• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: أجوبته
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    مبحث خاص في تغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه ...
    أحمد بن عبدالله السلمي
  •  
    نصيحة العمر: كن أنت من تنقذ نفسك
    بدر شاشا
  •  
    "ليبطئن"... كلمة تبطئ اللسان وتفضح النية!
    عبدالخالق الزهراوي
  •  
    لطائف من القرآن (2)
    قاسم عاشور
  •  
    موت الفجأة (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    تعظيم النصوص الشرعية (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    العجز والكسل: معناهما، وحكمهما، وأسبابهما، ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    خطبة: تأملات في بشرى ثلاث تمرات - (باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (10) أم سلمة رضي ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿إنما ذلكم الشيطان يخوف ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    فن التعامل مع الآخرين
    يمان سلامة
  •  
    تفسير: (ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    من أخطاء المصلين (5)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    رد القرض عند تغير قيمة النقود (PDF)
    د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن
  •  
    هل أنت راض حقا؟
    سمر سمير
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد
علامة باركود

قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (خطبة)

قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/5/2025 ميلادي - 24/11/1446 هجري

الزيارات: 7808

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ رَجُلًا كَانَ قَبْلَكُمْ رَغَسَهُ[1] اللَّهُ مَالًا، فَقَالَ لِبَنِيهِ لَمَّا حُضِرَ[2]: أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرَ أَبٍ. قَالَ: فَإِنِّي لَمْ أَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فَإِذَا مُتُّ؛ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اسْحَقُونِي[3]، ثُمَّ ذَرُّونِي[4] فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ، فَفَعَلُوا، فَجَمَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ؟ قَالَ: مَخَافَتُكَ، فَتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ[5]، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اطْحَنُونِي، ثُمَّ ذَرُّونِي فِي الرِّيحِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا، فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْأَرْضَ، فَقَالَ: اجْمَعِي مَا فِيكِ مِنْهُ، فَفَعَلَتْ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ خَشْيَتُكَ! فَغَفَرَ لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِنْ أَهَمِّ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ:

1- لِلْمَوْتِ عَلَامَاتٌ وَأَمَارَاتٌ وَبَوَادِرُ قَدْ يَشْعُرُ بِهَا الْإِنْسَانُ.

 

2- جَوَازُ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِمَا قَرُبَ مِنْهُ: لِقَوْلِهِ: «حَضَرَهُ الْمَوْتُ»، وَإِنَّمَا الَّذِي حَضَرَهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ عَلَامَاتُ الْمَوْتِ[6].

 

3- مَشْرُوعِيَّةُ الْإِقْرَارِ عَلَى النَّفْسِ بِالتَّقْصِيرِ عِنْدَ حُضُورِ الْأَجَلِ: وَلَكِنْ يَنْبَغِي تَغْلِيبُ جَانِبِ الرَّجَاءِ عَلَى الْخَوْفِ عِنْدَ حُضُورِ الْأَجَلِ[7].

 

4- لَا بُدَّ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الْوَصِيَّةِ حَتَّى تُنَفَّذَ: وَأَمَّا إِنْ كَانَ فِيهَا إِثْمٌ، أَوْ مُخَالَفَةٌ لِلشَّرِيعَةِ؛ فَهِيَ بَاطِلَةٌ لَا يَجُوزُ تَنْفِيذُهَا؛ كَمَا فِي وَصِيَّةِ هَذَا الرَّجُلِ؛ فَإِنَّ الْإِحْرَاقَ بِالنَّارِ مُحَرَّمٌ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

5- فَضِيلَةُ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ: اسْتَجَابَ الْأَبْنَاءُ لِأَبِيهِمْ رَغْمَ صُعُوبَةِ تَنْفِيذِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ. مَعَ التَّأْكِيدِ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَبْنَاءَ أَخْطَأُوا غَايَةَ الْخَطَأِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ الْمُحَرَّمَةَ لَا يَجُوزُ تَنْفِيذُهَا، وَسَبَبُ تَنْفِيذِهِمْ لِلْوَصِيَّةِ هُوَ جَهْلُهُمْ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ.

 

6- فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ الْعُذْرِ بِالْجَهْلِ فِي شَأْنِ التَّكْفِيرِ: جَاءَ فِي رِوَايَةٍ – أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَالَ: «ثُمَّ اذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ، وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ؛ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَقَدْ ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِذَا تَفَرَّقَ هَذَا التَّفَرُّقَ، فَظَنَّ أَنْ لَا يُعِيدَهُ إِذَا صَارَ كَذَلِكَ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ إِنْكَارِهِ قُدْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْكَارِ مَعَادِ الْأَبْدَانِ – وَإِنْ تَفَرَّقَتْ – كُفْرٌ، لَكِنَّهُ كَانَ – مَعَ إِيمَانِهِ بِاللَّهِ، وَخَشْيَتِهِ مِنْهُ – جَاهِلًا بِذَلِكَ، ضَالًّا فِي هَذَا الظَّنِّ، مُخْطِئًا، فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ. وَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الرَّجُلَ طَمِعَ أَلَّا يُعِيدَهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ[8].

 

قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَهَذَا رَجُلٌ شَكَّ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ، وَفِي إِعَادَتِهِ إِذَا ذُرِّيَ؛ بَلِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَا يُعَادُ! وَهَذَا كُفْرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ لَكِنْ كَانَ جَاهِلًا لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ، وَكَانَ مُؤْمِنًا يَخَافُ اللَّهَ أَنْ يُعَاقِبَهُ، فَغَفَرَ لَهُ بِذَلِكَ)[9]. وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ دَخَلَ الْجَنَّةَ مَعَ صُدُورِ الْكُفْرِ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ عُذِرَ بِالْجَهْلِ، وَمَنْ تَتَبَّعَ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ؛ وَجَدَ فِيهَا مِنْ هَذَا الْجِنْسِ الْكَثِيرَ مِمَّا يُوَافِقُهُ[10].

 

7- الْجَهْلُ الَّذِي يُعْذَرُ بِهِ صَاحِبُهُ؛ هُوَ الْجَهْلُ النَّاشِئُ عَنْ عَدَمِ الْبَلَاغِ: وَلَيْسَ الْجَهْلَ النَّاشِئَ عَنِ الْإِعْرَاضِ عَنِ الْحُجَّةِ الْبَيَانِيَّةِ؛ كِتَابًا وَسُنَّةً. فَالْجَاهِلُ الَّذِي يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْأَلَ وَيَصِلَ إِلَى الْعِلْمِ لَيْسَ بِمَعْذُورٍ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَعَلَّمَ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْأَلَ وَيَبْحَثَ، وَالْجَاهِلُ الَّذِي يُرِيدُ الْحَقَّ غَيْرُ الْجَاهِلِ الَّذِي لَا يُرِيدُ الْحَقَّ، فَالَّذِي لَا يُرِيدُ الْحَقَّ غَيْرُ مَعْذُورٍ حَتَّى وَلَوْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرِيدُ الْحَقَّ، أَمَّا الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَعْلَمَ الْحَقَّ فَهَذَا إِذَا بَحَثَ عَنِ الْحَقِّ، وَلَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ؛ فَهُوَ مَعْذُورٌ[11].

 

8- عِظَمُ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُطْلَقَةِ، الَّتِي لَا حُدُودَ لَهَا وَلَا نِهَايَةَ: فَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى جَسَدَ هَذَا الرَّجُلِ بَعْدَ أَنْ تَفَرَّقَ ذَلِكَ التَّفْرِيقَ الشَّدِيدَ.

 

9- اللَّهُ تَعَالَى يُكَلِّمُ خَلْقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُجِيبُهُ الْعِبَادُ عَلَى مَا سَيَسْأَلُهُمْ عَنْهُ.

 

10- لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ أَحَدًا إِلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ: فَالرَّجُلُ جَهِلَ حَقِيقَةَ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعَ ذَلِكَ يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 15].

 

11- سَعَةُ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهَا سَبَقَتْ غَضَبَهُ[12].

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنَ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ:

12- الْجَهْلُ بِاللَّهِ تَعَالَى خَطَرُهُ كَبِيرٌ: فَإِنَّ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ هُوَ جَهْلُهُ بِاللَّهِ؛ جَهْلُهُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَبْعَثُ عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدْ أَكَلَتْهُ السِّبَاعُ، أَوِ الْأَسْمَاكُ، أَوِ النِّيرَانُ، أَوْ تَحَوَّلَ إِلَى مَادَّةٍ أُخْرَى؛ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى إِحْيَائِهِمْ وَبَعْثِهِمْ مِنْ بُطُونِ السِّبَاعِ وَالْأَسْمَاكِ وَالطَّيْرِ، وَمِنْ بَطْنِ الْأَرْضِ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾ [مَرْيَمَ: 93-95].

 

13- فَضْلُ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ خُفِّفَ عَنْهُمْ هَذِهِ الْآصَارُ: وَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ[13]، قَالَ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 157].

 

14- مَهْمَا عَظُمَ الذَّنْبُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغْفِرُهُ: بِشَرْطِ؛ أَنْ يُقْلِعَ صَاحِبُهُ عَنِ الذَّنْبِ، وَيَكُونَ خَائِفًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَنْدَمَ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ السَّيِّئَةِ.

 

15- الْخَشْيَةُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْخَوْفُ مِنْهُ؛ يُنْجِيَانِ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: لِقَوْلِهِ: «مَا حَمَلَكَ؟ قَالَ: مَخَافَتُكَ، فَتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ»؛ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ خَشْيَتُكَ! فَغَفَرَ لَهُ». وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌ثَلَاثٌ ‌مُنْجِيَاتٌ: خَشْيَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ...» حَسَنٌ – رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي "التَّوْبِيخِ وَالتَّنْبِيهِ"؛ وَالْخَرَائِطِيُّ فِي "اعْتِلَالِ الْقُلُوبِ".

 

16- مَنْ خَشِيَ اللَّهَ فِي الدُّنْيَا؛ أَمَّنَهُ يَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ: فَفِي الْحَدِيثِ الْقُدُسِيِّ: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَجْمَعُ لِعَبْدِي ‌أَمْنَيْنِ ‌وَلَا ‌خَوْفَيْنِ؛ إِنْ هُوَ أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا أَخَفْتُهُ يَوْمَ أَجْمَعُ عِبَادِي، وَإِنْ هُوَ خَافَنِي فِي الدُّنْيَا أَمَّنْتُهُ يَوْمَ أَجْمَعُ عِبَادِي» حَسَنٌ – رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْحِلْيَةِ".

 

17- ثَمَرَةُ خَشْيَةِ اللَّهِ وَالْخَوْفِ مِنْهُ؛ مَغْفِرَةُ الذُّنُوبِ: فَهَذَا الرَّجُلُ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ الْعَظِيمَةَ؛ لِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِهِ مِنْ مَخَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الْمُلْكِ: 12].

 

18- اللَّهُ تَعَالَى لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ: فَإِنَّ قُدْرَتَهُ لَا تَحْتَاجُ إِلَى مُقَدِّمَاتٍ، أَوْ أَسْبَابٍ، أَوْ أَعْوَانٍ، أَوْ خُبَرَاءَ، ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 81]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [لُقْمَانَ: 28]؛ أَيْ: (مَا خَلْقُكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ، وَلَا بَعْثُكُمْ عَلَى اللَّهِ إِلَّا ‌كَخَلْقِ ‌نَفْسٍ ‌وَاحِدَةٍ وَبَعْثِهَا؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَرَادَهُ)[14].

 

19- كُلُّ شَيْءٍ مَهْمَا عَظُمَ؛ فَهُوَ عَلَى اللَّهِ هَيِّنٌ: وَلَمَّا قَالَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا * قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُنْ شَيْئًا ﴾ [مَرْيَمَ: 8-9]. وَلَمَّا قَالَتْ مَرْيَمُ عَلَيْهَا السَّلَامُ: ﴿ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُنْ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 20-21].

 

20- وُجُوبُ الِاعْتِنَاءِ بِأَعْمَالِ الْقُلُوبِ: لِخُطُورَتِهَا نَجَاةً وَهَلَاكًا، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (عَمَلُ الْقَلْبِ: كَالْمَحَبَّةِ لَهُ، وَالْتَوَكُّلِ عَلَيْهِ، وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ، وَالْخَوْفِ مِنْهُ وَالْرَجَاءِ لَهُ، وَإِخْلَاصِ الدِّينِ لَهُ، وَالْصَبْرِ عَلَى أَوَامِرِهِ، وَعَنْ نَوَاهِيهِ، وَعَلَى أَقْدَارِهِ، وَالْرِضَى بِهِ وَعَنْهُ، وَالْمُوَالَاةِ فِيهِ، وَالْمُعَادَاةِ فِيهِ، وَالْذُلِّ لَهُ وَالْخُضُوعِ، وَالْإِخْبَاتِ إِلَيْهِ، وَالْطُمَأْنِينَةِ بِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ الَّتِي فَرْضُهَا أَفْرَضُ مِنْ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ، ‌وَمُسْتَحِبُّهَا ‌أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ مُسْتَحِبِّهَا، وَعَمَلُ الْجَوَارِحِ بِدُونِهَا إِمَّا عَدِيمُ الْمَنْفَعَةِ أَوْ قَلِيلُ الْمَنْفَعَةِ)[15]. فَهَذَا الرَّجُلُ بَلَغَ بِهِ مَا بَلَغَ مِنَ التَّجَاوُزِ عَنْهُ، وَالْمَغْفِرَةِ لَهُ؛ بِسَبَبِ خَوْفِهِ مِنَ اللَّهِ وَخَشْيَتِهِ لَهُ.



[1] رَغَسَهُ: أي: أكثرَ له. والرَّغْس: السَّعَة في النِّعمة والبركة والنَّماء. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (2/ 238).

[2] حُضِرَ: حُضِر فُلَانٌ واحْتَضَرَ: إِِذَا ‌دَنَا ‌موتُه. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (1/ 400).

[3] اسْحَقُونِي: أَي ‌دُقُّوا ‌الرَّمادَ ‌إِِذا ‌أحرقتموني. انظر: فتح الباري، (1/ 130).

[4] ذَرُّونِي: يُقَالُ: ‌ذَرَتْهُ ‌الرِّيحُ وأَذْرَتْهُ تَذْرُوهُ، وتُذْرِيهِ: إِِذَا أَطَارَتْهُ. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (2/ 159).

[5] كَانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ: السَّرَف: مجاوزة الحد، والمعنى: أنَّ هذا الرجل كان مُبالغًا في المعاصي، مُكثِرًا منها.

[6] انظر: فتح الباري، (11/ 315).

[7] انظر: شرح النووي على مسلم، (17/ 72).

[8] انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (11/ 409،410).

[9] مجموع فتاوى ابن تيمية، (3/ 231).

[10] انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (3/ 229)؛ 11/ 411) وما بعدها؛ فتح الباري، (13/ 407)؛ الفصل في الملل والنحل، (4/ 24،25)؛ الكفر الذي يُعذَر صاحبه بالجهل، عبد الله أبا بطين.

[11] انظر: أسئلة وأجوبة في الإِيمان والكفر، عبد العزيز الراجحي (ص73).

[12] انظر: شرح النووي على مسلم، (17/ 73).

[13] انظر: فتح الباري، (11/ 315).

[14] تفسير الطبري، (18/ 574).

[15] مدارج السالكين، (1/ 121).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قصة المقترض ألف دينار (خطبة)
  • القنوت في الوتر (خطبة)
  • السخاء (خطبة)
  • اغتنام الأوقات (خطبة)
  • أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
  • عفة النفس: فضائلها وأنواعها (خطبة)
  • رجل يداين ويسامح (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الرجل المسن (قصة قصيرة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من قصص الأنبياء (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة الرجال الثلاثة الذين أغلق عليهم الغار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المتشددون والمتساهلون والمعتدلون في الجرح والتعديل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة واقعية: حين انطفأت الشعارات... وأشرق نور الوحي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حين خان الأمانة... وسقط في الغفلة - قصة قصيرة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • إلى ماذا ندفع أبناءنا؟ - قصة واقعية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهجية القاضي المسلم في التفكير: دروس من قصة نبي الله داود(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة عجوز بني إسرائيل والمسائل المستنبطة منها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حين أشرقت شمس الوحي - قصة قصيرة(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية
  • مدينة كارجلي تحتفل بافتتاح أحد أكبر مساجد البلقان
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/6/1447هـ - الساعة: 16:7
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب