• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1430هجرية (PDF)
    وائل بن علي بن أحمد آل عبدالجليل الأثري
  •  
    مصطلح (حسن الرأي فيه) مرتبته، وأثره في الحكم على ...
    د. وضحة بنت عبدالهادي المري
  •  
    خطبة: الصداقة في حياة الشباب والفتيات
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حين تمر بنا القبور دون شواهد
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    أهمية الأوقاف وضرورة المشاريع الاستثمارية الوقفية ...
    د. أبو عز الدين عبد الله أحمد الحجري
  •  
    سورة الإخلاص
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    شدة المقت الإلهي: تحليل لغوي وشرعي لآية "كبر مقتا ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    فضل (الصدق) وأثره على الفرد والمجتمع
    محمد الساخي
  •  
    من مائدة الفقه: الوضوء
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    {يردوكم على أعقابكم}
    د. خالد النجار
  •  
    مبدأ التخصص في الإسلام (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    نجاح موسم الحج بفضل الله وبرحمته (خطبة)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    التحذير من المغالاة في المهور والإسراف في حفلات ...
    سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
  •  
    اشتراط الحول والنصاب في الزكاة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    من فضائل الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    لا أحد أحسن حكما من الله
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

أوصاف القرآن الكريم (12) (والقرآن المجيد)

أوصاف القرآن الكريم (12) (والقرآن المجيد)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/5/2020 ميلادي - 14/9/1441 هجري

الزيارات: 22525

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أوصاف القرآن الكريم (12)

﴿ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾


الْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ ﴿ عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾ [الرَّحْمَنِ: 2-4]، نَحْمَدُهُ فَهُوَ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ، الْكَرِيمُ الْمَنَّانُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَمَرَ عِبَادَهُ بِالْإِيمَانِ وَصَالِحِ الْأَعْمَالِ، وَوَعَدَهُمْ عَلَيْهِ أَوْفَى الْجَزَاءِ. وَالصِّيَامُ صَبْرٌ، وَالْعَمَلُ فِي شَهْرِ الصَّبْرِ لَيْسَ كَالْعَمَلِ فِي غَيْرِهِ ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزُّمَر: 10]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ «كَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ» صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاجْتَهِدُوا فِيمَا بَقِيَ مِنَ الشَّهْرِ الْكَرِيمِ؛ فَقَدْ ذَهَبَ شَطْرُهُ وَبَقِيَ شَطْرُهُ؛ فَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فِيمَا مَضَى فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى تَوْفِيقِهِ، وَلَا يَسْتَكْثِرْ عَمَلَهُ، وَلْيُصَبِّرِ النَّفْسَ عَلَى مَا بَقِيَ مِنَ الشَّهْرِ؛ فَإِنَّ مَا بَقِيَ أَفْضَلُ مِمَّا مَضَى ﴿ وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ﴾ [الْمُدَّثِّرِ: 6-7]، وَلْيَحْذَرْ مِنَ الرِّيَاءِ وَالْعُجْبِ فَإِنَّهُمَا يُحْبِطَانِ الْعَمَلَ. وَمَنْ كَانَ مُفَرِّطًا فَلْيَتُبْ مِنْ تَفْرِيطِهِ، وَلْيَتَدَارَكْ مَا فَاتَهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ شَهْرِهِ، وَلْيَخْتِمْهُ بِخَيْرٍ فَإِنَّ الْأَعْمَالَ بِالْخَوَاتِيمِ، ﴿ وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الْحَجِّ: 77].

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ حَيَاةً لِلْقُلُوبِ، وَشِفَاءً لِمَا فِي الصُّدُورِ، وَهِدَايَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، وَأُنْسًا لِلْمُتَهَجِّدِينَ، وَعِلْمًا لِلْمُتَدَبِّرِينَ، وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ.

 

وَلِلْقُرْآنِ أَوْصَافٌ كَثِيرَةٌ عَظِيمَةٌ دَلَّتْ عَلَيْهَا آيَاتُهُ؛ فَهُوَ مَوْصُوفٌ بِالْمَجْدِ، ﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾ [ق: 1]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾ [الْبُرُوجِ: 21-22]. وَالْمَجْدُ يُطْلَقُ عَلَى الرِّفْعَةِ وَالشَّرَفِ وَالْهَيْمَنَةِ وَالسُّلْطَانِ وَالْكَرْمِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْمَعَانِي الْفَخْمَةِ الْكَبِيرَةِ. وَمَعْنَاهُ: وَاسْعُ الصِّفَاتِ عَظِيمُهَا، كَثِيرُ النُّعُوتِ كَرِيمُهَا، وَالرَّبُّ سُبْحَانَهُ مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ مَجِيدٌ، وَيَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى عَظَمَةِ أَوْصَافِهِ وَكَثْرَتِهَا وَسِعَتِهَا، وَإِلَى عَظَمَةِ مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَإِلَى تَفَرُّدِهِ بِالْكَمَالِ الْمُطْلَقِ، وَالْجَلَالِ الْمُطْلَقِ، وَالْجَمَالِ الْمُطْلَقِ، الَّذِي لَا يُمْكِنُ لِلْعِبَادِ أَنْ يُحِيطُوا بِشَيْءٍ مِنْهُ.

 

وَمَجْدُ الْقُرْآنِ مِنْ مَجْدِ اللَّهِ تَعَالَى؛ فَالْقُرْآنُ كَلَامُهُ، وَكَلَامُهُ سُبْحَانَهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاللَّهُ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِالْمَجْدِ فِي الْقُرْآنِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ﴾ [هُودٍ: 73]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ ﴾ [الْبُرُوجِ: 14-15]. وَإِذَا قَرَأَ الْمُصَلِّي ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «مَجَّدَنِي عَبْدِي»، وَفِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ يَصِفُ اللَّهَ تَعَالَى فَيَقُولُ: «أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ». وَيَخْتِمُ الصَّلَاةَ الْإِبْرَاهِيمِيَّةَ فِي التَّشَهُّدِ فَيَقُولُ: «إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».

 

وَمِنْ مَجْدِ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ: أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا مَجْدَ لِكَلَامٍ غَيْرِهِ كَمَجْدِهِ، وَلَا شَرَفَ لَهُ كَشَرَفِ الْقُرْآنِ. فَمَنْ تَلَاهُ فَإِنَّمَا يَتْلُو كَلَامَ الْمَجِيدِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَيُنَاجِيهِ بِكَلَامِهِ.

 

وَمِنْ مَجْدِ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ: أَنَّهُ مَمْلُوءٌ بِتَعْرِيفِ الْمُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِمَا يُرْضِيهِ، وَهَذَا أَعْظَمُ الْمَجْدِ وَأَعْلَاهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِأَشْرَفِ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ وَأَنْفَعِهَا، وَهُوَ مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعْرِفَةُ الطَّرِيقِ الْمُوصِلَةِ إِلَيْهِ.

 

وَمِنْ مَجْدِ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ: بَقَاؤُهُ إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ، وَحِفْظُهُ مِنَ الضَّيَاعِ وَالتَّبْدِيلِ وَالتَّغْيِيرِ وَالتَّحْرِيفِ ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الْحِجْرِ: 9]، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِكِتَابٍ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّ الْكُتُبَ الْأُخْرَى تَضِيعُ وَتُبَدَّلُ وَتُحَرَّفُ، وَيَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهَا.

 

وَمِنْ مَجْدِ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ: أَنَّهُ أَكْثَرُ الْكُتُبِ شُهْرَةً وَمَعْرِفَةً فِي الْأَرْضِ، وَلَا يَكَادُ أَحَدٌ لَا يَعْرِفُ الْقُرْآنَ إِلَّا مَنْ عَاشَ فِي الْغَابَاتِ وَالْأَدْغَالِ وَالْكُهُوفِ، أَوِ اعْتَزَلَ النَّاسَ وَالْإِذَاعَاتِ وَالْفَضَائِيَّاتِ وَوَسَائِلَ التَّوَاصُلِ الْجَمَاعِيِّ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْقُرْآنَ أَكْثَرُ كِتَابٍ يُقْرَأُ وَيُسْمَعُ فِي الْأَرْضِ؛ فَهُوَ يُقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ، وَيُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ، وَمِئَاتُ الْمَلَايِينِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْرَؤُونَ آيَاتِهِ كُلَّ يَوْمٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ أَكْثَرُ كِتَابٍ يُسْمَعُ فِي الْأَرْضِ، وَأَكْثَرُ كِتَابٍ يُحْفَظُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [الْقَمَرِ: 17]. وَلَنَا أَنْ نَتَخَيَّلَ كَمْ مِنَ النَّاسِ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ فِي الصَّلَوَاتِ الْجَهْرِيَّةِ وَفِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ، وَكَمْ مِنَ الْبَشَرِ يَسْمَعُونَهُ عَبْرَ الْإِذَاعَاتِ وَالْفَضَائِيَّاتِ وَكَافَّةِ الْبَرَامِجِ الْمَرْئِيَّةِ وَالْمَسْمُوعَةِ؛ حَتَّى إِنَّ كُفَّارًا أَسْلَمُوا بِسَبَبِ سَمَاعِ الْقُرْآنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُسْلِمُوا لَكِنَّهُمْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْهِ وَيَتَأَثَّرُونَ لِسَمَاعِهِ وَيَبْكُونَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْفَظُ آيَاتٍ وَسُورًا مِنْهُ. فَهَلْ بَلَغَ كَلَامٌ آخَرُ غَيْرَ الْقُرْآنِ هَذَا الْمَجْدَ وَالشَّرَفَ وَالشُّهْرَةَ فِي الْأَرْضِ؟! كَلَّا.. وَلَا يُدَانِيهِ.

 

وَمِنْ مَجْدِ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ: أَنَّ سُلْطَانَهُ عَظِيمٌ؛ فَهُوَ مُهَيْمِنٌ عَلَى مَا سَبَقَهُ مِنَ الْكُتُبِ ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 48]. فَهُوَ حَاكِمٌ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ مَحْكُومًا عَلَيْهِ؛ فَمَا وَافَقَ الْقُرْآنَ مِنْهَا مِنْ أَخْبَارٍ صُدِّقَتْ، وَمَا عَارَضَ الْقُرْآنَ مِنْهَا مِنْ أَخْبَارٍ كُذِّبَتْ؛ إِذْ هِيَ مِمَّا حَرَّفَتْهُ الْأَيْدِي أَوِ اخْتَرَعَتْهُ. وَمَا وَافَقَ الْقُرْآنَ مِنْ أَحْكَامِهَا أُخِذَ بِهِ، وَمَا عَارَضَ الْقُرْآنَ مِنْ أَحْكَامِهَا لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ؛ إِذْ قَدْ يَكُونُ مَنْسُوخًا أَوْ مُخْتَرَعًا. فَمَا وُجِدَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّاتِ السَّابِقَةِ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَغَيْرِهَا تَابِعٌ لَهُ، وَهُوَ حَاكِمٌ عَلَيْهَا، وَهَذَا مِنْ شَرَفِ الْقُرْآنِ وَمَجْدِهِ.

 

وَمِنْ مَجْدِ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ: أَنَّ أَخْبَارَهُ مَوْثُوقَةٌ، فَلَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا الشَّكُّ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴾ [النِّسَاءِ: 87]، وَشَرَفُ الْخَبَرِ فِي صِدْقِهِ وَمَصْدَرِهِ، وَكَذَلِكَ أَحْكَامُ الْقُرْآنِ نَافِذَةٌ، سَوَاءٌ كَانَتْ أَحْكَامًا قَدَرِيَّةً فَهِيَ وَاقِعَةٌ لَا مَحَالَةَ ﴿ وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾ [النِّسَاءِ: 122]، أَوْ كَانَتْ أَحْكَامًا شَرْعِيَّةً فَهِيَ مِنْ مَجْدِ الْقُرْآنِ وَشَرَفِهِ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ وَعَدْلٌ وَنَفْعٌ لِلْبَشَرِ؛ فَهِيَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى. وَهُوَ كَذَلِكَ كِتَابٌ مُحْكَمٌ، لَيْسَ فِيهِ تَنَاقُضٌ وَلَا اخْتِلَافٌ الْبَتَّةَ ﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هُودٍ: 1]، وَالْكَلَامُ يَكْتَسِبُ الشَّرَفَ وَالْقَبُولَ بِكَوْنِهِ صِدْقًا وَحَقًّا وَعَدْلًا وَمُحْكَمًا ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدَ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 82].

 

وَمِنْ مَجْدِ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ: أَنَّهُ يَمْنَحُ الْمَجْدَ وَالشَّرَفَ لِأَهْلِهِ، فَحُفَّاظُهُ لَهُمْ شَرَفُ الدُّنْيَا بِالتَّقْدِيمِ فِي الْإِمَامَةِ وَالنِّكَاحِ وَالدَّفْنِ وَغَيْرِهَا، وَالْمُشْتَغِلُونَ بِعُلُومِهِ وَمَعَانِيهِ يَؤُوبُ النَّاسُ إِلَيْهِمْ فِي أُمُورِ دِينِهِمْ تَفَقُّهًا وَسُؤَالًا وَاسْتِفْتَاءً؛ وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَجْدِ وَالشَّرَفِ؛ وَيَكْفِيهِمْ مَجْدًا وَشَرَفًا أَنَّهُمْ أَهْلُ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنَا حِفْظَ الْقُرْآنِ وَتِلَاوَتَهُ وَتَدَبُّرَهُ وَالْعَمَلَ بِهِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهُ وَخَاصَّتُهُ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطَّلَاقِ: 2-3].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

حَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ وَهُوَ يَعْلَمُ مَجْدَ الْقُرْآنِ وَمَجْدَ أَهْلِهِ أَنْ يَلْزَمَهُ قِرَاءَةً وَحِفْظًا وَتَدَبُّرًا وَعَمَلًا؛ لِيَأْخُذَ حَظَّهُ مِنْ مَجْدِ الْقُرْآنِ وَشَرَفِهِ، وَهَذِهِ الْأَيَّامُ هِيَ أَيَّامُ الْقُرْآنِ، وَفِيهَا عَشْرُ رَمَضَانَ الْأَخِيرَةُ، وَهِيَ مُعَظَّمَةٌ، وَقَدْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ» وَ«كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ» كَمَا حَكَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. بَلْ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ يَلْتَمِسُ اللَّيْلَةَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي أُنْزِلَ فِيهَا الْقُرْآنُ، وَهِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ؛ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

فَحَرِيٌّ بِأَهْلِ الْإِيمَانِ وَالصِّيَامِ وَالْقُرْآنِ أَنْ يَحْرِصُوا عَلَى سُنَّةِ الِاعْتِكَافِ إِنْ فُتِحَتِ المَسَاجِدُ، فَإِنْ لَمْ تُفْتَحْ كُتِبَ الأَجْرُ لِمَنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يَعْتَكِفَ وَلِمَنْ نَوَاهُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيهِ، وَأَنْ يُفَرِّغُوا أَنْفُسَهُمْ لِلْقُرْآنِ. فَمَنْ عَجَزَ عَنِ الِاعْتِكَافِ فَلَا يُغْلَبُ عَلَى أَنْ يَقْضِيَ أَكْثَرَ وَقْتِهِ مَعَ الْقُرْآنِ، وَلَا سِيَّمَا فِي اللَّيْلِ ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ﴾ [الْمُزَّمِّلِ: 4-6].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أوصاف القرآن الكريم (3)
  • أوصاف القرآن الكريم (4)
  • أوصاف القرآن الكريم (5)
  • أوصاف القرآن الكريم (6)
  • أوصاف القرآن الكريم (7)
  • ق والقرآن المجيد
  • أوصاف القرآن (2) العزيز
  • أوصاف القرآن الكريم (13) (والكتاب المبين)
  • أوصاف القرآن الكريم (14): ﴿ تلك آيات الكتاب الحكيم ﴾ (خطبة)
  • أوصاف القرآن الكريم (15) { الله نزل أحسن الحديث }
  • خطبة: أوصاف القرآن الكريم (16): {تلك آيات الكتاب}
  • أوصاف القرآن الكريم (17) {كتابا متشابها مثاني}

مختارات من الشبكة

  • أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أوصاف القرآن (3) الكريم(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • أوصاف القرآن الكريم (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أوصاف القرآن الكريم (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وإنه لكتاب عزيز (أوصاف القرآن الكريم 11)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أوصاف القرآن الكريم: وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • (ولقد أنزلنا إليك آيات بينات) أوصاف القرآن الكريم (9)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أوصاف القرآن الكريم (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أوصاف القرآن الكريم (1)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أوصاف القرآن (4) المجيد(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/12/1446هـ - الساعة: 10:11
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب