• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    جملة مما فيه نوع إلحاد في أسماء الله
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    محاسن الألطاف الربانية (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    النجش في البيع
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    الصلاة.. راحة القلوب ومفتاح الفلاح (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    خطبة: الأدب مع الخالق ورسوله ومع الخلق فضائل ...
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    أبو بكر الصديق بين الوحي والعقل
    إبراهيم بن سعد العامر
  •  
    خطبة: فضل القرآن وطرائق تفسيره
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    ذلك جزاء المحسنين (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: {يوم تبيض وجوه وتسود ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: فصاحته وحسن ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    إرشاد القرآن إلى حفظ الأيمان (خطبة)
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    من معجزاته صلى الله عليه وسلم
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أربعة يعذرون في الإسبال
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    وقفات تربوية مع سورة المسد (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    شم العرار من إيثار النبي المختار (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة جمعة عن الهواتف والإنترنت ووسائل التواصل
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خطبة: الأدب مع الخالق ورسوله ومع الخلق فضائل وغنائم

خطبة: الأدب مع الخالق ورسوله ومع الخلق فضائل وغنائم
عبدالعزيز أبو يوسف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/11/2025 ميلادي - 27/5/1447 هجري

الزيارات: 259

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأدب مع الخالق ورسوله ومع الخلق: فضائل وغنائم

 

الخطبة الأولى

الحمد لله رب العالمين، مجيب الداعين، ومغيث المستغيثين، عز فارتفع، وذل كل شيء لعظمته وخضع، لا إله إلا هو الحق المبين، والصلاة والسلام على خير البرية، وأزكى البشرية، محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنكم إليه صائرون، وعلى أعمالكم مجزيون ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ﴾ [الزلزلة: 7، 8]، ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].


أيها المؤمنون، فُطِر الإنسان على حُب الجمال والخير والحسن في كل أمر، ومن أعظم الخير والجمال والحُسْن الذي يتحلى به المرء ويلازمه ويتصف به بعد الإيمان بالله تعالى امتثاله وتحليه بالأدب وخصاله حتى يكون صفةً له لا ينفكُّ عنه، فمن تحلَّى بالأدب نال الخير والفضل، قال ابن عطاء رحمه الله: "الأدب هو الوقوف مع المستحسنات"، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: "الأدب اجتماع خصال الخير في العبد، وحقيقة الآداب استعمال الخلق الجميل"، فالأدب تزكية النفس باستخراج ما فيها من خير، وكبح ما فيها من سوء؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 7 - 10]، ثم ذكر رحمه الله أن الأدب ثلاثة أنواع:

الأول: أدب مع الله تعالى.

الثاني: أدب مع رسوله صلى الله عليه وسلم وشرعه.

الثالث: أدب مع الخلق.


فالأدب مع الله تعالى يتضمن ثلاثة أمور:

أولها: صيانة العبد معاملته ربه عز وجل من أن يشوبها بنقص.

الثاني: صيانة العبد قلبه من أن يلتفت أو يعتمد على غير الله تعالى.

الثالث: صيانة العبد إرادته ورغبته من أن تتعلق بما يمقته الله تعالى عليه.


فالأدب مع الله سبحانه حُسْن التوجُّه له بإيقاع الحركات الظاهرة والباطنة على مقتضى التعظيم والإجلال، والحياء منه سبحانه، وأعظم أدب معه سبحانه: إخلاص العبادة له جلَّ وعلا وحده دون سواه، والتخلُّص من الشرك الخفي؛ وهو الرياء، وإخلاص الدعاء له بالتوجُّه له سبحانه بطلب جلب الخير ودفع الضر، فمن أشرك معه سبحانه في العبادة أو دعا معه غيره فقد أساء الأدب مع ربِّ العالمين غاية الإساءة.


ومن الأدب مع الله تعالى الرضا بقضائه وقدره، والتسليم لحكمه دون اعتراض أو تسخُّط أو شكوى للخلق، ومن الأدب معه سبحانه شُكْره على نعمه الظاهرة والباطنة بالقول والفعل، وتسخيرها في طاعته، وعدم نسبة الفضل بها إلا إليه وحده، فمن نسب شيئًا من النعم التي أنعم الله بها عليه لنفسه وجهده أو لأحد من الخلق، فقد أساء الأدب مع الله عز وجل، ومن الأدب معه سبحانه حُسْن الظن به في جلب كل خير ودفع كل ضُرٍّ، والمجازاة بالحسنات إحسانًا، وبالتوبة قبولًا وللسيئات غفرانًا.


أيها المسلمون، خير من امتثل حُسْن الأدب مع الله تعالى أنبياؤه ورسله عليهم السلام، تأمَّلوا في قول آدم عليه السلام وزوجه حين أكلا من الشجرة: ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]، فلم يقولا: "أنت الذي قدرت علينا وقضيت بأن نأكل منها"، وتأملوا قول إبراهيم عليه السلام وهو يُعدِّد نِعَم الله تعالى عليه، فيقول: ﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ [الشعراء: 80]، فلم يقل: "وإذا أمرضني شفاني" حفظًا للأدب مع الله سبحانه، وقول أيوب عليه السلام في دعائه: ﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 83]، فلم يقل: "رب مسستني بالضر"، وقد مدح الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم حين عُرج به إلى السماء، فقال: ﴿ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ [النجم: 16، 17]، فهذا وصف لأدبه عليه الصلاة والسلام؛ إذ لم يلتفت جانبًا، ولا تجاوَزَ ما رآه، والإخلال به وإساءته أن يلتفت الناظر عن يمينه وشماله، ويتطلع إلى ما أمام المنظور، فالالتفات زيغ، والتطلُّع إلى ما أمام المنظور طغيان ومجاوزة، فكمال الأدب إقبال الناظر على المنظور لا يصرف بصره عنه يَمْنةً ولا يَسْرةً ولا يتجاوزه، وهذا غاية الكمال في الأدب مع الله تعالى، فإن عادة النفوس إذا أُقيمت في مقامٍ عالٍ رفيع تتطلَّع إلى ما حولها وما تضمنه هذا المقام من جمال وبهاء، وهو ما لم يفعله عليه الصلاة والسلام.


أيها الفضلاء، الأدب مع الله تعالى هو الدين كله، فإن ستر العورة، والوضوء، وغسل الجنابة حتى يقف العبد بين يدي الله تعالى في صلاته طاهرًا، وقد أمر الله تعالى بأخذ الزينة في كل صلاة، فقال: ﴿ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ [الأعراف: 31]، فمن لم يكن مهتمًّا بأخذ الزينة عند كل صلاة، فقد أخلَّ بشيء من الأدب مع ربِّه عز وجل، ومن الأدب مع الله تعالى: عدم رفع المصلي بصره إلى السماء، فإن من كمال أدب الصلاة أن يقف العبد بين يدي ربِّه مطرقًا خافضًا طرفه إلى الأرض، كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نهى عليه الصلاة والسلام عن قراءة القرآن العظيم في الركوع والسجود؛ لأن القرآن أشرف الكلام، وهو كلام الله سبحانه، وحالتا الركوع والسجود حالتا ذُلٍّ وانخفاض من العبد، فمن الأدب مع الله تعالى ألَّا يقرأ كلامه في هاتين الحالتين، ومن الأدب مع الله تعالى عدم التأفُّف والضجر من العبادات البدنية؛ كالصوم، وطول العطش أو الجوع، أو في الحج؛ كالتعب والمشقَّة والشكوى بها للخلق.


ومن الأدب مع الله تعالى ألَّا تُستقبَل الكعبة ولا تُستدبَر عند قضاء الحاجة، ومن الأدب مع الله تعالى في الصلاة وضع اليد اليُمْنى على اليُسْرى حال القيام والقراءة، وهو من آداب الوقوف بين يدي الملوك والعظماء، ومن الأدب في الصلاة السكون وعدم كثرة الحركة، ومن الأدب مع الله تعالى الاستماع والإنصات عند سماع كلامه سواءً كان في صلاة أو غيرها استجابةً لأمره، وتعظيمًا لشأنه.


ولا يستقيم لأحد الأدب مع الله تعالى إلا بثلاثة أمور: معرفته سبحانه بأسمائه وصفاته، ومعرفة دينه وشرعه، وما يُحب ويكره، ونفس مستعدة قابلة لينة متهيئة لقبول الحق علمًا وعملًا.


ومن الأدب مع الله تعالى عدم تقديم أي أمر على أمره سبحانه عملًا بقوله سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الحجرات: 1]، وقوله جل وعلا: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 36]، فمن لم يكن كذلك فما حقَّق الأدب مع ربِّه عز وجل كما يجب، وهذا وربي الخسران المبين، وبالجملة فكل ما أمر به سبحانه، فالإتيان به على الوجه الذي شرعه أدب معه سبحانه، وكلما زاد العبد تعظيمًا لربِّه العظيم فقد حقق الأدب معه جل وعلا، وإذا خالف العبد أمرَ ربِّه وعصاه فقد أساء الأدب مع خالقه سبحانه، وإذا أخلَّ بشيء من المأمورات ولم يأتِ بها على الوجه الذي شرعه الله تعالى فقد وقع في شيء من سوء الأدب مع خالقه، فليتدارك نفسه وليصحح مساره ما دام في زمن المهلة.


أيها المباركون، وأما النوع الثاني من الأدب فهو الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأس الأدب معه: كمال التسليم لأمره، وكمال التصديق والقبول لخبره، وأن يُتخَذ قدوةً وأسوةً حسنةً كما أمر ربنا جل وعلا بذلك، وتقديم محبته على النفس والوالدين والولد، وألَّا يُتقدَم بين يديه بأمر ولا نهي، ولا إذن ولا تصرف حتى يأمر وينهى ويأذن؛ كما قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الحجرات: 1]، وهذا باقٍ إلى يوم القيامة لم يُنسَخ، فالتقدم بين يدي سُنَّته وتقديم العقل أو الهوى أو آراء الآخرين على سُنَّته بعد وفاته كالتقدم بين يديه في حياته، ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم ألَّا تُرفَع الأصوات فوق صوته، فإنه سبب لحبوط العمل، كما حذر من ذلك ربُّنا جل وعلا، فما الظن برفع الآراء ونتائج الأفكار والأهواء على سنته وما جاء به بعد موته، أليس أقرب لحبوط العمل من رفع الصوت على صوته في حياته؟! ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم ألَّا يُستشكل قوله، ولا يُعارض قوله بقياس، ولا يُحرَّف كلامه عن حقيقته.


ومن الأدب معه عليه الصلاة والسلام التأدُّب مع صحابته الكرام رضوان الله عليهم، وذكر محاسنهم، وإنزالهم منازلهم اللائقة بهم، وعدم انتقاص أحد منهم أو اتهامه بالباطل، أو الخوض فيما وقع بينهم، استجابةً لنهيه عن ذلك بقوله: "لا تسبُّوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده، لو أنفق أحدكم مثل أُحُدٍ ذَهَبًا ما بلغ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفه"؛ رواه ابن ماجه بإسناد صحيح، ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه والسلام عند ذكره، ومن لطيف الأدب معه سبحانه وحفظ حقه أن تُكتَب الصلاة والسلام عليه عند ورود ذكره في كتابة أو مؤلف كاملة دون اختصارها بشيء من الرموز المنكرة، وكلما عظَّم العبد نبيَّه صلى الله عليه وسلم فقد عظَّم ربَّه عز وجل الذي أمر بتوقير نبيِّه والتأدُّب معه.


نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وسُنَّة رسوله، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه إن ربي هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

عباد الله، وأما النوع الثالث من الأدب، فهو الأدب مع الخَلْق، وهو مطلب كل عاقل حصيف، وموفقٍ رشيد، قال عَبدُاللهِ بنُ المُبارَكِ: "طَلَبتُ الأدَبَ ثَلاثينَ سَنةً، وطَلَبتُ العِلمَ عِشرينَ سَنةً"، وقال أيضًا:

جَرَّبتُ نَفسي فما وجَدتُ لها
مِن بَعدِ تَقوى الإلهِ كالأدَبِ
في كُلِّ حالاتِها وإن كَرِهَت
أفضَل مِن صَمتِها عنِ الكَذِبِ
أو غِيبة النَّاسِ إنَّ غِيبَتَهم
حَرَّمَها ذو الجَلالِ في الكُتْبِ
قُلتُ لها طائِعًا وأُكرِهُها
الحِلمُ والعِلمُ زَينُ ذي الحَسَبِ

 

ورأس الأدب مع الخلق كما جاء في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فمَن أحَبَّ أن يُزحزَح عن النار ويدخل الجنة، فلتأتِه منيَّتُه وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يُؤتى إليه"، فما يُحب المرء من تعامل الناس معه به فليأته معهم، ويتضمن الأدب مع الخلق بمعاملتهم على اختلاف مراتبهم بما يليق بهم، فلكل مرتبة منهم أدب، فمع الوالدين أدب خاص بهما دون غيرهما يوصل العبد؛ لأن يخفض لهما جناح الذُّل أدبًا معهما وقيامًا بحق البر بهما كما أمر الله تعالى، ومع العالم أدب خاص بأهل العلم والفضل، ومع السلطان أدب يليق به، ومع الأقران أدب يليق بهم، ومع الأجانب أدب غير الأدب مع الأصحاب، ومع الضيف أدب غير الأدب مع أهل البيت.


ولكل حال أدب، فللأكل آداب، وللشراب آداب، وللركوب آداب، وللخروج والسفر والإقامة آداب، وللكلام آداب، وللسكوت والاستماع آداب، وللزيارة آداب، إلى غير ذلك من الأحوال.


فأدب المرء عنوان سعادته وفلاحه، وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره، فما استجلب خير الدنيا والآخرة بمثل الأدب، ولا استُجلب حرمانهما بمثل قلة الأدب.


الأدب مع الوالدين- رعاكم الله- نجَّى صاحبه من حبس الغار حين انطبقت عليه وصحبه الصخرة، والإخلال بالأدب مع الأم تأويلًا وإقبالًا على الصلاة امتُحِن صاحبه بهدم مكان صلاته، وضرب الناس له، واتهامه بالفاحشة، والتاريخ يشهد بذلك في قصص ومواقف فاز بها المتأدِّبون مع الخلق، الحافظون لحقوقهم، القائمون بها، والخُسران لمن أساء الأدب مع الخلق على اختلاف درجاتهم ومكانتهم.


عباد الله، صلوا وسلموا على من أمرنا المولى بالصلاة والسلام عليه، فقال عز من قائل عليمًا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على نبينا محمد، صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، والأئمة المهديين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصَّحْب والآل، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التناد، وعنا معهم بمنِّك وكرمك يا أكرم الأكرمين.


اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداءك أعداء الدين، وانصر عبادك الموحِّدين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا سخاءً رخاء، اللهم وفِّق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال، ومُدَّهما بنصرك وإعانتك وتوفيقك وتسديدك، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، اللهم أصلح نيَّاتنا وذرياتنا، وبلِّغنا فيما يرضيك آمالنا، وحرِّم على النار أجسادنا، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك، اللهم إنا نسألك عيشةً هنيةً، وميتتًا سوية، ومردًّا إليك غير مخزيٍّ ولا فاضح، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.


عباد الله، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأدب مع الله جل جلاله
  • مظاهر الأدب مع الله تعالى
  • الأدب مع القرآن الكريم
  • الأدب مع العلماء
  • الأدب مع الله (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • مظاهر الأدب مع رسول الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب المساجد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب تلاوة القرآن الكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: آداب المجالس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الضحك وآدابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب النعمة وواجبنا نحوها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب استعمال أجهزة الاتصالات الحديثة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • رفقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالرسل وثمراته (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم
  • آلاف المسلمين يجتمعون في أستراليا ضمن فعاليات مؤتمر المنتدى الإسلامي
  • بعد ثلاث سنوات من الجهد قرية أوري تعلن افتتاح مسجدها الجديد
  • إعادة افتتاح مسجد مقاطعة بلطاسي بعد ترميمه وتطويره

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 26/5/1447هـ - الساعة: 18:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب