• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير: (وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الإسلام أمرنا بدعوة وجدال غير المسلمين بالحكمة ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أسباب الحقد والطرق المؤدية له
    شعيب ناصري
  •  
    خطبة: أشبعوا شبابكم من الاحترام
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    وثلاث حثيات من حثيات ربي
    إبراهيم الدميجي
  •  
    ذكر الله يرطب اللسان
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطبة: الذكاء الاصطناعي
    د. فهد القرشي
  •  
    الجمع بين حديث "من مس ذكره فليتوضأ"، وحديث "إنما ...
    عبد السلام عبده المعبأ
  •  
    ألا إن سلعة الله غالية (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    خطبة المولد
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة: فضل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    النهي عن التشاؤم (خطبة)
    أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    التقوى خير زاد
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    روايات عمرو بن شعيب عن جده: دراسة وتحقيق (PDF)
    د. غمدان بن أحمد شريح آل الشيخ
  •  
    الحمد لله (3) حمد الله تعالى نفسه
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    المؤمنون حقا (خطبة)
    الشيخ الحسين أشقرا
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

المعاصي تجلب المآسي (خطبة)

المعاصي تجلب المآسي (خطبة)
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/11/2021 ميلادي - 22/4/1443 هجري

الزيارات: 15454

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المعاصي تجلب المآسي

 

إنَّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد؛ فإنَّ أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين والمحبين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.


أيها الإخوة في دينِ الله، كثُرت المعاصي فجلَبت لنا المآسي، فكثرتُها والتهاونُ بتداولِها، والاستهتارُ بتعاطيها، يولِّدُ إِلْفَها والتعوُّدَ عليها، فـ"يَنْسَلِخُ مِنَ الْقَلْبِ اسْتِقْبَاحُهَا، فَتَصِيرُ لَهُ عَادَةً، فَلَا يَسْتَقْبِحُ مِنْ نَفْسِهِ رُؤْيَةَ النَّاسِ لَهُ، وَلَا كَلَامَهُمْ فِيهِ.

 

وَهَذَا عِنْدَ أَرْبَابِ الْفُسُوقِ هُوَ غَايَةُ التَّهَتُّكِ وَتَمَامُ اللَّذَّةِ، حَتَّى يَفْتَخِرَ أَحَدُهُمْ بِالْمَعْصِيَةِ، وَيُحَدِّثَ بِهَا مَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ عَمِلَهَا، فَيَقُولُ: يَا فُلَانُ، عَمِلْتُ كَذَا وَكَذَا.

 

(فالراقصةُ تفتخرُ برقصِها، والزاني يفتخر بعددِ من زنى بهنَّ، وكلُّ من يفعل فَعلةً تخالف أمر الله -نسأل الله السلامة- أصبحت عنده وكأنها ليست بمعصيةٍ، فيفتخرُ بها ويصبحُ يحدِّثُ الناسَ بها، وهذه الفئةُ غيرُ معفوٌّ عنها).

 

وَهَذَا الضَّرْبُ مِنَ النَّاسِ لَا يُعَافَوْنَ، وَتُسَدُّ عَلَيْهِمْ طَرِيقُ التَّوْبَةِ، وَتُغْلَقُ عَنْهُمْ أَبْوَابُهَا فِي الْغَالِبِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ))؛ (خ) (6069)، م) 52- (2990).

 

(وكم مِن إنسانٍ ينطبقُ عليه هذا الحديث في هذا الزمان، يعصي الله في الليل على النتنتة والفسبكة، والاتصالات والمكالمات المحرَّمة، وإرسال الصورِ من بعضِ النساءِ، تبعث صورَها عاريةً، وتفتخرُ أمامَ زميلاتها: قد مدحني فلان بكذا، وأُعجِبَ بجسمِي بأنه كذا وكذا، وهي متزوجة، أو تكون بنتًا لم تتزوج، كلُّ هذا من المجاهرة التي يسدُّ الله بها عن هؤلاء أبواب التوبة، نسأل الله العفو والمعافاة).

 

وكُلُّ مَعْصِيَةٍ مِنَ الْمَعَاصِي -الموجودةِ اليومَ- فَهِيَ مِيرَاثٌ عَنْ أُمِّةٍ مِنَ الْأُمَمِ الَّتِي أَهْلَكَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.

 

فَاللُّوطِيَّةُ؛ مِيرَاثٌ عَنْ قَوْمِ لُوطٍ عليه السلام (وانتشرت هذه الفاحشة، ونسأل الله السلامة).

 

وَأَخْذُ الْحَقِّ بِالزَّائِدِ وَدَفْعُهُ بِالنَّاقِصِ؛ مِيرَاثٌ عَنْ قَوْمِ شُعَيْبٍ -عليه السلام.

 

 

وَالْعُلُوُّ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ؛ مِيرَاثٌ عَنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ -لعنه الله.

 

وَالتَّكَبُّرُ وَالتَّجَبُّرُ؛ مِيرَاثٌ عَنْ قَوْمِ هُودٍ -عليه السلام.

 

فَالْعَاصِي لَابِسٌ ثِيَابَ بَعْضِ هَذِهِ الْأُمَمِ، وَهُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ.

 

وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ -بن حنبل- فِي كِتَابِ الزُّهْدِ لِأَبِيهِ؛ عَنْ -عَقِيلِ بْنِ مُدْرِكٍ السُّلَمِيِّ قَالَ: (أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: قُلْ لِقَوْمِكَ: لَا يَأْكُلُوا طَعَامَ أَعْدَائِي، وَلَا يَشْرَبُوا شَرَابَ أَعْدَائِي، وَلَا يَتَشَكَّلُوا شَكْلَ أَعْدَائِي؛ فَيَكُونُوا أَعْدَائِي كَمَا هُمْ أَعْدَائِي)-، الزهد لأحمد بن حنبل (ص: 85)، رقم: (525).

 

وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ))؛ رواه البخاري معلقًا وأحمد. (خم) (4/ 40)، (حم) (5114)، (5115)، وحسنه الألباني في الإرواء حديث: (1269)، وصَحِيح الْجَامِع: (2831)، وصححه في كتاب جلباب المرأة المسلمة: (24).

 

والمعاصِي سَبَبٌ لِهَوَانِ الْعَبْدِ عَلَى رَبِّهِ وَسُقُوطِهِ مِنْ عَيْنِهِ.

 

(المعصيةُ إذا تكررت، واستحلاها وتعوَّدَ عليها العبدُ؛ سقطَ من عين الله).

 

قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رحمه الله: "هَانُوا عَلَيْهِ فَعَصَوْهُ، وَلَوْ عَزُّوا عَلَيْهِ -سبحانه- لَعَصَمَهُمْ"، وَإِذَا هَانَ الْعَبْدُ عَلَى اللَّهِ لَمْ يُكْرِمْهُ أَحَدٌ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ﴾ [الحج: 18]، وَإِنْ عَظَّمَهُمُ النَّاسُ فِي الظَّاهِرِ لِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهِمْ، أَوْ خَوْفًا مِنْ شَرِّهِمْ، فَهُمْ فِي قُلُوبِهِمْ أَحْقَرُ شَيْءٍ وَأَهْوَنُهُ.

 

واعلموا أيها المسلمون!- أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَزَالُ يَرْتَكِبُ الذَّنْبَ حَتَّى يَهُونَ عَلَيْهِ -هذا الذنب- وَيَصْغُرَ فِي قَلْبِهِ، وَذَلِكَ عَلَامَةُ الْهَلَاكِ؛ فَإِنَّ الذَّنَبَ كُلَّمَا صَغُرَ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ عَظُمَ عِنْدَ اللَّهِ.

 

وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ -وأيضًا رواه الترمذي- عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «إِنَّ الـمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ؛ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ»، (فَقَالَ بِهِ هَكَذَا، قَالَ أَبُو شِهَابٍ: بِيَدِهِ فَوْقَ أَنْفِهِ). (خ) (6308)، (ت) (2497).

 

(ألا واعلموا أنَّ للذُّنُوبِ شؤمًا على الكائنات، وتعودُ بالمصائبِ والمآسي على المخلوقات، فغَيْرُ العاصي) مِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ يَعُودُ عَلَيْهِ شُؤْمُ ذَنْبِهِ، فَيَحْتَرِقُ هُوَ وَغَيْرُهُ بِشُؤْمِ الذُّنُوبِ وَالظُّلْمِ.

 

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه؛ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: (إِنَّ الظَّالِمَ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ)، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: (بَلَى وَاللهِ! حَتَّى الْحُبَارَى لَتَمُوتُ فِي وَكْرِهَا هُزَالًا لِظُلْمِ الظَّالِمِ). شعب الإيمان (9/ 545)، رقم: (7075).

 

(والحبارى طائر نسميه الشِّنَّار، هذا الطائر يموت ضعفًا وهزالًا؛ بسبب ماذا؟

بسبب ظلمِ الظالم، حتى وهي في أوكارها وأعشاشها، وعَنْ عَبْدِاللهِ بن مسعود، قَالَ: (كَادَ الْجُعَلُ -دابة مثل الخنفساء- أَنْ يُعَذَّبَ فِي جُحْرِهِ بِذَنْبِ ابْنِ آدَمَ)، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ ﴾ [فاطر: 45]. شعب الإيمان (9/ 544) رقم: (7074).

 

وَقَالَ مُجَاهِدٌ رحمه الله فِي قَوْلِهِ: ﴿ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴾ [البقرة: 159]، من هم اللاعنون؟ فسَّرها مجاهد فـقَالَ:

(الْبَهَائِمُ؛ إِذَا أسْنَتَتِ الْأَرْضَ، -سارت سنة أي مجدبة-، قَالَتِ الْبَهَائِمُ: هَذَا مِنْ أَجْلِ عُصَاةِ بَنِي آدَمَ، لَعَنَ اللَّهُ عُصَاةَ بَنِي آدَمَ). التفسير من سنن سعيد بن منصور- محققًا (2/ 638) رقم: (236).

 

فدوابُّ الأرضِ والبهائم تلعنُ عصاةَ بني آدم، فلا تكن منهم يا عبد الله).

 

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: (دَوَابُّ الْأَرْضِ وَهَوَامُّهَا؛ حَتَّى الْخَنَافِسُ وَالْعَقَارِبُ، يَقُولُونَ: مُنِعْنَا الْقَطْرَ -أي: المطر- بِذُنُوبِ بَنِي آدَمَ).

 

فَلَا يَكْفِيهِ عِقَابُ ذَنْبِهِ، حَتَّى يَلْعَنَهُ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ، وجاء في الحديث: ((وَمَا مَنَعَ قَوْمٌ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا))؛ (جة) (4019).

 

فالعاصي مهما بلغ من المكانة بين قومه، ومهما حصَّل من شهادات كرتونيَّة، ومهما ترقَّى في المناصب الدنيوية، فهو ذليل؛ لأَنَّ الْمَعْصِيَةَ تُورِثُ الذُّلَّ وَلَا بُدَّ؛ فَإِنَّ الْعِزَّ كُلَّ الْعِزِّ فِي طَاعَةِ اللَّهِ سبحانه وتَعَالَى، قَالَ تَعَالَى:

﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ﴾ [فاطر: 10]؛ أَيْ: فَلْيَطْلُبْهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَجِدُهَا إِلَّا فِي طَاعَةِ اللَّهِ.

 

وَكَانَ مِنْ دُعَاءِ بَعْضِ السَّلَفِ: (اللَّهُمَّ أَعِزَّنِي بِطَاعَتِكَ، وَلَا تُذِلَّنِي بِمَعْصِيَتِكَ).

 

قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ -رحمه الله-: (إِنَّهُمْ -أي: العصاة والمتكبرون والمتجبرون- وَإِنْ طَقْطَقَتْ بِهِمُ الْبِغَالُ -أي: مشوا بتبختر ببغالهم مركوبهم الذي كان في ذلك الزمان- وَهَمْلَجَتْ بِهِمُ الْبَرَاذِينُ، إِنَّ ذُلَّ الْمَعْصِيَةِ لَا يُفَارِقُ قُلُوبَهُمْ، أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُذِلَّ مَنْ عَصَاهُ).

 

وَقَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ:

رَأَيْتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ الْقُلُوبَ
وَقَدْ يُورِثُ الذُّلَّ إِدْمَانُهَا
وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ
وَخَيْرٌ لِنَفْسِكَ عِصْيَانُهَا
وَهَلْ أَفْسَدَ الدِّينَ إِلَّا الْمُلُوكُ
وَأَحْبَارُ سُوءٍ وَرُهْبَانُهَا"

 

بتصرف من الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي أو الداء والدواء لابن القيم (ص: 57- 59).

 

هذا حال المتكبرين والمتجبرين في الأرض، إلا من رحم الله سبحانه وتعالى، فنسأل الله عز وجل جميعًا ونتوسل إليه ألَّا نعصيه أبدًا، لا في ديننا ولا في دنيانا.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، المبعوث رحمة مهداة للعالمين كافة، وعلى آله وصحبه ومن والاه واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

فارتكاب المعاصي أبوابها مفتوحة، وطرُقُ الوصول إليها متاحة، فتتضاعفُ المعصيةُ؛ من حرامٍ إلى حرامٍ أشدَّ، فالزنا بالمرأة الأجنبية حرام، وأشدُّ منه الزنا بالمحارم؛ كالأم أو الأخت أو البنت، والعمة والخالة ونحو ذلك، وأشدُّ منه الاعتداء على المحارم الصغيرات، القاصرات، وأشدُّ منه أن يكون الفاعلُ متزوجًا، وقد يكون له أربعُ زوجات، وقد يكونُ ذا منصبٍ ومكانة، فانظروا إلى ما وصل إليه من الذِّلَّةِ والمهانة، فرحماك ربي رحماك!

 

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى الخلفاء الأربعة وعلى العشرة المبشَّرين بالجنة، وآل بيت النبوة وسائر الصحابة أجمعين.

 

اللهم اغفر لنا وارحمنا، وعافنا واعفُ عنا، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا؛ إن هي إلا فتنتك تضلُّ بها من تشاء، وتهدي بها من تشاء.

 

فاللهمَّ إن أردتَ بخَلْقِك فتنةً؛ فاقبضنا إليك غيرَ مفتونين في ديننا ولا في دنيانا يا رب العالمين.

 

اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

 

اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مغيثًا، سحًّا طبَقًا مُجَلَّلًا، مُرْبِعًا يا رب العالمين.

 

اللهم سقيا رحمة، لا سقيا عذابٍ ولا هدم ولا غرق، ولا بلاء ولا فتنة، برحمتك يا أرحم الراحمين ارحمنا.

 

نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنَّا نستغفرك إنك كنت بنا غفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم كُن معنا ولا تكن علينا، وأيِّدنا ولا تخذلنا، اللهمَّ إنَّ بالبلاد والعباد من اللأواء والمشقة ما أنت به أعلم يا رب العالمين.

 

اللهم ارفع عنا كيد الكائدين، وشرَّ الأشرار المفسدين في الأرض يا رب العالمين.

 

اللهم وحِّد صفوفَنا، وألِّف بين قلوبنا، وأزِل الغِلَّ والحقد والحسد والبغضاء من صدورنا، وانصرنا يا رب العالمين على عدوك وعدونا.

 

اللهم ارحم موتانا وفكَّ أسرانا، اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم، ولا تعذبنا فأنت علينا قادر، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • آداب المعاصي
  • المعاصي وعقوباتها
  • في أسباب البعد عن المعاصي
  • احذروا المعاصي
  • المعاصي تزيل النعم
  • المعاصي القلبية
  • خطبة: أثر الذنوب والمعاصي

مختارات من الشبكة

  • أسباب منع وجلب المطر من السماء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الثبات عند الابتلاء بالمعصية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أشبعوا شبابكم من الاحترام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الذكاء الاصطناعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ألا إن سلعة الله غالية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المولد(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • خطبة: فضل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النهي عن التشاؤم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المؤمنون حقا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عام دراسي أطل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/2/1447هـ - الساعة: 12:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب