• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

ثورة المهاجرين وهجرة الثائرين

خميس النقيب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/11/2012 ميلادي - 1/1/1434 هجري

الزيارات: 7937

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ثورة المهاجرين وهجرة الثائرين


كلما جاءتنا ذكري الهجرة تتزاحم الخواطر، وتفيض المشاعر، وتهتز المنابر، تترادف الدروس وتتزايد العبر، تنساق العظات ويعلو فيض الآيات في نفوسنا وعقولنا وقلوبنا، فقد كان حدثا فريدا أقام دولة وصنع أمة وخلد جيلا لامثيل له ولا نظير..!! لقد هاجر رسول الله من أجل الدين لا من أجل الدنيا، من أجل الله لا من أجل أحد سواه، ترك وطنا بدأ يتنفس فيه الحياة، و فيه درجت علي الأرض قدماه، واستقبل فيه وحي الله، بقي في مكة مدة طويلة رغم الأذى الذي تعرض له هو وأصحابه، لأنه كان يسير بأمر الله، وكان يعمل علي تبليغ دين الله وأن يرشد البشرية إلى طريق السعادة الأبدية بهدي الله ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ﴾ [الأحزاب: 45-46].

 

وكذلك هاجر أصحابه رضوان الله عليهم من أجل المحافظة على دينهم لا من أجل الدنيا، بل إنهم تركوا الدنيا في مكة، فمنهم مَن هاجر وترك ماله، ومنهم مَن هاجر وترك بيته ومتاعه؛ لأنهم لمَّا نظروا إلى المال وإلى الدين وجدوا أن ضياع المال يمكن تعويضه، ولكن ضياع الدين لا يمكن تعويضه أبدا، وجدوا أن كَسر المال والبيت والأهل يُجبر، أما كسر الدين فإنه لا يُجبر..!!


مع بداية كل عام هجري، ينتفض دعاة الأمة فيأخذون العبرة، ويسترشدون المعنى، ويستلهمون الدرس، ويجددون العهد، يبثون النشاط في أفراد الأمة، يثيرون فيهم الحماس، ويزرعون عندهم الأمل، ويحثهونهم علي العمل، ينيرون لهم الطريق، ويبعثون فيهم روح الفريق، ويدفعونهم إلى السير الحثيث نحو خالقهم، فتهون عليهم نكبات الزمن و مشاق الدنيا وأهوال الحياة..!! والمهاجرون الثائرون هم من وقع عليهم اختيار الله ليجري بهم سنته، ويرفع بهم كلمته، وينصر بهم دعوته ويُتم بهم نوره..!! ﴿ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [الصف: 8].

 

وإذا كانت الهجرة يوما بالجسد من دار الكفر إلي دار الإيمان، فهي ألآن بالقلب من التعلق بالحياة إلي طاعة الله وإتباع سنة رسول الله، هي هجرة من محبة غير الله الي محبة الله ومن عبودية غير الله الي عبودية الله ومن خوف غير الله إلي خوف الله، ومن دعاء غير الله الي دعاء الله وسؤاله!!


لقد ثار المهاجرون علي الخيانة وضياع الامانة: فرغم كل الظروف، النبي صلى الله عليه وسلم- قائد المهاجرين ورسول رب العالمين - يعلم صحابته وكل أمته حرصه على أداء الأمانات التي كانت مودعة لديه إلى أهلها، وهو القائل: أد الأمانة إلى مَن ائتمنك ولا تخن مَن خانك ترك علياً بن أبي طالب رضي الله عنه في فراشه، وهو أمر عجيب، هؤلاء الناس استباحوا دمه وأرادوا قتله، بل أدموه وأذوه وطردوه لكنه لم يشأ قتلهم، ولم يستبيح أموالهم، ولو كلفه ذلك بالمخاطرة بابن عمه، وصدق الله ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58] والذين من بعده صلي الله عليه وسلم تحملوا أمانة الوطن والمواطن، فلم يحجبهم ظلم وقع عليهم او عزلهم من وظائفهم او تصفية شركاتهم او تعذيب ابنائهم حتي الموت من أن ينقضوا العهد ويخلفوا الوعد ويضيعوا الأمانة وإنما تحملوها ولا زالوا حتي يقضي الله أمرا كان مفعول ا.


ثار المهاجرون علي السلبية:

وأعلوا قيمة الذاتية و التضحية وحب الانتماء للوطن فتألقوا قديما وحديثا، في زمن الخنوع والخضوع لغير الله، في زمن الشرك بالله إلا من رحم الله..!! في زمن المصالح الشخصية، والحياة الوردية، والمتعة الوقتية، في زمن انتعاش أهل الباطل وفي غفلة أهل الحق، في زمن الفساد المخطط والإفساد الممنهج في الأرض..! ثاروا وهاجروا من أجل تبليغ الدعوة إلى العباد، ومن أجل مناهضة الفساد والإفساد، ومن أجل مقارعة الباطل في كل البلاد، قديما كانت التضحية بالوطن رغم عظيم حبهم وشدة انتماءهم له..!! نعم ضحوا به ولو كان مسقط الرأس، ومرتع الصبا، ومجمع الذكرى..!! (والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلي ولولا أني أخرجت منك ما خرجت تحقيق الألباني: (صحيح) والتضحية بالمال ولو كان قليلاً (موقف صهيب الرومي )، والتضحية بالأهل ولو كانوا أحبة (موقف أسرة أبي سلمة )، والتضحية بالراحة والاستقرار ولو كانا في قبضة اليد..!! إنها ثمرة التربية التي حرص القائد الأعلى عليها طوال ثلاثة عشر سنة، إنها الوسيلة لبناء الرجال، وصناعة الأبطال وعودة الروح لتغيير الأحوال، والوصول إلى حياة قد تبدو صعبة المنال، إنه المنهج لتغيير الأمم، وبلوغ القمم، وإبراء الذمم، والإعذار إلى الله..!! نعم إنها التربية الفكرية والثقافية والخلقية والاجتماعية والبدنية والجهادية والسياسية، والذين من بعدهم كذلك تركوا الديار والأمصار وتجمعوا في الميادين ليقولوا لا للسلبية، لا للقمع، لا للظلم، لا للتبعية، لا لبيع الأوطان وقهر الإنسان وقتل الإيمان، فكان الله معهم، يدفعهم ويؤيدهم بالحفظ والرعاية والتوفيق في إزالة اصنام البشر وصناديد البطش والظلم!!


ثار المهاجرون علي اليأس والخوف:

كيف؟ عملوا علي إحياء الأمل في نصر الله والثقة في وعده، خرج النبي فوجد أربعين شاباً ينتظرونه ليضربوه ضربة رجل واحد فيقتلونه ويتفرق دمه بين القبائل..!! لكنه خرج يتلوا القرآن ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ﴾ [يس: 9] وأخذ حفنة تراب ونثرها على رؤوسهم فما بقي واحد إلا ونال قسطاً من التراب، وصدق الله ﴿ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال: 17]..وصل النبي وصاحبه إلى الغار، فتبعهم الطلب فقال أبو بكر: لو نظر احدهم تحت قدميه لرآنا..!! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما ظنك باثنين الله ثالثهما لا تحزن إن الله معنا ﴿ .. إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40] ثم ما حدث مع سراقة رضي الله عنه..!! الذي أصبح طالبا لرأس النبي حيا أو ميتا ثم يمسي حارسا للنبي ولدعوته يقول للباحثين عنه ارجعوا اطلبوه في غيره فقد كفيتم تلك الجهة..!! والذين من بعدهم وثقوا في ربهم، أملوا في عونه ونصره، فثبتوا علي ذلك حتي تحقق علي الأرض وكان واقعا بإزالة الظالمين وهلكة المجرمين وإزاحة المستبدين..!!


ثاروا علي القعود والكسل:

تثبت لنا الهجرة أن رحمة الله لا ترتجى من الخمول إنما ترتجى من الحركة والعمل والنشاط والجهاد كيف؟! ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 218] أما الاستضعاف والسكون والرضا بالذل والهوان يورد المهالك ويؤدي بصاحبه إلى سوء المصير كيف؟! ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 97].


ثورة علي الفوضي والعبث والغوغائية:

أخذ المهجرون بالتخطيط والتنظيم والتنفيذ الجيد والأخذ بالأسباب ثم اليقين في رب الأرباب، الأخذ بأسباب النجاح دون التعويل عليها وحدها وصولاً إلى الأهداف الجزئية والمرحلية التي تمهد الطريق للأهداف الكبيرة و الكلية، مع التوكل على الله والثقة فيه والتعلق بعونه ومعيته ﴿ ..ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا.. ﴾ [التوبة 40]، في الهجرة كان القائد هو محمد رسول الله، وكان المساعد هو أبوبكر الصديق، وكان التموين مع أسماء بنت الصديق، وكان التمويه والتامين عامر بن فهيرة، وكان الذي يأتي بالإخبار والإعلام عبد الرحمن بن أبي بكر، وكان الدليل عبد الله بن أريقط، وكان المكان المؤقت غار ثور وكان سقف الرحلة ثلاثة أيام، وكان الطرق هو الساحل غير معهود، هذه كلها أسباب تدل علي عبقرية النبي صلي الله عليه وسلم، علاوة علي ذهابه لأبي بكر وقت الظهيرة، وخروجهما من الباب الخلفي، وعدم إذاعة سر الرحلة وتركه لعلي بن أبي طالب في منزله..!! هذه خطة، هذه أسباب، هذه عبقرية، لكن هل كان النبي صلي الله عليه وسلم متهاونا؟ كلا!! هل كان متواكلا؟ كلا..!! هل كان مخادعا، كلا ثم كلا! وإنما كان النبي متوكلا علي ربه، واثقا في معيته..!!.كان يدعو ربه..!! الحمد لله الذي خلقني ولم أك شيئاً. اللهم أعنِّي على هول الدنيا وبوائق الدهر ومصائب الليالي والأيام.

 

اللهم اصحبني في سفري، واخلفني في أهلي، وبارك لي فيما رزقتني، ولك فذلِّلني، وعلى صالح خُلُقي فقوِّمني، وإليك ربِّ فحببني، وإلى الناس فلا تكلني. رب المستضعفين وأنت ربي. أعوذ بوجهك الكريم الذي أشرقت له السموات والأرض، وكشفت به الظلمات، وصلح عليه أمر الأولين والآخرين أن تحل علي غضبك، وتُنزل بي سخطك. وأعوذ بك من زوال نعمتك، وفجأة نقمتك، وتحوّل عافيتك، وجميع سخطك. لك العتبى عندي خير ما استطعت. ولا حول ولا قوة إلا بك، وسجل عنه ربه: ﴿ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 80]، والذين من بعدهم طرقوا كل الأبواب حتي باب التكنولوجيا الحديثة فكان لها أثر بالغ في توصيل الأخبار وتحفيز الأنصار، ودحض الأشرار حتي انتصر الأحرار..!!


لا للهزيمة في قاموس المهاجر والنصر عنده واسع المعني عظيم الأثر:

فلقد سميت الهجرة نصراً رغم أنه لم تسيل قطرة من الدم، ولم تلتق فيها السيوف،﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 40] وهذا اتساع لأفق النصر في حياة أهل التوحيد والعقيدة..!! فالثبات على المبدأ نصر، والالتزام بالحق نصر، والوصول للأهداف سواء مرحلية أو كلية نصر، في الهجرة تحقق النصر لمن؟ لأقل جيش..!! " اثنين " في أضيق مكان..!! " الغار"..!! كيف؟ " بجنود لم تروها " لا عدد ولا عتاد، إنما كانت القوة في الثقة بالله، والثبات على مبادئ الدعوة والدين، والتضحية في سبيل الله، ومن ثم ﴿ إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة:40]، وهكذا انتصر المهاجرون الجدد دون إراقة دماء إلا القليل..!!


ثار المهاجرون علي البخل والتواكل:

حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الأجر فرفض أن يقبل من أبي بكر دابة السفر بل دفع ثمنها، وحرص أن يجاهد بماله أيضاً..!! وقد قال بعد ذلك في بدر لصاحبيه الذين يتبادلان معه الركوب: ما أنتما بأقدر على المشي مني وما أنا بأغنى عن الأجر منكما..!! توارثه الصحابة رضوان الله عليهم، فهذا سيِّدنا سعد بن أبي وقاص لما سأل النبي أصحابه قُبَيل المعركة: ماذا نفعل؟ فقال: لعَّلك تظنُّنا يا رسول الله تُريدُنا؟ فقال: نعم، والله يا رسول الله لقد آمنَّا بك وصدَّقْناك، وشَهِدنا أنَّ ما جئتَ به الحق، وأعْطَيناك على ذلك عُهودَنا ومواثِقَنا، يا رسول الله؛ لو خُضتَ بنا هذا البَحْر لَخُضْناهُ مَعَك، وما تخلَّفَ مِنَّا رجلٌ واحِد، ولا نقول لك كما قال بنوا إسرائيل: اذهب أنت وربك فقاتلا ههنا قاعدون وإنَّما إنَّا معك مُقاتِلون، صِلْ حِبالَ مَن شِئْتَ واقْطَعْ حِبال مَن شِئْتَ وسالِمْ مَنْ شئْتَ، وعادي مَن شِئْتَ، وخُذْ مِن أموالنا ما شئتَ، ودَع ما شئْت، فوَ الذي بعَثَك بالحق للَّذي تأخذهُ مِنَّا أحَبُّ إلينا مِمَّا تَدَعُهُ لنا هذا موقف


ثورة علي البغي والبغض:

فلقد ظهر مجتمع في المدينة فريد من نوعه، إيمان عالي، أخوة راقية، حب عميق في ذات الله، مجتمع انصهر فيه كل فرد حتى كان يقول لأخيه يا أنا..!! يعرض فيه الأنصاري طلاق زوجته التي هي نصفه وحياته بعد الله إيثاراً لأخيه المهاجر..!! مجتمع لم يعرف له التاريخ مثيلاً من قبل ولا من بعد حتى استحق التكريم والتخليد في القران الكريم تتعبد به الأجيال جيلاً بعد جيل إلى يوم الدين.!! ولقد ظهر هذا المعني في ميادين الثورة فكان الإخاء والتكافل والتعاون والبذل حتي النصر.


هجرة الثائرين:

إذا كانت الهجرة في وقت من الأوقات تعني النقلة المكانية من أرض الشرك إلى ارض الإسلام من مكة إلى المدينة، فقد ألغاها النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال " لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية.. ألغاها بالمعنى الجغرافي لكنه أبقاها بالمعنى القيمي حيث قال: والمهاجر مَن هجر ما نهى الله عنه..


إذن فالمطلوب من كل ثائر أن يهاجر.. كيف؟!! يهاجر من المعصية إلى الطاعة، من الفردية إلى الجماعة، من الكسل إلى العمل، من القنوط إلى الأمل، من الضعف إلى القوة، ومن القاع إلى القمة، من الذلة إلى العزة، من الحصار إلى الانتشار، ومن الانكسار إلى الانتصار، من الانكفاء على الذات إلى الاهتمام بشأن المسلمين، من التعصب بالرأي إلى النزول على الشورى، من مصلحة الفرد إلى مصلحة المجموع، من حياة الهوان والحرمان إلى حياة الإيمان والإحسان..!! عن أم أنس رضى الله عنها أنها قالت يا رسول الله أوصني - قال: اهجري المعاصي فإنها أفضل الهجرة وحافظي على الفرائض فإنها أفضل الجهاد وأكثري من ذكر الله فإنك لا تأتين الله بشيء أحب إليه من كثرة ذكره " رواه الطبراني.


ليست الهجرة إذن الانتقال من بلد بعيد إلي بلد قريب، او من ارض مجدبة إلي ارض خصبة أو من ريف ألي حضر.. كلا إنها هجرة النفوس قبل البيوت، إنها هجرة القلوب قبل القصور إنها هجرة الأرواح قبل الأشباح.. هذا رجل هاجر وهو ضعيف مريض عاجز فأدركه الموت في الطرق فقال من قال لو وصل المدينة وأكمل الهجرة لحاز الأجر كله فانزل الله قرانا يهدي النفوس ويطمئن القلوب ويضع النقاط فوق الحروف يربط الأعمال بالنيات ابتداء... ﴿ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ [النساء:100]


وهكذا نجد أن الثورة تبدأ بالهجرة والحركة، وأن الثائرين - علي كل المستويات وفي جميع الأوقات - دائما إلي ربهم مهاجرون ﴿ فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [ العنكبوت:26] والي هدايته ذاهبون ﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الصافات:99] وإلي رحمته وحفظه وجواره يفرون ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ [الذاريات:50].. الهجرة أخلاق عالية، ومعاني راقية،  وقيم رفيعة يجب أن نحياها ونعيشها على طول الطريق رغم وعثاءه وأشواكه....!! إنَّ الهجرة النبويَّة نقلتْ رسالة الإسلام من طَوْر الدعوة الفردية إلى طور الدعوة تحتَ ظلال الدولة، ففُتحتْ لدِين الله -تعالى- آفاقٌ أرحبُ في الأرض، وفي النفوس، والعِبر المستقاة من هذا الحَدَث التاريخي العظيم لا تُحصى وكلها معالِم تربوية رفيعة المستوى للفَرْد والجماعة، وهذا غيض من فيض من معاني الهجرة أمَّا القادِمون من مَكَّةَ المكرَّمة، فقد حقَّقوا التضحية في واقعهم، فخاطروا بأنفسهم، وتركوا بيوتَهم وأموالهم؛ ليستوليَ عليها المشركون، وقدِموا المدينة المنوَّرة مطاردين، فقراء معدمين، إلاَّ من إخلاص وصِدْق لا تشوبه شائبة، شهد لهم به ربهم؛  ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [ الحشر: 8 ].


في ضيافة الأنصارُ الأخيار، تعلوهم أخلاق الكرم والإيثار نحوَ إخوانهم المهاجرين، فقد شَرَعوا لهم قلوبَهم، وفتحوا لهم صدورَهم قبلَ أن يقاسموهم البيوت والأموال؛ ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾[ الحشر: 9]، وفي الذين ساروا على نهجم وسلكوا طريقهم مهاجرين هجرتهم وثائرين ثورتهم عبر الزمان والمكان..!!  ﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾  [الحشر:10].



في هذا الحدث العظيم نال المهاجرون شهادةَ الصِّدْق، ونال الأنصارُ شهادة الفلاح: ونال (البعديون) المصلحون شرف الإتباع  ﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [ الفتح: 28] فلا عجب أن يتخذه الفاروق رضي الله عنه بداية للتاريخ الهجري يسير علي دربه ويهتدي بهداه ويستضيء بسناه السالكون إلي يوم الدين!!


اللهم اجعلنا مهاجرين إليك متوكلين عليك واثقين في معيتك، مستعينين بك... اللهم احشرنا مع المهاجرين والأنصار والصالحين والأخيار، والمرسلين الأطهار، والشهداء الأبرار اللهم فقهنا في ديننا، وفهمنا شرعتك، اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا.

 

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الهجرة حركة رائدة
  • جنود على طريق الهجرة
  • الهجرة والتغيير
  • ملحمة الهجرة

مختارات من الشبكة

  • فرنسا: تشديد إجراءات الهجرة والتضييق على المهاجرين بسبب الانتخابات(مقالة - المسلمون في العالم)
  • السويد: إدارة شؤون الهجرة تنتهك حقوق المهاجرين ذوي الاحتياجات الخاصة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • النرويج: سياسي يطالب بالحد من هجرة المسلمين وتقليص دعم المهاجرين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • المنظمة الدولية للهجرة تؤكد ازدياد المهاجرين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • اتجاهات هجرة المسلمين - دراسة الدين والحراك(مقالة - المترجمات)
  • مفهوم تكنولوجيا الاتصال ووسائله(مقالة - ملفات خاصة)
  • ميانمار: ماليزيا تبحث توطين الروهنجيا في جزيرة "بينانج"(مقالة - المسلمون في العالم)
  • السويد: حزب سياسي لحماية المهاجرين والتصدي لليمين المعادي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ألمانيا: الكتب المدرسية تشوه حقيقة المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • آيات عن المهاجرين والأنصار(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب