل صفات عباد الله جميل أخلاقهم، قال الله تعالى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63]، قائمون لله بالعبادة ركَّعًا وسجَّدًا ﴿ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾ [الفرقان: 64]، يخافون عذاب السعير، قال الله تعالى عنهم إنهم يقولون: ﴿ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴾ [الفرقان: 65، 66]، يخافون من الوقوع في كبائر الذنوب، قال الله تعالى عنهم: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ﴾ [الفرقان: 68]، محفوظون من الشيطان ووسواسه، قال الله تعالى عنهم: ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾ [الحجر: 42]، وهم أهل التمكين والوراثة في أرض الله، قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾ [الأنبياء: 105].

 

والعبودية الصادقة تسمو بها الروح، وتتهذَّب فيها غرائز العبد وشهواته، يترجَّح جانب الخير على جانب الشر، ويتجلَّى وقوف العبد بين يدي ربِّه واستحضار علمه وعظمته وإحاطته، للعبادة الصحيحة أثر عظيم في النفس، وطمأنينة في القلب، العبودية أعظم ما يحصله الإنسان في هذه الحياة لتكون وسيلته إلى السعادة ورضا الله وبلوغ جنته ودار رضوانه، وفي الحديث القدسي: ((يا بن آدم، تفرَّغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسدَّ فقرك، وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلًا ولم أسدَّ فقرك))؛ أخرجه ابن ماجه بسند صحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وهو في السلسلة الصحيحة. والله سبحانه قريب من عباده يسمع دعاءهم، ويقضي حوائجهم، قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

 

وكمال العبودية يكمن في ركنين عظيمين كما يقول ابن القيم رحمه الله، أولهما: محبة الله تعالى، وثانيهما: الذل له سبحانه، فكلما امتلأ قلب العبد لله تعالى حبًّا، وله سبحانه ذلًّا وتعظيمًا، ولأوامره وشرعه انقيادًا وعملًا، كملت فيه العبودية لله تعالى.

 

خطورة صرف العبودية لغير الله:

أيها المسلمون، إن صرف العبودية لغير الله عز وجل تكلف الناس ما لا يتحملونه ولا يطيقونه؛ لأن هناك أناسًا أبوا إلا أن يرتهنوا في قيود الرق، وأن يكتووا بذل العبودية للمخلوقين؛ فعبدوا غير الله- سبحانه- وتعلقوا به؛ منها: عبادة الشمس والقمر والنجوم، قال تعالى: ﴿ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [فصلت: 37]، وعبادة الشيطان، رغم تحذير الله من ذلك قائلًا: ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ﴾ [يس: 60 - 62]، وقد حمل كثير من المُفسِّرين عبادة الشيطان هنا على طاعته فيما يوسوس ويزين من المعاصي، وحملها بعضهم على عبادة الأصنام وقالوا: "عبادة الشيطان عبادة الصنم، وجعل عبادة الصنم عبادته؛ لأنه الآمر به الداعي إليه".

 

ومن الناس من يعبد الأحجار والأبقار وغيرها من المعبودات التي لا تملك لمن يعبدها نفعًا ولا ضرًّا؛ قال سبحانه: ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ﴾ [يونس: 18]، وقال الله: ﴿ أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ﴾ [الأعراف: 191]، وكثير من خلق الله من يعبد الهوى؛ قال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ﴾ [الجاثية: 23].

 

وهناك من نوع آخر عُبَّاد الدنيا وهم كثير يعبدون دينارها ودرهمها ومصالحها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: ((تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلا انْتَقَشَ...))؛ الحديث، (رواه البخاري).


وهناك عبادة الأحبار والرهبان وعلماء السوء ومن على شاكلتهم، قال الله عنهم: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 31]، وذلك طاعتهم فيما يرون ويشرِّعون في غير مرضاة الله.


وكل من تعلق قلبه بشيء غير الله من أهواء نفسه فإن حصل له رضي، وإن لم يحصل له سخط؛ فهو عبد ما يهواه، رقيق له؛ إذ الرق والعبودية في الحقيقة هو رق القلب وعبوديته.


ثم بقدر ما تستعبده هذه الشهوات أو بعضها بقدر ما تضعف عبوديته لربه سبحانه، فإن استحكمت عبوديته لتلك الشهوات والأهواء حتى صدته عن الدين بالكلية فهو مشرك كافر، وإن صدته تلك الأهواء والشهوات عن بعض ما يجب عليه أو زينت له فعل بعض ما يحرم عليه مما لا يخرج فاعله من الدين فقد نقص من عبوديته لربه وإيمانه به بقدر ما صُد عنه.


إن العبوديَّة للهِ مفهومٌ وجوديٌّ مغروسٌ في فطرةِ الإنسانِ، والذين يقولون بألسنتهم إنَّهم يريدون حياةً خاليةً من أيِّ قيدٍ، فإنَّهم في حقيقة أمرهم لا يستطيعون التحرر من أسر الطبيعة وقوانين الحياةِ القاهرةِ، وهذه القوانين في التصور الإيماني ليست سوى تجلياتِ قهرِ اللهِ وسلطانه، يقول الله عز وجل: ﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ [فصلت: 9 - 12].

 

تحقيق العبودية في حياتنا بالمداومة:

أيها المسلمون، العبودية الحقة لله تعالى تتجلَّى بالمداومة على العبادة بغض النظر عن قلتها وكثرتها؛ أخذًا من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي العمل أحبُّ إلى الله؟ قال: ((أدومُه وإن قَلَّ))؛ (رواه البخاري).

 

وتحقيق المداومة على العبادة يجلب للعبد ما يلي:

1- تحقيق محبة الله عز وجلَّ: جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن أحَبَّ الأعْمَالِ إلَى اللهِ مَا دُوْوِمَ عَلَيْهِ وَإنْ قَلَّ))؛ (مسلم).


2- حصول الأجر الكثير: من المعلوم أن الشيءَ القليل يكثر ويكبر بالانتظام والاستمرار، وهكذا المسلم في عبادته لربه يعظم ثوابه إن لازم واستمر عليها.

 

3- اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العبودية: كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملًا أثبته؛ جاء في الحديث الشريف عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((كان صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملًا أثبته))؛ (صحيح مسلم).


4- تحقيق التوازن والشمولية في العبودية: إن المداوم على العبادة على وجه الاقتصاد فيها يؤدي العبادة على وجه التوازن والشمولية، بحيث لا يطغى جانب على آخر؛ فهو يجمع بين العبادات الواجبات والمندوبات والأمور المباحة التي تعينه على الإقبال على الطاعة والاستمرار عليها؛ قال تعالى: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ [القصص: 77].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مقام العبودية في رحلة الإسراء
  • تعظيم الله وأثره في حياتنا (خطبة)
  • سنة المغالبة وفقهها (خطبة)
  • رمضان فرحة عامرة وتغيير مطلوب
  • رمضان موسم للخيرات

مختارات من الشبكة

  • القلب المستبشر (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقام الحديث الشريف عندك هو نتيجة مقام الرسول صلى الله عليه وسلم عندك، قطعا(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي)
  • مقامات القلب السعيد (5) مقام منابذة الاختلاط بين الجنسين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقام العبودية بين الإسراء والمعراج(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مقام الصيام في مدارج العبودية(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الصيام قد ينال به من المقامات أعلى من مقام الشهادة في سبيل الله(مقالة - ملفات خاصة)
  • مقامات القلب السعيد (6) مقام ضرورة لزوم الجماعة ونبذ الفرقة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقامات القلب السعيد (4) مقام منابذة شهادة الزور(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقامات القلب السعيد (3) مقام منابذة كثرة الحلف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقامات القلب السعيد (2) مقام منابذة الكذب (2)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/12/1446هـ - الساعة: 10:21
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب