• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ثلاث آيات قرآنية تدل على نزول عيسى عليه السلام في ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    خطبة: الغزو الفكري … كيف نواجهه؟ (2)
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    {قل من كان في الضلالة} (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    بيان مقام الخلة التي أعطيها النبي صلى الله عليه ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    أكـرم البنات... تكن رفيق النبي صلى الله عليه وسلم ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    التحذير من صفات المنافقين (خطبة)
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أسباب وأهداف الحرب في الإسلام
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    إني أخاف أن أسلب التوحيد! (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    الوصاية بالنساء في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    سوء الظن وآثاره على المجتمع المسلم (خطبة)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    تفسير سورة الزلزلة
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    تحريم سب الريح أو الشمس أو القمر ونحوها مما هو ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    الملك المحدث: إجازة بخط الإمام الحافظ عبدالرحيم ...
    محمد الوجيه
  •  
    أكرمها الإسلام فأكرموها (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

أهمية الخشوع (خطبة)

أهمية الخشوع (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/4/2019 ميلادي - 5/8/1440 هجري

الزيارات: 38168

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

روح الصلاة (2)

أهمية الخشوع


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْبَرِّ الرَّحِيمِ، الْجَوَادِ الْكَرِيمِ؛ جَادَ عَلَى عِبَادِهِ فَهَدَاهُمْ إِلَيْهِ، وَدَلَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ إِلَيْهِ، وَوَعَدَ مَنْ أَطَاعَ بِأَعْظَمِ الْجَزَاءِ، وَأَوْعَدَ مَنْ عَصَى بِأَشَدِّ الْعَذَابِ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَكَفَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ الصَّلَاةَ رَاحَةَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأُنْسَ الْمُسْتَوْحِشِينَ، وَسُلْوَانَ الْمَهْمُومِينَ، وَقُرَّةَ أَعْيُنِ الْخَاشِعِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ النَّبِيُّ الْأَمِينُ؛ كَانَ يَجِدُ رَاحَتَهُ فِي الصَّلَاةِ، وَإِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِهِ فِي الصَّلَاةِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَسْلِمُوا لَهُ وُجُوهَكُمْ، وَأَخْلِصُوا لَهُ فِي أَعْمَالِكُمْ، وَاخْشَعُوا فِي صَلَاتِكُمْ، وَجِدُّوا فِي بِنَاءِ آخِرَتِكُمْ، وَلَا تَغُرَّنَّكُمْ زَخَارِفُ دُنْيَاكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ مُفَارِقُوهَا إِلَى دَارِ قَرَارِكُمْ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فَاطِرٍ: 5- 6].

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

لَا عَمَلَ يَتَكَرَّرُ مَعَ الْمُؤْمِنِ كَالصَّلَاةِ؛ فَهِيَ صِلَتُهُ بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَهِيَ خَلَاصُهُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا الصَّاخِبَةِ، الْمُلَوَّثَةِ بِالْمَخَاوِفِ وَالْأَكْدَارِ، الْمَمْلُوءَةِ بِالْهُمُومِ وَالْأَحْزَانِ. وَهِيَ عِصْمَتُهُ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنْهَا، وَلَكِنَّ الصَّلَاةَ لَا تَكُونُ خَلَاصًا وَرَاحَةً لِلْمُصَلِّي، وَلَا جُنَّةً يَسْتَجِنُّ بِهَا مِنَ الْمُنْكَرَاتِ؛ إِلَّا إِذَا دَبَّتِ الرُّوحُ فِيهَا بِالْخُشُوعِ، وَرَكَعَ فِيهَا الْقَلْبُ وَسَجَدَ، وَلَمْ تَكُنْ مُجَرَّدَ حَرَكَاتٍ مَأْلُوفَةٍ بَارِدَةٍ. وَهَذَا يُبَيِّنُ حَاجَةَ الْمُصَلِّي فِي هَذَا الزَّمَنِ لِلْخُشُوعِ؛ لِيَقْوَى قَلْبُهُ عَلَى تَحَمُّلِ أَعْبَاءِ الْحَيَاةِ وَمُوَاجَهَةِ الْمَخَاوِفِ؛ وَلِيَتَحَصَّنَ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ، وَدَوَاعِي الشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ.

 

وَاللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، لَا بِمُجَرَّدِ أَدَائِهَا؛ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الِاجْتِهَادَ فِي إِكْمَالِ شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا، وَخُشُوعِ الْقَلْبِ فِيهَا؛ لِئَلَّا تَكُونَ صَلَاةً مُجَرَّدَةً عَنْ ذَلِكَ، فَلَا يَكُونُ مُؤَدِّيهَا قَدْ أَقَامَهَا.

 

وَلَا خِيَارَ لِلْمُؤْمِنِ فِي الْخُشُوعِ؛ لِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 45]، «وَهَذَا يَقْتَضِي ذَمَّ غَيْرِ الْخَاشِعِينَ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 143]... فَقَدْ دَلَّ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَنْ كَبُرَ عَلَيْهِ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَنَّهُ مَذْمُومٌ بِذَلِكَ فِي الدِّينِ، مَسْخُوطٌ مِنْهُ ذَلِكَ. وَالذَّمُّ أَوِ السُّخْطُ لَا يَكُونُ إِلَّا لِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ، وَإِذَا كَانَ غَيْرُ الْخَاشِعِينَ مَذْمُومِينَ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الْخُشُوعِ».

 

وَيَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ أَيْضًا: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 1- 2]، ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ جُمْلَةً مِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 10- 11]، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّ هَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ يَرِثُونَ فِرْدَوْسَ الْجَنَّةِ؛ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَرِثُهَا غَيْرُهُمْ. وَقَدْ دَلَّ هَذَا عَلَى وُجُوبِ هَذِهِ الْخِصَالِ؛ إِذْ لَوْ كَانَ فِيهَا مَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ لَكَانَتْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ تُورَثُ بِدُونِهَا؛ لَأَنَّ الْجَنَّةَ تُنَالُ بِفِعْلِ الْوَاجِبَاتِ دُونَ الْمُسْتَحَبَّاتِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الْخِصَالِ إِلَّا مَا هُوَ وَاجِبٌ... وَإِذَا كَانَ الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ وَاجِبًا وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِلسُّكُونِ وَالْخُشُوعِ، فَمَنْ نَقَرَ نَقْرَ الْغُرَابِ لَمْ يَخْشَعْ فِي سُجُودِهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَيَسْتَقِرَّ قَبْلَ أَنْ يَنْخَفِضَ لَمْ يَسْكُنْ؛ لِأَنَّ السُّكُونَ هُوَ الطُّمَأْنِينَةُ بِعَيْنِهَا، فَمَنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ لَمْ يَسْكُنْ، وَمَنْ لَمْ يَسْكُنْ لَمْ يَخْشَعْ فِي رُكُوعِهِ وَلَا فِي سُجُودِهِ، وَمَنْ لَمْ يَخْشَعْ كَانَ آثِمًا عَاصِيًا...».

 

وَلِأَهَمِّيَّةِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَوُجُوبِهِ: نُهِيَ عَنْ رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي الْخُشُوعَ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، «فَلَمَّا كَانَ رَفْعُ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ يُنَافِي الْخُشُوعَ حَرَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَعَّدَ عَلَيْهِ».

 

وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ الْخُشُوعَ، كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَلِإِغْرَاءِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْخُشُوعِ فِي صَلَاتِهِمْ أَخْبَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقْبِلُ عَلَيْهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ مَا دَامُوا خَاشِعِينَ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَفِي وَصِيَّةِ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ لَهُمْ: «وَآمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَلِأَهَمِّيَّةِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ: نُهِيَ الْمُصَلِّي عَنِ الْحَرَكَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَرَكَةَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ مِنَ الْعَبَثِ الْمُنَافِي لِلْخُشُوعِ، الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟ اسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَيَنْقُصُ أَجْرُ الصَّلَاةِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ خُشُوعِهَا، وَيُصَلِّي الرَّجُلَانِ بِجِوَارِ بَعْضٍ وَبَيْنَهُمَا فِي الْأَجْرِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَحُجَّةُ ذَلِكَ حَدِيثُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْصَرِفُ وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلَّا عُشْرُ صَلَاتِهِ، تُسْعُهَا، ثُمْنُهَا، سُبْعُهَا، سُدْسُهَا، خُمْسُهَا، رُبْعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَكُلُّ مَا يُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّي فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يَجْتَنِبُهُ لِحُصُولِ الْخُشُوعِ؛ وَلِذَا لَا يُصَلِّي وَهُوَ حَاقِنٌ أَوْ حَاقِبٌ أَوْ جَائِعٌ قَدْ وُضِعَ طَعَامُهُ، بَلْ يَقْضِي حَاجَتَهُ، وَيَأْكُلُ طَعَامَهُ ثُمَّ يُصَلِّي؛ لِيُصَلِّيَ بِخُشُوعٍ وَحُضُورِ قَلْبٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَحَرِيٌّ بِالْمُصَلِّي بَعْدَ هَذِهِ النُّصُوصِ الْكَثِيرَةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الْخُشُوعِ وَوُجُوبِهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَحْصِيلِهِ لِيُدْرِكَهُ، وَمَنْ صَدَقَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى فِي طَاعَتِهِ بَلَّغَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا تَمَنَّاهُ مِنْهَا.

 

أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 238]؛ أَيْ: خَاشِعِينَ.

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 72].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

فِي آخِرِ الزَّمَانِ يُرْفَعُ الْخُشُوعُ مِنَ النَّاسِ، فَيَغَصُّ الْمَسْجِدُ الْجَامِعُ بِالْمُصَلِّينَ وَلَيْسَ فِيهِمْ خَاشِعٌ وَاحِدٌ، كَمَا فِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ: هَذَا أَوَانٌ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنَ النَّاسِ حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ، فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيَدٍ الْأَنْصَارِيُّ: كَيْفَ يُخْتَلَسُ مِنَّا وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ، فَوَاللَّهِ لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا زِيَادُ، إِنْ كُنْتُ لَأَعُدُّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَمَاذَا تُغْنِي عَنْهُمْ؟ قَالَ جُبَيْرٌ: فَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، قُلْتُ: أَلَا تَسْمَعُ إِلَى مَا يَقُولُ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ قَالَ: صَدَقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، إِنْ شِئْتَ لَأُحَدِّثَنَّكَ بِأَوَّلِ عِلْمٍ يُرْفَعُ مِنَ النَّاسِ؟ الْخُشُوعُ، يُوشِكُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَلَا تَرَى فِيهِ رَجُلًا خَاشِعًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

 

وَجَاءَ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الْخُشُوعُ، وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الصَّلَاةُ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَلِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ.

 

فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَحْصِيلِ الْخُشُوعِ، وَأَنْ يَأْتِيَ بِأَسْبَابِهِ؛ مِنْ إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ، وَكَثْرَةِ الذِّكْرِ فَإِنَّهُ يَطْرُدُ الشَّيْطَانَ وَوَسَاوِسَهُ عَنِ الْعَبْدِ، وَيُبَكِّرَ لِلْمَسْجِدِ، وَيَدْنُوَ مِنَ الْإِمَامِ، وَيَطْمَئِنَّ فِي الصَّلَاةِ، وَيَتَدَبَّرَ مَا يَقْرَأُ وَيَسْمَعُ مِنَ الْقُرْآنِ، وَيَتَفَهَّمَ مَا يَقُولُ مِنْ أَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالدُّعَاءِ، وَيَطْرُدَ وَارِدَاتِ الذِّهْنِ عَلَيْهِ، وَيُجَاهِدَ نَفْسَهُ عَلَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَعَانَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْخُشُوعِ، وَفَتَحَ لَهُ بَابَهُ، فَوَجَدَ لَذَّتَهُ، وَأَنِسَ بِصَلَاتِهِ؛ وَلِذَا كَانَتِ الصَّلَاةُ قُرَّةَ عَيْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُنْسَهُ وَسَعَادَتَهُ؛ لِأَنَّهُ يَخْشَعُ فِيهَا ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 69].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخشوع في الصلاة (خطبة)
  • الخشوع في الصلاة (خطبة)
  • الخشوع في الصلاة (خطبة)
  • الخشوع ومغفرة الذنوب (خطبة)
  • التضرع والخشوع والرغبة والرهبة والإلحاح في الدعاء (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أهمية العمل وضرورته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية الإخلاص والتقوى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية التطعيمات الموسمية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية مراقبة الله في حياة الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية ممارسة الهوايات عند الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية المسؤولية في العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بدايات النهضة الأدبية في مصر وأهم عوامل ازدهارها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تحفة الأنام بأهمية إدارة الوقت في الإسلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة الدجال... العبر والوقاية (2)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/6/1447هـ - الساعة: 19:28
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب