• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد
علامة باركود

إنه الحق (1) خطبة

عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/8/2017 ميلادي - 20/11/1438 هجري

الزيارات: 48116

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إنه الحق [1]


الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وأرسل إلينا خير الأنام، وأنزل عليه خير الكلام، هُدى للناس ونوراً مبيناً يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه، ويهديهم إلى صراط مستقيم.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين وصحابته الأكرمين.

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أيها المسلمون، لقد عاش الناس قبل شروق شمس الرسالة المحمدية - فترة من الزمن - في دياجي حالكة، وسلكوا مسالك للحق غيرَ سالكة، عبدوا الشجر والحجر، والصنم والبشر، والنجوم والنار والهوى، فمقتهم الله جميعاً عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب الباقين على الحق، ومع هذا الانحدار الروحي كانوا يعيشون حياة سياسية ذليلة مضطربة، وحياة اقتصادية منهارة، وحياة اجتماعية متفككة.

 

حتى أذِن الله ببزوغ الحق من غار حراء فبعث الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة، مِنَّة عظيمة، وعطية كريمة من المنان الكريم، قال تعالى: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164].

 

أرسل الله تعالى محمداً عليه الصلاة والسلام بدين الإسلام لينقذ البشرية من دياجير الخرافة إلى نور الحقيقة، ومن ضيق الذل إلى سعة العز، ومن أوحال الخطيئة إلى سماء الفضيلة، ومن ذيول التبعية، إلى هام القيادة، ومن ظلام الجهل إلى صفاء المعرفة والعلم.

عند ذلك أصبح الإنسان يعرف معبوده الحق سبحانه وتعالى، ويعرف نفسه، ويدري كيف يعيش، ولماذا يعيش، وإلى أين يصير.

بعد أن كان حاله كما قال ذلك التائه في متاهات ضلاله:

جئتُ لا أعلم من أين ولكني أتيتُ
ولقد أبصرتُ قدامي طريقاً فمشيت
وسأبقى ماشياً إن شئتُ هذا أم أبيت
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟

 

لستُ أدري؟

أجديدٌ أم قديم أنا في هذا الوجود

هل أنا حرٌّ طليق أم أسيرٌ في القيود

هل أنا قائدُ نفسي في حياتي أم مقود

أتمنى أنني أدري ولكنْ...

لست أدري

ولماذا لست أدري؟

لست أدري!

 

أيها المسلمون، إن هذا الدين نعمةُ الله العظمى على عباده الذي ارتضاه لهم وأكمله وأتمه فقال: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

فهو دين كامل لحياة كاملة، يلبي جميع حاجات البشرية الروحية والمادية، ويصلح حياة الناس الدينية والدنيوية، وينظم شؤون الدولة والمجتمع، فنُظُم الحياة التعبدية والسياسية والاقتصادية والقضائية والعسكرية والاجتماعية وغيرها تضمنها وضبطها ونظمها بنظام دقيق، فليس هناك دين يشجع على المعرفة النافعة و يوائم بين العقل والعلم إلا الإسلام، والاكتشافات الطبية والعلمية برهان على هذا، ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50].

 

وهو دين يتسم بالديمومة والبقاء والاستمرار والنماء، لا يغيره تغير الزمان والمكان والأجيال والأحداث؛ لأنه التشريع الذي كتب الله له الأبدية إلى قيام الساعة، وأبّده العليم القدير، الحكيم الخبير.

﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42].

 

وهو دين سهل ميسر لا حرج فيه ولا مشقة ولا آصار فيه ولا أغلال، ولا تضييق ولا إكراه، قال تعالى: ﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78].

 

وهو وسط بين الإفراط والتفريط، يعطي الروح حظها كما يعطي البدن حقه، وإذا اهتم بالجماعة فإنه لم ينس الفرد، فأعطى كل ذي حق حقه، فصارت الأمة به أمةَ الوسط بين الأمم، كما صار هو الوسط بين الأديان. قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143].

 

وهو دين السلام والأمن العام، ونشر السكينة والاستقرار، وإزالة الخوف والاضطراب، والفساد والظلم؛ فلذلك جاء ليحافظ على الضروريات الخمس التي فيها أعلى مصالح البشرية، وبانتهاكها ذهاب الحياة كلها، وهي: الدين والنفس والمال والعرض والعقل.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) [2].

وبعد حفاظه على الضروريات وسّع عليهم في الحاجيات التي هي مشهد من مشاهد اليسر والسعة كالرخص في السفر وغير ذلك.

 

وحقّق لهم بعد هذا تمامَ النعمة بإباحة الأمور التحسينية المشروعة والتي بها صلاح الحياة السعيدة، والاستمتاع بفضل الله على عباده، قال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 32].

 

والمتتبع يجد أن ما حرم الله على عباده - مما لهم فيه مصلحة عاجلة أو آجلة - يجده قليلاً بجانب ما أباح لهم تصريحاً أو بالبقاء على البراءة الأصلية؛ إذ الأصل في الأشياء الإباحة، قال تعالى: ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 13].

 

عباد الله، إن ديننا الحنيف دين واقعي متسق المبادئ والتشريعات لا يعروه تناقض ولا اختلاف ولا تعارض وعدمُ ائتلاف؛ لأنه من عند الله، ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82].

 

الإسلام - يا أهل الإسلام - دين لكل البشر فلا تفريقَ فيه بين الأجناس والألوان، ولا بين اللغات والبلدان، لا قومية لا طبقية لا عنصرية، لا تفاضل إلا بالعلم والتقوى، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].

﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11].

خطب رسول الله صلى الله عليه و سلم في وسط أيام التشريق فقال: (يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضلَ لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى) [3].

 

أمة الإسلام، إن ديننا الإسلامي العظيم دينٌ كتب الله له الخلود حتى يذهب زمان الحياة الدنيا، فليس هناك خطر على الإسلام مهما تكالب عليه الأعداء، وحاكوا له المؤامرات، وبذلوا الجهود المختلفة من أجل إطفاء نوره، قال تعالى: ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 32].

 

لقد حورب الإسلام منذ بزوغه إلى يومنا هذا حروباً عدة ظاهراً وباطناً، حورب فكرياً وسياسياً واقتصادياً وعسكرياً، فحاربته قريش واليهود، والمشركون من خارج مكة، وحاربه المجوس والرومان، والهندوس والصليبيون، والتتار والمغول والبربر، وحاربه الاستعمار الحديث تحت مسميات عدة، وأساليب شتى، ومع هذه الحرب الضروس الممتدة لم يزدد الإسلام إلا لمعاناً وتوهجاً، وثباتاً ورسوخاً، وانتشاراً وامتدادا، إنه كشجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر الا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر) [4].

 

عباد الله، إن الحروب المعاصرة ضد الإسلام صنعت للإسلام دعاية إعلامية واسعة النطاق في أرجاء العالم، ومع التطور الإعلامي الحديث بدأ من لا يعرف الإسلام -حينما يتابع مجريات الأحداث الدولية الساخنة وهو يرى الغرب وحلفاءه يحاربون الإسلام والمسلمين- بدأ يقرأ عن الإسلام ويهتم بالبحث عنه، وهذا أدى إلى قلق المحاربين للإسلام؛ لأن الناس عرفوا الإسلام وأنه هو الحق الذي غاب بل وغيّب عنهم كثيراً، وإن وصل إليهم شيء عنه ففي صورة مشوهة، فالإسلام شرعَ يتغلغل في أعماق دول الكفر، ويسيح فيها سيحان النهر الجاري الذي لا يصده شيء، ويسرع إسراع الغيث استدبرته الريح، ولو اشتدت وطأة المحاربين عليه فهي -في الحقيقة- نشرٌ لنوره وليست حجاباً أمام ضوئه المتشعشع، وعذبه الدفاق. فهذا أحد المسلمين الجدد من أمريكا يعترف بأن بوش كان سبب إسلامه!، بسبب الأقوال والمواقف البوشية الرعناء تجاه الإسلام والمسلمين.

 

معشر المسلمين، إذا قلنا -واثقين- بأنه لا خطر على الإسلام، فنقول بلا تردد: إنما الخطر على المسلمين الذين يضيِّعون دينهم بقلة فهمه ومعرفته، وضعف تطبيقه والعمل بشرائعه، وضآلة الاهتمام بالدعوة إليه وتبليغه إلى من لا يعرفه بطريقة صحيحة بالكلمة الطيبة والأسلوب الحسن الناجح.

 

إخواني الكرام، إذنْ بعد هذا: ما واجبنا ونحن نرى العالم اليوم يضطرب ويعيش أزمات حقيقية على الأصعدة كافة، ونحن على دراية لا تتزحزح أنه لن يستقر إلا على سفينة الإسلام، ولن يحل مشكلاته إلا هذا الدين؟

وما واجبنا ونحن نشاهد الواقع الحديث يحيا معركة فكرية وثقافية تنتج عنها المعارك السياسية والاقتصادية والعسكرية؟

وما وجبنا ونحن نلاحظ أن من أسباب صدِّ بعض الكافرين عن الإسلام انحطاطَ المسلمين السحيق في جميع الجوانب، حتى لقد قال بعض الغربيين الذين أسلموا حديثاً: الحمد لله أني عرفت الإسلام قبل أن أعرف المسلمين.

 

فالمطلوب منا - يا عباد الله - أولاً: أن نعرف ما هو الإسلام الذي ندين الله به، وما هي العقائد والشرائع التي تخالف الإسلام، وهذا يكون بتعلم هذا الدين ومعرفة تشريعاته، والسؤال عما يُجهل منه، وغرس ثقافة الاعتزاز بهذا الدين في النفوس، وتربية الأجيال على ذلك.

 

ثانياً: لا يكفي أن نبقى مسلمين بالانتساب، بل لابد من إظهار إسلامنا الصادق في واقعنا العام والخاص في أعمالنا وأقوالنا وجميع أحوالنا.

 

ثالثاً: أن نكون حذرين متيقظين من كيد الأعداء، وأن لا نغتر بكلماتهم التي ظاهرها الرحمة والسلام، وفي باطنها العذاب و الحرب الزبون.

قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [آل عمران: 118].

 

رابعاً: أن نهتم بالتقدم المعرفي، والتطور التقني، والنمو الاقتصادي، والبناء الحضاري الشامل؛ لأن تخلف المسلمين الحياتي يمثل عائقاً كبيراً أمام من يريد دخول الإسلام، فإذا تقدم المسلمون في مجالات الحياة المختلفة كان ذلك دعوة صامتة ناجحة للإسلام.

 

خامساً: أن يقدم كل مسلم دوره تجاه دينه، فيدعو البعيدين عن هذا الدين بكل وسيلة متاحة: بالكلمة الطيبة في كتاب أو منشور، أو صحيفة أو إذاعة، أو قناة أو مساحة الكترونية، أو مكالمة هاتفية أو لقاء في عمل أو مجلس في وسيلة مواصلات، فمن لم يستطع ذلك فليحسن معاملته لمن يعرفه من الكفار، فقد تبلغ الأفعال ما لا تبلغ الأقوال، ورب دعوة صامتة أفصح من دعوة ناطقة، قال عليه الصلاة والسلام: (ولئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك كن حمر النعم) [5]، وقال: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) [6].

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الثانية

الحمد الله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، والصلاة والسلام على الرحمة المهداة والنعمة المسداة، صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

أيها المسلمون، إن بشائر ظهور الإسلام لتلوح في الأفق متسللة من بين حجب الظلام الكثيفة والآلام المتعددة، وتقول للكون كله: إن المستقبل للإسلام، وإن الحق سيعود إلى أهله. ﴿ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء: 81].

وهذا وعد الله لعباده المؤمنين الصادقين، يقول تعالى: ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47].

وقال: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51].

وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً، فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت) [7].

 

وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي المدينتين تفتح أولاً: أقسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مدينة هرقل تفتح أولا) [8]. يعني: قسطنطينية، وقد تحقق الفتح الأول على يد محمد الفاتح العثماني رحمه الله بعد ثمانمائة سنة من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالفتح، وسيتحقق الفتح الثاني في روما عاصمة الفاتيكان، بإذن الله تعالى ولا بد.

 

أمة الإسلام، هذه بعض البشارات في القرآن والسنة، وأما بشارات الواقع فهي كثيرة، فلقد أصبح الإسلام هو الديانة الأولى في العالم في سعة الانتشار، ودخول أعداد المؤمنين به.

ففي أوروبا أضحى يمتد ويبسط ظلاله الوارفة رغم التضييق، حتى قال بعض المتابعين الأوروبيين: نخشى أن تتحول أوروبا إلى قارة إسلامية!

وفي أفريقيا شع الإسلام بنوره في أدغالها وخيامها، وبراريها وغاباتها، وصار أكثر قبولاً بين أهلها، رغم إمكانيات الحملات التنصيرية الهائلة التي تحمل معها الأموال والإغراءات، ومن عجائب الإسلام هناك أنه قد يسلم فرد فيسلم بإسلامه الفئام الكثيرة من أفراد قبيلته.

وهكذا في الأمريكيتين وأستراليا مازال الإسلام في نمو واتساع. ولا يبالغ من قال: إنه يسلم في العام الواحد في عصرنا الحاضر عددَ من مات النبي عليه الصلاة والسلام وهم أحياء مسلمون.

فيا أيها المسلمون، اعلموا علم اليقين أنه لن يقف أمام الإسلام شيء؛ لأنه يسير وعين الله ترعاه، وقوته تحفظه وتدفع عنه كيد الكائدين ومكر الماكرين. فأبشروا وأملوا، ولكن ابذلوا واعملوا، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.

ثم صلوا على نبي الأمة وسراج الظلمة....



[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في 22/ 5/ 1432هـ، 29/ 4/ 2011م.

[2] رواه مسلم.

[3] رواه أحمد، وإسناده صحيح.

[4] رواه أحمد والبيهقي والحاكم، وهو صحيح.

[5] متفق عليه.

[6] رواه مسلم.

[7] رواه أحمد، وهو حسن.

[8] رواه أحمد والدارمي والحاكم، وهو صحيح.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أسباب الثبات على الدين الحق
  • تذوقوا فأيقنوا أنه الدين الحق
  • التعريف بكتاب: دين الحق
  • الحق منصور

مختارات من الشبكة

  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهم ما ترشد إليه الآية: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يا دعاة الباطل لا تكونوا كاليهود: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • {يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تفسير قوله تعالى: {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قول الله تعالى: (يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب