• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: الغزو الفكري … كيف نواجهه؟ (2)
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    {قل من كان في الضلالة} (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    بيان مقام الخلة التي أعطيها النبي صلى الله عليه ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    أكـرم البنات... تكن رفيق النبي صلى الله عليه وسلم ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    التحذير من صفات المنافقين (خطبة)
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أسباب وأهداف الحرب في الإسلام
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    إني أخاف أن أسلب التوحيد! (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    الوصاية بالنساء في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    سوء الظن وآثاره على المجتمع المسلم (خطبة)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    تفسير سورة الزلزلة
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    تحريم سب الريح أو الشمس أو القمر ونحوها مما هو ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    الملك المحدث: إجازة بخط الإمام الحافظ عبدالرحيم ...
    محمد الوجيه
  •  
    أكرمها الإسلام فأكرموها (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    إكرام المرأة في الإسلام (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم (خطبة)

لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/8/2025 ميلادي - 9/2/1447 هجري

الزيارات: 9914

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مِمَّا شَاعَ في مَجَالِسِنَا، وَصِرنَا نَتَنَاقَلُهُ في بَرَامِجِ التَّوَاصُلِ بَينَنَا، كَثرَةُ الشَّكوَى مِنَ الزَّمَانِ وَذَمُّهُ وَذَمُّ النَّاسِ، فَأَنَا أَشكُو وَأَنتَ تَشكُو، وَهُوَ وَهُم يَشتَكُونَ، شَاكٍ يَشكُو مِن تَهَاجُرِ النَّاسِ وَقِلَّةِ تَزَاوُرِهِم وَضَعفِ تَوَاصُلِهِم، وَذَامٌّ يَذُمُّهُم بِقِلَّةِ وَفَائِهِم وَكَثرَةِ إِخلافِهِمُ الوَعدَ وَتَجَاهُلِهِم، وَهُنَا مَن يَرَى أَنَّهُم لا يَبذُلُونَ وَلا يُعِينُونَ وَلا يُسَاعِدُونَ، وَهُنَاكَ مَن يَأسَفُ لِتَضيِيعِ مَعرُوفِهِ وَنِسيَانِ جَمِيلِهِ، وَهَذَا حَزِينٌ لِجُحُودِ أَصحَابِهِ فَضلَهُ، وَذَاكَ مُستَنكِرٌ تَوَلِّيَهُم عَنهُ بَعدَ الإِقبَالِ عَلَيهِ. وَقَد صَارَ العَاقِلُ مِن كَثرَةِ مَا يَسمَعُ مِن ذَلِكَ وَيَقرَأُ، بَل وَمِمَّا يَخُوضُ هُوَ فِيهِ مَعَ الشَّاكِينَ وَيُشَارِكُهُم ِفِيهِ، صَارَ يَسأَلُ نَفسَهُ: هَل أَنَا سَالِمٌ مِن هَذِهِ الصِّفَاتِ الَّتي أَرَاهَا في الآخَرِينَ وَأَشكُو مِنهَا وَيَشكُو غَيرِي أَضعَافَهَا؟! أَم أَنَّ لي وَلِكُلِّ شَاكٍ نَصِيبًا مِمَّا نَشكُو مِنهُ؟! أَمَعقُولٌ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا هُوَ وَحدَهُ حَسَنُ الأَخلاقِ كَامِلُ الصَّفَاتِ السَّالِمُ مِنَ العُيُوبِ وَالآفَاتِ، وَأَنَّ الآخَرِينَ هُمُ السَّيِّئُونَ المُصَابُونَ النَّاقِصُونَ؟! أَوَلا يُوجَدُ في هَذِهِ الدُّنيَا أَحَدٌ رَاضٍ عَمَّن حَولَهُ وَمُرتَاحٌ لِتَعَامُلِهِم؟!

 

إِنَّ هَذَا التَّشَاكِيَ وَذَاكَ التَّبَاكِيَ، لَيُذَكِّرُنَا قَولَ الشَّاعِرِ:

كُلُّ مَن لاقَيتُ يَشكُو دَهرَهُ
لَيتَ شِعرِي هَذِهِ الدُّنيَا لِمَن

حَقًّا، إِذَا كُنتُ أَنَا أَشكُو مِمَّن حَولي، وَأَنتَ تَشكُو مِن غَيرِكَ، وَإِذَا جَلَسنَا مَعَ صَدِيقٍ أَو زَمِيلٍ سَمِعنَاهُ يَشكُو وَيَعِيبُ، وَالرَّسَائِلُ تَأتِينَا لِتَحشُوَ صُدُورَنَا وَتُعَبِّئَ نُفُوسَنَا بِأَنَّ النَّاسَ قَد تَغَيَّرُوا، فَمَاذَا بَقِيَ وَمَن بَقِيَ؟! أَوَلم يَبقَ في الأَرضِ صَالِحٌ مُصلِحٌ، أَوَلا يُوجَدُ في الدُّنيَا رَضِيٌّ وَفيٌّ وَكَرِيمٌ مِعطَاءٌ حَيِيٌّ؟! أَوَقَد اختَفَى ذَوُو الأَخلاقِ الحَسَنَةِ وَمَاتَ أَهلُ الصِّفَاتِ النَّبِيلَةِ؟!

 

وَقَد يَنقَدِحُ في ذِهنِ بَعضِنَا بَعدَ كُلِّ هَذَا سُؤَالٌ يَقُولُ: هَل وَصَلنَا إِلى زَمَنٍ يَكُونُ أَصلَحُ مَا لِلنَّفسِ اعتِزَالَ النَّاسِ وَمُجَانَبَتَهُم وَالتَّقلِيلَ مِن مُخَالَطَتِهِم؟!

 

لا نَظُنُّ ذَلِكَ عَلَى إِطلاقِهِ أَيُّهَا العُقَلاءُ، وَلَكِنْ... قَد تَكُونُ الحَالُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

نَعِيبُ زَمَانَنَا وَالعَيبُ فِينَا
وَمَا لِزَمَانِنَا عَيبٌ سِوَانَا
وَقَد نَهجُو الزَّمَانَ بِغَيرِ جُرمٍ
وَلَو نَطَقَ الزَّمَانُ بِنَا هَجَانَا

 

وَإِنَّهُ وَإِن كَانَ جَيلُ الكِبَارِ قَد نَشَأَ عَلَى أَخلاقٍ وَعَادَاتٍ، وَطَرَائِقَ في التَّعَامُلِ يَعُدُّهَا هِيَ الأَكمَلَ وَالأَجمَلَ، وَيَرَى الجَيلَ الَّذِي هُوَ أَصغَرُ مِنهُ قَد فَقَدُوهَا وَجَانَبُوهَا، وَاكتَسَبُوا أَخلاقَ أَقوَامٍ آخَرِينَ بِسَبَبِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ أَو تَأثِيرِ الإِعلامِ أَو غَيرِهِ، فَإِنَّ الكِبَارَ يَجِبُ أَن يَبَقَوا عَلَى كُلِّ حَالٍ كِبَارًا، فَيَصبِرُوا وَيَحتَسِبُوا، وَيَتَحَمَّلُوا وَيَتَجَمَّلُوا، وَيَحرِصُوا عَلَى التَّمَسُّكِ بِالدِّينِ أَوَّلاً، ثُمَّ العَادَاتِ الكَرِيمَةِ الَّتي جَاءَ الإِسلامُ وَالعَرَبُ عَلَيهَا فَأَيَّدَهَا، ثُمَّ بِالمُرُوءَاتِ الَّتي تَكَادُ شُعُوبُ الأَرضِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا تُجمِعُ عَلَيهَا، فَلَعَلَّهُم بِذَلِكَ أَن يُورِثُوا جِيلَ الأَبنَاءِ مَا وَرِثُوهُ هُم مِن آبَائِهِم وَأَجدَادِهِم، وَيُعَلِّمُوهُم مَا تَعَلَمُوهُ في مَدَارِسِهِم أَو كَسِبُوهُ مِن تَجَارِبِ الحَيَاةِ، فَجَيلُ اليَومِ يَعِيشُ في زَمَنٍ كَثُرَت عَلَيهِ الوَارِدَاتُ وَالشَّارِدَاتُ مِن كُلِّ جِهَةٍ، وَأَجلَبَ العَدُوُّ عَلَيهِ بِأَسلِحَتِهِ المَعنَوِيَّةِ لِحَربِ الأَخلاقِ مِن كُلِّ جَانِبٍ، وَإِنَّ هَذَا لِمَن عَقَلَ وَوَعَى، لَيَزِيدُ المَسؤُولِيَّةَ عَلَى الكِبَارِ، وَيُلزِمُهُم أَن يَبقَوا كِبَارًا، فَيَأطِرُوا نُفُوسَهُم عَلَى الحَقِّ، وَيُلزِمُوهَا حَسَنَ الخُلُقِ، أَجَل أَيُّهَا الكِبَارُ، إِنَّهَ لَمِنَ النَّقصِ في حَقِّ الكَبِيرِ أَن تَصغُرَ هِمَّتُهُ، أَو تَضعُفَ عِزِيمَتُهُ، أَو يَتَهَاوَنَ وَيَتَكَاسَلَ في أَدَاءِ رِسَالَتِهِ التَّربَوِيَّةِ في الحَيَاةِ، فَيَخُوضَ مَعَ الخَائِضِينَ، أَو يَغفَلَ مَعَ الغَافِلِينَ، أَو يَتَنَازَلَ عَن تَدَيُّنِهِ وَتَعَقُّلِهِ وَتَبَصُّرِهِ، أَو تَستَخِفَّهُ الشَّيَاطِينُ فَيَكُونَ أَحمَقَ نَزِقًا، لا يَرضَى إِذَا غَضِبَ، وَلا يَفِيءُ إِذَا أَدبَرَ، وَلا يَسمَحُ إِذَا حَقَدَ، وَلا يَتَنَازَلُ إِذَا رَأَى أَنَّ لَهُ حَقًّا، وَلا يُعطِي مِن نَفسِهِ وَلا يَبذُلُ، لا وَاللهِ، إِنَّ الكَبِيرَ لَيسَ وَحِيدًا في صَحَرَاءَ لا يَرَاهُ أَحَدٌ وَلا يَرقُبُ تَصَرُّفَهُ مَخلُوقٌ، وَلا يَتَأَثَّرُ بِهِ مَن حَولَهُ وَلا يُقتَدَى بِهِ، بَل إِنَّ كَبِيرَ القَومِ سِنًّا أَو عِلمًا أَو قَدرًا، أَو مَكَانَةً أَو مَنصِبًا أَو جَاهًا، إِنَّهُ لَشَمسٌ تَرَاهَا العُيُونُ، وَيَتَبَدَّدُ بِنُورِهَا الظَّلامُ، وَيُبصَرُ عَلَى ضَوئِهَا الطَّرِيقُ، بَل وَيَطهُرُ بِبَعضِ حَرَارَتِهَا وَجهُ الأَرضِ مِن كَثِيرٍ مِنَ الآفَاتِ.

 

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ، وَاعلَمُوا أَنَّ مِن مَدَاخِلِ الشَّيطَانِ عَلَى النَّاسِ أَن يُزَهِّدَ بَعضَهُم في بَعضٍ، وَأَن يُوَسِّعَ الفَجَوَاتِ بَينَهُم، وَيُكَبِّرَ كُلَّ صَغِيرَةٍ في نُفُوسِهِم حَتى لا يَتَسَامَحُوا وَلا يَتَصَالَحُوا، وَلا يَقبَلُوا مِن بَعضِهِم قَلِيلاً وَلا كَثِيرًا، مُوحِيًا لَهُم أَنَّ الأَجيَالَ السَّابِقَةَ كَانَت أَكمَلَ وَأَعقَلَ، وَأَشَدَّ تَمَسُّكًا بِالأَخلاقِ وَالعَادَاتِ، وَأَنَّ النَّاسَ الآنَ فَسَدُوا وَانهَارَت أَخلاقُهُم، وَلا يَزَالُ يُوَسوِسُ لَهُم بِذَلِكَ لِيَفقِدَ كُلٌّ مِنهُمُ الثِّقَةَ في الآخَرِ، وَيَرَى أَنَّهُ لَيسَ مَحَلاًّ لِلإِكرَامِ وَلا لِلزِّيَارَةِ وَلا لِلصُّحبَةِ، وَلا لِلتَّسَامُحِ وَالعَفوِ عَنهُ وَالصَّفحِ، وَقَد جَاءَ في الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسلِمٌ: "إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ، فَهُوَ أَهلَكُهُم"؛ أَي فَهُوَ أَشَدُّهُم هَلاكًا، أَو فَهُوَ الَّذِي جَرَّدَهُم مِن كُلِّ خَيرٍ وَأَلبَسَهُم كُلَّ شَرٍّ، فَصَارُوا كَمَا قَالَ أَو أَشَدَّ.

 

وَتَاللهِ مَا كَانَتِ الأَجيَالُ السَّابِقَةُ أَفضَلَ مِنَ اللاَّحِقَةِ في كُلِّ شَيءٍ، وَمَا كَانُوا مَلائِكَةً وَلا سُكَّانَ أَرضٍ أُخرَى، وَلا نُفُوسُهُم وَقُلُوبُهُم مُغَايِرَةً لِنُفُوسِنَا وَقُلُوبِنَا، بَل لَقَد وَقَعَ الخَطَأُ وَالتَّقصِيرُ في كُلِّ زَمَانٍ وَفي كُلِّ جِيلٍ، وَلَكِنَّ سَبَبَ نَجَاحِ النَّاجِحِ وَفَلاحِ المُفلِحِ فِيمَن سَبَقَ وَفي عَصرِنَا وَفي كُلِّ عَصرٍ، إِنَّمَا هُوَ اتِّبَاعُ مَا في الوَحيَينِ، وَالعَمَلُ بِالأَوَامِرِ وَاجتِنَابُ النَّوَاهِي، وَاحتِسَابُ الأَجرِ في التَّحَلِّي بِكُلِّ خُلُقٍ نَبِيلٍ، وَمُجَاهَدَةُ النَّفسِ في التَّخَلُّصِ مِن كُلِّ صِفَةٍ سَيِّئَةٍ.

 

فَاللهَ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لِنَتَدَبَّرْ كَلامَ رَبِّنَا وَكَلامَ رَسُولِنَا، وَلْيَجعَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا نَفسَهُ هُوَ المَقصُودَ بِكُلِّ نُصحٍ وَتَوجِيهٍ يَسمَعُهُ، فَإِنَّمَا العِلمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الحِلمُ بِالتَّحَلُّمِ، وَمَن يَتَحَرَّ الخَيرَ يُعطَهُ، وَمَن يَتَوَقَّ الشَّرَّ يُوقَهُ، وَمَن جَاهَدَ نَفسَهُ هُدِيَ، وَلْنَتَعَاوَنْ عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى، وَلْيَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا قُدوَةً في الخَيرِ مِفتَاحًا لَهُ دَاعِيًا إِلَيهِ، بَاذِلاً مِنهُ مَا يَستَطِيعُ وَيَقدِرُ عَلَيهِ، وَلْيُصلِحْ نَفسَهُ قَبلَ أَن يَعِيبَ غَيرَهُ؛ فَإِنَّمَا المُجتَمَعُ لَبِنَاتٌ إِذَا صَلَحَت قَامَ البِنَاءُ وَاشتَدَّ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 208، 209].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوا أَمرَهُ وَاجتَنِبُوا نَهيَهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ مِن أَكثَرِ مَا يُفسِدُ العِلاقَاتِ بَينَ النَّاسِ، أَن يَنظُرَ المَرءُ إِلى نَفسِهِ نَظرَةَ الكَمَالِ، في الحِينِ الَّذِي يَنظُرُ فِيهِ إِلى الآخَرِينَ بِشَيءٍ مِنَ الاحتِقَارِ، وَلِهَذَا فَهُوَ لا يَعتَرِفُ على نَفسِهِ بِالخَطَأِ، وَلا يَقبَلُ أَن يُنتَقَدَ أَو يُنصَحَ، أَو يُبَيَّنَ لَهُ خَطَؤُهُ أَو يُقَرَّرَ بِزَلَّتِهِ، يُنَزِّهُ نَفسَهُ مِن كُلِّ عَيبٍ، وَيَتَلَمَّسُ لَهَا العُذرَ في كُلِّ مَا تَأتي وَمَا تَذَرُ، ثُمَّ يَجعَلُهَا في مَقَامِ النَّاقِدِ لِلنَّاسِ وَالمُزرِي عَلَيهِم، وَالمُتَتَبِّعِ لِزَلاَّتهِمِ وَالمُنَقِّبِ عَن قُصُورِهِم وَالشَّاكِي مِن تَقصِيرِهِم، وَلا وَاللهِ لا يَزُولُ مَا بَينَ النَّاسِ مِنِ احتِقَانٍ وَشَحنَاءَ، وَلا وَاللهِ تَطِيبُ خَوَاطِرُهُم وَتَهنَأُ نُفُوسُهُم، وَيَزدَادُ خَيرُهُم وَيَقِلُّ شَرُّهُم، إِلاَّ أَن يَتَرَفَّعُوا عَن هَذَا التَّنَابُزِ، وَيَتَدَرَّبُوا عَلَى أَن يَشكُرَ بَعضُهُم بَعضًا وَيُثنِيَ بَعضُهُم عَلَى مَعرُوفِ بَعضٍ وَلَو قَلَّ، وَأَن يُشَجِّعُوا كُلَّ عَطَاءٍ وَلَو كَانَ صَغِيرًا، بَل وَيُعَوِّدُوا أَنفُسَهُم عَلَى العَطَاءِ، وَيُخَلِّصُوهَا مِن طَمَعِ الأَخذِ، فَإِنَّ مَن عَوَّدَ نَفسَهُ العَطَاءَ جَادَت وَسَمَحَت وَسَخَت، وَمَن عَوَّدَهَا الأَخذَ فَحَسبُ، غَدَت شَحِيحَةً ضَيِّقَةً طَمَّاعَةً، لا يَملِكُ جِمَاحَهَا رِضًا وَلا تَرُدُّهَا قَنَاعَةٌ، وَشُكرُ اللهِ هُوَ طَرِيقُ الزِّيَادَةِ، وَلا يَشكُرُ اللهَ مَن لا يَشكُرُ النَّاسَ، ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حفظ المال العام والتحذير من الاعتداء عليه (خطبة)
  • أحي والداك؟.. ففيهما فجاهد (خطبة)
  • ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم (خطبة)
  • يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
  • من عوفي فليحمد الله (خطبة)
  • عام تصرم وعام يتقدم (خطبة)
  • عاشوراء بين مهدي متبع وغوي مبتدع (خطبة)
  • السهر وإضعاف العبودية لله (خطبة)
  • كن ذكيا واحذر الذكاء الاصطناعي (خطبة)
  • أين تقف حريتك؟! (خطبة)
  • البركة مع الأكابر (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • دعوة للإبداع والابتكار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصص القرآن والسنة دروس وعبر: دعوة نبي الله سليمان إلى الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان (بطاقة)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • دعوة للمراجعة في التعامل مع التفسير المأثور(مقالة - آفاق الشريعة)
  • (دروس وفوائد كثيرة من آية عجيبة في سورة الأحقاف) معظمها عن بر الوالدين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغضب من لهيب النيران(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا تذم الدنيا بإطلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم إنكار أسماء الله وصفاته جملة أو تفصيلا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة الرجال الثلاثة الذين أغلق عليهم الغار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ادعوا الله بصالح أعمالكم وأخلصها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/6/1447هـ - الساعة: 19:28
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب