• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: فضائل الصلاة وثمارها من صحيح السنة
    بكر البعداني
  •  
    تفسير: (وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الإسلام أمرنا بدعوة وجدال غير المسلمين بالحكمة ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أسباب الحقد والطرق المؤدية له
    شعيب ناصري
  •  
    خطبة: أشبعوا شبابكم من الاحترام
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    وثلاث حثيات من حثيات ربي
    إبراهيم الدميجي
  •  
    ذكر الله يرطب اللسان
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطبة: الذكاء الاصطناعي
    د. فهد القرشي
  •  
    الجمع بين حديث "من مس ذكره فليتوضأ"، وحديث "إنما ...
    عبد السلام عبده المعبأ
  •  
    ألا إن سلعة الله غالية (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    خطبة المولد
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة: فضل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    النهي عن التشاؤم (خطبة)
    أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    التقوى خير زاد
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    روايات عمرو بن شعيب عن جده: دراسة وتحقيق (PDF)
    د. غمدان بن أحمد شريح آل الشيخ
  •  
    الحمد لله (3) حمد الله تعالى نفسه
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العلم والدعوة
علامة باركود

أهمية العلم وفضله (خطبة)

أهمية العلم وفضله (خطبة)
عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/9/2022 ميلادي - 18/2/1444 هجري

الزيارات: 35652

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخُطَبُ المُتَسَلسِلَةُ حَولَ الدُّخُولِ المَدرَسِيِّ

1- أَهَمِّيَةُ الْعِلْمِ وَفَضلِهِ.


اَلْخُطْبَة اَلْأُولَى

إنَّ الْحَمدَ لِلَّه نَحمَدُهُ ونَستَعِينُهُ ونسْتَغفِرهُ ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرورِ أنفسِنَا وَمَن سَيِّئاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضلِلْ فلاَ هَاديَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

نَحمَدُكَ رَبَّنَا عَلَى مَا أنعَمْتَ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ نِعمِكَ العَظيمَةِ، وآلائِكَ الجَسِيمَةِ حَيثُ أرْسَلتَ إلَيْنَا أفضَلَ رُسُلِكَ، وأنزَلْتَ عَلينَا خَيرَ كُتبِكَ وشَرَعْتَ لَنَا أفضَلَ شَرائِع دِينِكَ، فَاللَّهُمَّ لَكَ الحَمدُ حتَّى تَرْضَى، ولَكَ الْحَمْدُ إذَا رَضِيتَ، ولَكَ الحَمْدُ بَعدَ الرِّضَا. أَمَّا بَعدُ أيُّهَا الإخوَةُ المُؤمِنُونَ:

مَوْضُوعٌ خُطبَتِنَا الْيَوْمَ عَنْ أَهَمِّيَّةِ وَفَضْلِ الْعِلْمِ وَالتَّعَلُّمِ، وَقَبْلَ الْحَدِيثِ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ لاَبُدَّ مِنْ وَقْفِةٍ مَعَ نِهَايَةِ العُطْلَةِ الصَّيْفِيَّةِ لِلتَّهْنِئَةِ وَالتَّعْزِيَةِ فِي نَفْسِ الْوَقْتِ، أُهَنِّئ الَّذِين تَمَكَّنُوا مِنِ قَضَاءِ العُطْلَةِ الصَّيْفِيَّةِ فِيمَا يُفِيدُهُم، فَعَمَّرُوهَا بِشَيْءٍ مِنْ اللَّهْوِ الْمُبَاحَ، أَو الدَّعْمِ الدَّراسِيّ لأَبنَائِهِم، أَوْ التَّفَرُّغِ لِحِفْظِ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ، إِلى غَيرِ ذَلِكَ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالأَعْمَالِ المُفِيدَةِ، فَهَؤُلَاءِ هَنِيئًا لَهُمْ لِأَنَّهُمْ عَرَفُوا مَعْنَى العُطْلَةِ.

 

وَأَعَزِّي الَّذِينَ عَمَّرُوهَا بِاللَّهْوِ الْمُحَرَّمِ، وَضَيَاعِ الْأَوْقَاتِ فِيمَا لَا يُفِيدُ، وهَا هِيَ العُطْلَةُ انْتَهَتْ فَمِنَّا الرّابِحُ وَمِنَّا الْخَاسِرُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ دَرَسٍ نَستَفِيدُهُ فَلنَتَذَكَّرْ بِانْقِضَائِهَا انْقِضَاءَ أَعْمَارِنَا وآجالِنَا، فَأَعْمَارُنَا مَاهِي إلَّا أَيَّامٌ كُلَّمَا انْقَضَى مِنْهَا يَوْمٌ نَقَصَ مِنْ أَعْمَارِنَا سُنَّةُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ ﴿ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ﴾ [فاطر: 43].

 

عِبَادَ اللَّهِ: الْعِلْمُ لَا يَقِلُّ أَهَمِّيَّةً عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، لِأَنَّ الطَّعَامَ غِذَاءٌ لأَجسَادِنَا، لَكِنَّ الْعِلْمَ غِذَاءٌ لأرْوَاحِنَا وَالْجِسْمُ لَا يَسْتَغْنِي عَنِ الغِذَائَينِ مَعًا، إِنْ فَرَّطْتَ فِي الأَكْلِ سَتَهلَكْ، وَإِنْ فَرَّطْتَ فِي الْعِلْمِ سَتَمُوتْ وَإِنْ كُنْتَ حَيًّا، لِأَنَّ الْجَاهِلَ مَيِّتٌ.

 

بِالْعِلْمِ يَصْلُحُ حَالُ الْأَفْرَادِ وَحَالُ الْمُجْتَمَعَاتِ، وَبِهِ تَتَقَدَّمُ الْأُمَمُ، وَحَتَّى تَتَّضِحَ الصُّورَةُ أَضَعُكُمْ أَمَامَ تَسَاؤُلاَتٍ مَشْرُوعَةٍ:

• لِمَاذَا تَأَخَّر الْمُسْلِمونَ وتَقَدَّمَ غَيْرُهُم فِي التِّقَنِيَاتِ؟

• لِمَاذَا نَسْتَورِدُ احتِياجَاتِنَا مِنَ التِّكنُولُوجِيَا: حَوَاسِيب – هَوَاتِف – تِلْفاز - سَيَّارَات...؟

• لِمَاذَا اِسْتُعْمِرَ الْمُسْلِمِينَ فِي عُقْرِ دَارِهِم؟ لِمَاذَا غَيْرُنَا يَمْلِكُ أَسْلِحَةً مُتَطَوِّرَةً يُهَدِّدُنَا بِهَا، وَيُمارِسُ عَلَيْنَا أَنْوَاعًا مِنَ الضُّغُوطِ وَنَحنُ فِي أَحلَكِ فَتَرَاتِ ضُعفِنَا؟.

• لِمَاذَا لَا نَنتُجُ لِقَاحًا لِلأَوبِئَةِ (كُرُونَا عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ) وَغَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ اللِّقَاحِ؟

• لِمَاذَا نَحْتَاجُ فِي إجْرَاءِ عَمَلِيَّاتٍ دَقِيقَةٍ إلَى مُستَشفَيَاتٍ غَيْرِ مُستَشفَياتِنَا؟.

• لِمَاذَا أَغْلَبُ شَبَابِنَا بَعِيدُونَ عَنْ الدَّيْنِ؟ انْزِلْ لِلشَّارِعِ وَأَسْأَلْ عَنِ الْمَعْلُومِ مِنَ الدَّيْنِ بِالضَّرُورَةِ، اسْأَلْ عَنْ شَخْصِيَّةٍ إسْلَامِيَّةٍ مَعْرُوفَةٍ كَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَثَلًا، لَن تَظْفَر إلَّا بِالفُتَاتِ، وَبِالمُقَابِلِ اسْأَلْ عَنْ شَخْصِيَّةٌ كُرَويَّةٍ، سَتظفَرْ بِبُغيَتِكَ دُونَ عَناءٍ.

• لِمَاذَا الْإِدْمَانُ لَدَى شَبَابِنَا؟ خَمْرٌ وَمُخَدِّرَاتٌ وَتَدْخِينٌ وَهَوَاتِفٌ؟.

• لِمَاذَا اللَّادِينيِينَ وَجَيْشُ الْكُهَّانِ وَالْمُشَعوِذِينَ يَجِدُونَ رَوَاجًا لِبضَاعَتِهِم؟ وَيَجِدُونَ مِنْ يُنْصِتُ لِتُرهَاتِهِمْ، حَتَّى مِنْ الَّذِينَ نَحسِبُهُمْ مِنَ الْمُثَقَفِينَ.

• لِمَاذَا ضَاعَتِ الْحُقُوقِ؟ حَقِّ اللَّهِ - حَقُّ الْجَارِ - حَقِّ الزَّوْجِ - حَقَّ الزَّوْجَةِ - حَقُّ الطَّرِيقِ... الخ.

• لِمَاذَا؟ وَلِمَاذَا؟ ولِمَاذَا؟ أَسْئِلَةٌ لَا تَنْتَهِي عُنوانُهَا الْكَبِيرُ وَسَبَبُهَا، انتِشَارُ الْجَهْلِ وَقِلَّةُ الْوَعْيِ وَالْعِلْمِ.

 

الْجَهْلِ قَبْلَ الْمَوْتِ مَوتٌ لِأَهْلِهِ
وأجسَامُهُم قَبْلَ الْقُبُورِ قُبُورُ
وَأَرْوَاحُهُمْ فِي وَحْشَةٍ مِن جُسُومِهمْ
وَلَيْسَ لَهُمْ قَبْلَ النُّشُورِ نُشُورُ

 

أَيْ إنْ أَجْسَامَ الْجُهَلَاءِ قُبُورٌ لِأَصْحَابِهَا قَبْلَ الْقَبْرِ الْحَقِيقِيِّ، فَأَروَاحُهُم تَجِدُ وَحْشَةً فِي أَجْسَادِهِم.

 

عِبَادَ اللَّهِ: عِلَاجُ الْجَهْلِ فِي الْعِلْمِ وَطَلَبِه، قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]، نَعَمْ لَا يَسْتَوُونَ أبدًا فَبِالعِلمِ تَتَقَدَّمُ الْأُمَّةُ، وَبِهِ تَتَقَوَّى عَلَى غَيْرِهَا، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ [الأنفال: 60]، وَلَا يُمْكِنُ لِلْأَمَةِ أَنْ تَأْخُذَ بِأَسْبَابِ الْقُوَّةِ إلَّا بِالْعِلْمِ، وَبِالْعِلمِ يَعْرِفُ الْإِنْسَانُ رَبَّهُ، وَيُعْرَفُ نَفْسَهُ، فَيَزْدَادُ يَقِينًا وَإِيمَانًا قَالَ تَعَالَى: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ [فصلت: 53]، وَلَنْ يَتَبَيَّنَ الْحَقُّ إِلَّا بِالْعِلْمِ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴾[الرحمن: 33]، السُّلْطَانُ فِي أَحَدِ التَّفَاسِير هُوَ الْعِلْمُ، وَبِالعِلْمِ يَعْرِفُ الْإِنْسَانُ مَا عَلَيْهِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَمَالَهُ مِنْ حُقُوقٍ تُجَاهَ رَبِّهِ وَنَبِيِّهِ وَوَالِدَيْهِ وَأرحَامِهِ وَإِخْوَتِهِ فِي الدِّينِ، وَتُجَاهَ أَسَاتِذَتِهِ وَوَطَنِهِ، فَيَسْعَدُ هَذَا الْإِنْسَانُ سَعَادَةً حَقِيقِيَّةً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

 

الْعِلْمُ أَحْسَنُ مِنَ الْمَالِ، كَمَا قَالَ عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: "العِلمُ خيرٌ مِن المَالِ؛ العِلمُ يَحرُسُكَ وَأَنْت تَحرُسُ المَالَ، الْعِلْمُ حَاكِمٌ وَالْمَالُ مَحْكُومٌ، مَاتَ خَزَّانُ الْأَمْوَالِ وَبَقِيَ خَزَّانُ الْعِلْمِ، أَعْيَانُهِم مُتَعَدِّدَةٌ وَأَشْخَاصُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوجُودَةٌ".

الْعِلْم يَبْنِي بُيُوتًا لَا عِمَادَ لَهَا
وَالْجَهْلُ يُخَرِّبُ بُيُوتَ الْعِزّ والشَّرَفِ.

بِالْجَهْلِ تَنْتَشِرُ الْأَوْهَامُ وَالضَّلَالَاتُ وَالْفَتْوَى بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَسْوَدُ الْجُهَّالُ فَيَتَحَكَّمُونَ فِي رِقَابِ النَّاسِ وَمَصَائِرهِم، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا"[1]، مَوْتُ الْعُلَمَاءِ ثُلْمَةٌ وَمُصِيبَةٌ، فَمِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ الصُّغْرَى: ظُهُورُ الْجَهْلِ وَذَهَابُ الْعِلْمِ، فَالْعُلَمَاءُ مَصَابِيحُ الدُّجَى، وَمِلْحُ الْبَلَدِ، وَوَرِثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَرَبّان السَّفِينَةِ، كَمْ مِنْ قَتِيلٍ لِإِبْلِيس أنقَذُوهُ، وَكَمْ مِنْ ضَالٍّ هَدَوْهُ إلَى الطَّرِيقِ، فَذَهَابُهُمْ تَرَؤُّسٌ لِلجُهَّالِ وَحَينئِذٍ انْتَظَرِ الْمَصَائِبَ كَمَا حَدَثَ مَعَ الْقَاتِلِ مِئَةَ نَفْسٍ.

 

فاللَّهُمَّ اِحفَظ عُلَمَاءَنَا وَزِدْنَا عِلْمًا، وَآخَرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى، وَصَلَّى اللَّهُ وسَلَّمَ عَلَى عَبْدِهِ الْمُصْطَفَى وَآلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَن اِقْتَفَى.

 

أمَّا بَعْدُ: رَأَيْنَا فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى أَهَمِّيَّةَ الْعِلْمِ وَمَسَاوِئَ انْتِشَار الْجَهْلِ، وَهَذَا الْكَلَامُ نَقُولُه لِأَجْل التَّضْحِيَةِ مَعَ أَبْنَائِنَا فِي التَّحْصِيلِ وَالدِّرَاسَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الِاهْتِمَامَ بِهِمْ فِي التَّدْرِيسِ لَا يُغنِينَا وَلَا يَعفِينَا مِنْ إكْمَالِ جَوَانِبَ النَّقْصِ فِي تَعْلِيمِهِمْ مَا يَنْفَعُهُمْ فِي دِينِهِمْ، فَإِيَّاكُمْ أَنْ تَغفَلُوا عَنْ هَذَا، فَرُبَّمَا لَا يَجِدُونَ هَذَا فِي الْمَدَارِسِ بِشَكْلٍ كَافٍ، وَعَلَى الْأَوْلِيَاءِ بَذْلُ الْمَجْهُودِ لِتَحْصِيلِ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ لِأَبْنَائِهِم، وَاخْتِمُ لَكُم بِلَمَحَاتٍ عَنْ فَضْلِ الْعِلْمِ وَالتَّعَلُّمِ.

 

كَانَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ عَلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم:" اقْرَأْ"، وَاعَجَبًا لِأُمَّةِ اقْرَأَ لَا تَقْرَأُ! إِنَّكَ لَتَأسَفُ حِينَمَا تَقَارِنُ نِسَبَ الْقِرَاءَةِ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْغَرْبِيَّةِ مُقَارَنَةً مَعَ الْمُجْتَمَعَاِت الْإِسْلَامِيَّةِ، إحْصَائِيَّاتٌ مُخجِلَةٌ، فَالمُعدَّلُ الْمُتَوَسِّطُ لِلطِّفْلِ الْعَرَبِيّ 7 دَقَائِق فِي السَّنَةِ، وَالطِّفْلُ الأَمْرِيكِيّ 6 دَقَائِق فِي الْيَوْمِ، وَالطِّفْلُ الأُورُوبِي 200 سَاعَة فِي السَّنَةِ، فَلَا تَعْجَبُوا إذْن مِن التَّأَخُّرِ الَّذِي حَصَلَ لَدَيْنَا فِي كُلِّ الْمَيَادِينِ وَاصبَحنَا عَالَةً عَلَى غَيْرِنَا، لِأَنَّ أُمَّةَ اقْرَأ تَرَكْتْ أَمَرَ رَبِّهَا بالْقِرَاءَةِ، وَأَنْتَ فِي الحَافِلَةِ المُتَّجِهَةِ لِلجَامِعَةِ تَحْمِل الطَّلَبَة قَلَّ أَنْ تَجِدَ مِنْ يَحْمِلُ كِتَابًا يَقْرَؤُهُ فِي الطَّرِيقِ، وَأَنْتَ جَالِسٌ فِي مَقْهَى قَلَّ أَنْ تَجِدَ مِنْ يُمْسِكُ بِكِتَابٍ يَقْرَؤُه، بَلْ هُنَاكَ مَنْ يَخْجَلُ إذَا أَمْسَكَ بِالْكِتَابِ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ نَفْسَهُ شَاذًّا عَنِ الْقَاعِدَةِ فِي مُجْتَمَعٍ لَا يَقْرَأُ، فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَجِدُ سَائِحًا عِنْدَنَا جَاء لِلنُّزْهَةِ وَمَعَ هَذَا تَرَاهُ مُمْسِكًا بِكِتَابٍ فِي الحافِلَةِ أَو جَالسًا عَلَى كُرْسِيٍّ مُستريحًا مَعَ الْكِتَابِ.

 

وَلَكِن أُنَبِّهُ خِتَامًا إلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ خالِصَةً للهِ؛ حَتَّى تُثْمِرَ الْفَائِدَةَ المَرجُوةِ مِنْهَا، وَتُعطِينَا الْوَعْيَ الصَّحِيحَ، فَقَد تَجِدُ قَارِئًا وَلَكِنَّهُ جَاهِلٌ بِرَبِّه وَبِدِينِه، تَرَاهُ دُكْتُورًا أَو مُهَنْدِسًا لَكِنَّهُ لَا يُصَلَّي، أَو غَاشٌّ فِي عَمَلِهِ، أَوْ تَرَاهُ جَالِسًا عِنْد مُشَعْوِذٍ وكَاهِن، مَا قِيمَةُ الشَّهَادَةِ العِلْمِيَّةِ الَّتِي حَصَلَ عَلَيْهَا، إِنَّ مِثْلَ هَؤُلَاءِ يَفتقِدُونَ لِلْعِلْم الشَّرْعِيّ وَالتُّرْبِيَّةِ الايمَانِيَّةِ والأخلاَقِيَّةِ والقَيمِيَةِ الَّتِي يَجِبُ إيلَاؤُهَا الأهَمِّيَّةَ الْكُبْرَى فِي مَدَارِسِنَا عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا، فَيَتَعَلَّمُونَ التَّوَكُّلَ وَالْإِخْلَاصَ وَالْعَمَلَ بِالمَقرُوءِ، لِهَذَا كُلِّهِ أَوْجَبَ الْإِسْلَامُ طَلَبَ الْعِلْمِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ"[2]، وَطَلَبَ اللَّهُ مِنْ نَبِيهٍ صلى الله عليه وسلم أَن يَسْتَزِيد مِنْ الْعِلْمِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه:114]، وَجَعَلَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ فِدَاء نَفْسِهِ مِنْ أَسْرَى بَدْرٍ أَنْ يَعْلَمَ عَشَرَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِقَاءَ حُرِّيَّتِه، وَجُعِلَتِ الْخَيْرِيَّةُ فِي الْأَمَةِ لِمَنْ تَفَقَّهَ فِي دِينِ اللَّهِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ"[3]، وَدَعَا لابْنِ عَبَّاسٍ بِقَوْلِه:" اللهمَّ فَقِّهْه في الدِّينِ، وعلِّمْه التَّأْوِيلَ"[4]، وَذُكِرَ لَهُ رَجُلٌ عَابِدٌ وَآخَرُ عَالِمٌ فَقَالَ:" فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ"[5]، وَلَا يُمْكِنُ الْمُقَارَنَةُ بَيْنَ الْعَالِمِ وَغَيْرِهِ قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11]، فَالْمُؤْمِنُون فِي رَفْعِةٍ بِسَبَبِ أَيْمَانِهِم، لَكِن مَرْتَبَةُ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ أَكْبَرُ.

 

فاللَّهُمَّ أَعَلِي مَراتِبنَا فِي الْجَنَّةِ، اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا، آمِين.

 

(تَتِمَّةٌ الدُّعَاءِ).



[1] رواه البخاري، برقم: 100.

[2] رواه ابن ماجة، برقم: 224. وصححه الألباني في صحيح وضعيف ابن ماجة.

[3] رواه مسلم، برقم: 1037.

[4] السلسلة الصحيحة، برقم: 2589.

[5] رواه الترمذي، برقم: 2685. وصححه الألباني في صحيح وضعيف الترمذي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أهمية العلم وفضله (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أهمية الإخلاص والتقوى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بدايات النهضة الأدبية في مصر وأهم عوامل ازدهارها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • خطبة: أهمية ممارسة الهوايات عند الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية المسؤولية في العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دور الآباء في تربية الأبناء في ضوء الكتاب والسنة النبوية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • المسلم بين حر الدنيا وحر الآخرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق اليتيم (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/2/1447هـ - الساعة: 9:48
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب