• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

قصب السكر في الزواج المبكر

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/8/2010 ميلادي - 23/8/1431 هجري

الزيارات: 18225

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قصب السكر في الزواج المبكر

 

أما بعدُ:

فأوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله - عز وجل -﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾[النساء: 9].

 

أيها المسلمون، ما زال أعداءُ الإسلام يُحاربون هذه الأمة ماديًّا ومعنويًّا، ويسعون لتوهين أمْرِها، وإضعاف شأنها اجتماعيًّا واقتصاديًّا؛﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ﴾ [البقرة: 217].

 

غير أنَّ الحربَ التي توجَّه إلى العقائد والأخلاق باتتْ هي الحرب التي يركِّزون عليها منذ عقود، بعد أن يَئِسوا من هزيمة المسلمين بقوة السلاح القاهرة، أو التغلُّب عليهم بأسلوب المواجهة المباشرة، لقد خَطَّط الأعداءُ لغزو المسلمين في مبادئهم وقِيَمهم وأخلاقهم، وجنَّدُوا المفكِّرين لإحداث البلْبَلة في أوساطهم، واجتهدوا لتشكيكهم في الثوابت والمسَلَّمَات التي مضتْ عليها أجيالُهم وتوارثوها بالقَبول والتسليم كابرًا عن كابر.

 

وإنَّ موْضوعَ الزَّواج المبَكِّر لَمِن الموضوعات التي تزايدَ حولها الجدلُ في العقود المتأخِّرة؛ حيث سعى مغرضون إلى تحديد سنٍّ لا يجوز الزواج قبله، محاولين إقناعَ الأمة بفوائدَ مزعومة لتأخير الزواج، والإرْجاف بأن ثَمَّة أضرارًا بالغة للتبكير به، بل وَسَعوا إلى ما هو أكْبر من ذلك وأبْعد أثَرًا، بمحاولة سَنِّ القوانين وفرْضِ الأنْظمة التي تجعلُ من الزواج المبكِّر جريمةً في حقِّ الإنسان وظُلمًا له وهَضْمًا، ناسِين أو متناسِين أنَّ ذلك مخالفٌ للشرْع، مناقض للمصالح التي جاء بها، هادمٌ لأهدافِ الزواج في الإسلام من أصْلها، وهي الأهدافُ التي أعْلَنَها إمامُ الأُمَّة وقُدْوتها - عليه الصلاة والسلام - بقوله : ((يا معشر الشباب، مَن استطاعَ منكم الباءةَ فليتزوَّج؛ فإنه أغضُّ للبصر وأحْصنُ للفَرْج))، وبقوله: ((تزوَّجوا الولودَ الودودَ؛ فإنِّي مكاثرٌ بكم)).

 

وإذا كان الزواجُ المبكِّرُ يساعدُ على تحقيق هذه الأهداف النبيلة، وتحصيل تلك الغايات الكريمة؛ مِن غَضِّ الأبصار وتحصين الفروج، وتطهير المجتمع من الفواحش ووقايته من الزنا، وتكثير سَواد الأُمة وتقوية شأنِها، فإنَّ تأخيرَه قد يفوِّتُ كلَّ هذه المصالح ويعطِّلُها؛ فقد يقع الشبابُ في الفاحشة، خاصة في هذه الأزمنة التي كَثُرَتْ فيها دواعيها وتيسَّرت أسبابُها، وبتأخيره يقلُّ النسلُ ويضيع مَغْزَى تكثيرِ أفراد المجتمع الذي هو رافد كبيرٌ من روافد القوَّة، وسببٌ مَتينٌ من أسباب العِزَّة والْمَنْعَة.

 

إننا نسمعُ في مجتمعنا اليومَ أصواتًا تنادِي بتأخير سنِّ الزواج، وتُدندنُ حولَ زواج القُصَّرِ، في حين أنَّها لا تَمَلُّ من ممارسة أدوار خبيثة بوسائل مُضِلَّة؛ لإيقاد نارِ الشهوات وتأجيج سُعارها، ومع ما نسمعُ ونرى مِن تَزايُدِ أعدادِ العوانس في المجتمع الإسلامي؛ نتيجة تأخير سنِّ الزواج، فإن هؤلاء الحَمْقَى يرفعون أصواتهم بتأخيره، معتمدين على توصيات ظالمة وقَرارات مُتَعَسِّفة صادرة عن مؤتمرات مَوْبُوءَة، واجتماعات مشبوهة دعتْ إليها أُممٌ كافرة، ونظَّمتْها هيئاتٌ فاجرة، وترى هؤلاء الإعلاميين إذا ظفروا بحالة زواج مُبَكِّرٍ فاشلة أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، وعَمَّموا الأحْكام ولم يُخَصِّصوها، عبر الشنْشنة المعروفة منهم بالاستدلال على ما يريدون ولو بحالات فرديَّة لا تمثِّل شيئًا يُذْكَر، في حين أنهم يتعامون عن تناولِ الأسبابِ الحقيقيَّة لفشلِ كثيرٍ من حالات الزواج، والتي قد تكون ماديَّة أو أُسَريَّة أو تَوْعَوِيَّة، وإنَّ العاقلَ ليعجب أشدَّ العجبِ لكلِّ ما يُبْذلُ من جهودٍ لتقبيح صورة الزواج المبكِّر ومحاربته بتلفيق القَصص ونسْج الحكايات المكذوبة تارة، واختراع الأرْقام والإحصاءات تارة أخرى، وبتأليف المسرحيَّات المغْرِضة ونشْر الرسومات الساخرة، حتى وصلَ الحال ببعضِهم إلى وصْف المعارضين لتحديد سنِّ الزواج بأنهم خوارج أو مُتشددون أو إرهابيون، وهذا من الجهْل الشنيع والعِناد الفظيع، بل قد يكون من الْمُشَاقَّة لله ولرسوله، وعدم اتِّباع سبيل المؤمنين، بل هو اتِّباعٌ للكفار على حسدِهم لنا على النقاء والطهارة التي ما زال مجتمعُنا يعيشها بسبب تسهيل أمور الزواج وتيسيره؛ قال - سبحانه -:﴿ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾[البقرة: 105].

 

أما السُّنة في الإسلام، فقدْ مضتْ بعدمِ تحديد سنٍّ للزواج، ودلَّتْ نصوصُ الكتاب والسُّنة وإجماع علماء الأمة على جواز زواج الصغيرة؛ قال - تعالى -:﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾[الطلاق: 4]، فذكرَ في الآية من أصناف النساء الصغيرة التي لم تحضْ بعدُ، وجعَلَ عِدَّتها ثلاثة أشهر، وفي هذا دَلالة واضحة من كتاب الله - تعالى - على صحة زواج الصغيرة التي لم تبلغْ، ولو كان زواجُها غيْرَ جائزٍ لما ذكَرَ لها المولى - جل وعلا - عِدةً في كتابه، وقال - تعالى -:﴿ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا ﴾[النساء: 127]، فوردَ في الآية ذِكْرُ اليتامى من النساء والرغبة في نكاحهنَّ، واليُتْمُ في لغة العرب لا يُطْلَقُ إلا على الصغير غير البالغ، وقال - تعالى -:﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ﴾[النساء: 3].

 

قالتْ أمُّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: هي اليتيمة تكون في حجر ولِيِّها، تشاركه في ماله، فيعجبه مالُها وجمالُها، فيريد أن يتزوجَها بغيرِ أن يُقْسطَ في صَداقِها، فيعطيها مثلَ ما يعطيها غيرُه، فَنُهُوا أن ينكحوهنَّ إلا أن يقسطوا لهنَّ، ويبلغوا بهنَّ أعلى سنتهن في الصَّدَاق.

 

وعنها - رضي الله عنها - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوَّجَها وهي بنت ست سنين، وبَنَى بها وهي بنت تسع سنين، وقدْ زوَّج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ابنتَه فاطمة بعَلِي - رضي الله عنهما - وعمرُها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر، وأخْرَجَ عبدالرزاق أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - زوَّج ابنتَه أُمّ كلثوم من عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقدْ ولدتْ له قبلَ موتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وتزوَّجَها عمر - رضي الله عنه - وهي صغيرة لم تبلغْ بعدُ، وزوَّجَ الزبير - رضي الله عنه - ابنةً له صغيرة.

 

قال الشافعي - رحمه الله -: وزوَّجَ غيرُ واحدٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنتَه صغيرة.

وقال النووي - رحمه الله -: أجمع المسلمون على جواز تزويجِه - يَعني الأب - ابنتَه الصغيرة، وقال ابن عبدالبر - رحمه الله -: أجمع العلماءُ على أنَّ للأبِ أنْ يزوجَ ابنتَه الصغيرة، وقال ابنُ المنْذر - رحمه الله -: أجْمعَ كلُّ مَن نحفظُ عنه من أهلِ العلْم أنَّ نِكاحَ الأبِ ابنتَه الصغيرة جائزٌ إذا زوَّجَها من كُفءٍ، وقال ابن بطَّال - رحمه الله -: أجمعَ العلماءُ على أنه يجوز للآباءِ تزويج الصغار من بناتِهم، وإنْ كُنَّ في المهْد، إلا أنَّه لا يجوز لأزواجهِنَّ البناءُ بهنَّ إلا إذا صَلحْنَ للوطءِ، واحْتَمَلْنَ الرجالَ، وأحوالهنَّ في ذلك تختلفُ في قَدْرِ خلْقِهِنَّ وطاقتهن، وقال ابن قُدامة - رحمه الله -: وأمَّا الإناثُ فللأبِ تزويجُ ابنته البكر الصغيرة التي لم تبلغْ تسع سنين بغيرِ خلافٍ إذا وضعها في كفاءة، وبهذا يُعْرَفُ أن تزويجَ الصغيرة جائزٌ بالكتاب والسُّنة وإجماع علماء الأمة، ويكفي في ذلك زواجُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعائشة وعَقْدُه عليها وهي ذات ست سنين، ثُمَّ بناؤه بها ودخولُه عليها وهي ذات تسع سنين، إنَّ ذلك لأعْظم ردٍّ على مَن في قلبه مرضٌ، ولكنَّها مُخطَّطات مَن قال الله فيهم:﴿ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ﴾[المائدة: 33]، ومن قال - تعالى - فيهم:﴿ وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ﴾[آل عمران: 118].

 

ألا فاتَّقوا الله - أيها المسلمون - واحْرِصوا على تزويج أبنائكم وبناتكم؛ ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[النور: 32 - 33].

 

الخطبة الثانية

أما بعدُ:

فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه ولا تعصوه.

 

أيها المسلمون، لقد تبارَى دُعاة تأخير سنِّ الزواج في تعدادِ الأضْرَار التي تنشأ عن الزواج المبكِّر، وبالغوا فيها وضخَّموها، وتناولوا هذا الأمرَ وكأنه بدعة حادثة، متغافلين عن أنَّ الزواجَ المبكِّر ما زال معروفًا منذ أنْ خَلَقَ الله بني آدمَ وأوْجَدَهم، ومع هذا لم يتحدَّث الأطبَّاءُ يومًا ولا المؤرِّخون ولا الباحثون عن أضرار بَيِّنَة أو مَفَاسدَ متحقِّقة للزواج المبكَّر؛ مما يدلُّ على أنَّ هذه الهالة التي يُحاط بها الزواجُ المبكر والتكلُّف في عَدِّ أضراره ومفاسده المزعومة - إنما هي مجرَّد دعايات خالية من البراهين، وأنَّ بعضَ المواقف الفرديَّة التي قد تحصلُ هنا وهناك إنما هي وقائع أعيان تحدثُ فيها أضرارٌ عارضة لا يخلو منها حتى الزواج المتأخِّر في أحيان كثيرة، إنه لا حلَّ لمشكلة العنوسة التي تتزايدُ نِسَبُها في العالم يومًا بعد يوم، إلا بالتشجيع على الزواج المبكِّر.

 

ألا فلنتقِ الله - أيها المسلمون - ولنحْذرْ من هذه الدعوات الغربية الماكرة، ولنحرصْ على تسهيل الزواج والتبكير به؛ فإنه أحفظُ لأخلاق الشباب، وأدْعَى إلى شعورهم بالمسؤولية، وهو أفضلُ لصحة الزوجين عامة وللزوجة بصفة خاصة، ولا يَغْتَرَّنَّ أحدٌ بما يُقال من أنَّ الزواجَ المبكِّر يشغلُ عن التحصيل العلمي أو يلهي عن الدراسة؛ فإن الصحيحَ الذي دَلَّ عليه الواقعُ أنَّ الزواجَ مَدْعاةٌ إلى سكون النفْس وطمأنينة القلب، وراحة الضمير وقرَّة العين، وبه صفاءُ الذهْنِ، ونقاءُ الفكْر، والسلامة من القلق، وهي الأمورُ التي تساعدُ على زيادة التحصيل.

 

ولنحذرْ مما يقال من أنَّ الزواجَ المبكِّر يحمِّلُ الشاب مَؤونة النفقة على الزوجة وعلى الأولاد؛ فإنِّ هذا من ضَعف اليقين والثِّقة بالخالق الرزاق ذِي القوَّة المتين، بل إنَّ الزواجَ مَجْلبة للرزق، مَدعاةٌ للبركة؛ إذ هو طاعة لله ورسوله، والطاعة كلُّها خيْرٌ وبركة، ومَن تزوَّجَ ممتثلاً أمْرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ومتحَرِّيًا لِمَا وعدَ به من الخيْر وصدقتْ نيته في اتِّباع السُّنة، كان زواجُه سببَ خيْرٍ له، والأرزاق بيد الله القائل - عز وجل -:﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾[هود: 6].

 

والقائل - سبحانه -:﴿ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾[الأنعام: 151]، وتالله إنَّه ما حصَلَ إثقالٌ بسببِ الزواج ذاتِه، ولا كان صِغَرُ الزوجين داعيًا لفشلِ الزواج، وإنما هو ابتعادُ الناس عن الآداب الشرعيَّة وترْك السُّنَن النبويَّة، والاشتغال بالأمورِ الجانبيَّة الهامشيَّة؛ مما لا علاقةَ لها بإنجاحه من قريب ولا بعيد، بل قد تكونُ هي سببَ فشلِه؛ من المغالاة في الملابس والحُلِي، والإسراف في الولائم والأطْعِمة، والتفاخُر في الدعوات والمحافل، ألا فرحِمَ الله امْرأً بَكَّرَ بالزواج وعملَ فيه بالسُّنَّة، فأحْسَنَ الاختيارَ ويَسَّرَ، وتَواضَعَ ولم يَتَكَبَّرْ؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أتاكم مَن ترضونَ خُلُقَه ودينَه فزوجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنة في الأرض وفسادٌ عريض))، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((الدُّنيا متاعٌ، وخيرُ متاعها المرأة الصالحة))، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((تُنْكَحُ المرأةُ لأربع؛ لمالها ولحَسبها، ولجمالها ولدينها، فاظفرْ بذات الدين، تَرِبَتْ يداك))، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((إنَّ منْ يُمْنِ المرأة تيسيرَ خِطبتها وتيسيرَ صَداقِها وتيسير رحمِها))، وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: ألا لا تغلوا صدق النساء؛ فإنه لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله - عز وجل - كانَ أولاكُم به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ما أصْدَقَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأةً من نسائه، ولا أصْدقتِ امرأة من بناته أكثر مِن ثِنْتي عشرة أوقية، وإنَّ الرجلَ ليغلي بصدقة امرأتِه؛ حتى يكون لها عَداوة في نفسه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رؤوس نصائح للمقبل على خطبة الوضائح
  • حث الشباب على الاستقامة والزواج المبكر
  • كلمة لا بد منها في الزواج المبكر
  • ضوابط الزواج بالصغيرة في الفقه الإسلامي
  • انتبه لهذا الرقم الهام

مختارات من الشبكة

  • زواج السيدة عائشة ومشروعية الزواج المبكر والرد على منكري ذلك(كتاب - ملفات خاصة)
  • وقعت في محرم قبل الزواج: هل عقد الزواج صحيح؟(استشارة - الاستشارات)
  • خطيبتي تخاف من الزواج – فوبيا الزواج(استشارة - الاستشارات)
  • الزواج المبكر(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • بريطانيا: حملة لضم متطوعين لمساعدة مرضى السكر أثناء رمضان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مواضع الحجامة لمرض السكر(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • البوسنة: جمعية العلماء تقيم برنامجا تثقيفيا عن مرض السكر في زيبشتي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • هولندا: اختبار مجاني لمرض السكر في مسجد السنة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إسبانيا: برنامج لمرضى السكر المسلمين خلال شهر رمضان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مرض السكر أوهام وحقائق(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
2- ما أحسن هذا!
عقيلة أهلها - المملكة العربية السعودية 06-11-2010 04:54 PM

لافض فوك..وتبوأت من الجنة منزلا

1- الزواج المبكر
محمد ضياء الدين كحيل فايد - مصر 23-08-2010 07:01 PM

أعزكم الله ورفع شأنكم وقدركم لو أن فى الأمة رجال صادقون مثلكم لا يخافون لومة لائم ما استطاع هؤلاء الأبالسة أن ينبس أحدهم ببنت شفه.
الإسلام يحتاج إلى رجال أقوياء صادقين .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/11/1446هـ - الساعة: 13:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب