• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    القران الكريم في أيدينا، فليكن في القلوب
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    مقام العبودية الحقة (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    الصدقات والطاعات سبب السعادة في الدنيا والآخرة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الخشوع المتخيل! الخشوع بين الأسطورة والواقع
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    الانقياد لأوامر الشرع (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    الوقت في الكتاب والسنة ومكانته وحفظه وإدارته ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    تفسير سورة العلق
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    النهي عن الوفاء بنذر المعصية
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الدرس السادس والعشرون: الزكاة
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الخلاصة في تفسير آية الجلابيب وآية الزينة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    خطبة: وقفة محاسبة في زمن الفتن
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    فضل التبكير إلى صلاة الجمعة والتحذير من التخلف ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    مختصر رسالة إلى القضاة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    كيف أكون سعيدة؟
    د. عالية حسن عمر العمودي
  •  
    أوقات إجابة الدعاء والذين يستجاب دعاؤهم
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

ظاهرة الفحش وبذاءة اللسان (خطبة)

ظاهرة الفحش وبذاءة اللسان (خطبة)
د. محمد جمعة الحلبوسي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/1/2021 ميلادي - 20/5/1442 هجري

الزيارات: 64042

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ظاهرة الفحش وبذاءة اللسان


الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، أحمده سبحانه وأُثني عليه الخير كلَّه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبَع سنته بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:


فأيها المسلم: نقف اليوم مع ظاهرة من الظواهر السيئة التي فَشَتْ في أوساط المجتمع، هذه الظاهرة بسببها هاجتْ رياحُ العداوة والبغضاء بين المسلمين، هذه الظاهرة تُخرِج صاحبَها من ديوان الصالحين، وتُدخِله في زُمرة الفاسقين، هذه الظاهرة تهاوَنَ بها الكثير من الناس في دنيا اليوم، حتى اعتادها بعض الكبار وكثير من الصغار، فلا تكاد تمرُّ من أمام سوق، أو تدخل في محل، أو تجلس في كثير من مجالس الناس اليوم، إلا ورأيت هذه الظاهرة، هذه الظاهرة هي (الفحش، وبذاءة اللسان).


والذي دعاني إلى الحديث عن هذه الظاهرة هو انتشارها في مجتمعاتنا اليوم كانتشار النار في الهشيم، حتى أصبحت فاكهةَ المجالس، فأنت تمشي في الشارع تسمع فلانًا يلعن فلانًا، وتمرُّ من أمام شباب صغار يلعبون فتسمع بعضهم يسبُّ بعضًا، ويَشتِم بعضهم بعضًا، تدخل الأسواق لتشتري شيئًا فتسمع بعض الناس يتلفَّظ على أخيه بألفاظ يصف بها العورات - أجَلَّكم الله - ويطعُن بها الأعراض، ويلعن بها الآباء والأمهات، من الصباح الباكر بدلًا من أن يقول: أصبحنا وأصبح الملك لله، راح يسبُّ ويَشتِم ويلعن، وينادي الناس بأسماء البهائم والحيوانات، أجلَّكم الله.


لذلك أردت أن أقف اليوم مع أصحاب هذه الظاهرة، مع من أطلَقَ لسانه في السبِّ والشتم واللعن والطعن بأعراض الناس.


أقول لهم: أين أنتم من الآداب التي حثَّ عليها القرآن الكريم؟ أين أنتم من أخلاق إسلامنا الجميل؟ أين أنتم من عفَّة اللسان التي اتصف بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرامُ رضي الله عنهم؟


انظروا إلى القرآن الكريم عندما أراد أن يتكلم عن بعض الأمور، كنَّى ولم يصرِّح؛ أدبًا في الكلام والحديث، فعندما تكلم عن العلاقة الزوجية كنَّى عنها بالملامسة والمباشرة والرَّفَثِ والحَرْثِ، اسمعوا ماذا قال القرآن العظيم: قال تعالى: ﴿ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ﴾ [البقرة: 187]، فكنَّى عن الجماع بالمباشرة، وقال تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222]، فكنَّى عن الجماع بالإتيان،وقال تعالى: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 223]، فكنَّى عن الجماع بالحرث، وقال تعالى: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة: 187]، فكنَّى عن الجماع بالرفَث، قال ابن عباس رضي الله عنه: "إِنَّ اللهَ كَرِيمٌ يُكَنِّي مَا شَاءَ، وَإِنَّ الرَّفَثَ هُوَ الجِمَاعُ"[1].


أرأيتم كيف عبَّر القرآن الكريم عن العلاقة بين الزوجين بالإتيان والمباشرة والرفث والحرث؟ وكل ذلك ليعلِّم الأمَّةَ الأدبَ في الحديث والعفة في الكلام.

 

هذا سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم النبي صلى الله عليه وسلم، يحدِّثنا عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وعن عفة لسانه، فيقول: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبَّابًا، وَلَا فَحَّاشًا، وَلَا لَعَّانًا، كَانَ يَقُولُ لأَحَدِنَا عِنْدَ المَعْتَبَةِ: ((مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُه؟))[2].


وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها: في ذات يوم دخل أُنَاسٌ مِنَ اليَهُودِ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا القَاسِمِ (وكانوا يعنون به الموت، يعني: الموت عليك)، فقالَت السيدة عَائِشَةُ رضي الله عنها وقد فطنت لما قالوا: بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَالذَّامُ، وتأمَّل معي: السيدة عَائِشَةُ رضي الله عنها قالت هذه الكلمات وهذه الألفاظ في حق اليهود الذين تجاوَزوا على حضرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وما قالتها إلا غيرةً ونُصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك انظروا ماذا قال لها النبي صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: ((يَا عَائِشَةُ، لَا تَكُونِي فَاحِشَةً))، وفي رواية: ((مَهْ يَا عَائِشَةُ! فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ))، فَقَالَتْ: مَا سَمِعْتَ مَا قَالُوا؟ فَقَالَ: ((أَوَلَيْسَ قَدْ رَدَدْتُ عَلَيْهِمُ الَّذِي قَالُوا؟ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ))[3]، كلمة واحدة ردَّها عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيها فحش ولا تفحُّش.


فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يرضَ للسيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها أن تَسُبَّ وتلعن اليهود الذين تجاوَزوا على حضرته صلى الله عليه وسلم، فماذا سيقول لنا النبي صلى الله عليه وسلم لو دخل على مجالسنا اليوم، ومشى في شوارعنا، ودخل بيوتنا، ورأى كيف أن بعض المسلمين اليوم يتفنَّنون في السب والشتم واللعن والطعن في الأعراض؟


كم من الناس اليوم من ينادي على إخوانه بأسماء البهائم والحيوانات (أجلَّكم الله)؟ وكم من الناس من يصف لك العورات؟ وكم من رجل يسبُّ أخاه المسلم؟ وكم من أب يلعن أولاده؟ وكم من أم تلعن بناتها؟ وكم زوج يلعن زوجته؟ حتى أصبح السبُّ والشتم واللعن كأنه مدح وثناء.


هذا رجل لعن ديكًا، فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: ((لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ؛ فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الصَّلَاةِ))[4]، تأمل معي: ديك حيوان (أجلَّكم الله) يدعو إلى الصلاة، لعنه مسلم، ومع ذلك نهاه النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف بلعن المسلم المصلِّي الذي يصلي في المساجد ويعمل الخير؟!


أنا أقول لكل من كان متفحشًا في كلامه، بذيئًا في لسانه: اسمع إلى نبيك صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ((سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتالُهُ كُفْرٌ))[5]، يقول الإمام النووي (رحمه الله) وهو يشرح هذا الحديث: "فَسَبُّ المُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الأُمَّةِ، وَفَاعِلُهُ فَاسِقٌ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم"، فأين من يلعن الناس ويسبهم من هذا التحذير النبويِّ؟ كم من الناس اليوم من إذا نادى لعَنَ، وإذا غضب شتم، وإذا تهاتر مع الناس سبَّهم؟ ليست هذه من أخلاق المؤمن، قال صلى الله عليه وسلم: ((لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا الفَاحِشِ، وَلَا البَذِيءِ))[6]، ومعنى الطعَّان: أي: الوقَّاع في أعراض الناس بالذم والغيبة ونحوهما، والفحَّاش: ذو الفحش في كلامه وفعاله. وقال صلى الله عليه وسلم: ((لَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ))[7]؛ يعني: من لَعَنَ مؤمنًا فإثمُه كإثم من قتله تمامًا.


فليس المؤمن الذي يطعن أخاه، وليس المؤمن الذي يلعن أخاه، وليس المؤمن الذي يسبُّ أخاه، فهذه ليست من أخلاقه، بل المؤمن طيِّب ولا يخرُج منه إلا طيِّبٌ.


كم من الأطفال اليوم من يسبُّون ويشتمون ويتلفظون بألفاظ قبيحة، ولا يعرفون معناها! والسبب أنه سمع أباه يكلِّم أمَّه بهذه الألفاظ، وسمع أباه يتلفَّظ بها عندما تشاجَرَ مع جاره، وسمع أمَّه تلعن أخاه، فهو يقلِّد ويتلفَّظ ما يسمعه من المحيط الذي حوله.


هذا جابر بن سُليمٍ رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أَوصِني يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تَسُبَّنَّ أحدًا))، يقول جابر: فما سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا بَعِيرًا، وَلَا شَاةً[8]، يا ألله! كيف أقارن بين هذا وبين ما يحدث اليوم من السبِّ والشتم واللعن في المجالس والهواتف،والأسواق والمحلات، ومجتمعات الناس؟! الرجل يسبُّ زوجته، ويلعن أولاده،وحتى أقرب الناس إليه.


هذا سيدنا أبو الدرداء رضي الله عنه في ذات يوم كان يمشي مع أصحابه الكرام، فرأى امرأة سليطة اللسان تؤذي الناسَ بلسانها - تسُبُّ هذا، وتلعن هذا، وتَشتِم هذا - فقال أبو الدرداء لأصحابه كلمة عظيمة: (لَوْ كَانَتْ هَذِهِ خَرْسَاءَ، كَانَ خَيْرًا لَهَا)[9].


أتدرون لماذا قال أبو الدرداء رضي الله عنه هذه الكلمة (لَوْ كَانَتْ هَذِهِ خَرْسَاءَ، كَانَ خَيْرًا لَهَا)؟ لأنه يعلم أن اللسان هو الذي يُورِدُ الإنسانَ المهالك، وهو الذي يضيِّع عليه أجره وثوابه، وهو الذي يُدخِل صاحبه النار، ويَحرِمُه من الجنة.


فالذي يسبُّ ويلعن، هذا لا تنفعه صلاتُه ولا صيامه ولا صدقته؛ لأن السبَّ واللعن سيضيع عليه كلَّ هذه الطاعات، ويكون مفلسًا يوم القيامة.


ألا تذكرون قصة المرأة التي كانت تصوم النهار وتقوم الليل، وتتصدق على الفقراء والمساكين وتعمل الخيرات، ولكن كان عندها عيب، ألا وهو أنها تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، تسبُّهم وتلعنهم، فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حقها؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((لَا خَيْرَ فِيهَا، هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ))، يا رسول الله، صلاتها بالليل، وصيامها في النهار، وصدقاتها؟! قال: ((لَا خَيْرَ فِيهَا، هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ))[10].


فليحذر المسلم من هذه الظاهرة السيئة، وليجعل نصبَ عينه قولَه صلى الله عليه وسلم عندما سُئِلَ: أَيُّ المُسْلِمِينَ أَفْضَلُ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ))[11]، وليتذكر أن ما من يوم يصبح فيه ابنُ آدم إلا وأعضاؤه - اليدان، والرِّجلان، والعينان، والأُذُنان - تنادي على اللسان وتقول له: ((اتَّقِ اللهَ فِينَا؛ فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ، فَإِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا))[12]، وقال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].


أسأل الله أن يحفظ علينا ألسنتَنا، وأن يحفظ علينا أعراضنا، وأن يحفظ علينا بيوتَنا، وأن يغفر لنا ذنوبنا، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:

 

فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يلعن الرجلُ أخاه، أو يدعوَ عليه بالنار، أو يدعو عليه بالغضب، أو غير ذلك، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَلَاعَنُوا بِلَعْنَةِ اللهِ، وَلَا بِغَضَبِهِ، وَلَا بِالنَّارِ))[13].

 

في هذا الحديث دليل على تحريم الدعاء بهذه الألفاظ، وهي:

الأولى: ((لَا تَلَاعَنُوا بِلَعْنَةِ اللهِ))؛ أي: لَا يَلْعَنْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، فلا يقل أَحَدٌ لأخيه: (عليك لَعْنَةُ اللهِ) أو (الله يلعنك)؛ لأن اللعنة هي الإبعاد من رحمة الله تعالى، والمؤمنون رحماء بينهم.


الثانية: ((وَلَا بِغَضَبِ اللهِ))؛ أي: لا يدعُ بعضكم على بعض بغضب الله؛ كأن يقول: (غَضَبُ اللهِ عَلَيْكَ)، أو (الله يغضب عليك).


والثالثة: ((وَلَا بِالنَّارِ))؛ أي: لا يقل أحدكم لأخيه: (اللهم اجعله من أهل النار)، أو (احرقه بنار جهنم)، أو (النَّارُ مَثْوَاكَ).


قال الطِّيبِيُّ: "لا تدعوا على الناس بما يُبعِدُهم الله من رحمته؛ إما صريحًا كما تقولون: لعنة الله عليه، أو كناية كما تقولون: عليه غضب الله، أو أدخله الله النار"[14].


فالمؤمن الحقيقي لا يكون طعَّانًا يطعُن في الناس بأنسابهم أو بأعراضهم، أو بشكلهم وهيئاتهم، ولا باللعَّان الذي ليس له همٌّ إلا اللعن.


فعلى المسلم أن يحفظ لسانه من هذه الألفاظ التي تضيع عليها أجره وثوابه وتجعله مفلسًا يوم القيامة.


أسأل الله أن يحفظ علينا ألسنتنا، وأن يحفظ علينا أعراضنا، وأن يحفظ علينا بيوتنا، وأن يغفر لنا ذنوبنا.



[1] تفسير القرآن العظيم؛ لابن أبي حاتم (1/ 346).

[2] صحيح البخاري، كتاب الأدب - باب لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشًا، ولا متفحشًا (8/ 15)، برقم (6031).

[3] صحيح مسلم، كتاب السلام - باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم (4/ 1706)، برقم (2165).

[4] رواه أحمد في مسنده (36/ 13)، برقم (21679).

[5] صحيح مسلم، كتاب الايمان - باب بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)) (1/ 81)، برقم (64).

[6] سنن الترمذي، أبواب البر والصلة - باب ما جاء في اللعنة (3/ 418)، برقم (1977)، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

[7] رواه أحمد في مسنده (26/ 312)، برقم (16385).

[8] رواه أبو داود، كتاب اللباس- باب ما جاء في إسبال الإزار (6/ 181)، برقم (4084) قال شعيب الأرنؤوط: هذا حديث صحيح.

[9] الصمت وآداب اللسان؛ لابن أبي الدنيا (ص: 89)، برقم (100).

[10] قال أبو هريرة رضي الله عنه: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن فلانة تصلي الليل وتصوم النهار، وفي لسانها شيء يؤذي جيرانها سليطة؟ قال: ((لا خير فيها، هي في النار))، وقيل له: إن فلانة تصلي المكتوبة وتصوم رمضان وتتصدق بالأثوار، وليس لها شيء غيره، ولا تؤذي أحدًا؟ قال: ((هي في الجنة))؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 183)، برقم (7304) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

[11] صحيح مسلم، كتاب الايمان - باب بيان تفاضل الإسلام، وأي أموره أفضل؟ (1/ 66)، برقم (42).

[12] سنن الترمذي، أبواب الزهد- باب ما جاء في حفظ اللسان (4/ 184)، برقم (2407).

[13] سنن الترمذي (3/ 418)، برقم (1976)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

[14] مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح؛ للملا علي القاري (7/ 3045).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اللسان وآفاته
  • العظة والبيان بفضل إمساك اللسان
  • المثنى في اللسان الدارج المغربي
  • نعمة اللسان (خطبة)
  • خطبة: من آفات اللسان
  • حفظ اللسان عن الكلام فيما لا يعني
  • حديث: إنهم خيروني أن يسألوني بالفحش أو يبخلوني

مختارات من الشبكة

  • اللسان الرطب(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • هل ظاهرة التخاطُر ظاهرة صادقة؟!(استشارة - الاستشارات)
  • ظاهرة سب الدين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطورة اللسان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ضعف مواجهة الظواهر والعادات الدخيلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ظاهرة الأصول المهملة بين معجم العين للخليل ومعجم لسان العرب لابن منظور: دراسة تحليلية وصفية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كيف أتعامل مع ابنتي أو ابني الذي أصابه مس شيطاني؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ظاهرة البلطجة وكيف عالجها الإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التحذير من فحش القول وبذاءة اللسان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللسان من أعظم أسباب دخول الجنة أو النار(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/12/1446هـ - الساعة: 15:51
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب