• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير: (وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الإسلام أمرنا بدعوة وجدال غير المسلمين بالحكمة ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أسباب الحقد والطرق المؤدية له
    شعيب ناصري
  •  
    خطبة: أشبعوا شبابكم من الاحترام
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    وثلاث حثيات من حثيات ربي
    إبراهيم الدميجي
  •  
    ذكر الله يرطب اللسان
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطبة: الذكاء الاصطناعي
    د. فهد القرشي
  •  
    الجمع بين حديث "من مس ذكره فليتوضأ"، وحديث "إنما ...
    عبد السلام عبده المعبأ
  •  
    ألا إن سلعة الله غالية (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    خطبة المولد
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة: فضل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    النهي عن التشاؤم (خطبة)
    أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    التقوى خير زاد
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    روايات عمرو بن شعيب عن جده: دراسة وتحقيق (PDF)
    د. غمدان بن أحمد شريح آل الشيخ
  •  
    الحمد لله (3) حمد الله تعالى نفسه
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    المؤمنون حقا (خطبة)
    الشيخ الحسين أشقرا
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

وكانوا بآياتنا يوقنون

وكانوا بآياتنا يوقنون
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/4/2017 ميلادي - 5/7/1438 هجري

الزيارات: 11488

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وكانوا بآياتنا يوقنون

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، المُؤمِنَ الَّذِي يَعبَدُ رَبًّا لَم يَرَهُ، وَيَتَّبِعُ نَبِيًّا لم يَصحَبْهُ، وَيُقِيمُ الصَّلاةَ وَيُؤتي الزَّكَاةَ، وَيَستَقِيمُ عَلَى صِرَاطِ رَبِّهِ حَتَّى المَوتِ، لم يَكُنْ لَهُ أَن يَكُونَ كَذَلِكَ لَولا إِيمَانُهُ بِالغَيبِ، وَيَقِينٌ وَقَرَ في قَلبِهِ وَامتَلأَت بِهِ جَوَانِحُهُ، فَصَارَ الغَيبُ أَمَامَهُ كَالشَّهَادَةِ، وَالبَاطِنُ عِندَهُ كَالظَّاهِرِ، وَالآخِرَةُ كَالأُولى، أَجَلْ - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - إِنَّ اليَقِينَ شُعُورٌ عَظِيمٌ يَقذِفُهُ اللهُ في قَلبِ عَبدِهِ المُؤمِنِ، فَيُصبِحُ وَكَأَنَّهُ قَدِ انتَقَلَ مِن حَيَاتِهِ الدُّنيَا وَصَارَ في الآخِرَةِ، فَغَدَت حَقَائِقُهَا ماثِلَةً بَينَ يَدَيهِ، حَتَّى لَكَأَنَّهُ يُشَاهِدُ عَرشَ الرَّحمَنِ تَحُفُّ بِهِ المَلائِكَةُ، بَل حَتَّى لَكَأَنَّهُ قَد حَظِي بِالنَّظَرِ إِلى وَجهِ رَبِّهِ الكَرِيمِ وَمُصَاحَبَةِ نَبِيِّهِ في الجَنَّةِ، وَوَجَدَ مَا وُعِدَ بِهِ مِنَ النَّعِيمِ المُقِيمِ وَالجَزَاءِ الحَسَنِ.

 

وَلأَنَّ المَوتَ حَقٌّ لا شَكَّ فِيهِ وَلا امتِرَاءَ في تَجَرُّعِ كَأسِهِ، سَمَّاهُ اللهُ - تَعَالى - يَقِينًا فَقَالَ: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99] وَلِعِلمِ المُؤمِنِينَ وَيَقِينِهِم بِأَنَّهُم مَيِّتُونَ وَلا شَكَّ، وَأَنَّهُم بَعدَ المَوتِ مُلاقُو اللهِ فَمُحَاسَبُونَ، فَقَدِ اطمَأَنَّت بِذَلِكَ اليَقِينِ قُلُوبُهُم، وَصَارَ هُوَ المُحَرِّكَ لَهُم لِلعَمَلِ الصَّالِحِ وَاكتِسَابِ الحَسَنَاتِ، وَالكَافَّ لَهُم عَنِ المَعَاصِي وَالمُخَالَفَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، وَالمَانِعَ لَهُم مِن ظُلمِ النَّاسِ أَوِ التَّعَدِّي عَلَيهِم وَبَخَسِهِم حُقُوقَهُم.

 

بِاليَقِينِ وَصَفَ اللهُ عِبَادَهُ المُتَّقِينَ، وَبِهِ رَفَعَ قَدرَهُم، وَبِهِ أَخبَرَ عَن هِدَايَتِهِم وَفَلاحِهِم، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 1 - 5] وَبِاليَقِينِ تَجَرَّدَ المُوَفَّقُونَ مِن أَهوَائِهِم وَرَغَائِبِ نُفُوسِهِم، وَاستَسلَمُوا لِرَبِّهِم وَخَالِقِهِم، فَعَادُوا لا يَرَونَ في هَذَا الكَونِ حُكمًا هُوَ خَيرًا وَلا أَحسَنَ وَلا أَكمَلَ مِن حُكمِهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50] بَل إِنَّ هَذَا الكَونَ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ، لم يَخرُجْ عِندَ أَهلِ اليَقِينِ عَن كَونِهِ شَاهِدًا عَلَى وُجُودِ الخَالِقِ - سُبحَانهُ - وَدَالاًّ عَلَى أَنَّهُ المُستَحِقُّ لِلعِبَادَةِ دُونَ سِوَاهُ، وَلِذَا كَانَتِ الآيَاتُ الكَونِيَّةُ طَرِيقًا لأَهلِ اليَقِينِ لِلتَّصدِيقِ بِالآيَاتِ القُرآنِيَّةِ وَالانتِفَاعِ بِهَا، قَالَ - سُبحَانهُ - عَن إِبرَاهِيمَ - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾ [الأنعام: 75] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ * وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ * وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الجاثية: 3 - 6] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴾ [الذاريات: 20 - 23] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [الجاثية: 20] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [البقرة: 118] وَلا عَجَبَ أَن يَعلُوَ اليَقِينُ بِأَهلِهِ حَتَّى يُصبِحُوا هُمُ الأَئِمَّةَ الهُدَاةَ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مَن أَيقَنَ بِاللهِ، تَعَلَّقَ قَلبُهُ بِبُيُوتِهِ، وَحَرِصَ عَلَى إِقَامَةِ الصَّلاةِ فِيهَا، وَوَجَدَ فِيهَا أُنسَهُ وَرَاحَتَهُ، وَدَاوَمَ عَلَى قِرَاءةِ كَلاَمِ رَبِّهِ، وَحَرِصَ عَلَى حِفظِهِ أَو حِفظِ مَا تَيَسَّرَ مِنهُ، مَعَ فَهمِهِ وَتَدَبُّرِهِ وَالعَمَلِ بِمَا فِيهِ، مَن أَيقَنَ بِاللهِ أَحَبَّ سُنَّةَ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَحَرِصَ عَلَى اتِّبَاعِ مَا كَانَ عَلِيهِ هُوَ وَأَصحَابُهُ، مَن أَيقَنَ بِاللهِ خَافَ لِقَاءَهُ - تَعَالى- وَخَشِيَ مِن عَذَابِهِ، فَأَحدَثَ ذَلِكَ لَهُ انكِفَافًا عَنِ المَعَاصِي كَبِيرِهَا وَصَغِيرِهَا، وَعَظُمَ رَجَاؤُهُ بِرَبِّهِ وَأَحسَنَ الظَّنَّ بِهِ، فَأَلَحَّ عَلَيهِ في الدُّعَاءِ، وَأَدَامَ التَّقَرُّبَ إِلَيهِ بِصَالِحِ القَولِ وَالعَمَلِ، مَن أَيقَنَ بِاللهِ تَذَكَّرَ المَوتَ وَسَكرَتَهُ وَشِدَّتَهُ، وَالقَبرَ وَضَمَّتَهُ وَوَحشَتَهُ، وَيَومَ القِيَامَةِ وَأَهوَالَهُ وَرَهبَتَهُ، فَاستَعَدَّ لِذَلِكَ تَمَامَ الاستِعدَادِ، وَزَهِدَ في الدُّنيَا وَتَخَفَّفَ مِن شَهَوَاتِهَا. وَالعَكسُ مِن ذَلِكَ صَحِيحٌ، فَمَن ضَعُفَ يَقِينُهُ هَزُلَ دِينُهُ، وَنَقَصَ إِيمَانُهُ وَقَلَّ إِحسَانُهُ، وَلم يَأبَهْ بِتَركِ وَاجِبٍ وَلا فِعلِ مُحَرَّمٍ، وَلم يَتَزَوَّدْ بِنَفَلٍ وَقَصَرَ يَدَهُ عَنِ البَذلِ، وَسَكَتَ عَنِ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكِرِ، وَلم يَتَمَعَّرْ وَجهُهُ غَضَبًا للهِ، وَازدَادَ عَلَى الدُّنيَا حِرصُهُ، وَقَلَّت فِيهَا قَنَاعَتُهُ، وَلم يَطمَئِنَّ بِمَا رَزَقَهُ اللهُ وَلا شَكَرَ نِعمَتَهُ.

 

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَكُونُوا مِن أَهلِ اليَقِينِ تَنجُوا وَتُفلِحُوا، وَاصبِرُوا فَإِنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ وَلا تَجزَعُوا، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لأَبي هُرَيرَةُ: " فَمَن لَقِيتَ مِن وَرَاءِ هَذَا الحَائِطِ يَشهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ مُستَيقِنًا بِهَا قَلبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ " أَخرَجَهُ مُسلِمٌ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -:" سَيِّدُ الاستِغفَارِ أَن يَقُولَ العَبدُ: اللَّهُمَّ أَنتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ خَلَقتَني وَأَنَا عَبدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهدِكَ وَوَعدِكَ مَا استَطَعتُ، أَعَوذُ بِكَ مِن شَرِّ مَا صَنَعتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنبي فَاغفِرْ لي إِنَّهُ لا يَغفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنتَ، مَن قَالَهَا مُوقِنًا بِهَا حِينَ يُمسي فَمَاتَ مِن لَيلَتِهِ دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَن قَالَهَا مُوقِنًا بِهَا حِينَ يُصبِحُ فَمَاتَ مِن يَومِهِ دَخَلَ الجَنَّةَ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَقَالَ- تَعَالى - لِنَبِيِّهِ وَهُوَ تَوجِيهٌ لأُمَّتِهِ مِن بَعدِهِ: ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ﴾ [الروم: 60] أَعَوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 1 - 8].

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ اليَقِينَ هُوَ العِلمُ التَّامُّ الَّذِي لَيسَ فِيهِ أَدنى شَكٌّ، وَلا يَكُونُ اليَقِينُ صَادِقًا مَا لم يُوجِبْ لِصَاحِبِهِ العَمَلَ بِمَا يَعلَمُ، أَرَأَيتُم ذَلِكَ المُسلِمَ الَّذِي يَسمَعُ قَولَ نَبِيِّهِ - عَلَيهِ الصَلاةُ وَالسَّلامُ -: " رَكعَتَا الفَجرِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فِيهَا " ثُمَّ هُوَ يَتَلَذَّذُ بِفِرَاشِهِ وَيُفَضِّلُ النَّومَ عَلَى القِيَامِ لِصَلاةِ الفَجرِ، أَو ذَاكَ الَّذِي يَسمَعُ قَولَهُ - عَلَيهِ الصَلاةُ وَالسَّلامُ -: " لأَن أَقُولَ سُبحَانَ اللهِ وَالحَمدُ للهِ وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَت عَلَيهِ الشَّمسُ " ثُمَّ لا يُحَرِّكُ شَفَتَيهِ بِذِكرٍ مُطلَقًا، أَو ذَاكَ الَّذِي يَقرَأُ قَولَهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " صَلاةُ الجَمَاعَةِ أَفضَلُ مِن صَلاةٍ الفَذِّ بِسَبعٍ وَعِشرِينَ دَرَجَةً " ثُمَّ يَهجُرُ المَسَاجِدَ وَلا يَكَادُ يَأتي الجَمَاعَةَ، أَو مَن يَقرَأُ قَولَهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَا نَقَصَت صَدَقَةٌ مِن مَالٍ " ثُمَّ هُوَ يَبخَلُ وَيُمسِكُ خَشيَةَ الفَقرِ، أَو مَن هَجَرَ أَخَاهُ المُسلِمَ وَأَصَرَّ عَلَى القَطِيعَةِ لِشَيءٍ في نَفسِهِ وَهُوَ يَعلَمُ أَنَّ عَمَلَهُ لا يُرفَعُ، أَرَأَيتُم أُولَئِكَ وَغَيرَهُم مِمَّن يَعلَمُونَ كَثِيرًا وَلا يَعمَلُونَ، وَمِمَّن يُؤمِنُونَ بِالجَنَّةِ فَلا يَطلُبُونَهَا، وَبِالنَّارِ فَلا يَهرُبُونَ مِنهَا، إِنَّهُ لِيُخشَى عَلَيهِم أَن يَكُونُوا قَد تَلبَّسُوا بِشَيءٍ مِنَ الكِبرِ وَالتَّعاظُمِ في أَنفُسِهِم، وَذَلِكُم هُوَ عَينُ مَا كَانَ عَلَيهِ الكُفَّارُ، فَقَد كَانُوا عَلَى يَقِينٍ بِصِدقِ الوَحيِ، وَلَكِنَّهُم أَعرَضُوا عَنهُ تَكَبُّرًا وَعُلُوًّا، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾ [النمل: 14] فَالحَذَرَ الحَذَرَ - أَيُّهَا المُسلِمُ - إِذَا عَلِمتَ الدَّلِيلَ وَبَانَ لَكَ الحَقُّ بَيَانًا وَاضِحًا لا لَبسَ فِيهِ أَن تَتَهَاوَنَ وَتَتَبَاطَأَ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَن هَلَكَ بِمَا دَاخَلَ قُلُوبَهُم مِنَ الشَّكِّ وَالرَّيبِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ﴾ [الجاثية: 32] فَاللَّهُمَّ اقسِمْ لَنَا مِن خَشيَتِكَ مَا يَحُولُ بَينَنَا وَبَينَ مَعَاصِيكَ وَمِن طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَينَا مُصِيبَاتِ الدُّنيَا وَمَتِّعْنَا بِأَسمَاعِنَا وَأَبصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحيَيتَنَا، وَاجعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا، وَاجعَلْ ثَأرَنَا عَلَى مَن ظَلَمَنَا وَانصُرْنَا عَلَى مَن عَادَانَا وَلا تَجعَلْ مُصِيبَتَنَا في دِينِنَا وَلا تَجعَلِ الدُّنيَا أَكبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبلَغَ عِلمِنَا وَلا تُسَلِّطْ عَلَينَا مَن لا يَرحَمُنَا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون)

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {وكانوا لنا خاشعين} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • { وكانوا لنا خاشعين } (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وكانوا لنا عابدين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكلام على قوله تعالى: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إلى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قوما عالين)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- جزاكم الله خيرا
أمين الزغندي - المغرب 01/04/2017 09:13 PM

نص في الصميم و معاني إيمانية توقظ الغافل وتجدد الهمة بارك الله فيكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/2/1447هـ - الساعة: 9:48
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب