• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    القران الكريم في أيدينا، فليكن في القلوب
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    مقام العبودية الحقة (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    الصدقات والطاعات سبب السعادة في الدنيا والآخرة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الخشوع المتخيل! الخشوع بين الأسطورة والواقع
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    الانقياد لأوامر الشرع (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    الوقت في الكتاب والسنة ومكانته وحفظه وإدارته ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    تفسير سورة العلق
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    النهي عن الوفاء بنذر المعصية
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الدرس السادس والعشرون: الزكاة
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الخلاصة في تفسير آية الجلابيب وآية الزينة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    خطبة: وقفة محاسبة في زمن الفتن
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    فضل التبكير إلى صلاة الجمعة والتحذير من التخلف ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    مختصر رسالة إلى القضاة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    كيف أكون سعيدة؟
    د. عالية حسن عمر العمودي
  •  
    أوقات إجابة الدعاء والذين يستجاب دعاؤهم
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

تحقيق أثر ابن عمر وابن عباس في عدم قضاء الحامل والمرضع للصيام واكتفائهما بالإطعام

تحقيق أثر ابن عمر وابن عباس في عدم قضاء الحامل والمرضع للصيام واكتفائهما بالإطعام
رمزي صالح محمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/11/2024 ميلادي - 15/5/1446 هجري

الزيارات: 3307

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحقيق أثر ابن عمر وابن عباس في عدم قضاء الحامل والمرضِع للصيام واكتفائهما بالإطعام

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وآله وأصحابه أجمعين؛ أما بعد:

فإن أهلَ العلم قد اختلفوا في الحامل والْمُرْضِع إذا لم يُطيقا صيام مضان، ماذا عليهما؟ على أقوال:

الأول: أن عليهما القضاء فقط؛ وهو مذهب الحنفية، ويُفتي به من المعاصرين ابنُ باز وابن عثيمين.

 

الثاني: أن عليهما القضاء فقط إن خافتا على أنفسهما، أما إن خافتا على ولدهما، فعليهما القضاء والكفَّارة؛ وهو مذهب الشافعية على المعتمد، ومذهب الحنابلة.

 

الثالث: أن الحامل عليها القضاء فقط، والْمُرْضِع عليها القضاء والكفَّارة؛ وهو مذهب المالكية.

 

الرابع: أن عليهما الكفَّارة فقط وليس عليهما القضاء؛ وهذا مذهب إسحاق بن راهويه، واحتجَّ بأن هذا هو الثابت عن الصحابة، كما سيأتي بيانه إن شاء الله، ويُفتي به من المعاصرين الألبانيُّ.

 

الخامس: أنه ليس عليهما قضاء ولا كفَّارة؛ وهذا مذهب ابن حزم.

 

ولما كان قولُ الصحابة وفُتياهم لها منزلة كبيرة في الشريعة، وعلى أساسها احتجَّ أصحاب القول الرابع بعدم وجوب القضاء والاكتفاء بالكفَّارة، أردتُ أن أُحقِّق صحةَ نسبة هذا القول للصحابة، وهل ورد عنهم ما يخالفه؛ كي يكون المؤمن على بيِّنةٍ من أمره إذا تقلد مذهبًا من المذاهب، والله المستعان.

 

وبداية أقول إجمالًا: وَرَدَ الاكتفاء بالكفَّارة عن اثنين من الصحابة؛ وهما: عبدالله بن عمر، وعبدالله بن عباس رضي الله عنهم جميعًا، وهو صحيح عنهما بلا ريب، وجاء في إحدى الروايات عن ابن عمر أنه أمر بالقضاء أيضًا مع الكفَّارة، ولا تصح هذه الرواية عنه، وجاء عن ابن عباس رواية أخرى أيضًا أنه أمر بالقضاء دون كفَّارة، وهي مختلَف في ثبوتها عنه، وهذا بيان ذلك.

 

أولًا: ما جاء عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما في ذلك:

روى مالك في الموطأ (684) أنه ‌بلغه، أن عبدالله بن عمر سُئل عن المرأة ‌الحامل، إذا خافت على ولدها، واشتد عليها الصيام؟ فقال: "تُفْطِر وتُطْعِم مكان كلِّ يوم مسكينًا مُدًّا من حنطة بمد النبي صلى الله عليه وسلم".

 

ورواه الشافعي في «الأم» (7/ 266 ط الفكر)، عن مالك موصولًا، فقال: "أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر سُئِل عن المرأة ‌الحامل إذا خافت على ولدها، فقال: تُفطِر وتُطْعِم مكان كل يوم مسكينًا مُدًّا من حِنطة".

 

والظاهر كما قال بعض أهل العلم أنَّ مالكًا كان يُرسله تارة، ويَصِله تارة، فلا يُحكم بخطأ الشافعي، لا سيما وقد جاء عن نافع من طرق أخرى صحيحة.

 

فرواه عبدالرزاق في مصنفه (7796) عن معمر، والدارقطني في سننه (2388)، وإسماعيل بن إسحاق القاضي - نقلًا عن ابن حزم في المحلَّى (4/ 411) - من طريق حماد بن سلمة، كلاهما (معمر وحماد بن سلمة) عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: "الحامل إذا خَشِيَت على نفسها في رمضان تُفطر وتُطعم، ولا قضاء عليها"؛ هذا لفظ معمر، ولفظ حماد: أن امرأةً سألت ابن عمر وهي حُبلى فقال لها: "أفْطِري وأطْعِمي عن كل يوم مسكينًا ولا تقضي".

 

ورواه الدارقطني (2389) وإسماعيل بن إسحاق القاضي - نقلًا عن ابن حزم في المحلَّى (4/ 411) - من طريق عبيدالله بن عمر عن نافع، قال: "كانت بنتٌ لابن عمر تحت رجل من قريش وكانت حاملًا، فأصابها عطش في رمضان، فأمرها ابن عمر أن تُفطِر وتُطعِم عن كل يوم مسكينًا"؛ وإسناده صحيح.

 

وروى عبدالرزاق في مصنفه (7793) و(7794) من طريق محمد بن عجلان ويحيى بن سعيد الأنصاري؛ وأبو عبيد في الناسخ والمنسوخ (107) من طريق عبيدالله بن عمر، أو عبيدالله بن عمر عن نافع - شكَّ أبو عبيد - ثلاثتهم (محمد بن عجلان، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعبيدالله بن عمر أو نافع) عن محمد بن عبدالرحمن بن لبيبة، أو ابن أبي لبيبة، قال: "أرسلني عبدالله بن عمرو بن عثمان إلى ابن عمر أسأله عن امرأة أتى عليها رمضان وهي حامل، قال: تُفطِر وتُطْعِم كل يوم مسكينًا".

 

ورواه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ (106) من طريق جعفر بن محمد عن ابن لبيبة أو ابن أبي لبيبة، عن عبدالله بن عمرو بن عثمان، "أن امرأةً صامت حاملًا فاستعطشت في شهر رمضان، فسُئل عنها ابن عمر، فأمرها أن تُفطِر وتُطْعِم كل يوم مسكينًا مُدًّا، ثم لا يُجزئها ذلك، فإذا صحَّت قَضَتْهُ".

 

فخالف هذا الطريقُ ما سبق من الطرق في الإسناد والمتن، فزاد في الإسناد: (عن عبدالله بن عمرو بن عثمان)، وزاد في المتن: (ثم لا يجزئها ذلك، فإذا صحَّت قَضَتْهُ)، وعلى كلٍّ فمحمد بن عبدالرحمن بن لبيبة أو ابن أبي لبيبة ضعيف كما قال الحافظ في التقريب، فلعل هذا الاختلاف منه.

 

ثانيًا: ما جاء عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما.

روى أبو داود في سننه (2318)، والطبري (3/ 167)، وابن أبي حاتم (1635) في تفسيريهما، وابن الجارود في المنتقى (381)، من طريق عزرة بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]، قال: "كان ‌الشيخ ‌الكبير والعجوز الكبيرة وهما يُطيقان الصوم رُخِّص لهما أن يُفطرا إن شاءا، ويُطعما لكل يوم مسكينًا، ثم نُسخ ذلك بعد ذلك: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 185]، وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يُطيقان الصوم، وللحُبلى والْمُرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا كل يوم مسكينًا".

 

وقال الألباني والأرنؤوط وأبو إسحاق الحويني: إسناده صحيح.

 

وروى الطبري في «تفسيره» (3/ 174)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (6/ 185)، والبيهقي في «الخلافيات» (3546)، من طريق سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قول الله عز وجل: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ ﴾ [البقرة: 184] قال: "يتجشَّمونه ولا ‌يُطيقونه؛ الحامل، والكبير، والمريض، وصاحب العطاش".

 

وروى عبدالرزاق في مصنفه (7802)، والطبري في تفسيره (3/ 170)، وابن أبي حاتم في تفسيره (1635)، والدارقطني في سننه (2382) و(2384)، وابن حزم في «المحلَّى بالآثار» (4/ 411) تعليقًا، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه رأى أمَّ وَلَدٍ له حاملًا أو مرضعًا، فقال: "أنتِ بمنزلة الذي لا يُطيقه، عليكِ ‌أن ‌تطعمي ‌مكان كل يوم مسكينًا ولا قضاء عليكِ"، وقال الدارقطني: صحيح.

 

وروى أبو داود في سننه (2317)، والطبري في تفسيره (3/ 176 و177) من طريق عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "الحامل والمرضع والشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم يُفطرون في رمضان، ويُطعمون عن كل يوم مسكينًا؛ ثم قرأ: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]"؛ هذا لفظ الطبري، ولفظ أبي داود ‌‌أثبتت للحبلى والمرضع.

 

وإسناد أبي داود صحيح، كما قال الألبانيُّ والأرنؤوط.

 

وروى الطبري في تفسيره من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: "من لم يُطِقِ الصوم إلا على جَهْدٍ، فله أن يُفطر ويُطعم كل يوم مسكينًا، والحامل والمرضع والشيخ الكبير والذي به سقم دائم".

 

وروى البخاري في صحيحه (4505)، والنسائي في سننه (2317)، والبيهقي في السنن الكبرى (8389) عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقرأ: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]، قال ابن عباس: "ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما، فليُطعما مكان كل يوم مسكينًا"؛ هذا لفظ البخاري.

 

وعند النسائي والبيهقي: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184] قال: ﴿ يُطَوَّقُونَهُ ﴾ يتكلَّفونه ولا يستطيعونه ﴿ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ واحد، ﴿ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا ﴾، فأطعم مسكينًا آخر، ﴿ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ﴾ وليست منسوخة، ولا يُرخَّص في هذا إلا للذي لا يُطيق الصيام، أو مريضٍ ‌لا ‌يُشفى.

 

وروى أبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (71)، والطبري (3/ 172) من طريق مجاهد، عن ابن عباس أنه كان يقرؤها: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]، ويقول: "هو الشيخ الكبير يُفطِر ويُطعِم"؛ إسنادها صحيح.

 

فالحاصل من هذه الروايات عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه كان يرى أن قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184] - على قراءة العامة – كان في أول الإسلام رخصةً لمن استطاع الصيام، أن يُطعِم ولا يصوم، فلا بد من واحدة من اثنتين؛ إما الصوم وإما الإطعام، ثم نُسِخ هذا التخيير للقادر على الصوم؛ بقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185]، أما الشيخ الكبير والمرأة العجوز والحامل والْمُرْضِع الذين لا يستطيعون الصيام، فعليهم الإطعام؛ لأن الإطعام هو البديل للصيام، كما سبق في الآية، فلا بد من أحدهما، وهذا معنى رواية سعيد بن جبير الأولى عن ابن عباس.

 

أما رواية سعيد بن جبير الثانية عنه، ومثلها رواية عكرمة وعطاء ومجاهد، أن قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184] على القراءة التي اختارها ابن عباس رضي الله عنهما، هذه الآية ليست بمنسوخة؛ لأن معنى ﴿ يُطوَّقُونه ﴾ يُكلَّفونه ولا يستطيعونه، فكل من كُلِّف الصوم فلم يُطِقْه؛ كالشيخ الكبير والمرأة العجوز، والحامل والمرضع، فعليه فدية طعام مسكين.

 

فابن عباس يرى أنها منسوخة على قراءة العامة، وليست منسوخة على قراءته، كما أنه يرى على قراءة العامة أنها منسوخة فقط في حق القادرين على الصيام، فلا يجوز لهم الإطعام، أما غير القادرين على الصيام، فهي ثابتة في حقهم، بمعنى أنه يلزمُهم الإطعامُ إن لم يستطيعوا الصيام؛ لأنه هو البديل له في الآية، وقد بيَّن هذا شيخ الإسلام ابن تيمية باستفاضة في شرح عمدة الفقه.

 

وقال الطحاوي أيضًا في «شرح مشكل الآثار» (6/ 186): "فدلَّ ما رويناه عن ابن عباس في هذا الباب أنه مختلَف عنه في (يطوَّقونه) و(يُطيقونه)، وأن عطاء ومجاهدًا رَوَيَا عنه (يطوَّقونه)، وأن سعيد بن جبير روى عنه (يُطيقونه)، وفي جميع ما رُويناه عنه من ذلك إعادة البدل من الصيام إلى الإطعام لا إلى الصيام".

 

قلت: وهذا هو القول المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ ألَا وهو الإطعام عن الحامل والمرضع وليس القضاء، ولذلك نسبه إليه غيرُ واحد، ولم يذكروا له قول آخر؛ منهم: أبو عبيد القاسم بن سلام، وإسحاق بن راهويه.

 

قال أبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (1/ 64): "وكان ممن رأى عليها - أي الحامل والمرضع - الإطعام ولا قضاء ابنُ عباس، ومن قرأ بقراءته وأفتى فُتياه".

 

وقال أيضًا (1/ 67): "وأما الذين رأوا عليهما أن يُطعِما ولا يقضيا، فإنهم أرادوا أنهما ليستا من السفر ولا المرضى الذين فرضهم القضاء، ولكنهما ممن كُلِّف الصيام وطُوِّقه فليس بِمُطيقٍ، فهم من أهل الفدية ليس يلزمهم سواها؛ لقوله: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]، وهي قراءة ابن عباس وفُتياه، فكان تأويله على لفظ قراءته، وكذلك قرأها عكرمة وسعيد بن جبير، وأظن مجاهدًا كان عليها أيضًا".

 

وفي مسائل إسحاق بن منصور الكوسج (3/ 1346)، قال: سألت إسحاق بن راهويه، قلت: الحامل والمرضع يفطران؟

 

فقال إسحاق: "السُّنَّة في ذلك ما قال ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما؛ أي: يُفطِران ويُطعمان عن كل يوم مسكينًا، وإن شاءتا قَضَتا من غير أن يُوجَب ذلك عليهما، وإن شاءتا قضتا ولا طعام عليهما".

 

قلت: وجاء عن ابن عباس رواية أخرى خلاف المشهور عنه؛ فروى عبدالرزاق في مصنفه (7799) عن الثوري، وعن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: "تُفطِر الحامل والمرضع في رمضان، وتقضيان صيامًا ولا تُطعمان".

 

وهذا إسنادٌ ظاهره الصحة؛ ولذلك ذكره زكريا الباكستاني في «ما صح من آثار الصحابة في الفقه» (2/ 688)، ولكن هذه الرواية غريبة تفرَّد بها عبدالرزاق، وهي خلاف المشهور عن ابن عباس كما سبق؛ ولذلك قال محمد بن مبارك حكيمي في «العتيق مصنف جامع لفتاوى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم» (16/ 393): "إنها غير محفوظة، وإن الصحيح بخلافها".

 

ثالثًا: ذِكْرُ من قال بهذا القول غير ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما:

1- سعيد بن المسيب:

روى سعيد بن منصور في سننه (263)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (8397)، والطبري في تفسيره (3/ 171)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (4/ 413) تعليقًا من طرق عن عبدالرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيب، في قوله عز وجل: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]، قال: "هو الكبير الذي كان يصومه فعجز، والمرأة الحبلى التي يشق عليها، فعليهما ‌طعام ‌مسكين ‌كل ‌يوم حتى ‌ينقضي شهر رمضان".

 

وفي إسناده عبدالرحمن بن حرملة مختلَف فيه؛ منهم من يُحسِّن إسناده، ومنهم من يُضعِّفه.

 

2- القاسم بن محمد:

روى عبدالرزاق في مصنفه (7790) عن معمر قال: أخبرني من سمع القاسم بن محمد يقول: "إن لم يستطيعا الصيام - يعني الحامل والمرضع – فلْيُطعما".

وفي إسناده مبهم.

 

قلت: وقد أورد ابن تيمية في شرحه لعمدة الفقه أثرًا عن ‌مسلم ‌بن ‌يسار قال: "‌أدركت أهلَ المدينة وهم يخيِّرون المرضع ‌والحامل في شهرها الذي تخاف على نفسها، يُفطران ويُطعمان كل يوم مسكينًا"، وعزاه ابن تيمية لسعيد بن منصور، ولكن لم أقف عليه في المطبوع منه.

 

3- سعيد بن جبير:

روى عبدالرزاق في مصنفه (7789) عن معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال: "تُفطِر الحامل التي في شهرها، والمرضع التي تخاف على ولدها، تُفطران وتُطعمان كل واحدة منهما كل يوم مسكينًا، ولا قضاء عليهما".

 

4- قتادة:

روى عبدالرزاق في مصنفه (7791) عن معمر عن قتادة قال: "تُفطر الحامل التي تخاف على ولدها، وتُفطر المرضع التي تخاف على ولدها، وتُطعم كل واحدة منهما كل يوم مسكينًا، ولا قضاء عليهما".

 

ورواه الطبري أيضًا (3/ 168) من طريق همام قال: سمعت قتادة يقول في قوله: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184] قال: "كان فيها ‌رخصة ‌للشيخ ‌الكبير والعجوز الكبيرة، وهما يُطيقان الصوم، أن يُطعما مكان كل يوم مسكينًا ويُفطرا، ثم نُسخ ذلك في الآية التي بعدها فقال: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ ﴾ [البقرة: 185] إلى قوله: ﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 185] نسختها هذه الآية، فكان أهل العلم يرَون ويرجُون الرخصة ثبتت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، إذا لم يُطيقا الصوم أن يُفطرا ويُطعما عن كل يوم مسكينًا، وللحبلى إذا خشِيَت على ما في بطنها، وللمرضع إذا ما خشيت على ولدها".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فوائد التمر للمرأة الحامل والمرضع
  • صوم الشيخ الكبير والمرأة العجوز والحامل والمرضع
  • شرح حديث ابن عمر: "كنا نتحدث عن حجة الوداع"
  • مسألة الحامل والمرضع في رمضان
  • شرح حديث ابن عمر: "على المرء المسلم السمع والطاعة"
  • الحامل والمرضع إذا أفطرتا قضتا الصوم فقط
  • تحقيق مختصر لحديث إغماء أحد الصحابة عندما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يتلو آية من القرآن

مختارات من الشبكة

  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في تحقيق الأمن النفسي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم الأثر عند المحدثين وبعض معاني الأثر في القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر لابن حجر بتحقيق جديد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة نور النبراس على سيرة ابن سيد الناس ( شرح عيون الأثر لابن سيد الناس )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في حفظ الحقوق وأداء الأمانات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في الشوق إلى دار السلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في توجيه السلوك (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اترك أثرا إيجابيا (10) حلقات مختصرة في أهمية ترك الأثر الإيجابي على الآخرين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • اترك أثرا إيجابيا: عشر حلقات مختصرة في أهمية ترك الأثر الإيجابي على الآخرين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كتاب تهذيب الآثار: أثر من آثار الطبري في خدمة السنة(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/12/1446هـ - الساعة: 10:21
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب