• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وقفة معبرة مع تقويم الهجرة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير سورة الناس
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    حديث: إذا مضت أربعة أشهر وقف المولي حتى يطلق، ولا ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    رؤيا فسرها المنام وصدقها الواقع
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    قصة موسى عليه السلام
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    من مائدة الحديث: وصايا نبوية نافعة
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الإمام الحافظ أبو علي الغساني الجياني (ت 498 هـ) ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    عام مضى وصوم عاشورا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    الاستعداد ليوم الرحيل (خطبة)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    على المحجة البيضاء (خطبة)
    حمدي بن حسن الربيعي
  •  
    خطبة: محدثات نهاية العام وبدايته
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    المغنم بصيام عاشوراء والمحرم (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    خطبة المسكرات والمفترات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تفسير: (وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحريم الخوف دون الطبيعي من غير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة: الهجرة النبوية دروس وعبر
    مطيع الظفاري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب الحرمين الشريفين / خطب المسجد النبوي
علامة باركود

خطبة المسجد النبوي 8/1/1431هـ

الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/12/2009 ميلادي - 11/1/1431 هجري

الزيارات: 17868

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأمانة ووجوب حفظها وفضل صيام عاشوراء 
 

الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وشرع لنا أفضل الأحكام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك العلام، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله أفضل الأنام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الكرام.
 
أما بعد:
فيا أيها المسلمون أوصيكم ونفسي بتقوى الله - جل وعلا – فلا خير لنا ولا صلاح إلا بتقواه - جل وعلا - وبطاعته في كل صغير وكبير.
 
إخوة الإسلام:
الحياة المثلى لا تتحقق إلا بالإحسان، والحضارات لا تُبْنى إلا بالإتقان، إحسان التخطيط والتقدير وإتقان العمل في التنفيذ، قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء" رواه مسلم.
 
إخوة الإسلام:
ما أحوجنا حينما تمر بنا البأساء والضراء، وتحل بنا الكوارث والمصائب، ما أحوجنا إلى وقفات للمحاسبة، ولحظات للمراجعة؛ فمقياس حضارة الأمم ومعيار تقدمها ورقيها أن تكون صادقة مع ذاتها، تعرف مواضع الخلل لتصلحها، وتلحظ أماكن الزلل لتتلافاها.
 
وهنا نقف - إخوة الإسلام - وقفات مهمة تتضمن مضامين متى سرت في الأمة كانت سبب فلاحها، وعاملا لصلاحها وازدهار حياتها:
الوقفة الأولى: أن كل مصيبة تقع على المسلمين، وكل كارثة تقع تحصل بالمؤمنين فيجب أن تقودهم إلى التوبة إلى الله - جل وعلا - والرجوع والإنابة إليه {وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 42 -43]، {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ} [الأعراف: 94].
 
الوقفة الثانية: عند حدوث الكوارث والمصائب نسمع بعض المسلمين يقول بأنها كارثة طبيعية، وهذا الكلام لا يجوز في شرع الله - جل وعلا - بل كل شيء يقع في هذه الدنيا فهو بقضاء الله وقدره، ومشيئته وحكمته {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22].
 
ولكن إذا وقعت مصيبة وحصلت كارثة فلا نقف عند هذا الحد عاجزين عن معرفة الأسباب والعلل للعلاج ودرء الخطر في المستقبل؛ فمن المتقرر شرعاً أن القدر يحُْتَجُّ به في المصائب، ولا يحتج به في المعايب؛ بمعنى إذا وقعت بنا كارثة فلا نقول: إن هذا قدر على أن لا نغير من واقعنا وفي مستقبلنا شيئا.
 
الوقفة الثالثة: الواجب على من تسنم قمم المراتب وتبوأ أعالي المناصب من الوزراء والمدراء والأمناء أن يستشعروا مسئوليتهم أمام الله - جل وعلا - وأن يعلموا أنهم قد تحملوا أمانة عظيمة أمام الله - سبحانه - ثم أمام ولي الأمر ثم أمام المجتمع ككل. "كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته" إن الأمر جِدُّ خطير.
 
فيامن ولاه الله - جل وعلا - منصبا من المناصب تذكَّرْ موقفك أمام الله - جل وعلا - واتق الله في المسلمين، واعلم أن حلاوة المنصب متضمنة غُرماً عظيماً يذكِّرنا به النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما قال أبو ذر - رضي الله عنه - له: "ألا تستعملني؟ أي تجعلني والياً أو أميراً ، فقال - عليه الصلاة والسلام -: "يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خِزْي وندامة إلا من أخذها بحقها وعدَّ الذي عليه فيها" أخرجه مسلم، وفيه أيضا: "إني أحب لك ما أحب لنفسي؛ لا تأمَّرن على اثنين، ولا تتولين مال يتيم".
 
فهل استشعرت - يامن قلدك الله منصباً من المناصب - خطورةَ هذا الأمر فأوليت الرعاية التامة ما استؤمنت عليه، وبذلت الجهد العظيم للعمل بما يخدم المصالح العامة والمنافع الكبرى للمجتمع؟ هل صدقتَ مع الله - جل وعلا - ثم مع ولي الأمر في تقديم الخدمة التي تتحقق بها المشاريع النافعة على أحسن وجه وأكمل حال؟ وإلا فالويل ثم الويل لمن أولاه وليُّ الأمر القيامَ على مصالح المسلمين ثم فرط في ذلك، أو أهمل الرعاية الواجبة.
 
صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنم بأفسدَ لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه "؛ بمعنى أن حرص الرجل على المال وعلى المناصب - إذا لم يتق الله في ذلك - كان مفسدا لدينه، وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - قوله فيما أخرجه أحمد: "ويلٌ للأمراء، ويل للعُرَفاء، ويل للأمناء ليتمنين يوم القيامة أن ذوائبهم كانت معلقة بالثريا، ويتذبذبون بين السماء والأرض ولم يكونوا عملوا على شيء".
 
الوقفة الرابعة: أن القيام على تنفيذ المشاريع والمرافق التي تخدم المصالح العامة في البلاد والعباد هي أمانةٌ، أمانةُ كل مسئول من أعلى سلطة إلى أدنى مستوى من المسئولية؛ فعلى الجميع التزام الأمانة والتحلي بلباسها، والتخلِّي عن الغدر والخيانة..ربنا - جل وعلا - يأمرنا بأداء الأمانة فيقول: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]، ويحذرنا من الخيانة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27].
 
ورسولنا - صلى الله عليه وسلم - يقول: "آية المنافق ثلاثٌ"، وذكر منها: "إذا اؤتمن خان" متفق عليه، وفي حديثٍ آخر.. حديث عظيم يحذر من تحلَّى بالخيانة والغدر: "لا إيمانَ لمَن لا أمانةَ له، ولا دِينَ لمنْ لا عهْدَ له" سنده حسن.
 
فيا أصحاب القيادات:
اعلموا أنكم مسئولون أمام الله - جل وعلا - عن العقود التي تجرونها، والمناقصات التي تشرفون عليها، والمشاريع التي أنتم مؤتمنون عليها، فهل ترضون التفريط في مصالحكم الخاصة؟ فما لكم بالتفريط في المصالح العامة؟!
 
الوقفة الخامسة: واجبُ كل ولي أمر - بحسبه - أن يولي أهل القوة والأمانة، وأهل الخير والصلاح والاستقامة، وأهل الصدق والنزاهة والورع والديانة من المعروفين بحسن السيرة والإخلاص في العمل: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26].
 
فما أفسد على المسلمين حياتهم إلا حينما أخَلُّوا بهذا المبدأ؛ فلْنحْذر المحسوبيات ولْنتجنب المحاباة، فليست المسئوليات منحًا تُهدَى ولا حقوقًا تُعطَى، بل الاختيار لكل وظيفة يجب أن يكون على أسسٍ موضوعية وعلمية.. وليس على أساس الوساطة والمحسوبية والقرابة؛ فنبينا - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه الحاكم - يقول: "من ولِيَ من أمْر المسلمين شيئاً فأمَّر عليهم أحداً محاباةً فعليه لعنةُ الله لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً حتى يدخله جهنم".
 
وفي حديث آخر: "أيما رجل استعمل رجلًا على عشرة أنفس علم أن في العشرة أفضل ممن استعمل، فقد غشَّ الله ورسوله، وغشَّ جماعة المسلمين".
 
الله أكبر! فكيف بمنصبٍ أو وظيفةٍ تتعلق بها مصالح عظيمة للمسلمين، ويترتب على الإهمال فيها مفاسد عظيمة لا تخفى على عاقل.
 
رضي الله عن عمر حينما قال: "من قلَّد رجلًا على عصابةٍ وهو يجد في تلك العصابة من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله وجماعة المؤمنين".
 
ألا وإن أعظم الضياع لمصالح الأمة والخيانة في الأمانة أن يُولَّى على المسلمين من ليس أهلًا لذلك، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة، قال السائل: وكيف إضاعتها؟ قال: إذا وُسِّد الأمرُ إلى غير أهله فانتظر الساعة" رواه البخاري.
 
وقال - عليه الصلاة والسلام -: "ما مِنْ أميرٍ يلِي أمور المسلمين ثم لم يجهد لهم وينصح لهم إلا لم يدخل الجنة معهم" أخرجه مسلم.
 
الأمر جد خطير يامن ولاه الله الأمانة.
 
الوقفة السادسة: ياأصحاب الشركات التي تبوأت مقاليد العمل في المشاريع العامة في بلاد المسلمين  أنتم مسئولون أمام الله - جل وعلا – عن كل ما تأخذون من المشاريع والأعمال، وسيأتي يومٌ تندمون فيه على التفريط، فمن أشد المحرمات: المبالغةُ في تقديم الأسعار الباهظة التي تقدمها الشركات حال المناقصة لأخذ مشروع يصرف عليه من مال بيت المسلمين، فيحصل حينئذٍ التنافس على أسعار مُغَالى فيها وأقيام مُبالَغٍ بها لا لشيء إلا لأجل أن المشروع يعود للمصلحة العامة.
 
فهذا ظلمٌ عظيمٌ لجميع المسلمين، الحق فيه للمسلمين يوم القيامة، هذا العمل تحرمه النصوص الشرعية وتأباه المقاصد المرعية، بل والأدهى من ذلك وأَمَرّ تنفيذ المشاريع بغشٍّ وخداع، وزيفٍ وكذب؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: "من غشَّنا فليسَ منَّا" رواه مسلم.
 
وتذكَّرُوا ياأصحاب المشاريع، يا أصحاب الشركات قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أوَّل ما يُنْتِنُ من الإنسان بطنُه، فمن اسْتطاع ألَّا يأكلَ إلا طيِّبا فليفعل" رواه البخاري.
 
كما أن من أعظم الظلم: التأخيرَ في تنفيذ المشاريع العامة، والمماطلةَ على المسلمين في التسليم؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: "مطْلُ الغني ظُلم".
 
وكم رأينا وشاهدنا من الأضرار التي نجمت بسبب ذلك، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: "لا ضرر ولا ضِرار". من ضار المسلمين ضاره الله.
 
واعلموا أن التفريط في أموال المسلمين ومشاريعهم من أعظم الموبقات عند الله - جل وعلا - قال صلى الله عليه وسلم: "إن أقوامًا يتخوَّضُون في مال الله بغير حقٍّ فلهم النار يوم القيامة" رواه البخاري.
 
فهل ترضون بهذه العقوبة عن هذه الدنيا الفانية؟!
 
الوقفة السابعة: أن من أسباب الخراب العظيم والفساد الوخيم الرشوةَ والتهاونَ في التصدي لها، تلك الجريمة النكراء التي تجعل من الحق باطلاً ومن الباطل حقا، وتحمل المسئول على تحقيق ما يريده الراشي من مقاصدَ سيئةٍ ومآربَ فاسدةٍ على حساب المصالح العامة إنها السحت الذي ذم الله - جل وعلا - بني إسرائيل على أخذه والتعاطي فيه.
 
وهي سبب لحصول اللعن على العبد، فعن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله الراشي والمرتشي" وهو حديث صحيح، وفي حديث رواه ابن جرير: "كلُّ لحم ٍأنبته السحت فالنار أولى به، قيل: وما السحت؟ قال: الرشوة في الحكم"، وكل رشوة في وظيفة ما فهي بهذا المعنى.
 
الواجب على كل ذي مسئولية وعلى المجتمع ككل، وعلى الإعلام أن يتصدى لهذه الجريمة البشعة؛ بفضح صاحبها والتشهير به، ومعاقبته بالعقاب الرادع الزاجر، فربنا - جل وعلا - يقول: {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [المائدة: 63]، وإلا فالويلُ ثم الويل لمجتمع لا يتناهى عن الرشوة، ولا يتعاون على محاربتها واجتثاثها من أصلها.
 
روى الإمام أحمد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من قوم يظهر فيهم الربا إلا أُخذوا بالسنة، وما من قوم يظهر فيهم الرشاء إلا أخذوا بالرعب"، إنها معجزة لمحمد - صلى الله عليه وسلم -.
 
الوقفة الثامنة: من الجرم العظيم والإثم المبين: استغلالُ المناصب للمصالح الشخصية، والاختلاس من الأموال العامة. ربنا - جل وعلا - يقول: {وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161]، ونبينا - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة، فقام إليه رجل أسود من الأنصار فقال: يا رسول الله اقبل عني عملك قال: ومالك؟ قال: سمعتك تقول كذا وكذا، قال: وأنا أقول كذا وكذا من استعملناه منكم على عمل فليجئ بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ وما نهي عنه انتهى" أخرجه مسلم، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً، فما أخذَ بعد ذلك فهو غُلول" إسناده صحيح، فهل ترك محمد - صلى الله عليه وسلم - من البلاغ والبيان أفصح وأعظم من ذلك؟!
 
كيف تغدر - أيها المسلم - بالأمانة التي استرعاك الله عليها، وخَوَّلك وليُّ الأمر إياها، وقد حذرك رسوله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك، ومن ذلك قوله: "إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يُرْفع لكل غادرٍ لواءٌ يعرف به فيقال: هذه غدرة فلان" متفق عليه.
 
أفتبتغي - أيها العبد - أن يقال لك هذا الأمر يوم القيامة؟ تب في هذه الدنيا قبل أن لا يأتي يومٌ لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا مَنْ أتى الله بقلب سليم.
 
اعلم - أيها العبد - أنك ستوقف للحساب، فليتق الله كلٌّ منا، وليطب مطعمه ومكسبه؛ فإنه لن يربو لحمٌ نبت من سحت إلا كانت النار أولى به، كما ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولنحذر ولنحذر من تهافت الناس على الحرام فذلك لا يجدي علينا شيئا؛ لقد حذرنا - صلى الله عليه وسلم - من زمان كزماننا هذا، فقال :" ليأتينَّ على الناس زمانٌ لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن الحلال أم من الحرام؟" رواه البخاري.
 
جاء عن عياض - وهو أمير لعمر على حمص - أنه قال لبعض أقاربه - في قصة طويلة ذكرها ابن الجوزي - قال :" فو الله لأَنْ أُشقَّ بالمنشار أحبُّ إليَّ من أن أخون فلساً أو أتعدى". إنها مدرسة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي تلقاها عمر فجعلها واقعاً ملموساً في عهده - رضي الله عنه - وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
 
الوقفة الأخيرة: الواجب المتحتم والفرض اللازم على أجهزة الرقابة التي ولاها الله - جل وعلا - مسئولية الرقابة، والتي أولاها ولي الأمر هذه المسئولية أن تتقي الله - جل وعلا - وأن تبذل جهدها في مراقبة كل صغير وكبير، وأن تحاسب كل جهة مسئولة عن كل مشروع محاسبةً متناهيةَ الدقة في الجليل والحقير، باذلةً أوجه التنقيب والمساءلة في كشف الحقائق وإظهار مواطن الزلل والخلل والفساد.
 
حاسب النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن اللتبية لما قدم وقال: هذا لكم وهذا لي، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر فحمد الله ثم قال: "ما بال العامل نبعثه فيأتي فيقول: هذا لكم وهذا لي، فهلَّا جلس في بيت أبيه وأمه ينتظر أَيهْدى إليه أم لا؟"، وجاء في بعض الروايات بلفظ فحاسبه - صلى الله عليه وسلم -.
 
إنها سنة نبوية في مبدأ: "من أين لك هذا؟"، وهذه سنة الخلفاء الراشدين من بعده.
 
جاء في "الإصابة في تراجم الصحابة" أن أبا هريرة - رضي الله عنه - كان عاملاً لعمر على البحرين، فقدم بعشرة آلاف فقال له عمر: "استأثرت بهذه الأموال؟ مع أنه - رضي الله عنه - لم يجعل هذا المال في الخفى وإنما أعلم به عمر، فقال عمر: "استأثرت بهذه الأموال؟ فمن أين لك؟ فقال أبو هريرة: "خيل نتجت، وأعطية تتابعت، وإخراج رقيق لي"، فنظر عمر ثم حاسب محاسبة دقيقة فوجدها كما قال، ثم دعا أبا هريرة ليستعمله مرة أخرى فأبى - رضي الله عنهم -.
 
بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعنا بما فيه من الآيات والبيان.
 
أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ عليه وعلى آلهِ وأصحابه.
 
أما بعد:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله - جل وعلا – فهي سبب كل فوزٍ ونجاة في الدنيا والآخرة.
 
أيها المسلمون:
شهر الله المحرم شهرٌ عظيم وموسمٌ كريم؛ قال عنه - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الصيام بعْد رمضان شهرُ الله المحرم، وأفضل الصلاةِ بعد الفريضة صلاةُ الليل".
 
ويتأكد مشروعية صيام اليوم العاشر من هذا الشهر، ففي الصحيحين: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه، وفي صحيح مسلم سئل عن صيام يوم عاشورا  فقال: "يكفر السنة الماضية"، والأفضل صوم التاسع مع العاشر كما قال - عليه الصلاة والسلام -: "لئن بقيت إلى قابل لَأصُومنَّ التاسع" رواه مسلم.
 
فمن لم يتمكن من التاسع فالحادي عشر كما هي السنة، وصوم يومٍ بعده ويومٍ قبله أفضل وأزكى أجرا.
 
ثم إن الله أمرنا بأمرٍ عظيم ألا وهو الصلاة والسلام على النبي الكريم، اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
 
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين. اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين. اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين.
 
اللهم فرج هموم المسلمين ونفِّس كرباتهم واشفِ مرضاهم وأغنِ فقراءهم واهدِ ضالهم يارب العالمين.
 
اللهم اكْبِت عدوهم. اللهم اكبتْ عدوهم، اللهم من أراد بالمسلمين سوءًا فأشغله في نفسه.
 
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
 
اللهم وفّق ولي أمرنا لما تحب وترضى، اللهم وفق جميع ولاة أمور المسلمين لما تحبه وترضاه ياذا الجلال والإكرام، اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم. اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم. اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم.
 
اللهم من أراد مصالحهم بسوءٍ فأشغله في نفسه، اللهم من نواهم بسوءٍ فأشغله في نفسه. اللهم من نواهم بمشقةٍ فأشغله في نفسه ياذا الجلال والإكرام.
 
اللهم أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث، اللهم أنزل علينا الغيث. اللهم أنزل علينا الغيث، اللهم اسقنا. اللهم اسقنا. اللهم اسقنا ولا تجعلنا من القانطين، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا غرق يارب العالمين.
 
اللهم من أراد بلادنا بسوءٍ فأشغله في نفسه، اللهم رد كيده في نحره، اللهم احفظ جنودنا في كل مكان. اللهم احفظ جنودنا في كل مكان، اللهم رد كل مفقود، اللهم رد كل مفقود واغفر لكل ميت ياذا الجلال والإكرام،  اللهم رد كل مفقود ياذا الجلال والإكرام.
 
اللهم آمِنْ بلاد الحرمين، اللهم آمِنْ بلاد الحرمين وسائر بلاد المسلمين ياحي ياقيوم.
 
اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على سيدنا ونبينا محمد.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • معنى الأمانة وشمولها لجميع الأعمال
  • أداء الأمانة
  • عاشوراء والهجرة النبوية
  • فضل شهر الله المحرم ويوم عاشوراء
  • الأمانة
  • آل البيت وصيام عاشوراء
  • خطبة المسجد الحرام 8/1/1431هـ

مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد النبوي 11/7/1433 هـ - فضل المدينة والمسجد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 13 / 12 / 1434 هـ - دوام الاستقامة والثبات على الطاعات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 6 / 12 / 1434 هـ - العبر والدروس من الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 28 / 11 / 1434 هـ - الأخوة بين المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 21 / 11/ 1434 هـ - سرعة الاستجابة لله ورسوله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 14 / 11 / 1434 هـ - فضل صلة الرحم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 7 / 11 / 1434 هـ - خلق الرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 30 / 10 / 1434 هـ - الاستعداد للموت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 23 / 10 / 1434 هـ - عبودية الكائنات لله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 16 / 10 /1434 هـ - الاعتصام بالكتاب والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/1/1447هـ - الساعة: 15:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب