• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

معجزة الإسراء والمعراج

معجزة الإسراء والمعراج
الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/5/2025 ميلادي - 6/11/1446 هجري

الزيارات: 713

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

معجزة الإسراء والمعراج

 

الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمَده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يَهده الله فلا مُضل له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

فإن خيرَ الكلام كلام الله، وخيرَ الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ مُحدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

معاشر المؤمنين: لما حصل شدة الأذى لنبينا صلى الله عليه وسلم بمكة من قبل مشركي قريش وغيرهم، كان هناك منحة من الله بعد المحنة، فكما يقولون: (لكل محنة منحة)، فكان اشتداد الأذى من قبل الكفار والمشركين شديدًا على نبينا، وإلى جانب ذلك يموت عمه أبو طالب، وزوجته خديجة بنت خويلد، فكان في هذا أيضًا اشتداد الأذى، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يخرج من مكة باحثًا عمن يقبل دينه ودعوته بعد أن كذبته قريش، فيخرج صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يدعوهم إلى الله، والدار الآخرة، لا يريد منهم قليلًا ولا كثيرًا من حطام الدنيا، وكان أمله كثيرًا حينها، لكنهم كذَّبوه وآذَوه، وسلَّطوا عليه الصبيان والسفهاء، فيعود صلى الله عليه وسلم إلى مكة مغمومًا، فيه ما فيه من أعباء السفر، وما حصل لقلبه أيضًا من ردة فعل القوم، فيأتي ملك الجبال فيستأذنه صلى الله عليه وسلم أن يُطبق عليهم الجبلين فأبى صلى الله عليه وسلم [1]، ثم يعود إلى مكة بجوار كافر، هذا كله من الأذى فيجعل الله سبحانه وتعالى فرجًا عظيمًا لهذا النبي الكريم، أراد الله سبحانه أن يبيِّن لهذ النبي أن مقامه عظيم، وإن حصل جفاء من قِبَل أهل الأرض، فأهل السماء يرحِّبون بهذا النبي الكريم، يشكرون جهده، ويقدرون موافقة، ففي ليلة غراء ينام صلى الله عليه وسلم ما بين الحجر والمقام في مكة المشرفة حرَسها الله، وكان ثالث رجل، فيأتي ملائكة من قِبَل السماء يبحثون عن هذا النبي، فيجدونه بين هؤلاء الثلاثة، فيأخذونه إلى جوار البيت ويشقون صدرَه، ويغسلون قلبه بماء زمزم، ثم يلأمون مكان تلك العملية استعدادًا للانطلاق من أرض مكة في ليلة عظيمة أرادها سبحانه وتعالى، فقال جل وعلا مبينًا هذه المعجزة العظيمة والآية الكبيرة: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].

 

فأراد الله أن يُطلع نبيه عن بعض الآيات والبركات، بركات معنوية في بيت المقدس، وبركات حسية، ما حبى الله ذلك المكان من الجمال والبهاء، وما جعل فيه من الجنان والحدائق الغناء، فيصل صلى الله عليه وسلم على متن براق، وقد قال: أتيت بالبر، وابن كثير رحمه الله يقول: إنما سُمي البراق براقًا من الإبريق؛ لأن لونه كلون إبريق الفضة، ومن البرق أيضًا؛ لأنه سريع الخطى، يكون خطوة عند مد طرفه، فيكون بجزء من الليل، قد وصل صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، في ذلك المكان معقل الأنبياء أنبياء بني إسرائيل، ففي مطلع هذه السورة سورة الإسراء يُسميها بعض علماء التفسير بسورة بني إسرائيل، ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ * وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا ﴾ [الإسراء: 1، 2].

 

ثم عدَّد سبحانه ما حصل من جرائم بني إسرائيل في هذه السورة وغيرها، ففي ذلك إشارة لطيفة إلى انتهاء نبوة بني إسرائيل، وأن النبوة قد نُزعت منهم، لما حصل منهم من التكذيب، ومن القتل، وإبادة المرسلين، وما عندهم من التحريف والتغيير، فنزع الله النبوة والرسالة من بني إسرائيل، لتكون في هذا النبي العربي، فكان خير الأنبياء والمرسلين، وأمته خير أمة أُخرجت للناس، فيكون صلى الله عليه وسلم في المسجد الأقصى في جزء من الليل يصلي فيه ركعتين، وبينما هو خارج من أحد أبوابه، يؤتى بقدح من لبن، فيشربه فيقول له جبريل: «أصبتَ الفطرة يا محمد»، ثم يتمطى البراق مرة ثانية استعدادًا للمعراج، عروجًا إلى السماوات العلى، تنفيسًا لهذا النبي الكريم؛ ليتأمل ما حباه الله من الآيات، وما أعطاه الله من الفضل، ليشاهد ذلك عين اليقين، حتى يواصل مشواره الدعوي، فيتحمل ويصبر على كل أذى، فيكون بصحبة جبريل شريكه في وحي السماء، فيتمطَّى البراق وعليه هذان الرسولان، رسول ملائكي ورسول بشري، حتى يأتي باب السماء الأولى، فيستأذن جبريل عليه الصلاة والسلام، فيقال له من؟ قال: جبريل، ومن معك يا جبريل؟ فيقول: محمد، قال: وقد بعث له؟ فيقول جبريل: نعم فيقولون: أهلًا وسهلًا مرحبًا بك وبه، فنعم المجيء جئتما، هذا استئذان في أول سماء، فيكون أهل السماء مستقبلين لهذين الرسولين محتفلين بهما أتَمَّ الاحتفال، ثم يلتقي صلى الله عليه وسلم في السماء الأولى بأبي البشر آدم عليه الصلاة والسلام، فيقول مرحبًا بالنبي الصالح، والابن الصالح قال: فرأيت على يمينه أبناء، وعلى يساره أبناء، أما إن نظر إلى اليمين سُرَّ وضحك، وإذا نظر إلى الشمال بكى، فقيل: ما باله؟ قال: أهل اليمين هم أهل الجنة، وأما أهل الشمال فهم أهل النار، ثم يَعرج جبريل بنبينا على السماء الثانية، فيستفتح كما استفتح في السماء الأولى، فيحصل من الترحيب والتعظيم والإجلال، ويلتقي في السماء الثانية بولدَي الخالة عيسى ابن مريم، ويحيى بن زكريا، فكانوا مرحبين ومهنئين، ثم يصعد صلى الله عليه وسلم إلى السماء الثالثة، فيلتقي صلى الله عليه وسلم بيوسف عليه السلام، ثم يصعد صلى الله عليه وسلم إلى السماء الرابعة، فيلتقي بإدريس النبي الكريم، ثم السماء الخامسة فيلتقي بهارون عليه السلام، وفي السادسة يلتقي بموسى بن عمران عليه السلام، والسماء السابعة يلتقي بأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام مسندًا ظهره إلى البيت المعمور، فيرحب بهذا النبي الكريم، ثم يستأذن جبريل في العروج، فكان صلى الله عليه وسلم قد بلغ مبلغًا ما بلغه أحدٌ من الأنبياء قبله، حتى وصل إلى مستوى أنه يسمع أقلام التصريف، وما يتعلق بكتابة القضاء والقدر، وفي تلك الليلة يشاهد صلى الله عليه وسلم أمورًا عظيمة، وآيات ما علِمها من قبلُ؛ كما قال ربنا جل وعلا: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾ [النجم: 1 - 18]؛ أي: في هذه الليلة رأى صلى الله عليه وسلم الجنة والنار، وما في الجنة، وما في النار من الشر، وفي هذه الليلة المباركة، يبكي موسى بن عمران على ما بلغه النبي صلى الله عليه وسلم ما لَم يبلغه هو وأمته، إنما هو غبطة وليس حسدًا من موسى للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان في هذه الليلة أن فرض الله رب العالمين هذه الصلاة على المسلمين خمسين صلاة في اليوم والليلة، فيمر نبينا بموسى بن عمران، فيقول له: قد عالجت بني إسرائيل، فما استطعت لهم، فعُدْ إلى ربك فاسأله التخفيف، فما زال نبينا يراجع ربه حتى صارت خمسًا في العدد وخمسين في الأجر»[2]، وهذا يتم عباد الله في ليلة واحدة، بنص القرآن الكريم وبنص أحاديث سيد الأولين والآخرين، وبإجماع أئمة التاريخ، وهذا القضية العظيمة من ديننا، قضية الإسراء والمعراج، وما في ذلك قصة بندورةٍ أو حديث من أجل التسلية، وإنما في ذلك عقيدة، وفي ذلك أيضًا من أجل تسلية للمؤمنين، ورصيد لقلوبهم؛ ليعلموا منزلة نبيهم وما بلغ هذا النبي الكريم، ليكونوا ثابتين على الحق ملتزمين بشرع الله، متأسِّين برسول الله، ثم يعود صلى الله عليه وسلم من هذه الرحلة المباركة قبيل الفجر؛ ليصلي صلاة الفجر في المسجد الحرام، وبعد الفجر من هذه الليلة في مطلع اليوم الثاني يقص صلى الله عليه وسلم ما رآه في تلك الليلة، تسمعون تفصيله إن شاء الله في الخطبة الثانية.

 

اللهم بارك لي ولكم في القرآن العظيم، وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

فعباد الله، يعود صلى الله عليه وسلم برُوحه وجسده بعد أن كان فيما قصَّه الرحمن الرحيم من الآيات والعظات والفضل والمكرمات، يعود إلى بلده مكة حرسها الله، فيمر به أبو جهل عمرو بن هشام، يقول: هل رأيت الليلة شيئًا، قال: نعم أُسري بي إلى بيت المقدس، ثم إلى السماوات العلى، فقال له أبو جهل: أخبِر قومك بهذا، قال: أفعل إن شاء الله، فأخبر صلى الله عليه وسلم القوم بما رأى، فاجتمع أهل مكة ليسمعوا الخبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما المؤمنون فثبَّتهم الله، وأما الكفار والمرتابون فاستهزؤوا وشَمتوا برسول الله وبالمؤمنين المستضعفين، كان بعضهم يَميل إلى بعضٍ من قوة الضحك والاستهزاء والسخرية بنبينا، وهكذا كان بعضهم أسلمَ قريبًا، فكان في ذلك اختبار وابتلاء وامتحان، فيُثبت الله من أراد تثبيته كأبي بكر عبد الله بن أبي قحافة رضي الله عنه، فقد راح من راح من المشركين، يقولون: يا أبا بكر، إن صاحبك يزعُم أنه ذهب إلى بيت المقدس في ليلة ورجع في صبيحتها، ونحن نضرب أكباد الإبل إليها، إنهم كانوا يقطعون مسافة أقلها ثلاثون يومًا ذهابًا وإيابًا إلى بيت المقدس، قال أبو بكر: إن كان قال ذلك فقد صدَق، فإني أصدِّقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء، ومن ذلك اليوم يلقَّب بأبي بكر بالصديق، فكان هذا الاسم علمًا على أبي بكر، فأي مسلم ذكر أبا بكر إلا تذكَّر الصديق رضي الله تعالى عن أبي بكر، ثم بعد ذلك ماذا يكون عباد الله، يأتي المشركون إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيقولون له: انعَت لنا بيت المقدس، قال صلى الله عليه وسلم: «سألني المشركون أن أنعت لهم بيت المقدس، والقصة ثابتة في صحيح البخاري، قال: فأرسل الله جبريل في الحال، فإذا به يرفع بيت المقدس فيجلِّيه لي حتى أنظُر فيه، فكان صلى الله عليه وسلم ينظر إلى بيت المقدس وكأنه أمامه»[3]، رأْي العين ويصف لهم الوصف، أما المشركون فيقولون: والله إن هذه لهي أوصاف عن آيات بيت المقدس، ثم بعد ذلك يخبرهم عن بعض العير والقوافل التي في الطريق، يُخبرهم عن آيات ودلالات، لكنهم في نهاية المطاف قالوا: ما رأينا أسحرَ منه، وهكذا رَمَوْه بأن هذا من السحر والشعوذة، وربي إن هذا من الحق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه رحلة ليلية، ومعجزة عظيمة من معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم، والتقائه بأنبياء بني إسرائيل في السماوات العلى، وما حصل من المعجزات، إنه مر بموسى بن عمران وهو قائم يصلي في قبره، لا يتنافى هذا مع كون رآه في السموات العلى؛ إذا إن الله صدر الآية بقوله: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].

 

فبدأ الله بالتسبيح، والتقديس، والتنزيه لنفسه ولذاته الكريمة، فكل شيء في حق الله فهو جائز، فإنه على كل شيء قدير، هذه تسليةٌ لنبينا، وتسلية للمؤمنين وإعجاز للكافرين، لا سيما أهل الكتابين الذين كانوا فيما مضى شعب الله المختار قبل أن يبعث نبينا صلى الله عليه وسلم، أما بعد بَعثة نبينا، فقد صارت النبوة والسيادة والقيادة للمسلمين، متمثلة برسول رب العالمين بخير الأنبياء والمرسلين.

 

بُشرى لنا معشرَ الإسلام أن لنا
من العناية ركنًا غير منهدمِ
لَما دعا الله داعينا لطاعته
بأكرمِ الرسل كنَّا أكرمَ الأُممِ

 

فيا مسلم، يا عبد الله، يا مَن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ارفع رأسك يا مسلم، واعلَم أنك عزيزٌ وكريمٌ وعظيمٌ، وأن لك منزلة رفيعة عند رب الأرض والسماوات، فإياك والاهتزاز، فالواجب أن تكون كالجبل الشامخ لا تحرِّكه الأعاصير، وتأمل عبد الله في هذه الدنيا وزوالها، فأنت اليوم على ظهرها، وغدًا أنت في باطنها، فلابد أن تثبت، فإن الكثير من المسلمين ربما نظر إلى الشرق والغرب بعين الإعظام والإجلال، وتناسى بطاقته الكبرى ومبدأه العظيم، وتناسى ما عنده من الآيات والعظات.

 

أنت يا مسلم يا عبد الله ارضَ بذلك، واعتزَّ بذلك، وافتخر بذلك، وكنْ بذلك مطمئنًّا ثابتًا راسخًا، وإياك والاهتزاز، فإن الله سبحانه ضرب الأمثال وأيَّد النبي بالمعجزات، من أجل أن يُثبت أهل الإيمان، فيا أهل الإسلام والإيمان، إن للإسلام مستقبلًا عظيمًا، ويكفينا أن الإسلام على مرور العصور والدهور لا زال شامخًا عظيمًا، فهو كل يوم في تجدُّد، حاله كحال القمر حينما قيل له:

شيَّبت ناحيةَ القرون ولم تزَل
طفلًا تُطالعنا بوجهٍ أَمردَ

لا يمكن للإسلام أن يتبدَّل، أو يتغير، وإنما أهله الذين خذلوه أو تركوه.

 

نَعيب زماننا والعيبُ فينا
وما لزماننا عيب سوانا
ونَهجو ذا الزمان بغير حقٍّ
ولو نطَق الزمان لنا هجانا

 

دعوة أوجِّهها للكتاب للأدباء الذين يكتبون في كثير من الصحف والمجلات المحلية والعالمية، أن يتقوا الله في كتابتهم، أن يتقوا الله من السخرية والاستهزاء بالإسلام وبأحكام الإسلام، وبما يسمى بعام المرأة، أو مؤتمر المرأة، وما تكتبه أيديهم يكون = شاهدًا عليهم بين يدي الله.

 

وما من كاتبٍ إلا سيفَنى
ويبقى الدهرَ ما كتبتْ يداه
فلا تكتُب بكفَّيك غيرَ شيءٍ
يَسُرُّك في القيامة أن تَراه

 

فيا أدباءَنا، ويا كُتَّابنا، ويا أيها الصحفيون، اتَّقوا الله في أقلامكم، وفي كتاباتكم، اتقوا الله في المسلمين والمسلمات، اتقوا الله في عامة الناس، اتقوا الله في المسلمين الجهَّال الذين يأخذون الشيء لا يُغربلونه؛ لأنهم لا يدركونه، فالجهل قائدُ كلِّ شرٍّ.

 

في الجهل قبل الموت موتٌ لأهله
وأرواحهم قبل النشور نشورُ
وأرواحُهم في وَحشةٍ من جسومهم
وليس لهم حتى النشور نشورُ

 

أسأل الله بمنِّه وكرمه وبأسمائه الحسنى وصفاته العلى - أن يجعلنا هداةً مُهتدين غير ضالين ولا مضلين.

 

اللهم لا تدَع لنا ذنبًا إلا غفرته.....إلخ.

 

اللهم ثبِّت قلوبنا يا رب العالمين.

 

اللهم اقسِم لنا من خشيتك من يحول بيننا وبين معاصيك...إلخ.

 

اللهم اهدِنا ووفِّقنا....

 

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

 

اللهم أصلِح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا....إلخ.

 

ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار.



[1] صحيح: رواه البخاري رقم (3059)، وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير باب ما لقي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين رقم (1795).

[2] صحيح: رواه البخاري رقم (3035)، ومسلم في كتاب الإيمان باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم رقم (164).

[3] صحيح: رواه البخاري رقم (3618)، ومسلم في كتاب الإيمان باب ذكر المسيح ابن مريم والمسيح الدجال رقم (170).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • معجزة الإسراء والمعراج غربلة للصفوف قبل الهجرة والزحوف
  • معجزة الإسراء والمعراج: العبر والدلالات
  • معجزة الإسراء والمعراج
  • معجزة الإسراء والمعراج.. شبهات وردود (خطبة)
  • العشرة المستفادة من معجزة الإسراء والمعراج
  • معجزة الإسراء والمعراج
  • معجزة الإسراء والمعراج

مختارات من الشبكة

  • الإسراء والمعراج.. دروس وعبر(مقالة - ملفات خاصة)
  • السراج الوهاج في معجزة الإسراء والمعراج (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من فضائل النبي: أكرمه الله بباهر الكرامات وعجائب المعجزات في ليلة الإسراء والمعراج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بمعجزات الرسل، والحكمة من إرسالهم عليهم السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمة عن الإسراء والمعراج(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مقدمات بين يدي الإسراء والمعراج (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكر شيء من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • الإسراء والمعراج: دروس ومقاصد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة الإسراء والمعراج دروس وعبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسائل العقيدة في الإسراء والمعراج (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب