• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / في الفتن وأشراط الساعة
علامة باركود

سلسلة خطب الدار الآخرة (10): قيام الساعة وأهوالها

سلسلة خطب الدار الآخرة (10) قيام الساعة وأهوالها
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/12/2021 ميلادي - 25/5/1443 هجري

الزيارات: 16573

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة خطب الدار الآخرة (10) قيام الساعة وأهوالها


الْحَمْدُ للهِ الْقَوِي الْقَهارِ، العَزِيزِ الْجَبارِ، من اسْتَهدَاهُ هَداهُ، ومَنِ اتقَاهُ وَقَاهُ، وَمَنْ أَطَاعَهُ أَنْجَاهُ، وَمَنْ تَوَكلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ، وَمَنْ سَأَلَهُ أَعْطَاهُ، ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل :18]، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ يُقِيلُ العَثَراتِ، وَيُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، وَيُكَفِّرُ السيئاتِ، وَيَرْفَعُ الدَّرَجَاتِ، وَهُوَ الغَنِيُّ الكَرِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، أجملُ النَّاس خَلْقًا، وأحسنُهم خُلُقًا، وأعزُّهم نسبًا، وأعرقُهم حسَبًا، وأَزْكَاهم نَفْسًا، وَأَكْرَمُهُمْ طَبْعًا، وأعظمهم رحمةً وأوسعُـهم حُلمًا، وأقومُهم بحقِّ ربهِ، وأزهدُهم في الدنيا، فصلواتُ اللهُ وسلامهُ عليهِ، وعلى آله الطيبين، وأصحابهِ الغرِّ الميامين، والتابعينَ ومن تبعهم، أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واستمسكوا بكتاب ربكم، وتدبَّروا آياته؛ لتصيبوا من بركاته، وتنتفعوا بعظاته، وتهتدوا بهداياته، وتكونوا من أهل القرآن، الذين هم أهل الله وخاصته: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82].

 

معاشر المؤمنين الكرام، هذه هي الحلقة العاشرة من سلسلة دروس الدار الآخرة، وكنا قد تحدثنا في الحلقات الماضية عن أشراط الساعة وعلامات قُربها، وفي هذا اليوم سنتحدث بإذن الله عن قيام الساعة؛ يقول الحقُّ جل وعلا في مطلع سورة الحج: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1، 2]، ويقول جلَّ وعلا: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾ [الزلزلة: 1- 5]، ويقول عزَّ وجلَّ: ﴿ الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ﴾ [القارعة: 1 - 5].

 

قيامُ الساعةِ يا عباد الله هو إعلانٌ شاملٌ لإنهاء الحياة في الكون كله، وموتٌ لجميع الخلائق، وبدءِ مرحلةٍ جديدة، فحينَ يأمرُ اللهُ جل وعلا إسرافيلَ عليه السلام بالنفخ في الصور، فقد أَذِنَ الله بقيام الساعة، ويا لها من لحظةٍ ما أروعها، إنها بداية نهاية الدنيا، فـ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾..

 

والصور في لغة العرب هو القرن أو البوق الذي يُنفخ فيه؛ جاء في حديث صحيح: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما الصور؟ قال: "الصور قرنٌ يُنفخ فيه"؛ قال تعالى: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ﴾ [الزمر: 68]، فالصور بوقٌ عظيمٌ مكلفٌ به ملك كريمٌ من الملائكة العظام المقربين، وهو إسرافيل عليه السلام، جاء في الحديث الصحيح، قال عليه الصلاة والسلام: "أذن لي أن أتحدَّث عن ملكٍ من ملائكة الله تعالى، من حملة العرش، إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام"، وقد جاء في الأثر أن سِعةَ دائرةِ البوقِ سِعةَ السماواتِ والأرض، وهذا وإن لم يثبت بحديثٍ صحيح، فإنَّ لك أن تتخيل حجمَ البوقٍ الذي يتناسبُ مع حجم ذلك الملَكِ الضخم، والذي إذا نُفخَ فيه صعِقَ ومات كُل من في السماوات والأرض إلا من شاء الله، وفي الحديث الصحيح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنعم وقد التَقم صاحب القرن القرنَ، وحنَى جبهته، وأصغى سمعَه، ينتظر أن يؤمَر أن ينفخ، فينفخ"، صحَّحه الألباني، والنفخ في الصور كما جاء في الآية مرتين، الأولى تسمى نفخة الصعق، والثانية تسمى نفخة البعث، وسنتحدث عنها في حلقة قادمة بإذن الله.

 

فقيام الساعة هو بداية الأهوال، والهلع الشديد، والروع المذهل الذي تشيب له الولدان، وتضعُ كلُّ حاملٍ حملها، وتذهل كُل مرضعةٍ عن وليدها، وتبلغُ القلوب الحناجر، وترى الناسَ من شدة الفزع يتخبطون ويتمايلون، لا تستقيم مشيتهم، ولا تحمِلهم أرجلهم، يركضون فيقعون، ولا يدرون إلى أين يذهبون، يتخبطون تخبُّط السكارى، وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ، تأمل: ﴿ مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [يس: 49، 50]، فالساعة ستقوم على أولئك الأشرار، وهم في معمعة الحياة وخِصامها، وأثناء تعاملاتهم العادية، وفجأة تتوقف الحياة، وتتسمر الأجساد، فلا يستطيعون بعدها أن يفعلوا شيئًا؛ جاء في الحديث الصحيح: "ولتقومن الساعة وقد نشرَ الرجلان ثوبهما بينهما، فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لُقحتهِ فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وهو يلوط حوضه، فلا يَسقي منه، ولتقومنَّ الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها".

 

إنه أمرٌ يفوق الخيال والتصور؛ قال تعالى عنها: ﴿ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ﴾ [القمر: 46]، ففي أولِ الأمرِ سترجُفُ الأرضُ كلها رجفًا شديدًا، وكأنها بدايةُ زلزالٍ مهول، ثم تُرَجُّ رجًا عنيفًا حتى يزولَ كلُّ ما عليها من معالم وبيوتٍ ومنشآت، ولا يبقى إلا الجبال الراسيات، ثم تُدكُّ الأرضُ دكًّا متتابعًا، ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ﴾ [الفجر: 21]، فتتشقق وتتباعد أجزائها عن بعضها، ويُصبحُ بينها أخاديدَ عظيمة، ثم تُحملُ هي والجبالُ فتدكُّ دكَّةً واحدةً عظيمة، وهي أعظمُ الهولِ وأشدُّهُ، كمن يرفعُ شيئًا ثم يرمي به بقوةٍ، ليتحولُ بعدها إلى فُتاتٍ مُتناثر، تأمَّل: ﴿ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ﴾ [الحاقة: 14]، وتأمَّل أيضًا: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾، ويقول جل وعلا: ﴿ الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ﴾، ويقول تعالى: ﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ * إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا ﴾، آياتٌ عظيمةٌ ينبغي أن يتأملها المؤمنُ طويلًا، فالأرضُ تزلزلُ زلزالًا عنيفًا، وتُخرجُ ما في جوفِها من الحِمم والبراكين، وتقذِفُ بالنيران والمعادن الملتهبة، لمسافاتٍ بعيدة، ثم تعودُ لتغطي الأرض كلها بلهيبها السائل في منظرٍ يخلعُ القلوب، حتى يتساءل الناسُ حينها: ما لها؟ ما الذي جرى لها؟ حتى إنَّ الجبال العظيمة الجامدة الصَّلدة التي جعلها الله رواسيَ وأوتادًا، كلها تتحولُ إلى سرابٍ وهباءٍ منثور، وعهنٍ منفوشٍ كالقطن، وكثيبٍ مهيلٍ كالرمل، وقاعًا صفصفًا مُتساويًا، بلا قنابل ولا متفجرات، ولا آلات ولا طائرات، وإنما بأمر ربها الذي أوحى لها: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ﴾ [طه: 105 - 107]، ويقول سبحانه في سورة الواقعة: ﴿ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا ﴾، ويقول تبارك وتعالى: ﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا ﴾ [المزمل: 14]، ويقول جل وعلا: ﴿ وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا ﴾ [النبأ: 20]، ويقول في سورة القارعة: ﴿ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ﴾، آياتٌ كثيرةٌ تدل على أنَّ أمرًا عظيمًا سيحدثُ لهذه الجبال الضخمة، والرواسي الشامخة، فيحولها إلى سرابٍ وهباءٍ وعهنٍ منفوشٍ، وكثيبٍ مهيل، وقاعًا صفصفًا، لا ترى فيه عوجًا ولا أمتًا، وليست البحار بأقلَ حظًّا من الجبال، فعند قيام الساعة ستتحولُ جميع البحارُ بكلِّ ما فيها إلى دمارٍ وخرابٍ مروع، وخنادق هائلةٍ من النار الملتهبة، تُسعَّرُ وتُسجَّر، وتشتعِلُ فيها النيران اشتعالًا، فتبدو معها الأرض كُلها وكأنها كُرةٌ من النار المشتعلة؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ [التكوير: 6]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ﴾ [الانفطار: 3]، وقال تعالى: ﴿ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ﴾ [الطور: 6].

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ﴾ [الزمر: 67].

 

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله كثيرًا، والصلاة والسلام على المبعوث بالحق، أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا...

 

معاشر المؤمنين الكرام، قيامُ الساعةِ لا يختصُّ بالأرض وحدها، بل يشملُ الكونَ كله، بكل ضخامتهِ الهائلة، واتساعهِ المذهل، وبكلِّ ما فيهِ من أفلاكٍ ومجرات، ونجومٍ وكواكب، وما الأرضُ بكلِّ ما عليها إلا نقطةٌ صغيرةٌ بين مليارات المجرات، ولكي نتصور شيئًا من ضخامة هذا الكون الهائل، فإن هذه الشمس التي نرها بوضوح، تبعد عنا قرابة الـ 150 مليون كم، بمعنى أنه لو أراد أحدٌ أن يقطعَ هذا المسافةَ بالطائرةِ مثلًا، فسيحتاج إلى طيرانٍ مستمرٍ لمدةِ 15 عامًا، فكيف بما هو أبعد من النجوم البعيدة، إنها مسافات هائلة سحيقة يصعب تصوُّرُها، تأمل ماذا يقول الله تعالى عن هذه السماوات العظيمة، قال تعالى: ﴿ وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا * وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا ﴾ [النبأ: 12، 13]، وقال تعالى: ﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ﴾ [ق: 6]، وقال جل وعلا: ﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ﴾ [الذاريات: 7]، وقال سبحانه وبحمده: ﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 32]، وقال تبارك وتعالى: ﴿ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ﴾ [الملك: 3]، وقال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ﴾ [الحجر: 16]، وقال سبحانه: ﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [غافر: 57]، فهذه السماوات العظيمة رغم نظامها المحبوك المتماسك، ورغم بنائها الشديد المحكم، ورغم اتساعها الهائل الفسيح، وبكل ما فيها من مجراتٍ ونجومٍ وكواكب لا تُعد ولا تُحصى، فإنها إذا قامت الساعة تصبحُ ضعيفةَ واهية، متشققة متداعية، تتفتح أبوابها، وتنفرج أطرافها، وتتفطر أجزاؤها، وتتناثر أجرامها، وتنكسف أقمارها، وتنكدر نجومها، وينطمِس ضوؤها، وتُكشط طبقاتها، فتمور السماء مورًا، وتطوى كطي السجل للكتب طيًّا؛ يقول الحق جل وعلا: ﴿ يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ﴾ [الطور: 9]، ويقول تعالى: ﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ﴾ [الرحمن: 37]، ويقول سبحانه: ﴿ وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 16]، ويقول تعالى: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ ﴾ [الانفطار: 1، 2]، ويقول سبحانه: ﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ [الأنبياء: 104].

 

فكل شيء يا عباد الله ينصاعُ لأمر الجبار جل وعلا، الكون كله وبكل ما فيه من أصغر ذرة وإلى أكبر مجرة ينصاع لإرادة خالقة تبارك وتعالى، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ * وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجاثية: 27، 28].

 

ويا بن آدم عش ما شئت فإنك ميِّت، وأحبِب مَن شئت فإنك مفارقُه، واعمَل ما شئت فإنك مَجزي به، البر لا يَبلى والذنب لا يُنسى، والديان لا يموت، وكما تدين تُدان، اللهم صلِّ.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سلسلة خطب الدار الآخرة (5): الأشراط التي لم تظهر بعد
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (6): الأشراط شبه الكبرى
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (7): أول ثلاث آيات من الأشراط الكبرى
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (8): بقية الآيات الكبرى
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (9): آخر الآيات الكبرى
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (11): البعث والنشور
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (12): أحوال الناس في العرصات
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (13): الحوض المورود
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (14): الشفاعة العظمى
  • اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة (الجزء الأول) (خطبة)
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (15): العرض العام على الله
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (17) الحساب الفردي
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (18) الميزان واستلام الصحف
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (19) العبور على الصراط والشفاعات

مختارات من الشبكة

  • دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الإيمان باليوم الآخر (وقت الساعة – أشراط الساعة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأربعون في أشراط الساعة بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى.." أحاديث الساعة مع شرح يسير لمعانيها وغريب ألفاظها (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (20) النار وأهوالها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ساعة وساعة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أشراط الساعة: كثرة الزلازل(مقالة - ملفات خاصة)
  • شرح حديث: يا حنظلة ساعة وساعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استثمر ساعتك قبل أن تقوم ساعتك(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • استثمر ساعتك قبل أن تقوم ساعتك(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب