• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    صفة الوضوء
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    التمييز بين «الرواية» و«النسخة» في «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    أسماء الله الحسنى من خلال الجزء (السابع والعشرون) ...
    أبو عامر محمد نور حكي السلفي
  •  
    شرح متن طالب الأصول: (1) معنى البسملة
    أبو الحسن هشام المحجوبي ويحيى بن زكرياء ...
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القريب، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    قبسات من علوم القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اتقوا الأرحام
    أ. د. زكريا محمد هيبة
  •  
    ورع وإخلاص طلاب علم الأمس... مشاعل تنير دروب ...
    نوال محمد سعيد حدور
  •  
    {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    إزالة الغفلة (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    اتقوا فتنة التبرج
    د. لحرش عبد السلام
  •  
    كثرة تلاوته صلى الله عليه وسلم القرآنَ على فراشه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عمى البصيرة يورد المهالك
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    شرح أحاديث الطهارة
    لطيفة بنت عبداللطيف
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

الابتداع في الدين: خطورته وأسبابه (خطبة)

الابتداع في الدين: خطورته وأسبابه (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/2/2025 ميلادي - 7/8/1446 هجري

الزيارات: 3274

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الابتداع في الدين: خطورته وأسبابه


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خُطُورَةَ الِابْتِدَاعِ فِي الدِّينِ تَتَّضِحُ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «مَا أَتَى عَلَى النَّاسِ عَامٌ إِلَّا أَحْدَثُوا فِيهِ بِدْعَةً، وَأَمَاتُوا فِيهِ سُنَّةً؛ حَتَّى تَحْيَا الْبِدَعُ، وَتَمُوتَ السُّنَنُ» رِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ – رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ. وَتَخْتَلِفُ أَسْبَابُ نُشُوءِ الْبِدَعِ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَبِاخْتِلَافِ أَصْنَافِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ.

 

عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ الِابْتِدَاعِ فِي الدِّينِ:

1- الْجَهْلُ بِالدِّينِ: وَلَهُ صُوَرٌ مُخْتَلِفَةٌ؛ كَالْجَهْلِ بِالنُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ، وَمَنْزِلَتِهَا فِي الدِّينِ، وَالْجَهْلِ بِدَلَالَاتِ الْأَلْفَاظِ، وَالْجَهْلِ بِمَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ، وَالْجَهْلِ بِقَوَاعِدِ الْعُلُومِ وَأُصُولِهَا؛ كَالْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ، وَالْعَامِّ وَالْخَاصِّ، وَالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، وَالْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ.

 

قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 33]، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَأَمَّا الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ؛ فَهُوَ أَشَدُّ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ تَحْرِيمًا، وَأَعْظَمُهَا إِثْمًا، وَهُوَ أَصْلُ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ، وَعَلَيْهِ أُسِّسَتِ الْبِدَعُ وَالضَّلَالَاتُ، فَكُلُّ بِدْعَةٍ مُضِلَّةٍ فِي الدِّينِ أَسَاسُهَا الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ).

 

وَلِهَذَا؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْتَزِعُ الْعِلْمَ مِنَ النَّاسِ انْتِزَاعًا، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعُلَمَاءَ فَيَرْفَعُ الْعِلْمَ مَعَهُمْ، وَيُبْقِي فِي النَّاسِ رُؤُوسًا جُهَّالًا يُفْتُونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (الْمُرَادُ بِقَبْضِ الْعِلْمِ لَيْسَ هُوَ مَحْوَهُ مِنْ صُدُورِ حُفَّاظِهِ؛ وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ: أَنَّهُ يَمُوتُ حَمَلَتُهُ، وَيَتَّخِذُ النَّاسُ جُهَّالًا يَحْكُمُونَ بِجَهَالَاتِهِمْ فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ، وَفِيهِ التَّحْذِيرُ مِنَ اتِّخَاذِ الْجُهَّالِ رُؤَسَاءَ).

 

2- اتِّبَاعُ الْهَوَى: لِأَنَّهُ يَصُدُّ النَّاسَ عَنِ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَالْهُدَى، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾ [الْكَهْفِ: 28]؛ أَيْ: صَارَ تَبَعًا لِهَوَاهُ، يَفْعَلُ مَا تَشْتَهِيهِ نَفْسُهُ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ هَلَاكُهُ وَخُسْرَانُهُ، فَهُوَ قَدِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ.

 

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾ [الْقَصَصِ: 50]، فَكُلُّ مَنْ لَمْ يَتَّبِعِ الشَّرْعَ فَقَدِ اتَّبَعَ هَوَاهُ.

 

وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 23]، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّمَا يَأْتَمِرُ بِهَوَاهُ؛ فَمَهْمَا رَآهُ حَسَنًا فَعَلَهُ، وَمَهْمَا رَآهُ قَبِيحًا تَرَكَهُ، وَهَذَا قَدْ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ بِالتَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيَّيْنِ).

 

وَلِهَذَا؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ تَجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الْأَهْوَاءُ؛ كَمَا يَتَجَارَى الْكَلَبُ لِصَاحِبِهِ، لَا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ، وَلَا مَفْصِلٌ؛ إِلَّا دَخَلَهُ» حَسَنٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. فَالْأَهْوَاءُ تَدْخُلُ وَتَجْرِي وَتَسْرِي فِي مَفَاصِلِهِمْ، وَالْمُرَادُ بِهَا – هُنَا – الْبِدَعُ، فَوَضَعَهَا مَوْضِعَهَا وَضْعًا لِلسَّبَبِ مَوْضِعَ الْمُسَبِّبِ؛ لِأَنَّ هَوَى الرَّجُلِ هُوَ الَّذِي يَحْمِلُهُ عَلَى إِبْدَاعِ الرَّأْيِ الْفَاسِدِ، أَوِ الْعَمَلِ بِهِ، وَذَكَرَ الْأَهْوَاءَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ؛ تَنْبِيهًا عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِ الْهَوَى، وَأَصْنَافِ الْبِدَعِ.

 

3- تَقْدِيمُ آرَاءِ الشُّيُوخِ وَالْأَكَابِرِ عَلَى النُّصُوصِ: نَرَى فِي زَمَانِنَا مَنْ قَدَّمُوا رَأْيَ شُيُوخِهِمْ، أَوْ جَمَاعَاتِهِمْ، أَوْ أَحْزَابِهِمْ، أَوْ قَبَائِلِهِمْ، أَوْ آبَائِهِمْ، أَوْ أَعْرَافِهِمْ، أَوْ أَنْظِمَتِهِمْ، أَوْ قَوَانِينِهِمْ عَلَى النُّصُوصِ الثَّابِتَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ! وَقَدْ حَذَّرَ الْقُرْآنُ مِنْ هَذَا السُّلُوكِ الْمَشِينِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 104]. ذَمَّهُمْ بِتَقْلِيدِهِمْ آبَاءَهُمْ، وَتَرْكِهِمُ اتِّبَاعَ الرُّسُلِ، وَهَذَا يُشْبِهُ فِعْلَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ الَّذِينَ يُقَلِّدُونَ كُبَرَاءَهُمْ، وَيَتْرُكُونَ اتِّبَاعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (لَا رَأْيَ لِأَحَدٍ مَعَ سُنَّةٍ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (لَيْسَ لِأَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلٌ إِذَا صَحَّ الْخَبَرُ عَنْهُ).

 

4- تَقْدِيمُ الْعَقْلِ عَلَى النَّقْلِ: أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّسْلِيمِ لِحُكْمِهِ، وَحُكْمِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مُطْلَقًا؛ وَلَيْسَ بِجَعْلِ الْعَقْلِ مَصْدَرًا لِلتَّشْرِيعِ، أَوْ تَقْدِيمِهِ عَلَى النُّصُوصِ، أَوْ بِجَعْلِهِ حَاكِمًا عَلَى النُّصُوصِ، أَوْ بِمُحَاكَمَةِ النُّصُوصِ إِلَى الْعُقُولِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِهَا؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 65]. وَالْعَقْلَانِيُّونَ بَالَغُوا فِي تَقْدِيسِ الْعُقُولِ وَقَدَّمُوهَا عَلَى النُّقُولِ، وَبَنَوْا لِأَنْفُسِهِمْ ضَلَالَاتٍ يُسَمُّونَهَا تَارَةً بِالْحَقَائِقِ وَالْيَقِينِيَّاتِ، وَتَارَةً بِالْمَصَالِحِ وَالْغَايَاتِ، وَفِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ يُسَمُّونَ النُّصُوصَ بِالظَّنِّيَّاتِ، فَيَعْرِضُونَهَا عَلَى تِلْكَ الضَّلَالَاتِ، فَمَا وَافَقَهَا قَبِلُوهُ، وَمَا عَارَضَهَا رَدُّوهُ؛ اعْتِمَادًا مِنْهُمْ عَلَى قَاعِدَةِ: الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ!

 

قَالَ الزُّهْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (مِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ، وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَلَاغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ "تَعْلِيقًا"، وَوَصَلَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي "النَّوَادِرِ"، وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي "الْأَدَبِ"، وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْعِزِّ الْحَنَفِيُّ – شَارِحًا قَوْلَ الطَّحَاوِيِّ: "وَلَا تَثْبُتُ قَدَمُ الْإِسْلَامِ إِلَّا عَلَى ظَهْرِ التَّسْلِيمِ وَالِاسْتِسْلَامِ"؛ (أَيْ: لَا يَثْبُتُ إِسْلَامُ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ لِنُصُوصِ الْوَحْيَيْنِ، وَيَنْقَادُ إِلَيْهَا، وَلَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهَا، وَلَا يُعَارِضُهَا بِرَأْيِهِ وَمَعْقُولِهِ وَقِيَاسِهِ).

 

5- التَّعَلُّقُ بِالشُّبُهَاتِ وَالضَّلَالَاتِ: مَعَ تَرْكِ الْمُحْكَمَاتِ، وَهَذَا هُوَ مَنْهَجُ الْمُبْتَدِعَةِ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَزَمَانٍ، أَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُمْ يَعْمَلُونَ بِالْمُحْكَمِ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَيُؤْمِنُونَ بِالْمُتَشَابِهِ، وَيَكِلُونَ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ إِلَى عَالِمِهِ، بِخِلَافِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الْمُتَشَابِهَ، وَيَتْرُكُونَ الْمُحْكَمَ.

 

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 7]. قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ؛ فَأُولَئِكِ: الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ، فَاحْذَرُوهُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. فَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَ الزَّيْغِ، فَأَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَذَرِ مِنْهُمْ، وَالتَّوَقِّي مِنْ شَرِّهِمْ وَضَلَالِهِمْ؛ بِعَدَمِ مُجَالَسَتِهِمْ وَمُؤَاكَلَتِهِمْ وَمُكَالَمَتِهِمْ.

 

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «سَيَأْتِي نَاسٌ يُجَادِلُونَكُمْ بِشُبُهَاتِ الْقُرْآنِ فَخُذُوهُمْ بِالسُّنَنِ؛ فَإِنَّ أَصْحَابَ السُّنَنِ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ»، وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: «لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْأَهْوَاءِ وَلَا تُجَادِلُوهُمْ؛ فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَغْمِسُوكُمْ فِي ضَلَالَتِهِمْ، أَوْ يَلْبِسُوا عَلَيْكُمْ مَا تَعْرِفُونَ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ..

 

وَمِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ الِابْتِدَاعِ فِي الدِّينِ:

6- مَجَالَسَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ: فَهَؤُلَاءِ يُزَيِّنُونَ لِجَلِيسِهِمْ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ بَاطِلٍ فَيَظُنُّهُ حَقًّا، وَرُبَّمَا شَارَكَهُمْ فِي بَاطِلِهِمْ وَبِدْعَتِهِمْ؛ مُجَامَلَةً لَهُمْ، أَوْ خَوْفًا مِنَ اسْتِهْزَائِهِمْ وَنَقْدِهِمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 68]، فَهَذَا التَّوْجِيهُ – كَمَا قَالَ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (يَشْمَلُ الْخَائِضِينَ بِالْبَاطِلِ، وَكُلَّ مُتَكَلِّمٍ بِمُحَرَّمٍ، أَوْ فَاعِلٍ لِمُحَرَّمٍ؛ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ الْجُلُوسُ وَالْحُضُورُ عِنْدَ حُضُورِ الْمُنْكَرِ، الَّذِي لَا يُقْدَرُ عَلَى إِزَالَتِهِ).

 

قَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ: (كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ: "لَا تُجَالِسُوا صَبِيغًا" فَلَوْ جَاءَ وَنَحْنُ مِائَةٌ لَتَفَرَّقْنَا عَنْهُ)، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (لَا تُجَالِسْ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ؛ فَإِنَّ مُجَالَسَتَهُمْ مُمْرِضَةٌ لِلْقُلُوبِ)، وَهَذَا يَعُمُّ الْمُجَالَسَةَ الْمُبَاشَرَةَ، أَوْ عَبْرَ الشَّبَكَةِ الْعَنْكَبُوتِيَّةِ.

 

7- الِاسْتِمْسَاكُ بِالنُّصُوصِ الْمَوْضُوعَةِ وَالضَّعِيفَةِ: وَهَذَا هُوَ دَأْبُ أَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ اعْتَمَدُوا عَلَى الْأَحَادِيثِ الْوَاهِيَةِ الْمَكْذُوبَةِ فِي تَسْوِيقِ وَتَرْوِيجِ مَذَاهِبِهِمُ الْبَاطِلَةِ، وَفِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ يَرُدُّونَ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الثَّابِتَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّهَا تُخَالِفُ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْبِدَعِ وَالضَّلَالَاتِ!

 

8- الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ: وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ انْتِشَارِ الشِّرْكِ، وَالْبِدَعِ، وَالْأَهْوَاءِ، وَالضَّلَالَاتِ. وَتَتَنَوَّعُ مَظَاهِرُ الْغُلُوِّ؛ فَقَدْ يَكُونُ غُلُوًّا فِي الْأَنْبِيَاءِ؛ كَالتَّوَسُّلِ غَيْرِ الْمَشْرُوعِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوِ ادِّعَاءِ رُؤْيَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقَظَةً. وَقَدْ يَكُونُ الْغُلُوُّ فِي الْأَشْخَاصِ؛ كَتَقْدِيسِ الْأَئِمَّةِ وَالْأَوْلِيَاءِ، وَرَفْعِهِمْ فَوْقَ مَنْزِلَتِهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ يَصِلُ إِلَى عِبَادَتِهِمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَدْ يَكُونُ الْغُلُوُّ بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَا شَرَعَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ؛ كَمَا فِي قِصَّةِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تَقَالُّوا عِبَادَةَ النَّبِيِّ؛ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلَهُمْ؛ قَائِلًا: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؛ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الابتداع في الدين
  • خطبة عن الابتداع في الدين مع الإشارة لبدعة الاحتفال بالمولد
  • الابتداع في الدين
  • ذم الابتداع في الدين
  • والله الغني وأنتم الفقراء (خطبة)
  • أخلاق يحبها الله تعالى (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • إزالة الغفلة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العدل ضمان والخير أمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الورد والآس من مناقب ابن عباس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • على ضفاف عاشوراء {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: يكفي إهمالا يا أبي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/1/1447هـ - الساعة: 14:34
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب