• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب الحرمين الشريفين / خطب المسجد الحرام
علامة باركود

خطبة المسجد الحرام 25 / 8 / 1431هـ

الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/8/2010 ميلادي - 19/9/1431 هجري

الزيارات: 16301

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الموعظة وأثرها

 

الحمد لله، تبارك ربنا إلها رحيما غفارا، أحمده - سبحانه - لم يزل عفوه مدرارا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تنهج لنا من الحياة عظة وادكارا، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبد الله ورسوله أعظم البرية استباقا للآخرة وابتدارا، أزكى من وعظ وذكر وبشر وأنذر فانهملت العيون استعبارا والأفئدة اعتبارا.

 

اللهم فصلِّ عليه وعلى آله الألي طابوا نفوسا وجلوا أقدارا، وصحابته صفوة الدنيا خشية لله وافتقارا وتشميرا للآخرة واصطبارا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان يرجو فوزا عظيما واستبشارا، وسلم يا رب تسليما مباركا عديدا زكيا مديدا.

 

أما بعد، فياعباد الله:

خير المقام الذي بر ووفى ووعظ وكفى وأصاب الحق وما جفا وآسى فشفى وأنقذ من كان من الزيغ على شفا تقوى الله في السر والخفا.

 

ألا فاتقوا الله - رحمكم الله - واعلموا أن الدنيا ممر وعبور سريعة الزوال والمرور دار المطايا والمراحل وكل من فيها عنها رواحل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

 

فعليكَ تقوَى الله فَالزَمْهَا تفُزْ
إنَّ التَّقيَّ هو البهيُّ الأهْيَبُ
واعْمَلْ لطاعتِهِ تنلْ منهُ الرِّضَا
إنَّ المطِيعَ لربِّهِ لَمُقرَّبُ

 

أيها المسلمون:

مع اشتداد أنساق الحياة واحتدامها وانبعاث النفوس في صخب طموحها وآمالها ومفدحاتها وآلامها تعتري القلوب سُجف الغفلة عن الفناء وحُجب الدنيا عن شدائد اللقاء، فما تبرح الأمة بين الفينة والأخرى في حاجة لمن يذكرها إذا ذهلت ويعلمها إذا جهلت ويعظها إن ضلت ويكف بأسها إن أضلت. سيان شأن القلوب في ذلك إن تلطخت بالسيئات وقارفت الموبقات ذهب بهاؤها وذبل رواؤها وخفت إشراقها وذوى ائتلاقها وقل خشوعها وغاض خضوعها وتأبت على التسكاب دموعها.

 

ولكن متى سُقِيت برحيق القرآن وصُقِلَت بمساحج الذكرى والإيمان وهدي سيد ولد عدنان - عليه الصلاة والسلام - رقت ولانت وتطهرت ودانت وتشوقت – يا بشراها - للجنان التي ازدانت وتقصت عن القسوة وبانت. أما قال الباري - سبحانه -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57]؛ فسمى القرآن (موعظة)، وفي هذا أكبر منقِذة.

 

وقال جل جلاله: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً ﴾ [النساء: 66].

 

خَابَ الذي سارَ عنْ دنيَاهُ مُرتحِلا
وليْسَ في كفِّهِ منْ دينِهِ طَرَفُ
لا خيرَ للمرْءِ إلا خيرُ آخرةٍ
يُبقِي عليه فَذَاكَ العِزُّ والشَّرفُ

 

ألا ما أجل قدر الموعظة وأبدع سناها! وما أعظم آثار التذكرة وأكرم نعماها! ولكن وفق المنهج القرآني والهدي المحمدي تخويفا تارة وإنذارا وترهيبا وتحبيبا أخرى وترغيبا بالقول اللين العطوف والقلب المشفق الرؤوف. بما يبين تقلب الدنيا وأحوالها والقبور وأهوالها، وبما يلهب الأشواق للجنة وما فيها من دائم النعيم وحبور لا يلين.

 

وأن تكون المواعظ - أيها الأريب الواعظ - نهزا وإغبابا لا ديمة وإكبابا.

عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه – قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة كراهة السآمة علينا"؛ أخرجه الشيخان.

وفي حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه – قال: "وعظَنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظةً بليغةً وجِلَتْ منها القلوبُ وذرفَتْ مِنها العيُون، فقلنا: يارسولَ الله كأنها موعظةُ مودِّعٍ فأوْصِنَا، قال: أوصِيكُمْ بتقوَى الله والسمعَ والطَّاعَة.."؛ الحديث خرجه الإمام أحمد وأهل السنن.

 

أيها المؤمنون:

فمن شرح الله صدره للإسلام ونوّر قلبه بندى الإيمان استطاب العظة والتذكير وإن نأى بجانبه وكرع من آسن المعايب والعمل النكير أذاقه الباري الحسرة وسوء المصير.

 

فلا ترْضَ المعايبَ فهيَ عارٌ
عظيمٌ يُورِثُ الإنسانَ مَقتَا
وتهوَى بالوجِيهِ منَ الثُّريَّا
وتُبدلُهُ مكانَ الفوقِ تحتَا

 

فيا سبحان الله! سبحان الله عباد الله! كم هو عجيب حال الإنسان يؤمن بالموت ثم ينساه، ويوقن بالتفريط ويغشاه، كم يغتر بالصحة والعافية ويغفل عن مثلات الأمم العافية، يعيش دنيا قُلعة قصيرة غِيَرُها مريرة. شهدها مشفوع بإبر النحل ورطبها مصحوبٌ بسُلَّاءِ النخل وهو لا يزال لها جامع وفيها طامع غير قانع: ﴿ إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً ﴾ [الإنسان: 27].

 

نعم، أولئك الذين غشيهم من حب الدنيا ما غشيهم فغرتهم وألهتهم، عصفت بقلوبهم الشهوات واستبدت بهم المغريات، وذلك - وايم الحق - مسلك الرَعاع الذين لأموا صدع دنياهم ودينهم شعاع.

قدْ نادَتِ الدُّنيَا على نفسِهَا
لوْ كانَ في الخلقِ من يسمعُ
كمْ واثقٍ بالعيْشِ أهْلكْتُه
وجامعٍ فرقُتُ ما يجمَعُ

 

قال العلامة ابن القيم - رحمه الله -: "على قدر رغبة العبد في الدنيا ورضاه بها يكون تثاقله عن طاعة الله وطلب الآخرة. ألا ما أحوج القلوب الغافلة إلى المواعظ الفاعلة لتوقظها عن الهفوات قبل الفوات وحصول الموافاة"، وقد قال العلامة ابن الجوزي - رحمه الله -: "المواعظ سياط القلوب".

 

فيا عبد الله ويا أمة الله يا من أوبق بالآثام والجرائر نفسه وبدد في اللهو والخسران يومه وأمسه فليس له مع الصادقين قدم ولا مع التائبين ندم. هلا بسطت للتوبة والمناجاة يدا سائلة وأجريت في السحر دموعا سائلة؟

 

أحبتاه، أحبتاه:

ماذا قدمنا للمقام الهائل؟ ما الذي أعددنا من جواب السائل وقد ذُهلنا في يوم عصيبٍ عن الأبناء والحلائل؟ رباه. رباه حنانيك يا الله؛ فالقلوب منا قاسية والنفوس عاصية والأفئدة عن الرقة جاثية. ألا هل من مبددٍ لعبراته؟ ألا هل من مرددٍ لحسراته؟ ألا هل من مصعِّدٍ لزفراته؟ ألا هل من نادمٍ على هفواته؟ ألا هل من تائبٍ من فرطاته؟ ألا ما أحلمَ الله على عباده يقرضونه المعاصي ويأملون الرضا، ولو عومل أحدهم بهذا ما تجاوز ولا رضى!

 

أمَا آنَ أنْ تبكِي الدِّماءَ مدامِعاً
وتخْشعَ للمولى وتفرحَ بالقُربِ
وتسجدَ إِجْلالا لربِّك خاشِعًا
وترسلَ آهاتِ النَّدامَةِ والأوْبِ

 

سئل المصطفى - صلى الله عليه وسلم - عن أكيس الناس وأحزم الناس، فقال - صلى الله عليه وسلم -:  "أكثرُهُم للموتِ ذِكرا، وأكثرُهُم استعدادًا للموتِ أولئِك الأكْياس. ذهبُوا بشرفِ الدُّنيا وكرامةِ الآخرة"؛ خرجه ابن ماجة والمنذري بإسناد حسن.

 

قِفْ بالمقَابرِ وانْظرْ إنْ وَقفتَ بها
لله درُّكَ ماذَا تستُرُ الحُفَرُ
ففِيهم لكَ يا مغرُورُ موعِظةٌ
وفِيهم لكَ يا مُغترُّ مُعتَبَرُ

 

فيا أمة الإسلام، ويا أخوة الإيمان:

سيروا إلى الله، سيروا إلى الله قبل أن يُسرى بكم، وأطيعوا من أراد الخير واليسرَ بكم، وأجهدوا أنفسكم في البر والقربات فعل كادحٍ غير ملول، واركبوا لغفران الباري ومرضاته كل صعب وذلول تفوزوا في دار السلام، ويا بشراكم بالمهاد الأوسر وتردوا - بفضل الله - السلسبيل والكوثر (وتردوا - بفضل الله - السلسبيل والكوثر).

 

كما الطاعاتُ تُنعِلُكَ الدَّرارِي
وتجعلُك القرِيبَ وإنْ بَعُدْتَ
وتنشرُ عنْك في الدُّنيا جميلا
فتُلْفَى البرَّ فيها حيثُ كنتَ

 

معاشر الإخوة:

وحينما يُذَكَّر بأهمية الاتعاظ والتذكير والإيقاظ فما ذاك إلا حينما نبصر بألم وحسرة واقع كثير من الأمة وقد تولَّجُوا مضارب حب الماديات وانغمسوا في زخارف الشهوات، بل اتخذها أقوامٌ على أنها الفرصة السانحة لالتهام الملذات، وتجافوا عن التذكير بالموت والاعتبار بالأموات، وصعروا عن التلويح بالفوت وكأن الخلود غدا علينا لزاما (وكأن الخلود غدا علينا لزاما) والغفلة لجاما نعبُّ فيها لا زماما ولا خطاما والحِمَامَ لسوانا حسبُ معتاما.

 

وهذه النظرة الخانقة تتنافى والتسليم لقضاء الله وقدره العابر بنا إلى جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر، يقول الحبيب - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أحبَّ لقاءَ الله أحبَّ الله لقاءَه، ومن كرِهَ لقاءَ الله كرِه الله لقاءَه "؛ أخرجه البخاري ومسلم

 

ذالكم - يارعاكم الله - هو اللقاء المتوج بالحب وإشراقاته والشوق وجمالياته، ومن نثير الحكم: (الموت قصاراك؛ فخذ من دنياك لأخراك).

وقد قال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – وهو خطاب للأمة بأسرها: "كنْ في الدُّنيا كأنكَ غريبٌ أو عابرُ سبِيل".

وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يقول: "إذَا أمْسيتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصْبحْتَ فلا تنتظر المساء، وخذْ من صحتِك لسقمِك ومن حياتِك لموتِك".

 

يامَنْ بدُنيَاهُ اشْتغَلْ
وغرَّهُ طولُ الأمَلْ
الموتُ يأتي بغتةً
والقَبرُ صُندوقُ العملْ

 

وبعد، أيها المسلمون:

ليست تلك إلماحة للإعراض عن الطيبات والمباح من مباهج الحياة، كلا. ولكن هي ذكرى للتبصر في تقصيرنا الذي فات وعظة للاستعداد لما هو آت، وأولها (هادم اللذات)، وأن تكون الآخرة هي الأرب والغاية والمراد والنهاية من متاع الحياة ومباهجها امتثالا لقول الحق - تبارك وتعالى -: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾ [القصص: 77].

 

وذلك هو المنهج الوسطي الحق الذي يصلح من المسلمين بالهم ويُزَّكي أحوالهم.

دِينُنَا دُنيَا وأُخْرَى ضلَّ عقلٌ ♦♦♦ يفهمُ الدينَ عن الدنيا انعِزالا

 

ألا فاتقوا الله عباد الله:

وخذوا من دنياكم لأخراكم وتزودوا من ممركم لمقركم تفلحوا وتسعدوا في الأولى والعقبى.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [لقمان: 33].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والوعظ الكريم.

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل خطيئة وإثم؛ فاستغفروه وتوبوا إليه إن ربي لغفور رحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله لم يزل فضله مدراراً وضاحا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. حبانا مواسم كريمة تملأ العيون قرة والصدور انشراحا، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله بلغ رسالة ربه فكانت للعالمين رحمة وعزاً صُراحاً، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الباذلين للآخرة مهجاً وأرواحا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فاتقوا الله – عباد الله – اتقوه حق تقاته، وألزموا أنفسكم صدق المراقبة قبل فجاءة المعاتبة ونزول المعاقبة.

 

إخوة الإيمان:

ولعل في هذه المواعظ النافعة تذكرة للقلوب وبلسمًا للأرواح وتهيأة للنفوس وهي تستعد لاستقبال مواسم الخيرات والبركات، فمن عظيم الآيات والعظات والعبر الموقظات عن سبات الغفلات خلفة الشهور والأعوام وتصرم الساعات والأيام (وتصرم الساعات والأيام) واخترام الأعمال والآجال دون بلوغ الأماني والآمال، ولكن من كرم الباري ولطفه ورحمته ومنه أن تفضل علينا بمواسم مباركات تنيب فيها القلوب وتُمحى الآثام والحوب وتعاود الأفئدة الخشيةُ وتئوب، ومنها ما نحن بسبيل استقباله والتشوق إليه واستعجاله؛ ألا وهو شهر رمضان المبارك.

 

فحي هلا، ثم حي هلاً بوافد كريم وضيف عظيم وموسم بالطاعات والأنوار عميم.

 

أهْلا وسَهلا بشهرِ الصَّومِ والذِّكرِ
ومَرحباً بوحِيدِ الدَّهرِ في الأجْر
فاسْتقبِلُوا شهرَكُم يَاقومُ واستبِقُوا
إلى السَّعادَةِ والخيرَاتِ لا الوِزْرِ

 

استقبلوه يا أمة الإسلام بالحمد والشكر والثناء على الباري والذكر مجددين التوبة والإنابة (مجددين التوبة والإنابة) والإخلاص والإصابة، وفتح صفحة جديدة من المحاسبة الصادقة ولزوم الأعمال الصالحة معتبرين بالسابقين الراحلين (معتبرين بالسابقين الراحلين) عسى القلب القاسي منا يلين:

 

ياذَا الذِي مَا كَفاهُ الذَّنبُ في رجبِ
حتَّى عَصَى ربَّه في شهرِ شعبانِ
لقَدْ أظلَّكَ شهْرُ الصَّومِ بعدَهُمَا
فلا تُصَيرْهُ أيضًا شهرَ عصيانِ
وانْظُرْ إلى مَنْ صَامَ مِنْ سلَفٍ
منْ بيْنِ أهلٍ وجِيرَانٍ وإخوانِ
أفناهُمُ الموتُ واستبقَاكَ بعدَهُمُ حيًّا
فمَا أقربَ القاصِي من الدَّاني

 

﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37].

 

هذا، واعلموا – رحمكم الله – أن أنفع ما وعظ به الواعظون واستمع إليه الواعون كلام الباري – جل وعلا – الآمر في بديع خطابه ومحكم كتابه بالصلاة والسلام على خير خلقه وأحبابه، فقال – تعالى – قولا كريما –: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ [الأحزاب: 56].

 

وأزْكى صَلاةٍ والسَّلامِ على الذي
به تمَّ عِقْدُ الأنبياءِ وكُمِّلُوا
محمدٍ المختارِ منْ هلَّ عائدٌ
على بَلَدٍ قَفْرٍ وما اخْضَرَّ مُمْحِلُ

 

اللهم صلِّ وسلِّم على سيد الأولين والآخرين ورحمة الله للعالمين وإمام الدعاة والواعظين، نبينا محمدٍ وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم هب لنا قلوبا طاهرة وعيوناً في خشيتك ساهرة، وآتنا كتبنا بأيماننا، وكفر عنا سيئاتنا وزكِّ إيماننا.

اللهم إنا نسألك توفيقاً ينهج لنا إلى التقى طريقاً، اللهم أنت الهادي لمن استهداك فاهدنا اللهم لما تحبه وترضاه.

اللهم أيقظنا من سنة الغفلات، ووفقنا لتدارك الهفوات قبل الفوات ياذا الفضل والمكرمات.

اللهم بلغنا شهر رمضان، اللهم بلغنا شهر رمضان، اللهم بلغنا شهر رمضان، واكتبنا فيه من عتقائك من النار برحمتك يا منان، برحمتك يامنان.

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم انصر إخواننا المضطهدين في دينهم في سائر الأوطان.

اللهم أنقذ المسجد الأقصى، اللهم أنقذ المسجد الأقصى، اللهم أنقذ المسجد الأقصى من عدوان المعتدين واحتلال المحتلين يا قوي يا عزيز.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم آمنا في أوطاننا، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا - خادم الحرمين الشريفين -  اللهم وفقه لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه وولي عهده والنائب الثاني وإخوانهم وأعوانهم إلى ما فيه عز الإسلام وصلاح المسلمين وإلى ما فيه الخير للبلاد والعباد، واشمل اللهم بالتوفيق جميع ولاة المسلمين، اللهم اجعلهم لشرعك محكمين ولسنة نبيك – صلى الله عليه وسلم – متبعين ولأوليائك ناصرين.

يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام. برحمتك نستغيث فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، وأصلح لنا شأننا كله يا غفور يا ودود يا ذا العرش المجيد.

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك ياأرحم الراحمين.

 

عباد الله:

إن الله يأمركم بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون.

 

فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة المسجد الحرام 24/9/1431هـ - فضل ليلة القدر
  • خطبة المسجد الحرام 8/10/1431هـ - أحوال الناس بعد رمضان
  • خطبة المسجد الحرام 22/10/1431هـ - فضائل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
  • خطبة المسجد الحرام 14/11/1431هـ - فضائل مكة المكرمة

مختارات من الشبكة

  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • خطبة المسجد النبوي 11/7/1433 هـ - فضل المدينة والمسجد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 13 / 12 / 1434 هـ - وصايا للحجاج في ختام الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 28 / 11 / 1434 هـ - أخلاقنا في الحروب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 21 / 11 / 1434 هـ - مظاهر العبودية لله في الحج(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • خطبة المسجد الحرام 14 / 11 / 1434 هـ - الفهم والإدراك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 7 / 11 / 1434 هـ - حسن التصرف والوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 23 / 10 / 1434 هـ - حقوق الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 16 / 10 /1434 هـ - أهمية الوحدة بين المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب