• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آفات اللسان (3) الكذب (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    خطبة: الإيجابية.. خصلة المؤمنين
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    حفظ الأسرار خلق الأبرار (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    المضاف إلى الله
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    خطبة عن الرياء
    د. رافع العنزي
  •  
    خطوة الكبر وجمال التواضع (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    أكبر مشايخ الإمام البخاري سنا
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    بطاعة الله ورسوله نفوز بمرافقة الحبيب (صلى الله ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: نعمة تترتب عليها قوامة الدين والدنيا
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة عن الصمت
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    يا محزون القلب، أبشر
    تهاني سليمان
  •  
    كسب القلوب مقدم على كسب المواقف (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    الإمداد بالنهي عن الفساد (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    سورة البقرة: مفتاح البركة ومنهاج السيادة
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    لطائف من القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    المشتاقون إلى لقاء الله (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العلم والدعوة
علامة باركود

العلم والتعليم (1) فضل العلم والعلماء

العلم والتعليم (1) فضل العلم والعلماء
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/1/2022 ميلادي - 20/6/1443 هجري

الزيارات: 22274

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العلم والتعليم (1):

فضل العلم والعلماء

 

الْحَمْدُ لِلَّـهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء:1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْكَلَامِ كِتَابُ اللَّـهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: خَلَقَ اللهُ تَعَالَى الْخَلْقَ لِيَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ الطَّرِيقَ المُوصِلَةَ إِلَيْهِ بِمَا أَرْسَلَ مِنَ الرُّسُلِ، وَأَنْزَلَ مِنَ الْكُتُبِ ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الْأَنْبِيَاء: 25].

 

وَلَا سَبِيلَ إِلَى عِبَادَةِ اللَّـهِ تَعَالَى إِلَّا بِمَعْرِفَةِ مُرَادِهِ، وَلَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ إِلَّا بِقِرَاءَةِ كِتَابِهِ، وَالتَّلَقِّي عَنْ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَطَرِيقُ ذَلِكَ هُوَ الْعِلْمُ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ؛ وَلِذَا كَانَتِ الْعُلُومُ الشَّرْعِيَّةُ أَفْضَلَ الْعُلُومِ وَأَجَلَّهَا؛ لِأَنَّهَا تُوصِلُ إِلَى الْعِلْمِ بِاللَّـهِ تَعَالَى وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، وَثَوَابِهِ وَعِقَابِهِ. وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ﴿ يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المُجَادَلَة: 11]، وَرَوَى عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ: «أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ -وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ- فَقَالَ: مَنِ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ فَقَالَ: ابْنَ أَبْزَى، قَالَ: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا، قَالَ: فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟ قَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّـهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ، قَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَالَ: إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمِنْ فَضِيلَةِ الْعِلْمِ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَشْهَدَ أَهْلَهُ عَلَى أَجَلِّ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ وَأَصْدَقِهِ وَأَفْضَلِهِ، وَهُوَ تَوْحِيدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَقَرَنَ شَهَادَةَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِشَهَادَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبِشَهَادَةِ المَلَائِكَةِ الْكِرَامِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ﴿ شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ﴾ [آل عِمْرَان: 18].

 

وَقَدْ نَفَى اللهُ تَعَالَى التَّسْوِيَةَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزُّمَر: 9]. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى غَايَةِ فَضْلِهِمْ وَشَرَفِهِمْ.

 

وَجَعَلَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى صَاحِبَ الْجَهْلِ بِمَنْزِلَةِ الْأَعْمَى الَّذِينَ لَا يُبْصِرُ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى ﴾ [الرَّعْد: 19]، فَمَا ثَمَّ إِلَّا مُبْصِرٌ أَوْ أَعْمَى، وَقَدْ وَصَفَ سُبْحَانَهُ أَهْلَ الْجَهْلِ بِأَنَّهُمْ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ.

 

وَأَهْلُ الْعِلْمِ هُمْ مَنْ يَعْرِفُ كَلَامَ اللَّـهِ تَعَالَى، وَكَلَامَ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ دُونَ سَائِرِ النَّاسِ ﴿ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الحَمِيدِ ﴾ [سَبَأ: 6]، وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ ﴾ [الْأَنْعَام: 114].

 

وَتَشْتَدُّ حَاجَةُ النَّاسِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُمْ يُبَصِّرُونَهُمْ وَيُرْشِدُونَهُمْ وَيُفْتُونَهُمْ فِي أُمُورِ دِينِهِمْ ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النَّحْل: 43]، وَأَهْلُ الذِّكْرِ هُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.

 

وَأَهْلُ الْعِلْمِ هُمْ أَهْلُ الْخَشْيَةِ، خَصَّهُمُ اللهُ تَعَالَى بِهَا مِنْ بَيْنِ سَائِرِ النَّاسِ: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فَاطِر: 28]، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «كَفَى بِخَشْيَةِ اللَّـهِ عِلْمًا، وَكَفَى بِالِاغْتِرَارِ بِاللَّـهِ جَهْلًا».

 

وَأَهْلُ الْعِلْمِ هُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ خُشُوعًا إِذَا سَمِعُوا آيَاتِ اللَّـهِ تَعَالَى تُتْلَى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ [الْإِسْرَاء: 108-109].

 

وَكَيْفَ لَا يَكُونُونَ كَذَلِكَ؟ وَقُلُوبُهُمْ مُسْتَوْدَعُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَيُعْمِلُونَ عُقُولَهُمْ فِي نُصُوصِهِمَا تَدَبُّرًا وَفَهْمًا وَاسْتِنْبَاطًا ﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴾ [الْعَنْكَبُوت: 49]. وَلِمَكَانَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدَ اللَّـهِ تَعَالَى فَإِنَّهُمْ يَشْهَدُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الْكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّـهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الرُّوم: 56].

 

وَالْأَمْثَالُ الَّتِي ضَرَبَهَا اللهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ يَدُلُّهُمْ بِهَا عَلَى صِحَّةِ مَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ فِي كِتَابِهِ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَفْهَمُهَا حَقَّ الْفَهْمِ إِلَّا أَهْلُ الْعِلْمِ ﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾ [الْعَنْكَبُوت: 43]. وَفِي الْقُرْآنِ بِضْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ مَثَلًا، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ إِذَا مَرَّ بِمَثَلٍ لَا يَفْهَمُهُ يَبْكِي وَيَقُولُ: «لَسْتُ مِنَ الْعَالِمِينَ».

 

وَالْخَيْرُ كُلُّ الْخَيْرِ يَنَالُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِمُقْتَضَى قَوْلِ اللَّـهِ تَعَالَى: ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [الْبَقَرَة: 269]. وَبِمُقْتَضَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

 

وَالمُرَادُ بِالْفِقْهِ هُنَا: مَعْرِفَةُ مَا يَجِبُ لِلَّـهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَفَهْمُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَمَعْرِفَةُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالْعَمَلُ بِمُقْتَضَى الْعِلْمِ بِذَلِكَ، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: «وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُفَقِّهْهُ فِي دِينِهِ لَمْ يُرِدْ بِهِ خَيْرًا، كَمَا أَنَّ مَنْ أَرَادَ بِهِ خَيْرًا فَقَّهَهُ فِي دِينِهِ».

 

وَيَكْفِي فِي فَضْلِ الْعِلْمِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بِطَلَبِ الِازْدِيَادِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الِازْدِيَادَ مِنَ الْعِلْمِ فَأَمَرَهُ بِهِ ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114].

 

وَالْعِلْمُ طَرِيقٌ يُوْصِلُ إِلَى الْجَنَّةِ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

 

وَأَصْحَابُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ تَنْقَطِعُ أَعْمَالُهُمْ بِوَفَاتِهِمْ إِلَّا مَنْ وَرَّثَ عِلْمًا يُنْتَفَعُ بِهِ، فَإِنَّ عِلْمَهُ يَجْرِي عَلَيْهِ فِي قَبْرِهِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ؛ كَمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّـهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَفَضَائِلُ الْعِلْمِ كَثِيرَةٌ، وَمَزَايَاهُ عَدِيدَةٌ، لَا يُحِيطُ بِهَا كِتَابٌ، وَلَا يُحْصِيهَا مَقَامٌ، وَكُلُّ الْبَشَرِ يُحِبُّونَ الِانْتِسَابَ إِلَى الْعِلْمِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَكُلُّ النَّاسِ يَتَبَرَّؤُونَ مِنَ الْجَهْلِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مِنْ أَهْلِهِ، فَنَعُوذُ بِاللَّـهِ مِنَ الْجَهْلِ، وَمِنْ عَمَى الْبَصَائِرِ، وَنَسْأَلُهُ أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

 

أَعُوذُ بِاللَّـهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [الْعَلَق: 1-5].

 

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الْبَقَرَة: 282].

 

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: إِذَا أُطْلِقَ الْعِلْمُ فِي الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ فَالمُرَادُ بِهِ الْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ، قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: «وَالمُرَادُ بِالْعِلْمِ الْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي يُفِيدُ مَعْرِفَةَ مَا يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ فِي عِبَادَاتِهِ وَمُعَامَلَاتِهِ، وَالْعِلْمُ بِاللَّـهِ وَصِفَاتِهِ وَمَا يَجِبُ لَهُ مِنَ الْقِيَامِ بِأَمْرِهِ وَتَنْزِيهِهِ عَنِ النَّقَائِصِ» اهـ.

 

وَعُلُومُ الدُّنْيَا كَالطِّبِّ وَالْهَنْدَسَةِ وَالْفَلَكِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَنْفَعُ النَّاسَ، لِصَاحِبِهَا مِنَ الثَّوَابِ وَالْأَجْرِ بِقَدْرِ نِيَّتِهِ الصَّالِحَةِ فِي نَفْعِ النَّاسِ، وَالِارْتِقَاءِ بِمُجْتَمَعِهِ وَأُمَّتِهِ حَتَّى لَا تَكُونَ عَالَةً عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الْأُمَمِ، وَهَذِهِ الْعُلُومُ النَّافِعَةُ هِيَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ يَنْفِرَ لَهَا طَائِفَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ؛ لِيُغْنُوا مُجْتَمَعَاتِهِمْ عَنِ الْحَاجَةِ إِلَى غَيْرِهِمْ، وَمَنْ نَفَرَ إِلَيْهَا مُخْلِصًا لِلَّـهِ تَعَالَى فَهُوَ مُشَارِكٌ فِي رَفْعِ الْحَرَجِ عَنْ عُمُومِ المُسْلِمِينَ، وَلَهُ مِنَ الْأَجْرِ بِقَدْرِ نِيَّتِهِ الصَّالِحَةِ.

 

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ: يَجِبُ أَنْ يُرَاجِعَ كُلُّ مُدَرِّسٍ وَمُدَرِّسَةٍ، وَطَالِبٍ وَطَالِبَةٍ، نَوَايَاهُمْ تُجَاهَ بَذْلِ الْعِلْمِ وَطَلَبِهِ؛ إِذْ إِنَّ مِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ تَأَخُّرِ المُسْلِمِينَ فِي شَتَّى الْعُلُومِ ضَعْفَ الْإِخْلَاصِ فِي التَّعْلِيمِ وَالتَّحْصِيلِ، وَتَقْدِيمَ حُظُوظِ الدُّنْيَا عَلَى حُقُوقِ الْآخِرَةِ، وَإِلَّا فَالمُخْلِصُونَ لِلَّـهِ تَعَالَى مُوَفَّقُونَ فِي كُلِّ أَعْمَالِهِمْ، وَيَظْهَرُ إِنْتَاجُ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ كَمَا لَوْ كَانَ أُمَّةً وَحْدَهُ.

 

لَقَدْ أَدَّى إِخْلَاصُ المُعَلِّمِ وَالمُتَعَلِّمِ فِيمَا مَضَى مِنْ تَارِيخِنَا إِلَى نَهْضَةٍ حَضَارِيَّةٍ شَامِلَةٍ، تَبِعَ المُسْلِمِينَ فِيهَا غَيْرُهُمْ، فَكَانَتِ الطَّوَائِفُ الْأُخْرَى مِنْ يَهُودٍ وَنَصَارَى وَغَيْرِهِمْ يَرَوْنَ أَنَّ الشَّرَفَ كُلَّ الشَّرَفِ فِي أَنْ يُتْقِنُوا اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ وَآدَابَهَا وَفُنُونَهَا، يَبُزُّونَ بِذَلِكَ أَقْرَانَهُمْ، وَيُفَاخِرُونَ بِهِ فِي مُجْتَمَعَاتِهِمْ؛ وَذَلِكَ إِبَّانَ الْحَضَارَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ فِي الْأَنْدَلُسِ. وَذَكَرَتْ مُسْتَشْرِقَةٌ أَلمَانِيَّةٌ أَنَّ الْأُسْقُفَ وَالْقَاضِيَ الْأُورُبِّيَّيْنِ آنَذَاكَ يَلْبَسَانِ زِيًّا عَرَبِيًّا، وَيَحْمِلَانِ اسْمَيْنِ عَرَبِيَّيْنِ، وَيَتْلُوَانِ كَغَيْرِهِمَا مِنَ النَّصَارَى الْإِنْجِيلَ بِالْعَرَبِيَّةِ.

 

وَلَيْسَ يَعْنِينَا فِي هَذَا المَقَامِ التَّذْكِيرُ بِالْأَمْجَادِ السَّالِفَةِ قَدْرَ أَنْ نَأْخُذَ الْعِبْرَةَ مِنَ التَّارِيخِ، وَأَنْ لَا نُفَرِّطَ فِيمَا خَطَّهُ الْأَجْدَادُ بِمِدَادٍ مِنْ ذَهَبٍ فِي صَفَحَاتِ التَّارِيخِ الْأُورُبِّيِّ، وَمَا أَحْوَجَ النَّاسَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا إِلَى الْأَخْذِ بِأَيْدِيهِمْ إِلَى حَظِيرَةِ هَذَا الدِّينِ الْعَظِيمِ! وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إِلَّا بِالْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ، وَالدَّعْوَةِ إِلَى اللَّـهِ تَعَالَى عَلَى بَصِيرَةٍ، وَلَا بَصِيرَةَ بِلَا عِلْمٍ صَحِيحٍ.

 

فَاتَّقُوا اللهَ -أَيُّهَا المُسْلِمُونَ- فِي أَنْفُسِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ، وَتَعَلَّمُوا الْعِلْمَ النَّافِعَ وَعَلِّمُوهُ، وَاغْرِسُوا فِي نُفُوسِ أَوْلَادِكُمْ وَطُلَّابِكُمُ الْإِخْلَاصَ فِي الْعَمَلِ، وَالْجِدِّ فِي الطَّلَبِ، وَالِابْتِعَادَ عَنِ المُلْهِيَاتِ الَّتِي فَتَكَتْ بِعُقُولِ الشَّبَابِ، وَدَمَّرَتْ كَثِيرًا مِنْ أَخْلَاقِهِمْ، وَأَوْهَنَتْ عَزَائِمَهُمْ، وَأَضْعَفَتْ قُوَّتَهُمْ عَنْ تَحَمُّلِ المَسْؤُولِيَّاتِ. عَسَى اللهُ تَعَالَى أَنْ يُصْلِحَ شَبَابَ المُسْلِمِينَ وَفَتَيَاتِهِمْ، وَأَنْ يَجْعَلَهُمْ قُرَّةَ أَعْيُنٍ لِوَالِدِيهِمْ وَلِمُجْتَمَعَاتِهِمْ، إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العلم والتعليم (4)
  • العلم والتعليم ( خطبة )
  • العلم والتعليم في الأندلس
  • العلم والتعليم: الواقع والمستقبل
  • المعلم واستحضار فضل العلم والتعليم
  • فضل العلم والعلماء
  • فضل العلم والعلماء والتذكير بالموت والفناء (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • لقاء حول العلم والعلماء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أحاديث في فضل العلم: 110 حديثا وأثرا في فضل العلم وبيان آدابه (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • العلم النافع: صفاته وعلاماته وآثاره (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فوائد ابن عبدالبر رحمه الله في جامع بيان العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طلب العلم وتعليمه فضائل وغنائم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد من طلب العلم وتعليمه والدعوة إليه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طلب العلم وتعليمه عند وقوع النوازل بالمسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل طلب العلم وأهله ومسؤولية الطلاب والمعلمين والأسرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العلم وأهله وبيان مسؤولية الطلاب والمعلمين والأسرة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/6/1447هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب