• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد / في أسماء الله
علامة باركود

توحيد الأسماء والصفات

محمد بديع موسى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/6/2011 ميلادي - 18/7/1432 هجري

الزيارات: 30483

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

توحيد الأسماء والصفات

 

روى أبو داود بسندٍ صحيح أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - دخَل المسجد، فإذا برجل قد قضى صلاته وهو يتشهَّد، وهو يقول: اللهم إني أسألك يا ألله، الأحد الصمد الذي: ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 3 - 4] أن تغفرَ لي ذنوبي؛ إنك أنت الغفور الرحيم، قال: فقال: ((قد غُفِرَ له، قد غُفِر له)) ثلاثًا.

قال - تعالى -: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 180].


اعلموا - عباد الله - أن العلمَ بالله - سبحانه - والتعرُّف على أسمائه وصفاته، وعبادته بمقتضاها بعد معرفة معناها هو خلاصة الدعوة النبويَّة؛ يقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا، من أحْصاها دخَل الجنة))؛ مُتفق عليه.

ومعنى ذلك - والله أعلم - أن: مَن حَفِظها وفَهِم معانيها ومدلولها، وأثْنى على الله بها، وسأله بها واعتقَدها، دخَل الجنة، والجنة لا يدخلها إلاَّ المؤمنون، فعُلِمَ أنَّ ذلك أعظمُ ينبوع ومادة لحصول الإيمان وقوَّته وثَباته.

قال الإمام الشافعي - رضي الله عنه -: جميع ما تقوله الأمة شرْحٌ للسُّنة، وجميع السُّنة شرْحٌ للقرآن، وجميع القرآن شرْحُ أسماء الله الحُسنى وصفاته العُلى.


فتعرَّفوا - عباد الله - على الله - سبحانه - بمعرفة أسمائه وصفاته، وما تقتضيها تلكم الأسماء والصفات من المعاني، فلا يمكن ولا يُعْقَل أن يعبدَ المسلم ربًّا لا يعرفه، ولا يعلم عنه شيئًا.

قال ابن القيِّم - رحمه الله -: "فإن أعزَّ أنواع المعارف معرفة الربِّ - سبحانه - بالجمال، وأتمُّ الناس معرفةً مَن عرَفه بكماله وجلاله وجماله - سبحانه - ليس كمثله شيء في سائر صفاته".


• فمَن عرَف عَظَمة الله - سبحانه - فكيف يَعصيه، ومَن عرَف رحمة الرحمن الرحيم التي وَسِعت كلَّ شيءٍ، فكيف يقنط من رحمة ربِّه - سبحانه - ذي الملكوت والجبروت، والكبرياء والعَظَمة، سبحان الله العظيم!

• إن من عَظَمة الله - سبحانه - أنه عَلا فوق خلْقه، وهو - سبحانه - فوق عرْشه وعرشُه فوق سماواته، وسماواته فوق أرْضه؛ قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54].

 

• ومن عَظَمته - سبحانه وتعالى - أنه وهو في عَلْيائه - تعالى - فوق عرْشه، لكنَّ عِلمَه في كل مكان، يسمع ويرى كلَّ ما يجري في ملكوته، لا يَخفى عليه شيء من أحوال خلْقه؛ يقول - تعالى -: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 7].

فهذه المعيَّة معيَّة العلم، وقد حكَى غيرُ واحدٍ الإجماعَ على أنَّ المراد بهذه الآية معيَّة علم الله - تعالى - فهو - سبحانه - مُطَّلع على خلْقه، لا يغيب عنه من أمورهم شيء؛ قال الإمام أحمد: افتتَح الآية بالعلم، واختتَمها بالعلم.

فالله بكلِّ شيء عليم، يعلم ما كان، وما يكون، وما لَم يكن لو كان كيف يكون، وهكذا نفهم أسماء الله وصفاته كلَّها على الحقيقة، وهكذا فَهِمها أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كذلك.

 

أتدرون ما المجادلة؟ أتعرفون قصة المجادلة؟ تلكم المرأة التي أنزَل الله فيها قرآنًا:

• أخرَج ابن أبي حاتم والبيهقي في "الأسماء والصفات" عن ابن زيد، قال: لَقِي عمر بن الخطاب امرأةً يقال لها: خَوْلة وهو يسير مع الناس، فاستوقفتْه، فوقَف لها، ودنا منها وأصغَى إليها رأْسَه، ووضَع يديه على منكبيها، حتى قضَت حاجتها وانصرفَت، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين: حبسْتَ رجال قريش على هذه العجوز؟ قال: "ويْحك، أتدري مَن هذه؟"، قال: لا، قال: "هذه امرأة سَمِع الله شكواها من فوق سبع سماوات، هذه خَوْلة بنت ثعلبة، والله لو لَم تنصرف عنِّي إلى الليل ما انصرفتُ حتى تقضي حاجتها". نعم، لقد سَمِع الله شكواها من فوق سبع سماوات.


• في سُنن ابن ماجه قالت عائشة: "تبارَك الذي وَسِع سَمعُه كلَّ شيء، إني لأسمع كلام خَوْلة بنت ثعلبة ويَخفى عليَّ بعضُه وهي تشتكي زوجَها إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهي تقول: يا رسول الله، أكَلَ شبابي، ونثرتُ له بطني، حتى إذا كبرتْ سنِّي، وانقطَع ولدي، ظاهَر منِّي، اللهم إني أشكو إليك، فما برحَتْ، حتى نزَل جبرائيل بهؤلاء الآيات: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [المجادلة: 1]".


واستمِعْ لخَوْلة تحكي قصتها بلسانها:

• روى الإمام أحمد: عن خَوْلة بنت ثعلبة، قالت: فيّ واللهِ وفي أوس بن الصامت أنزَل الله صدرَ سورة المجادلة، قالت: كنتُ عنده وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خُلقه، قالت: فدخَل عليّ يومًا فراجعتُه بشيءٍ، فغَضِب، فقال: أنتِ عليّ كظهْر أُمِّي، قالت: ثم خرَج فجلَس في نادي قوْمه ساعةً، ثم دخَل عليَّ، فإذا هو يريدُني على نفسي، قالت: قلتُ: كلاَّ، والذي نفس خُوَيْلة بيده لا تخلص إليّ، وقد قلتَ ما قلتَ؛ حتى يحكمَ الله ورسولُه فينا بحُكْمه، قالت: فواثَبَني، فامتنعتُ منه، فغلبتُه بما تغلب به المرأة الشيخَ الضعيف، فألقيتُه عنِّي، قالت: ثم خرجْتُ إلى بعض جاراتي، فاستعرتُ منها ثيابها، ثم خرجتُ، حتى جئتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فجلستُ بين يَديه، فذكرتُ له ما لقيتُ منه، وجعلت أشكو إليه ما ألْقَى من سوء خُلقه، قالت: فجعَل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((يا خُوَيْلة، ابن عمِّك شيخ كبير؛ فاتَّقي الله فيه))، قالت: فوالله ما برحتُ حتى نزَل فيَّ قرآن، فتغشَّى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما كان يتغشَّاه، ثم سُرِّي عنه، فقال لي: ((يا خُوَيْلة، قد أنزَل الله فيك وفي صاحبك قرآنًا))، ثم قرأ عليّ: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [المجادلة: 1] إلى قوله - تعالى -: ﴿ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 4]، قالت: فقال لي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مُرِيه، فليعتقْ رقبة))، قالت: فقلتُ: يا رسول الله، ما عنده ما يعتق، قال: ((فليصمْ شهرين متتابعين))، قالت: فقلت: والله، إنه لشيخٌ كبير، ما به من صيام، قال: ((فليُطْعم ستين مسكينًا وَسْقًا من تمرٍ))، قالت: فقلت: والله يا رسول الله، ما ذاك عنده، قالت: فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم – ((فإنَّا سنُعينه بعَرَقٍ من تمرٍ))، قالت: فقلت: يا رسول الله، وأنا سأعينه بعَرَقٍ آخرَ، قال: ((قد أصبتِ وأحسنتِ، فاذهبي فتصدَّقي به عنه، ثم استوصي بابن عمِّك خيرًا))، قالت: ففعلتُ.


فالمقصود - أخي في الله - أن تعلم ما كان عليه نبيُّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابه الكِرام - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين - وما عليه سلفُ الأُمة وخَلَفُها إثباتُ الأسماء والصفات لله - تعالى - كما أثبتها هو لنفسه وأثبتَها له رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ونفْي ما نفاه عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من غير تحريفٍ ولا تعطيل، ولا تمثيل ولا تكييف، وينبغي أن نعلم أن أسماء الله توقيفيَّة، لا تشتقُّ من الأفعال، ولا من الصفات، فما ثبَت في الكتاب أو السُّنة أنه اسمٌ لله، وجَب الأخذُ به، والوقوف عنده وعدم تجاوزه.

وإنَّ من الخطأ البيِّن تسمية الله بما لَم يَثبت في الكتاب ولا في السُّنة، وإنما بحسب ما استحسنتْه عقول الناس، وهذا من الإلحاد في أسماء الله - تعالى.

ولا نعطِّل صفاته عن مقتضياتها، ولا نمثِّلها بصفات المخلوقين، ولا نسأل عن كيفيَّتها، ولا نحرِّفها عن معانيها الحقَّة، على قاعدة: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].

 

جاء رجل إلى الإمام مالك - رحمه الله - وقال: الرحمن على العرش استوَى، كيف استوى؟ فقال الإمام: الاستواء معلوم، والكيْف مجهول، والسؤال عنه بدعة، ولا أراك إلاَّ مبتدعًا، فأمَر بإخراجه، وهكذا فَهِم أئمة الإسلام أسماءَ الله وصفاته.

فسبحان مَن ﴿ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق: 12]، وقهَر كلَّ شيءٍ، فخضَعت له الرقاب، ودانَ له العباد طوْعًا وكرْهًا، لا يَخفى عليه شيء، وهو معكم أينما كنتم: ﴿ سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ﴾ [الرعد: 10].

وهكذا يُخبر - تعالى - عن إحاطة علْمه بجميع خلْقه، وأنه سواء منهم من أسرَّ قوله أو جَهَر به، فإنه يسمعه، لا يَخفى عليه شيء؛ كقوله: ﴿ وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ﴾ [طه: 7]، وقال: ﴿ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴾ [النمل: 25].


﴿ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ ﴾؛ أي: مُختف في قعْر بيته في ظلام الليل، ﴿ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ﴾؛ أي: ظاهر ماشٍ في بياض النهار وضيائه، فإنَّ كليهما في علْم الله على السواء؛ كقوله - تعالى -: ﴿ أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [هود: 5].

فعِلْمُه أحاط بكلِّ شيءٍ - سبحانه - وسَمعه يُدرك كلَّ مسموع مع عُلوِّه على خلْقه، لَمَّا نزَلَ [قوله - تعالى -:] ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ﴾ [البقرة: 245]، قال يهود: يا محمد، افتقرَ ربُّك، حتى يطلب منَّا القرض، فأنزَل الله: ﴿ لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ [آل عمران: 181].


• روى البخاري عن أبي موسى قال كنَّا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فكنا إذا عَلونا، كبَّرنا، فقال: ((ارْبَعوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، تدعون سميعًا بصيرًا قريبًا)).

وفي رواية: ((إن الذي تدعون أقربُ إلى أحدكم من عُنُقِ راحلته)).

ومَن عرَف أنَّ الله سميع بصير، وآمَن بأنه لا يغيب عنه شيءٌ، فكيف يتكلَّم بما يُغْضِب الله؛ مِن كَذبٍ وبُهتان، وغِيبة ونَميمة، وسِباب وفُحش، وبَغي وعُدوان، فاحذر أخي من زلاَّت اللسان، ((وهل يكبُّ الناس في النار... إلاَّ حصائدُ ألسنتهم)).

كم من الناس مَن لا يبالي أن يتطاولَ على عباد الله بلسانه، يتجرَّأ على زوجته أُمِّ أولاده بلفظ الظِّهار أو الطلاق لأدنى سببٍ، ولا يبالي إن وقَع أو لَم يقع، فهو غافلٌ عن مراقبة الله؛ ﴿ أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [المجادلة: 6]، وما ذلكم إلاَّ لأنه ما قَدَر الله حقَّ قَدْره.


• أيها المسلمون، اعرفوا عَظَمة الله - تبارك وتعالى - ومَن عرَف عَظَمة القهَّار الجبَّار، وجَب أن يخافَ قهْرَه وجبَروته، ويتَّقي غضبَه وسَخَطه، ويُثني عليه الخيرَ كلَّه.

• واسألوا الله - تعالى - وتوسَّلوا إليه بأسمائه وصفاته، يُجبْكم.

سَمِع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - رجلاً يقول: اللهم إني أسألك بأنَّك أنت الله الأحد الصمد، الذي لَم يلد، ولَم يولد، ولَم يكن له كفوًا أحد، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لقد سأل الله باسْمه الأعظم، الذي إذا سُئِل به أعطى، وإذا دُعِي به أجاب))؛ صحيح أبي داود (1341).

وكان يدعو في الصباح والمساء قائلاً: ((يا حي يا قيُّوم، برحمتك أستغيث، أصلحْ لي شأني كلَّه، ولا تَكلني إلى نفسي طرْفة عينٍ أبدًا))؛ الصحيحة.

وكان - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا حزَبه أمرٌ قال: ((يا حي يا قيُّوم، برحمتك أستغيث))؛ (حسن).


• في الصحيحين عن ابن عباس كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل يتهجَّد قال: ((اللهم لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض ومَن فيهنَّ، ولك الحمد، أنت قيُّوم السماوات والأرض ومَن فيهنَّ، ولك الحمد، أنت الحقُّ، ووعْدك حقٌّ، وقولك حقٌّ، ولقاؤك حقٌّ، والجنة حقٌّ، والنار حق، والساعة حق، والنبيُّون حق، ومحمد حق، اللهم لك أسلمتُ، وعليك توكَّلت، وبك آمنتُ، وإليك أنبْتُ، وبك خاصمْتُ، وإليك حاكمْتُ؛ فاغفرْ لي ما قدَّمت وما أخَّرتُ، وما أسررْتُ وما أعلنْتُ؛ أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر، لا إله إلا أنت، أو لا إله غيرك)).


• روى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رجلاً أتى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فبعَث إلى نسائه، فقلْنَ: ما معنا إلاَّ الماء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن يضمُّ أو يُضيِّف هذا))، فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلَق به إلى امرأته، فقال: أكرمي ضيفَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقالت: ما عندنا إلاَّ قوت صِبياني، فقال: هيِّئي طعامك، وأصبحي سِراجَك، ونوِّمي صبيانك، إذا أرادوا عَشاءً، فهيَّأت طعامَها، وأصبحتْ سراجها، ونوَّمت صِبيانها، ثم قامتْ كأنها تُصْلح سراجَها، فأطْفأته، فجعَلا يُرِيَانه أنَّهما يأْكُلان، فباتا طاوِيَيْن، فلمَّا أصبح، غدا إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((ضحِك الله الليلة، أو عجِبَ من فَعالكما، فأنزَل الله: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9])).


سبحان الله العظيم! ذلك الأنصاري وامرأته، ومع ضيْفهما في ظُلمة ذلك الليل، وفي جوْف ذلك البيت، ومع ذلك، فالله من فوْق عرْشه اطَّلع على فَعالهما، وضَحِك من فَعالهما، وعَجِب من فعالهما، ورَضِي عنهما؛ إذ آثَرا ضيْفهما على نفسَيْهما وعلى صِبيانهما، سبحان مَن وَسِع سمعُه الأصوات، سبحان مَن وَسِع بصرُه الأشياء، سبحان مَن وَسِع كلَّ شيءٍ عِلْمًا.


وأخيرًا - أيها المسلمون - اسمعوا لهذا الحديث عن النبي في وصْف عظَمة الله - سبحانه - يوم القيامة، جاء في الصحيحين: عن عبدالله - رضي الله عنه - قال: جاء حَبْرٌ من الأحبار إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا محمد، إنا نجد أنَّ الله يجعل السماوات على إصبع، والأرَضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثَّرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول: "أنا الملك"، فضَحِك النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتى بَدَت نواجذُه؛ تصديقًا لقول الحَبْر، ثم قرأ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قصص العقيدة للأطفال: الإيمان بالأسماء والصفات، توحيد الألوهية
  • أهمية دراسة الأسماء والصفات
  • توحيد الأسماء والصفات
  • ومن شبهاتهم: لا حاجة لنا بتصحيح مفاهيم التوحيد؛ لأن الشرك لم يعد قائمًا في الأمة
  • الإيمان بأسماء الله الحسنى
  • الدور الفعال لترسيخ أسماء الله وصفاته عند الأبناء
  • معتقد أهل السنة في الأسماء والصفات
  • متشابه الأسماء (أبو حنيفة، أبو حيان)
  • توحيد الأسماء والصفات
  • الأسماء والصفات وأثرها في تزكية النفس
  • أهمية العلم بالأسماء والصفات
  • دعوة النبي إلى توحيد العبادة
  • أقوال بعض الأئمة في القدر المشترك في الأسماء والصفات
  • توحيد الأسماء والصفات
  • إثبات صفة الوجه لله عز وجل (خطبة)
  • توحيد العبادة

مختارات من الشبكة

  • تعريف توحيد الربوبية والأدلة عليه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام التوحيد - العقيدة - المستوى الأول(مادة مرئية - موقع أ.د. عبدالله بن عمر بن سليمان الدميجي)
  • أقسام التوحيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف التوحيد وأقسامه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توحيد الأسماء والصفات واشتماله على توحيد الربوبية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حماية جناب التوحيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جامع البيان في هدي خير العباد (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توحيد الله وأصوله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عثرات المؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توحيد الربوبية في سورة الرعد(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر
SAMIRA TIKI - MAROC 01-11-2015 06:42 PM

شكرا لكم لولا أنتم لما قدمت للأستاد وضعية تقويمية وأشكركم مرة أخرى

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب