• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المنة ببلوع عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    أهمية التعلم وفضل طلب العلم
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    حديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    حقوق المسنين (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة النصر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    المرأة في الإسلام: حقوقها ودورها في بناء المجتمع
    محمد أبو عطية
  •  
    مفهوم الفضيلة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (7)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    خطبة أحداث الحياة
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    {هماز مشاء بنميم}
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الإيمان بالقرآن أصل من أصول الإيمان
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أسباب اختلاف نسخ «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الإيمان بالقدر
علامة باركود

الرضا بقضاء الله وقدره (خطبة)

الرضا بقضاء الله وقدره (خطبة)
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/4/2019 ميلادي - 27/7/1440 هجري

الزيارات: 158295

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الرِّضا بقضاءِ الله وقَدَره

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

قَالَ سبحانه وتَعَالَى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

 

وقال سبحانه: ﴿ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19].

 

وَقَالَ سبحانه وتَعَالَى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155- 157].

 

هذا هو المؤمن حقًّا، يؤمن بآيات الله، وبكتاب الله، وبما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي يعلمنا ويرشدُنا في هذه الآيات ونحوِها من الأحاديث؛ أن نرضى بقضاء الله وقدره، أن نرضى بما كتب الله سبحانه وتعالى، وبما قسم، إن كان خيرًا فنشكر، وإن كان كتب علينا من شرٍّ فلنصبر، وهذه هي حياة المؤمن الذي يؤمن بالله والملائكة والرسل والكتب، واليوم الآخر، والقدر؛ خيره وشره، حلوه ومُرِّه من الله سبحانه وتعالى، فالمؤمن راضٍ بقضاء الله وقدره، في السراء والضراء وفي النعماء وفي المصائب، وهذا من العجائب، فلا تجد هذا الأمر وهذا الرضا وهذا الشكر، وهذا الصبر عند غير المؤمنين، هذا فقط للمؤمن، وهذا عجب في هذا المخلوق؛ إنسان يكون بهذه الصفة! حاله بين الشكر والصبر! فقد ثبت عَنْ صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ)، (إِنَّ اللهَ لَا يَقْضِي لَهُ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ)، (وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ) (حَمِدَ رَبَّهُ وَشَكَرَ)، (فَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ)، (وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ، حَمِدَ رَبَّهُ وَصَبَرَ)، (فَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ)، (الْمُؤْمِنُ يُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى فِي اللُّقْمَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِهِ"). رواه مسلم: (2999).

 

المؤمن يعلم أنّ الله عزّ وجلّ إذا قدّر بلاءً ومصيبةً، قدّر مرضاً أو قدر حادثة معينة، من الطبيعيّ أن يكرهها المؤمنُ لكنه يرضى بها، وإن كان لا يحبها يستسلم لأمر الله، فالإنسان يستسلم لأمر الله في مرضه، وإن كان لا يحبّ المرض، يستسلمُ لأمر الله في خسارته في تجارته، وإن كان لا يحب الخسارة، فحبًّ الشيء أمر، والرضا به أمر آخر.

 

لذلك هذا المؤمن يعلم ما لهذا البلاء ولتلك المصيبة من أجر عظيم، ومن ثواب جسيم، فقد ثبت عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ، مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْط") رواه الترمذي: (2396).

 

هذا هو الحال، حال المؤمن يتقلب في الرضا، المؤمن بينه وبين الغيب حجابٌ شفّاف قد يرى ما وراء ذلك، فإذا جاءه القدر، وجاءته المصيبة، أو جاءه الخير، أو جاءته النعماء والسراء، أو جاءته الضراء عنده سيان؛ لأنه يعلم أن هذا مكتوبٌ عليه، ومقدَّر عليه؛ لأن هذا من الإيمان بالغيب، الإيمان بالركن السادس، الإيمان بالقدر خيرِه وشره.

 

لذلك؛ هذا المؤمن ينكشف له الغطاء فيقع عليه هذا الأمر الذي يكرهه، ولأنه يعلم أنه مكتوبٌ ومقدّرٌ فيصبر، أو هو خيرٌ فيشكر، هذه هي حال المؤمن.

 

لذلك؛ أكثر الناس وأشدُّهم إيماناً أشدُّهم ابتلاء، إنهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ("الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الصَّالِحُونَ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ؛ فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلابَةٌ، زِيدَ فِي بَلَائِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ، خُفِّفَ عَنْهُ، وَمَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ، حَتَّى يَمْشِي عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ"). رواه ابن ماجة: (4023)، فالأنبياء أشد ابتلاء.

 

ولو نظرنا إلى نبيّ الله أيوب عليه السلام؛ لقد مكث ابتلاؤه بضعةَ عشر عاماً، أكثر من سبعة عشر عاماً وهو في البلاء، البلاء في أهله، في أولاده، في ماله، وأخيراً في صحته وجسمه وبقي لسانه، فهو يشكر الله، ويحمد الله ويصبر على ما ابتلاه، وبعد انتهاء الامتحان الذي دام بضعة عشر عاماً رجعت إليه صحته، ورجع إليه أهلُه ومثلُهم معهم، وأصلح الله له زوجه، لا تأتي النتائج أثناءَ الامتحان، نتيجتُك لا تأخذها أثناء الامتحان، وإنما بعد انتهاء الامتحان، كيف أنت؟ كيف إيمانك يا عبد الله؟ كيف صبرك وشكرك؟


لذلك؛ بعض الصحابة يسأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال، والأعمال فيها الصعبُ، وفيها الشدة، وفيها السهولة واليسر، فيسأله عن أفضلها وأهونها، أفضل الأعمال وأيسر الأعمال، وهذا ما ورد عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: (بَيْنَا أَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟) قَالَ: ("الْإِيمَانُ بِاللهِ، وَتَصْدِيقٌ بِهِ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَحَجٌّ مَبْرُورٌ")، قَالَ: (أُرِيدُ أَهْوَنَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ!) -أسهل أيسر-، قَالَ: ("أَهْوَنُ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَلِينُ الْكَلَامِ، وَالسَّمَاحَةُ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ")، قَالَ: (أُرِيدُ أَهْوَنَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ!) قَالَ: ("أَهْوَنُ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ؛ أَنْ لَا تَتَّهِمِ اللهَ فِي شَيْءٍ قَضَاهُ عَلَيْكَ"). رواه أحمد (22769)، فقد يقعُ الإنسان في مصيبة، ويقول: (أنا ماذا فعلت؟ ها أنا ذا أصلي وأصوم، وأفعل الخيرات...)، ويمنّ على الله بأعماله، هذا اتهام لله عز وجل، إذا تضجرت من المصيبة، وتأففت منها، ولم تشكر أو لم تصبر، أو لم تذكر فأنت تتهمُ الله، فأهون الأعمال ما نجحت فيها.

 

لذلك قال: "أهون عليك من ذلك ألا تتهمَ الله في شيء قضاه عليك"، فعليك أن تَرضَى بما قسم الله، إذا رضيت بما قسم الله لك، بارك الله لك فيما أعطاك؛ صحةً أو مالاً أو ولداً أو جاهاً، يبارك لك فيه، وإن كان قليلاً، إن رضيت به، وإن لم ترضَ وسخطت، فما يكون الجزاء الساخط على قدر الله إلا السخط! عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَبْتَلِي عَبْدَهُ بِمَا أَعْطَاه، فَمَنْ رَضِيَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَهُ، بَارَكَ اللهُ لَهُ فِيهِ وَوَسَّعَهُ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ، لَمْ يُبَارِكْ لَهُ" رواه أحمد (20279).

 

والمؤمن في العطاء وفي المنح الربانية، وفي الغنى والثراء والجمال، وقوة الجسم وكثرة الأولاد، المؤمن ينظر إلى مَن هو أسفل منه، في هذه الحالة لا ينظر إلى من هو أعلى منه؛ لأنه يريد أن يرضى بقضاء الله وقدره، فلو نظر إلى ما عند الناس؛ أنهم أغنى منه، وأكثر منه أولاداً، وعاش في ضنك وحسرة، وعاش في اتهام لقضاء الله وقدره، ومن نظر إلى من هو أسفل منه فهو في راحة، فيقول: (أنا أحسن من غيري)، ويفرح بذلك، دليل ذلك ما ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَلْقِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ"). رواه البخاري (6125).

 

يعني بعض الناس أكثر منه مالاً وجمالاً، وخلقاً وصحة، وأولاداً ودنيا، إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه، لذلك عندما تنظر إلى هذه الأمور انظر لها بالسواء، فلو أخذت منك فهذا قدر الله، صحيح أن الإنسان يحزن، يعتريه شيء من الكآبة وعدم المحبة لهذا الفعل الذي حدث له، لكن يرضى بذلك، فالأمر عنده سيان.

 

فلو ذهب أحدنا في آخر الشهر إلى الصراف، أو إلى المصرف، ولم يجد شيئا له، فليرض بقضاء الله وقدره؛ لأن هذا مكتوب في القدر، وإن كان يحزن؛ فحزنه يذهبه رضاه بقضاء الله وقدره.

 

وإن ذهب أحدهم في غير موعد الرواتب، فوجد أنه جاءته في غير قبض الرواتب وما شابه ذلك، جاءته الرسالة بأموال -ما شاء الله- لم يكن يتوقعها، يفرح لكن لا يفرح كثيرا؛ لأن هذا مكتوب له، فلذلك لماذا لا يكون هذا مثل هذا يا عبد الله؟ فكله من قضاء الله وقدره.

 

توبوا إلى الله واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

والرضا بالقضاء والقدر لا يمنع من الدعاء، والشرع أيضاً لا يحث على طلب المصائب أن تقع عليك، يدعو على نفسه الإنسان بمصائب حتى يأخذ الرضا، ويأخذ كذا، لا يا عبد الله، إن جاءتك مصيبة فاصبر، وارضَ بقضاء الله، وادع الله أن يرفعها عنك، هذا لا يخالف الرضا، لذلك الرضا بالقضاء والقدر لا يمنع من الدعاء بصرف وإبعاد الأمراض، والمصائبِ والمكروهات، فعَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ"). رواه الترمذي: (2139).

 

لا يرد القضاء إلا الدعاء؛ لأن القضاء نوعان؛ قضاء مبرم محكم لا محالة، هذا نازل، وقضاء آخر قضاء معلق هذا يرجع.

 

إذن هناك قضاء يرجع، اسمه معلق أو قضاء معلق، والدعاء قال العلماء عنه -... قِيلَ: الدُّعَاءُ كَالتُّرْسِ، -الذي يقي به الإنسان نفسه من السهام كالترس،- وَالْبَلَاءُ كَالسَّهْمِ، وَالْقَضَاءُ أَمْرٌ مُبْهَمٌ مُقَدَّرٌ فِي الْأَزَلِ. -إن شاء الله أمضى السهم فاخترق الترس إذا شاء الله، هذا قضاء مبرم محكم، وإذا شاء الله ارتد السهم عن الترس فرجع، وهذا قضاء معلق. و(الْبِرُّ): الْإِحْسَانُ وَالطَّاعَةُ،... وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَضَاءَ الْمُعَلَّقَ يَتَغَيَّرُ، وَأَمَّا الْقَضَاءُ -المحكم- الْمُبْرَمُ، فَلَا يُبَدَّلُ وَلَا يُغَيَّرُ. تحفة الأحوذي (5/ 427).

 

لذلك؛ أكثروا من الدعاء، فالدعاء عبادة، وستتحقق وسيستجاب هذا الدعاء بإحدى الطرق التي يعلمها الله؛ إمّا استجابة مباشرة، وإما تُدفَع عنه مصيبة، وإما تؤجل إلى يوم القيامة، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("الدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ، وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، فَعَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ عِبَادَ اللهِ"). رواه الترمذي: (3548).

 

-(الدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ)، -من البلاء والمصائب التي نزلت، ووقعت على الإنسان ودعا كيف تنفعه؟ المصيبة وقعت قال:- أَيْ: يَنْفَعُ مِنْ بَلَاءٍ نَزَلَ بِالرَّفْعِ إِنْ كَانَ مُعَلَّقًا -يرجع-، وَبِالصَّبْرِ إِنْ كَانَ مُحْكَمًا، فَيَسْهُلُ عَلَيْهِ تَحَمُّلُ مَا نَزَلَ بِهِ، -الله يسهل عليه حمل هذه المصيبة التي نزلت، وهذا القضاء النافذ المبرم، الله يعطيه تحملا- فَيُصَبِّرُهُ عَلَيْهِ، أَوْ يُرَضِّيهِ بِهِ، حَتَّى لَا يَكُونَ فِي نُزُولِهِ مُتَمَنِّيًا خِلَافَ مَا كَانَ، بَلْ -بعض العباد- يَتَلَذَّذُ بِالْبَلَاءِ كَمَا يَتَلَذَّذُ أَهْلُ الدُّنْيَا بِالنَّعْمَاءِ.

 

من أي شيء جاءهم التلذذ؟ وجدوه من قوةٍ أعطاهم الله إياها، في الصبر والدعاء.

 

• (وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ)، أَيْ: بِأَنْ يَصْرِفَهُ عَنْهُ، -هذا ما نزل، قضاء نزل في الطريق قابل الدعاء فنفعه الدعاء فلم ينزل-، وَيَدْفَعَهُ مِنْهُ، أَوْ يَمُدَّهُ قَبْلَ النُّزُولِ بِتَأيِيدٍ يَخِفُّ مَعَهُ أَعْبَاءُ ذَلِكَ إِذَا نَزَلَ بِهِ. تحفة الأحوذي (8/ 445).

 

فيا عبد الله؛ اتقِ الله في هذا الركن من أركان الإيمان، الإيمان بالقدر خيرِه وشره، ارضَ وإن لم تُحِبّ، فالمحبَّة شيءٌ والرضا شيءٌ آخر، الرضا الاستسلام لهذا الأمر الذي جاء من الله عز وجل.

 

وهذا كلّه مما علمنا إياه ربُّنا في كتابه، وعلّمنا إياه النبي صلى الله عليه وسلم في سنته، فاللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

 

اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ؛ أَحْيِنا مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لنا، وَتَوَفَّنا إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لنا، اللَّهُمَّ وَنَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَنَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَنسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَنَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَنَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَنَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَنَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ؛ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ، اللهم وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ.

 

وأقم الصلاة؛ ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أهل الرضا
  • الرضا بقضاء الله وقدره
  • الرضا
  • الرضا في حياة المسلم
  • الرضا بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا (خطبة)
  • عموم الرضا بالزمان والمكان واللون والجنس والنسب والزوج والولد والرزق وسائر أحوال الدنيا (خطبة)
  • الرضا بقضاء الله (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الرضا بقضاء الله ( ملف صوتي )(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الرضا بالقضاء والقدر(استشارة - الاستشارات)
  • من أقوال السلف في الرضا بالقضاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القناعة والرضا مفتاح السعادة الحقيقية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أخطاء في فهم الرضا بالله تعالى أو تطبيقه (1) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن الرضا بالقدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة في الرضا بالقدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جنة الرضا والتسليم لما قدر الله وقضى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الرضا بالقدر أجمل اختيار في الحياة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الرضا بالقدر(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن حماد آل عمر)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب