• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    صفة الوضوء
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    التمييز بين «الرواية» و«النسخة» في «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    أسماء الله الحسنى من خلال الجزء (السابع والعشرون) ...
    أبو عامر محمد نور حكي السلفي
  •  
    شرح متن طالب الأصول: (1) معنى البسملة
    أبو الحسن هشام المحجوبي ويحيى بن زكرياء ...
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القريب، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    قبسات من علوم القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اتقوا الأرحام
    أ. د. زكريا محمد هيبة
  •  
    ورع وإخلاص طلاب علم الأمس... مشاعل تنير دروب ...
    نوال محمد سعيد حدور
  •  
    {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    إزالة الغفلة (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    اتقوا فتنة التبرج
    د. لحرش عبد السلام
  •  
    كثرة تلاوته صلى الله عليه وسلم القرآنَ على فراشه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عمى البصيرة يورد المهالك
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    شرح أحاديث الطهارة
    لطيفة بنت عبداللطيف
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

سورة آل عمران (5) غزوة أحد (خطبة)

سورة آل عمران (5) غزوة أحد (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/11/2023 ميلادي - 25/4/1445 هجري

الزيارات: 11612

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سورة آل عمران (5)

غزوة أحد


الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلِيِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَابِرِ الْمُنْكَسِرِينَ، وَجَامِعِ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ، نَحْمَدُهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْمَدَ، فَهُوَ أَهْلُ الْحَمْدِ كُلِّهِ، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، عَلَانِيَتُهُ وَسِرُّهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، يَبْتَلِي عِبَادَهُ بِالسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَيُضَاعِفُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الْبَلَاءَ؛ لِيُعْظِمَ لَهُمُ الْجَزَاءَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ جَرَحَهُ الْمُشْرِكُونَ فِي أُحُدٍ، وَشَجُّوا رَأْسَهُ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيَّتَهُ، فَكَانَ «يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَقِيمُوا لَهُ دِينَكُمْ، وَأَسْلِمُوا لَهُ وُجُوهَكُمْ. وَاعْلَمُوا أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ بَلَاءٍ وَامْتِحَانٍ، وَأَنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ. ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 185].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِرَاءَةِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، وَأَخْبَرَ أَنَّهَا تُحَاجُّ عَنْ صَاحِبِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَكَفَى بِذَلِكَ دَافِعًا لِقِرَاءَتِهَا وَتَدَبُّرِهَا. وَمِنَ الْمَوْضُوعَاتِ الْمُهِمَّةِ الَّتِي تَنَاوَلَتْهَا السُّورَةُ غَزْوَةُ أُحُدٍ؛ حَيْثُ الِابْتِلَاءُ وَالِامْتِحَانُ، وَأَخَذَتْ هَذِهِ الْغَزْوَةُ مِسَاحَةً كَبِيرَةً مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ.

 

وَبُدِئَ الْحَدِيثُ عَنْ أُحُدٍ بِمُوَاسَاةِ الْمُصَابِينَ، وَتَأْنِيسِهِمْ بِالْحَدِيثِ عَنِ النَّصْرِ السَّابِقِ، وَالْأَجْرِ الْقَادِمِ، وَأَنَّ جَزَاءَ الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا الْأَرْضُ وَالسَّمَاءُ، مَعَ تَذْكِيرِهِمْ بِالصَّابِرِينَ الثَّابِتِينَ فِي الْأُمَمِ السَّابِقَةِ؛ لِلتَّأَسِّي بِهِمْ، فِي عَشْرِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ كَرِيمَاتٍ يَنْبَغِي لِقَارِئِ الْقُرْآنِ أَنْ يَفْهَمَهَا وَيَتَدَبَّرَهَا: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ * وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ * وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 139-148].

 

ثُمَّ بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ الْعَظِيمِ الْبَلِيغِ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ طَاعَةِ الْكُفَّارِ؛ لِأَنَّهَا سَبَبُ الْخُسْرَانِ، وَأَنَّ الْكُفَّارَ مَهْزُومُونَ بِرُعْبٍ يُلْقِيهِ اللَّهُ تَعَالَى فِي قُلُوبِهِمْ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ* بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ * سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 149-151].

 

وَفِي سِيَاقِ الْمُوَاسَاةِ وَالتَّرْبِيَةِ أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّ وَعْدَهُ بِالنَّصْرِ لِلْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَتَخَلَّفْ، لَوْلَا أَنَّ طَائِفَةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَصَوْا أَمْرَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَثَابُوا إِلَى الْغَنِيمَةِ: ﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 152].

 

وَلَمَّا كَانَ غَمُّ الْهَزِيمَةِ وَفَوَاتِ الْغَنِيمَةِ مُؤْلِمًا لِلْمُؤْمِنِينَ؛ أَزَالَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِغَمٍّ أَشَدَّ مِنْهُ؛ وَهُوَ إِشَاعَةُ مَقْتَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِيَفْرَحُوا بِنَجَاتِهِ، وَيَنْسَوْا أَلَمَ الْهَزِيمَةِ، ثُمَّ بِنُعَاسٍ أَلْقَاهُ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحْمَتِهِ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴿ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ* ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 153-154]. وَفَضَحَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُنَافِقِينَ، فَكَشَفَ لِلْمُؤْمِنِينَ ظُنُونَهُمُ السَّيِّئَةَ، وَأَقْوَالَهُمُ الْخَبِيثَةَ، وَرَدَّ عَلَيْهِمْ إِرْجَافَهُمْ وَتَخْذِيلَهُمْ، وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ حِكْمَتَهُ فِي هَذَا الْبَلَاءِ: ﴿ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 154].وَفِي مَقَامٍ آخَرَ نَهَى سُبْحَانَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالْمُنَافِقِينَ الْمُخَذِّلِينَ الْمُرْجِفِينَ، وَدَحَضَ مَقُولَاتِهِمْ بِأَنَّ الْقَدَرَ قَدَرُ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ بِيَدِهِ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّ الشُّهَدَاءَ مَوْعُودُونَ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ * وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 156-158].

 

وَبَشَّرَ سُبْحَانَهُ الطَّائِفَةَ الْفَارَّةَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ بِعَفْوِهِ سُبْحَانَهُ عَنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ مَا فَرُّوا إِلَّا بِسَبَبِ ذُنُوبِهِمْ؛ لِيُحَذِّرَ أَهْلَ الْإِيمَانِ مِنَ الْمَعَاصِي؛ فَإِنَّهَا سَبَبُ الْهَزَائِمِ وَالِانْكِسَارِ وَالشُّرُورِ وَالْآثَامِ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 155].

 

وَطَيَّبَ اللَّهُ تَعَالَى خَاطِرَهُمْ بَعْدَ الْهَزِيمَةِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَفْوِ عَنْهُمْ وَمُشَاوَرَتِهِمْ فِي أَمْرِ الْحَرْبِ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ* إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 159-160].

 

وَعَاتَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ عِتَابًا رَقِيقًا مُذَكِّرًا إِيَّاهُمْ بِنَصْرِهِمْ فِي بَدْرٍ، وَأَنَّ مُصَابَهُمْ فِي أُحُدٍ كَانَ بِسَبَبِهِمْ، وَمَا تَخَلَّفَ النَّصْرُ عَنْهُمْ إِلَّا بِمَعْصِيَةِ بَعْضِهِمْ، وَأَنَّ مِنْ حِكْمَةِ هَذَا الْبَلَاءَ كَشْفَ الْمُنَافِقِينَ: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ * الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 165-168].

 

وَأَقُولُ وَقُولِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 200].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: فِي أَوَاخِرِ الْحَدِيثِ عَنْ غَزْوَةِ أُحُدٍ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى عَاقِبَةَ الشُّهَدَاءِ، وَمَا أَعَدَّ لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 169- 174]. وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا حَالَ الْمُؤْمِنِينَ فِي ثِقَتِهِمْ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَتَوَكُّلِهِمْ عَلَيْهِ، وَالْيَقِينِ بِوَعْدِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ.

 

وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يُخَوِّفُ الْمُنَافِقِينَ، وَهُمْ أَوْلِيَاؤُهُ، وَنَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْخَوْفِ مِنْهُمْ، وَأَنَّ الْكُفَّارَ يَضُرُّونَ أَنْفُسَهُمْ بِكُفْرِهِمْ، وَلَا يَضُرُّونَ اللَّه تَعَالَى شَيْئًا: ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 175- 178]. وَخُتِمَ الْحَدِيثُ عَنْ غَزْوَةِ أُحُدٍ فِي آلِ عِمْرَانَ بِبَيَانِ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي تَمْيِيزِ الصُّفُوفِ، وَكَشْفِ الْمُنَافِقِينَ: ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 179].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • آيات الذرية في سورة آل عمران ومضامينها التربوية
  • سورة آل عمران (1) لا دين يقبل إلا الإسلام
  • سورة آل عمران (2) تقرير الربوبية
  • سورة آل عمران (3) تقرير الألوهية
  • هدايات سورة آل عمران (خطبة)
  • سورة آل عمران (4) النفاق والمنافقون
  • مع سورة آل عمران
  • دروس وعبر من غزوة أحد (1) (خطبة)
  • غزوة أحد (خطبة)
  • وقفات ثلاث مع غزوة أحد (خطبة)
  • تدبر خواتيم سورة آل عمران (خطبة)
  • سورة آل عمران (6) الدنيا متاع الغرور
  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (1)

مختارات من الشبكة

  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مائدة التفسير: سورة الماعون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تدبر سورة العصر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أستراليا: مظاهرة مناهضة لبناء مسجد تنتهي بوضع رأس خنزير على سوره(مقالة - المسلمون في العالم)
  • شرح متن طالب الأصول: (1) معنى البسملة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من علماء آل الشيخ: عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن حمد آل الشيخ(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إعلان لقاء مفتوح مع الشيخ عبدالله آل خنين: الأحد 7-12-1436هـ(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • التوحيد في القرآن الكريم (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما رأيت أحدا يحب أحدا كما يحب أصحاب محمد محمدا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحد أحد(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/1/1447هـ - الساعة: 14:34
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب