• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: التعامل مع الشاب اليتيم
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من هو السني؟ وهل يخرج المسلم من السنة بوقوعه في ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الإسلام يبيح مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم وحمايتهم ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تحريم الاعتماد على الأسباب وحدها مع أمر الشرع ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تفسير: (قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    اذكروا الله كثيرا (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    القيم النبوية في إدارة المال والأعمال (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    من دروس خطبة الوداع: أخوة الإسلام بين توجيه ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (26) «كل سلامى ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    المسلم بين حر الدنيا وحر الآخرة (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    وليس من الضروري كذلك!
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    مساواة صحيح البخاري بالقرآن الكريم
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    محرومون من خيرات الحرمين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    في نهاية عامكم حاسبوا أنفسكم (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    خطبة: بداية العام الهجري وصيام يوم عاشوراء
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    خطبة: أهمية المسؤولية في العمل التطوعي
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

خطبة فضل العشر الأواخر من رمضان

خطبة فضل العشر الأواخر من رمضان
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/4/2023 ميلادي - 17/9/1444 هجري

الزيارات: 162273

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة فضل العشر الأواخر من رمضان

 

الخطبة الأولى

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ. عِبَادَ اللهِ، كَانَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهَا؛ حَيْثُ كَانَ يَعْتَكِفُ فِيهَا وَيَتَحَرَّى لَيْلَةَ الْقَدْرِ خِلَالَهَا؛ فَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: "كَانَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَشَدَّ مِئْزَرَهُ وجَدَّ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ). كِنَايَةٌ عَنِ الاِسْتِعْدَادِ لِلْعِبَادَةِ وَالْاِجْتِهَادِ فِيهَا زِيَادَةً عَلَى الْمُعْتَادِ. وَقَدْ يَكُونُ كِنَايَةً عَنْ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ وَتَرْكِ الْجِمَاعِ، وَاغْتِنَامِ الْأَزْمِنَةِ الْفَاضِلَةِ. فَيَنْبَغِي عَلَى الْمُسْلِمِ الجِدُّ وَالْاِجْتِهَادُ فِي عِبَادَةِ اللهِ، وَأَلَّا يُضَيِّعَ سَاعَاتِ هَذِهِ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي فِي اللَّهْوِ وَالْعَبَثِ، أَوْ جَوْبِ الْأَسْوَاقِ؛ فَإِنَّ الْمَرْءَ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ لَا يُدْرِكُهَا مَرةً أُخْرَى، بِاخْتِطَافِ هَادِمِ اللَّذَّاتِ، وَمُفَرِّقِ الْجَمَاعَاتِ، فَحِينَئِذٍ يَنْدَمُ حَيْثُ لَا يَنْفَعُ النَّدَمُ. وَمِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْعَشْرِ؛ وُجُودُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِيهَا، وَهِيَ لَيْلَةٌ عَظِيمَةٌ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 1-3]، قَالَ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

 

وَقَدْ خَصَّ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِخَصَائِصَ:

1- مِنْهَا أَنَّهُ نَزَلَ فِيهَا الْقُرْآنُ: جُمْلَةً وَاحِدَةً، مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، إِلَى بَيْتِ الْعِزَّةِ مِنَ السَّمَاءِ الدَّنْيَا، ثُمَّ نَزَلَ مُفَصَّلًا بِحَسَبِ الْوَقَائِعِ فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، عَلَى رَسُولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.

 

2- وَصْفُهَا بِأَنَّهَا خَيرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾.

 

3- وَوَصْفُهَا بِأَنَّهَا مُبَارَكَةٌ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾.

 

4- يَكْثُرُ تَنَزُّلُ الْمَلَائِكَةِ فِي هَذِه اللَّيْلَةِ؛ لِكِثْرَةِ بَرَكَتِهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ تَنزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ وَالرُّوحُ: هُوَ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَقَدْ خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِشَرَفِهِ.

 

5- وَهِيَ لَيْلَةٌ سَالِمَةٌ، لَا يَسْتَطِيعُ الشَّيْطَانُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا سَوَءًا، أَوْ يَعْمَلَ فِيهَا أَذًى، وَتَكْثُرُ فِيهَا السَّلَامَةُ مِنَ الْعِقَابِ وَالْعَذَابِ؛ لما يَقُومُ به الْعِبَادُ مِنْ طَاعَةِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.

 

6- يَغْفِرُ اللهُ -تَعَالَى- لِمَنْ قَامَهَا إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). وَمَعْنَى: "إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا" أَيْ: تَصْدِيقًا بِوَعْدِ اللهِ بِالثَّوَابِ عَلَيْهِ، وَطَلَبًا لِلْأَجْرِ لَا لِقَصْدٍ آَخَرَ مِنْ رِيَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ".

 

7- وَمِنْ عَظَمَتِهَا أَنَّ اللهَ -تَعَالَى- أَنْزَلَ فِي شَأْنِهَا سُورَةً تُتْلَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَذَكَرَ فِيهَا شَرَفَ هَذِهِ اللَّيْلةِ، وَعِظَمَ قَدْرِهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [سورة القدر: 1-6]. فالْعِبَادَةِ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَهَذَا فَضْلٌ عَظِيمٌ، وَفِي هَذَا تَرْغِيبٌ لِلْمُسْلِمِ وَحَثٌّ لَهُ عَلَى قِيَامِهَا، وَابْتِغَاءِ وَجْهِ اللهِ بِذَلِكَ، وَلِذَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَيَتَحَرَّاهَا؛ مُسَابَقَةً مِنْهُ إِلَى الْخَيْرِ، وَهُوَ الْقُدْوَةُ لِلْأُمَّةِ. وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ، وَفِي أَوْتَارِ الْعَشْرِ آَكَدُ، لِحَدِيث عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: "تَحَرُّوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوَتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ). وَرَجَّحَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا تَتْنَقِلُ كُلَّ عَامٍ، وَلَيْسَتْ فِي لَيْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ، قَالَ النَّوَوِي -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ لِتَعَارُضِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ، وَلَا طَرِيقَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ إِلَا بِانْتِقَالِهَا". وَإِنَّمَا أَخْفَى اللهُ –تَعَالَى- هَذِهِ اللَّيْلَةَ لِيْجَتَهِدَ الْعِبَادُ فِي طَلَبِهَا، وَيَجِدُّوا فِي الْعِبَادَةِ، كَمَا أَخْفَى سَاعَةَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا. عِبَادَ اللهِ: يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَيَّامِ وَلَيَالِي هَذِهِ الْعَشْرِ فِي الدُّعَاءِ وَالتَضَرُّعِ إِلَى اللِه. قَالَتْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ؛ مَا أَقُولُ؟ قَالَ: "قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي" (رَوَاهُ التِّرمذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

 

وَعَنْ عَائِشَةَ، أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها قَالَتْ: "لَوْ عَرَفْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا سَأَلْتُ اللهَ فِيهَا إِلَّا الْعَافِيَةَ"(رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ)، وَقَالَتْ أَيْضًا: "لَوْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيلَةُ الْقَدْرِ كَانَ أَكْثَرُ دُعَائِي فِيهَا: أَسْأَلُ اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ"(رَوَاهُ ابْنُ شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ). والْعَلَامَاتُ الَّتِي تُعْرَفُ بِهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ؛ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ: الْعَلَامَةُ الْأُولَى: إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ صَبِيحَتَهَا لَا شُعَاعَ لَهَا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. الْعَلَامَةُ الثَّانِيَةُ: إِنَّ "لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةٌ سَـمِحَةٌ طَلْقَةٌ، لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ، تُصْبِحُ الشَّمْسُ يَوْمَهَا حَمْرَاءَ ضَعِيفَةٌ" (رَوَاهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَزِيَادَاتِهِ). الْعَلَامَةُ الثَّالِثَةُ: "إِنَّهَا صَافِيَةٌ بَلْجَةٌ، كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا سَاطِعًا، سَاكِنَةٌ سَاجِيَةٌ، لَا بَرْدَ فِيهَا وَلَا حَرَّ، وَلَا يَحِلُّ لِكَوْكَبٍ أَنْ يُرْمَى بِهِ فِيهَا حَتَّى تُصْبِحَ، وَإِنَّ أَمَارَتَهَا أَنَّ الشَّمْسَ صَبِيحَتَهَا تَخْرُجُ مُسْتَوِيَةً لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ مِثْلَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لَا يَحِلُّ لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا يَوْمَئِذٍ " (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ). فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ فِي بَيَانِ الْعَلَامَاتِ الدَّالَةِ عَلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا عَدَاهَا مِنْ عَلَامَاتٍ لَا تَصِحُّ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًَا عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ: فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. عِبَادَ اللهِ، وَمِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِ عَمَلُهَا فِي هَذِهِ الْعَشْرِ؛ الْاِعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ، وَسُنِّيَّةُ الْاِعْتِكَافِ فِيهَا؛ لِزِياَدَةِ فَضْلِهَا عَلَى غَيْرِهَا مِنْ أَيَّامِ السَنَةِ.

 

وَالْاِعْتِكَافُ: لُزُومُ الْمَسْجِدِ لِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَعْتَكِفُ هَذِهِ الْعَشْرَ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّهُ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ ثُمَّ الْوَسَطَ، ثُمَّ أَخْبرَهُمْ أَنَّهُ كَانَ يَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَأَنَّهُ أُرِيهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَقَالَ: "مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِيَ فَلْيَعْتَكِفْ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ"؛ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

 

وَعَنْ عَاِئَشةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- "كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَاهُ اللهُ تَعَالَى، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

 

وَكَانَ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ، ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ. وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ -رَحِمَهُمُ اللهُ-: يَدْخُلُ الْمُعْتَكِفُ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنَ الْيَوْمِ الْعِشْرِينَ. وَأَوَّلُوا حَدِيثَ أَنَّهُ دَخَلَ فِي صَبِيحَةِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ؛ عَلَى أَنَ الْمُرَادَ أَنَّهُ دَخَلَ الْمُعْتَكِفَ، وَانْقَطَعَ وَخَلَا بِنَفْسِهِ بَعدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، لَا أَنَّ ذَلِكَ وَقْتُ ابْتِدَاءِ الْاِعْتِكَافِ وَيُسَنُّ لِلْمُعْتَكِفِ الْاشْتِغَالُ بِالطَّاعَاتِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ﴾ [البقرة: 187]، وَلَا يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَّا لِحَاجَةٍ لَا بُدَّ مِنهَا. فَعَلَى المُسْلِمِ؛ أَلَّا يُفَوِّتَ فُرْصَةَ الاِعْتِكَافِ، وَلَوْ فِي رَمَضَانَ وَاحِدٍ، أَوْ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي عُمْرِهِ. عِبَادَ اَللَّهِ؛ اِتَّقُوا اَللَّهَ حَقَّ اَلتَّقْوَى، وَاعْلَمُوا بِأَنَّ اَلْمَسْؤُولِيَّةَ اَلْمُلْقَاةُ عَلَى عَوَاتِقِنَا عَظِيمَة، مَسْؤُولِيَّة حِمَايَةِ أَبْنَائِنَا، وَفَلَذَاتِ أَكْبَادِنَا مِنَ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلْفِكْرِيَّةِ وَالْعَقَدِيَّةِ، وَمِنَ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلْأَخْلَاقِيَّةِ، فَعَلَى كُلٍّ مِنَّا أَنْ يَقُومَ بِمَا أَمَرَهُ اَللَّهُ أَنْ يَقُومَ بِهِ، بِحِمَايَةِ هَذِهِ اَلنَّاشِئَةِ مِنْ جَمِيعِ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلَّتِي تُؤَثِّرُ عَلَى أُمُورِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ.أَوْ تَضُرُّ بِبِلَادِهِمْ، جَعَلَهُمْ رَبِّي قُرَّةَ أَعْيُنٍ لَنَا.

 

ألا وَصَلُّوا عَلَى نَبِينَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.

 

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا، اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ اللَّهُمَّ امْدُدْ عَلَيْنَا سِتْرَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا النِّيَّةَ وَالذُرِّيَّةَ وَالْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل العشر الأواخر من رمضان والحث على إحيائها في العبادة
  • فضل العشر الأواخر وليلة القدر
  • فضل العشر الأواخر
  • في فضل العشر الأواخر من رمضان
  • فضل العشر الأواخر من رمضان
  • فضل العشر الأواخر من رمضان وخصائصها
  • فضل العشر الأواخر من رمضان
  • الأجور الوفيرة في عشر رمضان الأخيرة (خطبة)
  • صلاة القيام في العشر الأواخر
  • كيف تستفيد من العشر الأواخر من رمضان
  • عشركم على الأبواب فاستعدوا (خطبة)
  • فضل العشر الأواخر من رمضان
  • من أقوال السلف في العشر الأواخر من رمضان
  • فضل العشر الأواخر من رمضان
  • خطبة: فضل العشر الأواخر من رمضان

مختارات من الشبكة

  • خطبة: التعامل مع الشاب اليتيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اذكروا الله كثيرا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القيم النبوية في إدارة المال والأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دروس خطبة الوداع: أخوة الإسلام بين توجيه النبوة وتفريط الأمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (26) «كل سلامى من الناس عليه صدقة» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلم بين حر الدنيا وحر الآخرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في نهاية عامكم حاسبوا أنفسكم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: بداية العام الهجري وصيام يوم عاشوراء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية المسؤولية في العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: هدايات من قصة جوع أبي هريرة رضي الله عنه(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- جزاكم الله خيرا
وديعة - تونس 31/03/2024 11:13 PM

استفدت من هذه الصفحة وأخذت الكثير من الخطب وقيمتها في رمضان فى جمعيتنا فجزاكم الله خيرا.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/1/1447هـ - الساعة: 9:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب