• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

دروس وعبر من التاريخ والسير

دروس وعبر من التاريخ والسير
حسام الدين أبو صالحة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/4/2025 ميلادي - 14/10/1446 هجري

الزيارات: 530

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دُرُوسٌ وَعِبَرٌ مِنَ التَّارِيخِ وَالسِّيَرِ

 

تساؤلٌ جالَ بخاطري، ودار بعقلي، وشحذَ ذهني، وأربكَ فكري حين مطالعتي للسيرة النبوية في قصة السيدة زينب رضي الله عنها وزوجها أبي العاص بن الربيع، هذا التساؤلُ أعيتني إجابتُه فترةً من الزمن؛ حيث لم أجد له إجابةً تهدي حَيرتي، وأنشُدُ بها ضالتي؛ حتى يسرَّ الله تعالى لي ما تستقرُّ له نفسي، ويؤمن به عقلي، ويطمئن له قلبي، وينعقد عليه فكري، وكان ما يسَّره الله تعالى لي من إجابة لتساؤلي لم أجده صريحًا ومباشرًا بكتابٍ واحد، بل جمعته من شَتات الكتب، ومُبعثَرات المراجع بعد قراءة طويلة ومطالعة حثيثة لهذا الأمر؛ فقد استنتجتُ من خلال ربط بعض الأحداث ببعض، ومعرفة التاريخ الزمني بدقة لبعض الأحداث، للحكم بثبوت أو نفي بعض الأمور المهمة والمتداخلة بهذا التساؤل، بالإضافة للوقوف على قاعدة من الأدلة ترجِّح صحة ما أدَّعيه؛ حيث كان الإشكال على نحو ما يلي:

 

مقدمة التساؤل:

إذا كان أبو العاص بن الربيع قد أُسِرَ للمرة الثانية بعد أسرِه أول مرة في غزوة بدر في رمضان في العام الثاني للهجرة؛ حيث وقع أسيرًا للمرة الثانية في سرية زيد بن حارثة بمنطقة العيص في 13 جمادى الأولى للسنة السادسة للهجرة (الثلاثاء 29 سبتمبر 627م)؛ أي: قبل صلح الحديبية بستة أشهر؛ حيث كان الصلح في شهر ذي القعدة من ذات العام، وهو السادس، ثم هرب أبو العاص بن الربيع من الأسر؛ فذهب ليلًا لزوجته السيدة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطرق بابها طالبًا منها إجارته؛ أي: تطلب له الأمان من والدها صلى الله عليه وسلم، وأيضًا طلب ردَّ مالِ قافلته إليه الآتية من الشام، والذاهبة لمكة في 19 جمادى الأولى 6هـ (الاثنين 5 أكتوبر 627م)، وقد أجارته وطالبت والدها صلى الله عليه وسلم برد مال قافلته إليه؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "صرخت زينب: أيها الناس، إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع"، فذكر الحديث إلى أن قالت: ((ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل على ابنته زينب، فقال: أي بُنية، أكرمي مثواه، ولا يَخْلُصَنَّ إليكِ، فإنكِ لا تحلِّين له)).

 

بعد إجارة السيدة زينب لزوجها بخمسة أشهر، نزلت آياتٌ في صلح الحديبية في شهر ذي القعدة من العام السادس للهجرة، تُحرِّم الزوجة المسلمة على زوجها غير المسلم إذا انقضت عِدتها منه؛ كقوله تعالى: ﴿ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ [الممتحنة: 10]، وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ﴾ [البقرة: 221].

 

وكان تساؤلي على هذا النحو: لماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للسيدة زينب قبل صلح الحديبية في شهر جمادى الأولى للعام السادس للهجرة – أي: قبل نزول آيات التحريم بخمسة أشهر، والقاضية بتحريم المسلمة على زوجها الكافر - بحديثٍ وَرَدَ بالسنن الكبرى للبيهقي وتاريخ الطبري: ((أي بُنية، أكرمي مثواه، ولا يَخْلُصَنَّ إليكِ، فإنكِ لا تحلين له))؟ فقوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا يَخْلُصَنَّ إليكِ، فإنكِ لا تحلين له))، دليل على فسخ نكاحها من زوجها؛ لأنه لم يُسلِمْ بعدُ، لكن التشريع بفسخ النكاح لم ينزل حين أجارت السيدة زينب زوجها؛ حيث إن تحريم المسلمة على زوجها الكافر كان بعد هذه الفترة بخمسة أشهر في صلح الحديبية من شهر ذي القعدة للعام السادس؛ حيث نزل فيه آية رقم (10) من سورة الممتحنة، القاضية بتشريع التحريم بين المسلمة وزوجها الكافر بفسخ النكاح بينهما؛ بقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [الممتحنة: 10].

 

وقد توصلت بفضل الله تعالى وتوفيقه لِما يلي:

أولًا: قول النبي صلى الله عليه وسلم لابنته: ((أي بنية، أكرمي مثواه، ولا يَخْلُصَنَّ إليكِ، فإنكِ لا تحلِّين له)) وَرَدَ في بعض كتب السير؛ مثل (السيرة النبوية لابن كثير، 2/520، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، تحقيق مصطفى عبدالواحد، ص401)، وكتاب (من الهدي النبوي في تربية البنات - سادسًا: تزويج النبي صلى الله عليه وسلم لبناته - المكتبة الشاملة)، لكن عند التحري والبحث عن لفظ الحديث، تبين وجوده بكتابين هما:

 

الكتاب الأول: (السنن الكبرى للبيهقي، باب كيف الخطبة، رقم الحديث: 13018):

سند ومتن الحديث هو: حدثنا أبو عبدالله الحافظ إملاءً، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، في قصة خروج أبي العاص بن الربيع وهو على شِركه خلف زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، قال: فحدثني يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: صرخت زينب: "أيها الناس، إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع"، فذكر الحديث إلى أن قالت: ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل على ابنته زينب، فقال: ((أي بنية، أكرمي مثواه، ولا يَخْلُصَنَّ إليكِ، فإنكِ لا تحلِّين له)).

 

الكتاب الثاني: (تاريخ الطبري، رقم الحديث: 573):

سند ومتن الحديث هو: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: كما حدثني يزيد بن رومان: ((فكبَّر وكبَّر الناس معه، صرخت زينب من صفة النساء: أيها الناس، إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع، فلما سلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة، أقبل على الناس فقال: أيها الناس، أيها الناس، هل سمعتم ما سمعتُ؟ قالوا: نعم، قال: أمَا والذي نفس محمد بيده، ما علمت بشيء كان حتى سمعت منه ما سمعتم، إنه يُجير على المسلمين أدناهم، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل على ابنته فقال: أي بنية، أكرمي مثواه، ولا يَخْلُصَنَّ إليكِ، فإنكِ لا تحلِّين له)).

 

وعلى الرغم من تردد قول النبي صلى الله عليه وسلم لابنته السيدة زينب: ((ولا يَخْلُصَنَّ إليكِ، فإنكِ لا تحلين له)) بكتب السيرة، إلا أن هذا القول يستند إلى روايتَي الحديث الواردتين بكتابي (السنن الكبرى للبيهقي)، و(تاريخ الطبري) وهما ضعيفتان، وإليك بيان ضعفهما:

 

فمن رواة الحديث بكتاب السنن الكبرى للبيهقي:

1- أحمد بن عبدالجبار، واسمه (أحمد بن عبدالجبار بن محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة)، والشهرة: أحمد بن عبدالجبار العطاردي، الكنية: أبو عمر، وهو ضعيف الحديث.

 

2- محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار، والشهرة: ابن إسحاق القرشي، الكنية: أبو عبدالله، أبو بكر، وهو صدوق مدلس.

 

ومن رواة الحديث في كتاب تاريخ الطبري:

1- محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار، والشهرة: ابن إسحاق القرشي، الكنية: أبو عبدالله، أبو بكر، وهو صدوق مدلِّس.

 

2- سلمة بن الفضل، والشهرة: سلمة بن الفضل الأنصاري، الكنية: أبو عبدالله، وهو صدوق كثير الخطأ.

 

3- ابن حميد (محمد بن حميد بن حيان)، والشهرة: محمد بن حميد التميمي، الكنية: أبو عبدالله، وهو متروك الحديث.

 

وباتضاح ضعفها، يهون الأخذ بها، ويسقط الاستدلال بها، والاستناد إليها، والاعتماد عليها، ولكن الشواهد السابقة على تلك الرواية الضعيفة، والسابقة أيضًا لمشروعية التحريم من مسوغات ثلاثة بتعليق النكاح لا فسخه بين السيدة زينب وزوجها غير المسلم في هذا الوقت، قد توفرت لديها مما دفع النبي صلى الله عليه وسلم بأمره ابنته، ومن على شاكلتها ممن أسلمت دون زوجها، ثم هاجرت، بألَّا تُمكِّن زوجها منها في المعاشرة الزوجية فقط حتى يُسلم، وهذا هو المعنى والمغزى المقصود من الرواية الضعيفة التي لم تثبت صحتها، لكن مضمون العمل بمغزاها قائم لبراهين أخرى غير هذا الحديث الضعيف؛ وتلك المسوغات الثلاث هي:

(أ) إسلامها.

 

(ب) اختلاف الدارين (دار الإسلام ودار الكفر).

 

(ج) الهجرة إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بالمدينة.

 

وسيأتي لاحقًا بيانٌ تفصيلي لتلك المسوغات الثلاث القاضية بتعليق النكاح لا فسخه، ومن العلماء من جعل تلك المسوغات سببًا لفسخ النكاح خلافًا للتعليق، والرد عليهم.

 

ثانيًا: اختلاف الآراء في تاريخ إسلام أبي العاص بن الربيع كان سببًا رئيسًا في هذا التساؤل؛ حيث تعددت الآراء إلى قولين:

القول الأول:

إسلام أبي العاص بن الربيع كان بعد التحريم، وتعددت الأقوال في تاريخ إسلامه على النحو التالي:

(أ) قيل: أسلم في المحرم بداية سنة سبع للهجرة؛ أي إنه أسلم بعد شهرين من التحريم؛ أي: إنه ما زال بفترة العِدة، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم زوجته السيدة زينب بالنكاح الأول؛ [الواقدي من طريق محمد بن إبراهيم التيمي].

 

الدليل:

ذكر الواقدي من طريق محمد بن إبراهيم التيمي قال: "خرج أبو العاص في عيرٍ لقريش، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في سبعين ومائة راكب، فلقوا العير بناحية العيص في جُمادى الأولى سنة ستٍّ، فأخذوا ما فيها وأسرُوا ناسًا منهم أبو العاص، فدخل على زينب فأجارته، فذكر نحو هذه القصة، وزاد: ((وقد أجرنا من أجارت))، فسألته زينب أن يرد عليه ما أخذ عنه ففعل، وأمرها ألَّا يقربها، ومضى أبو العاص إلى مكة فأدى الحقوق لأهلها، ورجع فأسلم في المحرم سنة سبع، فرد عليه زينب بالنكاح الأول"؛ ا.هـ.

 

(ب) وقيل: أسلم في العام الثامن للهجرة؛ حيث هاجرت زوجته قبل إسلامه بست سنوات، ومعلوم أن السيدة زينب قد هاجرت في شوال للعام الثاني للهجرة، وبإضافة ست سنوات لإسلامه مع تاريخ هجرتها في السنة الثانية، يكون الناتج هو العام الثامن للهجرة.

 

(ج) وقيل: أسلم بعد سنتين؛ أي: بعد سنتين من نزول آية التحريم، وآية التحريم رقم (10) بسورة الممتحنة معلوم أنها نزلت بعد صلح الحديبية في شهر ذي القعدة للعام السادس للهجرة، وبإضافة سنتين بعدها يكون ناتج التاريخ هو العام الثامن للهجرة.

 

الدليل:

قال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، حدثنا ابن إسحاق، حدثنا داود بن الحصين، عن عكرمة عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردَّ ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع، وكانت هجرتها قبل إسلامه بست سنين على النكاح الأول، ولم يحدِث شهادةً ولا صداقًا.

 

ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، ومنهم من يقول: "بعد سنتين"، وهو صحيح؛ لأن إسلامه كان بعد تحريم المسلمات على المشركين بسنتين.

 

- علمًا بأن إسلام أبي العاص بن الربيع بعد نزول آيات التحريم لا خلاف فيه، ولا التباس به، سواء أسلم قبل انقضاء عدتها أم بعده، طال الزمن أم قصر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يفرق بين الزوجة المسلمة وزوجها الكافر.

 

الدليل:

شواهد عدم التفريق بين الزوجين لإسلام أحدهما كإسلام زوجة صفوان بن أمية يوم الفتح، وإسلام زوجها بعد شهر، ولم يفرق بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

وكذلك إسلام أم حكيم بنت الحارث بن هشام يوم الفتح، وهرب زوجها عكرمة إلى اليمن؛ فارتحلت أم حكيم إليه في اليمن، ودَعَتْه إلى الإسلام؛ فأسلم، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبقاهما على نكاحهما ذلك، وإسلام أبي سفيان بن حرب عام الفتح، وتأخر زوجته هند بنت عتبة في الإسلام.

 

القول الثاني:

إسلام أبي العاص بن الربيع كان قبل نزول آيات التحريم، ويتفرع هذا القول على المنحى الآتي:

(أ) أسلم بالمدينة المنورة في 19 جمادى الأولى في العام السادس للهجرة قبل ذهابه لمكة؛ لأداء الحقوق لأهلها في أموال تجارته التي صُودرت منه في سرية زيد بن حارثة بالعيص، في نفس الشهر الذي أُسر به؛ أي: قبل صلح الحديبية بخمسة أشهر.

 

قال الواقدي في المغازي (ص: 393): "ورجع أبو العاص إلى مكة فأدى إلى كل ذي حق حقه، ثم قال: يا معشر قريش، هل بقِيَ لأحد منكم شيء؟ قالوا: لا والله، قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، قد أسلمت بالمدينة وما منعني أن أُقيم بالمدينة إلا أني خشيت أن تظنوا أني أسلمت؛ لأن أذهب بالذي لكم".

 

(ب) وقيل: أسلم قبل صلح الحديبية بخمسة أشهر في 29 من شهر جمادى الأولى سنة 6 هـ بمكة المكرمة، حينما ذهب لأداء الحقوق المالية بتجارته لأصحابها.

 

الدليل على إسلامه بمكة:

حيث سافر أبو العاص بن الربيع إلى مكة في 19 جمادى الأولى 6 هـ، ثم وصل لمكة في 29 من جمادى الأولى 6 هـ الموافق الخميس 15 أكتوبر 627م؛ حيث المسافة من المدينة لمكة (438.62 كم) ضِعف المسافة من المدينة إلى العيص (215 كم)، فإذا كانت العيص تستغرق خمس ليالٍ، فمكة تستغرق عشر ليالٍ، ثم رد الأموال لأصحابها، وبعد الرد أسلم في شهر جمادى الأولى في 29 منه؛ [ملحق يوميات سرية زيد بن حارثة إلى العيص، وإسلام أبي العاص بن الربيع، (ابن منظور بمختصر تاريخ دمشق)].

 

الراجح من الأقوال:

بناءً على ما سبق من آراء، نخلص للراجح وهو:

أولًا: إسلام أبي العاص بن الربيع كان في 29 من شهر جمادى الأولى سنة 6 هـ بمكة المكرمة، حينما ذهب لأداء الحقوق المالية الكامنة بتجارته لأصحابها، على الرغم من أنه قيل أن إسلامه كان بالمدينة في 19 جمادى الأولى من نفس العام، لكنه لم يعلن إسلامه على الملأ، إنما أعلن إسلامه بعد ذلك بمكة؛ لذا تم الاعتماد بإشهاره الإسلام في مكة هو التاريخ الأصح؛ أي: قبل صلح الحديبية بخمسة أشهر، وقبل نزول آية تحريم المسلمة على زوجها الكافر بسورة الممتحنة آية رقم (10)، والواردة في صلح الحديبية في شهر ذي القعدة للعام السادس للهجرة.

 

ثانيًا: لم يثبت قول النبي صلى الله عليه وسلم لابنته السيدة زينب: ((أي بنية، أكرمي مثواه، ولا يَخْلُصَنَّ إليكِ، فإنكِ لا تحلين له))؛ لأنها رواية ضعيفة، لكن الثابت بشواهد وقعت أن المرأة إذا أسلمت وهاجرت، فلا تُمكِّن زوجها من معاشرتها حتى يُسلم، لكن النكاح غير منفسخ بل معلَّق، وهذا الحكم قبل نزول تشريع يقضي بتحريم المسلمة على زوجها الكافر بالآية العاشرة من سورة الممتحنة.

 

ثالثًا: اجتمع في السيدة زينب ثلاثةُ مسوغات لإيقاف النكاح وتعليقه بينها وبين زوجها، لا فسخه قبل التحريم القطعي النازل بالآية رقم (10) الواردة بسورة الممتحنة، والقاطعة بفسخ النكاح بين الزوجة المسلمة وزوجها الكافر؛ حيث لم تكن قد نزلت تلك الآية بعد؛ لأن تشريع التحريم قد نزل بصلح الحديبية في شهر ذي القعدة بالعام السادس للهجرة.

 

رابعًا: تلك المسوغات الثلاث المتحققة قبل إسلام الزوج، والقاضية بتعليق النكاح لا فسخه هي:

1. إسلامها:

وممن ذهب إلى فسخ النكاح والفُرقة بسبب اختلاف الدين بإسلام أحد الزوجين قبل الآخر: عمر بن الخطاب، وعبدالله بن عباس، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، وعطاء، وطاوس، وقتادة، وعمر بن عبدالعزيز، والحكم بن عتيبة إمام أهل الكوفة، وابن شبرمة، وأبو ثور، بأن تقع الفرقة بينهما بمجرد إسلام أحدهما وتخلف الآخر؛ [الإشراف 4/ 208، المغني 6/ 616، فتح الباري 9/ 420].

 

الدليل على ذلك:

حينما اشترط النبي صلى الله عليه وسلم على أبي العاص قبل إطلاق سراحه أن يُسيِّر إليه ابنته زينب من غير إبطاء، كان ذلك بدافع ألَّا تبقى امرأة مؤمنة عند زوج كافر، فقد يحملها هذا الزوج على معصية الله، وقد يأمرها بما يُغضب الله؛ فالحكم الشرعي ألَّا تبقى امرأة مؤمنة تحت زوج مشرك أو كافر.

 

- وقد تعددت الآراء الفقهية بين من يرى الفسخ لمجرد إسلام الزوجة، سواء أسلم الزوج بعدها بطرفة عين أو أكثر، أو لم يُسلم، ولا سبيل له عليها إلا بنكاح جديد بعد إسلامه؛ هذا رأي ابن حزم ومن معه من الظاهرية.

 

وقد استدل بقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [الممتحنة: 10].

 

ورأي الفسخ هذا بمجمله مردود عليه بما يلي:

آية التحريم القاضية بفسخ النكاح نزلت لمن أسلمت بعد نزولها، فتحدث الفُرقة بفسخ النكاح بين المسلمة وزوجها الكافر بآية الممتحنة رقم (10)، لكن في تلك القصة لم تكن الآية نزلت بعدُ حتى يتم تحريم السيدة زينب على زوجها وفسخ نكاحها منه؛ حيث نزلت الآية بعد صلح الحديبية بالعام السادس للهجرة في شهر ذي القعدة، بينما أسلمت السيدة زينب بالعام الأول لبعثة النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي: قبل صلح الحديبية بتسعة عشر عامًا من مشروعية التحريم.

 

(ب) اختلاف الدارين (دار الإسلام ودار الكفر):

وبه قال أبو حنيفة، وجعله سببًا للفرقة بينهما لا التعليق، والأحناف يرَون أن اختلاف الدار لا الإسلام سبب للفرقة؛ حيث يفرَّق بين دار الإسلام ودار الحرب، فإذا أسلم زوجها خلال العِدة (ثلاث حيضات أو ثلاثة أشهر)، فالنكاح باقٍ بينهما، وإذا لم يُسلم وقعت الفرقة بينهما؛ حيث إن الفرقة تقع لا بمجرد إسلام الزوجة؛ لأن الإسلام طاعة، والطاعة لا تكون سببًا لتفويت نعمة الزوجية وانقطاع النكاح، لكن لو أبقينا النكاح بينهما فإن مقاصده لا يمكن أن تحصل؛ إذ لا يجوز تمكين الكافر من افتراش المسلمة، فيُعرض الإسلام من غير إكراه على الزوج، حتى إذا أبى الدخول في الإسلام، كان إباؤه هذا سببَ الفرقة، وهو يصلح لذلك لأنه معصية، لكن عرض الإسلام غير ممكن إذا كان مقيمًا في دار الحرب، فيُقام شرطُ البينونة في الطلاق الرجعي؛ وهو مُضِيُّ ثلاث حيضات أو ثلاثة أشهر، مقام سبب الفرقة، ويكون مضي مدة العدة بمنزلة تفريق القاضي.

 

ورأي الأحناف مردود عليه بما يلي:

الحالات السابقُ ذِكرها من إسلام أحد الزوجين دون الآخر، وهجرته لدار الإسلام، ولم يثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فرَّق بين حالة واحدة كإسلام أم حكيم بنت الحارث بن هشام يوم الفتح، وهروب زوجها عكرمة إلى اليمن؛ فارتحلت أم حكيم إليه في اليمن، ودعته إلى الإسلام؛ فأسلم، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبقاهما على نكاحهما ذلك.

 

(ج) الهجرة إلى الله تعالى ورسوله بالمدينة:

يرى البعض أن هجرة الزوجة إلى الله ورسوله كافية للفرقة بينها وبين زوجها الكافر.

 

الدليل على ذلك:

ما قاله ابن شهاب الزهري: "ولم يبلغنا أن امرأةً هاجرت إلى الله وإلى رسوله، وزوجها كافر مُقيم بدار الكفر، إلا فرَّقت هجرتها بينها وبين زوجها، إلا أن يقدَم زوجها مهاجرًا قبل أن تنقضيَ عِدتها، وأنه لم يبلغنا أن امرأةً فُرِّق بينها وبين زوجها إذا قدم وهي في عدتها"؛ [رواه عنه مالك في الموطأ، ص193 - كتاب نيل الأوطار - باب الزوجين الكافرَين يُسلم أحدهما قبل الآخر - المكتبة الشاملة الحديثة].

 

وعن ابن عباس عند البخاري قال: "كان المشركون على منزلتين من النبي صلى الله عليه وسلم ومن المؤمنين، كانوا مشركي أهل حرب يقاتلهم ويقاتلونه، ومشركي أهل عهد لا يقاتلهم ولا يقاتلونه، وكان إذا هاجرت المرأة من أهل الحرب لم تُخطب حتى تحيض وتطهُر، فإذا طهرت حلَّ لها النكاح، وإن جاء زوجها قبل أن تُنكح، رُدَّت إليه"؛ [ص193 - كتاب نيل الأوطار - باب الزوجين الكافرين يسلم أحدهما قبل الآخر - المكتبة الشاملة الحديثة].

 

وهذا الرأي مردود عليه بما يلي:

حالات كثيرة أسلمت فيها الزوجة ثم هاجرت، ولم يفرِّق النبي صلى الله عليه وسلم بينها وبين زوجها؛ كإسلام زوجة صفوان بن أمية يوم الفتح، وإسلام زوجها بعد شهر.

 

سادسًا: رواية البيهقي الواردة في السنن الكبرى وتاريخ الطبري: ((أي بُنيَّة، أكرمي مثواه، ولا يخلُصَنَّ إليكِ، فإنكِ لا تحلِّين له)) ضعيفة وغير صحيحة؛ فلم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هناك شواهد أخرى سابقة لتلك الرواية الضعيفة، وسابقة أيضًا عن مشروعية التحريم النازل بصلح الحديبية بالآية العاشرة من سورة الممتحنة، هي تلك المسوغات الثلاث القاضية بتعليق النكاح لا فسخه؛ وهي: (الإسلام، واختلاف الدارين، والهجرة)، التي توافرت في السيدة زينب؛ فقد اقتضت تلك المسوغات تعليق النكاح لا فسخه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ابنتَه، ومن على شاكلتها ممن أسلمت ثم هاجرت، بعدم تمكين زوجها منها بما يفيد، ويحقق معنى ((ولا يخلصن إليكِ، فإنكِ لا تحلين له))، وإن كانت تلك الرواية ضعيفة وغير صحيحة ولم تثبت، وأن قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ليس دليلًا على الفرقة بين الزوجين، لكنه دليل على تعليق النكاح؛ أي: إيقاف المناكحة والمعاشرة الزوجية بينهما، لكن الحياة الزوجية فيما عدا المعاشرة مستمرة، وإيقاف النكاح سبب حتى يؤمن مثلها؛ بدلالة قول النبي صلى الله عليه وسلم لها ((أكرمي مثواه، ولا يخلصن إليكِ))، على افتراض صحة هذا القول.

 

هناك بعض النقاط الهامة ينبغي التركيز عليها؛ وهي:

(أ) أسلمت السيدة زينب بالعام الأول لبعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ أي: قبل تسعة عشر عامًا من نزول آية تحريم المسلمة على زوجها الكافر.

 

(ب) في العام الأول لبعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وفي بداية رسالته بمكة، لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يُحِلُّ ويُحرِّم، بل كان الأمر مقصورًا على الدعوة سرًّا فقط، وعبادة الله تعالى وتوحيده، ولم يكن للإسلام أي شعيرة ظاهرة تُذكر من صلاة أو صيام أو زكاة أو حج؛ حيث فُرضت الصلوات الخمس ليلة الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم وذلك بمكة قبل الهجرة بسنة، وقيل: قبل سنة وشهرين (أي: عام ثلاثة عشر من البعثة)، وقيل: قبل سنة وأربعة أشهر (أي: عام اثني عشر من البعثة)، وقيل: بالسنة العاشرة للبعثة، وكان الفرض قبل ذلك ركعتين بالغداة، وركعتين بالعشي، ثم زِيدت بعد ذلك، وقيل: فُرضت هكذا بالسفر ثم أُقرت بالحضر، ثم فُرضت الزكاة في السنة الثانية من الهجرة، كما فُرض صيام رمضان في شهر شعبان في السنة الثانية من الهجرة، واختُلف في أي سنة فُرض الحج على عدة أقوال؛ فقال بعضهم: فُرض سنة ستٍّ؛ واستدل بقوله تعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 196]، وقد نزلت في الحديبية، والحديبية كانت سنة ست، وقال بعضهم: فُرض سنة سبع، وقال آخرون: فُرض سنة ثمانٍ، وقال آخرون: فُرض سنة تسعٍ أو عشر.

 

فقد كان المسلمون في بداية البعثة قلةً مستضعفين، يُخفون كل شيء حتى إسلامهم، ولم يكن ثمة أي تشريع من حلال أو حرام، أو فريضة أو نُسُك، أو فسخ نكاح لإسلام أحد الزوجين، سوى الدعوة لتوحيد الله تعالى وعبادته والإيمان به فقط، حينما أسلمت السيدة زينب بهذا العام، ولهذا كان طبيعيًّا ومنطقيًّا ببداية الدعوة أن توجد المسلمة بعصمة زوجها الكافر دون حرج أو تحريم، أو فسخ لنكاحهما كالسيدة زينب وزوجها أبي العاص بن الربيع؛ لذا قال ابن كثير في تفسيره: "كان جائزًا في ابتداء الإسلام أن يتزوج المشركُ المؤمنةَ؛ ولهذا كان أبو العاص بن الربيع زوج ابنة النبي صلى الله عليه وسلم السيدة زينب رضي الله عنها، وقد كانت مسلمة وهو على دين قومه".

 

(ج) هاجرت السيدة زينب بعد غزوة بدر بشهر؛ أي: بشوال للعام الثاني من الهجرة.

 

(د) أُسِرَ أبو العاص بن الربيع على يد زيد بن حارثة بسرية العيص، ثم استجار بزوجته في شهر جمادي الأولي بالعام السادس للهجرة؛ فأمر صلى الله عليه وسلم ابنته السيدة زينب بعدم تمكين زوجها منها، وهذا ما ثبتت صحته وتواترت أدلته، لكن لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ابنته بأن تعتدَّ من زوجها؛ لتكون حرة منه في تقرير أمرها، وامتلاك زمام قرارها في الاختيار بين الزواج بغيره، وبين الإبقاء على زوجها إذا أرادت، ولا دليل من كتاب أو سُنة يدعم هذه الوجهة، لكن ما ورد على خلاف ذلك، ويُناقضه، ويهدمه، ولا يُثبته، ومن زعم مُكثها فترة عِدتها، فإن أسلم لم يحتاجا إلى عقد جديد، بل هو زوجها، مردود عليه بأننا لو سلَّمنا بصحة قول من ادعى بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لابنته السيدة زينب بالاعتداد من زوجها قبل نزول آية التحريم؛ فقد أسلم في نفس شهر اعتدادها منه أو بعده بأيامٍ، فلم تنتهِ عِدتها منه، تلك التي حُدِّدت بثلاثة قروء؛ أي: ثلاث حيضات في ثلاثة أشهر؛ إذ ما زالت بعصمته، ولذلك ردها النبي صلى الله عليه وسلم إليه؛ أي: أرجعها له وأعادها لبيته بنفس نكاحهما الأول دون عقد أو مهر جديدين، وحتى لو انقضت عدتها منه، فلا بأس بذلك؛ حيث ترى بعض الآراء الفقهية بانتظار الزوجة زوجها ولو سنين، ولكن لا تعاشره معاشرة الأزواج، هذا إن شاءت، وإن شاءت تزوجت بعد العدة.

 

بل إن مراعاة زمن العدة لا دليل عليه أصلًا من نص ولا إجماع، ولا يُعرف في شيء من الأحاديث، ولا كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل المرأة إذا انقضت عِدتها أم لا، لكن الذي دلَّ عليه حكمه صلى الله عليه وسلم أن النكاح موقوف، فإن أسلم قبل انقضاء عِدتها فهي زوجته، وإن انقضت عدتها فلها أن تنكح من شاءت، وإن أحبَّت انتظرته، فإن أسلم كانت زوجته من غير حاجة إلى تجديد نكاح؛ [الشيخ فيصل مولوي رحمه الله تعالى - نائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث]، فهذا رأي الإمام ابن القيم ذكره في إعلام الموقعين [ج 2، ص 351]، وفي زاد المعاد [ج 5، ص 133 وما بعدها]، وقد نقله عنه الصنعاني في (سبل السلام)، وعقب عليه مؤيدًا بقوله: "وهو أقرب الأقوال في المسألة"، كما نقله الشوكاني في (نيل الأوطار)؛ وقال: "هذا كلام في غاية الحسن والمتانة".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أبو هريرة رضي الله عنه وقصة إسلام أمه: دروس وعبر وفوائد
  • الحج: دروس وعبر (خطبة)
  • أبو موسى وعمه أبو عامر الأشعريان وقصة عجيبة دروس وعبر
  • غزوة تبوك: دروس وعبر (خطبة)
  • خطبة: يوم الفرقان دروس وعبر
  • الهجرة: دروس وعبر (خطبة)
  • غزوة مؤتة: دروس وعبر (خطبة)
  • قصة الإسراء والمعراج دروس وعبر

مختارات من الشبكة

  • دروس وعبر من سير الصحابة الكرام (10)(مقالة - موقع د. محمد بن لطفي الصباغ)
  • دروس وعبر من سير الصحابة الكرام (9)(مقالة - موقع د. محمد بن لطفي الصباغ)
  • دروس وعبر من سير الصحابة الكرام (8)(مقالة - موقع د. محمد بن لطفي الصباغ)
  • دروس وعبر من سير الصحابة الكرام (7)(مقالة - موقع د. محمد بن لطفي الصباغ)
  • دروس وعبر من سير الصحابة الكرام (6)(مقالة - موقع د. محمد بن لطفي الصباغ)
  • دروس وعبر من سير الصحابة الكرام (5)(مقالة - موقع د. محمد بن لطفي الصباغ)
  • دروس وعبر من سير الصحابة الكرام (4)(مقالة - موقع د. محمد بن لطفي الصباغ)
  • دروس وعبر من سير الصحابة الكرام (3)(مقالة - موقع د. محمد بن لطفي الصباغ)
  • دروس وعبر من سير الصحابة الكرام (2)(مقالة - موقع د. محمد بن لطفي الصباغ)
  • دروس وعبر من سير الصحابة الكرام (1)(مقالة - موقع د. محمد بن لطفي الصباغ)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب