• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أحكام القذف - دراسة فقهية - (WORD)
    شهد بنت علي بن صالح الذييب
  •  
    إلهام الله لعباده بألفاظ الدعاء والتوبة
    خالد محمد شيت الحيالي
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تخريج حديث: جاءني جبريل، فقال: يا محمد، إذا توضأت ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الإيمان بالقدر خيره وشره
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    الأمثال الكامنة في القرآن
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (6)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: السميع
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

تعاويذ النبي صلى الله عليه وسلم (2)

تعاويذ النبي صلى الله عليه وسلم (2)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/4/2022 ميلادي - 19/9/1443 هجري

الزيارات: 12233

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تعاويذ النبي صلى الله عليه وسلم (2)


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْقَدِيرِ؛ فَارِجِ الْكُرُبَاتِ، مُجِيبِ الدَّعَوَاتِ، مُقِيلِ الْعَثَرَاتِ، لَا يَخِيبُ مَنْ رَجَاهُ، وَلَا يُرَدُّ مَنْ دَعَاهُ، وَهُوَ الْغَنِيُّ الْكَرِيمُ، نَحْمَدُهُ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ وَرَمَضَانَ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى الْبِرِّ وَالْعَطَايَا وَالْإِحْسَانِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَعَلَّقَتْ بِهِ قُلُوبُ الْمُوقِنِينَ، وَعُفِّرَتْ لَهُ جِبَاهُ الْمُتَهَجِّدِينَ، وَرُفِعَتْ لَهُ أَكُفُّ الدَّاعِينَ، يَرْجُونَ عَطَايَاهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْكَرِيمِ؛ فَاللَّهُمَّ اقْبَلْ مِنَّا وَمِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ يَعْتَكِفُ فِي عَشْرِ رَمَضَانَ، وَيُطِيلُ التَّهَجُّدَ وَالْقِيَامَ، وَيُلِحُّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالدُّعَاءِ، يَرْجُو الْأَجْرَ وَالثَّوَابَ، وَيَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاجْتَهِدُوا فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الْعَظِيمَةِ؛ فَإِنَّهَا عَنْ قَرِيبٍ رَاحِلَةٌ، وَتَبْقَى أَعْمَالُكُمْ فِيهَا؛ ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزَّلْزَلَةِ: 7- 8].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: هَذِهِ اللَّيَالِي لَيَالِي الدُّعَاءِ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ أَجْمَعُهُ، وَأَجْمَعُ الدُّعَاءِ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ جَوَامِعَ الدُّعَاءِ، وَجَوَامِعَ الْكَلِمِ. وَمَا تَعَوَّذَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَتَعَوَّذَ مِنْهُ.

 

وَمِمَّا حُفِظَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّعَاوِيذِ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَمَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ».

 

وَهَذِهِ التَّعْوِيذَةُ مِنْ أَجْمَعِ التَّعَاوِيذِ وَأَنْفَعِهَا، فَإِذَا نُجِّيَ الْعَبْدُ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعِ عُوفِيَ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ، وَكَانَتْ دُنْيَاهُ سَعَادَةً وَسُرُورًا، وَآخِرَتُهُ فَوْزًا وَحُبُورًا.

 

وَأَوَّلُهَا: جَهْدُ الْبَلَاءِ: «فَكُلُّ مَا أَصَابَ الْإِنْسَانَ مِنْ شِدَّةِ الْمَشَقَّةِ وَالْجَهْدِ، مِمَّا لَا طَاقَةَ لَهُ بِحَمْلِهِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ». قَالَ السُّيُوطِيُّ: «هِيَ الْحَالَةُ الَّتِي يَخْتَارُ الْمَوْتَ عَلَيْهَا؛ أَيْ: لَوْ خُيِّرَ بَيْنَ الْمَوْتِ، وَبَيْنَ تِلْكَ الْحَالَةِ لَأَحَبَّ أَنْ يَمُوتَ تَحَرُّزًا عَنْ تِلْكَ الْحَالَةِ. نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ».

 

وَثَانِيهَا: دَرَكُ الشَّقَاءِ: وَالْمَعْنَى: أَعُوذُ بِكَ أَنْ يُدْرِكَنِي، وَالشَّقَاءُ يَكُونُ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ؛ فَفِي الدُّنْيَا مَا يَسْتَجْلِبُ الْهُمُومَ وَالْغُمُومَ وَالْأَحْزَانَ مِنْ تَضْيِيقِ الْعَيْشِ، وَرُكُوبِ الدَّيْنِ، وَتَسْلِيطِ الْعَدُوِّ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: «دَرَكُ الشَّقَاءِ: شِدَّةُ الْمَشَقَّةِ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا، وَضِيقُهَا عَلَيْهِ، وَحُصُولُ الضَّرَرِ الْبَالِغِ فِي بَدَنِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ». وَفِي الْآخِرَةِ بِاسْتِجْلَابِ أَسْبَابِ الشَّقَاءِ مِنَ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ وَالْبِدَعِ وَالْكَبَائِرِ، وَأَوَّلُهُ ضِيقُ الصَّدْرِ فِي الدُّنْيَا، وَقَلَقُ الْقَلْبِ، وَظُلْمَةُ الْوَجْهِ، ثُمَّ سُوءُ الْخَاتِمَةِ، ثُمَّ عَذَابُ الْقَبْرِ، ثُمَّ شِدَّةُ الْحِسَابِ، ثُمَّ هَوْلُ الْعَذَابِ، وَمَنْ نُجِّيَ مِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ سَعِدَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. فَإِذَا اسْتَعَاذَ الْعَبْدُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ فَهَذَا يَتَضَمَّنُ الدُّعَاءَ بِأَلَّا يَعْمَلَ عَمَلَ الْأَشْقِيَاءِ؛ لِئَلَّا يَكُونَ مِنْهُمْ.

 

وَثَالِثُهَا: سُوءُ الْقَضَاءِ، «بِمَعْنَى الْمَقْضِيِّ؛ إِذْ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَيْثُ هُوَ حُكْمُهُ حَسَنٌ لَا سُوءَ فِيهِ»، «أَيِ: الْقَضَاءُ الْمُسِيءُ الْمُحْزِنُ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْبَدَنِ وَالْمَالِ وَالْأَهْلِ» «وَهُوَ مَا يَسُوءُ الْإِنْسَانَ، وَيُوقِعُهُ فِي الْمَكْرُوهِ».

 

وَرَابِعُهَا: شَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ: وَهَذِهِ زِيَادَةٌ فِي الْحَدِيثِ زَادَهَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَنَسِيَ، قَالَ الْبُخَارِيُّ بَعْدَ أَنْ رَوَى الْحَدِيثَ: قَالَ سُفْيَانُ: «الْحَدِيثُ ثَلَاثٌ، زِدْتُ أَنَا وَاحِدَةً، لَا أَدْرِي أَيَّتُهُنَّ هِيَ». وَدَلَّتْ رِوَايَاتٌ أُخْرَى عَلَى أَنَّ جُمْلَةَ «شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ» هِيَ الَّتِي زَادَهَا سُفْيَانُ وَنَسِيَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى ضَبْطِ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ وَدِقَّتِهِمْ، فَإِنَّهُ لَمَّا زَادَ وَاحِدَةً وَنَسِيَهَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ، وَالرُّوَاةُ نَقَلُوا ذَلِكَ عَنْهُ حَتَّى دَوَّنَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا، فَلِلَّهِ دَرُّ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ مَا أَشَدَّ دِقَّتَهُمْ وَتَحَرِّيَهُمْ فِي ضَبْطِ الْأَلْفَاظِ، وَمَا أَعْظَمَ خِدْمَتَهُمْ لِلسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ.

 

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: «كُلُّ أَمْرٍ يُكْرَهُ، يُلَاحَظُ فِيهِ جِهَةُ الْمَبْدَأِ وَهُوَ سُوءُ الْقَضَاءِ، وَجِهَةُ الْمَعَادِ وَهُوَ دَرَكُ الشَّقَاءِ؛ لِأَنَّ شَقَاءَ الْآخِرَةِ هُوَ الشَّقَاءُ الْحَقِيقِيُّ، وَجِهَةُ الْمَعَاشِ وَهُوَ جَهْدُ الْبَلَاءِ. وَأَمَّا شَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ فَتَقَعُ لِكُلِّ مَنْ وَقَعَ لَهُ كُلٌّ مِنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثَةِ» اهـ. «وَشَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ هِيَ فَرَحُ الْعَدُوِّ بِبَلِيَّةٍ تَنْزِلُ بِعَدُوِّهِ».

 

وَمِمَّا حُفِظَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّعَاوِيذِ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ، وَشَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُهُ فِي الصَّلَاةِ، كَمَا جَاءَ مِنْ حَدِيثِ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: «حَدِّثِينِي بِشَيْءٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِهِ، فَقَالَتْ: نَعَمْ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ، وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ» وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «كَانَ أَكْثَرَ دُعَائِهِ». وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَّتِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ مِنْهُ، وَيَدْعُو بِهِ فِي الصَّلَاةِ.

 

وَاسْتِعَاذَةُ الْعَبْدِ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلَ، مَعْنَاهُ: مِنْ شَرِّ مَا اكْتَسَبَهُ مِمَّا قَدْ يَقْتَضِي عُقُوبَةً فِي الدُّنْيَا، أَوْ يَقْتَضِي عُقُوبَةً فِي الْآخِرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَصَدَهُ. وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا يَعْمَلُ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بِأَنْ يُدْخِلَ فِيهَا مَا يُحْبِطُ ثَوَابَهَا؛ كَالْعُجْبِ وَالرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ، فَيُعَاقَبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ شِرْكٌ خَفِيٌّ. وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ قَدْ يَعْمَلُ الْإِنْسَانُ الْعَمَلَ لَا يَقْصِدُ بِهِ إِلَّا الْخَيْرَ، وَيَكُونُ فِي بَاطِنِ أَمْرِهِ شَرًّا لَا يَعْلَمُهُ، فَاسْتَعَاذَ مِنْهُ. وَتَضَمَّنَ الْحَدِيثُ أَيْضًا الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ مَا لَمْ يَعْمَلْ، أَيْ: مِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ أَنَا بِنَفْسِي، وَعَمِلَهُ غَيْرِي مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي تُوجِبُ الْعُقُوبَاتِ الْعَامَّةَ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ [الْأَنْفَالِ: 25]، كَمَا يَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ أَنْ يَعْمَلَ فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ مَا لَا يَرْضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّهُ لَا مَأْمَنَ لِأَحَدٍ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ ﴿ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [الْأَعْرَافِ: 99].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَقْبَلَ مِنَّا وَمِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ الْفَائِزِينَ، وَأَنْ يَنْظِمَنَا فِي عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131-132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: جِدُّوا وَاجْتَهِدُوا فِي هَذِهِ الْعَشْرِ الْمُبَارَكَةِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْتَهِدُ فِيهَا مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهَا، وَكَانَ يَلْزَمُ الْمَسْجِدَ مُعْتَكِفًا لِلَّهِ تَعَالَى لَيَالِيَ الْعَشْرِ تَحَرِّيًا لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: وَمِمَّا حُفِظَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّعَاوِيذِ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ، فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ، فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 

فَتَعَوَّذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجُوعِ لِشِدَّةِ أَلَمِهِ، وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ «بِئْسَ الضَّجِيعُ» أَيِ: الْمُضَاجِعُ، وَالضَّجِيعُ: مَا يُلَازِمُ صَاحِبَهُ فِي الْمَضْجَعِ، وَأُطْلِقَ عَلَى الْجُوعِ ضَجِيعًا؛ لِلُزُومِهِ لِلْإِنْسَانِ لَيْلًا وَنَهَارًا، فِي النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ. وَلِلْجُوعِ أَلَمٌ شَدِيدٌ، يُسْهِرُ لَيْلَ صَاحِبِهِ، وَيُضْجِرُهُ فِي نَهَارِهِ، وَلَا يَكَادُ يَسْكُنُ حَتَّى يَعُودَ مَرَّةً أُخْرَى. وَتَعَوَّذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخِيَانَةِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهَا بِئْسَ الْبِطَانَةُ، أَيْ: بِئْسَ مَا يُبْطِنُهُ الْخَائِنُ وَلَا يُظْهِرُهُ. فَجَعَلَ أَقْبَحَ مَا يُخْفِيهِ الْإِنْسَانُ فِي بَاطِنِهِ الْخِيَانَةَ. وَأَصْلُ الْخِيَانَةِ أَنْ يُؤْتَمَنَ الرَّجُلُ عَلَى شَيْءٍ فَلَا يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ فِيهِ. وَلَكِنَّهَا تَعُمُّ الدِّينَ كُلَّهُ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ مُؤْتَمَنٌ عَلَى دِينِهِ أَنْ يَقُومَ بِهِ، وَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ أَمَانَةً فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 27]، فَمَنْ ضَيَّعَ شَيْئًا مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، أَوْ رَكِبَ شَيْئًا مِمَّا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَدْ خَانَ الْأَمَانَةَ، وَكُلُّ مَنْ عَصَا اللَّهَ تَعَالَى فَقَدْ خَانَ نَفْسَهُ؛ إِذْ جَلَبَ إِلَيْهَا الذَّمَّ فِي الدُّنْيَا، وَالْعِقَابَ فِي الْآخِرَةِ.

 

وَمَا أَحْوَجَ الْمُؤْمِنَ إِلَى هَذِهِ التَّعْوِيذَةِ فِي هَذَا الزَّمَنِ؛ إِذِ الْمَجَاعَاتُ تُطِلُّ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْمُجْتَمَعَاتِ؛ بِسَبَبِ الرُّكُودِ الِاقْتِصَادِيِّ، وَالْفَسَادِ الْمَالِيِّ، وَتَوَحُّشِ الرَّأْسِمَالِيَّةِ. وَالْأَمَانَةُ تَتَلَاشَى مِنَ الْبَشَرِ شَيْئًا شَيْئًا، وَأَوَّلُ مَا يَفْقِدُ النَّاسُ مِنْ دِينِهِمُ الْأَمَانَةَ، كَمَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ الْأَمَانَةَ تُقْبَضُ مِنَ الْقُلُوبِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، حَتَّى لَا يَكَادَ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ.

 

وَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ - وَهُوَ يَتَعَوَّذُ بِالتَّعَاوِيذِ النَّبَوِيَّةِ - أَنْ يَفْهَمَ مَعَانِيَهَا، وَيَسْتَحْضِرَهَا بِقَلْبِهِ، وَلَا يَكْتَفِي بِمُجَرَّدِ حِفْظِهَا أَوْ تَرْدِيدِهَا؛ وَذَلِكَ لِيَرَى أَثَرَهَا عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، وَنَفْسِهِ، وَأَهْلِهِ، وَمَالِهِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تعاويذ النبي صلى الله عليه وسلم (1)
  • خطبة: تعاويذ النبي صلى الله عليه وسلم (3)

مختارات من الشبكة

  • من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: كان صلى الله عليه وسلم رحيما بالمؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث: صلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح خمس صلوات بوضوء واحد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم رقد رقدة(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • هل صلى النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا؟ ولماذا؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير وضوء؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خير الكلام فيما تعوذ منه عليه الصلاة والسلام (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • الموجز في التعريف بنبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ودعوته، وصور مضيئة من حياته صلى الله عليه وسلم المشرقة، ودلائل من شواهد نبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • علاقة محمد صلى الله عليه وسلم، بجبريل عليه السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة إلا لميقاتها(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • الضوابط الأخلاقية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب